الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَيْسَ لَهُ رَأْسَانِ وَيَكُونُ رَأْسُهُ لَيِّنًا وَيَقْبِضُ عَلَيْهِ بِالْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ وَالْوُسْطَى وَلَا يَقْبِضُ عَلَيْهِ بِالسَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ، وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيُؤَخِّرُ الْيُسْرَى وَيُوَالِي بَيْنَ الضَّرْبِ وَلَا يُفَرِّقُ عَلَى الْأَيَّامِ إلَّا أَنْ يُخْشَى مِنْ تَوَالِيهِ هَلَاكُ الْمَحْدُودِ هَذَا فِي غَيْرِ الرَّجْمِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ حَدُّهُ الرَّجْمَ رُجِمَ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالرَّجْمِ.
(وَلَا تُحَدُّ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ) وَتَجِدَ مَنْ يَقُومُ بِحَالِ الطِّفْلِ لِفِطَامِهِ لِحَدِيثِ الْغَامِدِيَّةِ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) يُحَدُّ (مَرِيضٌ مُثَقَّلٌ حَتَّى يَبْرَأَ) لِخَوْفِ التَّلَفِ إذَا جُلِدَ (وَلَا يُقْتَلُ وَاطِئُ الْبَهِيمَةِ) ج: لَوْلَا قَوْلُهُ: (وَلْيُعَاقَبْ) لَاحْتَمَلَ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُحَدُّ حَدَّ الْبِكْرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا يُحَدُّ وَاطِئُ الْبَهِيمَةِ وَلْيُعَاقَبْ لِارْتِكَابِهِ أَمْرًا مُحَرَّمًا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَا رُوِيَ «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ» فَغَيْرُ ثَابِتٍ. .
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُدُودِ فَقَالَ: (وَمَنْ سَرَقَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ الذُّكُورِ أَوْ الْإِنَاثِ
ــ
[حاشية العدوي]
بِسَوْطٍ] وَلَا يُجْزِئُ قَضِيبٌ وَشِرَاكٌ وَلَا دِرَّةٌ، وَكَانَتْ دِرَّةُ عُمَرَ لِلْأَدَبِ.
[قَوْلُهُ: مِنْ جِلْدٍ] زَادَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: مِنْ جِلْدٍ وَاحِدٍ.
[قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ رَأْسَانِ] أَيْ لَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا رَأْسَانِ بَلْ رَأْسٌ وَاحِدٌ.
[قَوْلُهُ: وَيَقْبِضُ عَلَيْهِ بِالْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ] أَيْ وَيَعْقِدُ عَلَيْهِ عَقْدَ التِّسْعِينَ وَصِفَةُ عَقْدِ التِّسْعِينَ أَنْ يَعْطِفَ السَّبَّابَةَ حَتَّى تَلْقَى الْكَفَّ وَيَضُمَّ الْإِبْهَامَ إلَيْهَا.
[قَوْلُهُ: وَيُقَدِّمُ إلَخْ] هَذَا مُوجِبٌ لِقُوَّةِ الضَّرْبِ عَكْسُ الَّذِي قَبْلَهُ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُفَرَّقُ عَلَى الْأَيَّامِ] قَضِيَّتُهُ أَنَّ مِنْ أَفْرَادِ الْمُوَالَاةِ مَا إذَا فَعَلَ بَعْضَهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَبَعْضَهُ الْآخَرَ فِي وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ. وَظَاهِرُهُ. أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ وَلَا يُفَرَّقُ عَلَى الْأَيَّامِ أَيْ مَثَلًا فَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ التَّفْرِقَةِ مَا إذَا فَعَلَ بَعْضَهُ فِي وَقْتٍ وَالْبَعْضَ الْآخَرَ فِي وَقْتٍ لِظَنِّ السَّلَامَةِ فِي ذَلِكَ دُونَ فِعْلِ الْجَمِيعِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَتَدَبَّرْ
[قَوْلُهُ: وَلَا تُحَدُّ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ] لِئَلَّا يَسْرِيَ إلَى مَا فِي بَطْنِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مِنْ زِنًا وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا الْحَمْلَ بَلْ يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ فَإِنْ شَكَكْنَ فِي حَمْلِهَا أُخِّرَتْ لِتَمَامِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ وَطِئَهَا، وَهَذَا إذَا مَضَى لِزِنَاهَا نَحْوُ الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا جَازَ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا لِانْتِفَاءِ حُرْمَةِ الْحَمْلِ حِينَئِذٍ، وَهَذَا فِي غَيْرِ ذَاتِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ الْمُسْتَرْسِلِ عَلَى وَطْئِهَا وَإِلَّا أُخِّرَتْ لِحَيْضَةٍ.
[قَوْلُهُ: وَتُحَدُّ إلَخْ] أَيْ يُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ عَقِبَ الْوَضْعِ إنْ وَجَدَتْ مَنْ يَقُومُ بِالطِّفْلِ، هَذَا إذَا كَانَ حَدُّهَا الرَّجْمَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَدُّهَا الْجَلْدَ أُخِّرَتْ حَتَّى تُتِمَّ نِفَاسَهَا وَتَجِدَ مَنْ يُرْضِعُ وَلَدَهَا.
[قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ الْغَامِدِيَّةِ إلَخْ] أَيْ حَيْثُ «جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حَامِلٌ فَقَالَتْ لَهُ: طَهِّرْنِي. فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي حَتَّى تَضَعِي فَلَمَّا وَضَعَتْ أَتَتْ إلَيْهِ فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي حَتَّى تَفْطِمِيهِ أَوْ حَتَّى تُرْضِعِيهِ. فَلَمَّا أَرْضَعَتْهُ أَتَتْ إلَيْهِ فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي حَتَّى تَسْتَوْدِعِيهِ. فَلَمَّا اسْتَوْدَعَتْهُ أَتَتْ فَرَجَمَهَا» اهـ وَاسْمُهَا سُمَيَّةُ أَوْ أُمَيْمَةُ بِنْتُ فَرَجٍ.
[قَوْلُهُ: مُثَقَّلٌ] بِفَتْحِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ اشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى يَبْرَأَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَلَفِ نَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُنْتَظَرَ بِالْجَلْدِ اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَدُّهُ الْقَتْلَ وَلَوْ بِالرَّجْمِ فَلَا يُنْتَظَرُ.
