المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الأموال المأخوذة من العدو] - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني - جـ ٢

[العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي الْجِهَادِ]

- ‌[الْأَمْوَالِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَدُوِّ]

- ‌بَابٌ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُور]

- ‌[الْأَيْمَانِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْكَفَّارَةُ) فِي الْيَمِينِ

- ‌[النُّذُور وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌ تَكَرُّرِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِ تَكَرُّرِهَا بِتَكَرُّرِ الْيَمِينِ

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاح]

- ‌ الصَّدَاقُ

- ‌[الْوِلَايَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَرَاتِبِ الْأَوْلِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّيِّبِ

- ‌ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ

- ‌ الْأَنْكِحَةَ الْفَاسِدَةَ

- ‌[حُكْمَ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ]

- ‌ مُوجِبَ النَّفَقَةِ

- ‌نِكَاحُ التَّفْوِيضِ

- ‌[اخْتِلَاف دِين الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ نِكَاحِهَا

- ‌ شُرُوطِ الْوَلِيِّ

- ‌[الطَّلَاقِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاقَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌ الرَّجْعَةِ

- ‌ الْخُلْعِ

- ‌[أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْإِيلَاءِ]

- ‌[بَابٌ فِي الظِّهَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌ صِفَةُ اللِّعَانِ

- ‌[أَحْكَامٍ اللِّعَان]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَنَفَقَةِ الْمُطَلَّقَة]

- ‌[حُكْم الْإِحْدَادُ]

- ‌[أَحْكَام الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[نَفَقَة الْمُطَلَّقَة]

- ‌[أَحْكَام الرَّضَاعَة]

- ‌[أَحْكَام الْحَضَانَةُ]

- ‌[بَاب النَّفَقَة]

- ‌ بَابٌ فِي الْبُيُوعِ

- ‌[الربا وَأَنْوَاعه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَسَائِلَ مَمْنُوعَةٍ فِي الْبَيْع]

- ‌[خِيَار النَّقِيصَة]

- ‌ خِيَارِ التَّرَوِّي

- ‌ حُكْمِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ

- ‌[تَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَتَأْخِيرِهِ بِزِيَادَةٍ]

- ‌ الزِّيَادَةِ فِي الْقَرْضِ عِنْدَ الْأَجَلِ

- ‌ تَعْجِيلِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ

- ‌[بَيْع الثمر قَبْل بدو صلاحه]

- ‌[مَسَائِل مُتَنَوِّعَة فِي الْبَيْع]

- ‌[السَّلَم وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ مَسَائِلِ بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌ بَيْعِ الْجُزَافِ

- ‌[سَوْم الْإِنْسَان عَلَيَّ سَوْم أخيه]

- ‌[مَا يَنْعَقِد بِهِ الْبَيْع]

- ‌[الْإِجَارَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْجَعَالَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْكِرَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الشَّرِكَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا مِنْ أَحْكَام]

- ‌[أَرْكَان الشَّرِكَة]

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[الْمُزَارَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْجَوَائِحِ

- ‌الْعَرَايَا

- ‌ بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[التَّدْبِير وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الْكِتَابَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَام الْعِتْق وَالْوَلَاء]

- ‌بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ

- ‌[بَاب الْهِبَة وَالصَّدَقَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[مَطْلَبُ فِي الرَّهْنِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَارِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَدِيعَة]

- ‌[أَحْكَام اللُّقَطَة]

- ‌[الْغَصْب وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْمُثْبِتِ لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْحُدُود] [

- ‌[أَحْكَام الْقَسَامَة]

- ‌قَتْلُ الْغِيلَةِ)

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[الدِّيَة فِي النَّفْس]

- ‌ دِيَةَ الْأَعْضَاءِ

- ‌[دِيَة الْجِرَاحَات]

- ‌[عَلَيَّ مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[مِنْ يَقْتُلُونَ وجوبا]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[حَدّ الزِّنَا]

- ‌حَدَّ الْقَذْفِ

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[حَدّ الشُّرْب]

- ‌[كَيْفِيَّة إقَامَة الْحَدّ]

- ‌[حَدّ السَّرِقَة]

- ‌[بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ]

- ‌[الأقضية وَأَحْكَامهَا]

- ‌[أَحْكَام الشَّهَادَات]

- ‌[مَسَائِل فِي الْوَكَالَة]

- ‌[أَحْكَام الصُّلْح]

- ‌ مَسَائِلَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ

- ‌[أَحْكَام الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[أَحْكَام الْوَصِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْحِيَازَةِ]

- ‌[بَاب الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالسَّبَبِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَرِثُ بِالنَّسَبِ

- ‌[مِنْ يحجب الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات الْأَشِقَّاء]

- ‌ حُكْمِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

- ‌ مِيرَاثِ الْجَدَّاتِ

- ‌[مِيرَاث الْجَدّ]

- ‌[مَسْأَلَة المعادة]

- ‌[مَا يَرِثُهُ مَوْلَى النِّعْمَةِ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ]

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمَسْأَلَةِ الْغَرَّاءِ

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَجُمَلٍ مِنْ السُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ الْفِطْرَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ آدَابِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ السَّلَامِ]

- ‌ بَابٌ فِي التَّعَالُجِ]

- ‌ بَابٌ فِي الرُّؤْيَا]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[الأموال المأخوذة من العدو]

وَهِيَ قِسْمَانِ: فَيْءٌ وَسَيَأْتِي وَغَنِيمَةٌ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ، بِقَوْلِهِ (وَمَا غَنَمَ الْمُسْلِمُونَ) مِنْ الْعَدُوِّ (بِإِيجَافٍ) أَيْ تَعَبٍ وَحَمَلَاتٍ فِي الْحَرْبِ (فَلْيَأْخُذْ الْإِمَامُ خُمُسَهُ) يَضَعُهُ إنْ شَاءَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ يَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شِرَاءِ سِلَاحٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَرَاهُ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهُ فَيَدْفَعُهُ لِآلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ لِغَيْرِهِمْ أَوْ يَجْعَلُ بَعْضَهُ فِيهِمْ وَبَقِيَّتَهُ فِي غَيْرِهِمْ، وَهَذَا إذَا كَانَ الَّذِي غَنِمُوهُ غَيْرَ أَرْضٍ مِنْ كُرَاعٍ وَقُمَاشٍ وَعَبِيدٍ، وَمَالٍ وَحِنْطَةٍ.

وَأَمَّا الْأَرْضُ فَلَا تُخَمَّسُ وَلَا تُقْسَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ تُوقَفُ وَيُصْرَفُ خَرَاجُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (وَ) بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ الْإِمَامُ خُمُسَ الْمَغْنَمِ (يَقْسِمُ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ) الْبَاقِيَةَ (بَيْنَ أَهْلِ الْجَيْشِ) الْمُجَاهِدِينَ بِشُرُوطٍ تَأْتِي (وَقَسْمُ ذَلِكَ) أَيْ مَا غَنِمَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

فَلَا يَجُوزُ تَأْمِينُهُمَا.

[الْأَمْوَالِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَدُوِّ]

[قَوْلُهُ: بِإِيجَافٍ] حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا حَقِيقَةً وَاضِحٌ، وَحُكْمًا كَمَا إذَا نَزَلَ الْجَيْشُ بَلَدَ الْعَدُوِّ فَهَرَبُوا مِنْهُ فَأَخَذَ مَالَهُمْ، فَإِنَّهُ غَنِيمَةٌ، هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَمَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْشِ فَيْءٌ، وَكَذَا مَا كَانَ بَعْدَ خُرُوجِ الْجَيْشِ وَقَبْلَ نُزُولِهِ بَلَدَ الْعَدُوِّ، كَمَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيُّ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِإِيجَافٍ. [قَوْلُهُ: وَحَمَلَاتٍ] جَمْعُ حَمْلَةٍ: وَهِيَ الْكَرَّةُ فِي الْحَرْبِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. [قَوْلُهُ: فَلْيَأْخُذْ الْإِمَامُ خُمُسَهُ] هَذَا مِنْ الْجِهَاتِ السَّبْعَةِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا بَيْتُ الْمَالِ، وَمِنْهَا الْجِزْيَةُ وَالْفَيْءُ وَالْمَالُ الْمَوْرُوثُ وَالْمَالُ الضَّالُّ صَاحِبُهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَجْهُولُ، وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:

جِهَاتُ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ سَبْعَتُهَا

فِي بَيْتِ شِعْرٍ حَوَاهَا فِيهِ كَاتِبُهُ

خُمْسٌ وَفَيْءٌ خَرَاجٌ جِزْيَةٌ عُشُرٌ

وَإِرْثُ فَرْضٍ وَمَالٌ ضَلَّ صَاحِبُهُ

أَيْ لَمْ يُعْرَفْ صَاحِبُهُ. اهـ.

