المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أقسام:عدم التأثير - تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌أولا: التعريف بالكتاب

- ‌تحقيق عنوان الكتاب ونسبته إلى مؤلفه:

- ‌أهمية الكتاب ومدى اهتمام العلماء به:

- ‌عرض عام للكتاب:

- ‌سبب تأليف الكتاب:

- ‌مصادر الكتاب:

- ‌ثانيًا: التعريف بالمؤلف

- ‌نسبه ولقبه وكنيته:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم ورحلاته:

- ‌شيوخه وتلاميذه:

- ‌أولا: شيوخ المرداوي:

- ‌ثانيًا: تلاميذ المرداوي:

- ‌مؤلفاته وآثاره العلمية:

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌وفاته ودفنه:

- ‌ثالثا: منهج التحقيق

- ‌مخطوطات الكتاب:

- ‌المنهج المتبع في التحقيق:

- ‌موضوع أصول الفقه

- ‌المستدِلُّ:

- ‌فوائد:

- ‌فصلما عنه الذِّكْرُ الحُكْمِيُّ

- ‌فصلالاشتقاق:

- ‌فصلشَرْطُ المشتَّقِ

- ‌فصل الحروف

- ‌فصللا مناسبة ذاتية بين اللفظ ومدلوله

- ‌فائدتان:

- ‌خاتمة:طريق معرفة اللغة

- ‌الأدلة القولية قد تفيد اليقين

- ‌ لا يُعَارِضُ القرآنَ غيرُه بحال

- ‌فصل في الأحكام

- ‌الحُسْنُ والقُبْحُ

- ‌ مسألتان:

- ‌فوائد:

- ‌الثالثة: لا يوصف فِعلُ غيرِ مُكَلَّفٍ بحُسْنٍ ولا قُبْحٍ

- ‌تنبيهات:

- ‌الثالث: العقود ونحوها كالأعيان

- ‌فائدة:يستقر الوجوب عندنا بأول الوقت

- ‌فائدة:يجوز النهي عن واحد لا بعينه

- ‌فصللو كنى الشارع عن عبادة ببعض ما فيها

- ‌الصلاة في مغصوب:

- ‌فائدتان:

- ‌فصلخطاب الوضع:

- ‌فائدتان:

- ‌فصللا تكليف إِلَّا بفعل

- ‌فصللا يكلف معدوم حال عدمه

- ‌فصلالأمر بما عَلِم الآمر انتفاء شرط وقوعه

- ‌فائدة:يصح تعليق الأمر باختيار المكلف في الوجوب وعدمه

- ‌بابالكتاب:

- ‌بابالسنة

- ‌فائدتان:

- ‌بابالإجماع

- ‌فائدة:تابع التابعي مع التابعي كهو مع الصحابي

- ‌فصلإجماع أهل المدينة ليس بحجة

- ‌إن اختلفوا في مسألتين على قولين إثباتًا ونفيًا

- ‌تنبيه:لو مات أرباب أحد القولين لم يصر قول الباقي إجماعًا

- ‌فصلإذا اقتضى دليل حكمًا لا دليل له غيره امتنع عدم علم الأمة به

- ‌فصلارتداد الأمة جائز عقلًا

- ‌لا إجماع يضاد إجماعًا سابقًا

- ‌فصللا يصح التمسك بالإجماع فيما يتوقف صحة الإجماع عليه

- ‌فائدة:عشر حقائق تتعلق بمعدوم مستقبل

- ‌فائدتان:

- ‌الأولى: مدلول الخبر الحكم بالنسبة

- ‌فائدة:خبر التواتر لا يولد العلم

- ‌يمتنع كتمان أهل التواتر ما يحتاج إلى نقله

- ‌لو انفرد مخبر فيما تتوفر الدواعي على نقله

- ‌فائدة:لو تحمل صغيرًا عاقلًا ضابطًا، وروى كبيرًا قُبِل

- ‌لا تقبل رواية متساهل في الرواية

- ‌فائدة:لا تقبل رواية مجهول العين، وتزول بواحد

- ‌لا يقبل تعديل مبهم

- ‌فائدتان:

- ‌الثانية: الإخبار عن عام لا يختص بمعين

- ‌فائدتان:

- ‌فائدة:لم يذكروا أنه حجة لتقرير اللَّه تعالى

- ‌فائدتان:

- ‌الأولى: قول غير صحابي: عنه يرفعه، أو ينميه، أو يبلغ به، أو رواية

- ‌فائدة:يعمل بما ظن صحته من ذلك

- ‌من رأى سماعه ولم يذكره

- ‌فصللو كَذَّب أصل فرعًا

- ‌فصليسن نقل الحديث بكماله

- ‌فصلالمرسل:

- ‌بابالأمر:

- ‌فائدتان:

- ‌تنبيه:من قال بالتكرار قال بالفور

- ‌فائدتان:

- ‌الأمر بعد الاستئذان

- ‌ الأمر بماهية مخصوصة بعد سؤال تعليم

- ‌النهي بعد الأمر:

- ‌فصلالأمر بالأمر بالشيء ليس أمرًا به

- ‌الأمر بالصفة

- ‌ الأمر بالماهية الكلية إذا أتى بمسماها

- ‌فصلالأمران المتعاقبان

- ‌بابالنهي:

- ‌بابالعامُّ:

- ‌فصلالعموم من عوارض الألفاظ

- ‌فائدة:يقال للمعنى: أعم وأخص، وللفظ: عام وخاص

- ‌فائدتان:

- ‌الثانية: معيار العموم صحة الاستثناء من غير عدد

- ‌تنبيه:محل الخلاف في غير لفظ "جمع"، و"نحن"، و"قلنا"، و"قلوبكما" مما في الإنسان منه شيء واحد

- ‌فائدتان:

- ‌إن استقل الجواب وساوى السؤال تابعه في عمومه وخصوصه

- ‌إن كان أخص من السؤال اختص بالجواب، وإن كان أعم أو ورد عام على سبب خاص بغير سؤال اعتبر عمومه

- ‌فائدتان:

- ‌الثانية: جمع المشترك باعتبار معانيه مبني على جواز استعمال المفرد في معانيه

- ‌دلالة الاقتضاء والإضمار عامة

- ‌فصلفعله صلى الله عليه وسلم لا يعم أقسامه وجهاته

- ‌فصللا يلزم من إضمار شيء في المعطوف أن يُضْمَر في المعطوف عليه

- ‌ خطاب اللَّه تعالى للصحابة: هل يعمه صلى الله عليه وسلم

- ‌ خطابه صلى الله عليه وسلم لواحد من الأمة: هل يعم غيره

- ‌فصللفظ "الرجال" و"الرهط" لا يعم النساء، ولا العكس قطعًا

- ‌بابالتخصيص:

- ‌فصلالاستثناء المتصل:

