المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[السلم وما يتعلق به] - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني - جـ ٢

[العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي الْجِهَادِ]

- ‌[الْأَمْوَالِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَدُوِّ]

- ‌بَابٌ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُور]

- ‌[الْأَيْمَانِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْكَفَّارَةُ) فِي الْيَمِينِ

- ‌[النُّذُور وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌ تَكَرُّرِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِ تَكَرُّرِهَا بِتَكَرُّرِ الْيَمِينِ

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاح]

- ‌ الصَّدَاقُ

- ‌[الْوِلَايَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَرَاتِبِ الْأَوْلِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّيِّبِ

- ‌ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ

- ‌ الْأَنْكِحَةَ الْفَاسِدَةَ

- ‌[حُكْمَ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ]

- ‌ مُوجِبَ النَّفَقَةِ

- ‌نِكَاحُ التَّفْوِيضِ

- ‌[اخْتِلَاف دِين الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ نِكَاحِهَا

- ‌ شُرُوطِ الْوَلِيِّ

- ‌[الطَّلَاقِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاقَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌ الرَّجْعَةِ

- ‌ الْخُلْعِ

- ‌[أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْإِيلَاءِ]

- ‌[بَابٌ فِي الظِّهَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌ صِفَةُ اللِّعَانِ

- ‌[أَحْكَامٍ اللِّعَان]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَنَفَقَةِ الْمُطَلَّقَة]

- ‌[حُكْم الْإِحْدَادُ]

- ‌[أَحْكَام الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[نَفَقَة الْمُطَلَّقَة]

- ‌[أَحْكَام الرَّضَاعَة]

- ‌[أَحْكَام الْحَضَانَةُ]

- ‌[بَاب النَّفَقَة]

- ‌ بَابٌ فِي الْبُيُوعِ

- ‌[الربا وَأَنْوَاعه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَسَائِلَ مَمْنُوعَةٍ فِي الْبَيْع]

- ‌[خِيَار النَّقِيصَة]

- ‌ خِيَارِ التَّرَوِّي

- ‌ حُكْمِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ

- ‌[تَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَتَأْخِيرِهِ بِزِيَادَةٍ]

- ‌ الزِّيَادَةِ فِي الْقَرْضِ عِنْدَ الْأَجَلِ

- ‌ تَعْجِيلِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ

- ‌[بَيْع الثمر قَبْل بدو صلاحه]

- ‌[مَسَائِل مُتَنَوِّعَة فِي الْبَيْع]

- ‌[السَّلَم وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ مَسَائِلِ بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌ بَيْعِ الْجُزَافِ

- ‌[سَوْم الْإِنْسَان عَلَيَّ سَوْم أخيه]

- ‌[مَا يَنْعَقِد بِهِ الْبَيْع]

- ‌[الْإِجَارَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْجَعَالَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْكِرَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الشَّرِكَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا مِنْ أَحْكَام]

- ‌[أَرْكَان الشَّرِكَة]

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[الْمُزَارَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْجَوَائِحِ

- ‌الْعَرَايَا

- ‌ بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[التَّدْبِير وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الْكِتَابَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَام الْعِتْق وَالْوَلَاء]

- ‌بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ

- ‌[بَاب الْهِبَة وَالصَّدَقَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[مَطْلَبُ فِي الرَّهْنِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَارِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَدِيعَة]

- ‌[أَحْكَام اللُّقَطَة]

- ‌[الْغَصْب وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْمُثْبِتِ لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْحُدُود] [

- ‌[أَحْكَام الْقَسَامَة]

- ‌قَتْلُ الْغِيلَةِ)

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[الدِّيَة فِي النَّفْس]

- ‌ دِيَةَ الْأَعْضَاءِ

- ‌[دِيَة الْجِرَاحَات]

- ‌[عَلَيَّ مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[مِنْ يَقْتُلُونَ وجوبا]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[حَدّ الزِّنَا]

- ‌حَدَّ الْقَذْفِ

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[حَدّ الشُّرْب]

- ‌[كَيْفِيَّة إقَامَة الْحَدّ]

- ‌[حَدّ السَّرِقَة]

- ‌[بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ]

- ‌[الأقضية وَأَحْكَامهَا]

- ‌[أَحْكَام الشَّهَادَات]

- ‌[مَسَائِل فِي الْوَكَالَة]

- ‌[أَحْكَام الصُّلْح]

- ‌ مَسَائِلَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ

- ‌[أَحْكَام الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[أَحْكَام الْوَصِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْحِيَازَةِ]

- ‌[بَاب الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالسَّبَبِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَرِثُ بِالنَّسَبِ

- ‌[مِنْ يحجب الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات الْأَشِقَّاء]

- ‌ حُكْمِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

- ‌ مِيرَاثِ الْجَدَّاتِ

- ‌[مِيرَاث الْجَدّ]

- ‌[مَسْأَلَة المعادة]

- ‌[مَا يَرِثُهُ مَوْلَى النِّعْمَةِ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ]

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمَسْأَلَةِ الْغَرَّاءِ

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَجُمَلٍ مِنْ السُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ الْفِطْرَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ آدَابِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ السَّلَامِ]

- ‌ بَابٌ فِي التَّعَالُجِ]

- ‌ بَابٌ فِي الرُّؤْيَا]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[السلم وما يتعلق به]

مِنْ ضَرْبَةٍ وَنَحْوِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ (وَالْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ) ، وَإِنَّمَا اُخْتُصَّتْ هَذِهِ الْعُهْدَةُ بِهَذِهِ الْأَدْوَاءِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهَا تَتَقَدَّمُ وَيَظْهَرُ مَا يَظْهَرُ مِنْهَا فِي فَصْلٍ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ دُونَ فَصْلٍ بِحَسَبِ مَا أَجْرَى اللَّهُ سبحانه وتعالى الْعَادَةَ فِيهِ بِاخْتِصَاصِ تَأْثِيرِ ذَلِكَ السَّبَبِ بِذَلِكَ الْفَصْلِ، فَانْتَظَرَ بِذَلِكَ الْفُصُولَ الْأَرْبَعَةَ وَهِيَ السَّنَةُ كُلُّهَا حَتَّى يَأْمَنَ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ وَمِنْ التَّدْلِيسِ. تَنْبِيهَاتٌ:

