الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَبْسِ إلَخْ أَوْ يَعُودُ عَلَى قَوْلِهِ: وَمَنْ سَكَنَ إلَخْ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالشَّرْطُ أَنْ يَقُولَ: مَنْ قَدِمَ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ لَهُ أَوْ يَقُولَ إنَّمَا يَسْكُنُ السَّاكِنُ شَهْرًا وَيَخْرُجُ فَيَمْضِي كُلُّ مَا اشْتَرَطَ فِي أَصْلِ الْحَبْسِ
(وَلَا يُبَاعُ الْحَبْسُ وَإِنْ خَرِبَ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَقَائِهِ ضَرَرٌ أَمْ لَا، وَاسْتَثْنَى فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ ذَلِكَ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِتَوْسِعَةِ مَسْجِدٍ
(وَيُبَاعُ الْفَرَسُ الْحَبْسُ يَكْلَبُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَاللَّامِ وَالْكَلَبُ شَيْءٌ يَعْتَرِي الْخَيْلَ كَالْجُنُونِ.
(وَ) إذَا بِيعَ فَإِنَّهُ (يَجْعَلُ ثَمَنَهُ فِي) شِرَاءِ فَرَسٍ (آخَرَ) مِثْلِهِ إذَا لَحِقَ ثَمَنُهُ ذَلِكَ (أَوْ يُعَانُ بِهِ فِيهِ) بِأَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ إذَا لَمْ يَلْحَقْ ثَمَنُهُ ذَلِكَ فَيَشْتَرِي بِهِ فَرَسًا آخَرَ. ج: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ وَلَا لَحِقَ ثَمَنُهُ الْفَرَسَ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ فِي الْجِهَادِ
(وَاخْتُلِفَ فِي الْمُعَاوَضَةِ بِالرَّبْعِ) الْحَبْسِ (الْخَرِبِ بِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ) وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْمُعَاوَضَةِ، وَرَخَّصَ فِي مُوَطَّأِ ابْنِ وَهْبٍ فِي بَيْعِ رَبْعٍ دَائِرٍ وَبِئْرٍ تَعَطَّلَ وَيُعَوَّضُ بِهِ رَبْعٌ وَنَحْوُهُ وَيَكُونُ حَبْسًا
(مَطْلَبُ الرَّهْنِ) . ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الرَّهْنِ وَهُوَ لُغَةً اللُّزُومُ وَالْحَبْسُ وَاصْطِلَاحًا قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ بَدَلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا يُبَاعُ أَوْ غَرَرًا.
وَلَوْ اشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ وَثِيقَةً بِحَقٍّ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ مَنْ لَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
لِوَصْفِهِ وَزَالَ وَصْفُهُ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ] أَيْ لِقُرْبِهِ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ لَا مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ رُجُوعُهُ لَهُمَا مَعًا.
[قَوْلُهُ: فِي أَصْلِ الْحَبْسِ] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرِبَ] بِحَيْثُ صَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَنْقَاضِهِ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ شَرَطَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بَيْعَهُ فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ.
[قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ إلَخْ] وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَمُقَابِلُهُ إنْ كَانَ فِي بَقَائِهِ ضَرَرٌ وَلَا يُرْجَى عَوْدُ مَنْفَعَتِهِ جَازَ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَقَائِهِ ضَرَرٌ وَيُرْجَى عَوْدُ مَنْفَعَتِهِ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ خَرِبَ وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُ مَنْفَعَتِهِ مَنَعَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
[قَوْلُهُ: لِتَوْسِعَةِ مَسْجِدٍ] أَيْ مَسْجِدِ الْجُمُعَةِ لَا غَيْرِهِ فَلَا يُبَاعُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمِيضَأَةِ، وَمِثْلُ تَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ تَوْسِعَةُ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَمَقْبَرَتِهِمْ لِأَنَّ نَفْعَ الْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ وَالطَّرِيقِ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِ الْوَقْفِ فَهُوَ قَرِيبٌ لِغَرَضِ الْوَاقِفِ، وَيُسْتَبْدَلُ بِالثَّمَنِ خِلَافُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْيَاءِ] مُضَارِعُ كَلِبَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَالْمَصْدَرُ كَلَبًا بِفَتْحِهَا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ، وَمِثْلُ الْكَلَبِ الْهَرَمُ وَالْمَرَضُ وَكَذَا كُلُّ مَا تَعَطَّلَتْ مَنْفَعَتُهُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهُ كَالْكَبِيرِ مِنْ الْإِنَاثِ الْمَوْقُوفَةِ لِنَسْلِهَا أَوْ لِعَمَلِهَا.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ فِي الْجِهَادِ] أَيْ فِي الْجِهَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا، فَثَمَنُ الْفَرَسِ يُفَرَّقُ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَثَمَنُ الْحَيَوَانِ عَلَى مَنْ وُقِفَ عَلَيْهِ، وَثَمَنُ الثَّوْبِ الْخَلَقِ عَلَى الْعُرَاةِ.
[قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي الْمُعَاوَضَةِ إلَخْ] حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ بِأَنْ يُعَاوَضَ الرَّبْعُ الْخَرِبُ بِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ فَيَدْفَعُهُ بِعَيْنِهِ فِي الرَّبْعِ الصَّحِيحِ، وَحَمَلَهُ آخَرُ عَلَى أَنَّهُ يُبَاعُ الرَّبْعُ الْخَرِبُ وَيُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ مِثْلًا صَحِيحًا فَيَصِيرُ مَا كَانَ حَبْسًا غَيْرَ حَبْسٍ، وَمَا لَيْسَ بِحَبْسٍ حَبْسًا فَالْمُبَاعُ يَكُونُ غَيْرَ حَبْسٍ وَالْمُشْتَرَى يَكُونُ حَبْسًا قَائِلًا هُوَ الْبَيِّنُ اهـ.
تت وَالرَّبْعُ بِفَتْحِ الرَّاءِ الدَّارُ بِعَيْنِهَا حَيْثُ كَانَتْ وَجَمْعُهَا رِبَاعٌ وَرُبُوعٌ وَأَرْبَاعٌ وَأَرْبُعُ كَذَا فِي التَّنْبِيهِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ.
[قَوْلُهُ: وَرَخَّصَ] مُقَابِلُ الْمَذْهَبِ إلَخْ.
[قَوْلُهُ: وَبِئْرٌ تَعَطَّلَ] أَيْ تُرِكَتْ لِهَلَاكِ أَهْلِهَا.
[قَوْلُهُ: وَيُعَوَّضُ بِهِ رَبْعٌ وَنَحْوُهُ] أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُبَاعُ رَبْعًا أَيْ أَوْ بِئْرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُبَاعُ بِئْرًا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
خَاتِمَةٌ: الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ وَلَوْ فِي الْمَسَاجِدِ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّ لَهُ وَلِوَارِثِهِ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ إصْلَاحَهُ وَإِذَا اُكْتُرِيَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِأَكْثَرَ، وَأَمَّا إذَا كُرِيَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ زَمَنَ الْعَقْدِ فَلَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ لِأَجْلِ زِيَادَةٍ عَلَيْهَا.
[مَطْلَبُ فِي الرَّهْنِ]
[قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الرَّهْنِ] لَمَّا كَانَ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْوَقْفِ مُنَاسَبَةٌ مِنْ جِهَةِ تَوَقُّفِ التَّمَامِ عَلَى الْحِيَازَةِ ذَكَرَهُ عَقِبَهُ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً اللُّزُومُ وَالْحَبْسُ] أَيْ فَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرٌ مُفَسَّرٌ بِاللُّزُومِ وَمُفَسَّرٌ بِالْحَبْسِ، أَيْ إلَّا أَنَّ الْمَصْدَرَ الْأَوَّلَ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ وَالثَّانِي بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ.
قَالَ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ قَوْلِهِ: اللُّزُومُ وَالْحَبْسُ يُقَالُ هَذَا رَهْنٌ لَك
الْبَيْعُ الْمُكَلَّفُ وَالصَّبِيُّ الْمُمَيَّزُ، وَخَرَجَ الْمَجْنُونُ وَالصَّغِيرُ الْغَيْرُ الْمُمَيَّزِ، وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: مَا يُبَاعُ الطَّاهِرُ الْمُنْتَفَعُ بِهِ الْمَقْدُورُ عَلَى تَسْلِيمِهِ الْمَعْلُومُ غَيْرُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَخَرَجَ الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ وَنَحْوُهُمَا أَوْ غَرَرًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا كَالْآبِقِ أَيْ يَجُوزُ رَهْنُهُ وَقَوْلُهُ: وَثِيقَةً مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا يُعْطَى لِلتَّوَثُّقِ بِهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ الرَّاهِنُ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ لَبِيعَ الرَّهْنُ وَوُفِّيَ الدَّيْنُ مِنْهُ.
وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ.
الْأَوَّلُ: الْعَاقِدُ وَهُوَ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْبَيْعُ.
الثَّانِي: الْمَرْهُونُ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ مِنْ مَنَافِعِهِ الدَّيْنُ الَّذِي رُهِنَ بِهِ أَوْ بَعْضُهُ.
الثَّالِثُ: الْمَرْهُونُ بِهِ وَلَهُ شَرْطَانِ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَأَنْ يَكُونَ لَازِمًا أَوْ صَائِرًا إلَى اللُّزُومِ كَالْجُعْلِ بَعْدَ الْعَمَلِ،
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ مَحْبُوسٌ دَائِمٌ لَك.
[قَوْلُهُ: دَخَلَ فِي قَوْلِهِ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ الْمُكَلَّفُ وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ] فَيَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ وَالسَّفِيهِ وَالْعَبْدِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِمْ، ثُمَّ إذَا تَلِفَ مَا رَهَنَاهُ قَبْلَ رِضَا وَلِيِّ كُلٍّ فَيَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ ضَمَانَ عَدَاءٍ حَيْثُ عَلِمَ بِعَدَمِ لُزُومِ رَهْنِ كُلٍّ لَا ضَمَانَ رِهَانٍ، وَرَهْنُ السَّكْرَانِ كَبَيْعِهِ وَيَلْزَمُ مِنْ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ كَالْبَيْعِ وَقَوْلُهُ: خَرَجَ الْمَجْنُونُ إلَخْ أَيْ فَلَا يَصِحُّ مِنْ هَذَيْنِ.
[قَوْلُهُ: الطَّاهِرُ الْمُنْتَفَعُ بِهِ] دَخَلَ فِيهِ الْمُعَارُ لِلرَّهْنِ وَالدَّيْنِ وَوَثِيقَةِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَبَيْعُ مَا فِيهَا مِنْ الدَّيْنِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ رَهْنُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَسْقُطُ عَنْهُ ضَمَانُ الْعَدَاءِ إلَى ضَمَانِ الرِّهَانِ وَيَكْفِي فِي الصِّحَّةِ الْعَزْمُ عَلَى الرَّدِّ.
[قَوْلُهُ: أَوْ غَرَرًا] مَعْطُوفٌ عَلَى مَا أَيْ بِحَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ، أَيْ إذَا غُرِّرَ أَيْ يَجُوزُ رَهْنُهُ وَلَوْ شُرِطَ رَهْنُ الْغَرَرِ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَدْفَعَ مَالَهُ بِغَيْرِ وَثِيقَةٍ فَجَازَ أَخْذُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ غَرَرٍ لِأَنَّهُ شَيْءٌ فِي الْجُمْلَةِ خَيْرٌ مِنْ لَا شَيْءَ، وَمِثْلُ الْآبِقِ الْبَعِيرُ الشَّارِدُ أَيْ لِخِفَّةِ غَرَرِهِمَا بِخِلَافِ مَا اشْتَدَّ غَرَرُهُ كَالْجَنِينِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْآبِقُ مَقْبُوضًا حَالَ حُصُولِ الْمَانِعِ فَإِنْ قَبَضَ قَبْلَ الْمَانِعِ ثُمَّ أَبَقَ وَحَصَلَ الْمَانِعُ حَالَ إبَاقِهِ كَانَ مُرْتَهِنُهُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ.
[قَوْلُهُ: لِلتَّوَثُّقِ] مُفَادُهُ أَنَّ وَثِيقَةً مَصْدَرٌ أَيْ وَيَكُونُ نَاصِبُهُ قَوْلُهُ: بُذِلَ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِحَقٍّ بِمَعْنَى فِي، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ قَوْلِهِ: مَا يُبَاعُ أَوْ غَرَرًا وَالتَّقْدِيرُ حَالَةَ كَوْنِ مَا ذَكَرَ مُوَثَّقًا بِهِ فِي حَقٍّ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا بُذِلَ لَا لِلتَّوَثُّقِ بَلْ لِلتَّمَلُّكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالِانْتِفَاعِ وَالْإِعَارَةِ وَنَحْوِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحَقِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا بِالْفِعْلِ أَوْ سَيُوجَدُ.
[قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الْعَاقِدُ] أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَهُوَ الْقَابِضُ لَهُ وَشَرْطُهُمَا التَّأَهُّلُ لِلْبَيْعِ صِحَّةً وَلُزُومًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ] أَيْ إذَا كَانَ الرَّهْنُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ الرَّهْنُ ذَهَبًا وَالدَّيْنُ ذَهَبًا مَثَلًا إلَّا أَنَّ صِحَّةَ رَهْنِ الْمِثْلِيِّ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ أَنْ يُطْبَعَ عَلَيْهِ طَبْعًا لَا يُقْدَرُ عَلَى فَكِّهِ غَالِبًا بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ عُلِمَ بِزَوَالِهِ حِمَايَةً لِلذَّرَائِعِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَا قَبْضَهُ عَلَى جِهَةِ السَّلَفِ وَسَمَّيَاهُ رَهْنًا، وَاشْتِرَاطُ السَّلَفِ فِي الْمُدَايِنَةِ مَمْنُوعٌ وَالتَّطَوُّعُ بِهِ هِبَةُ مِدْيَانٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَمِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ الْحُلِيُّ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الطَّبْعُ حَيْثُ جُعِلَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ، أَمَّا لَوْ جُعِلَ بِيَدِ أَمِينٍ فَيَصِحُّ وَلَوْ لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ، وَمَا قَرَّرْنَا مِنْ أَنَّ الطَّبْعَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ ظَاهِرُ خَلِيلٍ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الرَّهْنِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ] كَأَنْ يَكُونَ كِتَابًا.
وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَنَافِعِهِ كَدَارٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ قَدْرَ الدَّيْنِ بَلْ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ.
[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ] أَيْ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الرَّهْنِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ فِي مُعَيَّنٍ وَلَا فِي مَنْفَعَتِهِ لِاسْتِحَالَةِ اسْتِيفَاءِ الْمُعَيَّنِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ مِنْ ذَاتِ الرَّهْنِ مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَشْتَرِيَ دَابَّةً فَيَخَافُ الْمُشْتَرِي أَنْ تُسْتَحَقَّ فَيَقُولَ لِلْبَائِعِ: أَعْطِنِي رَهْنًا عَلَى تَقْدِيرِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الدَّابَّةُ مِنِّي آخُذُهَا بِعَيْنِهَا مِنْ ذَاتِ الرَّهْنِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ، وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَكْتَرِيَ مِنْهُ دَابَّةً فَيَقُولُ الْمُكْتَرِي لِلْمُكْرِي: إنِّي أَخَافُ أَنْ تُسْتَحَقَّ مِنْ يَدِي أَعْطِنِي رَهْنًا، فَعَلَى تَقْدِيرِ اسْتِحْقَاقِهَا آخُذُ الْمَنَافِعَ بِعَيْنِهَا مِنْ ذَاتِ الرَّهْنِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ صَائِرًا إلَى اللُّزُومِ] كَالْجُعْلِ بَعْدَ
أَمَّا مَا كَانَ فِي أَصْلِهِ غَيْرَ لَازِمٍ وَلَا صَائِرًا لِلُّزُومِ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ فَلَا يَكُونُ رَهْنٌ بِهِ.
الرَّابِعُ: الصِّيغَةُ وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِيهِمَا بَلْ يَقُومُ مَقَامَهُ كُلُّ مَا شَارَكَهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَفْهُومِ مِنْهُ.
وَحُكْمُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَالرَّهْنُ جَائِزٌ) حَضَرًا وَسَفَرًا. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ فِي الْحَضَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 283] أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا خَصَّ السَّفَرَ لِغَلَبَةِ فِقْدَانِ الْكَاتِبِ الَّذِي هُوَ الْبَيِّنَةُ فِيهِ، وَأَيْضًا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى طَعَامًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ وَرَهَنَ فِيهِ دِرْعَهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ»
(وَلَا يَتِمُّ) الرَّهْنُ (إلَّا بِالْحِيَازَةِ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ يَصِحُّ قَبْلَ الْقَبْضِ لَكِنْ لَا يَخْتَصُّ الْمُرْتَهِنُ بِهِ عَنْ الْغُرَمَاءِ إلَّا بِالْقَبْضِ.
