المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مُحْدَثَةٌ لِمَا فِي النَّسَائِيّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني - جـ ٢

[العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي الْجِهَادِ]

- ‌[الْأَمْوَالِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَدُوِّ]

- ‌بَابٌ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُور]

- ‌[الْأَيْمَانِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْكَفَّارَةُ) فِي الْيَمِينِ

- ‌[النُّذُور وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌ تَكَرُّرِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِ تَكَرُّرِهَا بِتَكَرُّرِ الْيَمِينِ

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاح]

- ‌ الصَّدَاقُ

- ‌[الْوِلَايَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَرَاتِبِ الْأَوْلِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّيِّبِ

- ‌ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ

- ‌ الْأَنْكِحَةَ الْفَاسِدَةَ

- ‌[حُكْمَ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ]

- ‌ مُوجِبَ النَّفَقَةِ

- ‌نِكَاحُ التَّفْوِيضِ

- ‌[اخْتِلَاف دِين الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ نِكَاحِهَا

- ‌ شُرُوطِ الْوَلِيِّ

- ‌[الطَّلَاقِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاقَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌ الرَّجْعَةِ

- ‌ الْخُلْعِ

- ‌[أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْإِيلَاءِ]

- ‌[بَابٌ فِي الظِّهَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌ صِفَةُ اللِّعَانِ

- ‌[أَحْكَامٍ اللِّعَان]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَنَفَقَةِ الْمُطَلَّقَة]

- ‌[حُكْم الْإِحْدَادُ]

- ‌[أَحْكَام الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[نَفَقَة الْمُطَلَّقَة]

- ‌[أَحْكَام الرَّضَاعَة]

- ‌[أَحْكَام الْحَضَانَةُ]

- ‌[بَاب النَّفَقَة]

- ‌ بَابٌ فِي الْبُيُوعِ

- ‌[الربا وَأَنْوَاعه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَسَائِلَ مَمْنُوعَةٍ فِي الْبَيْع]

- ‌[خِيَار النَّقِيصَة]

- ‌ خِيَارِ التَّرَوِّي

- ‌ حُكْمِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ

- ‌[تَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَتَأْخِيرِهِ بِزِيَادَةٍ]

- ‌ الزِّيَادَةِ فِي الْقَرْضِ عِنْدَ الْأَجَلِ

- ‌ تَعْجِيلِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ

- ‌[بَيْع الثمر قَبْل بدو صلاحه]

- ‌[مَسَائِل مُتَنَوِّعَة فِي الْبَيْع]

- ‌[السَّلَم وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ مَسَائِلِ بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌ بَيْعِ الْجُزَافِ

- ‌[سَوْم الْإِنْسَان عَلَيَّ سَوْم أخيه]

- ‌[مَا يَنْعَقِد بِهِ الْبَيْع]

- ‌[الْإِجَارَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْجَعَالَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْكِرَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الشَّرِكَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا مِنْ أَحْكَام]

- ‌[أَرْكَان الشَّرِكَة]

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[الْمُزَارَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْجَوَائِحِ

- ‌الْعَرَايَا

- ‌ بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[التَّدْبِير وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الْكِتَابَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَام الْعِتْق وَالْوَلَاء]

- ‌بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ

- ‌[بَاب الْهِبَة وَالصَّدَقَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[مَطْلَبُ فِي الرَّهْنِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَارِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَدِيعَة]

- ‌[أَحْكَام اللُّقَطَة]

- ‌[الْغَصْب وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْمُثْبِتِ لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْحُدُود] [

- ‌[أَحْكَام الْقَسَامَة]

- ‌قَتْلُ الْغِيلَةِ)

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[الدِّيَة فِي النَّفْس]

- ‌ دِيَةَ الْأَعْضَاءِ

- ‌[دِيَة الْجِرَاحَات]

- ‌[عَلَيَّ مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[مِنْ يَقْتُلُونَ وجوبا]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[حَدّ الزِّنَا]

- ‌حَدَّ الْقَذْفِ

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[حَدّ الشُّرْب]

- ‌[كَيْفِيَّة إقَامَة الْحَدّ]

- ‌[حَدّ السَّرِقَة]

- ‌[بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ]

- ‌[الأقضية وَأَحْكَامهَا]

- ‌[أَحْكَام الشَّهَادَات]

- ‌[مَسَائِل فِي الْوَكَالَة]

- ‌[أَحْكَام الصُّلْح]

- ‌ مَسَائِلَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ

- ‌[أَحْكَام الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[أَحْكَام الْوَصِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْحِيَازَةِ]

- ‌[بَاب الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالسَّبَبِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَرِثُ بِالنَّسَبِ

- ‌[مِنْ يحجب الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات الْأَشِقَّاء]

- ‌ حُكْمِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

- ‌ مِيرَاثِ الْجَدَّاتِ

- ‌[مِيرَاث الْجَدّ]

- ‌[مَسْأَلَة المعادة]

- ‌[مَا يَرِثُهُ مَوْلَى النِّعْمَةِ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ]

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمَسْأَلَةِ الْغَرَّاءِ

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَجُمَلٍ مِنْ السُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ الْفِطْرَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ آدَابِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ السَّلَامِ]

- ‌ بَابٌ فِي التَّعَالُجِ]

- ‌ بَابٌ فِي الرُّؤْيَا]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: مُحْدَثَةٌ لِمَا فِي النَّسَائِيّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه

مُحْدَثَةٌ لِمَا فِي النَّسَائِيّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَخْبَرَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا فَقَامَ غَضْبَانَ، ثُمَّ قَالَ: أَتَلْعَبُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ» (وَ) مَعَ ذَلِكَ (يَلْزَمُهُ) الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ (إنْ وَقَعَ) فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ.

