الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر السخاوي في "الضوء اللامع" أنه ولد سنة (820 هـ) تقريبًا (1).
وتبعه في ذلك الشوكاني في "البدر الطالع"(2).
ونشأ بها، وحفظ القرآن الكريم، واشتغل بطلب العلوم الشرعية على مشايخ بلده، فتعلم الفقه والعربية والحساب والفرائض والأصول والتفسير وعلوم الحديث، ولازم المشايخ (3).
ولم تحدثنا المراجع التي ترجمت له عن أسرته أو تفاصيل نشأته، وغير ذلك من جوانب حياته.
وقد وصف هيئته تلميذُه جمال الدين يوسف بن عبد الهادي (المتوفى سنة 909 هـ) فذكر أنه كان طويل القامة، ليس بالرقيق ولا بالغليظ، يميل إلى سُمرة، وصوته حسن (4).
طلبه للعلم ورحلاته:
بدأ المرداوي بتحصيل العلوم الشرعية من مشايخ بلده "مَرْدا" فأخذ الفقه عن فقيهها الشهاب أحمد بن يوسف المرداوي، ثم خرج من بلده وهو شاب، فأقام بمدينة "الخليل" بزاوية الشيخ عمر المجرَّد رحمه الله، وقرأ بها القرآن، ثم قدم إلى "دمشق" ونزل بمدرسة الشيخ أبي عمر بالصالحية -التي كانت مأوى العلماء وموطن الصلحاء في ذلك العهد- وذلك قرابة سنة (838 هـ)، وجوَّد القرآن، ويقال: إنه قرأه بالروايات. وقرأ "المقنع" تصحيحًا على أبي الفرج عبد الرحمن بن
(1) انظر: الضوء اللامع (5/ 225).
(2)
انظر: البدر الطالع (1/ 446).
(3)
راجع: الضوء اللامع (5/ 225)، شذرات الذهب (4/ 340 - 341)، البدر الطالع (1/ 446).
(4)
انظر: الجوهر المنضد ص (101).
إبراهيم الطرابلسي وحفظه وغيره، كالألفية. وأدمن الاشتغال بالعلم وتجرع فاقةً وتقللا، واجتمع بالمشايخ وجدَّ في الاشتغال.
وتفقه على الشيخ تقي الدين بن قندس البعلي شيخ الحنابلة في وقته (المتوفى سنة 861 هـ)، ولازمه في الفقه وأصوله والعربية وغيرها، وكان مما قرأه عليه بحثًا وتحقيقًا "المقنع" في الفقه، و"مختصر الطوفي" في الأصول، و"ألفية ابن مالك". وكذا أخذ الفقه والنحو عن الزين عبد الرحمن أبي شَعَر (المتوفى سنة 844 هـ)، بل سمع منه التفسير للبغوي مرارًا، وقرأ عليه سنة (838 هـ) من شرح ألفية العراقي إلى الشاذ، وأخذ علوم الحديث أيضًا عن ابن ناصر الدين الدمشقي (المتوفى سنة 842 هـ)، وسمع عليه منظومته وشرحها بقراءة شيخه التقي. وأخذ الأصول أيضًا عن أبي القاسم الفويري حين لقيه بمكة، فقرأ عليه قطعة من كتاب ابن مفلح فيه، بل وسمع في العضد عليه، والفرائض والحساب والوصايا عن الشمس محمد بن إبراهيم السيلي خازن الضيائية، وانتفع به في ذلك جدًّا، ولازمه في ذلك أكثر من عشر سنين، بل وقرأ عليه "المقنع" في الفقه بتمامه بحثًا، والعربية والصرف وغيرهما عن أبي الروح عيسى البغدادي الحنفي نزيل دمشق، والحسن بن إبراهيم الصفدي ثم الدمشقي الحنبلي الخياط (المتوفى سنة 858 هـ) وغيرهما، وقرأ "البخاري" وغيره على أبي عبد اللَّه محمد بن أحمد الكركي الحنبلي، وسمع زين الدين بن الطحان (المتوفى سنة 845 هـ)، وشهاب الدين بن عبد الهادي، وغيرهما.
وحج مرتين وجاور فيهما، وسمع هناك على أبي الفتح المراغي (المتوفى سنة 859 هـ)، وحضر دروس برهان الدين بن مفلح (المتوفى سنة 884 هـ) وناب عنه. وكذا قدم بأخرة القاهرة، وأذن له قاضيها عز الدين الكناني (المتوفى سنة 876 هـ) في سماع الدعوى مدة إقامته بالقاهرة، وأكرمه وأخذ عنه فضلاء أصحابه بإشارته، بل وحضهم على تحصيل كتابه "الإنصاف" وغيره من تصانيفه، وأذن لمن شاء اللَّه منهم، واجتمع عليه الطلبة والفقهاء، وانتفعوا به.
وقرأ هو حينئذ على تقي الدين الشمني (المتوفى سنة 872 هـ)، وتقي الدين الحصني (المتوفى سنة 881 هـ) المختصر الأصولي بتمامه، والفرائض والحساب يسيرًا على شهاب الدين السِّجيني (المتوفى سنة 885 هـ)، وحضر دروس القاضي، ونقل عنه في بعض تصانيفه. وتصدَّى قبل ذلك وبعده للإقراء والإفتاء والتأليف ببلده وغيرها، فانتفع به الطلبة، وصار في جماعته في الشام فضلا.
وممن أخذ عنه في مجاورته الثانية بمكة قاضي الحرمين محيي الدين الحسني الفاسي (1).
وقد برع وفضل في فنون من العلوم، وانتهت إليه رياسة المذهب، وباشر نيابة الحكم دهرًا طويلا، فحسنت سيرته وعظم أمره (2).
وكان حريصًا على جمع الكتب -التي هي عدة طالب العلم والمشتغل به، يقول تلميذه ابن عبد الهادي:"وحصَّل كتبًا كثيرة، وتحت يده خزانة كتب الوقف بمدرسة شيخ الإسلام"(3)، يعني: مدرسة الشيخ أبي عمر بالصالحية.
ويقول السخاوي: "وأعانه على تصانيفه في المذهب ما اجتمع عنده من الكتب مما لعله انفرد به ملكًا ووقفًا"(4).
(1) راجع: الضوء اللامع (5/ 225 - 226)، الجوهر المنضد ص (100 - 101)، المنهج الأحمد (5/ 290 - 292)، شذرات الذهب (4/ 340 - 341)، مختصر طبقات الحنابلة للشطي ص (76).
(2)
راجع: المنهج الأحمد (5/ 290)، شذرات الذهب (4/ 341)، مختصر طبقات الحنابلة للشطي ص (76).
(3)
الجوهر المنضد ص (101).
(4)
الضوء اللامع (5/ 227).