المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

سلطانه من أطراف عمان ونجران واليمن إلى بادية الشام فى - تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف - جـ ٥

[شوقي ضيف]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة

- ‌القسم الأولالجزيرة العربيّة

- ‌الفصل الأوّلالسياسة والمجتمع

- ‌1 - أقاليم ودول وإمارات

- ‌اليمن ودولها

- ‌ حضرموت وظفار وتاريخهما

- ‌عمان وأمراؤها

- ‌البحرين ودولها

- ‌2 - المجتمع

- ‌3 - التشيع

- ‌4 - الخوارج: الإباضية

- ‌5 - الدعوة الوهابية السلفية

- ‌6 - الزهد والتصوف

- ‌الفصل الثّانىالثقافة

- ‌1 - الحركة العلمية

- ‌2 - علوم الأوائل

- ‌علم الملاحة البحرية

- ‌3 - علوم اللغة والنحو والبلاغة والنقد

- ‌4 - علوم الفقه والحديث والتفسير والقراءات والكلام

- ‌5 - التاريخ

- ‌الفصل الثالثنشاط الشعر والشعراء

- ‌1 - الشعر على كل لسان

- ‌2 - كثرة الشعراء

- ‌3 - شعراء المديح

- ‌ القاسم بن هتيمل

- ‌أحمد بن سعيد الخروصىّ الستالىّ

- ‌علىّ بن المقرّب العيونى

- ‌عبد الصمد بن عبد الله باكثير

- ‌4 - شعراء المراثى

- ‌ التهامى

- ‌جعفر الخطّى

- ‌5 - شعراء الفخر والهجاء

- ‌ نشوان بن سعيد الحميرى

- ‌سليمان النبهانى

- ‌الفصل الرّابعطوائف من الشعراء

- ‌1 - شعراء الدعوة الإسماعيلية

- ‌ ابن القم

- ‌السلطان الخطّاب

- ‌عمارة اليمنى

- ‌2 - شعراء الدعوة الزيدية

- ‌يحيى بن يوسف النّشو

- ‌موسى بن يحيى بهران

- ‌على بن محمد العنسىّ

- ‌3 - شعراء الخوارج

- ‌أبو إسحق الحضرمىّ

- ‌ابن الهبينى

- ‌4 - شعراء الدعوة الوهابية السلفية

- ‌ محمد بن إسماعيل الحسنى الصنعانى

- ‌ابن مشرف الأحسائى

- ‌5 - شعراء الزهد والتصوف والمدائح النبوية

- ‌عبد الرحيم البرعى

- ‌عبد الرحمن العيدروس

- ‌الفصل الخامسالنّثر وأنواعه

- ‌1 - تنوع الكتابة

- ‌2 - رسائل ديوانية

- ‌3 - رسائل شخصية

- ‌4 - مواعظ وخطب دينية

- ‌5 - محاورات ورسائل فكاهية ومقامات

- ‌القسم الثانىالعراق

- ‌الفصل الأوّلالسياسة والمجتمع

- ‌1 - البويهيون والسلاجقة والخلفاء العباسيون

- ‌2 - الدول: المغولية والتركمانية والصفوية والعثمانية

- ‌الدولة المغولية الإيلخانية

- ‌الدولة الصفوية

- ‌الدولة العثمانية

- ‌3 - المجتمع

- ‌4 - التشيع

- ‌5 - الزهد والتصوف

- ‌الفصل الثّانىالثقافة

- ‌1 - الحركة العلمية

- ‌2 - علوم الأوائل: تفلسف ومشاركة

- ‌3 - علوم اللغة والنحو والبلاغة والنقد

- ‌4 - علوم القراءات والتفسير والحديث والفقه والكلام

- ‌5 - التاريخ

- ‌الفصل الثالثنشاط الشعر والشعراء

- ‌1 - كثرة الشعراء

- ‌2 - رباعيّات وتعقيدات وموشحات

- ‌3 - شعراء المديح

- ‌ المتنبى

- ‌ سبط ابن التعاويذى

- ‌ صفى الدين الحلى

- ‌4 - شعراء المراثى والهجاء والشكوى

- ‌ السرى الرفاء

- ‌5 - شعراء التشيع