(وَ) أَمَّا الثَّانِي فَهُوَ (طَلَاقُ السُّنَّةِ) أَيْ الَّذِي أَذِنَتْ فِيهِ السُّنَّةُ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ (مُبَاحٌ) ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ:(وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَقْرَبْهَا) أَيْ لَمْ يُجَامِعْهَا (فِيهِ طَلْقَةً) وَاحِدَةً (ثُمَّ لَا يُتْبِعُهَا طَلَاقًا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ) فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ قُيُودٍ مَتَى فُقِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ سُنِّيًّا، فَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي طُهْرٍ مِمَّا إذَا طَلَّقَهَا فِي حَيْضٍ، وَلَمْ يَقْرَبْهَا فِيهِ مِمَّا إذَا طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ، وَبِطَلْقَةٍ مِمَّا إذَا طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَبِلَا يُتْبِعُهَا إلَخْ

ــ

[حاشية العدوي]

أَنْوَاعِهِ] أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِاعْتِبَارِ النَّوْعِيَّةِ لَا بِاعْتِبَارِ الصِّيغَةِ، وَلَا بِاعْتِبَارِ غَيْرِهَا مِنْ الِاعْتِبَارَاتِ. [قَوْلُهُ: وَطَلَاقُ الثَّلَاثِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ] أَوْ فِي حُكْمِ الْكَلِمَةِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ تَأْكِيدٍ. [قَوْلُهُ: أَيْ مُحْدَثَةٌ] أَيْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا بَلْ أُمِرَ بِخِلَافِهَا فَلَا يُنَافِي وُقُوعَهَا فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم. [قَوْلُهُ: تَطْلِيقَاتٍ] جَمْعُ تَطْلِيقَةٍ مَصْدَرُ طَلَّقَ.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقًا. اهـ. فَتَطْلِيقَةٌ مَصْدَرٌ دَالٌّ عَلَى الْوَحْدَةِ. [قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ] ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ. [قَوْلُهُ: «أَتَلْعَبُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ» ] أَيْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ وَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَكُلِّ مُشَارِكٍ لَهُ فِي ذَلِكَ [قَوْلُهُ: «وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ» ] أَيْ بَيْنَكُمْ وَفَائِدَةُ إدْخَالِهِ فِي الْكَلَامِ أَنَّ إقَامَتَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِظْهَارِ بِهِمْ وَالِاسْتِنَادِ إلَيْهِمْ، وَكَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ ظَهْرًا مِنْهُمْ قُدَّامَهُ وَظَهْرًا وَرَاءَهُ فَكَأَنَّهُ مَكْتُوفٌ مِنْ جَانِبَيْهِ هَذَا أَصْلُهُ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اُسْتُعْمِلَ فِي الْإِقَامَةِ بَيْنَ الْقَوْمِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَكْتُوفٍ فِيهِمْ.

قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ] ، وَقِيلَ وَاحِدَةٌ.

[قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ] أَيْ جَائِزٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الطَّلَاقَ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» ، وَإِضَافَتُهُ إلَى السُّنَّةِ، وَإِنْ جَاءَ الْإِذْنُ فِيهِ أَيْضًا مِنْ الْكِتَابِ فِي قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: 1] ؛ لِأَنَّ قُيُودَهُ مِنْ السُّنَّةِ [قَوْلُهُ: فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ قُيُودٍ] وَزِيدَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الطَّلْقَةُ كَامِلَةً، وَأَنْ يُوقِعَهَا عَلَى جَمِيعِ الْمَرْأَةِ، وَالْبِدْعِيُّ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ حَرَامٌ فِي زَمَنِهِ، وَيُجْبَرُ عَلَى‌

‌ الرَّجْعَةِ

إنْ طَلَّقَهَا فِيهِ، كَمَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا إذَا طَلَّقَهَا بَيْنَ دَمَيْنِ يُلَفَّقُ ثَانِيهِمَا لِمَا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ غَيْرَ حَرَامٍ بِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمُعَاوَدَةِ الدَّمِ، وَزَادَ فِي الْإِرْشَادِ أَنْ يَكُونَ تَالِيًا لِحَيْضٍ لَمْ يُطَلِّقْ فِيهِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ وَجُبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَطَلَّقَ فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارَ كَمَنْ لَمْ يُرَاجِعْ فِي طَلَاقِ الْحَيْضِ، إذْ الرَّجْعَةُ لَا تَكْمُلُ إلَّا بِالْوَطْءِ، وَإِذَا وَطِئَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ طَلَاقَ السُّنَّةِ، وَزِيدَ آخَرُ، وَهُوَ كَوْنُ الطَّلَاقِ بِلَا عِوَضٍ، وَإِلَّا كُرِهَ تت. [قَوْلُهُ: مِمَّا إذَا طَلَّقَهَا فِي حَيْضٍ] أَيْ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ إجْمَاعًا، وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ، فَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ فَيَكُونُ تَطْوِيلًا عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ، وَقِيلَ تَعَبُّدٌ.