[قَوْلُهُ: وَلْيُعَاقَبْ إلَخْ] أَيْ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَالْبَهِيمَةُ كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبِلِ ذَبْحًا وَأَكْلًا.
[قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَخْ] أَيْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلْيُعَاقَبْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُقْتَلُ أَنَّهُ لَا حَدَّ. وَقَوْلُهُ: لِارْتِكَابِهِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلْيُعَاقَبْ. وَقَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُحَدُّ وَاطِئُ فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ الْمُرَادُ لَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِ الْبَهِيمَةِ فَلِمَ عَدَلَ عَنْ صَرِيحِ اللَّفْظِ قُلْت: إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْقَتْلِ غَيْرُ صَوَابٍ.
[قَوْلُهُ: فَغَيْرُ ثَابِتٍ] زَادَ فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ: وَأَنْكَرَهُ مَالِكٌ
[حَدّ السَّرِقَة]
[قَوْلُهُ: وَمَنْ سَرَقَ بِفَتْحِ الرَّاءِ] أَيْ فِي الْمَاضِي وَمَكْسُورُهَا فِي الْمُضَارِعِ، تت: وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ السَّرِقَةَ بِقَوْلِهِ: أَخْذُ مُكَلَّفٍ حُرًّا لَا يَعْقِلُ لِصِغَرِهِ أَوْ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ نِصَابًا أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ بِقَصْدٍ وَاحِدٍ خُفْيَةً لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ فَلَا قَطْعَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ النِّصَابِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَأَخْرَجَ النِّصَابَ عَلَى مَرَّاتٍ وَلَا عَلَى أَبٍ أَخَذَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ قَدْرَ نِصَابٍ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: خِفْيَةً عَمَّا لَوْ خَرَجَ جِهَارًا فَهَذَا يُسَمَّى مُخْتَلِسًا.
الْأَحْرَارِ أَوْ الْأَرِقَّاءِ مُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ (رُبْعَ دِينَارٍ ذَهَبًا) وَلَا الْتِفَاتَ إلَى قِيمَتِهِ (أَوْ) سَرَقَ (مَا قِيمَتُهُ يَوْمَ السَّرِقَةِ) لَا يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ ارْتَفَعَ السِّعْرُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَوْ انْخَفَضَ (ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ) سَرَقَ (وَزْنَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فِضَّةً) خَالِصَةً وَلَا الْتِفَاتَ إلَى كَوْنِهَا تُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ (قُطِعَ) وَالْأَصِيلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّحِيحَيْنِ: «لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» .
وَفِي الْمُوَطَّأِ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» ، وَلِلْقَطْعِ شُرُوطٌ فِي السَّارِقِ وَالْمَسْرُوقِ فُهِمَ بَعْضُهَا مِمَّا تَقَدَّمَ فَاَلَّتِي فِي السَّارِقِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا، بَالِغًا، غَيْرَ مِلْكٍ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ، غَيْرَ مُضْطَرٍّ لِلسَّرِقَةِ، وَاَلَّتِي فِي الْمَسْرُوقِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّارِقَ مَنْ يَدْخُلُ خُفْيَةً وَيَخْرُجُ كَذَلِكَ، وَالْمُخْتَلِسُ مَنْ يَدْخُلُ خُفْيَةً وَيَخْرُجُ جَهْرَةً، وَالْخَائِنُ مَنْ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ جَهْرَةً وَمَعَهُ إذْنٌ.
[قَوْلُهُ: وَلَا الْتِفَاتَ إلَى قِيمَتِهِ] أَيْ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى كَوْنِهِ يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ [قَوْلُهُ: أَوْ سَرَقَ مَا قِيمَتُهُ] قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تَقْوِيمَ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ سَوَاءٌ سَاوَتْ الثَّلَاثَةُ دَرَاهِمَ الرُّبْعَ دِينَارٍ أَوْ نَقَصَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلِذَا لَوْ سَاوَتْ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ رُبْعَ دِينَارٍ وَلَمْ تُسَاوِ الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ وَهَذَا حَيْثُ وُجِدَتْ الدَّرَاهِمُ فِي بَلَدِ السَّرِقَةِ وَإِنْ لَمْ يُتَعَامَلْ بِهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ بِبَلَدِ السَّرِقَةِ إلَّا الذَّهَبُ فَالتَّقْوِيمُ بِالذَّهَبِ. وَقَوْلُهُ: يَوْمَ السَّرِقَةِ أَيْ مَا يُسَاوِي الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ لَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ نَقَصَتْ وَقْتَهُ كَذَبْحِ شَاةٍ بِحِرْزٍ أَوْ خَرْقِ ثَوْبٍ بِحِرْزِهِ فَنَقَصَ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ لَمْ يُقْطَعْ كَأَنْ لَمْ يُسَاوِهَا إلَّا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ كَطُرُوِّ غُلُوٍّ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ] رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: يَوْمَ السَّرِقَةِ وَمُقَابِلُهُ يَعْتَبِرُهَا يَوْمَ الْحُكْمِ. وَإِنَّمَا كَانَ الْمَذْهَبُ مَا قَالَ لِأَنَّهُ وَقْتَ تَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ.
[قَوْلُهُ: وَزْنَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ] فِي التَّحْقِيقِ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ أَنَّ دِينَارَ السَّرِقَةِ وَالنِّكَاحِ وَالدِّيَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا، وَدِينَارُ الْجِزْيَةِ وَالزَّكَاةِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ.
[قَوْلُهُ: خَالِصَةً] احْتِرَازًا مِنْ الْمَغْشُوشِ بِالنُّحَاسِ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ نُحَاسًا تَافِهًا لَا قَدْرَ لَهُ. تَحْقِيقٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْخُلُوصُ مِنْ الْغِشِّ وَلَوْ كَانَتْ رَدِيئَةَ الْمَعْدِنِ كَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيُّ، وَإِنَّمَا تَرَكَ الْمُؤَلِّفُ قَيْدَ الْخُلُوصِ فِي الرُّبْعِ دِينَارٍ نَظَرًا لِلْغَالِبِ إذْ الْغَالِبُ خُلُوصُهُ مِنْ الْغِشِّ وَلَا بُدَّ مِنْ الْخُلُوصِ فِيهِ أَيْضًا.
