الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَارِجَ الْفَرْجِ أَيْ لَا يَنْفَعُهُ ادِّعَاءُ الْعَزْلِ عَنْ الْأَمَةِ (إذَا أَنْكَرَ وَلَدَهَا) أَنْ يَكُونَ مِنْهُ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (أَقَرَّ بِالْوَطْءِ) لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَغْلِبُهُ وَلَوْ الْيَسِيرَ مِنْهُ (فَإِنْ ادَّعَى) السَّيِّدُ (اسْتِبْرَاءً) بِحَيْضَةٍ فَأَكْثَرَ (لَمْ يَطَأْ بَعْدَهُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ مَا جَاءَ مِنْ وَلَدٍ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ يَمِينٌ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْعِتْقِ وَهُوَ شَرْعًا خُلُوصُ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ وَحُكْمُهُ النَّدْبُ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ لَمَّا صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ عز وجل بِكُلِّ إرْبٍ مِنْهَا إرْبًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ وَفِي لَفْظٍ: أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ» . وَعِتْقُ الذَّكَرِ أَفْضَلُ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ. أَوَّلُهَا: الْمُعْتِقُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُحَطَّ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ) الصَّبِيِّ وَلَا الْمَجْنُونِ وَلَا
ــ
[حاشية العدوي]
الْوَلَدُ مِنْك مَعَ إقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا وَإِنْزَالِهِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ شَهَادَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ.
[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الدَّمُ الْمُنْعَقِدُ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَهُوَ الَّذِي إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لَا يَذُوبُ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِالدَّمِ الْمُجْتَمِعِ الَّذِي إذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لَمْ يَذُبْ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَعُهُ الْعَزْلُ] وَكَذَا لَا يَنْفَعُهُ الْوَطْءُ بِدُبُرِهَا أَوْ بَيْنَ فَخْذَيْهَا إنْ أَنْزَلَ كَمَا فِي خَلِيلٍ، وَكَذَا إذَا لَمْ يُنْزِلْ فِي وَطْئِهِ إيَّاهَا وَقَدْ أَنْزَلَ قَبْلَهُ فِي غَيْرِ وَطْئِهَا وَلَمْ يَبُلْ كَمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا فِي اللِّعَانِ قَالَهُ عج. وَعَزْلُهُ عَنْ أَمَتِهِ جَائِزٌ إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ، وَأَمَّا أَمَةُ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي وَلَدِهَا وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا. [قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ] لَا حَاجَةَ لَهُ. [قَوْلُهُ: مَا جَاءَ مِنْ وَلَدٍ] أَيْ حَيْثُ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَأَمَّا فِي حُكْمِهَا كَسِتَّةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَأَمَّا إنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِي طَوْرٍ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ إلَّا مَنْ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي طَوْرٍ يَكُونُ عَلَيْهِ مَنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْقَرَافِيُّ اهـ.