ابْنُ الْحَاجِبُ فَإِنْ تَرَاخَى إلَى الْفَلَسِ أَوْ الْمَوْتِ بَطَلَ اتِّفَاقًا وَلَوْ كَانَ مُجِدًّا عَلَى الْأَشْهَرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ مَعَ الْجِدِّ أَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ فَلَمْ يُكْتَفْ فِيهِ بِالْجِدِّ فِي الطَّلَبِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ وَاهِبِهِ (وَلَا تَنْفَعُ الشَّهَادَةُ فِي حِيَازَتِهِ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ) ع: هَذَا فِيمَا يُبَانُ وَيُنْقَلُ، وَأَمَّا إذَا رَهَنَهُ مَا لَا يُبَانُ وَلَا يُنْقَلُ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تَنْفَعُ فِيهِ عَلَى إقْرَارِهِمَا وَتَرْتَفِعُ يَدُ الرَّاهِنِ عَنْهُ، فَإِذَا رَهَنَهُ مَا يُبَانُ بِهِ وَيُنْقَلُ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى حِيَازَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الرَّاهِنِ بِعَارِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَبْطُلُ
ــ
[حاشية العدوي]
الْعَمَلِ لَا كَكِتَابَةٍ وَجُعْلٍ قَبْلَ الْعَمَلِ.
[قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ رَهْنٌ بِهِ] أَيْ لَا يَصِحُّ رَهْنٌ بِهِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: فِيهِمَا] كَذَا فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ هَذَا الشَّارِحِ، وَالْمُنَاسِبُ فِيهَا بِالْإِفْرَادِ كَمَا هُوَ فِي التَّحْقِيقِ مَنْسُوبًا إلَى الْجَوَاهِرِ أَيْ لَا يَتَعَيَّنُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الصِّيغَةِ، بَلْ يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ كُلُّ مَا شَارَكَهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَفْهُومِ مِنْهُ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: مَا أَشَارَ] أَيْ الْجَوَازُ الَّذِي أَشَارَ إلَخْ.
[قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 283]] أَيْ مُسَافِرِينَ أَوْ مُتَوَجِّهِينَ أَيْ {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا} [البقرة: 283] فِي الْمَدِينَةِ {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] أَيْ فَاَلَّذِي يُسْتَوْثَقُ بِهِ رِهَانٌ إلَخْ. أَبُو السُّعُودِ. يَجُوزُ الرَّهْنُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْكَاتِبِ.
[قَوْلُهُ: وَرَهَنَ فِيهِ دِرْعَهُ] أَيْ عِنْدَ أَبِي الشَّحْمِ الْيَهُودِيِّ وَكَانَتْ تِلْكَ الدِّرْعُ الْمَرْهُونَةُ تُسَمَّى بِذَاتِ الْفُضُولِ قَالَ الشَّامِيُّ فِي سِيرَتِهِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لَطُولِهَا وَكَانَتْ مِنْ حَدِيدٍ، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّ دِرْعَهُ لَمَرْهُونَةٌ فِي ثَلَاثِينَ صَاعًا، وَفِي رِوَايَةٍ سِتِّينَ صَاعًا شَعِيرًا رِزْقًا لِعِيَالِهِ وَكَانَ لَهُ عليه الصلاة والسلام سَبْعَةُ أَدْرُعٍ» .
[قَوْلُهُ: إلَّا بِالْحِيَازَةِ إلَخْ] أَيْ بِضَمِّ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ.
[قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ أَنَّهُ يَصِحُّ إلَخْ] أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: وَكَانَ مُجِدًّا عَلَى الْأَشْهَرِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ مَعَ الْجِدِّ لَا تَبْطُلُ.
[قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ. . . إلَخْ] وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ وَضْعِ الرَّهْنِ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَطَلَبَ وَضْعَهُ عِنْدَ أَمِينٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَعَكْسِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَمْرِ فَيَنْظُرُ الْحَاكِمُ.