- ‌ الشريف الرضى

- ‌مهيار

- ‌ابن أبى الحديد

- ‌الفصل الرّابعطوائف من الشعراء

- ‌1 - شعراء الغزل

- ‌ ابن المعلم

- ‌الحاجرى

- ‌التّلعفرىّ

- ‌2 - شعراء اللهو والمجون

- ‌ ابن سكرة

- ‌ابن الحجّاج

- ‌3 - شعراء الزهد والتصوف والمدائح النبوية

- ‌ ابن السّراج البغدادى

- ‌المرتضى الشّهر زورىّ

- ‌الصّرصرىّ

- ‌4 - شعراء الفلسفة والشعر التعليمى

- ‌ ابن الشّبل البغدادى

- ‌ابن الهبّاريّة

- ‌5 - شعراء شعبيون

- ‌الأحنف العكبرى

- ‌الفصل الخامسالنثر وكتّابه

- ‌1 - تنوع النثر:

- ‌2 - كتّاب الرسائل الديوانية

- ‌5 - الحريرى

- ‌القسم الثالثإيران

- ‌الفصل الأوّلالسياسة والمجتمع

- ‌1 - دول متقابلة

- ‌الدولة السامانية

- ‌الدولة البويهيّة

- ‌الدولة الزّياريّة

- ‌الدولة الغزنوية

- ‌2 - دول متعاقبة

- ‌دولة السلاجقة

- ‌الدولة الخوارزمية

- ‌الدولة المغولية

- ‌3 - المجتمع

- ‌4 - التشيع

- ‌5 - الزهد والتصوف

- ‌الفصل الثّانىالثقافة

- ‌1 - الحركة العلمية

- ‌2 - علوم الأوائل: تفلسف ومشاركة

- ‌3 - علوم اللغة والنحو والبلاغة والنقد

- ‌4 - علوم التفسير والحديث والفقه والكلام

- ‌5 - التاريخ

- ‌الفصل الثالثنشاط الشعر والشعراء

- ‌1 - الشعر العربى على كل لسان

- ‌2 - كثرة الشعراء

- ‌3 - شعراء المديح

- ‌ على بن عبد العزيز الجرجانى

- ‌الطّغرائىّ

- ‌الأرّجانى

- ‌4 - شعراء المراثى

- ‌5 - شعراء الهجاء والفخر والشكوى

- ‌الأبيوردىّ

- ‌الفصل الرّابعطوائف من الشعراء

- ‌1 - شعراء الغزل

- ‌2 - شعراء اللهو والمجون

- ‌ أبو بكر القهستانى

- ‌3 - شعراء الزهد والتصوف

- ‌ عبد الكريم القشيرى

- ‌ يحيى السهروردى

- ‌4 - شعراء الحكمة والفلسفة

- ‌ أبو الفضل السكرى المروزى

- ‌5 - شعراء شعبيون

- ‌أبو دلف الخزرجى: مسعر بن مهلهل

- ‌الفصل الخامسالنثر وكتّابه

- ‌1 - تنوع الكتابة

- ‌2 - كتّاب الرسائل

- ‌قابوس بن وشمكير

- ‌رشيد الدين الوطواط

- ‌3 - ابن العميد

- ‌خاتمة

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: سلطانه من أطراف عمان ونجران واليمن إلى بادية الشام فى

سلطانه من أطراف عمان ونجران واليمن إلى بادية الشام فى أقصى الشمال من الجزيرة، ومن الخليج العربى ونهر الفرات إلى بحر القلزم (البحر الأحمر) واستولى على الطائف ومكة، مما جعل الدولة العثمانية تستعين بمحمد على واليها فى مصر، كى يستخلص الحجاز منه، فأرسل إليه جيشا بقيادة ابنه إبراهيم واستطاع الجيش الاستيلاء على المدينة ومكة سنه 1227 هـ/1812 م وسرعان ما توفى سعود فى الدرعية سنة 1229 هـ/1814 م وتولى بعده ابنه عبد الله، وفى عهده أخذت البلاد تسقط واحدة تلو الأخرى فى يد إبراهيم باشا، واستسلم عبد الله بن سعود، وأرسل إلى القسطنطينية حيث قضى نحبه سنة 1234 هـ/1818 م. ويتولى حكم الدرعية تركى بن عبد الله بن محمد بن سعود.