الْأَوَّلُ حَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي تَدَاخُلِ الْعُهْدَتَيْنِ قَوْلَيْنِ مَشْهُورُهُمَا عَدَمُ التَّدَاخُلِ فَعُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ الثَّلَاثِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي التَّقْرِيرِ؛ لِأَنَّ تَلَفَ الْمَبِيعِ فِي الثَّلَاثِ مِنْ الْبَائِعِ وَفِي السَّنَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي: إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْعُهْدَةِ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ فَلِلْمُشْتَرِي إسْقَاطُهَا عَنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ حَقٌّ مَالِيٌّ فَلَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ بِهِ، فَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَلَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِذَلِكَ أَوْ يَرُدَّ، وَلَا يَكُونُ بِإِسْقَاطِهِ لِحَقِّهِ فِي بَاقِي الْمُدَّةِ مُسْقِطًا لِمَا مَضَى مِنْهَا الثَّالِثُ يَجُوزُ النَّقْدُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَيُمْنَعُ بِشَرْطٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَجُوزُ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا فِي عُيُوبٍ يَسِيرَةٍ الْغَالِبُ السَّلَامَةُ مِنْهَا فَيُؤْمَنُ مِنْ الْوُقُوعِ فِي تَارَةٍ بَيْعًا وَتَارَةٍ سَلَفًا كَمَا تَقَدَّمَ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى السَّلَمِ فَقَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ) وَيُقَالُ لَهُ السَّلَفُ أَيْضًا وَاسْتَعْمَلَ لَا بَأْسَ هُنَا بِمَعْنَى الْجَائِزِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ لَكِنَّهُ جُعِلَ لَقَبًا عَلَى مَا لَمْ يُتَعَجَّلْ فِيهِ قَبْضُ الْمَثْمُونِ فَحَقِيقَتُهُ تَقْدِيمُ

ــ

[حاشية العدوي]

خَوْفٍ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِهِ لِإِمْكَانِ زَوَالِهِ بِمُعَالَجَةٍ دُونَ الْأَوَّلَيْنِ كَذَا ذَكَرُوا، وَمَا قَرَّرْنَا مِنْ أَنَّ الْجُنُونَ بِالطَّبْعِ كَالْجُنُونِ بِمَسِّ الْجَانِّ ذَكَرَهُ النَّاصِرُ وَكَلَامُ الْبَاجِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ كَالْجُنُونِ بِطَرْبَةٍ. [قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ] أَيْ فَإِنَّهُ يَرَاهُ مُوجِبًا لِلرَّدِّ سَوَاءٌ كَانَ بِضَرْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.

تَنْبِيهٌ:

ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ فِي السَّنَةِ بِغَيْرِ جُنُونٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ الْبَائِعِ. [قَوْلُهُ: وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ] أَيْ الْمُحَقَّقَيْنِ وَفِي مَشْكُوكِهِمَا خِلَافٌ بِشَرْطِ اسْتِمْرَارِ الْحَاصِلِ مِنْ تِلْكَ الْأَدْوَاءِ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ لَا إنْ حَصَلَ وَاحِدٌ مِنْهَا دَاخِلَ السَّنَةِ وَزَالَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَلَا رَدَّ بِهِ إلَّا أَنْ تَقُولَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِعَوْدِهِ، وَيَسْقُطُ كُلٌّ مِنْ الْعُهْدَتَيْنِ بِالْعِتْقِ، وَالتَّدْبِيرِ، وَالِاسْتِيلَادِ.

تَنْبِيهٌ:

اسْتَثْنَى الْعُلَمَاءُ مَسَائِلَ لَا عُهْدَةَ فِيهَا مِنْهَا الْمُنْكَحُ بِهِ، وَالْمُخَالَعُ بِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَلَا عُهْدَةَ فِيهَا لِمُقْتَضَى الْعَادَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّرْطِ فَيُعْمَلُ بِهَا كَمَا قَالَهُ عج.

[قَوْلُهُ: الْأَدْوَاءِ] جَمْعُ دَاءٍ [قَوْلُهُ: تَأْثِيرِ ذَلِكَ السَّبَبِ] أَرَادَ بِهِ الْأَمَارَةَ لَا التَّأْثِيرَ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَلَفَ الْمَبِيعِ إلَخْ] أَيْ فَلَمَّا اخْتَلَفَ الْحُكْمُ اخْتَلَفَ الزَّمَنُ. [قَوْلُهُ: بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ إلَخْ] ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ بِحَمْلِ السُّلْطَانِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ السُّلْطَانَ إذَا نَهَجَ مَنْهَجًا يُتَّبَعُ وَلَا يُخَالَفُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ فِي الْإِسْقَاطِ مُخَالَفَةٌ لَهُ بَلْ الْإِسْقَاطُ مُحَقِّقٌ لَهَا فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: فَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ] بِأَنْ قَالَ مَا حَدَثَ بَعْدُ فَهُوَ عَلَيَّ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ حَدَثَ فِي الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ لَمْ يُسْقِطْ فِيهِمَا الْعُهْدَةَ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ إنَّمَا أَسْقَطَهَا فِي الثَّالِثِ مَثَلًا. [قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ] أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِي الْخِيَارِ وَلَا فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ. [قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ] أَيْ؛ لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ، الْغَالِبُ السَّلَامَةُ مِنْهَا فَيَأْمَنُ وُقُوعَهُ فِي تَارَةٍ سَلَفًا وَتَارَةٍ بَيْعًا.

[السَّلَم وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

[قَوْلُهُ: وَيُقَالُ لَهُ السَّلَفُ أَيْضًا] وَهَلْ السَّلَفُ بِمَعْنَى الْقَرْضِ يُقَالُ لَهُ سَلَمٌ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ] الْمُنَاسِبُ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ أَيْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ؛ لِأَنَّ النَّوْعَ يُضَافُ لِجِنْسِهِ، فَأَرَادَ

ص: 176

الثَّمَنِ وَتَأْخِيرُ الْمَثْمُونِ دَلَّ عَلَى جَوَازِهِ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَلِجَوَازِهِ شُرُوطٌ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَشُرُوطٌ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَشُرُوطٌ فِي أَجَلِهِ، فَاَلَّتِي فِي رَأْسِ الْمَالِ خَمْسَةٌ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مُعَيَّنًا مِمَّا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ مُعَجَّلًا مُغَايِرًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ، وَاَلَّتِي فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ تِسْعَةٌ أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا وَأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْأَجَلِ غَالِبًا وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْقَلُ وَيَحِلُّ تَمَلُّكُهُ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ مَعْلُومَ الْجِنْسِ، وَالْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ مِمَّا تَحْصُرُهُ الصِّفَةُ وَاَلَّتِي فِي الْأَجَلِ شَيْئَانِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ الْأَسْوَاقُ، وَلَمْ يَسْتَوْفِ الشَّيْخُ هَذِهِ الشُّرُوطَ كُلَّهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ بَعْضَهَا غَيْرَ مَرْتَبَةٍ فَأَشَارَ إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ شُرُوطِ مَا يُسَلَّمُ فِيهِ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْقَلُ وَيَحِلُّ تَمَلُّكُهُ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ بِقَوْلِهِ:(فِي الْعُرُوضِ الرَّقِيقِ، وَالْحَيَوَانِ، وَالطَّعَامِ، وَالْإِطْعَامِ، وَالْإِدَامِ) ق: حَصَرَ غَالِبَ مَا يُسَلَّمُ فِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ السَّلَمَ فِي الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ، وَنَصَّ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ ثَمَنًا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَثْمُونًا اهـ.

