الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَعْلَمُ خِلَافًا فِي تَحَرُّجِ الْغِشِّ، وَالْخَدِيعَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ أُمُورٌ مَمْنُوعَةٌ فِي الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنْ الْمَكْرِ، وَالْحِيَلِ عَلَى النَّاسِ، وَالتَّوَصُّلِ إلَى أَخْذِ أَمْوَالِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ
(وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا) أَوْ غَيْرَهُ (فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا) يُمْكِنُ التَّدْلِيسُ بِهِ يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ كَثِيرًا (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُبْتَاعِ الْخِيَارُ بَيْنَ (أَنْ يَحْبِسَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ) فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْبِ الَّذِي وَجَدَهُ بِهِ (أَوْ يَرُدَّهُ وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ) إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالرِّضَا أَوْ يَسْكُتَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا خِيَارَ لَهُ.
وَقَيَّدْنَا بِ يُمْكِنُ التَّدْلِيسُ بِهِ احْتِرَازًا مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّدْلِيسُ بِهِ إمَّا لِظُهُورِهِ كَالْعَوَرِ وَإِمَّا لِخَفَائِهِ كَالْخَشَبَةِ يَنْشُرُهَا فَيَجِدُهَا مَعْفُونَةً أَوْ جَوْزًا يَكْسِرُهُ فَيَجِدُهُ فَارِغًا فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي وَبِقَوْلِنَا: يُنْقِصُ إلَخْ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ يَسِيرًا لَا يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا قِيَامَ لَهُ بِهِ، أَوْ كَانَ
ــ
[حاشية العدوي]
الْعَاصِيَ عِنْدَنَا لَا يَخْرُجُ عَنْ الْإِيمَانِ، نَعَمْ لَوْ اعْتَقَدَ حِلَّ ذَلِكَ كَفَرَ اهـ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: أَجْمَعُوا عَلَى فَسَادِ بَيْعِ الْغَرَرِ كَجَنِينٍ، وَالطَّيْرِ، وَالْهَوَاءِ، وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ.
[قَوْلُهُ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا] أَيْ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ فِي تَحْرِيمِ إلَخْ لَا وَجْهَ لِذِكْرِ هَذَيْنِ وَإِحَالَةُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمَا [قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ أُمُورٌ مَمْنُوعَةٌ فِي الشَّرْعِ] أَيْ ثَبَتَ تَحْرِيمُهَا فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَسَعُ أَحَدًا يُخَالِفُ بَلْ أُجْمِعَ عَلَيْهَا وَهَلْ ثُبُوتُهَا كُلُّهَا تَصْرِيحًا أَوْ الْبَعْضُ تَصْرِيحًا، وَالْبَعْضُ الْتِزَامًا تُرَاجَعُ الْأَحَادِيثُ. [قَوْلُهُ: وَالْحِيَلِ] الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ: وَالْحِيلَةُ وَعَطْفُ الْحِيَلِ عَلَى الْمَكْرِ عَطْفُ مُرَادِفٍ أَوْ كَالْمُرَادِفِ وَقَوْلُهُ: وَالتَّوَصُّلِ عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ.
[خِيَار النَّقِيصَة]
[قَوْلُهُ: فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا] لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي حِينَ الْعَقْدِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ وَكَتَمَهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ وَعَدَمِ الْبَيَانِ يَكُونُ مُدَلِّسًا وَيَأْثَمُ.
وَمِثْلُ الْقَدِيمِ الْحَادِثُ زَمَنَ خِيَارِ التَّرَوِّي. [قَوْلُهُ: أَنْ يَحْبِسَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ] فَإِنْ أَرَادَ الْمُبْتَاعُ حَبْسَهُ مَعَ الْأَرْشِ وَأَبَى الْبَائِعُ أَنْ يُعْطِيَ الْأَرْشَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأَرْشِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ، وَأَمَّا إنْ فَاتَ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ بِبَعْضِ وُجُوهِ الْفَوَاتِ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ، وَإِنَّمَا لَهُ الْأَرْشُ فَقَطْ.
[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالرِّضَا] أَيْ أَوْ يَأْتِيَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ [قَوْلُهُ: أَوْ يَسْكُتَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ] اعْلَمْ أَنَّ السُّكُوتَ لِعُذْرٍ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ مُطْلَقًا وَلِغَيْرِهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْيَوْمِ رُدَّ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ كَالْيَوْمِ حَلَفَ وَرُدَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَلَا رَدَّ لَهُ. وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِنَحْوِ الْيَوْمِ كَذَا نَظَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَاقِي عَلَى خَلِيلٍ. [قَوْلُهُ: إمَّا لِظُهُورِهِ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَلَّ لَيْسَ بِصَوَابٍ، وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ الظَّاهِرِ كَالْعَوَرِ كَمَا لَهُ ذَلِكَ فِي الْخَفِيِّ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ رَأَى الْعَيْبَ، فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَيَرُدُّ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ تَمَسَّكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَيْبُ خَفِيًّا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَحْلِفُ إلَّا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْإِرَادَةَ.