وبذلك ينتقل الحكم فى آل سعود من بيت عبد العزيز بن محمد إلى بيت أخيه عبد الله بن محمد، ويبقى فيه إلى اليوم. وينشط تركى، ويفتح الحسا والقطيف، ويعقد صلحا مع صالح بن على أمير حائل وزعيم منطقة شمر أو جبلى أجأو سلمى ويغتال سنة 1249 هـ/1833 م ويخلفه ابنه فيصل وكان ضعيفا، فيأسره المصريون ثم يعيدونه إلى إمارته ويظل بها حتى عام 1282 هـ/1865 م وهو عام وفاته. وتعقبه فترة من الاضطرابات والفتن بين أبنائه استطاع فى خلالها محمد بن رشيد صاحب حائل أن يبسط سلطانه على أكثر البلاد الخاضعة للسعوديين، لولا أن هبّ لا فى هذا العصر بل فى العصر الحديث التالى عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل فاسترد الرياض وكل ما فقد من إمارة آبائه.

‌اليمن ودولها

(1)

توزعت اليمن فى هذا العصر دول كثيرة، لعل أقدمها دولة بنى زياد فى زبيد (203 - 412 هـ) وخلفهم عليها دولة آل نجاح (412 - 554 هـ) ثم دولة بنى مهدى

(1) راجع فى اليمن ودولها تاريخ ابن الأثير وابن خلدون وصبح الأعشى فى جزءيه الرابع والخامس وابن خلكان فى التراجم المشهورة وتاريخ المستبصر لابن المجاور وتاريخ اليمن لعمارة (نشرة كاى) وبلوغ المرام فى شرح مسك الختام فيمن تولى ملك اليمن من ملك وإمام للقاضى العرشى والعقود اللؤلؤية للخزرجى (طبع القاهرة) وكتاب تاريخ اليمن لعبد الواسع اليمانى (طبع القاهرة) وأنباء الزمن فى أخبار اليمن ليحيى بن الحسين وتاريخ ثغر عدن لبا مخرمة (طبع ليدن) والمقثطف من تاريخ اليمن للجرافى (طبع القاهرة) والمخلاف السليمانى للعقيلى (طبع الرياض) وطرفة الأصحاب فى معرفة الأنساب لابن رسول (طبع دمشق) والصليحيون والحركة الفاطمية فى اليمن (طبع القاهرة) ومقدمة تاريخ العرب الحديث، الجزء الأول للدكتور عبد الكريم غرايبة ومعجم البلدان ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة لزامباور.

ص: 21

الخوارج (554 - 569 هـ) ومنهم أخذها الأيوبيون وخلفهم عليها وعلى اليمن دولة آل رسول. ولصنعاء دولها هى الأخرى وأولها بنو يعفر (252 - 393 هـ) وتلتها دولة الصّليحيين الإسماعيليين (439 - 532 هـ). ثم دولة الهمدانيين (492 - 569 هـ). وفى صعدة مستقر الزيدية دولة الرّسيين منذ سنة 288 ونازعهم عليها أبناء عمومتهم بنو سليمان منذ طردهم الهواشم بمكة ونزلوا المخلاف السليمانى سنة 450 وقد أزال على بن مهدى دولتهم منه. ثم عادوا إليه، وقد ظل أئمة الرسيين يتوالون واحدا بعد الآخر حتى العصر الحديث. وفى عدن دولة بنى زريع الإسماعيلية (467 - 569 هـ). ومنهم أخذها الأيوبيون كما أخذوا صنعاء وصعدة عاصمة الرسيين. ونحن نسوق الحديث عن هذه الدول، ثم ننتقل منها إلى الحديث عن الأيوبيين والرسوليين وبنى طاهر والعصر العثمانى ومقاومة الرسيين فى صعدة للعثمانيين، حتى استخلصوا منهم البلاد.

