الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَالْمُطَلَّقَةُ) طَلَاقًا بَائِنًا، أَوْ رَجْعِيًّا وَخَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ (رَضَاعُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا (وَلَدِهَا عَلَى أَبِيهِ وَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ أَجْرَ رَضَاعِهَا إنْ شَاءَتْ) ، وَإِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ تَأْخُذْ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ ثَابِتٌ لَهَا إذَا طَلَبَتْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَيُقْضَى لَهَا حِينَئِذٍ بِهِ إذَا قَالَ الزَّوْجُ عِنْدِي مَنْ تُرْضِعُهُ بِلَا شَيْءٍ، أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، أَمَّا إذَا طَلَبَتْ أَكْثَرَ مِنْهَا فَالْخِيَارُ لِلزَّوْجِ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهَا ذَلِكَ، أَوْ يُؤَاجِرَ غَيْرَهَا، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الرَّضَاعَ حَقٌّ لَهَا لَا عَلَيْهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ «قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لِلْمَرْأَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ وَلَدَهَا مِنْهَا أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ مَا لَمْ تَنْكِحِي» .
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى آخِرِ مَا تَبَرَّعَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَهِيَ الْحَضَانَةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَهُوَ الْجَذْبُ، كَأَنَّهَا تَضُمُّهُ إلَى جَنْبِهَا، وَهِيَ فِي الشَّرْعِ الْكَفَالَةُ، وَالتَّرْبِيَةُ، وَالْقِيَامُ بِجَمِيعِ أُمُورِ الْمَحْضُونِ وَمَصَالِحِهِ، وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ لَا يَحِلُّ أَنْ يُتْرَكَ الطِّفْلُ بِغَيْرِ كَفَالَةٍ فَإِذَا قَامَ بِهِ قَائِمٌ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ وَلَا يَتَعَيَّنُ إلَّا عَلَى الْأَبِ، أَوْ عَلَى الْأُمِّ فِي حَوْلَيْ
ــ
[حاشية العدوي]
لِلطَّرَفَيْنِ إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهَا أَنْ تُرْضِعَ وَإِلَّا اسْتَأْجَرَتْ، وَقَوْلُنَا: الْأَبُ فَقِيرٌ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ إذْ لَوْ كَانَ غَنِيًّا حَيًّا وَأَرَادَتْ أَنْ تُرْضِعَ فَلَهَا أَخْذُ الْأُجْرَةِ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ: عِنْدِي مَنْ يُرْضِعُهُ مَجَّانًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ غَنِيًّا مَيِّتًا فَقَدْ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ فَإِنْ مَاتَ مَلِيًّا أُخِذَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّمُ مَالُهُ عَلَى مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ مُعْدِمًا وَلِلصَّبِيِّ مَالٌ فَمِنْهُ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَأَنَّثَ الْفِعْلَ إلَخْ] أَيْ حَيْثُ قَالَ لَا تُرْضِعُ بِالتَّاءِ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ الْفَاكِهَانِيِّ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى اللَّفْظِ لَكَانَتْ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ
[قَوْلُهُ: وَلِلْمُطَلَّقَةِ رَضَاعُ وَلَدِهَا] أَيْ بِالْأُجْرَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَبِيهِ وَتَرْجِعُ بِهَا عَلَى أَبِيهِ [قَوْلُهُ: وَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ] ظَاهِرُ تَقْرِيرِ شَارِحِنَا أَنَّ هَذِهِ فِي الْمُطَلَّقَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَكُونَ ضَرُورِيَّ الذِّكْرِ مَعَ قَوْلِهِ عَلَى أَبِيهِ إلَّا لِكَوْنِهِ تَصْرِيحًا بِالتَّخْيِيرِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَلَى شَرِيفَةِ الْقَدْرِ حَتَّى لَا يَكُونَ تَكْرَارًا، فَقَالَ وَلَهَا أَيْ الَّتِي لَا يَلْزَمُهَا الْإِرْضَاعُ لِعُلُوِّ قَدْرِهَا أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا وَتَأْخُذَ أُجْرَةَ رَضَاعِهَا مِنْ أَبِيهِ إنْ شَاءَتْ، وَلَوْ كَانَتْ فِي عِصْمَةِ أَبِيهِ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَعَلَى حَمْلِ هَذَا عَلَى مَا فِي الْعِصْمَةِ انْدَفَعَ تَكْرَارُ هَذِهِ مَعَ مَا قَبْلَهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلْأُمِّ الَّتِي لَا يَلْزَمُهَا الْإِرْضَاعُ مِنْ شَرِيفَةِ قَدْرٍ أَوْ بَائِنٍ أَنْ تَرْجِعَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ الْأَبِ أَوْ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ [قَوْلُهُ: إنَّ الرَّضَاعَ حَقٌّ لَهَا لَا عَلَيْهَا] اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الرَّضَاعِ هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلْأُمِّ أَوْ عَلَى الْأُمِّ وَذَكَرَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْأُمِّ، وَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لَهَا أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَعَلَى أَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهَا، وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا تَقَرَّرَ فِي الْفِقْهِ أَنَّ لَهَا الْأُجْرَةَ فِي مَسَائِلَ وَلَا أُجْرَةَ لَهَا فِي أُخْرَى فَإِذَا كَانَ الْحَالُ كَذَلِكَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ الْخِلَافُ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يُقَالُ حَقٌّ عَلَيْهَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ إذَا لَمْ تَكُنْ ذَاتَ قَدْرٍ، وَحَقٌّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا وَحَقٌّ عَلَيْهَا إذَا أَعْدَمَ الْأَبُ
[أَحْكَام الْحَضَانَةُ]
[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا]، وَالْأَشْهَرُ الْفَتْحُ وَلِذَا قَدَّمَهُ [قَوْلُهُ: مَأْخُوذَةٌ إلَخْ] لَمْ يُرِدْ بِهِ الِاشْتِقَاقَ؛ لِأَنَّ الْحِضْنَ بِالْكَسْرِ لَيْسَ مَصْدَرًا قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجَذْبُ بِالْجِيمِ، وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ الْجَنْبُ، وَيُرَجِّحُ ذَلِكَ قَوْلُ التَّنْبِيهِ: الْحَضَانَةُ مَصْدَرُ حَضَنْت الصَّبِيَّ حَضَانَةً تَحَمَّلْت مُؤْنَتَهُ وَتَرْبِيَتَهُ، وَعَنْ ابْنِ الْقَطَّاعِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَجَمْعُهَا أَحْضَانٌ وَهُوَ الْجَنْبُ كَأَنَّهَا تَضُمُّهُ إلَى جَانِبِهَا، وَهُوَ مَا تَحْتَ الْإِبْطِ إلَى الْكَشْحِ وَهُوَ الْخَصْرُ اهـ.
[قَوْلُهُ: كَأَنَّهَا تَضُمُّهُ إلَى جَنْبِهَا] لَا يَخْفَى أَنَّ الضَّمَّ مُحَقَّقٌ عُرْفًا فَالتَّعْبِيرُ بِكَأَنَّ غَيْرُ مُنَاسِبٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّعْبِيرُ بِهِ نَظَرًا إلَى الْعَقْلِ أَوْ أَنَّهَا لِلتَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الشَّرْعِ الْكَفَالَةُ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ مَعْنًى لُغَوِيٌّ لِلْحَضَّانَةِ، وَإِذَا نَظَرْت وَجَدْت الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ عَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَتَعْبِيرُهُ يُؤْذِنُ بِالْمُغَايَرَةِ [قَوْلُهُ: وَالتَّرْبِيَةُ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ، وَالْقِيَامُ بِجَمِيعِ أُمُورِ الْمَحْضُونِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إلَخْ] هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِابْنِ رُشْدٍ [قَوْلُهُ: فَإِذَا قَامَ بِهِ] أَيْ بِالْكَفَالَةِ بِمَعْنَى الْقِيَامِ
[قَوْلُهُ: سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ] كَمَا هُوَ شَأْنُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ زَادَ غَيْرُهُ فَإِذَا لَمْ يَقُومُوا بِهِ فَهُمْ عَاصُونَ لِلَّهِ وَرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -
رَضَاعَةٍ، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا مَالَ لَهُ، أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَكِنْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا.