[قَوْلُهُ: فِي مِجَنٍّ] الْمِجَنُّ هُوَ التُّرْسُ لِأَنَّهُ يُوَارِي حَامِلَهُ أَيْ يَسْتُرُهُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ وَيُجْمَعُ عَلَى مَجَانَّ، وَإِنَّمَا كَانَتْ زَائِدَةً لِأَنَّهُ مِنْ الْجُنَّةِ وَالسُّتْرَةِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ.
[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا بَالِغًا] فَلَا قَطْعَ عَلَى غَيْرِ بَالِغٍ وَلَا عَلَى مَجْنُونٍ مُطْبِقٍ، وَكَذَا إنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانَا وَسَرَقَ فِي حَالِ جُنُونِهِ وَإِلَّا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ إذَا أَفَاقَ كَمَا أَنَّ السَّكْرَانَ بِحَرَامٍ يُقْطَعُ بَعْدَ صَحْوِهِ سَرَقَ حَالَ سُكْرِهِ أَوْ قَبْلَهُ، فَإِنْ قُطِعَ قَبْلَ صَحْوِهِ اُكْتُفِيَ بِهِ وَكَذَا الْمَجْنُونُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ حَرَامٍ فَكَالْمَجْنُونِ الَّذِي سَرَقَ حَالَ جُنُونِهِ، وَاسْتَظْهَرَ حَمْلَهُ عَلَى أَنَّهُ بِحَرَامٍ حَيْثُ شَكَّ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَالَتُهُ ظَاهِرَةً فِي خِلَافِ ذَلِكَ، وَانْظُرْ إذَا شَكَّ فِي سَرِقَةِ الْمَجْنُونِ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانَا هَلْ هِيَ فِي حَالِ جُنُونِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ. وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِحَدِيثِ:«ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» . وَلَا بُدَّ أَنْ يُزَادَ مُخْتَارًا لِيَخْرُجَ الْمُكْرَهُ وَيَكُونَ الْإِكْرَاهُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ، وَاسْتُظْهِرَ أَنَّ مَالَ الذِّمِّيِّ كَمَالِ الْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ فَيَكُونُ بِالْقَتْلِ وَبِغَيْرِهِ.
[قَوْلُهُ: غَيْرَ مِلْكٍ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ] أَيْ لَا يَكُونُ السَّارِقُ عَبْدًا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا لَهُ فَلَا يُقْطَعُ ذَلِكَ الْعَبْدُ.
[قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ] احْتِرَازًا مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ إذَا سَرَقَا أَيْ مِنْ مَالِ وَلَدِهِمَا فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا، وَمِثْلُهُمَا الْجَدُّ وَلَوْ لِأُمٍّ وَلَوْ كَانَ فَرْعُهُ عَبْدًا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَا بِيَدِهِ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ السَّيِّدُ «لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» . أَمَّا الِابْنُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ.
[قَوْلُهُ: غَيْرَ مُضْطَرٍّ لِلسَّرِقَةِ] احْتِرَازًا عَمَّنْ سَرَقَ لِجُوعٍ أَصَابَهُ.
[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ] احْتِرَازًا عَمَّا إذَا سَرَقَ حِمَارًا مَثَلًا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَيْ انْتِفَاعًا شَرْعِيًّا فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ طَيْرًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لِأَجْلِ إجَابَتِهِ مِثْلُ الْبَلَابِلِ وَالْعَصَافِيرِ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ، نَعَمْ إنْ كَانَ لَحْمُهُ يُسَاوِي بَعْدَ ذَبْحِهِ نِصَابًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِذَلِكَ.
وَأَمَّا الْحَمَامُ
نِصَابًا مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ مِلْكًا تَامًّا مُحْتَرَمًا أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(إذَا سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ) وَهُوَ مَا لَا يُعَدُّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا عُرْفًا احْتِرَازًا مِنْ السَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ الْحِرْزِ أَوْ فِي الْحِرْزِ، وَنَقَلَهُ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان اسْتِسْرَارًا احْتِرَازًا عَمَّنْ أَخَذَ اخْتِلَاسًا أَوْ مُكَابَرَةً فَلَا يُقْطَعُ فِي هَذِهِ الْمُحْتَرِزَاتِ كُلِّهَا، وَقَدْ أَشَارَ إلَى مُحْتَرَزِ الشَّرْطِ الْأَخِيرِ مِنْهَا
ــ
[حاشية العدوي]
يَقْصِدُ لِيَأْتِيَ بِالْأَخْبَارِ لَا اللَّعِبِ فَهِيَ مَنْفَعَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَيَقُومُ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَبْلُغُهُ وَتَبْلُغُ الْمُكَاتَبَةُ إلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: نِصَابًا] أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدَ أَخْذَ جَمِيعِ النِّصَابِ وَلَوْ عَلَى مَرَّاتٍ، فَمَنْ قَصَدَ ابْتِدَاءً أَنْ يُخْرِجَ النِّصَابَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَخْرَجَهُ عَلَى مَرَّاتٍ فَيُقْطَعُ، فَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا عَلَى مَرَّاتٍ فِي لَيْلَةٍ أَوْ لَيَالٍ وَلَمْ يَقْصِدْ ابْتِدَاءً سَرِقَتَهُ كُلِّهِ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَيُعْلَمُ قَصْدُهُ كُلُّهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِقَرِينَةٍ كَإِخْرَاجِهِ دُونَ نِصَابٍ مِمَّا وَجَدَهُ مُجْتَمَعًا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ مِنْ قَمْحٍ أَوْ مَتَاعٍ ثُمَّ يَرْجِعُ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ فَيُخْرِجُ تَمَامَ النِّصَابِ فَيُحْمَلُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ إخْرَاجَ مَا أَخْرَجَهُ فِي مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ قَصْدًا وَاحِدًا، وَسَوَاءٌ كَانَ حِينَ أَخْرَجَ مَا أَخْرَجَهُ أَوَّلًا لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى إخْرَاجِ مَا أَخْرَجَهُ فَقَطْ أَوْ يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِ نِصَابٍ كَامِلٍ.
