الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من دونه حتى يتوفى سنة 379 فيخلفه أخوه أبو نصر الملقب ببهاء الدولة وضياء الملة (379 - 403 هـ.). وكان البويهيون يستكثرون من الألقاب، ولم يكتفوا بتلقيب أنفسهم، فقد أكثروا من تلقيب وزرائهم بمثل كافى الكفاة وأوحد الكفاة إلى غير ذلك.
ومعروف أن السامانيين لم يكونوا يعنون بتلقيب أنفسهم، ولكننهم تفنّنوا فى تلقيب قواد جيوشهم. وبلغ من شيوع ذلك بين حكام إيران أن نجد بغراخان التركى حين يثور على الدولة فى سنة 382 يلقب نفسه شهاب الدولة.
وكان بهاء الدولة-كما مر بنا فى قسم العراق-ظالما سفاكا للدماء، وهو أقبح ملوك بنى بويه سيرة، وولى بعده ابنه سلطان الدولة (403 - 415 هـ.) وانتزع الملك منه أخوه مشرف الدولة صاحب كرمان إلى أن توفى سنة 416 فخلفه أخوه جلال الدولة (416 - 435 هـ.) ولا يلبث محمود الغزنوى أن يستولى من يد مجد الدولة بن فخر الدولة على الرىّ وأصفهان وبلاد الجبل. وتعظم الفوضى فى عهد جلال الدولة، ويخلفه أبو كاليجار محيى الدولة (435 - 440 هـ.) ويعظم فى عصره شأن السلاجقة، ويستولون على كثير من إيران، ويتوفى أبو كاليجار غمّا، ويخلفه الملك الرّحيم، ويدخل طغرلبك بغداد سنة 447 للهجرة، كما مرّ بنا فى قسم العراق، وبذلك يتقوّض سلطان البويهيين فى العراق وإيران نهائيا.
الدولة الزّياريّة
(1)
زعم البيرونى فى كتابه الآثار الباقية أن هذه الدولة تنسب إلى الملك الساسانى قباذ الذى حكم من سنة 448 إلى سنة 531 للميلاد، وسواء أكان هذا النسب صحيحا أو غير صحيح، فإنها ترجع إلى أصل إيرانى، وكان مؤسسها مرداويج بن زيار الديلمى (316 - 323 هـ) أحد قواد الجبل الذين ظهروا فى شمالى إيران لذلك العهد، وقد انتظم فى سلك القواد الذين عملوا تحت لواء أسفار بن شيرويه الديلمى المتغلب على قزوين وديارها، ولم يلبث أن وثب على أسفار وقتله، وملك البلاد، مؤسسا لأسرته إمارة فى طبرستان وجرجان جنوبى بحر قزوين أو كما يسمى بحر الخزر، ومدّ أطراف إمارته
(1) راجع فى الدولة الزيارية الآثار الباقية للبيرونى وتكملة تاريخ الطبرى للهمدانى (طبع بيروت) وتاريخ ابن مسكويه وابن الأثير وابن خلدون وابن تغرى بردى فى مواضع متفرقة ومروج الذهب للمسعودى (طبعة دار الأندلس ببيروت) 4/ 82 وما بعدها، وإيران ماضيها وحاضرها ص 53 وآدم مينز ص 26 وبراون فى مواضع متفرقة من كتابه: تاريخ الأدب فى إيران من الفردوسى إلى السعدى ترجمة الشواربى.
جنوبا وغربا، حتى الرىّ وأصفهان وهمذان وأرمينية وأذربيجان وخوزستان، واتخذ أصفهان حاضرة لإمارته، وكان فيه عتو شديد، وكان شعوبيا شديد الكراهية للعروبة، فزعم-فيما زعم-أنه سيستعيد مجد دولة العجم ويبطل دولة العرب فلا تقوم لها قائمة، ووعد شيعته بالمسير إلى بغداد والقبض على الخليفة وتوليتهم ديار الإسلام ومدنه.
وسأل عن تيجان الفرس فمثّلت له هيئتها، فاختار هيئة تاج كسرى أنوشروان، وأمر بأن يصنع له على مثاله تاج من الذهب محلّى بالجواهر، وصنع له عرش من الذهب مرصع بالحجارة الكريمة. وكان يبطن المجوسية، ولعله من أجل ذلك كان يحتفل بأعيادها احتفالات عظيمة، واشتهر احتفال له بعيد ليلة الوقود المسمى بعيد السّذق، وفيها كانوا يوقدون نارا كثيرة، وقد أمر فى تلك الليلة بأن تجمع الأحطاب من أنحاء إمارته إلى حاضرته أصفهان، ونصبها على التلال والجبال حولها وأشعلها وأشعل معها شموعا عظيمة اتّخذت لها تماثيل وأساطين ضخمة. وتمادى فى بغيه وعتوه تماديا شديدا، حتى أوغر صدور بعض غلمانه، ففتكوا به فى الحمام سنة 323 للهجرة، ونهبوا خزائنه وأمواله.
ويقال إن الديلم حزنوا عليه حزنا شديدا، جعلهم يمشون حفاة أربعة فراسخ وراء تابوته.
ومرّ بنا فى حديثنا عن الدولة البويهية أن قائده على بن بويه استولى عقب وفاته على أصبهان والرى وأن بلدانا كثيرة أخذت تسقط فى يده ويد أخويه إلا ما كان من طبرستان وجرجان، فإنهما ظلتا فى يد خلفاء مرداويج الزياريين، وقد خلفه أخوه وشمكير (323 - 356 هـ.) ويقال إنه ركب فرسا وشبّ وهو غافل عنه، فسقط ميتا. وخلفه ابنه قابوس (356 - 403 هـ.) وكان كاتبا وشاعرا، ومازال البويهيون يغيرون عليه حتى فرّ من إمارته عام 371 إلى السامانيين، وعاش عندهم مكرّما حتى عام 388 وفيه استرد ملكه. ويقال إنه عتا وبغى، واشتد بغيه وعتوه، فأجمعت حاشيته على خلعه، واضطرت ابنه منوجهر (403 - 426 هـ.) أن ينزل على إرادتها، وحبس قابوس فى إحدى القلاع حتى مات من شدة البرد. وظل منوجهر يرسل بالأموال إلى محمود الغزنوى استرضاء له، وطلبه سنة 420 فأوغل فى البلاد متحصنا منه بجبال وعرة، وتركه محمود ولم يلبث أن توفى فخلفه ابنه أنو شروان (426 - 430 هـ.) ومن يده استولى مسعود بن محمود الغزنوى على الإمارة، كأن لم تكن شيئا مذكورا.