- ‌فائدة:الاستثناء المنقطع

- ‌فصلاستثناء الكل باطل

- ‌تنبيهان:

- ‌الثاني: حيث بطل الاستثناء، واستثني منه رجع إلى ما قبله

- ‌تنبيهان:

- ‌الثاني: مثل بني تميم وربيعة أكرمهم، إلا الطوال للكل

- ‌فصلإذا عطف استثناء على استثناء

- ‌التخصيص بصفة

- ‌فصلالتخصيص بالمنفصل:

- ‌تنبيه:هذه المسألة ونحوها ظنية

- ‌لا يخص العام بمقصوده

- ‌إذا وافق خاصٌّ عامًّا لم يخصصه

- ‌رجوع الضمير إلى بعض العام لا يُخصِّصُه

- ‌بابالمطلق:

- ‌تنبيه:يحمل الأصل في الأصح، كالوصف

- ‌خاتمة:المطلق ظاهر الدلالة على الماهية

- ‌بابالمجمل:

- ‌فصللا إجمال في إضافة التحريم إلى العين

- ‌فصلاللفظ لمعنًى تارة، ولمعنيين أخرى

- ‌فصلالفعل والقول بعد المُجْمَل

- ‌بابالظاهر:

- ‌باب المنطوق والمفهوم

- ‌فائدتان:

- ‌ أحدها الصفة:

- ‌الثاني: التقسيم

- ‌الثالث: الشرط

- ‌الخامس: العدد لغير مبالغة

- ‌السادس: اللقب

- ‌فصلإذا خُصَّ نوع بالذكر بمدح أو ذم أو غيره مما لا يصلح للمسكوت فله مفهوم

- ‌فائدة:دلالة المفهوم كله بالالتزام

- ‌فصل" إنما" بالكسر: تفيد الحصر نطقًا

- ‌بابالنسخ:

- ‌فائدتان:

- ‌الأولى: لا نسخ مع إمكان الجمع

- ‌فصلأهل الشرائع على جوازه عقلًا، ووقوعه شرعًا

- ‌لا يجوز البَدَاء على اللَّه تعالى

- ‌تنبيه:لم تُنسخ إباحة إلى إيجاب، ولا إلى كراهة

- ‌لو ثبت حكم مفهوم المخالفة جاز نسخه

- ‌فصللا حكم للناسخ مع جبريل عليه السلام

- ‌فصلزيادة عبادة مستقلة من غير الجنس ليست نسْخًا

- ‌فصليستحيل تحريم معرفة اللَّه تعالى، إلا على تكليف المحال

- ‌ نسخ جميع التكاليف

- ‌بابالقياس:

- ‌فصلالنقض:

- ‌فصلالكسر:

- ‌العكس:

- ‌فصليجوز تعليل الحكم بعلل

- ‌يجوز تعليل حكمين بعلة بمعنى الأمارة

- ‌فائدة:ما حَكَمَ به الشارعُ مطلقًا، أو في عين، أو فَعَلَه أو أقرَّه لا يعلل بعلة مختصة بذلك الوقت

- ‌فصللا يشترط القطع بحكم الأصل، ولا بوجودها في الفرع

- ‌مسالك العلة

- ‌الأول: الإجماع

- ‌الثاني: النص

- ‌تنقيح المناط

- ‌فصلالثالث: السَبْرُ والتقسيمُ:

- ‌فائدة:لكل حكم علة عند الفقهاء

- ‌فصلالرابع: المناسبة والإخالة

- ‌فصلإذا اشتمل وصف على مصلحة ومفسدة

- ‌فصلالخامس: إثبات العلة بالشبه:

- ‌فصلالسادس: الدَّوَرَان:

- ‌فوائد:

- ‌الحكم المتعدي إلى الفرع بعلة منصوصة مراد بالنص

- ‌فائدتان:

- ‌فصلالقوادح

- ‌(2).فساد الاعتبار:

- ‌ أقسام:عدم التأثير

- ‌بابالاستدلال

- ‌فصلالاستصحاب:

- ‌فصلشرع من قبلنا:

- ‌فصلالاستقراء بالجزئي على الكلي

- ‌فصلالاستحسان:

- ‌فصلالمصالح المرسلة:

- ‌بابالاجتهاد:

- ‌المجتهد في مذهب إمامه:

- ‌فصلمن جهل وجود الرب، أو علم وجوده وفعل فعلًا، أو قال قولًا لا يصدر إلا من كافر إجماعًا فكافر

- ‌فصلالمصيب في العقليات واحد

- ‌تنبيه:الجزئية التي فيها نص قاطع المصيب فيها واحد وفاقًا

- ‌لا يأثم مجتهد في حكم شرعي اجتهادي

- ‌فصلليس لمجتهد أن يقول في مسألة في وقت واحد قولين متضادين

- ‌فصلمذهب أحمد ونحوه: ما قاله، أو جرى مجراه من تنبيه، وغيره، وكذا فعله، ومفهوم كلامه

- ‌فصليجوز أن يقال لنبي ومجتهد: احكم بما شئت فهو صواب

- ‌فصلإذا حدثت مسألة لا قول فيها ساغ الاجتهاد فيها

- ‌بابالتقليد:

- ‌فصليحرم التقليد في معرفة اللَّه تعالى، والتوحيد، والرسالة

- ‌من عدم مفتيًا فله حكم ما قبل الشرع

- ‌يلزم المفتي تكرير النظر عند تكرر الواقعة

- ‌لا يلزم التمذهب بمذهب، والأخذ برُخَصِه وعزائمه

- ‌لا يجوز للعامي تتبع الرخص

- ‌فصليجب أن يعمل المفتي بموجب اعتقاده فيما له وعليه

- ‌تنبيه:ينبغي أن يحفظ الأدب مع المفتي

- ‌تذنيب:كان السلف يهابون الفتيا

- ‌باب ترتيب الأدلة والتعادل والتعارض والترجيح

- ‌لا ترجيح في المذاهب الخالية عن دليل

- ‌فائدة:يقع الترجيح بين حدود سمعية ظنية مفيدة لمعان مفردة تصورية

- ‌خاتمة التحقيق

- ‌مراجع التحقيق

الفصل: ‌ أقسام:عدم التأثير

وقُسِّم أربعة‌

‌ أقسام:

عدم التأثير

في الوصف كصلاة لا تُقْصَر؛ فلا يُقدَّم أذانُها على وقتها، كالمغرب، فعدم القصر هنا طردي؛ فيرجع إلى سؤال المطالبة (1).

وعدمه في الأصل، كمبيع غير مرئي؛ فبطل، كالطير في الهواء، فالعجز عن التسليم مستقل، وهو مبني على تعليل الحكم بعلتين، ولم يقبله الفخر، وقبله المُوَفَّق وغيره، وهو معارضة في الأصل (2).