[قَوْلُهُ: مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ] أَيْ وَأَمَّا لَوْ سَرَقَ مِلْكَهُ الْمَرْهُونَ أَوْ الْمُسْتَأْجَرَ فَلَا قَطْعَ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ مَعَهُ بَيِّنَةٌ بِالرَّهِينَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَإِلَّا قُطِعَ كَمَا أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ وَإِذَا مَلَكَ الشَّيْءَ الْمَسْرُوقَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ بِأَنْ وَرِثَهُ مَثَلًا لَا إنْ مَلَكَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَيُقْطَعُ. وَيَشْمَلُ قَوْلُهُ: مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ السَّارِقَ مِنْ سَارِقٍ فَيَقْطَعَانِ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَهُ ثَالِثٌ وَهَكَذَا وَيَشْمَلُ السَّرِقَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ بَابِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ.
[قَوْلُهُ: مِلْكًا تَامًّا] وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ مِلْكًا غَيْرَ تَامٍّ كَالشَّرِيكِ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَلَا قَطْعَ حِينَئِذٍ عَلَى مَا نُفَصِّلُهُ، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ شَرِكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ يُقْطَعُ بِوُجُودِ شَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَحْجُبَ السَّارِقَ عَنْ مَالِ الشَّرِكَةِ أَيْ لَيْسَ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ. الثَّانِي: أَنْ يَسْرِقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا مِنْ جَمِيعِ مَالِ الشَّرِكَةِ مَا سَرَقَ وَمَا لَمْ يَسْرِقْ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَمَا إذَا كَانَ جُمْلَةُ الْمَالِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسَرَقَ مِنْهُ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ مُقَوَّمًا كَشَرِكَةٍ فِي عُرُوضٍ مُخْتَلِفَةِ الْقِيمَةِ كَكُتُبٍ مُخْتَلِفَةٍ جُمْلَتُهَا تُسَاوِي اثْنَيْ عَشَرَ فَسَرَقَ كِتَابًا مُعَيَّنًا يُسَاوِي سِتَّةً فَيُقْطَعُ لِأَنَّ حَقَّهُ فِيهِ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ فَقَدْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ مِنْهُ نِصَابًا، فَإِنْ سَرَقَ دُونَهُ لَمْ يُقْطَعْ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ أَنَّ الْمُقَوَّمَ لَمَّا كَانَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ حَظِّهِ مِنْهُ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْمُقَوَّمِ كَانَ مَا سَرَقَهُ بَعْضُهُ حَظُّهُ وَبَعْضُهُ حَظُّ صَاحِبِهِ، وَمَا بَقِيَ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَلَمَّا كَانَ لَهُ أَخَذُ حَظِّهِ مِنْهُ وَإِنْ أَبَى صَاحِبُهُ فَقَدَّمَ اخْتِلَافَ الْأَغْرَاضِ فِيهِ، غَالِبًا فَلَمْ يَتَعَيَّنْ أَنْ يَكُونَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ قَدْرُ حَظِّهِ أَوْ أَكْثَرُ بِدُونِ نِصَابٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ، وَمَا بَقِيَ كَذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: مُحْتَرَمًا إلَخْ] أَيْ بِأَنْ يَجُوزَ بَيْعُهُ لَا إنْ سَرَقَ خَمْرًا أَوْ طُنْبُورًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَلَوْ لِذِمِّيٍّ سَرَقَهَا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ إلَّا أَنَّ الْخَمْرَ يَقْضِي عَلَيْهَا بِقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ لَا لِمُسْلِمٍ حَيْثُ أَتْلَفَهَا السَّارِقُ وَإِلَّا رُدَّتْ بِعَيْنِهَا لَهُ لَا إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ لِوُجُوبِ إرَاقَتِهَا إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ خَشَبُ الطُّنْبُورِ بَعْدَ كَسْرِهِ بِالْفِعْلِ فَلَا يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ بِتَقْدِيرِ كَسْرِهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ ثُمَّ إنَّ وِعَاءَ الْخَمْرِ إذَا كَانَتْ تُسَاوَيْ نِصَابًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ هَلْ يُقْطَعُ؟ قُلْت: هُوَ الظَّاهِرُ وَكَذَا لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ كَلْبًا أُذِنَ فِي اتِّخَاذِهِ أَمْ لَا مُعَلَّمًا أَمْ لَا، وَلَوْ سَاوَى لِتَعْلِيمِهِ نِصَابًا لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ.
[قَوْلُهُ: إذَا سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ] أَيْ بِأَنْ أَخْرَجَ مِنْ الْحِرْزِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ هُوَ وَسَوَاءٌ بَقِيَ النِّصَابُ خَارِجَ الْحِرْزِ أَوْ تَلِفَ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَا يُعَدُّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا] أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ضَابِطٌ شَرْعِيٌّ، وَحِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَالْحِرْزُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَمْوَالِ، فَرُبَّ مَكَان يَكُونُ حِرْزًا بِالنِّسْبَةِ إلَى شَخْصٍ وَغَيْرَ حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ لِآخَرَ، أَوْ يَكُونُ حِرْزًا بِالنِّسْبَةِ لِمَتَاعٍ وَلَا يَكُونُ حِرْزًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَتَاعٍ آخَرَ.
[قَوْلُهُ: أَوْ مُكَابَرَةً] الْمُكَابِرُ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ مِنْ غَيْرِ مُحَارَبَةٍ وَهُوَ الْغَاصِبُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَابَرَ بَعْدَ ثُبُوتِ أَخْذِ مِلْكِ الْغَيْرِ لِأَنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ
بِقَوْلِهِ: (وَلَا قَطْعَ فِي الْخُلْسَةِ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَهِيَ أَخْذُ الْمَالِ ظَاهِرًا غَفْلَةً. .