فَيُبْدَأُ مِنْ ذَلِكَ بِآلِهِ عليه الصلاة والسلام نَدْبًا ثُمَّ يُصْرَفُ لِلْمَصَالِحِ، أَيْ الْعَائِدِ نَفْعُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْغَزْوِ وَعِمَارَةِ الثُّغُورِ، وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ. [قَوْلُهُ: يَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ] هَذَا التَّفْصِيلُ بِذَاتِهِ فِي ابْنِ نَاجِي. [قَوْلُهُ: مِمَّا يَرَاهُ مَصْلَحَةً إلَخْ] أَيْ كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَعِمَارَةِ الثُّغُورِ، وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهُ فَيَدْفَعُهُ لِآلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم] قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ، فَصَحَّ كَوْنُ الدَّفْعِ لِآلِهِ مِنْ أَفْرَادِ الْقِسْمَةِ، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَدْفَعُهُ كُلَّهُ لِآلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، إذَا كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ بِتَمَامِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِهِمْ أَيْ فَيَقْسِمُهُ بَيْنَ الْغَيْرِ كَالْعُلَمَاءِ وَالْقُضَاةِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ. [قَوْلُهُ: مِنْ كُرَاعٍ] بِوَزْنِ غُرَابٍ الْخَيْلُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ [قَوْلُهُ: فَلَا تُخَمَّسُ وَلَا تُقْسَمُ إلَخْ] وَقِيلَ يَتَحَتَّمُ قَسْمُهَا، وَقِيلَ يَقْسِمُهَا إنْ رَأَى ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: بَلْ تُوقَفُ] أَيْ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا تَصِيرُ وَقْفًا وَلَا تَحْتَاجُ لِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَقَصْدُهُ الْأَرْضُ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَوَاتٍ أَيْ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ، وَكَذَا الدُّورُ الَّتِي صَادَفَهَا الْفَتْحُ فَتَصِيرُ وَقْفًا كَأَرْضِهَا، وَلَكِنْ لَا يُؤْخَذُ لِلدُّورِ كِرَاءٌ فَلَيْسَتْ كَأَرْضِ الزِّرَاعَةِ فَإِذَا انْهَدَمَتْ تِلْكَ الْأَبْنِيَةُ، وَبَنَى أَهْلُ الْإِسْلَامِ دُورًا غَيْرَهَا، فَهَذِهِ الْأَبْنِيَةُ لَا تَكُونُ وَقْفًا، وَلَوْ قُسِمَتْ الْأَرْضُ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا تُوقَفُ فَيَمْضِي حَيْثُ قَسَمَهَا مَنْ يَرَى قَسْمَهَا، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً كَمِصْرِ.

[قَوْلُهُ: يَقْسِمُ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ الْبَاقِيَةِ] وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ لِيَقْسِمَ أَثْمَانَهَا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْمُسَاوَاةِ لِمَا يَدْخُلُ التَّقْوِيمَ مِنْ الْخَطَأِ. إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَشْتَرِي فَيَقْسِمُ الْأَعْيَانَ أَوْ لَا يَجِبُ الْبَيْعُ بَلْ يُخَيَّرُ، فَإِنْ شَاءَ بَاعَ وَقَسَمَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ قَسَمَ الْأَعْيَانَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ. قَوْلَانِ وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ، بِأَنَّ بَيْعَهَا بِبَلَدِ الْحَرْبِ ضَيَاعٌ لِرُخْصِهَا هُنَاكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ رُخْصَهَا يَرْجِعُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمُشْتَرُونَ، وَهُمْ أَحَقُّ بِرُخْصِهَا، وَهُمَا جَارِيَانِ فِي الْخُمُسِ أَيْضًا، وَعَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَقْسِمُ سِلَعَ الْغَنِيمَةِ لَا أَثْمَانَهَا، فَيَقْسِمُ كُلَّ صِنْفٍ مِنْ سِلَعِ الْغَنِيمَةِ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ، حِسًّا بِاتِّسَاعِ الْغَنِيمَةِ وَشَرْعًا بِأَنْ لَا يُؤَدِّيَ لِتَفْرِيقِ أُمٍّ مِنْ وَلَدِهَا وَيَبْقَى النَّظَرُ إذَا كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ يُمْكِنُ قَسْمُهُ وَصِنْفَانِ كُلُّ وَاحِدٍ لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ، هَلْ يَجِبُ ضَمُّهُمَا وَلَا يُضَمَّانِ لِمَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ أَوَّلًا وَاسْتَظْهَرَ الْأَوَّلَ.

[قَوْلُهُ: بَيْنَ

ص: 10

الْمُسْلِمُونَ (بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْلَى) أَيْ مُسْتَحَبٌّ لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام ذَلِكَ وَالصَّحَابَةِ بَعْدَهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ نِكَايَةً لِلْعَدُوِّ، وَهَذَا إذَا أَمِنُوا كَرَّ الْعَدُوِّ، وَكَانَ الْغَانِمُونَ جَيْشًا، أَمَّا إنْ كَانُوا سَرِيَّةً مِنْ الْجَيْشِ فَلَا يَقْسِمُوا حَتَّى يَعُودُوا إلَى الْجَيْشِ (وَإِنَّمَا يُخَمَّسُ وَيُقْسَمُ مَا أُوجِفَ) أَيْ حُمِلَ (عَلَيْهِ بِالْخَيْلِ وَ) بِ (الرِّكَابِ) أَيْ الْإِبِلِ (وَمَا غُنِمَ بِقِتَالٍ) .

فَأَمَّا مَا أُخِذَ بِغَيْرِ إيجَافٍ وَلَا قِتَالٍ فَهُوَ الْفَيْءُ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يُخَمَّسُ وَلَا يُقْسَمُ بَلْ النَّظَرُ فِيهِ لِلْإِمَامِ مِثْلُ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ إنْ شَاءَ صَرَفَ جَمِيعَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَنِيمَةِ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُخَمَّسُ وَيُقْسَمُ كُلُّ مَا أُوجِفَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَرْضًا أَوْ أُسَارَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، أَمَّا الْأَرْضُ فَالْمَشْهُورُ فِيهَا مَا قَدَّمْنَا، وَأَمَّا الْأُسَارَى فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِي الرِّجَالِ بَيْنَ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ الْقَتْلِ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَالْجِزْيَةِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِيهِمْ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَالِاسْتِرْقَاقِ.

(وَلَا بَأْسَ) بِمَعْنَى وَيُبَاحُ (أَنْ يُؤْكَلَ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ الطَّعَامُ وَالْعَلَفُ لِمَنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ) سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا،

ــ

[حاشية العدوي]

أَهْلِ الْجَيْشِ] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ أَهْلٍ هُمْ الْجَيْشُ. [قَوْلُهُ: لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام] لَا يَخْفَى أَنَّ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ الِاسْتِحْبَابِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، أَيْ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَطْيِيبَ قُلُوبِ الْمُجَاهِدِينَ فِيهِ مِنْ إدْخَالِ السُّرُورِ عَلَيْهِمْ وَزِيَادَةِ الْحِفْظِ. لِأَنَّ كُلَّ مَنْ مُيِّزَ نَصِيبُهُ يَشْتَدُّ حِرْصُهُ عَلَيْهِ. [قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ فِيهِ نِكَايَةً] مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِفِعْلِهِ إلَخْ. حَاصِلُهُ أَنَّ فِعْلَهُ فِي ذَاتِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الِالْتِفَاتِ لِحُكْمِهِ مُفِيدٌ لِلِاسْتِحْبَابِ كَمَا ادَّعَى، وَكَوْنُهُ فِيهِ نِكَايَةٌ لِلْعَدُوِّ عِلَّةٌ أُخْرَى مُقْتَضِيَةٌ لِلِاسْتِحْبَابِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُعَلَّلَ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم بِكَوْنِهِ فِيهِ نِكَايَةٌ، وَقَوْلُهُ لِلْعَدُوِّ الْمُنَاسِبُ نِكَايَةٌ فِي الْعَدُوِّ لِقَوْلِ الْمِصْبَاحِ نَكَأْت فِي الْعَدُوِّ، وَقَوْلُهُ كَرَّ الْعَدُوِّ أَيْ رُجُوعِ الْعَدُوِّ، وَقَوْلُهُ سَرِيَّةٌ السَّرِيَّةُ الْقِطْعَةُ مِنْ الْجَيْشِ، فَفَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَسْرِي فِي خِفْيَةٍ، قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَسَكَتَ عَنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

تَنْبِيهٌ: نَصَّ ابْنُ فَرْحُونِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ عِنْدَ الْقَاسِمِ إذْ لَوْ فَوَّضَ ذَلِكَ لَهُمْ، لَدَخَلَهُمْ الطَّمَعُ، وَأَحَبَّ كُلٌّ لِنَفْسِهِ مِنْ كَرَائِمِ الْأَمْوَالِ مَا يَطْلُبُهُ غَيْرُهُ وَهُوَ مُؤَدٍّ لِلْفِتَنِ.

[قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُخَمَّسُ] أَيْ يُجْعَلُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ وَقَوْلُهُ وَيَقْسِمُ أَيْ كُلٌّ مِنْهَا وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْ هَذَا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا غَنَمَ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَيْسَ فِيهِ حَصْرٌ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: أَيْ الْإِبِلِ] ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَاحِدُ الرِّكَابِ رَاحِلَةٌ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهَا [قَوْلُهُ: وَمَا غُنِمَ بِقِتَالٍ] عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ [قَوْلُهُ: فَأَمَّا مَا غُنِمَ بِغَيْرِ إيجَافٍ وَلَا قِتَالٍ] أَيْ بِأَنْ انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ.

قَالَ تت: كَالْمَأْخُوذِ مِمَّنْ انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ حِينَ سَمَاعِهِمْ بِخُرُوجِ الْجَيْشِ إلَيْهِمْ [قَوْلُهُ: فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ] كَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ إلَخْ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَنِيمَةِ] أَيْ فَيَدْفَعُهُ إمَّا لِآلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ لِغَيْرِهِمْ، أَوْ يَجْعَلُ الْبَعْضَ فِيهِمْ وَالْبَعْضَ فِي غَيْرِهِمْ، بَقِيَ مَا يَهْرُبُ بِهِ الْأَسِيرُ أَوْ التَّاجِرُ أَوْ يَأْخُذُهُ الْمُتَلَصِّصُ فَيَخْتَصُّ بِهِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمُخْتَصِّ فَيَخْتَصُّ بِهِ حَائِزُهُ وَلَا يُقْسَمُ وَلَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، لَكِنَّ الْمُسْلِمَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا يُخْرَجُ خُمُسُهُ، وَأَمَّا الذِّمِّيَّ فَلَا. [قَوْلُهُ: وَالْمَنِّ] أَيْ يَعْتِقُهُمْ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُمْ شَيْئًا. [قَوْلُهُ: وَالْفِدَاءُ] أَيْ بِأَنْ يَتْرُكَهُمْ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى وَيُبَاحُ] أَيْ فَاسْتَعْمَلَ لَا بَأْسَ فِيمَا فَعَلَهُ، وَتَرَكَهُ سَوَاءٌ بِدَلِيلِ قَوْلِ صَاحِبِ الْمُخْتَصَرِ، وَجَازَ أَخْذُ مُحْتَاجٍ. [قَوْلُهُ: أَنْ يُؤْكَلَ مِنْ الْغَنِيمَةِ] هَذَا إذَا كَانُوا مِمَّنْ يُقْسَمُ لَهُمْ، وَأَمَّا مَنْ لَا يُقْسَمُ لَهُمْ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ فَقَوْلَانِ. [قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ إلَخْ] رُوِيَ قَوْلُهُ أَنْ تُقْسَمَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَلَا إشْكَالَ فِيهَا، وَبِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ الْمُثَنَّاةِ رِعَايَةً لِلْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى الْمَالِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ الْمَالُ. [قَوْلُهُ: الطَّعَامُ وَالْعَلَفُ] نَائِبُ فَاعِلِ يُؤْكَلَ وَالْعَلَفُ جَمْعُهُ عِلَافٌ، كَجَبَلٍ وَجِبَالٍ.

قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَقَوْلُهُ لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ أَيْ تِلْكَ الْإِبَاحَةُ كَائِنَةٌ لِمَنْ احْتَاجَ إلَى

ص: 11

وَالْمُرَادُ بِالطَّعَامِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمًا أَوْ غَيْرَهُ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْأَنْعَامُ الْحَيَّةُ لِلذَّبْحِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَيْهِ يُرَدُّ الْجِلْدُ لِلْغَنِيمَةِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ، وَالْأَصْلُ فِيمَا قَالَ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ.

وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْمَغْنَمِ يَقْسِمُهَا الْإِمَامُ بَيْنَ أَهْلِ الْجَيْشِ، وَكَانَ لَا يَسْتَحِقُّهَا مِنْهُمْ إلَّا مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شُرُوطُ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا. فَقَالَ:(وَإِنَّمَا يُسْهَمُ لِمَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ) الْمُرَادُ بِالْحُضُورِ حُضُورُ الْمُنَاشَبَةِ لَا حُضُورُ الْمُوَاجِهَةِ، فَإِذَا قَامَتْ الصُّفُوفُ وَلَمْ يَتَنَاشَبْ الْقِتَالُ فَلَا يُسْهَمُ لِمَنْ مَاتَ حِينَئِذٍ، وَيُسْهَمُ لِمَنْ مَاتَ بَعْدَ انْتِشَابِ الْقِتَالِ. (أَوْ تَخَلَّفَ عَنْ الْقِتَالِ فِي شُغْلِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْرِ جِهَادِهِمْ) كَكَشْفِ طَرِيقٍ أَوْ جَلْبِ عَدَدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُسْهَمُ لِمَنْ ضَلَّ عَنْ الْجَيْشِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ بِخِلَافِ مَنْ ضَلَّ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ.

(وَ) كَذَلِكَ (يُسْهَمُ لِلْمَرِيضِ) إذَا حَصَلَ لَهُ الْمَرَضُ بَعْدَ الْقِتَالِ أَوْ فِي حَالِ الْقِتَالِ أَمَّا لَوْ حَصَلَ لَهُ قَبْلَ حُضُورِ الْقِتَالِ سَوَاءٌ كَانَ ابْتِدَاءُ مَرَضِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ (وَ) كَذَلِكَ يُسْهَمُ (لِلْفَرَسِ الرَّهِيصِ) إذَا حَصَلَ لَهُ الرَّهْصُ بَعْدَ الْقِتَالِ أَوْ فِي حَالِ الْقِتَالِ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْفَرَسَ فِي حَافِرِهِ ع لَيْسَ الرَّهْصُ بِشَرْطٍ، وَكَذَا إذَا مَرِضَ

ــ

[حاشية العدوي]

ذَلِكَ وَمُطْلَقُ الِاحْتِيَاجِ كَافٍ، وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ نَعْلٍ وَحِزَامٍ مُعْتَادٍ لَا مِثْلَ حِزَامِ الْمُلُوكِ، وَإِبْرَةٍ وَمُصْلِحِ الطَّعَامِ مِنْ نَحْوِ فُلْفُلٍ، وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ثَوْبًا لِلُبْسِهِ وَغِرَارَةً لِطَعَامِهِ أَوْ حَمْلِ مَتَاعِهِ وَسِلَاحًا وَدَابَّةً لِلْقَتْلِ أَوْ لِيَرْكَبَهَا لِبَلْدَةٍ، بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ أَخْذِ ذَلِكَ أَنْ يَرُدَّهُ لِلْغَنِيمَةِ إذَا فَرَغَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَبِلَا نِيَّةٍ أَصْلًا كَنِيَّةِ الرَّدِّ، وَإِذَا فَضَلَ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِمَّا أُبِيحَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ لَا يُشْتَرَطُ الرَّدُّ، وَهُوَ مَا عَدَا الثَّوْبَ وَالسِّلَاحَ وَالدَّابَّةَ وَهُوَ كَمَا فِي عج: مَا زَادَ عَلَى كَالدِّرْهَمِ.

قَالَ: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا يَوْمَ وُجُوبِ رَدِّهِ لَا يَوْمَ أَخْذِهِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ إنْ أَمْكَنَهُ رَدُّهُ إلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ؛ لِتَفَرُّقِ الْجَيْشِ تَصَدَّقَ بِهِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ كَمَالٍ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ، وَأَوْلَى رَدُّ مَا فَضَلَ مِمَّا يَأْخُذُهُ، بِنِيَّةِ الرَّدِّ كَالثَّوْبِ، وَقَوْلُنَا كَثِيرًا احْتِرَازًا مِنْ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا بَالَ لَهُ مِمَّا قِيمَتُهُ الدِّرْهَمُ وَنَحْوُهُ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهُ وَلَا يَرُدُّهُ لِلْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ لَهُ. [قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا] بَلْ وَلَوْ نَهَاهُمْ الْإِمَامُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ، بِأَنْ لَا يَأْخُذَهُ بِنِيَّةِ الْغُلُولِ. [قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِهِ الْأَنْعَامُ الْحَيَّةُ لِلذَّبْحِ عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ الْمَأْخُوذَةُ لِلذَّبْحِ، قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ مُقَابِلًا يَقُولُ بِعَدَمِ الْأَخْذِ، وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ الْقَوْلَ الْآخَرَ أَيْ بِالْمَنْعِ لَمْ أَرَهُ مَعْزُوًّا.

[قَوْلُهُ: كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا] أَيْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِهِ مَا فِي الصَّحِيحِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ زَادَ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْفَوَاكِهَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالسَّمْنَ.