، وَالْحَضَانَةُ تَكُونُ فِي النِّسَاءِ وَفِي الرِّجَالِ، وَلَهَا شُرُوطٌ مُشْتَرَكَةٌ وَمُخْتَصَّةٌ فَالْمُشْتَرَكَةُ الْعَقْلُ وَأَلَّا يَكُونَ زَمِنًا وَلَا عَاجِزًا وَأَنْ يَكُونَ مَنْزِلُهُ حِرْزًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُنْثَى، وَأَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا فِي دِينِهِ وَأَلَّا يَكُونَ بِهِ جُذَامٌ وَلَا بَرَصٌ مُضِرَّانِ وَأَنْ يَكُونَ رَشِيدًا وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ، وَالْمُخْتَصَّةُ بِالذَّكَرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ الطِّفْلَ مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ سُرِّيَّةٍ وَأَنْ يَكُونَ عَاصِبًا لَا غَيْرُهُ، إلَّا الْأَخُ لِلْأُمِّ، وَالْمُخْتَصُّ بِالْأُنْثَى أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً مِنْ زَوْجٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ الْمَحْضُونِ دَخَلَ بِهَا وَأَنْ تَكُونَ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ عَلَيْهِ فَبِنْتُ الْخَالَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَيُعَاقَبُونَ عَلَى فِعْلِهِمْ اهـ.
[قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى الْأَبِ] أَيْ وَحْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: فِي حَوْلَيْ رَضَاعِهِ] ظَاهِرٌ فِي رُجُوعِهِ لِلْأُمِّ وَسَكَتَ عَنْهُ فِي جَانِبِ الْأَبِ، وَالظَّاهِرُ لَا فَرْقَ [قَوْلُهُ: وَلَا مَالَ لَهُ] يَحْتَمِلُ عَوْدَهُ عَلَى الْأَبِ وَيَحْتَمِلُ عَوْدَهُ عَلَى الطِّفْلِ هَذَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، وَمُقْتَضَى مَا بَعْدَهُ تَرْجِيحُ الثَّانِي أَفَادَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ [قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا] أَيْ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا أَبَ لَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا.
وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ قَالَ عج، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ الْحَضَانَةَ تَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَبِ وَعَلَى الْأُمِّ بِشَرْطِهَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْمَحْضُونِ وَلَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْحَاضِنِ، إذْ عَلَى الْأَوَّلِ يَسْتَوِي الْجَمِيعُ فِي عَدَمِ التَّعْيِينِ وَعَلَى الثَّانِي يَسْتَوِي الْجَمِيعُ أَيْضًا، فِي الْحُكْمِ قُلْت لَعَلَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَبِ، وَالْأُمِّ بِشَرْطِهَا ثُمَّ إنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ فِي وُجُوبِ الْحَضَانَةِ عَلَى الْأُمِّ غَيْرُ التَّفْصِيلِ فِي وُجُوبِ الرَّضَاعِ عَلَيْهَا، وَهُوَ يُفِيدُ اخْتِلَافَ الرَّضَاعِ، وَالْحَضَانَةِ اهـ.
أَقُولُ بَعْدَ هَذَا فَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَالْحَضَانَةُ تَكُونُ فِي النِّسَاءِ، وَالرِّجَالِ الْمُبَيِّنُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ الْأُمِّ وَتَأْخِيرِ الْأَبِ بَعْدُ، وَأَنَّهَا تَسْتَمِرُّ فِي حَقِّ الذَّكَرِ لِلْبُلُوغِ وَفِي حَقِّ الْأُنْثَى حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ وَلَا يَتَعَيَّنُ عَائِدٌ عَلَيْهَا لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى الْإِرْضَاعِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَبِ أَيْ فِي صُوَرِ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ أَيْ أَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَهِيَ غَيْرُ شَرِيفَةٍ فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ.
[قَوْلُهُ: فَالْمُشْتَرَكَةُ الْعَقْلُ] فَالْمَجْنُونُ، وَلَوْ غَيْرَ مُطْبَقٍ لَا حَضَانَةَ لَهُ، وَكَذَا مَنْ بِهِ طَيْشٌ [قَوْلُهُ: وَلَا عَاجِزًا] عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ هَذَا: وَالْكَفَاءَةُ بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بِأَمْرِ الْمَحْضُونِ، فَالزَّمِنُ، وَالْمُسِنُّ، وَالْأَعْمَى، وَالْأَخْرَسُ، وَالْأَصَمُّ لَا حَضَانَةَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ مَنْ يَحْضُنُ [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مَنْزِلُهُ حِرْزًا إلَخْ] أَيْ إمَّا مِنْ ابْتِدَاءِ الْحَضَانَةِ فِي مُطِيقَةِ أَوْ مِنْ إطَاقَتِهَا بَعْدَ مُدَّةٍ فَيُشْتَرَطُ حِرْزٌ مَكَانَهَا حِينَئِذٍ لَا قَبْلَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ، وَالْمَالِ فَلَا يُخْشَى سَرِقَةُ مَالِهَا.