الْمُرَادُ مِنْ عج وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ لِلْمُغِيرَةِ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الِاسْتِبْرَاءَ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ يَمِينٌ] أَيْ فِي ادِّعَائِهِ الِاسْتِبْرَاءَ
[أَحْكَام الْعِتْق وَالْوَلَاء]
[قَوْلُهُ: وَهُوَ شَرْعًا إلَخْ] وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ الْخُلُوصُ وَالْكَرْمُ لِخُلُوصِ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ، وَلِذَا سُمِّيَ الْبَيْتُ بِالْعَتِيقِ لِخُلُوصِهِ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ وَمِنْ الطُّوفَانِ. [قَوْلُهُ: لَمَّا صَحَّ إلَخْ] أَيْ وَلِأَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى جَعَلَهُ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ أَفْضَلُ مِنْهُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ «رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِامْرَأَةٍ أَعْتَقَتْ رَقَبَةً: لَوْ كُنْت أَخْدَمْتِيهَا أَقَارِبَك لَكَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِك» . وَهَلْ ذَلِكَ شَامِلٌ لِلرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ حَرِّرْهُ. [قَوْلُهُ: أَعْتَقَ اللَّهُ إلَخْ] ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ نَاقِصَ عُضْوٍ لَا يَحْجُبُ النَّارَ عَنْ الْعُضْوِ الَّذِي يُقَابِلُهُ مِنْهُ وَهُوَ مُمْكِنٌ لِأَنَّ الْأَلَمَ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَيِّ عُضْوٍ شَاءَ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ النَّارَ أَنْ تَأْكُلَ مَوْضِعَ السُّجُودِ» قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: بِكُلِّ إرْبٍ إلَخْ] أَيْ عُضْوٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. [قَوْلُهُ: حَتَّى فَرْجَهُ إلَخْ] غَيًّا بِالْفَرْجِ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ بِهِ فَيُتَوَهَّمُ عَدَمُ دُخُولِهِ. [قَوْلُهُ: وَعِتْقُ الذَّكَرِ أَفْضَلُ] ثُمَّ أَعْلَى الرِّقَابِ وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَعْلَى ثَمَنًا كَافِرًا فَضَّلَهُ مَالِكٌ وَخَالَفَهُ أَصْبَغُ وَنُسِبَ لِلْجُمْهُورِ.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قِيلَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُعْتَقُ مِنْ النَّارِ إلَّا بِعِتْقِ عَبْدَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مِثْلَ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ كَانَ كَالْمَرْأَةِ، أَمَّا إذَا تَسَاوَيَا فَالْمُسْلِمُ أَفْضَلُ بِلَا خِلَافٍ.
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَإِذَا كَانَ مُسْلِمَيْنِ فَالدَّيْنُ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ أَقَلُّهُمَا ثَمَنًا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إنَّمَا يَكُونُ الْأَعْلَى ثَمَنًا أَفْضَلَ عِنْدَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ إلَخْ] صَادِقٌ بِالْكَافِرِ إذْ يَصِحُّ عِتْقُهُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ وَيَلْزَمُ إنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ أَوْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ بَانَ عَنْ سَيِّدِهِ وَلَمْ يُسْلِمْ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُسْلِمْ الْعَبْدُ وَلَا بَانَ عَنْ سَيِّدِهِ فَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ فَيَصِحُّ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِأَنَّ عِتْقَهُ فِيهِ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ، وَكَذَا يَدْخُلُ فِيهِ السَّكْرَانُ بِحَرَامٍ فَيَلْزَمُهُ
الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَلَا (مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ) كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ. ثَانِيهَا: الْمُعْتَقُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَهُوَ رَقِيقٌ قِنٌّ أَوْ مَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ مِنْ شَوَائِبِ الْحُرِّيَّةِ كَالْمُدَبَّرِ.