وَقَوْلُهُ: (وَيُقْطَعُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي السَّرِقَةِ أَيْ سَرِقَةِ مَا ذُكِرَ (يَدُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَمَنْ سَرَقَ فَإِنَّ " مَنْ " عَامٌّ وَالْقَطْعُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ أَوَّلًا فِي يَدِهِ الْيُمْنَى (ثُمَّ إنْ سَرَقَ) ثَانِيًا بَعْدَ أَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى (قُطِعَتْ رِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ) وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ الْيُسْرَى (ثُمَّ إنْ سَرَقَ) ثَالِثًا (فَ) تُقْطَعُ (يَدُهُ) الْيُسْرَى (ثُمَّ إنْ سَرَقَ) رَابِعًا (فَ) تُقْطَعُ (رِجْلُهُ) الْيُمْنَى، وَهَذَا التَّرْتِيبُ إذَا كَانَتْ الْيُمْنَى مَوْجُودَةً سَلِيمَةً وَلَمْ يَكُنْ أَعْسَرَ، فَإِنْ كَانَ أَعْسَرَ تُقْطَعُ الشِّمَالُ دُونَ الْيُمْنَى، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ يُمْنَى أَوْ كَانَتْ شَلَّاءَ أَوْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ الْأَصَابِعِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى قَطْعِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى، وَمَوْضِعُ الْقَطْعِ فِي الْيَدَيْنِ مِنْ الْكُوعِ، وَفِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ مِفْصَلِ الْكَعْبَيْنِ (ثُمَّ إنْ سَرَقَ) فِي الْخَامِسَةِ (جُلِدَ وَسُجِنَ) . .
ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَثْبُتُ بِهِ الْقَطْعُ فَقَالَ: (وَمَنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ) مَا لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا وَيَكْفِي فِي الْإِقْرَارِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ (وَإِنْ رَجَعَ) عَنْ إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ لِشُبْهَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أُقِيلَ) مِنْ الْقَطْعِ (وَغَرِمَ السَّرِقَةَ) أَيْ قِيمَتَهَا (إنْ كَانَتْ) الْقِيمَةُ (مَعَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ الْقِيمَةُ (اُتُّبِعَ بِهَا) وَلَمَّا قَيَّدَ الْقَطْعَ بِالسَّرِقَةِ مِنْ الْحِرْزِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ.
فَقَالَ: (وَمَنْ أَخَذَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يُخْرِجَ السَّرِقَةَ) الَّتِي بَلَغَتْ نِصَابًا (مِنْ الْحِرْزِ) سَوَاءٌ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِنَفْسِهِ أَوْ رَمَاهُ إلَى خَارِجٍ أَوْ أَخْرَجَهُ عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ أَوْ كَانُوا جَمَاعَةً فَرَفَعُوهُ عَلَى رَأْسِ أَحَدِهِمْ أَوْ ظَهْرِهِ فَخَرَجَ بِهِ وَبَقُوا هُمْ فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجُوا مَعَهُ فَفِي كُلِّ ذَلِكَ الْقَطْعُ أَمَّا إذَا لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ الْحِرْزِ أَوْ أَتْلَفَهَا فِيهِ ثُمَّ
ــ
[حاشية العدوي]
الْقَطْعُ وَلَا عِبْرَةَ بِمُكَابَرَتِهِ.
[قَوْلُهُ: ظَاهِرًا] أَيْ أَخْذًا ظَاهِرًا لَا خُفْيَةً.
[قَوْلُهُ: الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ] أَيْ الْمُكَلَّفُونَ، وَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُعَاهَدُ وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ.
[قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ أَعْسَرَ] تَبِعَ اللَّخْمِيَّ وَظَاهِرَ خَلِيلٍ وَالْجَلَّابَ وَابْنَ الْحَاجِبِ وَالْإِرْشَادَ وَغَيْرَهُمْ وَلَوْ أَعْسَرَ، وَأَمَّا الْأَضْبَطُ فَتُقْطَعُ يُمْنَاهُ اتِّفَاقًا.
[قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ شَلَّاءَ] أَيْ فَاسِدَةً. وَقَوْلُهُ: أَوْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ الْأَصَابِعِ ثَلَاثَةً لِلْيُمْنَى قَبْلَ الْحُكْمِ بِقَطْعِهَا لَا أُصْبُعَيْنِ وَأُنْمُلَتَيْنِ.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى قَطْعِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى] فَإِنْ سَرَقَ مَرَّةً ثَانِيَةً قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُمْنَى.
[قَوْلُهُ: وَمَوْضِعُ الْقَطْعِ فِي الْيَدَيْنِ مِنْ الْكُوعِ] وَإِذَا قُطِعَ فَإِنَّهُ يُحْسَمُ بِالنَّارِ أَيْ يُكْوَى مَوْضِعُ الْقَطْعِ لِيَنْقَطِعَ جَرَيَانُ الدَّمِ بِحَرْقِ أَفْوَاهِ الْعُرُوقِ لِأَنَّ دَوَامَ جَرْيِهِ يُؤَدِّي إلَى مَوْتِ الْمَقْطُوعِ فَيُغْلَى الزَّيْتُ عَلَى النَّارِ ثُمَّ تُجْعَلُ الْيَدُ فِيهِ، وَالْحَسْمُ مِنْ حَقِّ الْمَقْطُوعِ لَا مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ. وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ أَنَّ حُكْمَ الْحَسْمِ الْوُجُوبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْحَاكِمِ وَالْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ سَرَقَ فِي الْخَامِسَةِ] أَيْ سَالِمُ الْأَعْضَاءِ أَوْ النَّاقِصُ الْيُمْنَى مَرَّةً رَابِعَةً [قَوْلُهُ: جُلِدَ وَسُجِنَ] وَلَعَلَّ الْحَبْسَ لِظُهُورِ تَوْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَنَفَقَتُهُ وَأُجْرَةُ حَبْسِهِ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ.
[قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا] أَيْ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ أَوْ أَخْرَجَ الْقَتِيلَ اُنْظُرْ شُرَّاحَ خَلِيلٍ.
[قَوْلُهُ: لِشُبْهَةٍ أَوْ غَيْرِهَا] مِثَالُ الشُّبْهَةِ أَنْ يَقُولَ: أَخَذْت مَالِي الْمُودَعَ وَظَنَنْت ذَلِكَ سَرِقَةً، وَمِثَالُ غَيْرِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَقُولَ مَثَلًا أَنَا كَذَبْت فِي إقْرَارِي.
[قَوْلُهُ: أُقِيلَ] أَيْ تُرِكَ.