[قَوْلُهُ: مِمَّا إذَا طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ] أَيْ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ: لِلُبْسِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا بِمَاذَا تَكُونُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي هَلْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَزِمَهُ وَاعْتَدَّتْ بِهِ، وَلَا يُؤْمَرُ بِرَجْعَتِهَا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: وَبِلَا يُتْبِعَهَا إلَخْ] وَضَّحَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ بِقَوْلِهِ: فَإِذَا أَتْبَعَهَا طَلَاقًا قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ فَلَيْسَ الطَّلَاقُ الْأَوَّلُ سُنِّيًّا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.

قَالَ بَعْضُهُمْ يُرِيدُ إذَا نَوَى ذَلِكَ عِنْدَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ أَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِهِ، وَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ الثَّانِيَ دَاخِلَ الْعِدَّةِ أَوْ الثَّلَاثَ كَانَ الْأَوَّلُ سُنِّيًّا وَالثَّانِي بِدْعَةٌ، بَلْ مَتَى نَوَى عِنْدَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ أَنْ يُتْبِعَهَا بِأُخْرَى كَانَ الْأَوَّلُ بِدْعِيًّا، وَإِنْ لَمْ يُتْبِعْهَا.

تَتِمَّةٌ: الطَّلَاقُ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ الْإِبَاحَةُ وَالنَّدْبُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْحُرْمَةُ وَالْوُجُوبُ. أَمَّا الْوُجُوبُ: بِأَنْ يَلْزَمَ عَلَى عَدَمِهِ الْإِضْرَارُ بِالْمَرْأَةِ كَأَنْ لَا يَجِدَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهَا أَوْ يَعْجِزَ عَنْ الْوَطْءِ مَعَ عَدَمِ رِضَاهَا بِذَلِكَ.

وَأَمَّا النَّدْبُ: بِأَنْ تَكُونَ زَانِيَةً أَوْ تَارِكَةَ الصَّلَاةِ، وَلَا تَنْزَجِرُ عَنْ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَلْبُهُ مُتَعَلِّقًا بِحُبِّهَا فَلَهُ مَسْكُهَا وَعُلِمَ بَقِيَّةُ الْأَقْسَامِ مِمَّا تَقَدَّمَ.

[الرَّجْعَةِ]

[قَوْلُهُ:

ص: 80

مِمَّا إذَا طَلَّقَ الرَّجْعِيَّةَ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الرَّجْعَةِ فَقَالَ: (وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الَّتِي تَحِيضُ مَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي) حَقِّ (الْحُرَّةِ أَوْ) فِي الْحَيْضَةِ (الثَّانِيَةِ فِي) حَقِّ (الْأَمَةِ) ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ الزَّوْجِيَّةِ بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا مَا عَدَا الْوَطْءَ وَالرَّجْعَةُ تَكُونُ بِالنِّيَّةِ، مَعَ الْقَوْلِ كَرَاجَعْتُهَا، وَأَمْسَكْتهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْقَوْلِ كَالْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ، وَفِي رَجْعَتِهِ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ قَوْلَانِ، وَلَوْ انْفَرَدَ الْقَوْلُ دُونَ النِّيَّةِ فَرَجْعَةٌ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، وَالْوَطْءُ دُونَ النِّيَّةِ لَيْسَ بِرَجْعَةٍ لَا ظَاهِرًا وَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

وَلَهُ الرَّجْعَةُ] الرَّجْعَةُ تَعْتَرِيهَا أَحْكَامٌ خَمْسَةٌ كَمَا تَعْتَرِي النِّكَاحَ، وَأَمْثِلَتُهَا تُعْرَفُ مِنْ أَمْثِلَةِ أَحْكَامِ الطَّلَاقِ، وَلَمَّا كَانَ حُكْمُهَا الْأَصْلِيُّ الْجَوَازَ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُحْرِمًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مُفْلِسًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ، لِقَوْلِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خَمْسَةٌ تَجُوزُ رَجْعَتُهُمْ، وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهُمْ. [قَوْلُهُ: فِي الَّتِي تَحِيضُ] أَيْ وَطَلُقَتْ دُونَ الثَّلَاثِ فِي غَيْرِ زَمَنِ حَيْضٍ، وَأَمَّا الَّتِي طَلُقَتْ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ فَيُرَاجِعُهَا مَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الرَّابِعَةِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً، أَوْ الثَّالِثَةِ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَإِنْ دَخَلَتْ الْحُرَّةُ فِي الرَّابِعَةِ، وَالْأَمَةُ فِي الثَّالِثَةِ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ، لَكِنْ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تُعَجِّلَ الزَّوَاجَ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ حُصُولِ مَا بَعْدَ حَيْضَةٍ فِي بَابِ الْعِدَّةِ، وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ.

[قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْحُرَّةِ] ، وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا، وَقَوْلُهُ فِي حَقِّ الْأَمَةِ، وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالزَّوْجَةِ، فَإِنْ دَخَلَتْ الْحُرَّةُ فِي الثَّالِثَةِ وَالْأَمَةُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهَا، فَإِنْ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالُوهُ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِدَّةِ، هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ فَالْجَوَابُ إذَا رَأَتْ دَمَ الْحَيْضِ الْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ أَيُّ بَعْضٍ لَهُ بَالٌ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى سَاعَةٍ نَادِرٌ، كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنْ فُرِضَ انْقِطَاعُهُ قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا.

وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بِشُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَلَا تَصِحُّ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا يَثْبُتُ بِالدُّخُولِ. ثَانِيهَا أَنْ يَطَأهَا وَطْئًا صَحِيحًا فَلَا تَصِحُّ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَمْ يَطَأْ فِيهِ أَوْ وَطِئَ فِيهِ وَطْئًا حَرَامًا فِي حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صِيَامٍ؛ لِأَنَّهُ كَلَا وَطْءٍ إذْ الْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا. [قَوْلُهُ: كَرَاجَعْتهَا، وَأَمْسَكْتهَا] كَذَا فِي النُّسَخِ رَاجَعْتهَا إلَخْ، وَلَا يُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهِ، فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ إنْ رَاجَعْتهَا صَرِيحَةً وَكَذَا ارْتَجَعْتهَا فَلَا تَفْتَقِرُ لِلنِّيَّةِ، وَكَذَا رَجَعْتهَا عِنْدَ الزَّرْقَانِيِّ، وَأَمَّا أَمْسَكْتهَا فَهِيَ مِنْ الْمُحْتَمَلِ الَّذِي يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَمْسَكْتهَا تَعْذِيبًا لَهَا، وَكَذَا رَجَعْتهَا عِنْدَ غَيْرِ الزَّرْقَانِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رَجَعْت عَنْ صُحْبَتِهَا.

[قَوْلُهُ: كَالْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ] أَيْ مَعَ النِّيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ. [قَوْلُهُ: وَفِي رَجَعْته بِالنِّيَّةِ فَقَطْ قَوْلَانِ إلَخْ] قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الرَّجْعَةَ تَصِحُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا فِي النَّفْسِ، فَإِذَا نَوَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فَقَدْ صَحَّتْ رَجْعَتُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا أَظْهَرَ لَنَا مَا أَضْمَرَ حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ أَيْ بِأَنْ يُجْرِيَ عَلَى قَلْبِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ هِيَ طَالِقٌ لَا أَنَّهُ يَنْوِي طَلَاقَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، إلَّا أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ رَدَّ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ بِقَوْلِهِ، وَيَعِزُّ وُجُودُ هَذَا الْقَوْلِ مَنْصُوصًا فِي الْمَذْهَبِ، إنَّمَا هُوَ تَخْرِيجٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ خَلِيلٌ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ أَيْ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَعَلَى هَذَا التَّصْحِيحِ.

فَلَوْ نَوَى ثُمَّ أَصَابَ فَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةَ بِيَسِيرٍ، فَقَوْلَانِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ كَوْنِ الرَّجْعَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَقَطْ فِيمَا إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَعَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَرُفِعَ لِلْقَاضِي بِسَبَبِ ذَلِكَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالنِّيَّةِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا وَإِذَا مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِرَجْعَتِهِ، فِيهَا بِالنِّيَّةِ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ إرْثُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَإِذَا رَفَعَ لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْهُ.

[قَوْلُهُ: وَلَوْ انْفَرَدَ الْقَوْلُ دُونَ النِّيَّةِ] أَيْ: بِأَنْ تَلَفَّظَ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ هَازِلًا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ هَازِلًا فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ، وَهُوَ رَجْعَةٌ

ص: 81

بَاطِنًا (فَإِنْ كَانَتْ) الْمُطَلَّقَةُ (مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ) لِصِغَرٍ (أَوْ مِمَّنْ يَئِسَتْ مِنْ الْحَيْضِ) ج أَرَادَ بِهَا مَنْ أَيِسَ الْحَيْضُ مِنْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَنْ جَاوَزَ سِنُّهَا الْخَمْسِينَ أَوْ السِّتِّينَ أَوْ السَّبْعِينَ سَنَةً، كَمَا قَالَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ (طَلَّقَهَا مَتَى شَاءَ، وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ) يُطَلِّقُهَا مَتَى شَاءَ وَلَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ إلَخْ لَكَانَ أَنْسَبَ.