وعدمه في الحكم، وهو أنواع: أن لا يكون لذكره فائدة، كالمرتد مشرك أتلف مالًا في دار حرب؛ فلا ضمان، كحربي، فدار الحرب طردي؛ إذ من أوجب الضمان أو نفاه أطلق.

أو له فائدة ضرورية، كقول معتبر: عدد الأحجار في الاستجمار عبادة متعلقة بالأحجار، لم تتقدمها معصية فاعتبر فيها العدد كالجمار، فقوله: لم تتقدمها معصية لا أثر له، لكنه مضطر إلى ذكره لئلا ينتقض بالرجم.

أو غير ضرورية، كالجمعة صلاة مفروضة؛ فلم تفتقر إلى إذن كغيرها، فمفروضة حشو؛ إذ لو حذف لم ينتقض شيء، وقيل: لا للتنبيه على أن غير المفروض أولى أن لا يفتقر.

الرابع: عدمه في الفرع، كزوجت نفسها فلا يصح، كما لو زُوِّجَتْ بغير كفء، وهو كالثاني (3)، وقيل: كالثالث.

(1) راجع: المرجع السابق (3/ 1361).

(2)

راجع: المرجع السابق (3/ 1361 - 1362).

(3)

راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1363).

ص: 301

وهذا مبني على جواز الفرض في بعض صور المسألة، من جوَّزه رده، ومن منعه قبله، فالجواز للموفق، والمجد، والأكثر، والجواز بشرط بناء ما خرج عن محل الفرض عليه لقوم، والمنع لابن فُورَك، والمنع إن كان الوصف طردًا لابن الحاجب.

فعلى الجواز: يكفي قوله: ثبت الحكم في بعض الصور؛ فلزم ثبوته في الباقي، وقيل: لا؛ فلابد من ردِّ ما خرج عن محل الفرض إليه بجامع، وقيل: إن كان الفرض في صورة السؤال لم يحتج إليه، وإلا احتيج. واختار الفخر جواز الفرض من غير بناء، ومطابقة الجواب السؤال، ويجوز أعم (1).

وعندنا وعند الأكثر: إن أتى بما لا أثر له في الأصل لدفع النقض لم يجز، وقيل: بلى، وقيل: إن صححت العلة بالطرد.

وفي التمهيد ما يقتضي منع الإتيان به تأكيدًا (2).

وقال ابن عَقِيل: له ذكره تأكيدًا، أو لتأكيد العلة، فيتأكد الحكم، وللبيان، ولتقريبه من الأصل. وقال: إن جعل الوصف مخصِّصا لحكم العلة لم يصح في الأصح (3).

فائدة:

الفرض: أن يسأل عامًّا فيجيب خاصًّا، أو يفتي عامًّا ويدل خاصًّا، وقيل: تخصيص بعض صور النزاع بالدليل.

والتقدير: إعطاء الموجود حكم المعدوم، وعكسه.

(1) راجع: المرجع السابق (3/ 1364).

(2)

راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1365).

(3)

راجع: المرجع السابق (3/ 1366).

ص: 302

ومحل النزاع: الحكم المفتى به في المسألة المختلف فيها.

القدح في مناسبة الوصف بما يلزم من مفسدة راجحة أو مساوية، وجوابه بالترجيح (1).

والقدح في إفضاء الحكم إلى المقصود، كتعليل حرمة المصاهرة أبدًا بالحاجة إلى رفع الحجاب، فإذا تأَبَّد انسد باب الطمع، فيقال: سده يفضي إلى الفجور، وجوابه: أن التأبيد يمنع عادة، فيصير طبيعيًّا كرحم محرم (2).

كون الوصف خفيًّا، كتعليله صحة النكاح بالرضا، فيقال: خفي، والخفيُّ لا يُعرِّف الخفيَّ، وجوابه ضبطه بما يدل عليه من صيغة، كإيجاب وقبول، أو فعل (3).

كونه غير منضبط، كتعليله بالحِكَم والمقاصد، كرخص السفر بالمشقة، فيعترض باختلافها بالأشخاص والأزمان والأحوال، وجوابه بأنه منضبط بنفسه، أو بضابط للحكمة (4).

النقض: سبق، كالحُلِيِّ مال غير نام؛ فلا زكاة فيه، كثياب البذلة، فيعترض بالحُلِيِّ المحرَّم (5).

وجوابه: منع وجود العلة في صورة النقض، أو منع الحكم فيها، وليس للمعترض الدلالة على وجود العلة فيها، قاله الموفق، والطوفي. وقاله القاضي، وأبو الطيب، إلا أن يبيِّن مذهب المانع، وقيل: بلى، واختاره الآمدي إن تعذر الاعتراض بغيره،

(1) انظر: المرجع السابق.

(2)

راجع: المرجع السابق (3/ 1367).

(3)

راجع: المرجع السابق.

(4)

راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1367 - 1368).

(5)

راجع: المرجع السابق (3/ 1368).

ص: 303

واختاره بعضهم إن لم يكن طريق أولى بالقدح، ومنعه بعضهم في الحكم الشرعي (1).

قال أهل الجدل، وقوم: لو دل المستدل على وجود العلة بدليل موجود في صورة النقض فقال المعترض: ينتقض دليلك؛ فقد انتقل من نقض العلة إلى نقض دليلها، فلا يقبل. وفي الروضة: انتقل، ويكفي المستدل دليل يليق بأصله (2).

ولو قال المعترض ابتداءً: "يلزمك انتقاض علتك أو دليلها" قُبِلَ (3).

ولو منع المستدل تخلف الحكم في صورة النقض؛ ففي تمكين المعترض من الدلالة الخلاف في تمكينه ليدل على وجود العلة فيها (4).

وقال ابن بَرْهان: إن منع الحكم انقطع الناقض، وإن منع الوصف فلا. وحكي عن أبي الخَطَّاب، وابن عَقِيل (5).

ويكفي المستدل: لا أعرف الرواية فيها عند الأصحاب، وقيل: لا (6).

وفي التمهيد: إن قال: أنا أحملها على مقتضى القياس وأقول فيها كمسألة الخلاف، فإن كان إمامُه يرى تخصيص العلة لم يجز، وإلا الأظهر المنع أيضًا (7).

وفي الواضح: ليس له إلا أن ينقل عنه أنه علل بها فيجريها.

(1) راجع: المرجع السابق (3/ 1368 - 1369).

(2)

راجع: المرجع السابق (3/ 1369 - 1370).

(3)

انظر: المرجع السابق (3/ 1370).

(4)

انظر: المرجع السابق.

(5)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1370).

(6)

انظر: المرجع السابق (3/ 1371).

(7)

انظر: المرجع السابق.

ص: 304

وإن فسر المستدل لفظه بما يدفع النقض بخلاف ظاهره، كتفسير عامٍّ بخاصٍّ لم يقبل في الأصح (1).