قَالَ الشَّيْخُ خَلِيلُ: وَلَمْ يَحْلِفْ مُشْتَرٍ اُدُّعِيَتْ رُؤْيَتُهُ إلَّا بِدَعْوَى الْإِرَادَةِ [قَوْلُهُ: كَالْخَشَبَةِ إلَخْ] لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَعْفُونَةً أَنَّهَا كَذَاتِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ، بَلْ الْمُرَادُ يَجِدُهَا مُتَغَيِّرَةً أَوْ مُثَقَّبَةً. وَقَوْلُهُ أَوْ جَوْزًا بِالنَّصْبِ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ هَذَا الشَّارِحِ، وَالْمُنَاسِبُ جَوْزٍ بِالْجَرِّ مَعْطُوفٍ عَلَى الْخَشَبَةِ أَيْ وَكَمَرَارَةِ نَحْوُ الْقِثَّاءِ وَعَدَمِ حَلَاوَةٍ نَحْوُ الْبِطِّيخِ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي] أَيْ لَا قِيمَةَ لَهُ فِيمَا وَجَدَهُ مِنْ الْجَوْزِ الْفَارِغِ، وَالْخَشَبِ الْمُسَوَّسِ، وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ وُجُودُ تَغَيُّرٍ بِبَطْنِ الشَّاةِ أَوْ بِلَحْمِهَا وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ عج فِي شَرْحِهِ لِخَلِيلٍ، ثُمَّ قَالَ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الرَّدَّ بِهِ فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ، وَكَذَا إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِنَا يُنْقِصُ إلَخْ] مِثَالُ الَّذِي يُنْقِصُ الْعَوَرَ، وَالْقَطْعَ، وَلَوْ أُنْمُلَةً أَوْ خِصَاءٌ وَعُسْرٌ وَزْنًا وَشُرْبٌ وَبَخَرٌ وَوُجُودُ وَالِدَيْنِ أَوْ وَلَدٍ لَا أَخٍ وَلَا جَدٍّ وَجُذَامُ أَبٍ أَوْ جُنُونُهُ بِطَبْعٍ لَا بِمَسِّ جِنٍّ وَكَرَهَصٍ وَعَثْرٍ وَحَرَنٍ وَعَدَمِ حَمْلٍ مُعْتَادٍ وَكَالدُّبُرِ وَتَقْوِيسِ الذِّرَاعَيْنِ وَقِلَّةِ الْأَكْلِ فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ أَوْ الْعَاقِلِ الَّذِي يَنْقُصُ عَمَلُهُ بِسَبَبِ قِلَّةِ أَكْلِهِ، وَأَمَّا كَثْرَةُ الْأَكْلِ فَلَيْسَتْ عَيْبًا فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ، وَأَمَّا فِي الْعَبْدِ، وَالْأَمَةِ فَيَظْهَرُ أَنَّهَا عَيْبٌ حَيْثُ خَرَجَتْ عَنْ الْمُعْتَادِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ
يَسِيرًا يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ يَسِيرًا فَلَا خِيَارَ لَهُ، إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرِّبَاعِ، وَالْعَقَارِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ خَاصَّةً، وَاخْتُلِفَ فِي الْعُرُوضِ فَقِيلَ: لَا خِيَارَ لَهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: لَهُ الْخِيَارُ وَيَأْخُذُ ثَمَنَهُ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُبْتَاعِ إذَا وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا فِي حَبْسِهِ أَوْ رَدِّهِ فَقَالَ: (إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ) أَيْ الْمَبِيعُ (عِنْدَهُ) أَيْ الْمُبْتَاعِ (عَيْبٌ مُفْسِدٌ) أَيْ مُنْقِصٌ مِنْ الثَّمَنِ كَثِيرًا (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُبْتَاعِ (أَنْ يَرْجِعَ) عَلَى الْبَائِعِ (بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ الثَّمَنِ) الَّذِي أَخَذَهُ (أَوْ يَرُدَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (وَيَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ) الْحَادِثُ (عِنْدَهُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أَقْبَلُهُ
ــ
[حاشية العدوي]
تَخْيِيرِ مَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا بِأَكْلِهِ فَوَجَدَهُ أَكُولًا قَالَهُ الشَّيْخُ.
[قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ يَسِيرًا يُنْقِصُ] اعْلَمْ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا جِدًّا لَا يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ كَسُقُوطِ شُرَّافَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ قَلِيلًا لَا جِدًّا كَصَدْعٍ يَسِيرٍ بِحَائِطٍ لَمْ يُخَفْ عَلَى الدَّارِ السُّقُوطُ مِنْهُ خِيفَ عَلَى الْجِدَارِ أَمْ لَا، أَوْ كَثِيرًا كَصَدْعِ حَائِطٍ خِيفَ عَلَى الدَّارِ السُّقُوطُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا جِدًّا فَلَا رَدَّ بِهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا جِدًّا وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ فَلَا رَدَّ لَهُ أَيْضًا لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِأَرْشِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْقَلِيلِ لَا جِدًّا فَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ لِلْعَادَةِ وَهُوَ الْأَصْلُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَا دُونَ الثُّلُثِ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ وَيَرْجِعَ بِثَمَنِهِ أَوْ يَتَمَسَّكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ كَانَ يَسِيرًا يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ يَسِيرًا عَلَى الْمُتَوَسِّطِ. [قَوْلُهُ: فِي الرَّبَاعِ جَمْعُ رَبْعٍ مَنْزِلُ الْقَوْمِ] أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ فَعَطَفَ الْعَقَارَ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَرْضِ، وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ [قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ إلَخْ] هُوَ الرَّاجِحُ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ثَابِتٌ فِي الْقَلِيلِ كَالْكَثِيرِ إلَّا فِي الدُّورِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَثْنَى] أَيْ مَحَلَّ مَا تَقَدَّمَ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لَوْ تَغَيَّرَ عِنْدَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَتَغَيُّرُهُ عَلَى أَقْسَامٍ مُتَوَسِّطٍ وَمُخْرِجٍ عَنْ الْمَقْصُودِ كَهَرَمِ الدَّابَّةِ وَقَطْعِ الشَّفَةِ قَطْعًا غَيْرَ مُعْتَادٍ وَقَلِيلٍ جِدًّا، وَأَشَارَ لِلتَّوَسُّطِ بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ [قَوْلَهُ: أَيْ مُنْقِصٌ مِنْ الثَّمَنِ كَثِيرًا] مُرَادُهُ بِهِ الْمُتَوَسِّطُ كَعَجَفِ الدَّابَّةِ أَوْ عَمَى أَوْ شَلَلِ أَوْ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ، وَأَمَّا الْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ كَكِبَرِ الصَّغِيرِ وَهَرَمِ الْكَبِيرِ وَافْتِضَاضِ الْبِكْرِ فَهُوَ مُفَوِّتٌ لِلرَّدِّ وَمُوجِبٌ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ فَيُقَوَّمُ سَالِمًا مِنْ كُلِّ عَيْبٍ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ سَالِمٌ، فَإِذَا قِيلَ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ يُقَالُ: وَمَا قِيمَتُهُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِخُمُسِ الثَّمَنِ فِي هَذَا الْمِثَالِ.
وَأَمَّا إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ قَلِيلٌ جِدًّا كَرَمَدٍ وَصُدَاعٍ وَخَفِيفِ حُمَّى وَوَطْءِ ثَيِّبٍ فَحُكْمُهُ كَالْمُتَوَسِّطِ إذَا قَالَ الْبَائِعُ: أَقْبَلُهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ وَذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ فِي الرَّائِعَةِ وَذَهَابُ الْأُصْبُعِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ مُطْلَقًا.
وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِالْقَدِيمِ، وَلَوْ قَلَّ بِخِلَافِ الْحَادِثِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ يُتَوَقَّعُ تَدْلِيسُهُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الشَّامِلِ. [قَوْلُهُ: فَلَهُ أَيْ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَرْجِعَ] .
حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ صَحِيحًا وَبِالْقَدِيمِ وَبِالْحَادِثِ حَيْثُ اخْتَارَ الرَّدَّ وَوَجْهُ تَقْوِيمِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ مَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِهِ: يُقَوَّمُ صَحِيحًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ لِيُعْلَمَ النَّقْصُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَسْقُطَ نِسْبَتُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَصِيرَ مَا عَدَا الْمُسْقِطَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الثَّمَنِ، أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَادِثِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ صَحِيحًا مِائَةً وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ ثَمَانِينَ، فَالنَّقْصُ عِشْرُونَ فَيُنْقَصُ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسَةٌ، فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ خَمْسِينَ يُنْقَصُ خَمْسَةٌ وَهُوَ عَشَرَةٌ، وَإِذَا قَوَّمْنَاهُ ثَالِثًا بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ، وَالْقَدِيمِ بِسِتِّينَ فَقَدْ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ رُبُعُهُ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ بِالْعَيْبَيْنِ عَنْ قِيمَتِهِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ رُبْعُهُ اهـ.
أَيْ فَيُرَدُّ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ عَشَرَةٌ الَّتِي هِيَ رُبْعُ الْأَرْبَعِينَ، فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَاسُكَ قَوَّمَ تَقْوِيمَيْنِ صَحِيحًا وَبِالْقَدِيمِ فَقَطْ لِيُعْلَمَ النَّقْصُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ أَوْ يُسْقِطَ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَصِيرَ الثَّمَنُ مَا عَدَاهُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانُ الْمُشْتَرِي يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ كَوْنِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا، ثُمَّ الصَّحِيحُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَشْيَاءِ الْمَبِيعَةِ فَقَدْ يَكُونُ الْمَبِيعُ أَمَةً مُوَاضَعَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَأُجْرَةُ الْمُقَوِّمِ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي بَابِ الْفَسَادِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا كَذَلِكَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