الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
السنة
لغة: الطريقة، وشرعًا اصطلاحًا: قول النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن ولو بكتابةٍ، وفعلُه ولو بإشارةٍ.
وزيد: الهمُّ، وإقرارُه. وهو حجة للعصمة (1)، وهي: سلب القدرة على المعصية. وقيل: يَقْدِر ولكن يُصْرَف عنها.
وعند الأشعرية: توفيق عام.
والمعتزلة: خلق ألطاف تقرب إلى الطاعة، والجوزي (2): حفظ المحل بالتأثيم أو التضمين (3).
فامتناع المعصية منه صلى الله عليه وسلم قبل البعثة عقلًا مبني على التقبيح العقلي، فمن أثبته كالراوفض منعها، وقاله المعتزلة في الكبائر. ومن لا فلا (4).
وبعدها معصوم من تَعمُّد ما يُخِل بصدْقِه فيما دلت المعجزة على صدقه من رسالة وتبليغ إجماعًا، ولا تقع غلطًا وسهوًا عند الأكثر، وجوَّزه القاضي، والبَاقِلَّاني، والآمدي، وغيرهم (5).
(1) راجع: أصول ابن مفلح (1/ 322).
(2)
هو: محيي الدين، أبو محمد، يوسف بن عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، ابن الإمام جمال الدين ابن الجوزي الواعظ البغدادي الحنبلي، له: المذهب الأحمد في مذهب أحمد، والإيضاح لقوانين الاصطلاح في الجدل والمناظرة، ومعدن الإبريز في تفسير الكتاب العزيز، وغيرها. ولد سنة (580 هـ)، وتوفي مقتولًا سنة (656 هـ). راجع ترجمته في: ذيل طبقات الحنابلة (2/ 258 - 259).
(3)
انظر: الإيضاح لقوانين الاصطلاح لمحيي الدين بن الجوزي ص (122)، ط. مكتبة مدبولي بالقاهرة، الطبعة الأولى 1415 هـ/ 1995 م، بتحقيق محمود بن محمد السيد الدغيم - رسالة ماجستير سنة 1991 م.
(4)
راجع: أصول ابن مفلح (1/ 322).
(5)
راجع: المرجع السابق (1/ 323).
قال عِيَاض (1)، ومعناه لابن عَقِيل وغيره: لا يقع في الأقوال البلاغية إجماعًا، ثم لا يُقَرُّ عليه إجماعًا، فيُعلم به، قال الأكثر: على الفور، وأبو المعالي وغيره: مدة حياته (2).
وما لا يخل بصدقه فمعصوم من كبيرة (3)، ومما يوجب خِسَّةً أو إسقاط مروءة عمدًا إجماعًا، وجَوَّز القاضي والأكثر وقوعها سهوًا، ومنعه ابن أبي موسى، وجَوَّز الهمة (4).
وتجوز صغيرة عمدًا عند القاضي، وابن عَقِيل، وابن الزَّاغُوني، والأشعرية (5)، وقيل: لا.
وعند الحنفية: معصوم من معصية مقصودة، لا زَلَّة (6)، وتجوز سهوًا عند الأكثر. ومنع الأستاذ وجمع من محققي أصحابنا وغيرهم مطلقًا، وهو أنزه المذاهب.
(1) هو: أبو الفضل، عياض بن موسى بن عياض بن عمر، اليحصبي السبتي، عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته. ولد سنة (476 هـ)، وكان من أعلم الناس بكلام العرب وأنسابهم وأيامهم، استبحر في العلوم، وجمع وألَّف، وسارت بتصانيفه الركبان، واشتهر اسمه في الآفاق. توفي سنة (544 هـ). من مؤلفاته:"الشفا بتعريف حقوق المصطفى"، و"ترتيب المدارك وتقريب المسالك في معرفة أعلام مذهب الإمام مالك"، و"الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع" في مصطلح الحديث. راجع ترجمته في: سير أعلام النبلاء (20/ 212 - 218)، طبقات الحفاظ ص (470).