قُلْت: أَمَّا الْعُرُوض فَجَمْعُ عَرْضٍ بِالسُّكُونِ مَا سِوَى الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَمَعْلُومٌ،

ــ

[حاشية العدوي]

بِقَوْلِهِ نَوْعُ بَيْعٍ مِنْ الْبُيُوعِ. [قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ إلَخْ] لَا مَوْقِعَ لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُبْهَمٌ فَيُبَيِّنُ بِقَوْلِهِ جُعِلَ لَقَبًا إلَخْ بِدُونِ زِيَادَةِ لَكِنَّ. [قَوْلُهُ: جُعِلَ] أَيْ لَفْظُ السَّلَمِ وَقَوْلُهُ لَقَبًا أَيْ اسْمًا. [قَوْلُهُ: عَلَى مَا لَمْ] أَيْ عَلَى عَقْدٍ. [قَوْلُهُ: فَحَقِيقَتُهُ تَقْدِيمُ الثَّمَنِ] فِيهِ مُسَامَحَةً؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الثَّمَنِ لَيْسَ حَقِيقَةً لِذَلِكَ الْبَيْعِ [قَوْلُهُ: الْكِتَابُ] أَيْ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وَقَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ أَيْ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَالْإِجْمَاعُ أَيْ فَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى جَوَازِهِ. [قَوْلُهُ: وَلِجَوَازِهِ شُرُوطٌ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الشُّرُوطِ فِيمَا ذَكَرَ لَا يَخُصُّ السَّلَمَ كَكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِمَّا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ وَلَا يُذْكَرُ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ، وَالْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا التَّأْخِيرُ، وَهَذَا الشَّرْطُ أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ: وَلَا يَجُوزُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ إلَخْ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا] أَيْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ كَخَمْسَةِ دَنَانِيرَ مُحَمَّدِيَّةٍ. وَقَوْلُهُ: مُعَيَّنًا أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ مُعَيَّنًا كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: أُسْلِمُك هَذِهِ الدَّنَانِيرَ الْمَعِيبَةَ فَلَوْ قَالَ لَهُ: أُسْلِمُك خَمْسَةَ دَنَانِيرَ مُحَمَّدِيَّةٍ مَثَلًا فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ تَدْفَعُهُ لِي فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ سَلَمًا هَذَا مَدْلُولُ عِبَارَتِهِ، وَفِيهِ شَيْءٌ إذْ مِثْلُ ذَلِكَ السَّلَمِ صَحِيحٌ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مُعَيَّنًا مَعْلُومًا أَيْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ، فَيَكُونُ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ مَعْلُومًا تَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: مِمَّا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ إلَخْ] احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ وَجُلُودِ الْمَيْتَةِ. [قَوْلُهُ: مُعَجَّلًا] أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَتَأْخِيرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. [قَوْلُهُ: مُغَيِّرًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ] وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُمَاثِلًا لَهُ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قَرْضٌ، وَلَوْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ فَإِنْ قَصَدْت مِنْهُ نَفْعَك أَوْ نَفْعَكُمَا مَعًا مُنِعَ، وَإِنْ قَصَدْت بِهِ نَفْعَ الْمُقْتَرِضِ صَحَّ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُغَايَرَةَ يُمْكِنُ أَنْ تُعْتَبَرَ مِنْ جَانِبِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِأَنْ تَقُولَ: مِنْ شُرُوطِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُغَايِرًا لِلْمُسْلَمِ وَأَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي تَسْمِيَتِهِ سَلَمًا لَا فِي الْجَوَازِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. [قَوْلُهُ: تِسْعَةٌ] بِتَقْدِيمِ التَّاءِ عَلَى السِّينِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ مِنْ كَلَامِهِ.

[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا] احْتَرَزَ عَنْ الْحَالِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ الْحَالُ عِنْدَنَا [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْأَجَلِ غَالِبًا] فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا لَمَا جَازَ السَّلَمُ فِيهِ فَلَا يُسَلَّمُ فِي فَاكِهَةِ الشِّتَاءِ لِيَأْخُذَهَا فِي الصَّيْفِ أَوْ بِالْعَكْسِ كَذَا فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْقَلُ] أَيْ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الدُّورِ، وَالْأَرْضِينَ؛ لِأَنَّ خُصُوصَ الْمَوَاضِعِ فِيهَا مَقْصُودَةٌ لِلْعُقَلَاءِ، فَإِنْ عَيَّنَ لَمْ يَكُنْ سَلَمًا؛ لِأَنَّ السَّلَمَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كَانَ سَلَمًا فِي مَجْهُولٍ قَالَهُ صَاحِبُ النُّكَتِ. [قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ تَمَلُّكُهُ] فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ وَجُلُودِ الْمَيْتَةِ وَجَمِيعِ النَّجَاسَاتِ.