[قَوْلُهُ: حُضُورُ الْمُنَاشَبَةِ] الْمُرَادُ الْمُضَارَبَةُ سَوَاءٌ قَاتَلَ أَمْ لَا. [قَوْلُهُ: فَلَا يُسْهَمُ لِمَنْ مَاتَ حِينَئِذٍ] وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَيِّتِ قَبْلَ اللِّقَاءِ وَالضَّالِّ، مِنْ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ أَنَّ الضَّالَّ بِنِيَّةِ الْغَزْوِ وَاسْتَمَرَّتْ إلَى الْآنَ، بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ نِيَّتَهُ انْقَطَعَتْ بِالْمَوْتِ. [قَوْلُهُ: كَكَشْفِ طَرِيقٍ] أَيْ يَنْظُرُ هَلْ الطَّرِيقُ الَّتِي فِي نَاحِيَةِ كَذَا فِيهَا عَدُوٌّ أَوْ لَا. [قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ ضَلَّ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ] هَذَا بِخِلَافِ الْمَذْهَبِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِمَنْ ضَلَّ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَكَذَا مَنْ رُدَّ لَهَا بِرِيحٍ، فَإِنْ رُدَّ اخْتِيَارًا فَلَا يُسْهَمُ لَهُ [قَوْلُهُ: إذَا حَصَلَ لَهُ الْمَرَضُ بَعْدَ الْقِتَالِ أَوْ فِي حَالِ الْقِتَالِ] فَشَهِدَ أَوَّلَهُ صَحِيحًا ثُمَّ مَرِضَ وَاسْتَمَرَّ يُقَاتِلُ مَرِيضًا إلَى تَمَامِ الْقِتَالِ، هَكَذَا حَمَلَ الْحَطَّابُ كَلَامَ خَلِيلٍ أَيْ أَوْ مَرِضَ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ، مَا إذَا مَرِضَ بَعْدَ الْقِتَالِ أَوْ فِي حَالِ الْقِتَالِ أَيْ شَهِدَ أَوَّلَهُ صَحِيحًا ثُمَّ مَرِضَ وَاسْتَمَرَّ يُقَاتِلُ مَرِيضًا أَوْ مَرِضَ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ.

وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ مَرِيضًا أَوْ مَرِضَ قَبْلَ دُخُولِ أَرْضِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقِتَالِ وَلَوْ يَسِيرًا، وَاسْتَمَرَّ مَرِيضًا فِي الثَّلَاثَ لَكِنَّهُ قَاتَلَ فِيهَا حَتَّى انْقَضَى الْقِتَالُ، فَقَوْلَانِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فِي الْإِسْهَامِ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ قَاتَلَ فِي الْجُمْلَةِ وَعَدَمِهِ نَظَرًا إلَى مَرَضِهِ فَكَانَ حُضُورُهُ كَعَدَمِهِ، هَذَا مَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ وَهُنَاكَ كَلَامٌ آخَرُ اُنْظُرْهُ فِي شُرَّاحِ خَلِيلٍ. [قَوْلُهُ: إذَا حَصَلَ لَهُ الرَّهْصُ إلَخْ] قَالَ عج: وَيَجْرِي فِي مَرَضِ

ص: 12

بِغَيْرِهِ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْهَمُ لِمَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ وَكَانَ الَّذِي يَحْضُرُهُ آدَمِيٌّ وَغَيْرُهُ.

شَرَعَ يُبَيِّنُ الْقَدْرَ الَّذِي يُسْهَمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. فَقَالَ (وَيُسْهَمُ لِلْفَرَسِ) الْوَاحِدِ (سَهْمَانِ) وَاحْتَرَزَ بِالْفَرَسِ عَنْ الْبَعِيرِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ، فَإِنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهَا وَقَيَّدْنَا بِالْوَاحِدِ احْتِرَازًا مِمَّا زَادَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلزَّائِدِ (وَ) يُسْهَمُ (سَهْمٌ) وَاحِدٌ (لِرَاكِبِهِ) فِي كَلَامِهِ، تَسَامُحٌ فَإِنَّ الرَّاكِبَ إنَّمَا يُقَالُ لِرَاكِبِ الْإِبِلِ، وَأَمَّا رَاكِبُ الْفَرَسِ فَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ فَارِسٌ، وَلِرَاكِبِ الْحِمَارِ حَمَّارٌ، وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ مَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلْفَارِسِ سَهْمًا» .

(وَ) مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ بِهَا الْقَسْمُ الْحُرِّيَّةُ فَ (لَا يُسْهَمُ لِعَبْدٍ) قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ (وَ) مِنْهَا الذُّكُورِيَّةُ فَ (لَا) يُسْهَمُ (لِامْرَأَةٍ) قَاتَلَتْ أَوْ لَمْ تُقَاتِلْ (وَ) مِنْهَا الْبُلُوغُ فَ (لَا) يُسْهَمُ (لِصَبِيٍّ إلَّا) بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ (أَنْ يُطِيقَ الصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ الْقِتَالَ وَيُجِيزَهُ الْإِمَامُ وَيُقَاتِلَ فَيُسْهَمَ لَهُ) وَاَلَّذِي نَقَلَهُ بَهْرَامُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ بِمَشْهُورِيَّتِهِ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَمُقْتَضَى صَنِيعِ صَاحِبِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مَشْهُورٌ أَيْضًا، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُسْهِمْ لِلْعَبِيدِ وَلَا لِلنِّسَاءِ وَلَا لِلصِّبْيَانِ» (وَ) مِنْهَا أَنْ يَخْرُجَ بِنِيَّةِ الْجِهَادِ فَ (لَا) يُسْهَمُ (لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ) الَّذِي مُلِكَتْ مَنَافِعُهُ كَأَجِيرِ الْخِدْمَةِ (إلَّا أَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

الْفَرَسِ، مَا يَجْرِي فِي مَرَضِ الْآدَمِيِّ مِنْ التَّفْصِيلِ.

[قَوْلُهُ: وَيُسْهَمُ لِلْفَرَسِ] أَيْ الَّذِي يَقْدِرُ بِهِ عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ، فَالْعَجُوزُ الَّذِي لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ سَهْمَانِ أَيْ يُسْهَمُ لَهُ سَهْمَانِ وَلَوْ كَانَتْ فِي السَّفِينَةِ وَلِصَاحِبِهَا سَهْمٌ وَاحِدٌ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَتْ الْفَرَسُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أَوْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَجَعْلُ السَّهْمَيْنِ لِلْفَرَسِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْفَارِسُ عَبْدًا، فَيَكُونَانِ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ أَحَدُ التَّرَدُّدَيْنِ، وَالْآخَرُ هُمَا لِلْفَارِسِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْفَرَسِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَلَوْ بِرْذَوْنًا وَهَجِينًا وَالْبِرْذَوْنُ هُوَ: الدَّابَّةُ مِنْ الْخَيْلِ الْغَلِيظَةِ الْأَعْضَاءِ الْجَافِيَةِ الْخِلْقَةِ، وَأَكْثَرُ مَا تُجْلَبُ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، وَلَهَا جَلَدٌ عَلَى السَّيْرِ فِي الشِّعَابِ وَالْجِبَالِ وَالْوَعْرِ بِخِلَافِ الْخَيْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَهِيَ أَضْمَرُ، وَأَرَقُّ أَعْضَاءً وَالْهَجِينُ مِنْ الْخَيْلِ مَنْ أَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ رَدِيئَةٌ وَعَكْسُهُ مُقْرِفٌ، وَانْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ الْإِسْهَامُ لِلْفَرَسِ الَّتِي فِي السَّفِينَةِ بِمَا إذَا احْتَمَلَ قِتَالُهُمْ بِبَرٍّ، وَلَوْ بِبَعْضِ مَكَان أَوْ عَامٍّ كَمُسَافِرٍ لِمَالِطَةَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِعَدَمِ مُقَاتَلَتِهِمْ بِبَرٍّ، أَصْلًا كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ رَاكِبُهُ غَيْرُ قَيْدٍ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِرَاكِبِهَا مَنْ أَعَدَّهَا لِلرُّكُوبِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ الْخُرُوجِ لِلْبَرِّ.

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا كَانَ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ لِخِدْمَتِهَا وَعَلْفِهَا، وَبِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا مِنْ الْغَنَاءِ فِي الْحَرْبِ مَا لَا يَخْفَى. [قَوْلُهُ: فَإِنَّ الرَّاكِبَ إنَّمَا يُقَالُ إلَخْ] فَإِنْ قُلْت قَوْله تَعَالَى {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ} [النحل: 8] الْآيَةَ. يُعَارِضُ هَذَا قُلْنَا لَعَلَّ الْآيَةَ وَارِدَةٌ عَلَى عُرْفِ اللُّغَةِ، وَمَا هُنَا عَلَى مُصْطَلَحِ الْفُقَهَاءِ، وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا، أَنْ يُقَالَ لَيْسَ فِي الْآيَةِ إطْلَاقُ اسْمِ الْفَاعِلِ عَلَى مَنْ يَرْكَبُ مَا ذُكِرَ فِيهَا، وَإِنَّمَا فِيهَا ذِكْرُ الْفِعْلِ.

