الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا تَبَرَّعَ بِهِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بَقِيَّةِ مَا تَرْجَمَ لَهُ، وَهُوَ النَّفَقَةُ فَقَالَ:(وَلَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ الْمُوسِرَ النَّفَقَةُ) مِنْ قُوتٍ وَإِدَامٍ وَكِسْوَةٍ وَنَفَقَةٍ وَمَسْكَنٍ (إلَّا عَلَى زَوْجَتِهِ) بِالْعَادَةِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا، أَوْ عَبْدًا (سَوَاءٌ كَانَتْ غَنِيَّةً، أَوْ فَقِيرَةً) مُسْلِمَةً كَانَتْ، أَوْ كِتَابِيَّةً حُرَّةً، أَوْ أَمَةً بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ بَالِغًا وَأَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ مُمَكِّنَةً مِنْ الدُّخُولِ بِهَا، وَأَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا عَلَى الْمَوْتِ وَقَيَّدْنَا بِالْعَادَةِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ طَلَبَتْ أَمَرَا زَائِدًا عَلَى عَادَةِ أَمْثَالِهَا، أَوْ طَلَبَ هُوَ أَنْقَصَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ فَلَا يُسْمَعُ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ بِالْعَجْزِ عَنْهَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِفَقْرِهِ وَعَجْزِهِ عَنْ النَّفَقَةِ
(وَ) لَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا النَّفَقَةُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِهِ إلَّا
ــ
[حاشية العدوي]
حَضَانَتِهَا، لَا نَفَقَةً وَلَا أُجْرَةَ حَضَانَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْحَاضِنَةُ أُمَّ الْمَحْضُونِ وَهِيَ فَقِيرَةٌ، وَالْمَحْضُونُ مُوسِرٌ وَإِلَّا اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ فِي مَالِهِ مِنْ حَيْثُ فَقْرُهَا، وَلَوْ لَمْ تَحْضُنْهُ
[بَاب النَّفَقَة]
[قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ الْمُوسِرَ النَّفَقَةُ] أَيْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْأَحْرَارِ غَيْرِ الْأَقَارِبِ لِغَيْرِ اضْطِرَارٍ أَوْ الْتِزَامٍ [قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى زَوْجَتِهِ] الَّتِي دَخَلَ بِهَا، وَلَوْ صَغِيرَةً أَوْ مَرِيضَةً، وَلَوْ مُشْرِفَةً أَوْ الَّتِي دَعَتْهُ لِلدُّخُولِ بِهَا، وَهِيَ مُطِيقَةٌ لِوَطْئِهِ مَعَ بُلُوغِهِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا. [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ بَالِغًا] وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فَلَا تَجِبُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً فَقَدْ مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ فَقَدْ سَلَّطَهُ وَلِيُّهَا عَلَيْهَا [قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مُطِيقَةً] هَذَا شَرْطٌ فِي الَّتِي دَعَتْهُ لِلدُّخُولِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا.
[قَوْلُهُ: مُمَكِّنَةً] أَيْ فَإِذَا أَطَاقَتْهُ لَكِنْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ الدُّعَاءِ لِلدُّخُولِ فَإِذَا لَمْ تَدْعُهُ فَلَا نَفَقَةَ [قَوْلُهُ: وَقَيَّدْنَا بِالْعَادَةِ إلَخْ] الْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِوُسْعِهِ وَحَالِهَا إنْ سَاوَاهَا حَالُهُ فَإِذَا زَادَ حَالُهَا اُعْتُبِرَ وُسْعُهُ فَقَطْ، فَإِنْ نَقَصَتْ حَالَتُهَا عَنْ حَالَتِهِ، وَعَنْ وُسْعِهِ اُعْتُبِرَ وُسْعُهُ مُتَوَسِّطًا لَا حَالُهَا فَقَطْ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى عَادَةِ أَمْثَالِهَا الْمُرَادُ بِهِ الْقَدْرُ الْوَاجِبُ لَهَا وَعَادَةُ أَمْثَالِهِ الْقَدْرُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فَيَجِيءُ عَلَى ذِكْرِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرْضِعَةَ تُزَادُ مَا تَقْوَى بِهِ إلَّا الْمَرِيضَةَ وَقَلِيلَةَ الْأَكْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا تَأْكُلُ إلَّا الْمُقَدَّرَ لَهَا شَيْءٌ، عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَاهُ فَيَلْزَمُ الْمُقَدِّرَ وَلَا يَلْزَمُ الْحَرِيرَ وَلَا ثِيَابَ الْمُخْرِجِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ [قَوْلُهُ: وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ بِالْعَجْزِ عَنْهَا] أَيْ عَنْ النَّفَقَةِ مِنْ كَامِلِ الْقُوتِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ دَخَنٍ أَوْ ذُرَةٍ مَأْدُومٍ أَوْ غَيْرِ مَأْدُومٍ، وَالْكِسْوَةُ، وَلَوْ مِنْ غَلِيظِ الْكَتَّانِ فَمَتَى قَدَرَ عَلَيْهَا، وَلَوْ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ.
وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا عَجَزَ مِنْ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْمُسْتَقْبَلَةِ، لِمَنْ يُرِيدُ سَفَرًا دُونَ الْمَاضِيَةِ وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى الْحَاكِمِ وَشَكَتْ ضَرَرَ ذَلِكَ وَأَثْبَت الزَّوْجِيَّةَ، وَلَوْ بِالشُّهْرَةِ أَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ فَيُفْصَلُ بَيْنَ كَوْنِ الزَّوْجِ ثَابِتَ الْعُسْرِ، فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِالطَّلَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتَ الْعُسْرِ مَعَ ادِّعَاءِ الْعُسْرِ فَيَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ أَوْ الطَّلَاقِ، فَإِنْ طَلَّقَ فِي الْأُولَى أَوْ أَنْفَقَ أَوْ طَلَّقَ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِلَا تَلَوُّمٍ فِي الثَّانِيَةِ، وَبَعْدَ التَّلَوُّمِ فِي الْأُولَى بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ يُرْتَجَى لَهُ أَمْ لَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِالْمَقَامِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ ثُمَّ قَامَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَوُّمِ ثَانِيًا، وَإِذَا مَرِضَ أَوْ سُجِنَ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ التَّلَوُّمِ فَإِنَّهُ يُزَادُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يُرْتَجَى لَهُ بِشَيْءٍ، وَهَذَا إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ مِنْ الْمَرَضِ وَخَلَاصُهُ مِنْ السَّجْنِ عَنْ قُرْبٍ، وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ.
وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَعَدَمِ الْوِجْدَانِ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ وَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُنَا، وَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ وَلَا فَرْقَ فِي الَّذِي ثَبَتَ عُسْرُهُ وَتُلُوِّمَ لَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا، وَمَعْنَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ فِي الْغَائِبِ عَدَمُ وُجُودِ مَا يُقَابِلُ النَّفَقَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَالتَّلَوُّمُ لِلْغَائِبِ مَحِلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ غَيْبَتُهُ أَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَأَمَّا إنْ قَرُبَتْ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ إلَيْهِ وَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ الْعُدُولُ يَقُومُونَ مَقَامَ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ، وَفِي كُلِّ أَمْرٍ يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَى الْحَاكِمِ أَوْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ عَدْلٍ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْمَلَاءِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ، وَالطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ عَلَى قَوْلٍ وَيُسْجَنُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَيْهَا عَلَى آخَرَ فَإِنْ سُجِنَ وَلَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ كَمَا أَنَّهُ يُعَجِّلُ عَلَيْهِ بِلَا تَلَوُّمٍ إنْ لَمْ يَجِبْ الْحَاكِمُ بِشَيْءٍ حِينَ رَفَعَتْهُ [قَوْلُهُ: وَعَجْزِهِ] عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ أَيْ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ
فِي صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا (عَلَى أَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ) الْحُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ كَانَا، أَوْ كَافِرَيْنِ إذَا كَانَ حُرًّا، وَاعْتَرَفَ بِفَقْرِهِمَا أَمَّا إذَا أَنْكَرَ فَقْرَهُمَا فَعَلَى الْأَبَوَيْنِ إثْبَاتُ عَدَمِهِمَا وَلَا يَحْلِفَانِ مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُمَا عُقُوقٌ (وَ) الْأُخْرَى (عَلَى صِغَارِ وَلَدِهِ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ) أَمَّا لُزُومُ النَّفَقَةِ (عَلَى) الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ (الذُّكُورِ)(حَتَّى يَحْتَلِمُوا وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا زَمَانَةَ) أَيْ لَا آفَةَ (بِهِمْ) تَمْنَعُهُمْ مِنْ الْكَسْبِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّمَانَةَ إذَا طَرَأَتْ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَهُوَ صَحِيحٌ لَا أَثَرَ لَهَا، فَلَا تَعُودُ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(وَ) أَمَّا لُزُومُهَا (عَلَى الْإِنَاثِ) الْأَحْرَارِ فَهِيَ مُسْتَمِرَّةٌ عَلَيْهِنَّ (حَتَّى يَنْكِحْنَ وَيَدْخُلَ بِهِنَّ) أَيْ يَطَأَهُنَّ (أَزْوَاجُهُنَّ) ، أَوْ يُدْعَى إلَى الدُّخُولِ، وَهُوَ بَالِغٌ، وَالزَّوْجَةُ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا، فَإِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا لَا
ــ
[حاشية العدوي]
وَلَزِمَهَا الْمَقَامُ مَعَهُ بِلَا نَفَقَةٍ، وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِ إنْ كَانَ مِنْ السُّؤَالِ لِشُهْرَةِ حَالِهِ وَعَلَى عَدَمِهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا لَا يَسْأَلُ نَعَمْ إذَا عَلِمَتْ أَنَّهُ مِنْ السُّؤَالِ أَوْ اشْتَهَرَ بِالْعَطَاءِ، ثُمَّ تَرَكَ السُّؤَالَ أَوْ انْقَطَعَ الْعَطَاءُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ فَقَطْ فَهُوَ كَالْعَاجِزِ، لَا إنْ قَدَرَ عَلَى قُوتِ زَوْجَتِهِ الْكَامِلِ مِنْ الْخُبْزِ مَأْدُومًا أَوْ غَيْرَ مَأْدُومٍ مِنْ قَمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا قِيَامَ لَهَا، وَلَوْ دُونَ مَا يَكْتَسِبُهُ فُقَرَاءُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ وَغِنًى أَوْ قَدَرَ عَلَى سَتْرِ جَمِيعِ بَدَنِهَا، وَلَوْ عَلَى غَلِيظِ الْكَتَّانِ أَوْ الْجِلْدِ، وَلَوْ غَنِيَّةً فَلَا قِيَامَ لَهَا وَالْقَادِرُ بِالتَّكَسُّبِ كَالْقَادِرِ بِالْمَالِ إنْ تَكَسَّبَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّكَسُّبِ.
تَنْبِيهٌ:
هَذَا الطَّلَاقُ الصَّادِرُ مِنْ الْحَاكِمِ رَجْعِيٌّ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ الرَّجْعَةِ إلَّا إذَا وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا، بِحَيْثُ يَجِدُ شَيْئًا يَظُنُّ مَعَهُ إدَامَةَ النَّفَقَةِ وَأَمَّا لَوْ تَجَمَّدَتْ لَهَا نَفَقَةٌ فِيمَا مَضَى فَلَهَا الطَّلَبُ حَيْثُ تَجَمَّدَتْ زَمَنَ يُسْرِهِ وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِالْعَجْزِ عَنْهَا.
[قَوْلُهُ: عَلَى أَبَوَيْهِ] أَيْ النَّفَقَةُ عَلَى أَبَوَيْهِ كَانَ الشَّخْصُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ [قَوْلُهُ: الْفَقِيرَيْنِ] أَيْ الْمُعْسِرَيْنِ بِنَفَقَتِهِمَا، وَإِنْ كَانَ لَهُمَا دَارٌ وَخَادِمٌ لَا فَضْلَ فِيهَا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبَوَانِ قَادِرَيْنِ عَلَى الْكَسْبِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَا قَادِرَيْنِ عَلَى الْكَسْبِ.