ولو أجاب بالتسوية بين الأصل والفرع لدفع النقض قُبِلَ عند أكثر أصحابنا، والحنفية. وخالف ابن عَقِيل، والشافعية. وأجازه أبو الخَطَّاب إن جاز تخصيص العلة (2).

ولا يُلْزَمُ المستدِّل بما لا يقول به المعترض، كمفهوم، وقياس، وقول صحابي إلا النقض والكسر على قول من التزمهما، قاله أصحابنا، والشافعية، وغيرهم. وجوَّز بعضهم معارضته بعلة منتقضة على أصل المعترض، وقاله الشيخ إن قصد إبطال دليل المستدل، لا إثبات مذهبه. وقال ابن عَقِيل: إن احتج بما لا يراه، كحنفي لخبر واحد فيما تعم به البلوى، فقال: أنت لا تقول به، أجاب: أنت تقول به فيلزمك، فهذا قد استمر عليه أكثر الفقهاء، وعندي لا يحسن (3).

وإن نقض أحدهما علة الآخر بأصل نفسه لم يجز عند أصحابنا، والشافعية، وقيل: بلى. وقال الشيخ: هو كقياسه على أصل نفسه (4).

ولو زاد المستدل وصفًا معهودًا معروفًا في العلة لم يجز، ذكره أبو الخطاب، وابن عقيل، وقيل: بلى (5).

(1) انظر: المرجع السابق.

(2)

انظر: المرجع السابق (3/ 1372 - 1373).

(3)

راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1374 - 1375).

(4)

انظر: المرجع السابق (3/ 1375 - 1376).

(5)

راجع: المرجع السابق (3/ 1376).

ص: 305

ولا يُقْبَلُ النقض بمنسوخ، ولا بخاصٍّ بالنبي صلى الله عليه وسلم في الأصح، ولا برخصة ثابتة على خلاف مقتضى الدليل، ولا بموضع استحسان عند أصحابنا، والشافعية. وعند الشيخ: تنتقض المستنبطة إن لم يبين مانعًا (1).

ويجب احتراز المستدل في دليله عن النقض عند ابن عَقِيل، والمُوَفَّق، والطُّوفي، والفخر، وذكره عن معظم الجدليين. وقيل: إلا في المستثنيات. واختار ابن الحاجب وغيره: لا (2).

وإن احترز عن النقض بشرط ذكره في الحكم فالأصح يصح، اختاره أبو الخَطَّاب، وقال: إن احترز بحذف الحكم لم يصح (3).

الكسر: نقض المعنى، وسبق. وهو كالنقض (4).

المعارضة في الأصل، بمعنى آخر مستقل، كمعارضة علة الطُّعْم بالكيل، أو القوت، أو غير مستقل، كمعارضة القتل العمد العدوان بوصف الجارح، فالثاني مقبول عندنا، وعند الأكثر، وخالف قوم (5).

ولا يلزم المعترض بيان نفي وصف المعارضة عن الفرع، وقيل: بلى، واختاره الآمدي إن قصد الفرق، وإلا فلا، وقيل: إن صرح بنفيه لزمه (6).

(1) راجع: المرجع السابق (3/ 1377 - 1378).

(2)

راجع: المرجع السابق (3/ 1378).

(3)

راجع: المرجع السابق (3/ 1379).

(4)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1379).

(5)

انظر: المرجع السابق (3/ 1380 - 1381).

(6)

راجع: المرجع السابق (3/ 1382 - 1383).

ص: 306

ولا يحتاج وصف المعارضة إلى أصل عند أصحابنا، والأكثر (1).

وجوابها بمنع وجود الوصف أو الطالبة بتأثيره إن كان مثبتًا بمناسبة أو بشَبَه، لا بسبر، أو بخفائه، أو ليس منضبطًا، أو منع ظهوره، أو انضباطه، أو بيان أنه عدم معارض في الفرع، أو ملغي، أو أن ما عداه مستقل في صورة بظاهر نص أو إجماع (2).

واكتفى الموفَّق وغيره في استقلاله بإثبات الحكم في صورة دونه، وقيل: لا، قطع به ابن الحاجب وغيره (3).

فلو أبدى وصفًا آخر يقوم مقام ما ألغاه المستدل بثبوت الحكم دونه فسد الإلغاء، ويسمى تعدد الوضع لتعدد أصليهما.

وجواب إفساد الإلغاءِ الإلغاءُ إلى أن يقف أحدهما (4).

ولا يفيد الإلغاء لضعف المظنة بعد تسليمها (5).

ولا يكفي المستدل رجحان وصفة، خلافًا للآمدي (6).

أما إن اتفقا على كون الحكم معللا بأحدهما قدم الراجح، ولا يكفيه كونه متعديًّا (7).

(1) راجع: المرجع السابق (3/ 1383).

(2)

راجع: المرجع السابق (3/ 1383 - 1384).

(3)

راجع: المرجع السابق (3/ 1384 - 1385).

(4)

راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1385).

(5)

راجع: المرجع السابق (3/ 1386).

(6)

راجع: المرجع السابق.

(7)

راجع: المرجع السابق.

ص: 307

ويجوز تعدد أصول المستدل في الأصح؛ فيجوز اقتصار المعارضة على أصل واحد، وقيل: لا، وجزم به الواضح؛ فيجب اتحاد المعارض في الجميع، وقيل: لا؛ فللمستدل الاقتصار في جوابه على أصل واحد، وقيل: لا (1).

التركيب: سبق، كالبالغة أنثى، فلا تزوج نفسها، كبنت خمس عشرة، فالخصم يعتقد لصغرها، وهو صحيح في الأصح (2).

وقال الفخر: يرجع إلى منع الحكم في الأصل أو العلة، ثم هو غير صحيح (3).

التعدية: معارضة وصف المستدل بوصف آخر متعدٍ، كقوله في بكر بالغ: بكر فأجبرت، كبكر صغيرة، فيعترض بالصغر، وتعدِّيه إلى ثيِّب صغيرة. ويرجع إلى المعارضة في الأصل. وقال الآمدي: لا يخرج عنها، ولا أثر لزيادة التسوية في التعدية، خلافا للدَارَكي (4)(5).

منع وجود وصف المستدل في الفرع، كأمانِ عبدٍ أمانٌ صدر من أهله كالمأذون، فيمنع الأهلية، فيجيبه بوجود ما عناه بالأهلية في الفرع، كجواب منعه في الأصل، والأصح منع المعترض من تقرير نفي الوصف عن الفرع (6).

(1) راجع: المرجع السابق (3/ 1386 - 1387).

(2)

راجع: المرجع السابق (3/ 1387 - 1388).

(3)

انظر: المرجع السابق (3/ 1388).