[قَوْلُهُ: مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ] قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: احْتِرَازًا مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَهْلَكُ قَبْلَ

ص: 177

وَأَمَّا الطَّعَامُ فَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ الْبُرَّ، وَالْإِدَامُ مَا يُؤْتَدَمُ بِهِ كَاللَّحْمِ، وَأَشَارَ إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهَا، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْجِنْسِ، وَالْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ بِقَوْلِهِ:(بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ) ق: لِأَنَّ الصِّفَةَ عِنْدَهُ مَعْرِفَةُ الْجِنْسِ لَا الْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ، وَأَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الثَّانِي مِنْهَا وَإِلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ مِنْ شَرْطَيْ الْأَجَلِ بِقَوْلِهِ:(وَأَجَلٍ مَعْلُومٍ) احْتَرَزَ بِالْأَجَلِ مِنْ الْحَالِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ الْحَالُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَبِالْمَعْلُومِ مِنْ الْمَجْهُولِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَهُ السَّلَمُ، وَدَلِيلُهُمَا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:«أَسْلِفُوا فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ» الْحَدِيثَ: وَأَشَارَ إلَى أَحَدِ شُرُوطِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بِقَوْلِهِ: (وَيُعَجِّلُ رَأْسَ الْمَالِ) يَعْنِي جَمِيعَهُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى قُبِضَ الْبَعْضُ وَأُخِّرَ الْبَعْضُ فَسَدَ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ يُؤَخِّرُهُ) أَيْ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ (إلَى مِثْلِ يَوْمَيْنِ أَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَبْضِهِ فَيَدُورُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ، وَالثَّمَنِيَّةِ. [قَوْلُهُ: مَعْلُومَ الْجِنْسِ] أَيْ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا تَعَيَّنَ الْجِنْسُ إمَّا قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ ذُرَةً، وَإِنْ كَانَ فَاكِهَةً تَعَيَّنَ إمَّا زَبِيبًا أَوْ تَمْرًا أَوْ نَبْقًا قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. وَقَوْلُهُ: وَالْقَدْرِ أَيْ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَقْدِيرِهِ مِنْ الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ أَوْ الْعَدَدِ أَوْ الذَّرْعِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَادِيرِ الْمُعْتَادَةِ فِيهِ.

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ احْتِرَازًا مِنْ الْجُزَافِ لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ بَيْعِ الْمَجْهُولِ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: وَالصِّفَةِ] أَيْ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا ذَكَرَ مَا يَصِفُهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا ذَكَرَ النَّوْعَ، وَاللَّوْنَ، وَالذُّكُورَةَ، وَالْأُنُوثَةَ. [قَوْلُهُ: مِمَّا تَحْصُرُهُ الصِّفَةُ] احْتِرَازًا مِنْ تُرَابِ الْمَعَادِنِ، وَالصَّوَّاغِينَ، وَالنِّيلَةِ الْمَخْلُوطَةِ بِالطِّينِ أَوْ الْحِنَّاءِ. [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا تَتَغَيَّرُ فِي الْأَسْوَاقِ] فَأَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْقَلُ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَيَأْتِي يَقُولُ الْمُرَادُ بِالْعُرُوضِ مَا سِوَى الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ وَلَا خَفَاءَ فِي شُمُولِهِ لِلْعَقَارِ. [قَوْلُهُ: مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ] لَا يُؤْخَذُ هَذَا لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ: أُسْلِمُك فِي هَذَا الثَّوْبِ آخُذُهُ مِنْك عِنْدَ الْأَجَلِ [قَوْلُهُ: وَالْحَيَوَانِ] أَيْ غَيْرِ النَّاطِقِ أَوْ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.

[قَوْلُهُ: وَنَصَّ عَبْدُ الْوَهَّابِ إلَخْ] هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ. [قَوْلُهُ: مَا سِوَى الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ التَّفْسِيرِ قَدْ حَصَرَ جَمِيعَ مَا يُسْلَمُ فِيهِ وَلَمْ يُبْقِ شَيْئًا وَيَكُونُ ذِكْرُ الرَّقِيقِ، وَمَا بَعْدَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْأَقْفَهْسِيِّ فِي قَوْلِهِ غَالِبٌ أَوْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ فِيهِ تَكْرَارًا أَوْ عَلَيْهِمَا. [قَوْلُهُ: عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ] أَيْ وَأَمَّا فِي الْعُرْفِ فَالطَّعَامُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مِثْلُ الشَّرَابِ اسْمٌ لِمَا يُشْرَبُ أَشَارَ لَهُ فِي الْمِصْبَاحِ. [قَوْلُهُ: وَأَشَارَ إلَى ثَلَاثَةٍ] بَلْ أَشَارَ إلَى أَرْبَعَةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مَعْلُومَةٍ يُفِيدُ أَنَّ الصِّفَةَ تَحْصُرُهُ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت تت نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ أَنَّهُ مِمَّا تَحْصُرُهُ الصِّفَةُ. [قَوْلُهُ: وَأَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الثَّانِي مِنْهَا] أَيْ مِنْ شُرُوطِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَالشَّرْطُ الثَّانِي مِنْهَا هُوَ قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْأَجَلِ غَالِبًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا إشَارَةَ لِهَذَا. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ] أَقُولُ: وَتَقْيِيدُهُ بِالْمَعْرُوفِ يُفِيدُ أَنَّ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلًا بِجَوَازِ السَّلَمِ الْحَالِّ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ رِوَايَةٌ حَكَاهَا بَعْضُهُمْ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ. [قَوْلُهُ: فَسَدَ] أَيْ الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ] أَيْ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ.

[قَوْلُهُ: إلَى مِثْلِ إلَخْ] مِثْلُ زَائِدَةٌ [قَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثَةٍ] أَيْ حَيْثُ حَصَلَ الْقَبْضُ قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ الثَّالِثِ.

تَنْبِيهٌ:

هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا لَجَازَ تَأْخِيرُهُ، وَلَوْ لِأَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَكِنْ بِدُونِ الشَّرْطِ، وَأَمَّا مَعَهُ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَالْعَيْنِ. وَأَمَّا الْعَرْضُ، وَالطَّعَامُ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فَوْقَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ حَيْثُ كُيِّلَ الطَّعَامُ وَأُحْضِرَ الْعَرْضُ وَيُكْرَهُ مَعَ عَدَمِهِمَا.