وَمِثْلُ الْأُنْثَى الذَّكَرُ إذَا كَانَ يُخْشَى مِنْهُ الْفَسَادُ [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا فِي دِينِهِ] لَا إنْ كَانَ شِرِّيبًا يَذْهَبُ يَشْرَبُ وَيَتْرُكُ ابْنَتَهُ مَثَلًا يَدْخُلُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ [قَوْلُهُ: وَأَلَّا يَكُونَ بِهِ جُذَامٌ وَلَا بَرَصٌ مُضِرَّانِ] وَأَمَّا الْخَفِيفُ فَلَا يَمْنَعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَلَّا تَقُومَ بِهِ الْعَاهَاتُ الْمُضِرَّةُ الَّتِي يُخْشَى حُدُوثُ مِثْلِهَا بِالْوَلَدِ، وَلَوْ جَرَبًا دَامِيًا وَحَكَّةً، فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ قُصُورٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجَرَبَ يُدْمِي، وَالْحَكَّةَ لَا تُدْمِي، وَلَوْ كَانَ بِالْمَحْضُونِ أَيْضًا إذْ قَدْ يَحْصُلُ بِانْضِمَامِهِمَا زِيَادَةٌ فِي جُذَامِ الْمَحْضُونِ مَثَلًا.
[قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ رَشِيدًا] أَيْ قَامَ بِهِ نَوْعٌ مِنْ الرُّشْدِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَافِظًا لِلْمَالِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَالِغِ فِي أَنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ قَدْ يَكُونُ لَهُ حِفْظٌ، وَيَكُونُ مَنْ يَحْضُنُهُ يَحْضُنُ مَعَهُ الْمَحْضُونَ الصَّغِيرَ وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الْقَسْوَةِ فَمَنْ عُلِمَ مِنْهُ قِلَّةُ الْحَنَانِ، وَالشَّفَقَةِ إمَّا لِطَبْعِهِ أَوْ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبَوَيْ الْمَحْضُونِ قُدِّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ [قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ] .
وَلَوْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ مِنْ مُسْلِمَةٍ إلَّا أَنَّهَا تُمْنَعُ أَنْ تُغَذِّيَ الطِّفْلَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ [قَوْلُهُ: مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ] أَيْ مِنْ زَوْجَةٍ مُسْتَوْفَاةٍ لِشُرُوطِ الْحَاضِنِ أَوْ سُرِّيَّةٍ أَوْ أَمَةِ خِدْمَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ كَذَلِكَ أَوْ مُتَبَرِّعَةٍ [قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً مِنْ زَوْجٍ أَجْنَبِيٍّ إلَخْ] إنَّمَا سَقَطَ حَقُّهَا حَيْثُ تَزَوَّجَتْ لِاشْتِغَالِهَا بِالزَّوْجِ عَنْ الطِّفْلِ وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ فِي السُّقُوطِ الدُّخُولُ إذْ قَبْلَهُ لَمْ يَحْصُلْ اشْتِغَالٌ عَنْ الْوَلَدِ، فَلَيْسَ الدَّعْوَى لِلدُّخُولِ كَالدُّخُولِ وَمَحِلُّ السُّقُوطِ بِالدُّخُولِ، وَالِانْتِقَالِ لِمَنْ بَعْدَهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ بِالدُّخُولِ وَبِالْحُكْمِ، وَيَسْكُتُ الْعَامَ وَإِلَّا اسْتَمَرَّتْ حَضَانَتُهَا
وَنَحْوُهَا لَا حَضَانَةَ لَهَا.