(2)
راجع: أصول ابن مفلح (1/ 324 - 325).
(3)
انظر: المرجع السابق (1/ 325).
(4)
راجع: المرجع السابق (1/ 327 - 328).
(5)
انظر: المرجع السابق (1/ 327).
(6)
انظر: المرجع السابق (1/ 328).
فصل
ما كان من أفعاله صلى الله عليه وسلم مختصًّا به فواضح.
أو جبليًّا فمباح (1)، قطع به الأكثر، وقيل: مندوب، وقيل: ممتنع.
وإن احتمل الجبليَّ وغيرَه؛ كجلسة الاستراحة، وركوبه في الحجِّ، ودخوله مكة من كَداء (2)، ولبسه السّبتي (3) والخاتم، وذهابه ورجوعه في العيد ونحوه؛ فمباح. وحُكِيَ عن الأكثر.
وقيل: بالوقف.
وقيل: مندوب، وهو أظهر. وهو ظاهر فعل أحمد؛ فإنه تسرَّى (4)، واختفى ثلاثًا، وقال:"ما بلغني حديث إِلا عملت به"، حتى أعطى الحجام دينارًا (5)، وورد عن الشافعي.
(1) راجع: أصول ابن مفلح (1/ 328 - 329).
(2)
كَداء (بفتح الكاف): ثنية بأعلى مكة عند المحصَّب، دار النبي صلى الله عليه وسلم ذي طوًى إليها. راجع: معجم البلدان (4/ 439 - 441).
(3)
يعني: النعال السبتية، وهي النعال المدبوغة أو محلوقة الشعر، وكانت من أفضل النعال في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. راجع: الفائق في غريب الحديث للزمخشري (2/ 148 - 149)، ط. دار المعرفة - بيروت، الطبعة الثانية، بتحقيق علي محمد البجاوي، ومحمد أبو الفضل إبراهيم.
(4)
يعني: اتخذ جارية مملوكة، وتسمى سُرِّيَّة، وتجمع على سَرَارِيّ. انظر: لسان العرب (14/ 378)، المعجم الوسيط (1/ 443). وقد ذكر صاحب "الجوهر المحصل في مناقب الإمام أحمد بن حنبل" ص (21)، ط. هجر سنة 1407 هـ/ 1987 م - أن الإمام أحمد تسرَّى بجارية يقال لها "حُسْن"، وأنه أنجب منها.
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (1/ 334).
وما كان بيانًا بقول؛ كـ "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"(1)، أو فعل عند الحاجة؛ كقطع من كوع، وغسل مرفق؛ فواجب عليه اتفاقًا.
وما علمت صفته من وجوب أو غيره فأصحابنا والأكثر: أمته مثله.
والقاضي وغيره في العبادات، وبعض أصحابنا وقف (2).
والبَاقِلَّاني: كالذي لم تعلم صفته.
والشيخ: يمكن وجوبه علينا لا عليه.
فائدة:
تُعْلَم الصفة بنصه وتسويته بفعل قد عُلمت جهته أو بقرينة تُبَيِّنُ صفةَ أحد الثلاثة (3).
ووقوعه بيانًا لجمل، أو امتثالًا لنصٍّ يدل على حكم.
وما لم تعلم صفته وقُصِد به القربة فواجب علينا وعليه عند أحمد، ومالك، وأكثر أصحابهما.
وعنه: مندوب. إختاره التميمي، والقاضي، وحُكِي عن الشافعي، والحنفية، والفخر.
وقيل: مباح. اختاره الفخر في جَدَلِه، والجصاص، وحُكِي عن مالك (4).
(1) رواه البخاري في الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، رقم (631) من حديث مالك بن الحويرث مرفوعًا.
(2)
راجع: أصول ابن مفلح (1/ 329 - 335).
(3)
في الهامش: الثلاثة هي: الوجوب والندب والإباحة. وراجع: التحبير (3/ 1468 - 1470).
(4)
راجع: أصول ابن مفلح (1/ 337 - 338).