[قَوْلُهُ: أَيْ قِيمَتُهَا إلَخْ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الْقِيمَةَ لِأَنَّ الْغُرْمَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْفَائِتِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْغُرْمُ دُونَ الْقَطْعِ لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْغُرْمُ حَقُّ الْآدَمِيِّ فَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَى شُبْهَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْغُرْمِ انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّرِقَةَ إذَا كَانَتْ بَاقِيَةً فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ وَلَيْسَ لِلسَّارِقِ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ قَهْرًا عَلَى رَبِّهِ وَيَدْفَعُ لَهُ الْقِيمَةَ وَلَا فَرْقَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ قُطِعَ أَوْ لَا.
[قَوْلُهُ: حَتَّى يُخْرِجَ السَّرِقَةَ] وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ أَوْ ابْتَلَعَ دُرًّا.
[قَوْلُهُ: فَفِي كُلِّ ذَلِكَ الْقَطْعُ] أَيْ يُقْطَعُونَ جَمِيعًا إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ إلَّا بِرَفْعِهِمْ، وَإِذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَلَا يُقْطَعُ إلَّا هُوَ وَحْدَهُ.
وَأَمَّا إذَا اشْتَرَكَا فِي حَمْلِ نِصَابٍ فَأَخْرَجَاهُ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ كُلُّ
أَخْرَجَهَا فَلَا قَطْعَ (وَكَذَلِكَ الْكَفَنُ) لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ حَتَّى يُخْرِجَهُ (مِنْ الْقَبْرِ) إذَا سَاوَى رُبْعَ دِينَارٍ.
(وَمَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتٍ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ لَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَارِقٍ وَإِنَّمَا هُوَ خَائِنٌ وَالْخَائِنُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ عَلَى مُنْتَهِبٍ وَلَا خَائِنٍ وَلَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ» . .
فَرْعٌ: لَوْ سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ مِنْ مَوْضِعٍ حُجِرَ عَلَيْهِ قُطِعَ، أَمَّا إنْ كَانَ مِنْ مَوْضِعٍ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ وَقَوْلُهُ:(وَلَا يُقْطَعُ الْمُخْتَلِسُ) تَكْرَارٌ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ.
(وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي بَدَنِهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ قَطْعٍ يَلْزَمُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ أَنْ يُوقِعَ عَلَى نَفْسِهِ هَذَا (وَ) أَمَّا إقْرَارُهُ فِي (مَا كَانَ فِي رَقَبَتِهِ) أَيْ فِيمَا يَجِبُ أَخْذُهُ فِيهِ (فَلَا إقْرَارَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِحُبِّ انْتِقَالِهِ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ
(وَلَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ) بِمُثَلَّثَةٍ (مُعَلَّقٍ) عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ
ــ
[حاشية العدوي]
وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَقِلُّ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ دُونَ صَاحِبِهِ.
الثَّانِي: أَنْ لَا يَنُوبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ فَإِذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَعَلَيْهِمَا الْقَطْعُ وَلَوْ لَمْ يَنُبْ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ أَوْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ وَلَوْ اسْتَقَلَّ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ نَابَ كُلًّا نِصَابٌ فَالْقَطْعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَإِنْ اسْتَقَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَلَا قَطْعَ وَإِلَّا فَالْقَطْعُ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَامِلًا لِشَيْءٍ دُونَ الْآخَرِ وَهُمْ شُرَكَاءُ فِيمَا أَخْرَجُوهُ لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ أَخْرَجَ مَا فِيهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.
[قَوْلُهُ: حَتَّى يُخْرِجَهُ] فَإِنْ أَخْرَجَهُ قُطِعَ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لِمَا هُوَ فِيهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَبْرُ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ أَمْ لَا وَإِنَّمَا قُطِعَ لِأَنَّ النَّبَّاشَ سَارِقٌ وَكُلُّ سَارِقٍ تُقْطَعُ يَدُهُ، وَكَذَا تُقْطَعُ يَدُ مَنْ سَرَقَ كَفَنَ الْمَيِّتِ الْمَرْمِيِّ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ الْبَحْرَ حِينَئِذٍ صَارَ حِرْزًا لَهُ، وَسَوَاءٌ رُمِيَ بِالْبَحْرِ مَثَلًا أَمْ لَا وَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَا عَلَى الْغَرِيقِ مِنْ الْحَوَائِجِ، وَشَرْطُ الْكَفَنِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَادًا وَلَوْ مَنْدُوبًا، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَا قَطْعَ وَمِثْلُ سَرِقَةِ الْكَفَنِ سَرِقَةُ نَفْسِ اللَّحْدِ لَا مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِهِ مِنْ رُخَامٍ وَنَحْوِهِ
[قَوْلُهُ: مِنْ بَيْتٍ] لَا خُصُوصِيَّةَ لِقَوْلِهِ: بَيْتٍ فَلَوْ أَذِنَ تَاجِرٌ لِمَنْ يَدْخُلُ حَانُوتَهُ يُقَلِّبُ مِنْهُ شَيْئًا يَشْتَرِيهِ فَاخْتَلَسَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا قَطْعَ.
[قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ خَائِنٌ] حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ مَوْضِعٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي دُخُولِهِ كَالشَّخْصِ يُضَيِّفُ الضَّيْفَ فَيُدْخِلُهُ دَارِهِ أَوْ يَبْعَثُ الشَّخْصَ إلَى دَارِهِ لِيَأْتِيَهُ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِهَا بِشَيْءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَسْرِقُ مِنْ مَوْضِعٍ مُغْلَقٍ قَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الشُّرَكَاءِ بِأَنَّ الدَّاخِلَ فِيهَا لَيْسَ بِإِذْنِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بَلْ لِمَا لَهُ مِنْ الشَّرِكَةِ بِخِلَافِ الضَّيْفِ.
[قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى مُنْتَهِبٍ] قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْرِيرِ: الْمُنْتَهِبُ مَنْ أَخَذَ الْمَالَ عِيَانًا مُتَعَمِّدًا قُوَّةً وَغَلَبَةً وَالْمُخْتَلِسُ مَنْ يَخْطَفُ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ، وَيَتَعَمَّدُ الْهَرَبَ مَعَ مُعَايَنَةِ الْمَالِكِ وَالسَّارِقِ مَنْ يَأْخُذُ خُفْيَةً وَالْخَائِنُ مَنْ يَخُونُ فِي وَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا بِأَخْذِ بَعْضِهَا وَالْجَاحِدُ مَنْ يُنْكِرُهَا
[قَوْلُهُ: لَوْ سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ مِنْ مَوْضِعٍ حُجِرَ عَلَيْهِ] أَنْ يَدْخُلَهُ أَوْ يَفْتَحُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَجْرُ بِالْكَلَامِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْغَلْقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضَّيْفِ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ قَصَدَ الْحَجْرَ عَنْهُ بِالْخُصُوصِ وَمَا قُصِدَ بِالْخُصُوصِ أَشَدُّ مِمَّا قُصِدَ بِالْعُمُومِ بِخِلَافِ الضَّيْفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْحَجْرَ عَنْهُ بِخُصُوصِهِ، وَحُكْمُ أَمَةِ الزَّوْجَةِ حُكْمُهَا فِي السَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ، وَحُكْمُ عَبْدِ الزَّوْجِ حُكْمُهُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الزَّوْجَةِ.
[قَوْلُهُ: مِنْ حَدٍّ أَوْ قَطْعٍ] أَيْ أَوْ قَتْلٍ أَيْ كَإِقْرَارِهِ بِشُرْبٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ زِنًا، أَيْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهِ فِي جَسَدِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ سَيِّدُهُ كَمَا فِي تت. وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِسَرِقَةِ مَالٍ فِي يَدِهِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ سَيِّدُهُ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ وَالْمَالُ لِلسَّيِّدِ دُونَ الْمُقِرِّ لَهُ كَذَا فِي تت.
[قَوْلُهُ: وَأَمَّا إقْرَارُهُ فِيمَا كَانَ فِي رَقَبَتِهِ] كَمَا إذَا أَقَرَّ بِقَطْعِهِ يَدَ حُرٍّ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ
[قَوْلُهُ: فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ] أَيْ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِ هَذَا فِي الْمُعَلَّقِ فِي الْبُسْتَانِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ الثَّمَرِ فِي الدُّورِ أَوْ الْبُيُوتِ فَإِنَّ سَارِقَهُ يُقْطَعُ لِأَنَّهُ مِنْ حِرْزٍ.
قُلْنَا: مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ قُطِعَ وَعُلِّقَ عَلَى الشَّجَرِ فَهَذَا لَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ وَلَوْ بِعَلَقِ، وَلَوْ قُطِعَ وَوُضِعَ فِي الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ وَضْعُهُ فِيهِ قَبْلَ الْجَرِينِ قِيلَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ بِهِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: إنْ كُدِّسَ يُقْطَعُ
كَانَ عَلَيْهِ عِلْقٌ وَقِيلَ: عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَالْقَوْلَانِ حَكَاهُمَا فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) قَطْعَ (فِي الْجُمَّارِ) وَهُوَ قَلْبُ النَّخْلِ حَالَ كَوْنِهِ (فِي النَّخْلِ وَ) كَذَلِكَ (لَا) قَطْعَ (فِي الْغَنَمِ الرَّاعِيَةِ) فِي حَالِ رَعْيِهَا سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ أَمْ لَا (حَتَّى تُسْرَقَ مِنْ مُرَاحِهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا مَوْضِعُ مَقِيلِهَا الَّتِي تُسَاقُ إلَيْهِ (وَ) كَذَلِكَ (التَّمْرُ) الْمَقْطُوعُ لَا قَطْعَ فِيهِ حَتَّى يُسْرَقَ (مِنْ الْأَنْدَرِ) وَهُوَ الْجَرِينُ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا.
(وَلَا يُشْفَعُ لِمَنْ بَلَغَ الْإِمَامَ فِي السَّرِقَةِ وَالزِّنَا) وَالْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَا طَلَبُهُ مِنْهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَإِنْ تَابَ السَّارِقُ وَالزَّانِي وَهُوَ كَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ (وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الشَّفَاعَةِ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ (فِي الْقَذْفِ) فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً: يَجُوزُ عَفْوُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَذْفَ حَقٌّ لِلْمَقْذُوفِ، وَمَرَّةً قَالَ: لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَقْذُوفُ السَّتْرَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا.
(وَمَنْ سَرَقَ مِنْ الْكُمِّ) وَنَحْوِهِ (قُطِعَ) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ حِرْزٌ لِمَا عَلَيْهِ (وَمَنْ سَرَقَ مِنْ الْهُرْيِ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ. ك: وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهُوَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ
ــ
[حاشية العدوي]
لِشَبَهِهِ بِمَا فِي الْجَرِينِ وَإِلَّا فَلَا لِشَبَهِهِ بِمَا عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ وَسَرِقَتُهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الْجَرِينِ يُقْطَعُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ.
[قَوْلُهُ: وَالْقَوْلَانِ حَكَاهُمَا فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ] إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ مَنْصُوصٌ وَبِالْقَطْعِ مُخَرَّجٌ.
[قَوْلُهُ: لَا قَطْعَ فِي الْجُمَّارِ] كَأَنَّهُ كَالثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ.
[قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ أَمْ لَا] فَهِيَ كَالْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ يُعَدُّ حِرْزًا فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُهُ جَالِسًا بِهِ فِي الصَّحْرَاءِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهَا فِي حَالِ رَعْيِهَا تَكُونُ مُفَرَّقَةً غَيْرَ مُتَّصِلَةٍ بِرَبِّهَا.
[قَوْلُهُ: مَوْضِعُ مَقِيلِهَا] أَيْ عَقِبَ الرَّوَاحِ مِنْ الْمَرْعَى وَقَبْلَ الذَّهَابِ لِلرَّعْيِ فَيُقْطَعُ السَّارِقُ لَهَا مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ أَمْ لَا، وَمِثْلُ السَّرِقَةِ مِنْ الْمَرَاحِ السَّرِقَةُ مِنْهَا حَالَ سَيْرِهَا لِلْمَرْعَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهَا تَكُونُ مُجْتَمَعَةً وَلِذَلِكَ يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ الْإِبِلِ الْمُجْتَمِعَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ أَوْ الْجَامُوسِ فِي حَالِ سَيْرِهَا لِلْمَرْعَى بِمُجَرَّدِ إبَانَتِهِ عَنْ بَاقِيهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجَرِينُ] الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْجُرْنِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبَلَدِ أَوْ بَعِيدًا عَنْهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا جُمِعَ الْحَبُّ أَوْ التَّمْرُ فِي الْجَرِينِ وَغَابَ رَبُّهُ عَنْهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَابٌ وَلَا حَائِطٌ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ وَمِنْ غَيْرِ حَارِسٍ.
