الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُسْجَنُ عَامًا إنْ كَانَ عَمْدًا (وَ) كَذَا (لَا قَسَامَةَ) وَلَا دِيَةَ (فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَوْ) قَتِيلٍ (وُجِدَ فِي مَحَلَّةِ) أَيْ دَارِ (قَوْمٍ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الصَّفَّانِ مُتَأَوِّلَيْنِ، فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا فَدَمُهُ هَدَرٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُتَأَوِّلًا، فَمَاتَ فَفِيهِ الْقِصَاصُ، وَمَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ الْمُتَأَوِّلِ فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَعَلَى الْمَذْهَبِ وَعُلِّلَ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا يُبْعِدُهُ عَنْ دَارِهِ لِيُبَاعِدَ التُّهْمَةَ عَنْ نَفْسِهِ. .
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بَعْضِ آثَارِ الْجِنَايَةِ فَقَالَ: (وَ
قَتْلُ الْغِيلَةِ)
وَهِيَ قَتْلُ الْإِنْسَانِ لِأَخْذِ مَالِهِ (لَا عَفْوَ فِيهِ) لَا لِلْمَقْتُولِ وَلَا لِلْأَوْلِيَاءِ وَلَا لِلسُّلْطَانِ، ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ الْعَفْوُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى هَذَا مَقْتُولٌ حَدًّا لَا قَوَدًا.
(وَلِلرَّجُلِ) وَلَوْ سَفِيهًا (الْعَفْوُ عَنْ دَمِهِ) أَيْ عَنْ دَمِ نَفْسِهِ (الْعَمْدِ) إذَا عَفَا بَعْدَ مَا وَجَبَ لَهُ الدَّمُ مِثْلُ أَنْ يَعْفُوَ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ وَلَا كَلَامَ لِلْأَوْلِيَاءِ وَلَا لِأَهْلِ الدَّيْنِ إذَا كَانَ مِدْيَانًا، وَقَيَّدْنَا بِإِذَا إلَخْ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا عَفَا قَبْلَ وُجُوبِهِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ اُقْتُلْنِي وَدَمِي هَدَرٌ، فَإِنَّ الْقَاتِلَ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ عَفَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَجِبْ لَهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ لِأَوْلِيَائِهِ وَقَوْلُهُ:(إنْ لَمْ يَكُنْ قَتْلَ غِيلَةٍ) تَكْرَارٌ (وَعَفْوُهُ) أَيْ الرَّجُلِ الْمَقْتُولِ (عَنْ) دَمِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَمَعَ الْعَاقِلَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا شَاهِدٌ فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَأْخُذُ دِيَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا دَعْوَى وَلِيِّ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: بَيْنَ الصَّفَّيْنِ] أَيْ الْمُسْلِمَيْنِ.
[قَوْلُهُ: مُتَأَوِّلَيْنِ] أَيْ بِأَنْ ظَنَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ جَوَازَ قِتَالِهَا لِلْأُخْرَى لِكَوْنِهَا أَخَذَتْ مَالَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بَاغِيَةً عَلَى الْأُخْرَى أَيْ فَدَمُ كُلٍّ هَدَرٌ.
وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ الْمَقْتُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَلَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ غَيْرُ الْبُغَاةِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ فِي هَذِهِ، أَعْنِي مَا إذَا كَانَ كُلٌّ بَاغِيًا، وَأَمَّا لَوْ عُلِمَ الْقَاتِلُ بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَى عَيْنِهِ لَاقْتُصَّ مِنْهُ قَالَهُ مَالِكٌ.
[قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي فَعَلَى الْمَذْهَبِ] وَمُقَابِلُهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْثٌ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ الْمَحَلُّ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْمَقْتُولُ مَطْرُوقًا لِمُرُورِ النَّاسِ فِيهِ غَيْرَ أَهْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَمُرُّ فِيهِ إلَّا أَهْلُهُ وَوُجِدَ فِيهِمْ شَخْصٌ مَقْتُولٌ مِنْ غَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَوْثًا
[قَتْلَ الغيلة]
[قَوْلُهُ: وَهِيَ قَتْلُ الْإِنْسَانِ لِأَخْذِ مَالِهِ] احْتِرَازًا عَنْ الْقَتْلِ لِلثَّائِرَةِ أَيْ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ فَإِنَّ فِيهِ الْقِصَاصَ، وَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ فِيهِ وَعَنْ الْقَتْلِ لِطَلَبِ الْإِمَارَةِ أَيْضًا فَإِنَّهُ مِنْ الْبُغَاةِ، وَلَيْسَ مِنْ الْمُحَارِبِينَ لِأَنَّ مَنْ قَاتَلَ لِلْإِمَارَةِ قَصْدُهُ فِي الْغَالِبِ خَلْعُ الْإِمَامِ.
[قَوْلُهُ: لَا عَفْوَ فِيهِ إلَخْ] أَيْ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ فِيهِ أَوْ لَا عَفْوَ فِيهِ نَافِذٌ.
[قَوْلُهُ: لَا لِلْمَقْتُولِ] وَلَوْ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ. وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا وَالْقَاتِلُ حُرًّا مُسْلِمًا لِأَنَّ قَتْلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي مَعْنَى الْمُحَارَبَةِ، وَالْمُحَارِبُ بِالْقَتْلِ يَجِبُ قَتْلُهُ وَلَوْ بِعَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ] أَيْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ] أَيْ لِأَنَّ عَدَمَ الْعَفْوِ فِيهَا حَقٌّ لِلَّهِ، ثُمَّ إنَّ الْفَاكِهَانِيَّ بَحَثَ فِي ذَلِكَ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ: قُلْت لَا يَخْتَصُّ حَقُّ اللَّهِ بِقَتْلِ الْغِيلَةِ حَتَّى يَصْلُحَ عِلَّةً لِمَا ذَكَرَ إذْ مَا مِنْ حَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ لِلْعَبْدِ إلَّا وَلِلَّهِ فِيهِ حَقٌّ وَهُوَ إيصَالُهُ ذَلِكَ الْحَقَّ إلَى مُسْتَحِقِّيهِ فَانْظُرْ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ اهـ.
[قَوْلُهُ: فَهُوَ مَقْتُولٌ حَدًّا] لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْمُكَافَأَةُ، وَأَمَّا الْقَوَدُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُكَافَأَةُ
[قَوْلُهُ: وَلِلرَّجُلِ الْعَفْوُ] مَفْهُومُ الرَّجُلِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ إذْ الْأُنْثَى وَالصَّغِيرُ كَذَلِكَ قَالَهُ عج.
[قَوْلُهُ: إذَا عَفَا بَعْدَمَا وَجَبَ] نَظِيرُ ذَلِكَ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: اقْطَعْ يَدِي أَوْ أَحْرِقْ ثَوْبِي فَيَفْعَلُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْفَاعِلِ.
[قَوْلُهُ: تَكْرَارٌ] أَيْ مَعَ قَوْلِهِ وَقَتْلُ الْغِيلَةِ. وَقَالَ تت: لَيْسَ فِيهِ تَكْرَارٌ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَوَّلِ أَنْ يَخْدَعَهُ فَيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ يَقْتُلُهُ فِيهِ غَدْرًا وَيَأْخُذُ مَالَهُ، وَمَعْنَى مَا هُنَا مِنْ نَفْيِ الْغِيلَةِ أَيْ بِأَنْ يَقْتُلَهُ لِعَدَاوَةٍ أَوْ حَسَدٍ اهـ.
بِالْمَعْنَى، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ مَعْنَى التَّكْرَارِ أَنَّهُ بِحَسَبِ مَفْهُومِهِ أَيْ أَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِنَا هُنَا إنْ لَمْ يَكُنْ قَتْلُ الْغِيلَةِ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ، وَقَتْلُ الْغِيلَةِ لَا عَفْوَ فِيهِ فَدَعْوَى التَّكْرَارِ بِغَيْرِ تَقْيِيدِهِ بِالْمَفْهُومِ نَظَرٌ، وَدَعْوَى عَدَمِ التَّكْرَارِ مُطْلَقًا نَظَرٌ.