[قَوْلُهُ: إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ] أَيْ لِحَوْزِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلرَّهْنِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى التَّحْوِيزِ وَهُوَ تَسْلِيمُ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَصَيْرُورَتُهُ فِي حَوْزِهِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ لِلْقَوْلَيْنِ فَعَلَى هَذَا لَوْ وُجِدَتْ سِلْعَةُ الْمِدْيَانِ بِيَدِ صَاحِبِ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْمِدْيَانِ أَوْ فَلَسِهِ وَادَّعَى أَنَّهَا رَهْنٌ عِنْدَهُ وَحَازَهَا قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ حَوْزُهُ وَلَا تَحْوِيزُهُ.
وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ الَّذِي وُضِعَ الرَّهْنُ تَحْتَ يَدِهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْحَوْزُ وَالْبَيِّنَةُ هُنَا وَلَوْ الْوَاحِدُ مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا شَهَادَةُ مَالٍ، وَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ عَلَى الْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ وَعَدْلَانِ عَلَى عَدَمِ الْحَوْزِ فَيُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ بِالْحَوْزِ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ وَتِلْكَ نَافِيَةٌ.
[قَوْلُهُ: وَيَنْقُلُ] عَطْفٌ تَفْسِيرُهُ [قَوْلُهُ: فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تَنْفَعُ فِيهِ عَلَى إقْرَارِهِمَا] أَيْ بِالْحِيَازَةِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْكَلَامِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: وَتَرْتَفِعُ يَدُ الرَّاهِنِ عَنْهُ أَيْ يَطْلُبُ أَنْ تَرْتَفِعَ يَدُ الرَّاهِنِ عَنْهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ قَرَارُهُمَا بِالرَّهْنِيَّةِ، وَبَعْدُ فَهَذَا الْكَلَامُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ الْحِيَازَةَ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُبَانُ وَيُنْقَلُ أَمْ لَا.
[قَوْلُهُ: بِعَارِيَّةٍ] أَيْ مُطْلَقَةٍ أَيْ لَمْ
قَالَهُ مَالِكٌ اهـ
. (وَضَمَانُ الرَّهْنِ) بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ (مِنْ الْمُرْتَهِنِ) بِكَسْرِ الْهَاءِ آخِذِ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَمِينٍ فَإِنَّهُ مِنْ الرَّاهِنِ وَهُوَ دَافِعُ الرَّهْنِ كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الضَّمَانُ (فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ) كَالْحُلِيِّ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ فَلَا يَضْمَنُ (وَلَا يَضْمَنُ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ) كَالدُّورِ وَالْحَيَوَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَلَوْ شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ نَفْيَ الضَّمَانِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ اشْتَرَطَ الرَّاهِنُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الشَّرْطُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: الشَّرْطُ لَازِمٌ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْعَقْدِ فَالشَّرْطُ لَازِمٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَعَلَى الضَّمَانِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ ضَاعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ
ــ
[حاشية العدوي]
يُقَيِّدْهَا بِزَمَنٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الرَّهْنِ، فَالْمُطْلَقَةُ هِيَ الَّتِي لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا الرَّدُّ فِي الْأَجَلِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ فِيهَا ذَلِكَ فَمَا اُشْتُرِطَ فِيهَا الرَّدُّ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ تُقَيَّدَ بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَ الْأَدَاءِ، أَوْ كَانَ الْعُرْفُ كَذَلِكَ فَهِيَ الْمُقَيَّدَةُ فَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الرَّاهِنِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ هِبَةٌ] أَيْ وَهَبَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ أَيْ وَهَبَ لَهُ مَنْفَعَتَهَا كَأَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ اكْتَرَاهُ مِنْ الرَّاهِنِ ثُمَّ وَهَبَ لَهُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ. وَقَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ كَمَا لَوْ رَدَّهَا لَهُ عَلَى طَرِيقِ الْوَدِيعَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعَلَّامَةَ خَلِيلٌ، قَدْ قَالَ: وَعَلَى الرَّدِّ أَوْ اخْتِيَارًا لَهُ أَخْذُهُ أَيْ إذَا أَعَارَهُ عَلَى الرَّدِّ أَوْ رَجَعَ لِلرَّاهِنِ بِاخْتِيَارٍ مِنْ الْمُرْتَهِنِ عَلَى طَرِيقِ الْوَدِيعَةِ أَوْ إكْرَاهٍ لَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ فَلَا بُطْلَانَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَامَ عَلَى الرَّاهِنِ الْغُرَمَاءُ وَالرَّهْنُ عِنْدَهُ.