[قَوْلُهُ: لِمَنْ بَلَغَ الْإِمَامَ] ظَاهِرُهُ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ فِيمَا ذَكَرَ قَبْلَ عِلْمِ الْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ الْمَشْفُوعُ لَهُ مَعْرُوفًا بِالْفَسَادِ وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ فِي غَيْرِ حَدِّ السَّرِقَةِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِيهِ لَهُ وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ.
[قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ] أَيْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَوْ تَابَ اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَابَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: طَلَبُهَا لِلطَّهَارَةِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَابَتْ وَكَذَا مَاعِزٌ.
[قَوْلُهُ: أَيْ فِي الشَّفَاعَةِ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ] وَأَمَّا قَبْلُ فَيَجُوزُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ.
[قَوْلُهُ: وَمَرَّةً قَالَ لَا يَجُوزُ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَقْذُوفُ السَّتْرَ] وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِسُؤَالِ الْإِمَامِ خُفْيَةً عَنْ حَالِ الْمَقْذُوفِ، فَإِذَا بَلَغَهُ عَنْهُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ ظُهُورَ الْأَمْرِ جَازَ عَفْوُهُ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ إذَا أَرَادَ بِعَفْوِهِ دَفْعَ ضَرَرٍ يَتَوَقَّعُ حُصُولَهُ مِنْ الْقَاذِفِ بَعْدَ حَدِّهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاذِفُ أَبًا أَوْ أُمًّا وَإِلَّا جَازَ الْعَفْوُ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ سَتْرًا وَهَذَا الْخِلَافُ أَيْضًا فِي الْقَائِمِ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْقَائِمُ لِغَيْرِهِ كَالِابْنِ يَقُومُ بِحَقِّ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ وَقَدْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ قَدْ مَاتَ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. وَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ الَّذِي وَجَبَ تَعْزِيرُهُ وَالشَّفَاعَةُ فِيهِ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ قَالَهُ الْحَطَّابُ. قَالَ بَعْضٌ عَقِبَهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ التَّعْزِيرُ لِمَحْضِ حَقِّ اللَّهِ
[قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ] كَالْجَيْبِ وَالْعِمَامَةِ وَالْحِزَامِ [قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِنْسَانَ حِرْزٌ لِمَا عَلَيْهِ] لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ يُقْطَعُ سَارِقُهُ، وَالْمُرَادُ بِصَاحِبِهِ الْحَافِظُ لَهُ فِيهِ مَالِكًا أَوْ غَيْرَهُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْحِفْظُ وَلَوْ نَائِمًا لَهُ شُعُورٌ، وَلَوْ سَرَقَ الشَّيْءَ وَصَاحِبَهُ لَا يُقْطَعُ كَمَا لَوْ سَرَقَ الدَّابَّةَ مَعَ رَاكِبِهَا.
[قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ] أَيْ مَعَ كَسْرِ الرَّاءِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ
وَهُوَ بَيْتٌ يَجْعَلُهُ السُّلْطَانُ لِلْمَتَاعِ وَالطَّعَامِ (وَ) مِنْ (بَيْتِ الْمَالِ) وَهُوَ بَيْتٌ يَجْعَلُهُ السُّلْطَانُ لِلْعَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (وَ) مِنْ (الْمَغْنَمِ فَلْيُقْطَعْ) فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (وَقِيلَ إنْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ مِنْ الْمَغْنَمِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ قُطِعَ) وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا كَانَ مِنْ الْغَانِمِينَ.
(وَيُتَّبَعُ السَّارِقُ إذَا قُطِعَ بِقِيمَةِ مَا فَاتَ مِنْ السَّرِقَةِ) أَيْ يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهَا (فِي) حَالِ (مَلَائِهِ) وَاحْتَرَزَ بِمَا فَاتَ عَمَّا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ بَاقِيًا فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَأْخُذُهُ بَعْدَ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ لَيْسَ عِوَضًا عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْحِرْزِ، وَالْمَسْرُوقُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ (وَلَا يُتَّبَعُ) السَّارِقُ بِمَا فَاتَ (فِي) حَالِ (عُدْمِهِ) ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ لَا يَجِبُ فِيهِ عُقُوبَتَانِ الْقَطْعُ وَالِاتِّبَاعُ مَعَ الْعُدْمِ (وَيُتَّبَعُ) السَّارِقُ (فِي عُدْمِهِ بِمَا) أَيْ بِالشَّيْءِ الَّذِي (لَا يُقْطَعُ فِيهِ مِنْ السَّرِقَةِ) بِأَنْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ لَا يَلْزَمُهُ فَلَمْ يَبْقَ مَا يَمْنَعُ مِنْ اتِّبَاعِهِ.
ــ
[حاشية العدوي]
بِالشُّوَنِ.
[قَوْلُهُ: وَالطَّعَامُ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى الْمَتَاعِ.
[قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَغْنَمِ] أَيْ بَعْدَ حَوْزِهِ وَقُطِعَ بِذَلِكَ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ فِيهِ كَانَ الْإِمَامُ مُنْتَظِمًا أَمْ لَا.
[قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ سَرَقَ] ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ يُقْطَعُ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ الْمَغْنَمِ مِمَّا يَخُصُّهُ أَوْ قَدْرَهُ عَلَى الرَّاجِحِ
[قَوْلُهُ: فِي حَالِ مَلَائِهِ] أَيْ الْمُسْتَمِرِّ مِنْ يَوْمِ السَّرِقَةِ إلَى يَوْمِ الْقَطْعِ.
[قَوْلُهُ: بِمَا فَاتَ فِي حَالِ عُدْمِهِ] الْمُرَادُ أَنَّهُ لَوْ أَعْسَرَ جُزْءًا مِنْ الزَّمَنِ الَّذِي بَيْنَ سَرِقَتِهِ وَقَطْعِهِ لَسَقَطَ عَنْهُ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ.
[قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ] أَيْ أَوْ لِرُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ.