الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتتلمذ على بعض شيوخ البصرة وعاد إلى موطنه وتعاقد مع الأمير محمد بن سعود، كما مر فى الفصل الماضى، على نشر عقيدته. وهى ليست عقيدة جديدة بل هى عقيدة أهل السنة من السلف وإمامهم ابن حنبل وأشهر من ساروا على دربه ابن تيمية. وكان ابن عبد الوهاب ينشر دعوته فى محاضراته ومؤلفاته. ومرّ بنا كتاب التوحيد، ومجموعة التوحيد ومنها رسالة كشف الشبهات ومختصر زاد المعاد لابن قيم الجوزية تلميذ ابن تيمية وكتاب الكبائر ومعرفة العبد ربه ودينه ونبيه والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وكتاب المسائل وكتاب الثلاثة الأصول فى معرفة الله ودين الإسلام والرسول إلى غير ذلك من مصنفات بث فيها دعوته الوهابية. وتوالت بعده فيها مصنفات كثيرة منها: جواب أهل السنة النبوية فى نقض كلام الشيعة والزيدية لعبد الله ابنه، ولسليمان بن عبد الله تيسير العزيز الحميد فى شرح كتاب التوحيد. واتسع التأليف فى الدعوة مبكرا وراء نجد، إذ نجد محمد بن على الشوكانى اليمنى يؤلف فيها كتابه نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخيار.
5 - التاريخ
نشطت كتابة التاريخ فى الجزيرة العربية كما نشطت فى كل بلد عربى، ونبدأ بالحديث عن هذا النشاط فى الحجاز، ومن أهم ما يلقانا عن مكة كتاب الأزرقى «أخبار مكة» وهو كتاب مبكر. وأهم المصنفات التى تلقانا عنها فى هذا العصر مصنفات الفاسى (1) أبى الطيب محمد بن أحمد الحسنى المولود بمكة سنة 775 وفيها نشأ وتكوّن علميا حتى أصبح من علمائها الأفذاذ، وسرعان ما تحول مدرسا يفيد الطلاب من علمه. وتقلد منصب شيخ الحرم المكى إلى أن توفى سنة 832 وعنى بتاريخ مكة، فصنف فيها كتابه «شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام» فى مجلدين، وهو مطبوع، وأهم منه كتابه «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» الذى نرجع إليه، وهو فى ثمان مجلدات، افتتحها بالحديث عن مكة تاريخيّا وجغرافيّا ثم أجمل السيرة النبوية، وأتبعها بالتراجم حتى عصره مبتدئا بالمحمدين، ولم يترك حاكما ولا عالما ولا مؤذنا ولا مجاورا بمكة ولا شاعرا إلا أسهب فى الترجمة له،
(1) انظره فى الضوء اللامع 7/ 18 والشذرات 7/ 199 ومقدمة كتابه «العقد الثمين» وقد ترجم لنفسه فيه انظر 1/ 331
وهو بذلك تاريخ كامل لمكة: سياسى وثقافى وأدبى وحضارى. وللديار (1) بكرى المكى المتوفى سنة 990 سيرة نبوية بعنوان «الخميس فى أحوال أنفس نفيس» فى مجلدين كبيرين، طبعت مرارا، وفيها تفصيل طويل عن تاريخ الكعبة. وكان يعاصره قطب الدين (2) النهروالى المكى، وكان مفتيا ومدرسا، إلى أن توفى سنة 990 وله «الإعلام بأعلام بلد الله الحرام» تحدث فيه عن تاريخ مكة وحكامها إلى زمنه فى عهد العثمانيين، طبع مرارا. ولمكة مؤرخ عام هو عبد الحى (3) بن العماد الحنبلى المتوفى بمكة سنة 1089 وله «شذرات الذهب فى أخبار من ذهب» وهو كتاب تراجم مرتب على السنوات حتى سنة ألف للهجرة. ومن مؤرخى مكة المتأخرين أحمد زينى دحلان المتوفى سنة 1304 هـ/1886 م وله:«خلاصة الكلام فى أمراء البلد الحرام» .
وللمدينة بدورها مؤرخوها وفى مقدمتهم محمد بن الحسين بن زبالة الذى ألف كتابا فى تاريخ المدينة سنة 199 للهجرة ومن مؤرخى العصر الذى نحن بصدده، بل قل من أشهرهم نور الدين السمهودى (4) المصرى المجاور بالمدينة حتى وفاته سنة 911 وهو صاحب كتاب وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، والكتاب دائرة معارف كبيرة فى جغرافية المدينة وتاريخها وأخبارها طبع بمصر فى مجلدين وطبع مختصر له باسم «خلاصة الوفا» . ومن مؤرخى المدينة ابن خضر المدنى المتوفى فى أوائل القرن الثانى عشر، وله مخطوطة فى طبقات الحنفية بدار الكتب المصرية. وجاء بعده جعفر البرزنجى (5) المتوفى سنة 1179 وله قصة المولد النبوى، طبعت بمصر مرارا منفردة ومع شرح لحفيده جعفر بن إسماعيل.