(4)

هو: أبو القاسم، عبد العزيز بن عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز الدَارَكي، الفقيه الشافعي، أخذ الفقه عن أبي إسحاق المروزي، وعليه تفقه الشيخ أبو حامد الإسفرايني بعد موت أبي الحسن بن المرزبان، وأخذ عنه عامة شيوخ بغداد وغيرهم من أهل الآفاق، وله في مذهب الشافعي وجوه جيده دالة على متانة علمه. توفي ببغداد سنة (375 هـ). راجع ترجمته في: طبقات الفقهاء ص (125 - 126)، سير أعلام النبلاء (16/ 404 - 406)، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/ 141).

(5)

راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1388).

(6)

انظر: المرجع السابق (3/ 1389).

ص: 308

المعارضة في الفرع بما يقتضى نقيضَ حكم المستدل بأحد طرق العلة يُقْبَلُ عندنا، وعند الأكثر. وجواب المستدل بما يعترض به المعترض ابتداءً، ويُقْبَلُ الترجيح بوجه ترجيح عند أصحابنا، وغيرهم؛ فيتعين العمل به، وهو المقصود، ولا يلزم المستدل الإيماءُ إلى الترجيح في دليله، خلافًا لقوم فيهما (1).

الفرق: راجع إلى المعارضة في الأصل أو الفرع، وقيل: بل إليهما معًا؛ فلهذا لا يقبل، وقيل: بلى، فهما سؤالان جاز الجمع بينهما. وقيل: واحد. وقال ابن عَقِيل: يحتاج الفرق القادح في الجمع إلى دلالة وأصل، كالجمع، وإلا فدعوى بلا دليل، خلافا لقوم، وإن أحب إسقاطه عنه طالب المستدل بصحة الجمع (2).

اختلاف الضابط في الأصل والفرع، كتسبَّبوا بالشهادة، فوجب القَوَد، كالمكره فيقال (3): ضابط الفرعِ الشهادةُ، والأصلِ الإكراهُ، فلا يتحقق تساويهما، وجوابه بيان أن الجامع التسبب المشترك بينهما، وهو مضبوط عرفًا، أو بأن إفضاءه في الفرع مثله أو أرجح (4).

(1) راجع: المرجع السابق (3/ 1389 - 1390).

(2)

راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1390).

(3)

كتب الناسخ في هامش الأصل بجوارها: (إنما لم نذكر من القوادح ما ذكره ابن الحاجب وغيره، وهو اختلاف جنس المصلحة؛ اكتفاء بذكر الضابط؛ لأن تعدد الضابط في الأصل والفرع تارة يكون مع اتحاد المصلحة، وتارة يكون مع اختلافها، فإذا قدح مع الاتحاد؛ فلأن يقدح مع اختلاف الجنس في التأثير أولى؛ فإنه يحتمل جهتين في التفاوت: جهة في كمية المصلحة ومقدارها، وجهة في إفضاء ضابطها إليها، فالتساوي يكون أبعد. ذكره البرماوي، [] في التكملة). وما بين المعقوفين كلمة لم نستطع قراءتها، وبعض كلماته غير تامة لكتابتها على حافة الورقة، وأكملناها من التحبير (7/ 3657).

(4)

راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1392).

ص: 309

ومنه: أولج في فرجٍ مشتهًى طبعًا محرَّمٍ شرعًا فحُدَّ كزانٍ، فيقال: حكمة الفرع الصيانة عن رذيلة اللواط، وحكمة الأصل دفع محذور اشتباه الأنساب، وقد يتفاوتان في نظر الشرع، وحاصله: معارضة في الأصل، وجوابه بحذفه عن الاعتبار (1).

مخالفة حكم الفرع لحكم الأصل، وجوابه: ببيان اتحاد الحكم عينًا، كصحة البيع على النكاح، والاختلاف عائد إلى المحل، واختلافه شرط فيه، أو جنسًا، كقطع الأيدي باليد، كالأنفس بالنفس (2).

وتعتبر مماثلة التعدية، ذكره القاضي، والموفق، وغيرهما. واختار أبو الخطاب، والحنفية: لا، وحكي عن القاضي (3).

وإن اختلف الحكم جنسًا ونوعًا، كوجوب على تحريم، ونفي على إثبات، وبالعكس فباطل (4).

القلب: تعليق نقيض الحكم أو لازمه على العلة إلحاقًا بالأصل، فهو نوع معارضة عند أصحابنا، وبعض الشافعية، وحكي عن الأكثر. وقيل: إفساد، وقيل: تسليم للصحة، اختاره الآمدي وغيره (5).

فمنه: قلب لتصحيح مذهبه، مع إبطال مذهب المستدل صريحًا، كبيع فضولي عقد في حق الغير بلا ولاية؛ فلا يصح كالشراء، فيقال: عقد؛ فيصح كالشراء.

(1) راجع: المرجع السابق (3/ 1393).

(2)

راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1393 - 1394).

(3)

راجع: المرجع السابق (3/ 1394).

(4)

انظر: المرجع السابق (3/ 1396).

(5)

راجع: المرجع السابق (3/ 1397 - 1400).

ص: 310

أو غيره، كالاعتكاف لبث محض، فلا يكون قربة بنفسه، كالوقوف بعرفة، فيقال: فلا يعتبر فيه الصوم، كالوقوف.

وقلب لإبطال مذهب المستدل فقط صريحًا، كالرأس (1) ممسوح، فلا يجب استيعابُه كالخف، فيقال: فلا يتقدَّر بالربع كالخف.

أو لزومًا، كبيع غائب عقد معاوضة، فيصح مع جهل المعوَّض كالنكاح، فيقال: فلا يعتبر فيه خيار رؤية (2)، كالنكاح، فإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم.

وقلب المساواة، خلافًا للبَاقِلَّاني، والسَّمْعاني، كالخل مائع طاهر (3) مزيل كالماء، فيقال: يستوي فيه الحدث والخبث كالماء.

ومنه: قول أبي الخطاب، والشيخ، وغيرهما: يصح جعل المعلول علة، وعكسه، كمن صح طلاقُه صح ظهارُه، وعكسه، فالسابق علة الآخر لا يفسد العلة عند أصحابنا، وأكثر الشافعية. وخالف الحنفية، وغيرهم.

وزِيدَ قلب الدعوى مع إضمار الدليل فيها، ككل موجود مرئي، فيقال: كل ما ليس في جهة ليس مرئيًّا، فدليل الرؤية الوجود، وكونه لا في جهة دليل منعها، أو مع عدمه، كشكر المنعم واجب لذاته، فيقلبه (4).

(1) في هامش الأصل: (وقال في المقنع: كقول حنفي في مسح الرأس: عضو من أعضاء الطهارة؛ فلم يكف أقل مسمى، كبقية الأعضاء، فيقول القالب: عضو من أعضاء الطهارة فلا يتقدَّر بالربع، كسائر الأعضاء). وانظر أيضًا: التحبير (7/ 3667).