(وَالْحَضَانَةُ) حَقٌّ (لِلْأُمِّ) حُرَّةً كَانَتْ، أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ، أَوْ كِتَابِيَّةً رَشِيدَةً، أَوْ سَفِيهَةً (بَعْدَ الطَّلَاقِ) وَبَعْدَ الْوَفَاةِ مَا لَمْ تُسْقِطْهَا (إلَى احْتِلَامِ الذَّكَرِ) أَيْ إنْزَالِهِ فِي النَّوْمِ لِرُؤْيَةِ جِمَاعٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَ) إلَى (نِكَاحِ الْأُنْثَى) بِمَعْنَى الْعَقْدِ عَلَيْهَا (وَدُخُولٍ بِهَا) ق ظَاهِرُ قَوْلِهِ إلَى احْتِلَامِ الذَّكَرِ سَوَاءٌ كَانَ زَمِنًا أَمْ لَا وَقَالَ فِيمَا يَأْتِي وَلَا زَمَانَةَ بِهِمْ فَهَلْ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا
(وَذَلِكَ) أَيْ الْحَضَانَةُ تَنْتَقِلُ (بَعْدَ الْأُمِّ إنْ مَاتَتْ، أَوْ نَكَحَتْ) أَجْنَبِيًّا مِنْ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ وَدَخَلَ بِهَا (لِلْجَدَّةِ) أُمِّ الْأُمِّ ثُمَّ جَدَّةِ الْأُمِّ، وَإِنْ بَعُدَتْ.
قَالَهُ ابْنُ رَشِيقٍ وَيُشْتَرَطُ فِي اسْتِحْقَاقِهَا الْحَضَانَةَ أَنْ تَنْفَرِدَ بِالطِّفْلِ فِي مَسْكَنٍ غَيْرِ مَسْكَنِ الْأُمِّ الَّتِي سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا (ثُمَّ) بَعْدَ جَدَّةِ الْأُمِّ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ (لِلْخَالَةِ) أَيْ خَالَةِ الطِّفْلِ أُخْتِ أُمِّهِ الشَّقِيقَةِ ثُمَّ الَّتِي لِلْأُمِّ ثُمَّ الَّتِي لِلْأَبِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ الْخَالَةِ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِخَالَةِ خَالَةِ الطِّفْلِ، وَهِيَ أُخْتُ جَدَّةِ الطِّفْلِ لِأُمِّهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا لِلْجَدَّةِ الَّتِي لِلْأَبِ أَيْ أُمِّ الْأَبِ ثُمَّ جَدَّةِ الْأَبِ لِأَبِيهِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
كَمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَحْرَمًا لِلْمَحْضُونِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَضَانَةٌ كَخَالِهِ وَتَزَوَّجَ بِالْحَضَانَةِ غَيْرَ الْأُمِّ، أَوْ كَانَ وَلِيًّا لِلْمَحْضُونِ كَابْنِ عَمِّهِ أَوْ كَانَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَ الْحَاضِنَةِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُرْضِعُهُ عِنْدَ مَنْ تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ، وَإِلَّا اسْتَمَرَّتْ الْحَضَانَةُ لِذَاتِ الزَّوْجِ وَهَذِهِ الشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْمُبَاشَرَةِ فَمَنْ اتَّصَفَ بِضِدِّهَا سَقَطَ حَقُّهُ جُمْلَةً، إلَّا الْقُدْرَةَ فَإِنَّهَا شَرْطٌ فِي الْمُبَاشَرَةِ فَالْحَاضِنُ الْمُسِنُّ لَوْ طَلَبَ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَحْضُنُ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ [قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمَةً عَلَيْهِ] فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ رَحِمٍ وَلَمْ تَكُنْ مَحْرَمَةً عَلَيْهِ كَبِنْتِ الْخَالَةِ وَبِنْتِ الْعَمَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَلَمْ تَكُنْ ذَاتَ رَحِمٍ لَهُ كَالْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ بِالصُّهَارَةِ أَوْ الرَّضَاعِ
[قَوْلُهُ: أَوْ سَفِيهَةً] هَذَا مُرُورٌ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَوْلُهُ أَوَّلًا. وَأَنْ يَكُونَ رَشِيدًا مُرُورٌ عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ اشْتِرَاطِ الرُّشْدِ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَرُشْدٌ وَضَعَّفَ اللَّقَانِيُّ كَلَامَ الْمُخْتَصَرِ وَاعْتَمَدَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ [قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُسْقِطْهَا] مَحِلُّ الْإِسْقَاطِ مَا عَدَا الصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَهُمَا إذَا مَاتَ أَبُوهُ وَلَا مَالَ لِلْوَلَدِ أَوْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّهَا إذَا أَسْقَطَتْهَا ثُمَّ طَلَبَتْهَا فَلَا تَرْجِعُ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ [قَوْلُهُ: الذَّكَرِ] أَيْ الْمُحَقَّقِ فَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ تَسْتَمِرُّ حَضَانَتُهُ مَا دَامَ مُشْكِلًا، وَالْمَدَارُ عَلَى عَلَامَةِ الْبُلُوغِ بِغَيْرِ الْإِنْبَاتِ، فَلَا يُعْتَبَرُ هُنَا الْبُلُوغُ بِالْإِنْبَاتِ لِلْخِلَافِ فِيهِ [قَوْلُهُ: وَإِلَى نِكَاحِ الْأُنْثَى إلَخْ] وَلَا يَكْفِي الدَّعْوَةُ لِلدُّخُولِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الدُّخُولِ، وَإِنْ صَغِيرَيْنِ وَاسْتَمَرَّتْ نَفَقَتُهَا عَلَى أَبِيهَا.