(وَتَرْجِعُ الْحَامِلُ مَا

ــ

[حاشية العدوي]

بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَفَائِدَةُ كَوْنٌ الْهَزْلِ رَجْعَةً فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ لَزِمَ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَبَقِيَّةُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ قَسْمٍ وَغَيْرِهِ، وَلَا تَحِلُّ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَخْفَى حِلُّهَا فِي النِّكَاحِ بِالْهَزْلِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ نِيَّةٌ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ، فَقَدْ اُشْتُرِطَتْ فِيهَا النِّيَّةُ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ الْمُحْتَمَلُ الْخَالِي عَنْ النِّيَّةِ كَأَعَدْت الْحِلَّ أَوْ رَفَعْت التَّحْرِيمَ، فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ الْمُرْجَعَةَ وَغَيْرَهَا إذْ يَحْتَمِلُ لِي أَوْ لِلنَّاسِ وَرَفَعْت التَّحْرِيمَ عَنِّي أَوْ عَنْ النَّاسِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ رَجْعَةٌ، حَيْثُ لَا نِيَّةَ، وَلَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةً بِخِلَافِ أَعَدْت حِلَّهَا أَوْ رَفَعْت تَحْرِيمَهَا فَرَجْعَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى الرَّجْعَةِ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَعَدْت حِلَّهَا لِلنَّاسِ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ إلَّا أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ دَلَالَتُهُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ، وَإِمَّا بِقَوْلٍ غَيْرِ مُحْتَمَلٍ مَعَ نِيَّةٍ كَاسْقِينِي الْمَاءَ نَاوِيًا بِهِ الرَّجْعَةَ فَتَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ عَلَى ظَاهِرِ ابْنِ رُشْدٍ.

[قَوْلُهُ: وَالْوَطْءُ دُونَ النِّيَّةِ إلَخْ] فَعَلَيْهِ لَوْ وَطِئَهَا، وَلَمْ يَنْوِ رَجْعَتَهَا وَاسْتَرْسَلَ عَلَى ذَلِكَ وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ.

وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ: يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ وَاللَّيْثِ فِي أَنَّ الْوَطْءَ لَا يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ.

قَالَ ابْنُ نَاجِي، وَهُوَ الصَّوَابُ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ وَبِهِ أَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِي. اهـ.

وَمَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لِانْعِقَادِهَا بِصِيغَةِ النِّكَاحِ إنْ نَوَاهَا.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ إلَخْ] أَيْ، وَيَكُونُ بِدْعِيًّا إذَا أَوْقَعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، أَوْ يُوقِعُ وَاحِدَةً مَعَ نِيَّةِ وُقُوعِ أُخْرَى. فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: مِنْ الْمَحِيضِ] الْمَحِيضُ لُغَةً فِي الْحَيْضِ. [قَوْلُهُ: أَرَادَ بِهَا مَنْ أَيِسَ الْحَيْضُ مِنْهَا] أَيْ فَيَصْدُقُ بِبِنْتِ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَأَيِسَ مِنْ حَيْضِهَا لِأَمْرٍ مَا، وَالْحَيْضُ نَائِبُ فَاعِلِ أَيِسَ، وَأَيِسَ أَيَسًا مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَكَسْرُ الْمُضَارِعِ لُغَةٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، ثُمَّ فِي الْمَقَامِ أُمُورٌ.

الْأَوَّلُ: أَنَّ أَيِسَ لَازِمٌ يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ، وَهُوَ مِنْ فَلَا يُصَاغُ مِنْهُ فُعِلَ يَتَعَدَّى لِلْمَفْعُولِ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ عَدَّاهُ الشَّارِحُ لِلْمَفْعُولِ بِنَفْسِهِ وَجَعَلَهُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ حَقُّهُ أَنْ يُسْنَدَ لِلْفَاعِلِ لَا لِلْحَيْضِ وَارْتِكَابُ التَّجَوُّزِ مِمَّا لَا يُجْدِي شَيْئًا.

الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ أَرَادَ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُتَبَادِرًا مِنْ اللَّفْظِ، وَأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي نَفَاهُ مُتَبَادِرٌ، مَعَ أَنَّ هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ مُرَادًا عَيْنُ الْمُصَنِّفِ لَا فَرْقَ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ شَيْءٌ، نَعَمْ لَوْ قَالَ أَرَادَ مَنْ انْقَطَعَ عَنْهَا الْحَيْضُ، وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْإِيَاسِ كَبِنْتِ عِشْرِينَ سَنَةً مَثَلًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا إلَخْ لَظَهَرَ التَّعْبِيرُ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ فَتَدَبَّرْ.

الثَّالِثُ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَا دَاعِيَ لَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيَاسِ هُنَا كَوْنُ الدَّمِ انْقَطَعَ عَنْهَا مُدَّةً يُوجِبُ لَهَا أَنْ لَوْ طَلُقَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَشْهُرِ. وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الدَّمَ إذَا انْقَطَعَ لَا لِسَبَبٍ أَوْ لِمَرَضٍ، وَلَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْإِيَاسِ كَبِنْتِ عِشْرِينَ أَنْ تَتَرَبَّصَ سَنَةً تِسْعَةً لِلِاسْتِبْرَاءِ وَثَلَاثَةً لِلْعِدَّةِ، وَهَلْ تِلْكَ السَّنَةُ مَحْسُوبَةٌ مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ الدَّمِ عَنْهَا أَوْ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ، قَوْلَانِ أَيْ فَهُوَ أَمْرٌ مَضْبُوطٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِمَعْرِفَةِ أَحَدٍ وَحَرَّرَ.

[قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ] أَيْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مَنْ جَاوَزَ سِنُّهَا خَمْسِينَ إلَخْ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِأَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْمَوَاضِعُ ثَلَاثَةً. مَوْضِعٌ قَالَ فِيهِ مَنْ جَاوَزَ سِنُّهَا الْخَمْسِينَ. وَمَوْضِعٌ قَالَ مَنْ جَاوَزَ سِنُّهَا السِّتِّينَ إلَخْ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ وَاحِدًا عَبَّرَ فِيهِ بِأَوْ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ تَكُونَ لِحِكَايَةِ أَقْوَالٍ وَلِلتَّرَدُّدِ، ثُمَّ مَا الْمُرَادُ بِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ أَوْ الْمَوْضِعِ يُرَاجَعُ بَقِيَّةُ كُتُبِهِ، وَلَمْ يَكُنْ بِيَدِي مِنْهَا شَيْءٌ، فَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: طَلَّقَهَا مَتَى شَاءَ] أَيْ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ قَالَ تت: وَلَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا اهـ.

لِأَنَّ طَلَاقَ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ لَا يُوجِبُ تَطْوِيلَ عِدَّةٍ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ أَيْ لِلْأَمْنِ مِنْ التَّطْوِيلِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً بِالْحَيْضِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَلَوْ فِي حَالِ حَيْضِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ. [قَوْلُهُ: لَكَانَ أَنْسَبَ] أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَسَائِلِ

ص: 82

لَمْ تَضَعْ وَالْمُعْتَدَّةُ بِالشُّهُورِ) ، وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ وَالْيَائِسَةُ تَرْجِعُ (مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ) وَعِدَّةُ الْأُولَى سَنَةٌ وَالثَّانِيَةُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ تَسْتَقْبِلُهَا بِالْأَهِلَّةِ. (وَالْأَقْرَاءُ) جَمْعُ قُرْءٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّهَا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ (هِيَ الْأَطْهَارُ) وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هِيَ الْحَيْضُ (سُؤَالٌ) أَوْرَدَتْهُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ تَعْتَدُّ بِقُرْأَيْنِ وَبَعْضِ قُرْءٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُطَلِّقُهَا فِي آخِرِ الطُّهْرِ أَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ ذَلِكَ عَلَى قُرْأَيْنِ وَبَعْضِ قُرْءٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ شَهْرَانِ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ.

(وَيُنْهَى) بِمَعْنَى وَنُهِيَ نَهْيَ تَحْرِيمٍ (أَنْ يُطَلِّقَ) الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ، وَهِيَ (فِي الْحَيْضِ فَإِنْ طَلَّقَ لَزِمَهُ) لِمَا صَحَّ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

الطَّلَاقِ لَا الرَّجْعَةِ.

[قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَضَعْ] أَيْ حَمْلَهَا كُلَّهُ فَتَرْجِعُ بَعْدَ وَضْعِ بَعْضِهِ فَإِنْ وَضَعَتْ جَمِيعَهُ انْقَضَتْ، وَلَا رَجْعَةَ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِمَا أَسْقَطَتْهُ مِمَّا يَعْلَمُ النِّسَاءُ أَنَّهُ وُلِدَ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً أَوْ دَمٌ مُنْعَقِدٌ، فَإِذَا أَشْكَلَ أَمْرُهُ هَلْ هُوَ وَلَدٌ أَوْ دَمٌ اُخْتُبِرَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ، فَإِنْ كَانَ دَمًا انْحَلَّ، وَإِنْ كَانَ وَلَدًا لَا يَزِيدُ ذَلِكَ إلَّا شِدَّةً قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ.

تَتِمَّةٌ: لَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْمَرْأَةِ بِمَوْتِ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِذَلِكَ، وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ مَوْتِ الزَّوْجِ، ثُمَّ خَرَجَ الْبَعْضُ الْآخَرُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ خَلِيلٍ مِنْ قَوْلِهِ إنْ زَايَلَهَا كُلُّهُ حَيَّةً انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ بَقِيَّتِهِ ذَكَرَهُ الْخَرَشِيُّ. [قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ] أَيْ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ؛ لِأَنَّ الَّتِي تُمَيِّزُ دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ مِنْ الْقُصُورِ، إذْ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ الصَّغِيرَةُ الَّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ وَاَلَّتِي تَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِمَرَضٍ أَوْ تَأَخَّرَ بِلَا سَبَبٍ مِنْ إرْضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ. [قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ] أَيْ مُدَّةُ عَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا. [قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ الْأُولَى سَنَةٌ إلَخْ] فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا هِيَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَالتِّسْعَةُ أَشْهُرٍ الَّتِي قَبْلَهَا إنَّمَا هِيَ اسْتِبْرَاءٌ، لِزَوَالِ الرِّيبَةِ، وَمِثْلَ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الَّتِي تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِمَرَضٍ أَوْ تَأَخَّرَ بِلَا سَبَبٍ.

[قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ] وَمِثْلُهَا الصَّغِيرَةُ الَّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ وَلَا فَرْقَ فِي الِاعْتِدَادِ بِالشُّهُورِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، كَالِاعْتِدَادِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ بِالْأَقْرَاءِ. [قَوْلُهُ: تَسْتَقْبِلُهَا بِالْأَهِلَّةِ] هَذَا إذَا طَلُقَتْ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَأَمَّا إنْ طَلُقَتْ فِي بَعْضِ شَهْرٍ، فَإِنَّهُ يُكَمَّلُ بِالْعَدَدِ، وَيُلْغَى يَوْمُ الطَّلَاقِ. [قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَاءُ] أَيْ فِي الْآيَةِ لَا فِي الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ. [قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ إلَخْ] أَيْ وَعَلَى الضَّمِّ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ جُمْهُورُ اللُّغَةِ عَلَى الْفَتْحِ فَالضَّمُّ مَرْجُوحٌ أَفَادَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. [قَوْلُهُ: وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إلَخْ] وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ حِلُّهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ الْأَخِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَطْهَارُ وَعَدَمُ حِلِّهَا حَتَّى تَتِمَّ الْحَيْضَةُ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَاءِ الْحَيْضُ. [قَوْلُهُ: أَوْرَدَتْهُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ] ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يُطَلِّقُهَا فِي آخِرِ الطُّهْرِ] بَلْ مَتَى طَلَّقَهَا فِي أَثْنَاءِ الطُّهْرِ تَحَقَّقَتْ الْبَعْضِيَّةُ، فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْآخَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ نَصَّ رحمه الله عَلَى الصُّورَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ. [قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ] أَيْ فَهُوَ مَجَازٌ، وَهُوَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَرِينَةٍ، وَأَيْنَ الْقَرِينَةُ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ عَلَى نِزَاعٍ، وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ إلَخْ، بِقَرِينَةِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فِي قَوْله تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ: فِي عِدَّتِهِنَّ» بِأَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى وَنَهَى إلَخْ] إنَّمَا قَدَرَهُ بِنَهَى لِتَقَدُّمِ النَّهْيِ مِنْ الشَّارِعِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى التَّحْرِيمِ إلَّا أَنَّ النَّهْيَ الَّذِي كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ مُتَعَلِّقٌ بِابْنِ عُمَرَ، وَهَذَا نَهْيٌ عَامٌّ، وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّهْيَ الْمُتَقَدِّمَ بِابْنِ عُمَرَ نَهْيٌ لِغَيْرِهِ. [قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْحَيْضِ] أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ يُرِيدُ وَكَذَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ، وَقَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ إنْ عَدِمَتْ الْمَاءَ إلَّا أَنَّهُ إنْ طَلَّقَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: لِمَا صَحَّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ إلَخْ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَالنَّهْيُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ، إلَخْ أَيْ فَالنَّهْيُ مِنْ الْحَدِيثِ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَاسْمُ الْمَرْأَةِ

ص: 83

ذَلِكَ فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلم: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ بِهَا النِّسَاءُ» قَالَ ابْنُ عُمَرَ حُسِبَتْ عَلَيَّ بِتَطْلِيقَةٍ.

تَنْبِيهٌ: مِثْلُ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ الطَّلَاقُ فِي النِّفَاسِ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ مَنْعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ (وَ) إنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا (أُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ) وَصْفُهُ الْجَبْرَ أَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

آمِنَةُ بِنْتُ غِفَارٍ بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مُخَفَّفَةً.

قَالَ الشَّيْخُ عَلِيُّ السَّمْرَاسِيُّ وَالظَّاهِرُ مِنْ عَدَالَةِ ابْنِ عُمَرَ وَحَالِهِ أَنَّهُ حِينَ طَلَّقَهَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِحَيْضِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ حُرْمَةُ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ أَوْ لَمْ يَكُنْ شُرِعَ التَّحْرِيمُ. [قَوْلُهُ: فَسَأَلَ عُمَرُ إلَخْ] الظَّاهِرُ أَنَّ السُّؤَالَ مِنْ ابْنِهِ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتِحْيَاءً مِنْ سُؤَالِهِ لَهُ. [قَوْلُهُ: مُرْهُ] أَصْلُهُ اُأْمُرْهُ بِهَمْزَتَيْنِ الْأُولَى لِلْوَصْلِ مَضْمُومَةٌ تَبَعًا لِلْعَيْنِ مِثْلُ اُقْتُلْ.