(2)

في هامش الأصل: (قال ابن حمدان في المقنع: فإنه يدل على نفي الصحة بانتفاء لازمها عند القائل بها، وهو خيار الرؤية. انتهى).

(3)

في هامش الأصل: (قال في المقنع: إذ يلزم من التسوية في الخل بين الحدث والخبث عدم حصول الطهارة بالخل في الخبث؛ لعدم حصولها في الحدث، ورده الآمدي). وانظر: الإحكام للآمدي (4/ 115).

(4)

راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1402 - 1403).

ص: 311

وقلب الاستبعاد، كالإلحاق تحكيم الولد فيه تحكم بلا دليل، فيقال: تحكيم القائف تحكم بلا دليل (1).

وقلب الدليل على وجه يكون ما ذكره المستدل يدل عليه لا له، كـ "الخال وارث من لا وارث له"(2)، فيقال: يدل على أنه لا يرث بطريق أبلغ؛ لأنه نفي عام، مثل: الجوع (3) زاد من لا زاد له (4)، وفيه نظر.

القول بالموجَب (5): تسليم مقتضى الدليل مع بقاء النزاع. وهو ثلاثة أنواع:

(1) راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1403).

(2)

رواه أبو داود في الفرائض، باب في ميراث ذوي الأرحام، رقم (2899، 2901)، وابن ماجه في الديات، باب الدية على العاقلة، رقم (2634)، وفي الفرائض، باب ذوي الأرحام، رقم (2738)، وأحمد (4/ 131، 133)، والحاكم في المستدرك (4/ 382) من حديث المقدام، قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ورواه الترمذي في الفرائض، باب ما جاء في ميراث الخال، رقم (2104)، والنسائي في الكبرى (4/ 76)، والحاكم (4/ 383) من حديث عائشة، قال الترمذي: حسن غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ورواه أيضًا ابن ماجه في الفرائض، باب ذوي الأرحام، رقم (2737)، وأحمد (1/ 28، 46)، والنسائي في الكبرى (4/ 76) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

(3)

في هامش الأصل: (قال في المقنع: قوله: الجوع زاد من لا زاد له، والصبر حيلة من لا حيلة له، والخال وارث من لا وارث له، ينفي إرثه، فإن أراد نفي كل وارث سوى الخال بطل بإرث الزوج والزوجة، وإن أراد نفي كل وارث عصبة فلا فائدة في تخصيص الخال بالذكر دون بقية ذوي الأرحام، ويشبه فساد الوضع). وبعض الكلمات غير واضحة بالأصل، وانظر: التحبير (7/ 3674).

(4)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1403 - 1404).

(5)

في هامش الأصل: (الموجَب: بفتح الجيم، أي: بما أوجبه دليل المستدل واقتضاه، وأما الموجِب بكسر الجيم فهو الدليل، وهو غير مختص بالقياس، فال البرماوي في الإيجاب [] الإيجاب، موجَب بالفتح اسم مفعول، ويوجب لأنه مضارع أوجبت). وما بين المعقوفين كلمات لم نستطع قراءتها. وانظر: التحبير (7/ 3675).

ص: 312

الأول: أن يستنتج المستدل ما يتوهمه محل النزاع، أو لازمه، كالقتل بالمثقَّل قتل بما يقتل غالبًا، فلا ينافي القود كالمُحدَّد، فيقال: عدم المنافاة ليس محل النزاع ولا لازمه (1).

الثاني: أن يستنتج إبطال ما يتوهمه مأخذ الخصم، كالتفاوت في الوسيلة لا يمنع القود، كالمتوسَّل إليه، فيقال: لا يلزم من إبطال مانع عدم كل مانع ووجود الشروط والمقتضي، ويصدق المعترض في قوله: ليس هذا مأخذي، وقيل: لا، وأجازه جمع من أصحابنا، منهم الفخر، وقال: فإن أبطله المستدل، وإلا انقطع (2).

الثالث: أن يسكت في دليله عن صغرى قياسه، وليست مشهورة، كـ "كل قُربة شرطها النية"، ويسكت عن "والوضوء قربة"، فيقول المعترض: أقول بموجبه، ولا ينتج، ولو ذكرها لم يرد إلا منعها (3).

وجواب الأول: بأنه محل النزاع أو لازمه، والثاني: أنه المأخذ لشهرته، والثالث: بجواز الحذف، ويجاب في الجميع بقرينة أو عهد، ونحوه (4).

وفي الإثبات، كالخيل حيوان يسابق عليه ففيه الزكاة، كالإبل، فيقال بموجبه في زكاة التجارة، فيجاب بلام العهد، والسؤال عن زكاة السوم لا يصح عند أبي الخطاب، وابن عقيل. وصححه الموفق وغيره (5).

(1) راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1404).

(2)

راجع: المرجع السابق (3/ 1405).

(3)

راجع: المرجع السابق (3/ 1405 - 1406).

(4)

راجع: المرجع السابق (3/ 1406).

(5)

راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1406 - 1407).

ص: 313

فائدة:

ترد الأسئلة على قياس الدلالة، إلا ما تعلق بمناسبة الجامع، وكذا قياس في معنى الأصل، ولا يرد عليه ما تعلق بنفس الجامع (1).

خاتمة

تتعدد الاعتراضات من جنس اتفاقًا، وكذا من أجناس، إلا عند أهل سمرقند، ومنع الأكثر المرتَّبة، ويكفي جواب آخرها، قاله القاضي، وجمع. وجوَّزه الأستاذ، والفخر، والآمدي، وابن الحاجب، فيقدَّم الاستفسار، ثم فساد الاعتبار، ثم الوضع، ثم ما تعلق بالأصل، ثم العلة، ثم الفرع، ويقدَّم النقض على المعارضة (2).

وأوجب ابن المَنِّي، والفخر ترتيب الأسئلة، فاختارا فساد الوضع، ثم الاعتبار، ثم الاستفسار، ثم المنع، ثم المطالبة، وهو منع العلة في الأصل، ثم الفرق، ثم النقض، ثم القول بالموجَب، ثم القلب، ورَدَّا التقسيمَ إلى الاستفسار، أو الفرق (3).

وعن ابن عَقِيل، وابن البَنَّا، وابن المَنِّي، وأكثر الجدليين: لا يطالبه بطرد دليل، إلا بعد تسليم ما ادعاه من دلالته، فلا ينقضه حتى يسلمه، فلا يقبل المنع إلا بعد التسليم (4).

وعن ابن عقيل: الجواب إذا زاد أو نقص لم يطابق، ويجيب قوم بمثله ويعدونه جوابًا، ولو سئل عن المذهب فذكر دليله فليس بجواب محقق، كما لا يخلط السؤال عن المذهب بالسؤال عن دليله، والصحيح خلاف هذا، وعليه الأكثر (5).