ص: 178

ثَلَاثَةٍ) عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ، بَلْ إذَا عُقِدَ السَّلَمُ عَلَى النَّقْدِ وَأُخِّرَ قَبْضُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ الْيَوْمَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةَ جَازَ، وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مُعَجَّلًا وَبَالَغَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ:(وَإِنْ كَانَ) التَّأْخِيرُ الْمَذْكُورُ (بِشَرْطٍ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إنْ تَأَخَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَجُزْ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الثَّانِي مِنْ شَرْطَيْ الْأَجَلِ بِقَوْلِهِ:(وَأَجَلُ السَّلَمِ أَحَبُّ إلَيْنَا)

الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَنَى بِالضَّمِيرِ نَفْسَهُ اخْتِيَارًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ أَجَلِ السَّلَمِ (أَنْ يَكُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) ؛ لِأَنَّ الْأَسْوَاقَ تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ غَالِبًا فَلَفْظُ أَحَبُّ لِلْوُجُوبِ. ع: وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ أَجَلَ السَّلَمِ مَا تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ الْأَسْوَاقُ غَالِبًا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ، وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ تَفْسِيرًا وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَوَّبَهُ ج، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ قَبْضُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَالْمُسْلَمِ فِيهِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، أَمَّا إذَا كَانَ قَبْضُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَلَدٍ فَلَا يُشْتَرَطُ الْأَجَلُ الْمَذْكُورُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(أَوْ عَلَى أَنْ يُقْبَضَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ (بِبَلَدٍ آخَرَ) غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ، وَتَكُونُ مَسَافَةُ مَا بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ أَجَلَ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي اخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ اخْتِلَافُ الْأَسْعَارِ. وَقَوْلُهُ:(وَإِنْ كَانَتْ مَسَافَتُهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً) لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ نِصْفَ يَوْمٍ وَلِمَا ذُكِرَ أَنَّ أَقَلَّ أَجَلِ السَّلَمِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ حُكْمَ مَا إذَا وَقَعَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ:(وَمَنْ أَسْلَمَ) فِي شَيْءٍ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ (إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) عَلَى أَنَّهُ (يَقْبِضُهُ بِبَلَدٍ أَسْلَمَ فِيهِ فَقَدْ أَجَازَهُ) بِمَعْنَى أَمْضَاهُ (غَيْرُ وَاحِدٍ) أَيْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ (مِنْ الْعُلَمَاءِ) مِنْهُمْ مَالِكٌ (وَكَرِهَهُ) بِمَعْنَى فَسَخَهُ (آخَرُونَ) مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ ابْنُ الْقَاسِمِ.

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: عَلَى النَّقْدِ] أَيْ الْحُلُولِ [قَوْلُهُ: وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مُعَجَّلًا] لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْجِيلَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ هُوَ التَّعْجِيلُ حَقِيقَةً وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّأْخِيرَ ثَلَاثَةً يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ جَازَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ التَّعْجِيلُ أَوْ التَّأْخِيرُ ثَلَاثًا [قَوْلُهُ: وَأَجَلُ السَّلَمِ] أَيْ وَأَقَلُّ أَجَلِ السَّلَمِ [قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَنَى بِالضَّمِيرِ نَفْسَهُ] أَيْ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَجَلُ السَّلَمِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَلَى مَا نَخْتَارُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِ أُحِبُّ لِلْوُجُوبِ قَالَهُ عج فِي حَاشِيَتِهِ أَيْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَفْظُ أُحِبُّ لِلْوُجُوبِ لَا حَاجَةَ لَهُ [قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَسْوَاقَ تَتَغَيَّرُ إلَخْ] أَيْ وَلِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِيهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَأَمَّا أَكْثَرُ الْأَجَلِ فَمُنْتَهَاهُ مَا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ الْبَائِعُ إلَيْهِ غَالِبًا كَأَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً وَيَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ إلَّا بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ أَوْ سِتِّينَ إنْ كَانَ ابْنَ أَرْبَعِينَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّأْجِيلِ بِالْمَوْتِ [قَوْلُهُ: وَتَكُونُ مَسَافَةُ مَا بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ] أَيْ الَّذِي هُوَ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ لَكِنْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِشُرُوطِ أَنْ يَدْخُلَا عَلَى قَبْضِهِ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ إلَى الْبَلَدِ. وَأَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ الْخُرُوجُ فَوْرًا وَيَخْرُجُ الْمُسْلِمُ بِالْفِعْلِ، وَأَنْ يَكُونَ السَّفَرُ فِي الْبَرِّ أَوْ الْبَحْرِ بِغَيْرِ رِيحٍ كَالْمُنْحَدِرِينَ فَإِنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ إلَّا بِنِصْفِ الشَّهْرِ.

[قَوْلُهُ: يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً] الْأَوَّلُ هُوَ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَالثَّانِي هُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّالِثُ كَمَا فِي تت فَأَوْ لَيْسَتْ لِلتَّخْيِيرِ [قَوْلُهُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الرَّاجِحُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ [قَوْلُهُ: فَقَدْ أَجَازَهُ إلَخْ] أَيْ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ «إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ، وَالثَّلَاثَةُ أَيَّامٍ أَجَلٌ مَعْلُومٌ وَلَا تَحْدِيدَ فِي الْحَدِيثِ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَلَا نُقْصَانٍ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَمْضَاهُ] لَيْسَ هَذَا لِكَوْنِ الْقَائِلِ بِذَلِكَ يَقُولُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ إلَّا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ يُمْضِي بَلْ يَقُولُ بِالْجَوَازِ بَلْ الْبَاعِثُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُقَابِلَ يَقُولُ بِالْفَسْخِ، فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ عَلَى التَّحْرِيمِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ اسْمِ اللَّازِمِ عَلَى الْمَلْزُومِ [قَوْلُهُ: مِنْهُمْ ابْنُ الْقَاسِمِ] هَذَا لَا يُنَاسِبُهُ مَا فِي التَّحْقِيقِ مِنْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ: إنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّنْزِيهِ.

ص: 179

تَنْبِيهٌ:

ك: قَوْلُهُ يَقْبِضُهُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ وَهُوَ رِوَايَتُنَا، وَفِي بَعْضِ النَّسْخِ فَقَبَضَهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَيَخْتَلِفُ الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ، فَعَلَى الْمُضَارِعِ يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى الْمَاضِي يَكُونُ الْأَمْرُ مُبْهَمًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ أَصْلَ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بِقَوْلِهِ:(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ) أَيْ مَالِ السَّلَمِ (مِنْ جِنْسِ مَا أُسْلِمَ فِيهِ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ أَزْيَدَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَقِنْطَارِ حَدِيدٍ فِي قِنْطَارَيْنِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا أَوْ كَانَ أَنْقَصَ كَثَوْبَيْنِ فِي ثَوْبٍ مِنْ جِنْسِهِمَا؛ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ

وَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ مِثْلَ السَّلَمِ فِيهِ صِفَةً وَقَدْرًا فَيَجُوزُ كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُسْلَمُ شَيْءٌ فِي جِنْسِهِ) تَكْرَارٌ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (أَوْ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ جِنْسِ السَّلَمِ فِيهِ فِي الْخِلْقَةِ، وَالْمَنْفَعَةِ كَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فِي الْبِغَالِ أَوْ رَقِيقِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِ الْقُطْنِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمَا مُتَقَارِبَةٌ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ.

وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَأَجَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا صِنْفَانِ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ سَلَمِ الشَّيْءِ مِنْ جِنْسِهِ فَقَالَ: (إلَّا أَنْ يُقْرَضَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

تَنْبِيهٌ:

الْقَوْلُ بِالْفَسْخِ هُوَ الرَّاجِحُ فَالرَّاجِحُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ التَّحْدِيدِ بِنِصْفِ الشَّهْرِ إنْ كَانَ يُقْبَضُ فِي بَلَدٍ الْعَقْدُ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ يُقْبَضُ بِبَلَدٍ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ فَيَكْتَفِي مَسَافَةَ مَا بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ.

تَنْبِيهٌ: إذَا سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْأَجَلِ فَسَدَ السَّلَمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِقَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَجَلٌ مَعْلُومٌ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ سَكَتَ عَنْ بَيَانِ صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبُرْزُلِيِّ، وَكَمَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ بِالزَّمَانِ يَجُوزُ بِغَيْرِهِ كَالْحَصَادِ أَوْ الدِّرَاسِ، وَيُعْتَبَرُ مِيقَاتُ مُعْظَمِ مَا ذُكِرَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ زَمَنِ الْعَقْدِ، وَمَا ذُكِرَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرُ.

[قَوْلُهُ: دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ] أَيْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ بِبَلَدِ السَّلَمِ [قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ] الْحَاصِلُ أَنَّ دَفْعَ الشَّيْءِ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ كَعَكْسِهِ مُمْتَنِعٌ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الطَّعَامَيْنِ، وَالنَّقْدَيْنِ، وَالْعِلَّةُ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا عِنْدَ التَّسَاوِي فِي الْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ فَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الطَّعَامَيْنِ، وَالنَّقْدَيْنِ وَهُوَ قَرْضٌ، وَلَوْ وَقَعَ عَلَى لَفْظِ السَّلَمِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْقَرْضِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا تَمَحُّضُ النَّفْعِ لِلْمُقْتَرِضِ، وَأَمَّا فِي الطَّعَامِ، وَالنَّقْدَيْنِ فَيَمْتَنِعُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَفْظِ السَّلَمِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْقَرْضِ فَيَجُوزُ حَيْثُ تَمَحَّضَ النَّفْعُ لِلْمُقْتَرِضِ [قَوْلُهُ: وَلَا يُسْلَمُ شَيْءٌ فِي جِنْسِهِ] ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ، وَلَوْ حَصَلَ الِاخْتِلَافُ بِالْمَنْفَعَةِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا أَوْ الصِّغَرِ، وَالْكِبَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مَحَلُّ الْبَيْعِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ اخْتِلَافٌ وَإِلَّا فَيَجُوزُ سَلَمُ صَغِيرَيْنِ مِنْ الْحَيَوَانِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ، أَوْ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلْمُزَابَنَةِ، فَإِنْ أَدَّى إلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَطُولَ الْأَجَلُ الْمَضْرُوبُ إلَى أَنْ يَصِيرَ فِيهِ الصَّغِيرُ كَبِيرًا أَوْ يَلِدَ فِيهِ الْكَبِيرُ صَغِيرًا مُنِعَ لِأَدَائِهِ فِي الْأَوَّلِ إلَى ضَمَانٍ بِجُعْلٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: اضْمَنْ لِي هَذَا إلَى أَجَلِ كَذَا فَإِنْ مَاتَ فَفِي ذِمَّتِك، وَإِنْ سَلِمَ عَادَ إلَيَّ وَكَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لَك ضَمَانُهُ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَفِي الثَّانِي إلَى الْجَهَالَةِ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا عَلَى صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا يَدْرِي أَيَخْرُجُ مِنْهُ أَوْ لَا فَتَدَبَّرْ.

وَالِاخْتِلَافُ فِي الْحُمُرِ بِالْفَرَاهَةِ وَهِيَ سُرْعَةُ الْمَشْيِ فَيَجُوزُ سَلَمُ الْحِمَارِ الْفَارَّةِ فِي اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا فَرَاهَةَ فِيهِمَا، وَالْبِغَالُ مِنْ جِنْسِ الْحَمِيرِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ، وَفِي الْخَيْلِ بِالسَّبْقِ لَا بِالْهَمْلَجَةِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيْرِ إلَى أَنْ يَنْضَمَّ لَهَا الْبَرْذَنَةُ بِأَنْ يَصِيرَ جَافِيَ الْأَعْضَاءِ فَيَجُوزُ سَلَمُ الْهِمْلَاجِ الْغَلِيظِ جَافِي الْأَعْضَاءِ فِي مُتَعَدِّدٍ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَفِي الْجِمَالِ بِكَثْرَةِ الْحَمْلِ، وَفِي الْبَقَرِ بِقُوَّةِ الْعَمَلِ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى كَلَامِهِ أَنَّ الْبَقَرَ، وَالْجَوَامِيسَ بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ فِي الْأَمْصَارِ كَمَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْمَعْزُ، وَالضَّأْنُ، وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ اخْتِلَافَ الضَّأْنِ بِكَثْرَةِ الصُّوفِ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَيَخْتَلِفُ بِبُلُوغِ الْغَايَةِ فِي الْغَزْلِ أَوْ الطَّبْخِ أَوْ الْحِسَابِ أَوْ الْكِتَابَةِ، وَالطَّيْرُ بِالتَّعْلِيمِ لِمَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَا بِالْبَيْضِ، وَالذُّكُورَةِ، وَالْأُنُوثَةِ اُنْظُرْ شُرَّاحَ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ. [قَوْلُهُ: فَأَجَازَ ذَلِكَ] وَيَجُوزُ أَيْضًا سَلَمُ غَلِيظِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ، وَيَجُوزُ سَلَمُ رَقِيقِ الْغَزْلِ فِي غَلِيظِهِ وَعَكْسُهُ [قَوْلُهُ: اقْتَصَرَ إلَخْ] قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ صَاحِبَ الْمُخْتَصَرِ تَكَلَّمَ عَلَى جَوَازِ سَلَمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فِي

ص: 180

قَرْضًا شَيْئًا) وَفِي نُسْخَةٍ بَيِّنًا (فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَمِقْدَارًا) وَجَوَازُ الْقَرْضِ فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَمِقْدَارًا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ (النَّفْعُ فِي ذَلِكَ لِلْمُتَسَلِّفِ) أَمَّا إذَا كَانَ النَّفْعُ لِلْمُسَلِّفِ فَلَا يَجُوزُ (وَلَا يَجُوزُ دَيْنٌ) أَيْ بَيْعُهُ (بِدَيْنٍ) لِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: هُوَ بِالْهَمْزَةِ النَّسِيئَةُ بِالنَّسِيئَةِ.