ونبدأ بدول زبيد قبل الفتح الأيوبى، وأولها دولة بنى زياد، ومؤسسها محمد بن زياد من نسل عبيد الله بن زياد حاكم العراق بعد وفاة أبيه زياد، ولاه المأمون على اليمن سنة 203 للهجرة فاستولى على تهامة وحضرموت، ومن أهم أمراء هذه الدولة أبو الجيش إسحق بن إبراهيم (291 - 317 هـ). وفى عهده استولى القرامطة على زبيد سنة 303 ثم تركوها. ودانت له اليمن: عدن وصنعاء وحكامها بنو يعفر وصعدة وحكامها الرسيّون واتسعت جبايته حتى بلغت مليونين وثلثمائة وستة وستين ألفا من الدنانير، سوى ما كان يجبيه من مراكب السند ومن العنبر المجلوب إلى عدن وباب المندب ومن الغوص على اللؤلؤ ومن جزيرة دهلك. وما زال الحكم فى أسرته حتى تشاجر حجبتهم على الحكم، وتغلب عليهم نجاح الحبشى سنة 412 وأسس دولة بنى نجاح، وما زال يحكمها حتى دسّ له بعض أنصار على بن الصّليحى صاحب صنعاء السم ففتك به سنة 452 واستولى الصليحى على زبيد، غير أن أبناء نجاح فروا إلى دهلك، وأخذوا يحاولون استردادها واستطاعوا أن يغتالوا الصليحى فى طريقه إلى الحج سنة 459 واستطاع جياش بن نجاح أن يستعيد زبيد من الصليحيين نهائيا سنة 479 وكان شاعرا وكاتبا بليغا، وصنّف المفيد فى أخبار زبيد، وبعث هو وأسرته ووزراؤهم نهضة فى زبيد أدبية وعلمية، ومن وزرائهم منّ الله الفاتكى وسرور وكانا ممدّحين عاليى الهمة. وتوارث أبناء جياش الحكم حتى سنة 554 إذ ملكها بنو مهدى وزال ملك بنى نجاح. وقد نشأ مؤسس دولة بنى مهدى-وهو على بن مهدى الحميرى-فى سواحل زبيد على النسك والدين، ولما شبّ أخذ فى الوعظ فأحبه الناس والتفوا حوله، وفكر فى إقامة دولة لنفسه فاستولى على زبيد وتسمى الإمام المهدى أمير

ص: 22

الؤمنين وقامع الكفرة والملحدين. وكان يؤمن بعقيدة الخوارج ويتبرأ من عثمان وعلى، وكان يكفّر بالمعاصى، ويقتل من يقترف كبيرة، وكذلك من خالف اعتقاده من أهل السنة، وكان يستبيح نساءهم ويسترق أبناءهم وذراريهم، وكان أنصاره يعتقدون فيه العصمة، ولم يلبث أن توفى بعد استيلائه على زبيد بنحو ثلاثة أشهر، وحين استولى عليها قتل قاضيها محمد بن أبى عقامة وابنه وكانا فاضلين. وخلفه ابنه مهدى ثم أخوه عبد النبى. وقد أغار فى سنة 561 على المخلاف السليمانى وقتل فى الغارة أميره وهاس ابن غانم، وأنشد فى ذلك قصيدة رواها صاحب كتاب المخلاف السليمانى، ومازال على زبيد حتى تسلمها منه توران شاه الأيوبى سنة 569 للهجرة.

وأول دول صنعاء دولة بنى يعفر التى أنشأها يعفر بن عبد الرحمن سنة 252 وخلفه عليها أبناؤه، وحدث فى سنة 293 لعهد أسعد بن يعفر أن استولى القرامطة بإمرة على ابن الفضل على صنعاء. ولم يلبث أن ادعى النبوة، وأباح لأصحابه شرب الخمر وزواج البنات، وحطّ عن الناس-بزعمه-أركان الإسلام الأساسية: الصلاة والصيام والحج. وفى سنة 303 هلك على يد حسنى حجّام، جعل له السم فى المبضع. وعلم بذلك أسعد بن يعفر فاستنفر قبائل اليمن واستردّ صنعاء وظل يحكمها حتى وفاته سنة 331 وخلفه عليها ابن أخيه عبد الله بن قحطان حتى قضى نحبه سنة 387 وولى بعده ابنه أسعد، وبوفاته سنة 393 تنتهى دولة آل يعفر.

