الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الخبر عن نسبة زناتة وذكر الخلاف الواقع فيه وتعديد شعوبهم)
أمّا نسبهم بين البربر فلا خلاف بين نسّابتهم أنهم من ولد شانا وإليه نسبهم، وأمّا شانا فقال أبو محمد بن حزم في كتاب الجمهرة، قال بعضهم: هو جانا بن يحيى بن صولات بن ورماك بن ضري بن رحيك بن مادغيس بن بربر [1] . وقال أيضا في كتاب الجمهرة ذكر لي يوسف الورّاق عن أيوب بن أبي يزيد يعني حين وفد على قرطبة عن أبيه الثائر بإفريقية أيام الناصر قال: هو جانا بن يحيى بن صولات بن ورساك بن ضري بن مقبو بن قروال بن يملا بن مادغيس بن رحيك [2] بن همرحق ابن كراد بن مازيغ بن هراك بن هرك بن برا بن بربر بن كنعان بن حام هذا ما ذكره ابن حزم. ويظهر منه أنّ مادغيس ليس نسبة إلى البربر وقد قدّمنا ما في ذلك من الخلاف، وهو أصح ما ينقل في هذا الآن ابن حزم موثوق ولا يعدل به غيره.
(ونقل) عن ابن أبي ريد وهو كبير زناتة ويكون البربر على هذا من نسل برنس فقط، والبتر الذين هم بنو مادغيس الأبتر ليسوا من البربر ومنهم زناتة وغيرهم كما قدّمنا لكنهم إخوة البربر لرجوعهم كلهم إلى كنعان بن حام كما يظهر من هذا النسب.
(ونقل) عن أبي محمد بن قتيبة في نسب زناتة هؤلاء أنهم من ولد جالوت في رواية أن
[1] ورد في جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 495 ان زناتة هو شانا ابن يحيى بن صولات بن ورتناج بن ضري بن سقفو بن جنذواذ بن يملا بن مادغيس بن هرك بن هرسق بن كراد بن مازيغ بن هراك بن هريك بن بدا بن بديان بن كنعان بن حام بن نوح النبي صلى الله عليه وسلم .
[2]
كذا في قبائل المغرب وفي نسخة أخرى من ابن خلدون زجيك وفي مراجع أخرى زجيك (الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى للشيخ أبي العباس أحمد بن خالد الناصري) .
زناتة هو جانا بن يحيى بن ضريس بن جالوت، وجالوت هو ونور بن جرييل [1] بن جديلان بن جاد بن رديلان بن حصي بن باد بن رحيك بن مادغيس الأبتر بن قيس بن عيلان.
(وفي) رواية أخرى عنه أنّ جالوت بن جالود بن بردنال [2] بن قحطان بن فارس، وفارس مشهور.
(وفي) رواية أخرى عنه أنه ابن هربال [3] بن بالود بن ديال بن برنس بن سفك، وسفك أبو البربر كلهم، ونسّابة الجيل نفسه من زناتة يزعمون أنهم من حمير، ثم من التبابعة منهم [4] . وبعضهم يقول أنّهم من العمالقة، ويزعمون أنّ جالوت جدّهم من العمالقة، والحقّ فيهم ما ذكره أبو محمد بن حزم أوّلا وما بعد ذلك فليس شيء منه بصحيح. فأمّا الرواية الأولى عن أبي محمد بن قتيبة فمختلطة وفيها أنساب متداخلة.
وأمّا نسب مادغيس إلى قيس عيلان فقد تقدّم في أوّل كتاب البربر عند ذكر أنسابهم وأن أبناء قيس معروفون عند النسّابة. وأمّا نسب جالوت إلى قيس فأمر بعيد عن القياس، ويشهد لذلك أنّ معدّ بن عدنان الخامس من آباء قيس إنما كان معاصرا لبخت نصّر كما ذكرناه أوّل الكتاب. وأنّه لما سلّط على العرب أوحى الله إلى أرمياء نبيّ بني إسرائيل أن يخلّص معدّا ويسير به إلى أرضه، وبخت نصّر كان بعد داود بما يناهز أربعمائة وخمسين من السنين، فإنه خرّب بيت المقدس بعد بناء داود وسليمان له بمثل هذه المدّة.