وتكتظ اليمن بالمؤرخين ومصنفاتهم التاريخية ومن أقدمهم على بن محمد بن عبيد الله العلوى الذى صنف كتابا فى سيرة الإمام الهادى إلى الحق يحيى بن الحسين مؤسس المذهب الزيدى باليمن عقب مبايعته بالإمامة سنة 283 وصنف بعده بقرن الحسن بن أحمد بن يعقوب كتابا فى أخبار المنصور بالله القاسم الرسىّ المتوفى سنة 393 للهجرة. وتنشط الكتابة التاريخية باليمن، ويلقانا من مؤرخيها جياش بن نجاح أمير زبيد المتوفى سنة 498 وله كتاب «المفيد فى أخبار زبيد» فقد ولم يصل إلينا، غير أن عمارة اليمنى المتوفى سنة 569 اختصره فى
(1) راجعه فى الشذرات 8/ 419 ودائرة المعارف الإسلامية.
(2)
انظره فى الشذرات 8/ 420 والنور السافر ص 383 والبدر الطالع 2/ 57.
(3)
راجعه فى خلاصة الأثر فى أعيان القرن الحادى عشر للمحبى 2/ 340.
(4)
انظره فى الضوء اللامع 5/ 245 والشذرات 8/ 50 والبدر الطالع 1/ 470.
(5)
راجعه فى سلك الدرر 2/ 9 والجبرتى 1/ 363.
كتاب سماه «مختصر المفيد فى أخبار زبيد» وقد طبع فى القاهرة. ويشتهر عمارة (1) بكتاب له فى تاريخ اليمن نشره كاى ثم نشر فى القاهرة، وهو يؤرخ فيه لليمن وأحداثها حتى عصره، وله كتاب سماه «النكت العصرية فى أخبار الوزراء المصرية» تحدث فيه عن الوزراء فى آخر العهد بالفاطميين، وهم طلائع بن رزيك وشاور والكامل ابنه، وطبع هذا الكتاب بشالون فى آخر القرن الماضى وطبع معه ديوانه. ومرّ بنا ذكر طبقات فقهاء اليمن مرارا، وهو لعمر (2) بن على بن سمرة الجعدى المتوفى لأواخر القرن السادس الهجرى. وللقاضى حميد (3) بن أحمد المحلى المتوفى سنة 652 مصنفان تاريخيان هما «الحدائق الوردية فى سير الأئمة الزيدية» و «محاسن الأزهار فى فضائل العترة الأخيار» ومن مؤرخى اليمن الجندى (4) بهاء الدين محمد بن يوسف المتوفى سنة 732 وله «السلوك فى طبقات العلماء والملوك» ويتضح من عنوانه أنه يؤرخ فيه لحكام اليمن وعلمائها من كل صنف، ومرّ بنا ذكر السلطان الأشرف الرسولى وكتبه، وللسلطان الأفضل عباس (5) الرسولى المتوفى سنة 778 كتاب «العطايا السنية والمواهب الهنية فى المناقب اليمنية» . ومن مؤرخى اليمن اليافعى عبد الله بن أسعد بن عفيف نزيل مكة المجاور بها حتى وفاته سنة 768 وله كتاب مرآة الجنان فى التراجم العامة وهو مطبوع. ويلقانا مؤرخ كبير هو أبو الحسن الخزرجى (6) المتوفى سنة 812 وكتابه العقود اللؤلؤية فى تاريخ الدولة الرسولية كتاب نفيس وهو يؤرخ لتلك الدولة حتى وفاة السلطان الأشرف إسماعيل سنة 803 وكان من كبار الفقهاء والقراء والمحدّثين فى عصره وقد رتب كتابه ترتيبا زمنيا محكما، وترجم للسلاطين الرسوليين ترجمات دقيقة. وهو لا يعرض فى الكتاب التاريخ السياسى فحسب بل يعرض أيضا التاريخ الثقافى والحضارى عرضا مفصلا، وهو مطبوع فى مجلدين كبيرين. وجاء بعده مؤرخ مهم هو ابن الدّيبع (7) أبو عبد الله عبد الرحمن الزبيدى، وكان محدثا كبيرا درس الحديث فى الجامع الأعظم بزبيد وتوفى سنة 944 وله مصنفات تاريخية متعددة، منها قرة العيون بأخبار اليمن الميمون
(1) انظره فى ابن خلكان 3/ 431 والخريدة قسم الشام 3/ 101 وستأتى مصادر ترجمته بين الشعراء.
(2)
انظر فى التعريف به وبكتابه مقدمة المحقق له: فؤاد السيد.
(3)
تاريخ اليمن للجرافى ص 121.
(4)
انظره فى إعلان التوبيخ للسخاوى ص 124 ويعتمد عليه الخزرجى فى كتابه العقود اللؤلؤية.
(5)
راجعه فى العقود اللؤلؤية للخزرجى وفى الشذرات 6/ 257 وفى هدية الزمن فى أخبار ملوك لحج وعدن ص 88.
(6)
انظر ترجمته فى الضوء اللامع 5/ 210 والشذرات 7/ 97.
(7)
انظر فى ابن الديبع ترجمته لنفسه فى آخر كتابه بغية المستفيد والنور السافر ص 212 والشذرات 8/ 255 والبدر الطالع 1/ 336 والكواكب السائرة 2/ 158.
حتى سنة 923 وقد اعتمد على الخزرجى فى دولة الرسوليين، ثم أضاف إليه دولة بنى طاهر التى خلفتهم ويعد أول من عنى بالتاريخ لها. ومن كتبه التاريخية بغية المستفيد فى أخبار مدينة زبيد وهو يعرض تاريخها مفصلا حتى المائة التاسعة للهجرة. ومن الكتب الجيدة التى ألفت فى القرن العاشر تاريخ ثغر عدن لبا مخرمة (طبع ليدن). وتلقانا بعده كتب كثيرة فى أئمة اليمن وفى الحكام العثمانيين، من ذلك ما كتبه الجرموزى المتوفى سنة 1077 عن تاريخ الإمام المؤيد بالله بن القاسم، وقد سماه «الجوهرة المضية فى تاريخ الخلافة المؤيدية» وكتب عن تاريخ المنصور بالله القاسم بن محمد المتوفى سنة 1029 كتابا سماه «النبذ المشيرة إلى جمل من عيون السيرة» . وصنّف يحيى بن الحسين بن المؤيد بالله اليمنى فى أواخر القرن الحادى عشر تاريخا لليمن حتى سنة 1045 باسم أنباء الزمن فى أخبار اليمن». وليوسف بن يحيى الصنعانى المتوفى حوالى سنة 1120 كتاب مشهور لم يطبع هو كتاب «نسمة السحر فيمن تشيّع وشعر» ويتضمن عشرات التراجم لشعراء شيعيين من حين ظهور الشيعة إلى عصره. ولمحمد بن على الشوكانى العالم النابه كتاب فى التراجم لمن بعد القرن السابع حتى عصره فى القرن الثالث عشر سماه «البدر الطالع» وهو أحد المراجع التى يتكرر ذكرها فى هذا الجزء. وهناك كتب أخرى كثيرة نفيسة مثل منتخبات فى أخبار اليمن للهمدانى، ومثل النور السافر فى تراجم القرن العاشر لعبد القادر العيدروس المتوفى سنة 1038 وذيّل عليه جمال الدين الشلى الحضرمى بكتاب سماه «السناء الباهر بتكميل النور السافر» .
ولنجد كتب تاريخية مختلفة فى الحقب المتأخرة منها «روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوى الإسلام» لحسين بن غنام الأحسائى المتوفى سنة 1225 هـ/ 1810 م وفيه يوضح تاريخ نجد ودعوة محمد بن عبد الوهاب ورسائله وآراءه والقتال فى سبيل الدعوة، وهو يكثر من السجع فى كتابه. ويليه فى الأهمية كتاب عنوان المجد فى تاريخ نجد لعثمان بن بشر المتوفى سنة 1290 هـ/1873 م وهو تاريخ على السنوات يبتدئ بسنة 1158 هـ/1744 م وينتهى بسنة 1268 هـ/1851 م أى من حين نزول محمد بن عبد الوهاب فى «الدرعية» ووضع الأمير محمد بن سعود يده فى يده لنصرته حتى وفاة فيصل بن تركى. وضمن الكتاب أحداثا سابقة للدعوة منذ تأسيس السعوديين لإمارتهم فى الدرعية بمنتصف القرن التاسع للهجرة، وأسلوب الكتاب مرسل خال من السجع. ويلى الكتابين السالفين فى الأهمية كتاب «عقد الدرر فيما وقع فى نجد من الحوادث فى آخر القرن الثالث عشر وأول الرابع عشر» لإبراهيم بن صالح بن عيسى وهو يبتدئ من حين انتهى ابن بشر سنة 1268 ويستمر حتى سنة 1340 هـ/1921 موزعا حديثه التاريخى على السنوات.