قَالَ الشَّيْخُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: صَرَّحَ بِهِ دَفْعًا لَمَّا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ لَا عَفْوَ فِيهِ لِغَيْرِ الْمَقْتُولِ.
[قَوْلُهُ: وَعَفْوُهُ فِي ثُلُثِهِ] سَوَاءٌ نُفِذَتْ مَقَاتِلُهُ أَمْ لَا، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ
نَفْسِهِ (الْخَطَأِ) كَائِنٌ (فِي ثُلُثِهِ) ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ.
وَالْمُسْتَحَقُّونَ لِلدَّمِ إمَّا أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ:(وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الْبَنِينَ) بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ، وَكَانَ بَالِغًا (فَلَا قَتْلَ) ؛ لِأَنَّ الدَّمَ لَمَّا لَمْ يَتَبَعَّضْ كَانَ سُقُوطُ بَعْضِهِ يُوجِبُ سُقُوطَ جَمِيعِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ سُقُوطُ الْقَتْلِ بِعَفْوِ بَعْضِ الْبَنِينَ سَقَطَ نَصِيبُهُ وَحْدَهُ (وَ) يَثْبُتُ (لِمَنْ بَقِيَ) مِنْ الْبَنِينَ (نَصِيبُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ لَا يَسْقُطُ جَمِيعُهُ بِإِسْقَاطِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ، وَالثَّانِي لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ وَبَيَّنَّاهُ فِي الْأَصْلِ.
وَالثَّالِثُ: لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ:(وَلَا عَفْوَ لِلْبَنَاتِ مَعَ الْبَنِينَ) إنْ لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَ الذُّكُورُ أَقْرَبَ فَلَا كَلَامَ لِلْبَنَاتِ، وَإِنْ كَانَ الْبَنَاتُ أَقْرَبَ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ أَوْ بِاجْتِمَاعِ بَعْضٍ مِنْ كُلِّ الصِّنْفَيْنِ، أَوْ بِاجْتِمَاعِ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ وَبَعْضِ الصِّنْفِ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ عَفَا أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ وَأَرَادَ الصِّنْفُ الْآخَرُ الْقَتْلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ أَرَادَ الْقَتْلَ (وَمَنْ عَفَا عَنْهُ فِي الْعَمْدِ) أَوْ تَعَذَّرَ مِنْهُ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ التَّكَافُؤِ كَالْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الْكَافِرَ (ضُرِبَ مِائَةً) رَدْعًا (وَحُبِسَ عَامًا) وَعَلَى ذَلِكَ
ــ
[حاشية العدوي]
أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ فَابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ قَالَهُ عج. فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ أَلْفَانِ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَدِيَتُهُ أَلْفٌ فَإِنَّ الدِّيَةَ تَسْقُطُ عَنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ سَقَطَ عَنْ الْقَاتِلِ مَعَ عَاقِلَتِهِ ثُلُثُ دِيَتِهِ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الْبَنِينَ] أَيْ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِمْ مِنْ كُلِّ شَخْصَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مُشْتَرِكِينَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لِتَسَاوِيهِمْ كَأَحَدِ عَمَّيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ مُعْتِقَيْنِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مُسَاوَاةٌ فَعَفْوُ الْبَعِيدِ لَغْوٌ وَالْقَرِيبُ مُعْتَبَرٌ بِالْأَوْلَى.
[قَوْلُهُ: وَكَانَ بَالِغًا] أَيْ وَعَاقِلًا.
[قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ لِمَنْ بَقِيَ] وَامْتَنَعُوا مِنْ الْعَفْوِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَافِي إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عَفَا عَنْهَا صَرِيحًا أَوْ يَظْهَرُ مِنْهُ إرَادَتُهَا فَيَحْلِفُ، وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ، " وَنَصِيبُهُمْ " بِالْجَمْعِ مُرَاعَاةً لِمَعْنَى " مِنْ ".
