الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأعانه على تصانيفه في المذهب ما اجتمع عنده من الكتب مما لعله انفرد به ملكًا ووقفًا (1).
وانتفع الناس بمصنفاته وانتشرت في حياته وبعد وفاته بحسن نيته وإخلاصه وقصده الجميل، وكانت كتابته على الفتوى نهاية، وخطه حسن، وعليه النورانية، وتنزَّه عن مباشرة القضاء في أواخر عمره، وصار قوله حجة في المذهب يعمل به ويعوَّل عليه في الفتوى والأحكام في جميع مملكة الإسلام (2).
مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:
قضى المرداوي حياته بين الدرس والتدريس، والإفتاء والقضاء، والتأليف، وتنقل بين الأمصار الإسلامية، وصار قبلةً للحنابلة، يقصدونه للاستفتاء والقراءة عليه، وكان يقرئ بالروايات بمدرسة شيخ الإسلام، وكان عالمًا باللغة والتصريف والمنطق والمعاني وغير ذلك (3).
وكان قبل كل ذلك صالحًا ديِّنًا ورعًا. يقول عنه تلميذه ابن عبد الهادي: له حظ من العبادة والدين والورع (4).
وكان كثير الصدقة، وتفقد الإخوان، مليح المعاشرة، بشوش الوجه، فتح اللَّه له بالعلم والعمل، والدين والآخرة (5).
وقد سبق أن أشرنا إلى أن المتأخرين أطلقوا عليه لقب "القاضي"، كما أطلقوا
(1) انظر: الضوء اللامع (5/ 227).
(2)
انظر: المنهج الأحمد (5/ 291)، شذرات الذهب (4/ 341).
(3)
انظر: الجوهر المنضد ص (101).
(4)
انظر: المرجع السابق.
(5)
انظر: المرجع السابق.
عليه لقب "المنقِّح"، و"المجتهد في تصحيح المذهب"، وما ذلك إلا لجهوده المتضافرة في خدمة مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه أصولا وفروعًا.
كما أطلق عليه "شيخ المذهب"، وقد مر بنا أيضًا أنه انتهت إليه رياسة المذهب في عصره، خاصة بعد وفاة برهان الدين بن مفلح، والجرَّاعي (1).
وقد أثنى عليه كلُّ من ترجم له، أو تعرض لذكر بعض مؤلفاته، فقال السخاوي:"كان فقيهًا حافظًا لفروع المذهب، مشاركًا في الأصول، بارعًا في الكتابة بالنسبة لغيرها، متأخرًا في المناظرة والمباحثة، ووفور الذكاء والتفنن عن رفيقه الجراعي، مديمًا للاشتغال والأشغال، مذكورًا بتعفف وورع وإيثار في الأحيان للطلبة متنزهًا عن الدخول في كثير من القضايا، بل ربما يروم الترك أصلا فلا يمكّنه القاضي، متواضعًا متعففًا لا يأنف ممن يبين له الصواب"(2).
وقد علَّق صاحب "السحب الوابلة" على كلام السخاوي قائلا: "ولا يخفى ما فيه من قوله: (مشاركًا في الأصول)، وقوله: (متأخرًا في المناظرة. . .)، وكان في نفسه منه شيء خفي، وإلا فالمترجَم -يعني المرداوي- مؤلف في علم الأصول محقق وافر الذكاء مشهور بذلك"(3).
ووصفه تلميذه ابن عبد الهادي بالشيخ الإمام العلامة أقضى القضاة مفتى الفرق (4). ووصفه أيضًا بالإمام الفقيه الأصولي النحوي الفَرَضي المحدث المقرئ (5).
(1) انظر: معجم الكتب ص (108).
(2)
الضوء اللامع (5/ 227).
(3)
السحب الوابلة ص (298).
(4)
الجوهر المنضد ص (99).
(5)
المرجع السابق ص (100).
وقال: وكان معظمًا عند الجماعة (1)، أي جماعة الحنابلة.
وقال أيضًا: "شيخ المذهب، وإمامه، ومصححه، ومنقحه"(2).
وقال العُليمي: "الشيخ الإمام، العالم العامل، العلامة المحقق المتفنن، أعجوبة الدهر، شيخ المذهب وإمامه، ومصححه ومنقحه، شيخ الإسلام على الإطلاق، ومحرر العلوم بالاتفاق، فقيه عصرنا وعمدته: علاء الدين أبو الحسن، ذو الدين الشامخ، والعلم الراسخ، صاحب التصانيف الفائقة"(3).
وقال أيضًا: "وما صحبه أحد إلا وحصل له النفع والخير، وكان رحمه اللَّه تعالى من أهل العلم والدين والورع والتواضع، وكان لا يتردد إلى أحد من أهل الدنيا، ولا يتكلم إلا فيما يعنيه، وكان الأكابر والأعيان والأماثل يقصدونه لزيارته والاستفادة منه والاستفتاء في الأمور المهمة والوقائع المشكلة، وحج إلى بيت اللَّه الحرام، وزار بيت المقدس مرارًا، ومحاسنه أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، وهو أعظم من أن ينبه مثلي على فضله"(4).
وقال ابن العماد: "الشيخ الإمام العلامة المحقق المفنن أعجوبة الدهر شيخ المذهب وإمامه ومصححه ومنقحه، بل شيخ الإسلام على الإطلاق، ومحرر العلوم بالاتفاق"(5).
وقال الشوكاني: "وهو عالم متقن، محقق لكثير من الفنون، منصف منقاد إلى الحق، متعفف ورع"(6).
(1) المرجع السابق ص (101).
(2)
معجم الكتب ص (107 - 108).
(3)
المنهج الأحمد (5/ 290).
(4)
المنهج الأحمد (5/ 292). وأخذها عنه ابن العماد في شذرات الذهب (4/ 341).
(5)
شذرات الذهب (4/ 340).
(6)
البدر الطالع (1/ 446).