وَقَالَ ج: حَقِيقَةُ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مِثْلُ أَنْ تَتَقَدَّمَ عِمَارَةُ الذِّمَّتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْمُعَاوَضَةِ كَمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ وَلِثَالِثٍ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ رَابِعٍ، فَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْ الدَّيْنِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الَّذِي لِلْآخَرِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَبَاعَهُ مِنْ ثَالِثٍ بِدَيْنٍ (وَتَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ مَالِ السَّلَمِ (بِشَرْطٍ إلَى مَحِلِّ السَّلَمِ) أَيْ أَجَلِهِ (أَوْ) إلَى (مَا بَعُدَ مِنْ الْعُقْدَةِ) أَيْ عَنْ عُقْدَةِ السَّلَمِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْمِيرَ كُلٍّ مِنْ الذِّمَّتَيْنِ مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَصْلِ (وَلَا يَجُوزُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَك شَيْءٌ فِي ذِمَّتِهِ فَتَفْسَخَهُ فِي شَيْءٍ آخَرَ لَا تَتَعَجَّلَهُ) مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لَك عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ إلَى سَنَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

الْبِغَالِ وَأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْمُخْتَصَرِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ عَلَى أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ اتِّحَادُ الْبِغَالِ، وَالْحُمُرِ.

[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقْرِضَهُ] إنْ قُلْت سَلَفُ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَمِقْدَارًا قَرْضٌ، وَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَلِمَ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُقْرِضَهُ إلَخْ وَلَمْ يَقُلْ أَنْ يُسْلِمَهُ؟ قُلْت: يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ، وَالْمُسْلَمُ فِيهِ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ النَّقْدِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِلَفْظِ الْقَرْضِ، وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ غَيْرَ رِبَوِيٍّ اهـ عج.

[قَوْلُهُ: قَرْضًا إلَخْ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْقَرْضُ مَا تُعْطِيهِ غَيْرَك مِنْ الْمَالِ لِتُقْضَاهُ، وَالْجَمْعُ قُرُوضٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ، وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَقْرَضْته الْمَالَ إقْرَاضًا. فَقَوْلُهُ: شَيْئًا بَدَلٌ مِنْ " قَرْضًا " وَنُكْتَةُ الْبَدَلِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْفِعْلَ وَاقِعٌ عَلَى مَفْعُولِهِ مُجَرَّدًا عَنْ وَصْفِهِ لَأَنْ لَا يَحْصُلَ إلَّا بِهِ أَيْ لِأَنَّ وَصْفَ الْمَالِ بِكَوْنِهِ قَرْضًا إنَّمَا هُوَ بَعْدَ أَنْ يُقْرَضَ. وَقَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ بَيِّنًا أَيْ مُتَعَيِّنًا قَدْرُهُ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ وَهُوَ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ هَذَا مَا ظَهَرَ وَحَرَّرَهُ.

[قَوْلُهُ: الْكَالِئِ] مَهْمُوزٌ مَأْخُوذٌ مِنْ الْكِلْأِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَهُوَ الْحِفْظُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَكْلَأُ صَاحِبَهُ أَيْ يَحْرُسُهُ لِأَجْلِ مَالِهِ عِنْدَهُ. وَلِهَذَا نُهِيَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِكَثْرَةِ الْمُنَازَعَةِ، وَالْمُشَاجَرَةِ. أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ [قَوْلُهُ: النَّسِيئَةُ بِالنَّسِيئَةِ] أَيْ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَقَضِيَّةُ اسْتِدْلَالِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَجُوزُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ شَامِلٌ لِلثَّلَاثَةِ، وَأَنَّ حَقِيقَةَ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مَوْجُودَةٌ فِيهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ فَيَكُونُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لَهُ إطْلَاقَانِ عَلَى مَا يَعُمُّ الثَّلَاثَةَ وَعَلَى مَا يَخُصُّ وَاحِدًا مِنْهَا وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَاجِي بِقَوْلِهِ: حَقِيقَةُ بَيْعٍ إلَخْ، وَمِثْلُ زَائِدَةٍ وَيَكُونُ إفْرَادُ الْمُصَنِّفِ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ بِالذِّكْرِ لِأَشَدِّيَّتِهِ ثُمَّ فِي الْمَقَامِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي التَّحْقِيقِ وتت نَهَى عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ بِدُونِ لَفْظِ بَيْعٍ، فَالْأَوْلَى لِشَارِحِنَا إسْقَاطُهَا. الثَّانِي: أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى ظَاهِرِ تَفْسِيرِهِ مَجَازٌ فِي الْحَدِيثِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ أَيْ الْمَكْلُوءِ بِالْمَكْلُوءِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ. [قَوْلُهُ: تَأْخِيرُ إلَخْ] هَذَا مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ [قَوْلُهُ: أَيْ أَجَلِهِ] تَفْسِيرٌ لِمَحَلِّ الْمُضَافِ لِلسَّلَمِ [قَوْلُهُ: أَيْ عَنْ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَنْ بِمَعْنَى عَنْ

[قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ] أَيْ فَالدَّيْنُ بِالدَّيْنِ كُلِّيٌّ، وَهَذَا مِنْ أَفْرَادِهِ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ تَعْمِيرَ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ لَا تَظْهَرُ فِي فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَأَنَّ تَعْمِيرَ الذِّمَّتَيْنِ مُتَقَرِّرٌ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ أَحَدُ الْأَقْسَامِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَتَأَمَّلْ [قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَفْصِيلٌ إلَخْ] الْحَاصِلُ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ يَجُوزُ.