وَلَوْ بِصَنْعَةٍ فِيهَا عَلَيْهِمَا مَعَرَّةٌ لِاتِّصَافِهِمَا بِهَا قَبْلَ وُجُودِ الْوَلَدِ غَالِبًا، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ الْفَقِيرَةُ بِفَقِيرٍ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، وَكَذَا الْبِنْتُ لَوْ تَزَوَّجَتْ بِفَقِيرٍ، وَلَوْ قَدَرَ زَوْجُ الْأُمِّ أَوْ الْبِنْتِ عَلَى بَعْضِ النَّفَقَةِ لَزِمَ الْأَبَ أَوْ الْوَلَدَ كَمَا لَهَا [قَوْلُهُ: الْحُرَّيْنِ] أَيْ لِأَنَّ الرَّقِيقَيْنِ غَنِيَّانِ بِسَيِّدِهِمَا [قَوْلُهُ: إذَا كَانَ حُرًّا] ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى أَبَوَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ نَفْسِهِ [قَوْلُهُ: إثْبَاتُ عَدَمِهِمَا] أَيْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفَانِ مَعَ ذَلِكَ] أَيْ وَإِنْ كَانَ الْعُسْرُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَيَمِينٍ وَيَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ أَيْضًا أَنْ يُنْفِقَ عَلَى خَادِمِ أَبَوَيْنِ وَخَادِمِ زَوْجَةِ أَبِيهِ الْمُتَأَهِّلَةِ، لِذَلِكَ وَظَاهِرُهُ.
وَلَوْ تَعَدَّدَ الْخَادِمُ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُحْتَاجَيْنِ لِلْخَادِمِ [قَوْلُهُ: عَلَى صِغَارِ وَلَدِهِ] أَيْ مُبَاشَرَةً فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ [قَوْلُهُ: الْأَحْرَارِ] ، وَلَوْ كَانُوا كُفَّارًا وَأَمَّا الْأَرِقَّاءُ فَنَفَقَتُهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ لَا عَلَى آبَائِهِمْ، وَلَوْ أَحْرَارًا وَلَا عَلَى الْأَبِ الرَّقِيقِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ، وَلَوْ حُرًّا، وَنَفَقَةُ وَلَدِهِ الْحُرِّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ كَانَ مُتَخَلِّفًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْعِتْقِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى مُعْتِقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ [قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا زَمَانَةَ بِهِمْ] بِفَتْحِ الزَّايِ أَيْ مَرَضًا دَائِمًا تَحْقِيقُ أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ نَفَقَةُ الْوَالِدِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَا صَنْعَةَ تَقُومُ بِهِ عَلَى الْأَبِ الْحُرِّ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ، وَيَجِدُ مَا يَكْتَسِبُ فِيهِ.
أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ صَنْعَةٌ لَا مَعَرَّةَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ أَوْ عَلَيْهِمَا فَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَفَرَغَ قَبْلَ بُلُوغِهِ لَوَجَبَ عَلَى الْأَبِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَالِ أَوْ كَانَ فِيهَا مَعَرَّةٌ عَلَى الْأَبِ أَوْ الِابْنِ أَوْ عَلَيْهِمَا، فَكَذَلِكَ أَيْ تَجِبُ عَلَى الْأَبِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ صَنْعَةٌ كَاسِدَةٌ أَوْ دَفَعَ الْأَبُ مَالَ الصَّغِيرِ قِرَاضًا وَسَافَرَ الْعَامِلُ وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا فَتَعُودُ عَلَى الْأَبِ، وَمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا أَوْ زَمِنًا أَوْ أَعْمَى فَتَسْتَمِرُّ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ.
وَلَوْ كَانَ يُجَنُّ حِينًا بَعْدَ حِينٍ فَإِذَا بَلَغَ قَادِرًا عَلَى الْبَعْضِ فَيَجِبُ عَلَى الْوَالِدِ تَتْمِيمُهَا [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ [قَوْلُهُ: أَيْ يَطَأَهُنَّ إلَخْ] لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الْمُرَادُ بِالدُّخُولِ الْخَلْوَةُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَفَقَةَ
تَعُودُ نَفَقَتُهَا عَلَى الْأَبِ إنْ كَانَتْ بَالِغَةً وَتَعُودُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ (وَلَا نَفَقَةَ) عَلَى الرَّجُلِ (لِمَنْ سِوَى هَؤُلَاءِ) الْمَذْكُورِينَ (مِنْ الْأَقَارِبِ) كَالْجَدِّ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرَابَةِ إنَّمَا تَجِبُ ابْتِدَاءً لَا انْتِقَالًا وَنَفَقَةُ الْجَدِّ لَازِمَةٌ لِلِابْنِ، فَلَا تَنْتَقِلُ إلَى بَنِيهِ وَنَفَقَةُ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ لَازِمَةٌ لِأَبِيهِمْ فَلَا تَنْتَقِلُ إلَى جَدِّهِمْ
(وَإِنْ اتَّسَعَ) أَيْ أَيْسَرَ الزَّوْجُ (فَعَلَيْهِ) وُجُوبًا (إخْدَامُ زَوْجَتِهِ) الشَّرِيفَةِ الَّتِي لَا تَخْدُمُ نَفْسَهَا لِخِدْمَةِ الْبَاطِنَةِ إمَّا بِنَفْسِهِ، أَوْ يَسْتَأْجِرُ لَهَا مَنْ يَخْدُمُهَا، أَوْ يَشْتَرِي لَهَا خَادِمًا، وَلَا تَطْلُقُ بِالْعَجْزِ عَنْهُ وَاحْتُرِزَ بِ اتَّسَعَ مِمَّا إذَا كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ خِدْمَتُهَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى ذَلِكَ دَخَلَتْ، وَتَكُونُ عَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ كَالطَّبْخِ، وَالْعَجْنِ بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ الظَّاهِرَةِ كَالطَّحْنِ، إلَّا أَنْ تَتَطَوَّعَ، أَوْ تَكُونَ هُنَاكَ عَادَةٌ فَتُحْمَلَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ كَالشَّرْطِ
(وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِكِ الْمَفْهُومُ مِنْ السِّيَاقِ وُجُوبًا (أَنْ يُنْفِقَ عَلَى عَبِيدِهِ)
ــ
[حاشية العدوي]
الْأُنْثَى تَسْتَمِرُّ عَلَى أَبِيهَا حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا الْبَالِغُ الْمُوسِرُ، أَيْ يَخْتَلِي بِهَا، وَلَوْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ أَوْ يُدْعَى لِلدُّخُولِ أَيْ بِشَرْطِ الْإِطَاقَةِ [قَوْلُهُ: وَتَعُودُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ] ، وَلَوْ أَزَالَ بَكَارَتَهَا.
تَنْبِيهٌ:
تُوَزَّعُ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ عَلَى الْأَوْلَادِ عَلَى قَدْرِ يَسَارِهِمْ؛ الْغَنِيُّ بِحَسَبِ حَالِهِ، وَالْفَقِيرُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ، بِحَسَبِ حَالِهِ كَانَ ذَلِكَ الْغَنِيُّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَاخْتُلِفَ فِي حَمْلِ الْوَلَدِ عَلَى الْمَلَاءِ أَوْ لِعَدَمٍ إذَا طَلَبَهُ الْأَبَوَانِ وَادَّعَى الْعَجْزَ عَلَى قَوْلَيْنِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَخٌ مَلِيءٌ وَإِلَّا اُتُّفِقَ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْمَلَاءِ حَتَّى يُثْبِتَ الْعَدَمَ وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى نَفَقَةِ الِابْنِ وَمَنْ لَهُ أَبٌ وَوَلَدٌ فَقِيرَانِ، وَقَدَرَ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِهِمَا فَقِيلَ يَتَحَاصَّانِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الِابْنُ.
وَاقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ وَتُقَدَّمُ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ عِنْدَ الْعَجْزِ، وَتُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ، وَالصَّغِيرِ مِنْ الْوَلَدِ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ عِنْدَ الضِّيقِ فَلَوْ تَسَاوَى الْوَلَدَانِ صِغَرًا وَكِبَرًا وَأُنُوثَةً تَحَاصًّا، كَذَا يَنْبَغِي أَيْ كَمَا يَقَعُ التَّحَاصُصُ فِي الزَّوْجَاتِ عِنْدَ الضِّيقِ وَنَفَقَةُ نَفْسِهِ مُقَدَّمَةٌ حَتَّى عَلَى نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِسُقُوطِ الْوُجُوبِ عَنْهُ لِغَيْرِهِ، وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ فِي وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَالِدَيْنِ وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الْأُمِّ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ الْيَتِيمِ الْفَقِيرِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ إلَّا أُجْرَةَ الرَّضَاعِ لِمَنْ يَلْزَمُهَا وَلَا لَبَانَ لَهَا.
[قَوْلُهُ: الَّتِي لَا تَخْدُمُ نَفْسَهَا إلَخْ] ، وَلَوْ احْتَاجَتْ إلَى أَكْثَرَ مِنْ خَادِمٍ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَيْ لِكَوْنِهِ هُوَ ذَا قَدْرٍ تَزِرِي خِدْمَةَ زَوْجَتِهِ بِهِ، فَإِنَّهَا أَهْلٌ لِلْإِخْدَامِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَمِثْلُ الْأَهْلِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَهْلًا إلَّا أَنَّ فِي صَدَاقِهَا ثَمَنَ خَادِمٍ فَإِنَّهَا إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ تُجَابُ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْخَادِمُ أُنْثَى أَوْ ذَكَرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ، وَلَوْ تَنَازَعَا عَلَى الْقُدْرَةِ عُلِمَ الْإِخْدَامُ، فَفِي تَعْيِينِ الْمَقْبُولِ مِنْهُمَا قَوْلَانِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَحْمِلُ عَلَى عَدَمِهِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عَلَى ذَلِكَ دَخَلَتْ] قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَدْخُلْ عَلَى ذَلِكَ بَلْ طَرَأَ عَجْزُهُ فَإِنَّ لَهَا الْكَلَامَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِالْعَجْزِ عَنْهُ [قَوْلُهُ: وَتَكُونُ عَلَيْهَا الْخِدْمَةُ] أَيْ زَوْجَةِ الْفَقِيرِ، وَلَوْ كَانَتْ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ [قَوْلُهُ: وَتَكُونُ عَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ] إمَّا بِنَفْسِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا [قَوْلُهُ: كَالطَّبْخِ إلَخْ] أَيْ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَا لِضُيُوفِهِ [قَوْلُهُ: كَالطَّحْنِ] وَكَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ مِنْ الدَّارِ أَوْ خَارِجِهَا وَلَا تُمْلَكُ الْخَادِمُ ذَاتُ الْأَهْلِ بِالْإِخْدَامِ إذَا لَمْ يُمَلِّكْهَا لَهَا بِصِيغَةِ هِبَةٍ أَوْ تَمْلِيكٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهَا مُخْدَمَةٌ بِالْفَتْحِ، وَإِذَا اشْتَرَطَ الْإِخْدَامَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ لَمْ يَضُرَّ إنْ وَجَبَ بِأَنْ كَانَتْ أَهْلًا أَوْ كَانَ أَهْلَهُ، وَإِلَّا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَصَحَّ بَعْدَهُ وَأُلْغِيَ الشَّرْطُ وَلَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ نَسْجٌ وَلَا غَزْلٌ وَلَا خِيَاطَةٌ وَلَا تَطْرِيزٌ لِتُطْعِمَ نَفْسَهَا أَوْ تَكْتَسِيَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَنْوَاعِ التَّكَسُّبِ وَلَا تُلْزَمُ بِهِ، وَلَوْ كَانَتْ عَادَةَ نِسَاءِ بَلَدِهَا
[قَوْلُهُ: أَنْ يُنْفِقَ عَلَى عَبِيدِهِ] ، وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرٍ أَوْ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ، وَلَوْ أَشْرَفَ الرَّقِيقُ عَلَى الْمَوْتِ.
وَالْإِنْفَاقُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ فَلَا يُسْرِفْ وَلَا يُقْتِرْ وَيَنْظُرُ لِوُسْعِهِ، وَحَالِ الْعَبِيدِ فَلَيْسَ النَّجِيبُ كَالْوَغْدِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ الْمُخْدَمِ بَلْ نَفَقَتُهُ عَلَى مُخْدِمِهِ، وَالْمُكَاتَبُ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْمُشْتَرَكُ، وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى رَقِيقِهِ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ بِيعَ إنْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ. وَكَانَ مِمَّا يُبَاعُ، وَإِلَّا أُخْرِجَ عَنْ مِلْكِهِ فَأُمُّ الْوَلَدِ لَا تُبَاعُ فَقِيلَ تُزَوَّجُ وَقِيلَ: تُعْتَقُ وَاخْتِيرَ، وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ أَوْ الْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ
فِي حَيَاتِهِمْ (وَيُكَفِّنَهُمْ إذَا مَاتُوا)، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى» . وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ الْمَرْأَةُ تَقُولُ إمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي وَيَقُولُ الْعَبْدُ: أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي وَيَقُولُ الْوَلَدُ: أَطْعِمْنِي إلَى مَنْ تَدَعُنِي، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ تَكْفِينِ الْعَبِيدِ هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَاتُّفِقَ عَلَيْهِ.
(وَاخْتُلِفَ فِي كَفَنِ الزَّوْجَةِ) الْحُرَّةِ وَقِيلَ، وَالْأَمَةُ الْمَدْخُولُ بِهَا، أَوْ الَّتِي دُعِيَ إلَى الدُّخُولِ بِهَا (فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) وَسَحْنُونٌ وَشَهْرٌ هُوَ (فِي مَالِهَا) وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ غَنِيَّةً كَانَتْ، أَوْ فَقِيرَةً؛ لِأَنَّ الْكَفَنَ مِنْ تَوَابِعِ النَّفَقَةِ، وَهِيَ إنَّمَا كَانَتْ لِمَعْنًى، وَهُوَ الِاسْتِمْتَاعُ، وَقَدْ ذَهَبَ بِالْمَوْتِ، وَإِذَا ذَهَبَ الْمَتْبُوعُ ذَهَبَ التَّابِعُ.
(وَقَالَ) مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ وَ (عَبْدُ الْمَلِكِ) قِيلَ: هُوَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقِيلَ: هُوَ ابْنُ الْمَاجِشُونَ هُوَ (فِي مَالِ الزَّوْجِ) ، وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً؛ لِأَنَّ عَلَاقَةَ الزَّوْجِيَّةِ بَاقِيَةٌ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُغَسِّلُهَا وَيَطَّلِعُ عَلَى عَوْرَتِهَا، وَالْمُوَارَثَةُ قَائِمَةٌ بَيْنَهُمَا (وَقَالَ) مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَ (سَحْنُونٌ) أَيْضًا (إنْ كَانَتْ مَلِيئَةً فَهُوَ فِي مَالِهَا، وَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً فَ) هُوَ (فِي مَالِ الزَّوْجِ) وَوَجْهُهُ يَرْجِعُ لِلتَّوْجِيهَيْنِ، وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْ كَفَنِ الْأَبَوَيْنِ، وَالْبَنِينَ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ تَابِعٌ لِلنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ كَالرَّقِيقِ.