تَنْبِيهٌ:
لَوْ سَقَطَتْ بِالتَّزْوِيجِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ فَفُسِخَ فَتَعُودُ الْحَضَانَةُ.
[قَوْلُهُ: فَهَلْ يُحْمَلُ إلَخْ] لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَوْ بَلَغَ، وَلَوْ زَمِنًا أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ أَوْ مَجْنُونًا سَقَطَتْ حَضَانَةُ الْأُمِّ
[قَوْلُهُ: أَوْ نَكَحَتْ أَجْنَبِيًّا مِنْ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ] أَيْ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِأَحَدٍ مِنْ الْأَقَارِبِ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَحْرَمًا عَلَيْهِ كَالْعَمِّ، وَالْجَدِّ لِلْأَبِ أَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ عَلَيْهِ كَابْنِ الْعَمِّ أَوْ مِمَّنْ لَا حَضَانَةَ لَهُ وَهُوَ مَحْرَمٌ عَلَيْهِ، كَالْخَالِ، وَالْجَدِّ لِلْأُمِّ فَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ مَنْ لَهُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ أَجْنَبِيًّا [قَوْلُهُ: لِلْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ] فِي كَلَامِهِ قُصُورٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ الْجَدَّةِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَيَشْمَلُ جِهَةَ الذُّكُورِ وَجِهَةَ الْإِنَاثِ، لَكِنَّ جِهَةَ الْإِنَاثِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى جِهَةِ الذُّكُورِ [قَوْلُهُ: أَنْ تَنْفَرِدَ بِالطِّفْلِ] لَا خُصُوصِيَّةَ لَهَا بِذَلِكَ بَلْ كُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ الْحَضَانَةَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالسُّكْنَى عَنْ الَّتِي سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا [قَوْلُهُ: ثُمَّ الَّتِي لِلْأَبِ] أَيْ فَهِيَ بَعْدَ الَّتِي لِلْأُمِّ وَرَجَّحَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُخْتَصَرِ، أَنْ لَا حَضَانَةَ لِلْخَالَةِ أُخْتِ الْأُمِّ مِنْ الْأَبِ [قَوْلُهُ: وَهِيَ أُخْتُ جَدَّةِ الطِّفْلِ لِأُمِّهِ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تِلْكَ الْخَالَةَ الَّتِي خَالَتُهَا حَاضِنَةٌ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ أُخْتَ الْأُمِّ شَقِيقَةً أَوْ لِأُمٍّ لَا لِأَبٍ؛ لِأَنَّ خَالَتَهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْ الْمَحْضُونِ فَلَا تَسْتَحِقُّ حَضَانَةً [قَوْلُهُ: ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا إلَخْ] أَسْقَطَ الشَّارِحُ مَرْتَبَةً قَبْلَ الْجَدَّةِ وَهِيَ عَمَّةُ الْأُمِّ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ عَمَّةِ الْأُمِّ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا الْجَدَّةُ [قَوْلُهُ: ثُمَّ جَدَّةِ الْأَبِ لِأَبِيهِ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ
ذَوِي رَحِمِ الْأُمِّ أَحَدٌ) مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَمِمَّنْ لَمْ نَذْكُرْ مِثْلُ خَالَةِ الْأُمِّ وَلَا مِنْ غَيْرِ ذَوِي رَحِمِ الْأُمِّ، وَهِيَ الْجَدَّةُ لِلْأَبِ وَجَدَّةُ أَبِي الْأَبِ، (فَ) الْمُسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ لِلْحَضَّانَةِ (الْأَخَوَاتُ) فَتُقَدَّمُ الشَّقِيقَةُ ثُمَّ الَّتِي لِلْأُمِّ ثُمَّ الَّتِي لِلْأَبِ.
(وَ) يَلِي الْأَخَوَاتِ (الْعَمَّاتُ) عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ (فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا) صَوَابُهُ يَكُنَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ لِلْأَخَوَاتِ، وَالْعَمَّاتِ لَكِنْ ذَكَرَ بِاعْتِبَارِ الْأَشْخَاصِ؛ التَّقْدِيرُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا مَوْجُودًا، أَوْ كَانَ إلَّا أَنَّهُ سَقَطَ لِمَانِعٍ (فَ) الْمُسْتَحِقُّ لِلْحَضَانَةِ حِينَئِذٍ (الْعَصَبَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَبَ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْعَمَّاتِ، وَالْأَخَوَاتِ وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّ الْأَبَ يَلِي جَدَّةَ الْأَبِ وَتَلِيهِ أُخْتُ الطِّفْلِ وَتَلِيهَا عَمَّتُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ لَا حَضَانَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّ الْوَصِيَّ مُقَدَّمٌ عَلَى سَائِرِ الْعَصَبَةِ وَيَلِيهِ الْأَخُ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ الْعَمُّ ثُمَّ ابْنُهُ، وَيُقَدَّمُ الشَّقِيقُ فِي الْجَمِيعِ ثُمَّ الَّذِي لِلْأُمِّ ثُمَّ الَّذِي لِلْأَبِ.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَوَجْهُ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْحَاضِنِينَ عَلَى بَعْضٍ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ قُوَّةُ الشَّفَقَةِ فِي الْمُقَدَّمِ، وَلِهَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَوْ عُلِمَ مِمَّنْ قَدَّمْنَا قِلَّةُ الْحَنَانِ، وَالْعَطْفِ بِجَفَاءٍ، أَوْ قَسَاوَةٍ فِي الطَّبْعِ، أَوْ لِأَمْرٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ وَأَبِيهِ، وَعُلِمَ مِمَّنْ أَخَّرْنَاهُ الْحَنَانُ، وَالْعَطْفُ لَقُدِّمَ عَلَى مَنْ عُلِمَ مِنْهُ الْقَسَاوَةُ
ــ
[حاشية العدوي]
الْجَدَّةِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَيَشْمَلُ جِهَةَ الذُّكُورِ وَجِهَةَ الْإِنَاثِ، لَكِنَّ جِهَةَ الْإِنَاثِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى جِهَةِ الذُّكُورِ فَعَلَى هَذَا تَقَدَّمَ أُمُّ أُمِّ الْأُمِّ عَلَى أُمِّ الْجَدِّ خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ [قَوْلُهُ: مِثْلُ خَالَةِ الْأُمِّ] أَيْ الَّتِي هِيَ أُمُّ الْخَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا الشَّارِحُ [قَوْلُهُ: وَهِيَ الْجَدَّةُ لِلْأَبِ] أَيْ الْجَدَّةُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَهِيَ أُمُّ الْأَبِ.
