الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليها لعمر بن موسى الجلولي من صنائعهم. ثم نهض إلى حصين فاقتحم عليهم الجبل فلاذوا بالطاعة وأعطوا أبناءهم رهنا عليها، فتجاوزهم إلى وطاء حمزة فدوّخها، واستخدم قبائلها من العرب والبربر، والسلطان أثناء ذلك مقيم بالجزائر. ثم قفل أبو ثابت إلى تلمسان وقد كان استراب بيحيى بن رحو وعسكره من بني مرين. وأنهم داخلوا السلطان أبا الحسن وبعث فيه إلى السلطان أبي عنّان، فأداله بعيسى بن سليمان بن منصور بن عبد الواحد بن يعقوب فبعثه قائدا على الحصة المرينية، فتقبّض على يحيى بن رحو ولحقوا مع أبي ثابت بتلمسان. ثم أجاز إلى المغرب وأوعز السلطان أبو الحسن إلى ابنه الناصر مع أوليائه من زناتة والعرب فاستولى على المرية وقتل عثمان بن موسى الجلولي. ثم تقدّم إلى مليانة فملكها، وإلى تيمزوغت كذلك.
وجاء على أثره السلطان أبو الحسن أبوه، وقد اجتمعت إليه الجموع من زغبة ومن زناتة ومن عرب إفريقية سليم ورباح مثل: محمد بن طالب بن مهلهل، ورجال من عشيرته، وعمر بن عليّ بن أحمد الزواودي، وأخيه أبي دينار، ورجالات من قومهما. وزحف على هذه التعبية وابنه الناصر أمامه، فأجفل عليه بن راشد وقومه مغراوة عن بلادهم إلى البطحاء، وطيّر الخبر إلى أبي ثابت فوافاه في قومه وحشوده، وزحفوا جميعا إلى السلطان أبي الحسن وقومه، فالتقى الجمعان بتيمغزين من شلف. وصابروا مليا، ثم انكشف السلطان أبو الحسن وقومه، وطعن ولده الناصر بعض فرسان مغراوة وهلك آخر يومه. وقتل محمد بن عليّ بن العربيّ قائد أساطيله وابن البواق والقبائلي كاتباه. واستبيح معسكره وما فيه من متاع وحرم، وخلص بناته إلى وانشريس، وبعث بهن أبو ثابت إلى السلطان أبي عنّان بعد استيلائه على الجبل. وخلص السلطان أبو الحسن إلى أحياء سويد، بالصحراء فنجا به ونزمار بن عريف إلى سجلماسة كما يأتي ذكره في أخباره، ودوّخ أبو ثابت بلاد بني توجين وقفل إلى تلمسان والله تعالى أعلم.
الخبر عن حروبهم مع مغراوة واستيلاء أبي ثابت على بلادهم ثم على الجزائر ومقتل عليّ بن راشد بتنس على أثر ذلك
كان بين هذين الحيّين من عبد الواد ومعراوة فتن قديمة سائر أيامهم، قد ذكرنا الكثير
منها في أخبارهم. وكان بنو عبد الواد قد غلبوهم على أوطانهم حتى قتل راشد بن محمد في جلائه أمامهم بين زواوة. ولما اجتمعوا بعد نكبة القيروان على أميرهم علي بن راشد وجاءوه من إفريقية إلى أوطانهم مع بني عبد الواد، ولم يطيعوهم حينئذ أن يغلبوهم رجعوا حينئذ إلى توثيق العهد وتأكيد العقد [1] فأبرموه وقاموا على الموادعة والتظاهر على عدوهم، وعروق الفتنة تنبسط من كل منهم [2] . ولما جاء الناصر من إفريقية وزحف إليه أبو ثابت، قعد عنه علي بن راشد وقومه، فاعتدّها عليهم وأسرّها في نفسه. ثم اجتمع بعد ذلك للقاء السلطان أبي الحسن حتى انهزم ومضى إلى المغرب. فلما رأى أبو ثابت أنه قد كفى عدوّه الأكبر وفرغ إلى عدوّه الأصغر نظر في الانتقاض عليهم. فبينما هو يروم أسباب ذلك إذ بلغه الخبر أنّ بعض رجالات بني كمين [3] من مغراوة جاء إلى تلمسان فاغتالوه فحمى له أنفه وأجمع لحربهم.
وخرج من تلمسان فاتحة اثنتين وخمسين وسبعمائة وبعث في أحياء زغبة من بني عامر وسويد، فجاءوه بفارسهم وراجلهم وظعائنهم، وزحف إلى مغراوة فخافوا من لقائه، وتحصّنوا بالجبل المطل على تنس، فحاصرهم فيه أياما اتصلت فيها الحروب وتعدّدت الوقائع. ثم ارتحل عنهم فجال في نواحي البلد، ودوّخ أقطارها، وأطاعته مليانة والمرية وبرشك وشرشال. ثم تقدّم بجموعه إلى الجزائر فأحاط بها وفيها فلّ بني مرين وعبد الله بن السلطان أبي الحسن، تركه هناك صغيرا في كفالة علي بن سعيد ابن جانا، فغلبهم على البلد وأشخصهم في البحر إلى المغرب، وأطاعته الثعالبة ومليكش وقبائل حصين. وعقد على الجزائر لسعيد بن موسى بن علي الكردي، ورجع إلى مغراوة فحاصرهم بمعقلهم الأوّل بعد أن انصرفت العرب إلى مشاتيها، فاشتدّ الحصار على مغراوة وأصاب مواشيهم العطش، فانحطت دفعة واحدة من الجبل تطلب المورد فأصابهم الدهش. ونجا ساعتئذ عليّ بن راشد إلى تنس، فأحاط به أبو ثابت أياما. ثم اقتحمها عليه غلابا منتصف شعبان من سنته، فاستعجل المنية وتحامل على نفسه فذبح نفسه، وافترقت مغراوة من بعده وصارت أوزاعا في القبائل
[1] وفي نسخة بولاق المصرية: توثيق العقد وتأكيد العهد.
[2]
وفي نسخة أخرى: تنبض في كل منهم.
[3]
وفي نسخة أخرى: بني كمي.