(1) راجع: المرجع السابق (3/ 1407 - 1408).

(2)

راجع: المرجع السابق (3/ 1408 - 1410).

(3)

راجع: المرجع السابق (3/ 1410).

(4)

راجع: أصول ابن مفلح (3/ 1410).

(5)

انظر: المرجع السابق (3/ 1411).

ص: 314

فائدة:

الجدل: فتل الخصم عن قصده لطلب صحة قوله وإبطال غيره.

وهو مأمور به على وجه الإنصاف وإظهار الحق، دلَّ عليه القرآن، وفعله الصحابة والسلف، وحكي إجماعًا. قال البربهاري: الستر شد كلِّمْه وأَرْشِدْه، والمناظر احذروه؛ فإن في المناظرة المراء والجدال والغلبة والخصومة والغضب، وهو يزيل عن طريق الحق. ولم يبلغنا عن أحد من علمائنا أنه فعله، وفيه غلق باب الفائدة، والمجالسة للمناصحة فتح باب الفائدة (1).

وقال بعض المحققين: إذا كانت مجالس النظر مشحونة بالمحاباة لأرباب المناصب تقرُّبًا، وللعوام تخوُّنًا، وللنظراء تعمُّلًا وتجملًا، ثم إذا لاح دليل خونتم اللائح وأطفأتم مصباح الحق الواضح، هذا واللَّه الإياس من الخير، مصيبة عمت العقلاء في أديانهم، ما ذاك إلا أنهم لم يَشَمُّوا رائحة اليقين (2).

وفي الواضح: لولا ما يلزم من إنكار الباطل، واستنقاذ الهالك بالاجتهاد في ردِّه عن ضلالته لما حسنت المجادلة للإيحاش فيها غالبًا، ولكن فيها أعظم النفعة إذا قصد بها نصرة الحق أو التَقَوِّي على الاجتهاد، ونعوذ باللَّه من قصد المغالبة، وبيان الفراهة (3).

وقال ابن الجوزي: طلب الرئاسة والتقدم بالعلم يهلك (4).

(1) راجع: المرجع السابق (3/ 1411 - 1412).

(2)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1412).

(3)

انظر: المرجع السابق (3/ 1412 - 1413).

(4)

انظر: المرجع السابق (3/ 1418).

ص: 315

وقال ابن هُبَيْرة: الجدل الذي يقع بين أرباب المذاهب أوفق ما يحمل الأمر فيه بأن يخرج مخرج الإعادة والدرس، فأما اجتماع جمع متجادلين في مسألة مع أن كلا منهم لا يطمع أن يرجع إن ظهرت حجة، ولا فيه مؤانسة ومودة وتوطئة القلوب لوعي حق، بل هو على الضد فمحدث مذموم (1). انتهى.

فلو بان له سوء قصد خصمه توجه تحريم مجادلته (2).

وقال قوم: يجوز أن يطلب المذهب، لا وضع مذهب، ويطلب له دليلا (3).

قال ابن عَقِيل: ويبدأ كل منهما بحمد اللَّه والثناء عليه، قال: وللسائل إلجاؤه إلى الجواب، فيجيب أو يبين عجزه، وليس له الجواب تعريضًا لمن أفصح به، وعليه أن يجيبه فيما بينه وبينه فيه خلاف لتظهر حجته، والكلام في هذا الشأن إنما يُعوَّل فيه على الحجة لتظهر، والشبهة لتبطل، وإلا فهدر، وهو الذي رفعت بشؤمه ليلة القدر، وإليه انصرف النهي عن "قيل وقال"(4).

وللسائل أن يقول: لم ذاك؟ فإن قال: لأنه لا فرق، قال: دعواك لعدم الفرق كدعواك للجمع ونخالفك فيهما، فإن قال: لا أجد فرقًا، قال: ليس كل ما لم تجده يكون باطلا (5).

وقال الفخر، والجوزي: يشترط الانتماء إلى مذهب ذي مذهب للضبط. زاد الفخر: وإن كان الأليق بحاله التجرد عن المذاهب، وأن لا يسأل عن أمر جليٍّ فيكون معاندًا،

(1) انظر: المرجع السابق (3/ 1413 - 1414).

(2)

انظر: المرجع السابق (3/ 1416).

(3)

انظر: المرجع السابق (3/ 1413).

(4)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1418 - 1419).

(5)

انظر: المرجع السابق (3/ 1420).

ص: 316

قال: ويكره اصطلاحًا تأخير الجواب عن السؤال كثيرًا، وقيل: ينقطع. ويعزو الحديث إلى أهله (1).

ويعرف انقطاع السائل بعجزه عن بيان السؤال، وطلب الدليل، وطلب وجه الدليل، وطعنه في دليل المستدل ومعارضته، وانتقاله إلى دليل آخر، أو مسألة أخرى قبل تمام الأول. قال أبو الخطاب: ومن الانتقال ما ليس انقطاعًا، كمن سئل عن رد اليمين فبناه على الحكم بالنكول، أو عن قضاء صوم نفل فبناه على لزوم إتمامه (2).

وإن طالبه السائل بدليل على ما سأله فانقطاع منه لبناء بعض الأصول على بعض، وليس لكلها دليل يخصه (3).

وانقطاع المسئول بعجزه عن الجواب، وإقامة الدليل، وتقوية وجه الدليل، ودفع اعتراضه (4).

وانقطاعهما بجحد ما عرف من مذهبه، أو ثبت بنص أو إجماع، وليس مذهبه خلاف النص، وعجزه عن تمام ما شرع فيه، وخط كلامه على وجه لا يفهم، وسكوته سكوت حيرة بلا عذر، وتشاغله بما لا يتعلق بالنظر، وغضبه أو قيامه في غير مكانه، وسفهه على خصمه (5).

وظهر من ذلك القطع بالشغب بالإيهام بلا شبهة، وقاله ابن عَقِيل وغيره، وقال: إن تمادى أعرض عنه، وهو الأولى بذي الرأي والعقل، ولاسيما إن أوهم الحاضرين

(1) راجع: المرجع السابق (3/ 1420 - 1421).

(2)

انظر: المرجع السابق (3/ 1421 - 1422).

(3)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1422).

(4)

انظر: المرجع السابق (3/ 1422).

(5)

انظر: المرجع السابق.

ص: 317

أنه سالك طريق الحجة، وبالاستفسار عما لا يستفهم عن مثله (1).

وفي الفصول: لا ينبغي أن يصيح على الخصم في غير موضعه (2).