[قَوْلُهُ: أَنْ يُطِيقَ الْقِتَالَ] أَيْ بِأَنْ رَاهَقَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُرَاهِقْ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ بِاتِّفَاقٍ، كَمَا يُفِيدُهُ الْفَاكِهَانِيُّ أَيْ فَقِتَالُهُ لَيْسَ مُعْتَبَرًا فَكَالْعَدِمِ.

[قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى صَنِيعِ صَاحِبِ الْمُخْتَصَرِ] أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ إلَّا الصَّبِيَّ فَفِيهِ إنْ أُجِيزَ وَقَاتَلَ خِلَافٌ. [قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ] فَإِنْ قُلْت لِمَ عَبَّرَ بِظَاهِرٍ دُونَ صَرِيحٍ، قُلْت لَعَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّبْيَانِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوا. [قَوْلُهُ: يَدُلُّ لِلْأَوَّلِ] أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الْإِسْهَامِ فَهُوَ أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَمُقْتَضَى إلَخْ. [قَوْلُهُ: فَلَا يُسْهَمُ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ] وَمِثْلُ الْأَجِيرِ التَّاجِرُ، إذَا قَاتَلَ كَانَتْ تِجَارَتُهُ تَتَعَلَّقُ بِالْجَيْشِ مِنْ مَطْعَمٍ وَمَلْبَسٍ أَمْ لَا، وَمِثْلُ قِتَالِهِمَا مَا إذَا خَرَجَا بِنِيَّةِ الْغَزْوِ وَحَضَرَا الْقِتَالَ، وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلَا؛ لِأَنَّهُمَا كَثَّرَا سَوَادَ الْمُسْلِمِينَ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ نِيَّةُ الْغَزْوِ تَابِعَةً أَوْ مَتْبُوعَةً أَوْ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَالسَّهْمُ لِلْأَجِيرِ وَيُحَطُّ مِنْ

ص: 13

يُقَاتِلَ) وَاحْتَرَزَ بِالْخَاصِّ مِنْ الْأَجِيرِ الْعَامِّ كَالْخَيَّاطِ وَالْخَرَّازِ، وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ ثَلَاثَةٌ الْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ وَالصِّحَّةُ، فَالْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ لَا يُسْهَمُ لَهُ اتِّفَاقًا، وَفِيمَنْ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعَقْلِ قَوْلَانِ، وَالذِّمِّيُّ لَا يُسْهَمُ لَهُ اتِّفَاقًا إنْ لَمْ يُقَاتِلْ وَلَا إنْ قَاتَلَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالزَّمِنُ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا إنْ كَانَ ذَا رَأْيٍ وَتَدْبِيرٍ.

(وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْعَدُوِّ عَلَى شَيْءٍ فِي يَدِهِ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ) ج ظَاهِرُ كَلَامِهِ لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ يُنْتَزَعُونَ مِنْهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ يَكُونُ مَجَّانًا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَإِذَا أَسْلَمَ عَلَى ذِمِّيٍّ حُرٍّ فِي يَدِهِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَكُونُ رِقًّا.

(وَمَنْ اشْتَرَى) مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِدَارِ الْحَرْبِ (شَيْئًا مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ (مِنْ الْعَدُوِّ لَمْ يَأْخُذْهُ رَبُّهُ) مِمَّنْ اشْتَرَاهُ (إلَّا بِالثَّمَنِ) الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إنْ كَانَ يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ لَهُ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَحِلُّ لَهُ تَمَلُّكُهُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّ رَبَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ قَدِمَ بِهِ الْكَافِرُ بِلَادَ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ لَا بِالثَّمَنِ وَلَا بِغَيْرِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمِثْلُ الشِّرَاءِ هِبَةُ الثَّوْبِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ لِلَّهِ تَعَالَى

ــ

[حاشية العدوي]

أُجْرَتِهِ بِقَدْرِ مَا عَطَّلَ [قَوْلُهُ: كَالْخَيَّاطِ وَالْخَرَّازِ] أَيْ مَنْ يَخِيطُ وَيَخْرُزُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ تت: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ فِي عَدَمِ السَّهْمِ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عُمَرَ. [قَوْلُهُ: وَفِيمَنْ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعَقْلِ قَوْلَانِ] قَالَ الْبَاسِطِيُّ ظَاهِرُ عِبَارَاتِ الْمُتَقَدِّمِينَ، أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ.

وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يُسْهَمُ لَهُ، ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَرُبَّمَا كَانَتْ مُقَاتَلَتُهُ أَشَدَّ مِنْ مُقَاتَلَةِ كَثِيرٍ مِنْ عُقَلَاءِ الْكُفَّارِ.

[قَوْلُهُ: وَالزَّمِنُ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ إلَخْ] أَيْ الْمُقْعَدُ مَثَلًا يُسْهَمُ لَهُ، إذَا كَانَ ذَا رَأْيٍ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ ذَا رَأْيٍ هَذَا مَعْنَاهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَلَوْ كَانَ ذَا مَنْفَعَةٍ مِنْ تَدْبِيرٍ وَغَيْرِهِ، وَالْأَعْرَجُ لَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا، وَفِي الزَّرْقَانِيِّ وَيَنْبَغِي جَرْيُهُ فِي الْأَعْمَى أَيْضًا اهـ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْعَدُوِّ إلَخْ] إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ يَمْلِكُهُ بِالْأَمَانِ بِأَنْ كَانَ أَخَذَهُ قَبْلَ دُخُولِهِ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، لَا مَا أَخَذَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ دُخُولِهِ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ سَرِقَةً يُنْزَعُ مِنْهُ قَهْرًا، وَمَفْهُومُ أَسْلَمَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ إذْ لَوْ دَخَلَ إلَيْنَا مَعَ بَقَائِهِ عَلَى كُفْرِهِ وَفِي يَدِهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ، إلَّا مَا سَرَقَهُ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فِي زَمَنِ مُعَاهَدَتِهِ، وَخَرَجَ بِهِ ثُمَّ عَادَ بِهِ، فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُ، وَمِثْلُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فِي يَدِهِ مَنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ أَوْ هُودِنَ.

[قَوْلُهُ: مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ] وَأَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَحْرَى كَمَا قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ. [قَوْلُهُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ] أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَفِي يَدِهِ مِنْ أَمْوَالٍ، وَالْحُرُّ لَيْسَ بِمَالٍ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ] وَعَنْ ابْنِ شَعْبَانَ أَنَّهُ يَطِيبُ لَهُمْ بِمِلْكِهِمْ وَمِثْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، اللُّقَطَةُ وَالْحَبْسُ حَيْثُ ثَبَتَ أَنَّهُ حَبْسٌ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ تَحْبِيسُهُ لِمُسْلِمٍ لَا يَبْطُلُ تَحْبِيسُهُ بِغُنْمِ الْكُفَّارِ لَهُ، وَأَمَّا مَا احْتَمَلَ أَنَّهُ حَبْسٌ فَهَلْ يَمْلِكُهُ أَمْ لَا قَوْلَانِ. [قَوْلُهُ: فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَكُونُ رِقًّا] وَعِنْدَ أَشْهَبَ يُرَدُّ إلَى ذِمَّتِهِ، وَالرَّاجِحُ كَلَامُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

[قَوْلُهُ: مِنْ الْعَدُوِّ] ، وَأَمَّا مَا يُفْدَى مِنْ اللُّصُوصِ وَالْغُصَّابِ فَإِنَّ رَبَّهُ يَأْخُذُهُ مَجَّانًا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ، وَالْآخَرُ بِمَا فَدَى بِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَكَانَ الشَّبِيبِيُّ يُفْتِي بِهِ قَائِلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ لِرَبِّهَا قُدْرَةٌ عَلَى الْخَلَاصِ مَجَّانًا، فَلَا شَيْءَ لِلْفَادِي، وَالْقَوْلَانِ إذَا قَصَدَ بِهِ الْفَادِي رَبَّهُ، وَأَمَّا لَوْ افْتَدَاهُ لِنَفْسِهِ وَقَصَدَ بِذَلِكَ تَمَلُّكَهُ، فَلَا يَخْتَلِفُ أَنَّ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ مَجَّانًا، فَإِذَا تَنَازَعَ الْفَادِي وَرَبُّ الشَّيْءِ فِي الْأَخْذِ لِلتَّمَلُّكِ، فَالْقَوْلُ لِلْفَادِي كَمَا أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ فِي الْكَبِيرِ [قَوْلُهُ: إلَّا بِالثَّمَنِ] وَهُوَ إمَّا عَيْنٌ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَعْطَاهُ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا فَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ يُعْطِيهِ الْمُسْتَحِقُّ هُنَا قِيمَةَ عَرَضِهِ هُنَاكَ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ إلَى بَلَدِ الْحَرْبِ أَعْطَاهُ الْمِثْلَ هُنَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ أَعْطَاهُ الْقِيمَةَ لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ.