وتخلف دولة اليعفريين بصنعاء دولة الصّليحيين، أسسها على بن محمد الصّليحى، وقد نشأ فقيها صالحا بين قومه الهمدانيين وظل أمره ينمو فى مقره بجبلة منذ سنة 439 وربما قبل ذلك بسنوات غير قليلة. وكتب إلى الخليفة المستنصر الفاطمى يستأذنه فى الدعوة للمذهب الإسماعيلى، فأذن له واتسع نفوذه واستولى على زبيد، كما أسلفنا، من يد آل نجاح سنة 452 كما استولى على صنعاء سنة 454 واختط بها القصور واتخذها حاضرته، وعظم ملكه. واستولى على مكة سنة 455 ليزيل منها الإمارة الحسنية الزيدية ثم تركها. وكانت زوجه أسماء من فضليات النساء، وكانت ممدّحة كريمة، مدحها كثير من الشعراء. وخلفه ابنه المكرم سنة 459 واتخذ جبلة عاصمته، وأصيب بمرض الفالج، ففوّض شئون دولته إلى زوجته الملكة الحرة أروى بنت أحمد الصليحى إلى أن توفى سنة 484 فتولت بنفسها زمام الأمور، وتزوجت سبأ بن أحمد الصليحى بأمر المستنصر الفاطمى، وتوفى سنة 491 وأخذت تخرج عليها بعض القبائل وبعض البلدان، واستولى بنو حاتم الهمدانيون على صنعاء سنة 492 وظل يحكمها منهم حاتم بن غشيم الهمدانى حتى سنة 502 وخلفه أبناؤه

ص: 23

عليها حتى تسلمها منهم توران شاه الأيوبى. وظل نجم الملكة الحرة يزداد أفولا والدولة الصليحية تتفكك أوصالها، حتى لم يبق لها إلا بعض حصون قليلة. وقد خرجت أكثر الحصون فى الجنوب إلى بنى زريع أصحاب عدن. وتوفيت الملكة الحرة سنة 532 وبوفاتها انتهت الدولة الصليحية الإسماعيلية.

وحرى بنا أن نسوق الحديث إلى دولة الرّسّيين الزيدية بصعدة فى اليمن، ومؤسسها هناك الهادى إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم المولود بجبل الرّسّ بالقرب من المدينة المنورة سنة 245 فى زمن جده القاسم الإمام الزيدى المعروف بمؤلفاته فى المذهب الزيدى وفى الفقه. وقد خرج من موطنه إلى اليمن فى سنة 284 واستولى على صعدة وأسس بها إمامة الزيدية باليمن، وتوفى سنة 298 فخلفه ابنه محمد ثم أخوه أحمد، فالإمام الهادى إلى الحق وهو المؤسس الحقيقى للدولة. وما تزال تلك الأسرة تتوارث الإمامة حتى يفد عليها أبو الفتح الديلمى سنة 437 فيستخلص الإمارة لنفسه حتى وفاته، ويخلفه عليها بنو سليمان أصحاب المخلاف السليمانى الزيديون وينسحب الرسيون إلى جبل قطابة، وتتوالى أئمتهم هناك. وتتطور الظروف ويعود الرسيون إلى صعدة، وتدخل صنعاء فى حوزتهم مرارا. ومن أشهر أئمتهم المتوكل على الله (532 - 566 هـ). وكان شاعرا محسنا، وله مكاتبات شعرية مع نشوان بن سعيد الحميرى. ومن أئمتهم فى العهد الأيوبى الإمام المنصور بالله المتوفى سنة 614. ومن مشهوريهم فى عهد الدولة الرسولية الحسن ابن وهّاس، والموطئ الرسى الذى بويع بالإمامة سنة 645 وكان قواما صواما عالما فقيها، وظل الحكم بعده فى أبنائه وتتوالى أئمتهم فى عهد الدولتين: الرسولية والطاهرية، وسنعود إليهم بعد استيلاء العثمانيين على اليمن عقب فتحهم لمصر.