[قَوْلُهُ: نَصِيبُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ] أَيْ دِيَةِ عَمْدٍ، وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِ الْبَاقِي نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ إذَا كَانَ لَهُ التَّكَلُّمُ فِي الْعَفْوِ وَعَدَمِهِ أَوْ مَعَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ، مِثَالُ الْأَوَّلِ عَفْوُ أَحَدِ الْبَنِينَ الذُّكُورِ، وَمِثَالُ الثَّانِي لَوْ عَفَا أَحَدُ الْبَنِينَ وَمَعَهُمَا بِنْتٌ.
وَلَوْ عَفَتْ الْبِنْتُ مَجَّانًا وَمَعَهَا أُخْتٌ فَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِأَنَّ الْبِنْتَ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ. وَضِدُّهُ حَيْثُ كَانَ ثَابِتًا بِاعْتِرَافٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، وَأَمَّا لَوْ احْتَاجَ لِقَسَامَةٍ فَلَا تُقْسِمُ النِّسَاءُ وَإِنَّمَا يُقْسِمُ الْعَصَبَةُ، فَإِنْ أَرَادَتْ الْعَفْوَ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْفَرِيقَيْنِ أَوْ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ.
[قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ] حَاصِلُهُ أَنَّ اللَّوَاتِي لَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي الدَّمِ الْبَنَاتُ دُونَ بَنَاتِهِنَّ وَبَنَاتُ الْأَبْنَاءِ الذُّكُورِ وَإِنْ سَفَلْنَ دُونَ بَنَاتِهِنَّ، وَالْأَخَوَاتُ الْأَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ فَإِنْ كُنَّ بَنَاتٍ وَعَفَا بَعْضُهُنَّ وَطَلَبَ بَعْضُهُنَّ الْقَتْلَ نُظِرَ فِي مِلْكِ السُّلْطَانِ بِالِاجْتِهَادِ إذَا كَانَ عَدْلًا فَإِنْ رَأَى الْعَفْوَ أَوْ الْقَتْلَ أَمْضَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامٌ عَادِلٌ فَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَتْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْبَلَدِ جَمَاعَةٌ عُدُولٌ يَجْتَمِعُونَ وَيَنْظُرُونَ، فَإِنْ أَرَادُوا الْقَتْلَ قَتَلُوا وَيَنُوبُونَ مَنَابَ السُّلْطَانِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا عَفْوَ لِلْبَنَاتِ] أَيْ وَلَا لِلْأَخَوَاتِ مَعَ الْإِخْوَةِ وَإِنَّمَا الْعَفْوُ وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ دُونَ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْإِنَاثِ الْمُتَسَاوِيَاتِ.
[قَوْلُهُ: فَلَا كَلَامَ لِلْبَنَاتِ] هَذِهِ مَفْهُومَةٌ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَالْمُرَادُ بِهِنَّ النِّسَاءُ لَا بَنَاتُ الْمَيِّتِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الذُّكُورُ أَقْرَبُ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْبَنَاتُ أَقْرَبَ] هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ مُطْلَقًا أَوْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ، فَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ فَالْكَلَامُ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ.
[قَوْلُهُ: فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا] أَيْ اجْتِمَاعِ الْقِسْمَيْنِ وَهُمَا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ كَالْبَنَاتِ مَعَ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَعْمَامِ.
[قَوْلُهُ: فِي الْعَمْدِ] أَيْ الْعُدْوَانِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ تَعَذَّرَ مِنْهُ أَيْ أَوْ وَرِثَ دَمَ نَفْسِهِ وَلَوْ قِسْطًا مِنْهُ مِثْلَ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدُ ابْنَيْنِ أَبَاهُ عَمْدًا ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاتِلَ قَدْ وَرِثَ جَمِيعَ دَمِ نَفْسِهِ، وَمِثَالُ إرْثِ الْقِسْطِ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ أَبَاهُ عَمْدًا وَثَبَتَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ لِجَمِيعِ إخْوَتِهِ ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ عَنْ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ وَرِثَ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ وَلِبَقِيَّةِ إخْوَتِهِ حَظُّهُمْ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ.
[قَوْلُهُ: ضُرِبَ مِائَةً] أَيْ مِائَةَ سَوْطٍ وَمِائَةً بِالنَّصْبِ