[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَحِلُّ لَهُ تَمَلُّكُهُ] أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ لَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي ذِمِّيًّا فَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ إلَّا بِقِيمَتِهِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: لَوْ قَدِمَ بِهِ الْكَافِرُ بِلَادَ الْإِسْلَامِ] أَيْ بَاعُوهُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ دُخُولِهِمْ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، فَإِنَّهُ يُفَوَّتُ

ص: 14

فَإِنَّ لِرَبِّهِ أَخْذَهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْهُمْ بِغَيْرِ عِوَضٍ (وَمَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ (فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ) هَذَا إذَا وَجَدَهُ مَعَ مَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ، أَمَّا إذَا وَجَدَهُ فِي يَدِ مَنْ أَخَذَهُ فِي سَهْمِهِ أَوْ جَهِلَ الثَّمَنَ، فَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِالْقِيمَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ (وَمَا لَمْ يَقَعْ فِي الْمَقَاسِمِ مِنْهَا فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ بِلَا ثَمَنٍ) وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ لِمَالِكٍ وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، لَا يَكُونُ رَبُّهُ أَحَقَّ بِهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَسْمِ أَوْ بَعْدَهُ.

(وَلَا نَفَلَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِهَا، وَهُوَ لُغَةً: الزِّيَادَةُ وَشَرْعًا: الزِّيَادَةُ عَلَى السَّهْمِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ لَا يُعْطَى (إلَّا) لِمَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَا يَكُونُ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ (مِنْ الْخُمُسِ عَلَى الِاجْتِهَادِ مِنْ الْإِمَامِ) لِمَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا نَفَلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى رَبِّهِ [قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهِبَةِ لِلَّهِ إلَخْ] يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، فَوَهَبَهُ حَرْبِيٌّ سِلْعَةً أَوْ عَبْدًا هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ غَارَ عَلَيْهِ الْحَرْبِيُّ فَإِذَا قَدِمَ بِذَلِكَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِنَّ رَبَّهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ يَأْخُذُهُ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَمَا وُهِبُوهُ بِدَارِنَا قَبْلَ تَأْمِينِهِمْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا وُهِبُوهُ بِدَارِهِمْ، وَأَمَّا مَا وُهِبُوهُ بِدَارِنَا بَعْدَ دُخُولِهِمْ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفَوَّتُ عَلَى رَبِّهِ.

[قَوْلُهُ: وَمَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ] أَيْ جَهْلًا بِحَالِهَا احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ قُسِمَ مَعَ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْضِي قَسْمُهُ وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ مَجَّانًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ قَسَمَهُ مُتَأَوِّلًا أَوْ مُقَلِّدًا، قَوْلُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إنَّ الْكَافِرَ يَمْلِكُ مَالَ الْمُسْلِمِ فَلَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ إلَّا بِالثَّمَنِ، فَلَوْ وُجِدَ فِي الْغَنِيمَةِ مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، وَلَمْ يُعْرَفْ عَيْنُ صَاحِبِهِ وَلَا نَاحِيَتُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ. [قَوْلُهُ: هَذَا إذَا وَجَدَهُ مَعَ مَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ] أَيْ، وَأَثْبَتَهُ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِالْبَيْعِ لِيَقْسِمَ، فَلَوْ بِيعَ مِرَارًا وَاخْتَلَفَتْ أَثْمَانُهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ خَاصَّةً الَّذِي بِيعَ بِهِ، وَيُرَادُ بِالْمَقَاسِمِ عَلَى هَذَا الْحَلِّ الْمَغَانِمَ تَأَمَّلْ.

[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا وَجَدَهُ فِي يَدِ إلَخْ] عَلَى الْقَوْلِ بِقِسْمَةِ الْأَعْيَانِ تَصْدُقُ بِصُوَرٍ بِمَا إذَا قُوِّمَ عَلَيْهِ أَوْ أَخَذَهُ بِلَا تَقْوِيمٍ أَوْ جَهِلَ مَا قُوِّمَ بِهِ، فَفِي الْأُولَى يَأْخُذُهُ بِمَا قُوِّمَ بِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ، وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ [قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يَقَعْ فِي الْمَقَاسِمِ] قَصْدُهُ أَنَّ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا مَتَاعَهُ فِي الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قِسْمَتِهَا، وَشَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ أَوْ عَرَفَهُ وَاحِدٌ مِنْ الْعَسْكَرِ كَمَا قَالَ الْبَرْقِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، لَا يَقْسِمُ مَا عَرَفَهُ وَاحِدٌ مِنْ الْعَسْكَرِ فَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا هُوَ سَبَبٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ كَالْبَيِّنَةِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَكِنْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ، وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ إلَى الْآنَ، فَيَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ، وَأَخْذَهُ، وَتُسَمَّى هَذِهِ الْيَمِينُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ، وَهِيَ مُكَمِّلَةٌ لِلْحُكْمِ هَذَا إذَا كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا حُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ الْحَمْلُ خَيْرًا لَهُ وَيَحْلِفُ أَيْضًا، وَحُمِلَ لَهُ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ لَا يَحْلِفَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ لَهُ حَقٌّ أَنْ يَحْلِفَ، مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ اسْتِظْهَارٌ وَهِيَ مُكَمِّلَةٌ لِلْحُكْمِ وَقَدْ قِيلَ فِيهَا: إنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَذَكَرَ عج عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهُ. اهـ.

فَإِنْ زَادَ الْكِرَاءُ عَلَى قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي بَيْعِهِ أَوْ اسْتَوَتْ مَصْلَحَةُ الْبَيْعِ وَالْإِرْسَالِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِأَجْلِهِ [قَوْلُهُ: وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ] ضَعِيفٌ.

[قَوْلُهُ: وَلَا نَفَلَ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ] الْحَصْرُ إضَافِيٌّ أَيْ لَا مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَخْمَاسَ الْبَاقِيَةِ لِلْمُجَاهِدِينَ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ أَنْ يَنْفُلَ مِنْ نَحْوِ الْجِزْيَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. [قَوْلُهُ: وَشَرْعًا الزِّيَادَةُ] النَّفَلُ إمَّا كُلِّيٌّ، وَإِمَّا جُزْئِيٌّ. فَالْكُلِّيُّ: هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ. وَالْجُزْئِيُّ: هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَخُصُّ بِهِ الْإِمَامُ بَعْضَ الْجَيْشِ، كَأَنْ يَقُولَ خُذْ يَا فُلَانُ هَذَا الْبَعِيرَ أَوْ هَذَا الدِّينَارَ مَثَلًا. [قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ لَا يُعْطَى إلَّا لِمَنْ لَهُ إلَخْ] يَعْنِي أَنَّ النَّفَلَ فِي الشَّرْعِ هُوَ الزِّيَادَةُ مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ، فَلَا يُعْطِيهِ لِعَبْدٍ وَلَا لِصَبِيٍّ وَلَا لِامْرَأَةٍ وَقَوْلُهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ مِنْ الْإِمَامِ أَيْ فَلِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَزِيدَ الْخُمُسَ لِمَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ مَا يَرَى زِيَادَتَهُ، إنْ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ كَقُوَّةِ بَطْشِ الْآخِذِ وَشَجَاعَتِهِ، أَوْ يَرَى ضَعْفًا مِنْ الْجَيْشِ فَيُرَغِّبُهُمْ بِذَلِكَ فِي الْقِتَالِ لَا لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، فَإِنْ اسْتَوَوْا نَفَلَ جَمِيعَهُمْ أَوْ تَرَكَ،

ص: 15

مِنْ الْخُمُسِ» (وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ) النَّفَلُ (قَبْلَ الْقَسْمِ) وَيُرْوَى قَبْلَ الْغَنِيمَةِ وَعَلَى هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِالْوَعْدِ، بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَكَلَامُهُ مُحْتَمِلٌ لِلْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ وَهُمَا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ، وَعَلَى الْمَنْعِ اخْتَلَفَ فَقَالَ سَحْنُونٌ وَابْنُهُ يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَنْفُذُ لِضَعْفِ الْخِلَافِ (وَالسَّلَبُ مِنْ) جُمْلَةِ (النَّفَلِ) فَلَا يُعْطِيهِ الْإِمَامُ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ عَلَى حَسَبِ اجْتِهَادِهِ، وَهُوَ مَا يُوجَدُ مَعَ الْقَتِيلِ مِنْ ثِيَابِهِ وَسِلَاحِهِ، وَمَا شَابَهَهَا مِنْ السَّلَبِ الْمُعْتَادِ، دُونَ مَا يَنْفَرِدُ بِلِبَاسِهِ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ سِوَارٍ وَتَاجٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(وَالرِّبَاطُ) لُغَةً الْإِقَامَةُ وَشَرْعًا الْإِقَامَةُ فِي الثُّغُورِ لِحِرَاسَتِهَا. فَمَنْ سَكَنَ الثُّغُورَ بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَلَا يَنْفُلُ بَعْضَهُمْ وَلَا بَأْسَ بِالتَّفْضِيلِ إنْ اخْتَلَفَ فِعْلُهُمْ [قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ النَّفَلُ قَبْلَ الْقَسْمِ] أَيْ بَلْ بَعْدَ الْقَسْمِ، وَهَذَا هُوَ النَّفَلُ الْجُزْئِيُّ.