فمعدّ متأخّر عن داود بمثلها سواء، فقيس الخامس من أبنائه متأخّر عن داود بأكثر من ذلك، فجالوت على ما ذكر أنه من أبناء قيس متأخّر عن داود بأضعاف ذلك الزمن. وكيف يكون ذلك مع أنّ داود هو الّذي قتل جالوت بنصّ القرآن؟
(وأمّا) إدخاله جالوت في نسب البربر، وأنه من ولد مادغيس أو سفك فخطأ،
[1] وفي نسخة أخرى: هرييل.
[2]
وفي نسخة أخرى: بن ديّال.
[3]
وفي نسخة أخرى: ابن هوبال.
[4]
يقول ابن حزم في الجمهرة: (وادعت طوائف منهم إلى اليمن، الى حمير، وبعضهم إلى برّ بن قيس عيلان وهذا باطل لا شك فيه
…
وما علم النسابون لقيس عيلان ابنا اسمه برّ أصلا. ولا كان لحمير طريق الى بلاد البربر، إلّا في تكاذيب مؤرخي اليمن) . ص 495.
وكذلك من نسبه إلى العمالقة. والحق أنّ جالوت من بني فلسطين بن كسلوحيم بن مصرايم بن حام أحد شعوب حام بن نوح، وهم إخوة القبط والبربر والحبشة والنوبة كما ذكرناه في نسب أبناء حام. وكان بين بني فلسطين هؤلاء وبين بني إسرائيل حروب كثيرة، وكان بالشام كثير من البربر إخوانهم، ومن سائر أولاد كنعان يضاهونهم فيها، ودثرت أمّة فلسطين وكنعان وشعوبهما لهذا العهد، ولم يبق إلّا البربر، واختص اسم فلسطين بالوطن الّذي كان لهم فاعتقد سامع اسم البربر مع ذكر جالوت أنه منهم وليس كذلك.
(وأمّا) ما رأي نسّابة زناتة أنهم من حمير فقد أنكره الحافظان أبو عمر بن عبد البرّ وأبو محمد بن حزم وقالا ما كان لحمير طريق إلى بلاد البربر إلا في أكاذيب مؤرخي اليمن، وإنما حمل نسّابة زناتة على الانتساب في حمير الترفّع عن النسب البربري لما يرونهم في هذا العهد خولا وعبيدا للجباية وعوامل الخراج، وهذا وهم فقد كان في شعوب البربر من هم مكافئون لزناتة في العصبية أو أشدّ منهم مثل هوّارة ومكناسة، وكان فيهم من غلب العرب على ملكهم مثل كتامة وصنهاجة ومن تلقّف الملك من يد صنهاجة مثل المصامدة، كل هؤلاء كانوا أشدّ قوّة وأكثر جمعا من زناتة. فلمّا فنيت أجيالهم أصبحوا مغلّبين فنالهم ضرّ المغرم، وصار اسم البربر مختصّا لهذا العهد بأهل المغرم، فأنف زناتة منه فرارا من الهضيمة.
وأعجبوا بالدخول في النسب العربيّ لصراحته وما فيه من المزيّة بتعدد الأنبياء ولا سيما نسب مضر وأنهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم بن نوح بن شيث بن آدم، خمسة من الأنبياء ليس للبربر إذا نسبوا إلى حام مثلها مع خروجهم عن نسب إبراهيم الّذي هو الأب الثالث للخليقة إذا الأكثر من أجيال العالم لهذا العهد من نسله. ولم يخرج عنه لهذا العهد إلّا الأقل مع ما في العربية أيضا من عزّ التوحّش، والسلامة من مذمومات الخلق بانفرادهم في البيداء. فأعجب زناتة نسبهم وزيّنه لهم نسّابتهم، والحق بمعزل عنه، وكونهم من البربر بعموم النسب لا ينافي شعارهم من الغلب والعز، فقد كان الكثير من شعوب البربر مثل ذلك وأعظم منه. وأيضا فقد تميّزت الخليقة وتباينوا بغير واحد من الأوصاف، والكلّ بنو آدم ونوح من بعده. وكذلك تميّزت العرب وتباينت شعوبها والكلّ لسام ولإسماعيل بعده.