وَلَوْ إلَى حُلُولِ أَجَلِ السَّلَمِ، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّرْطِ فَلَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ، وَأَمَّا النَّقْدُ فَلَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ، وَلَوْ عِنْدَ عَدَمِهِ، وَأَمَّا الْعَرْضُ، وَالطَّعَامُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّرْطِ وَيَفْسُدُ وَعِنْدَ عَدَمِهِ فَقِيلَ: يُكْرَهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: يُكْرَهُ إنْ لَمْ يَكِلْ الطَّعَامَ وَيُحْضِرْ الْعَرْضَ وَإِلَّا جَازَ [قَوْلُهُ: فِي شَيْءٍ آخَرَ] أَيْ مُخَالِفًا

ص: 181

فَتَفْسَخَهَا فِي عَشْرَةِ أَثْوَابٍ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ دُونَهُ فَقَوْلَانِ: الْجَوَازُ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي النَّظَرِ، وَالْمَنْعُ وَهُوَ أَشْهَرُ، وَمُنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ النَّهْيُ عَنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ مُعَلَّلٌ أَوْ لَا، فَمَنْ عَلَّلَ بِالزِّيَادَةِ أَجَازَ إذْ لَا زِيَادَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّلٍ قَالَ: بِالْمَنْعِ، وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا لِوُجُودِ الرِّبَا الْمُتَّفَقِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَهُوَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، إمَّا أَنْ يَقْضِيَ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يُرْبِيَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْأَجَلِ تَقْتَضِي الزِّيَادَةَ فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ:(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْك حَالًا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ السِّلَعَ الْمُعَيَّنَةَ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا قَبْلَ شِرَائِهَا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اشْتَرِ مِنِّي سِلْعَةَ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَبِيعُهَا فُلَانٌ أَمْ لَا، وَهَلْ يَكُونُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ فَيَكُونُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ أَوْ يَكُونُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَيَخْسَرُ الزَّائِدَ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ السَّلَمَ الْحَالَّ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ لَيْسَ عِنْدَهُ عَلَى أَنْ يَمْضِيَ لِلسُّوقِ فَيَشْتَرِيَهُ وَيَدْفَعَهُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَجِدَهُ أَوْ لَا، وَإِذَا وَجَدَهُ فَإِمَّا بِأَكْثَرَ مِمَّا بَاعَهُ فَيُؤَدِّيَ مِنْ عِنْدِهِ مَا يُكْمِلُ بِهِ الثَّمَنَ، وَذَلِكَ مِنْ السَّفَهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَإِمَّا أَنْ يَجِدَهُ بِأَقَلَّ فَيَأْكُلَ مَا بَقِيَ بَاطِلًا وَهُوَ لَا يَجُوزُ.

تَنْبِيهٌ:

قَيَّدَ ج كَلَامَ الشَّيْخِ بِقَوْلِهِ: هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْغَالِبُ وُجُودَهُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ وُجُودَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ إلَيْهِ عَلَى الْحُلُولِ إجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الْقَبْضِ كَالْقَصَّابِ، وَالْخَبَّازِ الدَّائِمِ الْعَمَلِ انْتَهَى. وَفِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ جَوَازُ الشِّرَاءِ مِنْ الصَّانِعِ الدَّائِمِ الْعَمَلِ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا وَعَلَى الْمَشْهُورِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ، وَأَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

لِمَا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ فِي عَدَدِهِ أَوْ صِفَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا فَفَسَخَهُ فِي عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ حَرَامٌ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ، أَوْ كَانَ دَيْنُهُ عَرْضًا فَفَسَخَهُ فِي عَيْنٍ أَوْ كَانَ عَيْنًا وَفَسَخَهَا فِي عَيْنٍ أَجْوَدَ وَأَوْلَى أَكْثَرَ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ أَشْهُرُ] قَالَ فِي الْكَبِيرِ: وَأَسْعَدَ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ.

تَنْبِيهٌ:

فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَشَدُّ الثَّلَاثَةِ فِي الْحُرْمَةِ وَيَلِيهِ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَأَخَفُّهَا ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي رَأْسِ الْمَالِ التَّأْخِيرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَكَأَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ أَشَدُّ حُرْمَةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، وَالرِّبَا مُحَرَّمٌ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا، وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَتَحْرِيمُهُمَا بِالسُّنَّةِ [قَوْلُهُ: تَقْتَضِي الزِّيَادَةَ إلَخْ] أَيْ تَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الثِّيَابُ قِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ [قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك] فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا لَا يَجُوزُ الْفَسَادُ وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً [قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ] قَدْ يُقَالُ: هَذَا أُجْرَةٌ لَهُ فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَبِيعُ لَهُ أَمْ لَا [قَوْلُهُ: إنَّهُ أَرَادَ السَّلَمَ الْحَالَ] فَالْبَيْعُ وَقَعَ عَلَى السِّلْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا بَائِعُهَا وَلِذَلِكَ مُنِعَ، وَأَمَّا لَوْ طَلَب شَخْصٌ مِنْ آخَرَ سِلْعَةً لِيَشْتَرِيَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا عِنْدَهُ فَنَصَّ عَلَيْهَا الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ بِسِلْعَةٍ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ الْغَيْرِ وَيَبِيعَهَا بَعْدَ اشْتِرَائِهَا لِطَالِبِهَا [قَوْلُهُ: وَذَلِكَ مِنْ السَّفَهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ] قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا فِعْلُ مَكَارِمِ أَخْلَاقٍ مَعَ الْمُسَلِّمِ إذْ الشِّرَاءُ بِكَثِيرٍ، وَالْبَيْعُ بِقَلِيلٍ لَا يَنْحَصِرُ فِي السَّفَهِ [قَوْلُهُ: كَالْقَصَّابِ] إلَخْ هُوَ الْجَزَّارُ؛ لِأَنَّهُ يُقَطِّعُ الشَّاةَ عُضْوًا عُضْوًا مِنْ قَصَبَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ إذَا قَطَّعَ الشَّاةَ عُضْوًا عُضْوًا أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ. [قَوْلُهُ: الدَّائِمِ] أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا الْعَمَلُ [قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ عَلَى الْحُلُولِ] أَيْ لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ

[قَوْلُهُ: انْتَهَى] أَيْ كَلَامُ ابْنِ نَاجِي قَالَ عج عَقِبَ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي هَذَا: قُلْت هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ كَالسَّلَمِ فِي شُرُوطِهِ إلَّا فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَفِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ] وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ [قَوْلُهُ: كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا] أَيْ يَتَعَاقَدُ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ خُبْزًا مَثَلًا وَلِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ فِي هَذِهِ، وَبَقِيَ صُورَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ يَأْخُذَ جُمْلَةً مِنْهُ يُفَرِّقُهَا عَلَى أَيَّامٍ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ فِي هَذِهِ.

قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ: وَيَكُونُ بَيْعًا بِالنَّقْدِ لَا سَلَمًا فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ اهـ.

[قَوْلُهُ:

ص: 182