وَقَوْلُهُ وَجَدَّةُ أَبِي الْأَبِ الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ أَنْ يَقُولَ وَجَدَّةُ الْأَبِ [قَوْلُهُ: فَالْمُسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ لِلْحَضَانَةِ الْأَخَوَاتُ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْأَبُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَخَوَاتِ [قَوْلُهُ: الْعَمَّاتُ] الْمُرَادُ عَمَّتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَمَّةُ أُخْتَ الْأَبِ أَوْ أُخْتَ أَبِي الْأَبِ، وَبَعْدَ الْعَمَّةِ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ الْخَالَةُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَهِيَ بَعْدَ عَمَّةِ الْأَبِ وَسَوَاءٌ أُخْتُ أُمِّ الْأَبِ أَوْ أُخْتُ أُمِّ أَبِيهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِنْتُ الْأَخِ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ ثُمَّ بِنْتُ الْأُخْتِ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ لِلْأَخَوَاتِ، وَالْعَمَّاتِ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ رَاجِعٌ لِلْعَمَّاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ [قَوْلُهُ: عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ] أَيْ مِنْ كَوْنِ الشَّقِيقَةِ تُقَدَّمُ ثُمَّ الَّتِي لِلْأُمِّ ثُمَّ الَّتِي لِلْأَبِ وَقَوْلُهُ لَا حَضَانَةَ لَهُ أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ [قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّ الْوَصِيَّ مُقَدَّمٌ عَلَى سَائِرِ الْعَصَبَةِ] أَيْ فَبَعْدَ بِنْتِ الْأُخْتِ الْوَصِيُّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إنْ كَانَ الْمَحْضُونُ ذَكَرًا، وَكَذَا أُنْثَى، وَالْوَصِيُّ ذَكَرًا، وَالْمَحْضُونَةُ لَا تُطِيقُ كَمُطِيقَةٍ إنْ تَزَوَّجَ الْوَصِيُّ بِأُمِّهَا أَوْ جَدَّتِهَا وَتَلَذَّذَ حَتَّى صَارَتْ مَحْرَمًا، وَإِلَّا فَلَا حَضَانَةَ لَهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَمِثْلُ الْوَصِيِّ وَصِيُّ الْوَصِيِّ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي [قَوْلُهُ: وَيَلِيهِ الْأَخُ] الشَّقِيقُ ثُمَّ الَّذِي لِلْأُمِّ ثُمَّ الَّذِي لِلْأَبِ [قَوْلُهُ: ثُمَّ ابْنُهُ] أَسْقَطَ مَرْتَبَةً وَهُوَ الْجَدُّ فَالْجَدُّ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ الْأَخِ وَابْنِهِ، وَهَلْ الْمُرَادُ هُنَا الْجَدُّ دِنْيّة أَيْ، وَإِنْ عَلَا احْتِمَالَانِ لِابْنِ رُشْدٍ رَاجِعْ تَحْقِيقَ الْمَبَانِي.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَمُّ] أَيْ عَمُّ الْمَحْضُونِ وَأَمَّا الْجَدُّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، ثُمَّ يَلِي مَرْتَبَةَ الْعَمِّ وَابْنِهِ الْمَوْلَى الْأَعْلَى وَهُوَ الْمُعْتَقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَسْفَلُ وَصُورَتُهُ: إنْسَانٌ انْتَقَلَ إلَيْهِ حَضَانَةٌ وَهُوَ مَوْلَى أَعْلَى فَوُجِدَ قَدْ مَاتَ وَلَهُ عَتِيقٌ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَنْتَقِلُ لِلْعَتِيقِ، وَانْظُرْ هَلْ لِعَصَبَةِ الْأَسْفَلِ نَسَبًا حَضَانَةٌ أَمْ لَا.
تَنْبِيهٌ:
إذَا حَصَلَ اتِّحَادٌ كَمُعْتَقَيْنِ وَعَمَّيْنِ مَثَلًا فَيُقَدَّمُ مَنْ هُوَ أَقْوَى شَفَقَةً وَحَنَانًا عَلَى الْمَحْضُونِ، وَيُقَدَّمُ الْأَسَنُّ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالظَّاهِرُ الْقُرْعَةُ فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا صِيَانَةٌ وَفِي الْآخَرِ شَفَقَةٌ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ ذِي الشَّفَقَةِ. تَتِمَّةٌ:
الَّذِي يَقْبِضُ نَفَقَةَ الْمَحْضُونِ الْحَاضِنُ قَهْرًا عَلَى الْأَبِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ بِالْجُمُعَةِ أَوْ الشَّهْرِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ بِالسَّعَةِ وَعَدَمِهَا، وَإِذَا ادَّعَى الْحَاضِنُ ضَيَاعَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى الضَّيَاعِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ، وَالسُّكْنَى تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ فَأُجْرَةُ مَحِلِّ الْحَاضِنِ عَلَى أَبِي الْمَحْضُونِ وَلَا يَلْزَمُ الْحَاضِنَةَ شَيْءٌ وَلَا تَسْتَحِقُّ الْحَاضِنَةُ شَيْئًا لِأَجْلِ