ــ
[حاشية العدوي]
فَيُقَالُ لَهُمَا: اخْدِمَا بِمَا يُنْفَقُ عَلَيْكُمَا إنْ كَانَ لَهُمَا خِدْمَةٌ وَإِلَّا عَتَقَا [قَوْلُهُ: وَيُكَفِّنُهُمْ إذَا مَاتُوا] ، وَكَذَا سَائِرُ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَهَذَا إذَا كَانَ مَلِيًّا فَلَوْ كَانَ مُعْدَمًا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ، وَالْعَبْدُ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا كَفَنٌ وَاحِدٌ كُفِّنَ بِهِ الْعَبْدُ وَيُكَفَّنُ السَّيِّدُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ [قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ] أَيْ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَالْأَصْلُ الدَّانِي، وَالْفَرْعُ الْقَرِيبُ، وَالرَّقِيقُ [قَوْلُهُ: مَا فِي الصَّحِيحِ] أَيْ مَا فِي الْكِتَابِ الصَّحِيحِ أَيْ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَالْبُخَارِيِّ أَوْ مَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، أَيْ جِنْسِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ بِمُلَاحَظَةِ جُمْلَةِ أَفْرَادِهِ فَيَكُونُ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْجُزْءِ فِي الْكُلِّ [قَوْلُهُ: مَا تَرَكَ عَنْ غِنًى] أَيْ بِحَيْثُ لَمْ يُجْحِفْ بِالْمُتَصَدِّقِ وَقَوْلُهُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا وَهِيَ الْمُعْطِيَةُ وَقَوْلُهُ السُّفْلَى أَيْ السَّائِلَةُ، وَقَوْلُهُ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ أَيْ بِمَنْ تَجِبُ عَلَيْك نَفَقَتُهُ وَقَوْلُهُ أَطْعِمْنِي بِهَمْزَةِ قَطْعٍ [قَوْلُهُ: تَدَعُنِي] بِفَتْحِ الدَّالِ وَضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ إلَى مَنْ تَكِلُنِي.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ الشَّيْخُ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَنْ قَالَ الْأَمْرُ الْفُلَانِيُّ وَقْفٌ عَلَى عِيَالِي أَوْ هَذِهِ الْعَلُوفَةُ عَلَى الْعِيَالِ تَدْخُلُ زَوْجَتُهُ فِي الْعِيَالِ.
[قَوْلُهُ: وَقِيلَ وَالْأَمَةُ] ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ عَلَى السَّيِّدِ [قَوْلُهُ: فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ] وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالزَّوْجِ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ [قَوْلُهُ: هُوَ فِي مَالِهَا] ، وَكَذَا سَائِرُ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ كَفَّنَهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي مَالِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا [قَوْلُهُ: غَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ فَقِيرَةً] ، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا [قَوْلُهُ: هُوَ مَالُ الزَّوْجِ] أَيْ الْكَفَنُ وَمُؤَنُ التَّجْهِيزِ أَيْ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ لَهَا النَّفَقَةُ لِبُلُوغِهِ وَيُسْرِهِ [قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً] .
وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ فَقِيرًا [قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مَلِيئَةً] أَيْ بِحَيْثُ يُوجَدُ عِنْدَهَا مَا تُكَفَّنُ بِهِ [قَوْلُهُ: سَحْنُونٌ] فِي السِّينِ وَجْهَانِ الْفَتْحُ، وَالضَّمُّ قَالَ عج الْكَثِيرُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْفَتْحُ وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَالضَّمُّ، وَهُوَ لَقَبٌ لَهُ وَاسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: فَهُوَ فِي مَالِهَا] ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَنِيًّا وَقَوْلُهُ فِي مَالِ الزَّوْجِ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ فَقِيرًا [قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمَذْهَبَ إلَخْ] فَلَوْ مَاتَ أَبُو شَخْصٍ أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَلَدُهُ وَنَفَقَةُ كُلٍّ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَعَجَزَ عَنْ تَكْفِينِ الْجَمِيعِ فَيُقَدَّمُ الْوَلَدُ وَقَضِيَّةُ الْإِجْرَاءِ عَلَى النَّفَقَةِ تَقْدِيمُ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ، وَالْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ، وَالصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ، إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى تَكْفِينِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ بَعْضِ الْأَوْلَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ،، وَالظَّاهِرُ الِاقْتِرَاعُ عِنْدَ تَسَاوِي الْوَلَدَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَكْفِي إلَّا أَحَدَهُمَا: بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ قَالَ الشَّيْخُ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ يَكْفِي فِي السَّتْرِ الْوَاجِبِ وَهُوَ مُقَسَّمٌ بَيْنَهُمَا [قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ يَرْجِعُ لِلتَّوْجِيهَيْنِ] فِيهِ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْأَوَّلَ لَوْ عَلَّلْنَا بِهِ الْغَنِيَّةَ تَجِدُهُ يَأْتِي فِي الْفَقِيرَةِ