[قَوْلُهُ: فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ] أَيْ فِيمَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ كَحُلِيٍّ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ سَفِينَةٍ فِي حَالِ جَرْيِهَا.
[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ] أَيْ أَوْ ضَيَاعِهِ أَيْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَغَيْرِ تَفْرِيطِهِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ] أَيْ مَا لَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ أَيْ مَا لَمْ يَدَّعِ تَلَفَ دَابَّةٍ مَثَلًا وَلَهُ جِيرَانٌ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَلَا رَأَوْهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الرَّهْنَ حِينَئِذٍ لِثُبُوتِ كَذِبِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ وَادَّعَى مَوْتَ الدَّابَّةِ وَكَذَّبَهُ الْعُدُولُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَمِثْلُ تَكْذِيبِ الْعُدُولِ سُكُوتُهُمْ وَعَدَمُ تَصْدِيقِهِمْ، وَالْمُرَادُ بِالْعُدُولِ الِاثْنَانِ فَأَكْثَرُ.
وَانْظُرْ إذَا كَذَّبَهُ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ.
[قَوْلُهُ: وَالْحَيَوَانُ] وَلَوْ طَيْرًا وَكَالزَّرْعِ وَالثِّمَارِ قَبْلَ الْحَصَادِ وَالْقَطْعِ وَكَسَفِينَةٍ فِي مِرْسَاةٍ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا خَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ضَمَانَةٌ مِنْ رِوَايَةِ ضَمَانِ الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ.
[قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطُ بَاطِلٌ] هَذَا جَوَابُ لَوْ وَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ صُورَةِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَصُورَةِ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوَّلِ أَعْنِي مَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا اشْتَرَطَ فِيهِ عَدَمَ الضَّمَانِ وَلِذَلِكَ عَلَّلُوا اللُّزُومَ بَعْدَ الْعَقْدِ عِنْدَ الْجَمِيعِ بِقَوْلِهِمْ: لِأَنَّ تَطَوُّعَهُ بِالرَّهْنِ مَعْرُوفٌ، وَإِسْقَاطَ الضَّمَانِ مَعْرُوفٌ ثَانٍ فَهُوَ إحْسَانٌ عَلَى إحْسَانٍ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَعَلَى الضَّمَانِ] أَيْ وَعَلَى اعْتِبَارِ الضَّمَانِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ ضَاعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَلَمْ يَذْكُرْ مُقَابِلَهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ.
أَوَّلُهُمَا: أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا وَرَجَّحَ الثَّانِيَ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ إلَّا أَنْ يُرَى عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ رُئِيَ، وَانْظُرْ إذَا جُهِلَ يَوْمُ الضَّيَاعِ أَوْ يَوْمُ الْقَبْضِ أَوْ يَوْمُ الرُّؤْيَةِ.
[قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ إلَخْ] هَذَا فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: لَقَدْ ضَاعَ فَيَأْتِي بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَضِعْ.
وَقَوْلُهُ: وَلَا فَرَّطْت إلَخْ الْمُرَادُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ فَيَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهَا يُضَمُّ لِلْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ الْإِتْيَانُ بِوَاحِدٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُفَرِّطًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ.
وَقَوْلُهُ: وَلَا أَعْرِفُ مَوْضِعَهُ يَأْتِي بِهِ مَضْمُونًا لِلَّفْظَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ الْأَوَّلِ وَوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَرَفَ مَوْضِعَهُ. زَادَ اللَّقَانِيُّ: وَيَزِيدُ وَلَا يَظُنُّ مَوْضِعَهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْمَعْرِفَةِ نَفْيُ الظَّنِّ وَهَذَا كُلُّهُ فِي دَعْوَى الضَّيَاعِ.
وَأَمَّا دَعْوَى التَّلَفِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ قَدْ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ وَالدُّلْسَةُ الْحِيلَةُ أَيْ مَا تَحَيَّلْت فِي إخْفَائِهِ، وَأَمَّا مَا يُغَابُ عَلَيْهِ الَّذِي يَضْمَنُ فِيهِ الْقِيمَةَ فَيَحْلِفُ مُتَّهَمًا أَمْ لَا فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ، وَفِي دَعْوَى الضَّيَاعِ أَنَّهُ ضَاعَ وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ وَلَا