[قَوْلُهُ: وَيُرْوَى قَبْلَ الْغَنِيمَةِ] أَيْ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ، فَيُفْهَمُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَصَوَّرَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي، وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ هَذَا السَّلَبُ الْكُلِّيُّ وَيَكُونَ قَوْلُهُ: قَتَلَ قَتِيلًا أَيْ مَنْ يَقْتُلُ قَتِيلًا [قَوْلُهُ: وَهُمَا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ] أَيْ يُنْهَى الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْجَيْشِ نَهْيَ كَرَاهَةٍ أَوْ تَحْرِيمٍ، وَاقْتَصَرَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ عَلَى الْكَرَاهَةِ، فَيُؤْذِنُ بِقُوَّتِهِ أَنْ يَقُولَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَدُوِّ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ نِيَّاتِهِمْ، وَإِلَى فَسَادِهَا؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ رُبَّمَا أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْمَهَالِكِ؛ لِأَجْلِ الْعَرَضِ الدُّنْيَوِيِّ فَيَصِيرُ قِتَالُهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ، أَمَّا الْجُعْلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ مِنْ غَيْرِ السَّلَبِ مِنْ السُّلْطَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ مِنْ السَّلَبِ إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا إلَخْ مَنْ كَانَ قَتَلَ قَتِيلًا. [قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَنْعِ إلَخْ] أَيْ، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ جَوَازِ قَوْلِ الْإِمَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَإِنْ وَقَعَ مَضَى؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ. إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى إبْطَالِهِ قَبْلَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حِينَئِذٍ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ قَتَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ سَلَبِ الْمَقْتُولِ، وَلَهُ سَلَبُ مَنْ قَتَلَهُ قَبْلَ الْإِبْطَالِ، وَلَا يُعْتَبَرُ إبْطَالُهُ بَعْدَ الْمَغْنَمِ بَلْ يَسْتَحِقُّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْأَسْبَابِ مَا رَتَّبَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: الْخِلَافِ] أَيْ لِضَعْفِ قَوْلِ الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ بِالْكَرَاهَةِ، هَذَا ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ الْمُرَادُ لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ الْمَوْجُودِ الَّذِي ذَكَرَهُ بَهْرَامُ فِي وَسَطِهِ بِقَوْلِهِ.

وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا، فَقَوْلُ شَارِحِنَا بِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَيْ بِالْمَنْعِ وَالْجَوَازِ. [قَوْلُهُ: وَالسَّلَبُ مِنْ جُمْلَةِ النَّفَلِ] أَيْ فَيَسْتَحِقُّهُ كُلُّ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ، مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ أَوْ تَعَدَّدَ، أَيْ فَالنَّفَلُ شَامِلٌ لِلْكُلِّيِّ وَالْجُزْئِيِّ، وَأَرَادَ بِالسَّلَبِ الْكُلِّيَّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مُطْلَقِ النَّفَلِ [قَوْلُهُ: فَلَا يُعْطِيهِ إلَخْ] أَيْ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ، أَيْ لَا مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ فَكَذَا السَّلَبُ [قَوْلُهُ: مِنْ السَّلَبِ الْمُعْتَادِ] أَيْ الْمُعْتَادِ وُجُودِهِ مَعَ الْمَقْتُولِ حَالَ الْحَرْبِ، كَفَرَسِهِ وَدِرْعِهِ وَسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ وَمِنْطَقَتِهِ بِمَا فِيهَا مِنْ حِلْيَةٍ وَفَرَسِهِ الْمَرْكُوبِ لَهُ أَوْ الْمَمْسُوكِ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ غُلَامِهِ لِلْقِتَالِ، لَا إنْ كَانَتْ مُهَيَّأَةً لِلزِّينَةِ كَالْجَنِيبِ فَتَكُونُ غَنِيمَةً، وَذَلِكَ لِلذَّكَرِ الْمُسْلِمِ لَا ذِمِّيٍّ قَتَلَ قَتِيلًا إلَّا إذَا أَجَازَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ سَلَبَهُ، وَيَمْضِي ذَلِكَ وَلَا يُتَعَقَّبُ، وَلَا امْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ لَهَا فَيَمْضِي.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي دُخُولِ مَا ذَكَرَ مِنْ السِّوَارِ وَالتَّاجِ وَالْعَيْنِ.

[قَوْلُهُ: لِحِرَاسَتِهَا] أَيْ حِرَاسَةِ مَنْ بِهَا، وَهُوَ يَشْمَلُ الْمَالَ وَغَيْرَهُ وَالذِّمِّيَّ وَالْمُسْلِمَ، وَحِرَاسَةُ غَيْرِهَا تَتْبَعُ حِرَاسَتَهَا. [قَوْلُهُ: فَمَنْ سَكَنَ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ، لِأَنَّ الْإِقَامَةَ لِلْحِرَاسَةِ تُجَامِعُ السُّكْنَى بِالْأَهْلِ، وَالْمُرَادُ جِنْسُ الثُّغُورِ. [قَوْلُهُ: بِأَهْلِهِ إلَخْ] الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى السُّكْنَى بِالْأَهْلِ، وَإِنْ أَبْقَى الْوَلَدَ فِي بَلَدِهِ، وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ، فَهَذَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ سَكَنَ بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَكَانَ الْبَاعِثُ لَهُ الرِّبَاطُ لَا غَيْرُ، لَا يُسَمَّى مُرَابِطًا وَرَدَّهُ الْبَاجِيُّ قَائِلًا عِنْدِي أَنَّ مَنْ اخْتَارَ اسْتِيطَانَ ثَغْرٍ لِلرِّبَاطِ فَقَطْ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَمْكَنَهُ الْمُقَامُ بِغَيْرِهِ مُرَابِطٌ. اهـ.

وَارْتَضَاهُ بَعْضُهُمْ

ص: 16

لَيْسَ بِمُرَابِطٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَابِطُ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ مُعْتَقِدًا الرِّبَاطَ وَالثُّغُورُ مَوْضِعُ الْمَخَافَةِ مِنْ فُرُوجِ الْبُلْدَانِ. وَذَكَرَ فِي بَابِ جُمَلٍ أَنَّهُ وَاجِبٌ يَحْمِلُهُ مَنْ قَامَ بِهِ، وَذَكَرَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا مَنْ نَذَرَهُ، وَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى فَضْلِهِ فَقَالَ (فِيهِ فَضْلٌ كَبِيرٌ) رُوِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ، وَالرِّبَاطُ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» . وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ أَفْضَلُ أَوْ الْجِهَادُ (وَذَلِكَ) الْفَضْلُ الْمَذْكُورُ مُتَفَاوِتٌ (بِقَدْرِ كَثْرَةِ خَوْفِ أَهْلِ ذَلِكَ الثَّغْرِ وَكَثْرَةِ تَحَرُّزِهِمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ) وَقَتْلِهِ، وَالْخَوْفُ وَالتَّحَرُّزُ مُتَلَازِمَانِ فَمَتَى اشْتَدَّ الْخَوْفُ اشْتَدَّ التَّحَرُّزُ.