وفي الواضح: احذر الكلام في مجالس الخوف، والتي لا إنصاف فيها، وكلام من تخافه أو تبغضه أو لا يفهم عنك، واستصغار الخصم، ولا ينبغي كلام من عادته ظلم خصمه، والهزء والتشفي لعداوته، والمترصد للمساوئ والتحريف والتزيد والبهت. وكل جدل وقع فيه ظلم الخصم اختل فينبغي أن يحترز منه. عليك بالصبر والحلم، ولا تنقص بالحلم إلا عند جاهل، ولا بالصبر على شغب المسائل إلا عند غبي، وترتفع في نفوس العلماء، وتنبل عند أهل الجدل. ومن خاض في الشغب تعوده، ومن تعوده حرم الإصابة، واستروح إليه، ومن عُرِفَ به سقط سقوط الذرَّة. ومن عرف لرئيس فضله، وغفر زلة نظير، ورفع نفسه عن دنيٍّ سلم من الغضب، وفاز بالظفر. ولا رأي لغضبان، ومع هذا فلا يسلم أحد من الانقطاع إلا من عصمه اللَّه (3).

وليس حد العالم كونه حاذقًا بالجدل فإنه صناعة، والعلم صناعة، وهو مادة الجدل، والمجادل يحتاج إلى العالم، ولا عكس، وينبغي أن يحترز في كل جدل من حيلة الخصم (4).

وأدب الجدل يزين صاحبه وتركه يشينه، ولا ينبغي أن ينظر لما اتفق لبعض من تركه من الحظوة في الدنيا، فإنه إن كان رفيعًا عند الجهال فهو ساقط عند ذوي الألباب (5).

(1) انظر: المرجع السابق (3/ 1422 - 1423).

(2)

انظر: المرجع السابق (3/ 1423).

(3)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1423 - 1424).

(4)

انظر: المرجع السابق (3/ 1424).

(5)

انظر: المرجع السابق.

ص: 318

ولا تغتر بخطأ الخصم في مذهب؛ فإنه لا يدل على الخطأ في غيره، وإن صدَّ عن الجدل آفة، كتقبيحه، وعدم النفع والتقليد، والإلف والعادة، ومحبة الرئاسة، والميل إلى الدنيا، والمفاخرة أزالها (1).

ويجب لكل منهما الإجمالُ في خطابه، وإقباله عليه، وتأمله لما يأتي به، وترك قطع كلامه، والصياح في وجهه، والحدة والضجر عليه، والإخراج له عما عليه، والاستصغار له، وإذا نفرت النفوس عميت القلوب، وخمدت الخواطر، وانسدت أبواب الفوائد (2).

ورياضة الأدون واجبة على العلماء، وتركه سدًى مضرة له؛ فإن عُوِّد لترك ما يستحقه الأعلى أخلد إلى خطئه، ولم يزعه عن الغلط وازع، ومقام التعلم والتأدب تارة بالعنف، وتارة باللطف؛ لئلا يفوت أحدهما (3).

وانتقال السائل (4) انقطاع عند الأكثر، وخالف الشيخ، والشاشي (5)، وقال: لو

(1) انظر: المرجع السابق (3/ 1425).

(2)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1425).

(3)

انظر: المرجع السابق.

(4)

في هامش الأصل: (قال ابن عقيل في الواضح: والانتقالات التي ينقطع بها أربعة: انتقال من مذهب إلى مذهب، ومن علة إلى علة، ومن إلزام إلى إلزام، ومن تسليم إلى ممانعة).

(5)

هو: أبو بكر، محمد بن علي بن إسماعيل، الشاشي، المعروف بالقفال الكبير -تفرقة بينه وبين القفال المروزي حيث يلقب بالقفال الصغير- من أكابر علماء عصره بالفقه والحديث واللغة والأدب. ولد في الشاش سنة (291 هـ)، وهو أول من صنف في الجدل الحسن من الفقهاء، وعنه انتشر مذهب الشافعي في بلاده. توفي سنة (365 هـ)، وقيل:(336 هـ). من مؤلفاته: "أصول الفقه"، و"محاسن الشريعة"، و"شرح رسالة الشافعي". راجع ترجمته في: طبقات الفقهاء ص (209 - 210)، سير أعلام النبلاء (16/ 283 - 285).

ص: 319

ظننته لازمًا فمكنوني من سؤال آخر؛ فخلاف. قال: والأصح يمكن من أدنى، وفي أعلى قولان (1).

قال: وترك المسئول الدليل لعجز فهم السائل ليس انقطاعًا؛ لقصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام. وقيل: بلى. قال ابن عَقِيل: لما قابل نمرود (2) قول الخليل عليه الصلاة والسلام في الحياة الحقيقية بالحياة المجازية انتقل إلى دليل لا يمكنه يقابل الحقيقة فيه بالمجاز، ومن انتقل من دليل غامض إلى واضح؛ فليس انقطاعًا (3).

وقال أيضًا: انتقل إلى دليل أوضح في تعجيزه (4).

وقال ابن الجوزي: رأى ضعف فهمه لمعارضته اللفظ بمثله مع اختلاف الفعلين فانتقل إلى حجة أخرى قصدًا لقطعه، لا عجزًا (5).

وقال ابن التِّلِمْساني (6): قد يستفاد بالفرض تضييق مجاري الاعتراض على الخصم؛

(1) انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1426).

(2)

هو: النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح، وقيل: نمرود بن فالح بن عابر بن صالح بن أرفخشد بن سام بن نوح، قال مجاهد وغيره:"كان أحد ملوك الدنيا فإنه قد ملك الدنيا فيما ذكروا أربعة: مؤمنان وكافران، فالمؤمنان ذو القرنين وسليمان، والكافران النمرود وبختنصر". ذكر أنه تملك بيت المقدس، فأقبل عليه ابن قحطان وقتله. راجع ترجمته في: تاريخ الطبري (1/ 126، وما بعدها)، ط. دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى 1407 هـ، البداية والنهاية (1/ 197).

(3)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1426 - 1427).

(4)

انظر: المرجع السابق (3/ 1427).

(5)

انظر: المرجع السابق.

(6)

هو: شرف الدين، أبو محمد، عبد اللَّه بن محمد بن علي الفهري المصري، العروف بابن التلمساني، الفقيه الشافعي الأصولي، تصدر للإقراء بمصر واشتهر بها، توفي سنة (658 هـ). له:"شرح المعالم"، و"شرح التنبيه" ولم يكمله، وغيرهما. راجع ترجمته في: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/ 107).

ص: 320

ولهذا عدل الخليل عليه الصلاة والسلام في تقرير الاستدلال بالأثر على المؤثر إلى الأوضح عنده.

قال الشيخ: حاصله جواز الانتقال لمصلحة، وليس انقطاعًا (1).

قال ابن عَقِيل: الانتقال عن السؤال هو الخروج عما يوجبه أوله من ملازمة السنن فيه (2).

* * *

(1) انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1427).

(2)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1427).

ص: 321