أما عدن فكانت قديما دارا لبنى معن بن زائدة منذ ولايته عليها فى عهد المأمون، وقد امتنعوا على بنى زياد أصحاب زبيد، ولما استولى عليها الصّليحى داعية الفاطميين قنع منهم بإتاوة يؤدونها، ثم عزلهم عنها ابنه المكرم، وجعلها للهمدانيين، ولم يلبث فرع منهم هو فرع بنى زريع أن استخلصها لنفسه، وكانوا إسماعيلية، ومن أهم أمرائهم محمد بن سبأ (533 - 550 هـ). وكان يتلقب بالداعى المعظم المتوج سيف أمير المؤمنين، وقد اشترى حصن جبلة من الصليحيين، وخلفه ابنه عمران ممدوح أبى بكر العيذى (550 - 565 هـ). وكان يدبر دولته ودولة ابنيه ياسر بن بلال ممدوح ابن قلاقس الشاعر المصرى وغيره من الشعراء. وحين قدم توران شاه إلى اليمن قبض عليه وانقطعت دولة بنى زريع. ويقال إن إيرادات عدن كانت مائة ألف دينار وارتفعت فى عهد الأيوبيين إلى

ص: 24

ستمائة ألف. وحين فتح اليمن توران شاه الأيوبى سنة 569 أقام لنفسه فيها نوابا فى مدنها وحصونها، وعادت إلى أحسن أحوالها من الخصب والعمارة والأمن، غير أن الحكم فيها لم ينتظم تماما لصلاح الدين إلا بعد أن أرسل إليها أخاه سيف الإسلام طغتكين، فأقام بها منذ سنة 578 ودخل كما مر بنا سنة 582 مكة ومنع من الأذان فيها بحىّ على خير العمل» وهو أذان الزيدية والإسماعيلية وغيرهما من الشيعة، وتوفى سنة 593 وخلفه على اليمن ابنه إسماعيل وأساء السيرة فقتل سنة 598 ووليها بعده ابن عمه سليمان، وظلم الناس، فولى السلطان الكامل صاحب مصر عليها ابنه الملك المسعود سنة 612 وأناب عنه فى بعض رحلاته إلى مصر نور الدين عمر بن على بن رسول أحد قواده، فمكّن لنفسه فيها، ولم يلبث أن استقل بها سنة 626 للهجرة.

وتظل اليمن فى قبضة الدولة الرسولية حتى سنة 858 وقد اتخذ نور الدين تعزّ بالقرب من إقليم عدن عاصمة له وتلقب بالملك المنصور واعترف به الخليفة العباسى سنة 632 للهجرة وامتدت مملكته من مكة إلى حضرموت. وكانت الحرب كثيرا ما تنشب بين الرسوليين وبين الأئمة فى صعدة. وقتله مماليكه سنة 647 وخلفه ابنه الملك المظفر يوسف وهو صاحب جامع المظفرية بتعزّ، وبنى جوامع ومدارس كثيرة فى مدن اليمن، وفتح ظفار فى أقصى بلاد حضرموت ونشبت بينه وبين أئمة اليمن حروب كثيرة، وتوفى سنة 694 فخلفه الملك الأشرف لمدة عامين فالملك المؤيد حتى سنة 721 وكانت له مشاركة حسنة فى العلوم والفنون، فالملك المجاهد حتى سنة 764 فالملك الأفضل ابنه حتى سنة 778 فالملك الأشرف حتى سنة 803 وله ألف الخزرجى كتابه العقود اللؤلؤية، ويصف حفل ختان أبنائه وصفا رائعا. وتضعف الدولة بعده وتأخذ فى التدهور، وينتهز بنو طاهر ولاتهم وأمناؤهم فى عدن وغيرها الفرصة، ويؤسسون دولتهم.

وقد اتخذ بنو طاهر «زبيد» حاضرة لهم، وأول أمرائهم عامر بن طاهر الذى استولى على عدن سنة 858 وتلقب بالملك الظافر وتوفى سنة 870 فخلفه أخوه الملك المجاهد إلى وفاته سنة 883 وولى بعده الملك المنصور حتى سنة 894 وخلفه الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب وقد استولى على صنعاء سنة 910 ولا نصل إلى سنة 921 حتى يستولى البرتغاليون على جزيرة كمران فى البحر الأحمر، وحينئذ يرسل قانصوه الغورى صاحب مصر حملة لمطاردة البرتغاليين ويطردون من الجزيرة وتنزل الحملة اليمن وتستولى على زبيد وتعز وتقضى على دولة بنى طاهر

وتدخل اليمن فى حوزة الدولة العثمانية، وتنشب مناوشات كثيرة بين الأمراء أو الأئمة

ص: 25