(وَلَا يُغْزَى بِغَيْرِ إذْنِ الْأَبَوَيْنِ) إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ سَحْنُونَ مُطْلَقًا، مُسْلِمَيْنِ كَانَا أَوْ كَافِرَيْنِ (إلَّا أَنْ يَفْجَأَ الْعَدُوُّ) أَيْ يَنْزِلُونَ (مَدِينَةَ قَوْمٍ) أَوْ غَيْرَهَا (وَيُغِيرُونَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَائِلًا؟ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ سُكْنَى الثُّغُورِ [قَوْلُهُ: مُعْتَقِدًا الرِّبَاطَ] أَيْ قَاصِدًا الرِّبَاطَ [قَوْلُهُ: مِنْ فُرُوجِ الْبُلْدَانِ إلَخْ] جَمْعُ فَرْجٍ يُطْلَقُ عَلَى الْعَوْرَةِ وَعَلَى الثَّغْرِ مَوْضِعِ الْخَوْفِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَلَمَّا كَانَ الْفَرْجُ بِمَعْنَى الْعَوْرَةِ يَأْتِي الْخَوْفُ مِنْ جِهَتِهِ لِكَشْفِهِ، فَكَذَلِكَ الْفَرْجُ بِمَعْنَى الثَّغْرُ، يَأْتِي الْخَوْفُ مِنْ جِهَتِهِ، لِكَشْفِهِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ حِرَاسَتِهِ فَأَرَادَ بِالْبُلْدَانِ بِلَادَ الْإِسْلَامِ، وَالثَّغْرُ فَرْجٌ لَهَا بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. [قَوْلُهُ: رُوِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ] أَيْ فَالْعِظَمُ كَمِّيَّةً وَقَوْلُهُ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ فَالْعِظَمُ كَيْفِيَّةً وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ عَظِيمٌ كَمِيَّةً وَكَيْفِيَّةً [قَوْلُهُ: رِبَاطُ] مَصْدَرُ رَابَطَ وَجْهُ الْمُفَاعَلَةِ فِي هَذَا، أَنَّ كُلًّا مِنْ الْكُفَّارِ وَالْمُسْلِمِينَ رَابَطُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى حِمَايَةِ طَرَفِ بِلَادِهِمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ، أَيْ ثَوَابُ رِبَاطِ يَوْمٍ خَيْرٌ مِنْ النَّعِيمِ الْكَائِنِ فِي الدُّنْيَا. [قَوْلُهُ: وَمَا فِيهَا] الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ وَمَا عَلَيْهَا قَالَ شَارِحُهُ: وَمَا عَلَيْهَا كُلُّهُ لَوْ مَلَكَهُ إنْسَانٌ وَتَنَعَّمَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَعِيمٌ زَائِلٌ بِخِلَافِ نَعِيمِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ بَاقٍ وَعَبَّرَ بِعَلَيْهَا دُونَ فِيهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِعْلَاءِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الظَّرْفِيَّةِ وَأَقْوَى، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرِّبَاطَ يَصْدُقُ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ وَكَثِيرًا مَا يُضَافُ السَّبِيلُ إلَى اللَّهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ عَمَلٍ خَالِصٍ يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ، لَكِنَّهُ غَلَبَ إطْلَاقُهُ عَلَى الْجِهَادِ حَتَّى صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيهِ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ: وَهُنَاكَ وَجْهٌ آخَرُ ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَعْنَى خَيْرٌ مِنْ ثَوَابِهَا لَوْ مَلَكَهَا وَتَصَدَّقَ بِهَا وَهَلْ أَرَادَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ.

[قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ إلَخْ] فَقِيلَ هُوَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقْنَ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَحَقْنُ دِمَائِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، وَقِيلَ الْجِهَادُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ الرِّبَاطَ، وَزِيَادَةً؛ وَلِأَنَّ فِيهِ سَفْكَ دِمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، وَتَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ وَشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الرِّبَاطِ وَعَدَمِهَا، فَلَا يُقَالُ: إنَّ أَحَدَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْآخِرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَأَفْضَلُ مُدَّتِهِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ.

قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ وَيَظْهَرُ لِي فَضْلُ الْجِهَادِ عَلَى الرِّبَاطِ، لَمَزِيَّةِ مَنْ ذَهَبَ لِلْقِتَالِ عَلَى مَنْ مَكَثَ فِي مَحَلِّ الْخَوْفِ، وَأَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحْمَزُهَا أَيْ أَشَقُّهَا.

[قَوْلُهُ: وَلَا يُغْزَى إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْإِذْنُ بِاللِّسَانِ وَالْبَاطِنِ فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ بِمُجَرَّدِ إذْنِهِمَا بِاللِّسَانِ، بَلْ حَتَّى يَكُونَ الْقَلْبُ كَذَلِكَ، فَإِذَا أَذِنَا وَهُمَا يَبْكِيَانِ لَا يَكُونُ إذْنًا، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ حَتَّى يَتَّفِقَا عَلَيْهِ. [قَوْلُهُ: الْأَبَوَيْنِ] أَيْ لَا الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ. [قَوْلُهُ: إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ] أَيْ لَا الْكَافِرَيْنِ لَكِنْ قَيَّدَهُ الْمَوَّاقُ بِمَا إذَا عَلِمَ أَنَّ مَنْعَهُمَا مِنْهُ إنَّمَا هُوَ لِكَرَاهَتِهِمَا إعَانَةَ الْإِسْلَامِ وَنُصْرَتَهُ، وَإِلَّا كَانَا كَالْمُسْلِمِينَ [قَوْلُهُ: وَعِنْدَ سَحْنُونَ] ضَعِيفٌ.

تَنْبِيهٌ: الْعَبْدُ لَا يَغْزُو أَيْضًا إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ عَلَيْهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى وَفَائِهِ الْآنَ، وَإِنْ كَانَ يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ، وَكُلُّ مَنْ يَقْضِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَفَائِهِ خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ اُنْظُرْ شُرَّاحَ خَلِيلٍ. [قَوْلُهُ: أَيْ يَنْزِلُونَ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ يَنْزِلُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَدُوَّ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَعَلَى الْجَمْعِ.

[قَوْلُهُ: مَدِينَةَ قَوْمٍ] الْمَدِينَةُ الْمِصْرُ الْجَامِعُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهَا أَيْ كَالْقَرْيَةِ. [قَوْلُهُ: وَيُغِيرُونَ عَلَيْهِمْ] عَطْفٌ مُغَايِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ النُّزُولِ الْإِغَارَةُ.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ، وَأَغَارَ عَلَى الْعَدُوِّ هَجَمَ عَلَيْهِمْ دِيَارَهُمْ، وَأَوْقَعَ بِهِمْ اهـ.

فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يُغِيرُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ

ص: 17

(فَفَرْضٌ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ (دَفْعُهُمْ وَلَا يُسْتَأْذَنُ الْأَبَوَانِ فِي مِثْلِ هَذَا) لَفْظَةُ مِثْلِ زَائِدَةٌ أَيْ لَا يُسْتَأْذَنُ الْأَبَوَانِ فِي هَذَا، وَقِيلَ لَيْسَتْ زَائِدَةً، وَالْمَعْنَى لَا يَسْتَأْذِنُهُمَا فِي هَذَا الْجِهَادِ إذَا تَعَيَّنَ، وَلَا فِي مِثْلِهِ مِنْ فَرَائِضِ الْأَعْيَانِ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَطَلَبِ الْعِلْمِ، فِيمَا يَخُصُّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ فِي مَوْضِعِهِ مَنْ يُعَلِّمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ طَاعَتُهُمَا فِي تَرْكِ الْمُبَاحَاتِ وَالنَّوَافِلِ، وَأَمَّا الْفَرَائِضُ فَلَا.

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَأْذَنُ الْأَبَوَانِ فِي مِثْلِ هَذَا] أَيْ فَيَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ أَبٌ، وَمَنْ لَا أَب لَهُ عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا مِدْيَانًا أَوْ غَيْرَ مِدْيَانٍ، وَعَلَى هَذَا فَيُسْهَمُ لِلْعَبِيدِ هُنَا؛ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْجِهَادِ؛ لِأَنَّنَا إنَّمَا مَنَعْنَاهُمْ مِنْ السَّهْمِ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ، وَالْآنَ قَدْ خُوطِبُوا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ أَنْ يُعِينُوهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَنْ يَلِيهِمْ مَنْ يَقُومُ بِهِمْ فَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ أَيْضًا حَتَّى يَقُومَ بِذَلِكَ، وَيَتَعَيَّنُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحِلُّ كَوْنِهِ فَرْضًا عَلَيْهِمْ إذَا كَانُوا مِثْلَيْ عُدَّتِهِمْ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ جَازَ لَهُمْ الْفِرَارُ، إلَّا أَنْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَالْقُيُودُ الْمُتَقَدِّمَةُ تَأْتِي هُنَا، وَلَا يُقَالُ: إنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ الْكِفَائِيِّ وَهَذَا عَيْنِيٌّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إذَا حَصَلَ الشُّرُوعُ فِي الْقِتَالِ صَارَ عَيْنًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ الْفِرَارِ. [قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى إلَخْ] أَيْ فَقَوْلُهُ فِي مِثْلِ هَذَا أَيْ فِي هَذَا وَمِثْلِهِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا فِي مِثْلِهِ مِنْ فَرَائِضِ الْأَعْيَانِ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ سَائِرَ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَمْنَعَاهُ مِنْهَا، وَلَوْ عِلْمًا كِفَائِيًّا فَلَا يَخْرُجُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا حَيْثُ كَانَ فِي بَلَدِهِ مَنْ يُفِيدُهُ إيَّاهُ، وَإِلَّا خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا لَهُ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ. [قَوْلُهُ: فِيمَا يَخُصُّهُ] أَيْ فِي الَّذِي يَخُصُّهُ، أَيْ يَتَعَلَّقُ بِهِ بِالْخُصُوصِ، وَهُوَ الْعَيْنِيُّ [قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ الْمُبَاحَاتِ وَالنَّوَافِلِ] أَيْ لَا الْفَرَائِضِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْكِفَائِيَّ مِثْلُ النَّوَافِلِ [قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْفَرَائِضُ] أَيْ الْعَيْنِيَّةُ.

ص: 18