(وأمّا) تعدّد الأنبياء في النسب فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ولا يضرّك الاشتراك
مع الجيل [1] في النسب العام إذا وقعت المباينة لهم في الأحوال التي ترفع عنهم، مع أنّ المذلّة للبربر إنما هي حادثة بالقلّة ودثور أجيالهم بالملك الّذي حصل لهم، ونفقوا في سبله وترفه كما تقدّم لك في الكتاب الأوّل من تأليفنا. وإلّا فقد كان لهم من الكثرة والعزّ والملك والدولة ما هو معروف.
(وأمّا) أنّ جيل زناتة من العمالقة الذين كانوا بالشام فقول مرجوح وبعيد عن الصواب لأن العمالقة الذين كانوا بالشام صنفان. عمالقة من ولد عيصو بن إسحاق، ولم تكن لهم كثرة ولا ملك، ولا نقل أنّ أحدا منهم انتقل إلى المغرب بل كانوا لقلّتهم ودثور أجيالهم أخفى من الخفاء. والعمالقة الأخرى كانوا من أهل الملك والدولة بالشام قبل بني إسرائيل وكانت أريحاء دار ملكهم. وغلب عليهم بنو إسرائيل وابتزّوهم ملكهم بالشام والحجاز وأصبحوا حصائد سيوفهم، فكيف يكون هذا الجيل من أولئك العمالقة الذين دثرت أجيالهم؟ وهذا لو نقل لوقع به الاسترابة فكيف وهو لم ينقل؟ هذا بعيد في العبادة والله أعلم بخلقه.
(وأمّا) شعوب زناتة وبطونهم فكثير [2] ولنذكر المشاهير منها (فنقول) : اتفق نسّاب زناتة على أنّ بطونهم كلها ترجع إلى ثلاثة من ولد جانا وهم: ورسيك وفرني والديرت [3] . هكذا في كتب أنساب زناتة. (وذكر) أبو محمد بن حزم في كتاب الجمهرة له من ولد ورسيك عند نيّابتهم مسّارت ورغاي وواشروجن، ومن واشروجن واريغن بن واشروجن. وقال أبو محمد بن حزم في ولد ورسيك أنهم مسارت وناجرت وواسين [4] .
(وأمّا) فرني بن جانا فمن ولده عند نسّابة زناتة يزمرتن ومرنجيصة ووركلة ونمالة
[1] وفي نسخة أخرى: مع أهل الجيل.
[2]
قوله: وأمّا شعوب إلخ. بهامش ما نصّه من هنا إلى الشجرة الآتية أسماء بربرية لا يمكن ضبطها بل ولا النطق بها كما هي في لسانهم ولا يتعلق بها غرض مهم. أهـ. (كتبه حسن العطار) ونزيد بأن هذه الأسماء تختلف من مرجع الى آخر من المراجع التي تناولت تاريخ البربر وهذا التحريف في الأسماء ليس له أي أهمية في سرد الحوادث التاريخية ولكن رأينا أن نشير الى هذه الأسماء لاطلاع القارئ الكريم الى هذا الاختلاف.
[3]
وفي نسخة ثانية: ورشيل وفريني والديدت. وفي جمهرة أنساب العرب ورسيج والدّيديت وفريني (ص 496) .
[4]
وفي نسخة ثانية تاجرة وراسين وفي الجمهرة: بني تاجرة وبني واسين وفي النسخة الباريسية باجرة.