وَالثَّانِي فَاءُ الْكَلِمَةِ سَاكِنَةٌ تُبَدَّلُ تَخْفِيفًا مِنْ جِنْسِ حَرَكَةِ سَابِقَتِهَا، فَتَقُولُ أُومَرْ فَإِذَا وُصِلَ الْفِعْلُ بِمَا قَبْلَهُ زَالَتْ هَمْزَةُ الْوَصْلِ وَسَكَنَتْ الْهَمْزَةُ الْأَصْلِيَّةُ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ} [طه: 132] لَكِنْ اسْتَعْمَلَهَا الْعَرَبُ بِلَا هَمْزٍ، فَقَالُوا: مُرْ لِكَثْرَةِ الدَّوْرِ؛ لِأَنَّهُمْ حَذَفُوا أَوَّلًا الْهَمْزَةَ الثَّانِيَةَ تَخْفِيفًا ثُمَّ حَذَفُوا هَمْزَةَ الْوَصْلِ اسْتِغْنَاءً عَنْهَا لِتَحَرُّكِ مَا بَعْدَهَا، وَكَذَا حُكْمُ خُذْ وَكُلْ أَيْ مُرْ ابْنَك عَبْدَ اللَّهِ قَالَهُ شَارِحُ الْحَدِيثِ أَيْ مُرْهُ بِالْمُرَاجَعَةِ. [قَوْلُهُ: فَلْيُرَاجِعْهَا] الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ عِنْدَنَا كَمَا أَفَادَهُ شَارِحُ الْحَدِيثِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا اسْتِئْنَافُ أَمْرٍ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ عُمَرَ بِالْمُرَاجَعَةِ مُبَاشَرَةً بَعْدَ أَمْرِهِ لَهُ بِوَاسِطَةٍ تَأْكِيدًا، وَتَقْرِيرًا لِذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شَارِحَ الْمُوَطَّأِ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلْيُرَاجِعْهَا، الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَالنَّدْبُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِالرَّجْعَةِ أَبُوهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضَعَ الشَّرْعَ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُبَلِّغٌ عَنْهُ اهـ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا] بِإِعَادَةِ اللَّامِ، وَيَجُوزُ تَسْكِينُهَا، فَالْكَسْرُ عَلَى الْأَصْلِ فِي لَامِ الْأَمْرِ فَرْقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ لَامِ التَّوْكِيدِ وَالسُّكُونُ لِلتَّخْفِيفِ، وَالْمُرَادُ الْأَمْرُ بِاسْتِمْرَارِ الْإِمْسَاكِ، وَإِلَّا فَالرَّجْعَةُ إمْسَاكٌ لَهَا.

" تَتِمَّةٌ ": اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ إذَا لَمْ يَرْتَجِعْهَا الَّذِي طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ حَتَّى جَاءَ الطُّهْرُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ الطَّلَاقُ فِيهِ، هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ لَا يَزُولُ بِزَوَالِ، وَقْتِهِ أَمْ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ فَلَا مَعْنَى لِلِارْتِجَاعِ ذَكَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ. [قَوْلُهُ: بَعْدُ] أَيْ بَعْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ أَيْ يَمَسَّهَا أَيْ يُجَامِعَهَا.

[قَوْلُهُ: فَتِلْكَ الْعِدَّةُ] أَيْ فَتِلْكَ زَمَنُ الْعِدَّةِ، وَهِيَ حَالَةُ الطُّهْرِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ، أَيْ أَذِنَ اللَّهُ، وَقَوْلُهُ بِهَا النِّسَاءُ هَكَذَا فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ هَذَا الشَّارِحِ وَالصَّوَابُ مَا فِي التَّحْقِيقِ، وَهُوَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي رَأَيْته فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَذِنَ اللَّهُ بِتَطْلِيقِ النِّسَاءِ فِيهَا.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ فِي زَمَنِ عِدَّتِهِنَّ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ وَفُهِمَ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَ الْمُطَلَّقِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ لِلْإِصْلَاحِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْوَطْءِ وَبِالْوَطْءِ يُكْرَهُ لَهُ الطَّلَاقُ، فَلِذَلِكَ أَمَرَهُ بِمَسْكِهَا حَتَّى تَحِيضَ أُخْرَى ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ كُرِهَ، وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إمْسَاكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَةٍ أُخْرَى غَيْرِ حَيْضَةِ الطَّلَاقِ.

[قَوْلُهُ: حُسِبَتْ عَلَيَّ بِتَطْلِيقَةٍ] قَالَ شَارِحُ الْحَدِيثِ حُسِبَتْ بِضَمِّ الْحَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ عَلَيَّ بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ الطَّلْقَةُ الَّتِي طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ، بِتَطْلِيقَةٍ وَاَلَّذِي حَسَبَهَا عَلَيْهِ بِتَطْلِيقٍ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ابْنُ عُمَرَ طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ وَالْمُرَاجَعَةُ بِدُونِ الطَّلَاقِ مُحَالٌ، وَلَا يُقَالُ الْمُرَادُ بِالرَّجْعَةِ الرَّجْعَةُ اللُّغَوِيَّةِ، وَهِيَ الرَّدُّ إلَى حَالِهَا الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ يُحْسَبُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا غَلَطٌ إذْ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ، مُقَدَّمٌ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ.

بَلْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ «فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَيَحْتَسِبُ بِتِلْكَ الطَّلْقَةِ قَالَ نَعَمْ» . [قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ إلَخْ] ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ مُعَلَّلٌ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَقُولُ بِأَنَّهُ مُعَلَّلٌ بَلْ تَعَبُّدٌ. [قَوْلُهُ: أَنَّهُ] أَيْ الْمَنْعُ إلَخْ

ص: 84