وسبرترة، ولم يذكر أبو محمد بن حزم سبرترة وذكر الأربعة الباقية. (وأمّا) الديرت ابن جانا فمن ولده عند نسّابة زنانة جداو [1] بن الديرت، ولم يذكره ابن حزم. وإنما قال عند ذكر الديرت ومن شعوبه: بنو ورسيك بن الديرت وهم بطنان دمّر بن ورسيك وزاكيا بن ورسيك قال: ودمّر لقب واسمه الغانا. قال: فمن ولد زاكيا بنو مغراو وبنو يفرن وبنو واسين. قال: وأمّهم واسين مملوكة لأمّ مغراو وهم ثلاثتهم بنو يصلتن بن مسرا بن زاكيا. ويزيد نسّابة زنانة في هؤلاء يرنيات بن يصلتن أخا لمغراو ويفرن وواسين ولم يذكره ابن حزم.
قال: ومن ولد دمّر بنو ورنيد بن وانتن بن وارديرن بن دمّر، وذكر لبني دمّر أفخاذا سبعة وهم عرازول ولفورة وزناتين [2] ، وهؤلاء الثلاثة مختصّون بنسب دمّر، وبرزال ويصدرين وصغمان ويطوّفت، هكذا ذكر أبو محمد بن حزم وزعم أنه من إملاء أبي بكر بن يكنى البرزالي الإباضي. وقال فيه: كان ناسكا عالما بأنسابهم، وذكر أنّ بني واسين وبني برزال كانوا أباضية وأنّ بني يفرن ومغراوة كانوا سنية. وعند نسّابة البربر مثل سابق بن سليمان المطماطي وهانئ بن يصدور [3] والكومي وكهلان بن أبي لوا، وهو مسطّر في كتبهم أنّ بني ورسيك بن الديرت بن جانا ثلاثة بطون وهم بنو زاكيا وبنو دمّر وآنشة بنو آنش، وكلّهم بنو وارديرن بن ورسيك، فمن زاكيا بن وارديرن أربعة بطون: مغراوة وبنو يفرن وبنو يرنيان وبنو واسين، كلّهم بنو يصلتن ابن مسرا بن زاكيا ومن آنش بن وارديرن أربعة بطون: بنو برنال وبنو صقمات وبنو يصدورين وبنو يطوفت كلّهم بنو آنش بن وارديرن ومن دمّر ابن وارديرن ثلاثة بطون: بنو تقورت وبنو عزرول وبنو ورتاتين كلّهم بنو وتيد [4] بن دمّر، هذا الّذي ذكره نسّابة البربر وهو خلاف ما ذكره ابن حزم. ويذكر نسابة زناتة آخرين من شعوبهم ولا ينسبونهم مثل يجفش وهم أهل جبل قازاز قريب مكناسة وسنجاسن وورسيغان وتحليلة وتيسات وواغمرت وتيفراض ووجديجن وبنو بلومو وبنو وماني [5] وبنو توجين على أنّ بني توجين ينتسبون في بني واسين نسبا ظاهرا صحيحا بلا شك
[1] وفي نسخة أخرى: جراد.
[2]
وفي نسخة أخرى: غرزول ولقورة وورتاتين.
[3]
وفي نسخة أخرى: صدور.
[4]
وفي نسخة أخرى: وريند بن دمّر.
[5]
وفي نسخة أخرى: تيغرض ووجديجن وبني يلومي وبني ومانوا وبني توجين.
على ما يذكر في أخبارهم. وبعضهم يقول في وجديجن وواغمرت بنو ورتنيص [1] أنهم من البرانس من بطون البربر على ما قدمناه. وذكر ابن عبد الحكم في كتابه فتح مصر خالد بن حميد الزناتي، وقال فيه هو من شورة إحدى بطون زناتة، ولم نره لغيره. هذا ملخص الكلام في شعوب زناتة وأنسابهم بما لا يوجد في كتاب. والله الهادي إلى مسالك التحقيق لا رب غيره.
[1] وفي النسخة الباريسية: ورتيند وفي نسخة أخرى: ورتنيص.