ثَالِثُهَا: الصِّيغَةُ وَهِيَ إمَّا صَرِيحٌ وَهُوَ مَا دَلَّ وَضْعًا عَلَى رَفْعِ الْمِلْكِ بِدُونِ احْتِمَالٍ وَلَا قَرِينَةٍ تَصْرِفُهُ عَنْ إرَادَةِ الْعِتْقِ كَفَكَكْتُ رَقَبَتَك مِنْ الرِّقِّ أَوْ حَرَّرْتهَا أَوْ أَنْتَ حُرٌّ، أَمَّا إنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ اللَّفْظَ عَنْ إرَادَةِ الْعِتْقِ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ مُتَعَجِّبًا مِنْ عَمَلِهِ مَثَلًا مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنْتَ حُرُّ الْفِعَالِ أَوْ كَقَوْلِهِ لِعَشَّارٍ هُوَ حُرٌّ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ رَفْعَ الظُّلْمِ عَنْهُ دُونَ الْحُرِّيَّةِ، وَإِمَّا كِنَايَةٌ كَوَهَبْتُ لَك نَفْسَك أَوْ أَعْتَقْتُك أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْك بِعِتْقِك وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا نَحْوَ اسْقِنِي أَوْ اذْهَبْ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِهِ مُوجِبًا لِفِكَاكِ الرَّقَبَةِ مِنْ مِلْكِهِ حَتَّى تَصْحَبَهُ النِّيَّةُ
، وَلِلْعِتْقِ خَوَاصُّ مِنْهَا مَا أَشَارَ
ــ
[حاشية العدوي]
عِتْقُهُ كَطَلَاقِهِ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ الصَّبِيِّ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ السَّفِيهَ وَالْمَجْنُونَ وَالصَّبِيَّ إعْتَاقُهُمْ بَاطِلٌ وَالْمَرِيضُ وَالزَّوْجَةُ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَالْمَدِينُ يَتَوَقَّفُ إعْتَاقُهُمْ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يُرَدَّ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ يَفْصِلُ فِيهِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ] فَإِنْ أَعْتَقَ فَإِنَّ عِتْقَهُ لَا يَنْفُذُ وَلِغَرِيمِهِ أَنْ يَرُدَّهُ كُلَّهُ إنْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ جَمِيعَ مَالِهِ أَوْ يَرُدَّ بَعْضَهُ إنْ اسْتَغْرَقَ بَعْضَ مَالِهِ، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَعِنْدَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا فَأَعْتَقَهُ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَرُدَّ بَعْضَهُ وَهُوَ مَا قَابَلَ الدَّيْنَ وَيُبَاعُ مِنْ الرَّقِيقِ بِقَدْرِ الْعَشَرَةِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي ذَلِكَ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ، وَمَحَلُّ رَدِّ الْغَرِيمِ لِعِتْقِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ رَبُّ الدَّيْنِ بِالْعِتْقِ وَيَرْضَى بِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ أَوْ يَطُولُ زَمَنُ الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَيَصِحُّ الْعِتْقُ وَالطُّولُ بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَيَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَمَا لَمْ يُفِدْ الْمَدِينُ مَالًا قُدِّرَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ، فَإِنَّ عِتْقَهُ يَمْضِي وَلَا يُرَدُّ وَلَوْ كَانَتْ إفَادَةُ الْمَالِ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ كَمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ بِأَنْ رَدَّ السُّلْطَانُ عِتْقَ الْمِدْيَانِ وَبَاعَهُ عَلَيْهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ بَيْعَهُ عَلَى الْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَقَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَفَادَ السَّيِّدُ مَالًا فَإِنَّ عِتْقَهُ يَمْضِي وَلَا يُرَدُّ لِأَنَّ رَدَّ الْحَاكِمِ رَدُّ إيقَافٍ كَرَدِّ الْغُرَمَاءِ.
وَأَمَّا بَعْدَ نُفُوذِ الْبَيْعِ فَلَا يُرَدُّ هَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ السُّلْطَانَ كَمَا صَوَّرْنَا أَيْ أَوْ الْمُفْلِسَ أَوْ الْغُرَمَاءَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، وَأَمَّا هُوَ أَوْ هُمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ بَعْدَ نُفُوذِهِ أَيْضًا حَيْثُ أَفَادَ مَالًا. وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُنَا أَوْ يُرَدُّ بَعْضُهُ مَعَ فَرْضِ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ، وَالْجَوَابُ أَنْ يُفْرَضَ ذَلِكَ فِي الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي عِشْرِينَ وَعَلَيْهِ عَشْرَةٌ وَأَعْتَقَهُ كُلَّهُ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ أَيْ بِقَدْرِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ كُلُّهُ فَهُوَ إحَاطَةٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. [قَوْلُهُ: ثَانِيهَا الْمُعْتَقُ] شَرْطُهُ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَالْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي، فَإِنَّ عِتْقَهُمْ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ رَبِّ الْحَقِّ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: بِدُونِ احْتِمَالٍ] أَيْ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ غَيْرَ مُصَاحِبٍ لِاحْتِمَالٍ وَلَا قَرِينَةٍ وَعَطْفُ الْقَرِينَةِ تَفْسِيرٌ. [قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ مُتَعَجِّبًا مِنْ إلَخْ] أَيْ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْعِتْقَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْتَ فِي عَمَلِك كَالْحُرِّ أَوْ عَمِلَ شَيْئًا لَمْ يُعْجِبْ سَيِّدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ جَوَابًا لِمُخَالَفَتِهِ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْتَ فِي مُخَالَفَتِك مِثْلُ الْحُرِّ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ قَدْ دَخَلَتْ تَحْتَ قَوْلِ الشَّارِحِ مَثَلًا.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ أُعْجِبَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِهِ أَوْ خَالَفَهُ عِنْدَ أَمْرِهِ بِشَيْءٍ فَقَالَ: مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ. [قَوْلُهُ: أَوْ كَقَوْلِهِ لِعَشَّارٍ إلَخْ] وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ إكْرَاهِهِ عَلَى الْمَكْسِ حَتَّى ذَكَرَ حُرِّيَّتَهُ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ بِسَاطٌ وَالْبِسَاطُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا كِنَايَةُ إلَخْ] حَاصِلُهُ أَنَّ الصِّيغَةَ إمَّا صَرِيحَةٌ أَوْ كِنَايَةٌ وَالْكِنَايَةُ إمَّا ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ، فَالصَّرِيحَةُ هِيَ الَّتِي لَا تَنْصَرِفُ عَنْ الْعِتْقِ وَالْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ هِيَ الَّتِي لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَّا بِنِيَّةٍ كَوَهَبْتُ لَك نَفْسَك، وَالْخَفِيَّةُ هِيَ الَّتِي لَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِ إلَّا بِنِيَّةٍ كَاذْهَبْ. [قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقْتُك] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هِيَ مِنْ الصَّرِيحِ فَالصَّرِيحُ كُلُّ مَا فِيهِ لَفْظُ الْعِتْقِ أَوْ التَّحْرِيرِ أَوْ الْفَكِّ. وَقَوْلُهُ: أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْك بِعِتْقِك الظَّاهِرِ أَنَّ هَذِهِ مِنْ الصَّرِيحِ نَظَرًا لِقَوْلِهِ: بِعِتْقِك فَلَعَلَّ
إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ) كَالرُّبْعِ أَوْ الثُّلْثِ أَوْ النِّصْفِ أَوْ أَعْتَقَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ كَيَدٍ (اسْتَتَمَّ) أَيْ عَتَقَ (عَلَيْهِ) جَمِيعُهُ بِالْحُكْمِ لَا يَعْتِقُ الْبَعْضُ إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا رَشِيدًا حُرًّا لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ لِقَوْلِهِ:(وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ مَعَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ الْبَعْضَ (نَصِيبُ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ يُقَامُ عَلَيْهِ وَعَتَقَ) عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَقُومُ عَلَيْهِ نَصِيبُ الشَّرِيكِ فَقَطْ أَوْ جَمِيعُ الْعَبْدِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ وَمَا ذَكَرَهُ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ مُوسِرًا بِمَا يَحْمِلُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ (فَإِنْ) كَانَ غَيْرَ مُوسِرٍ يَوْمَ الْحُكْمِ بِأَنْ (لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ) أَلْبَتَّةَ (بَقِيَ سَهْمُ الشَّرِيكِ رَقِيقًا) إلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ رَبُّهُ، وَإِنْ وُجِدَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَفِي بِبَعْضِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يُوجَدُ مَعَهُ
(وَ) مِنْ الْخَوَاصِّ أَنَّ (مَنْ) كَانَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا رَشِيدًا غَيْرَ مِدْيَانٍ وَ (مَثَّلَ) بِالتَّشْدِيدِ عَمْدًا (بِعَبْدِهِ) الْقِنِّ أَوْ بِعَبْدِ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ شَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ أَوْ بِعَبْدِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ (مُثْلَةً) بِضَمِّ الْمِيمِ
ــ
[حاشية العدوي]
الشَّارِحَ نَظَرَ إلَى لَفْظِ تَصَدَّقْت فَجَعَلَهُ مِنْ الْكِنَايَةِ.
[قَوْلُهُ: بَعْضَ عَبْدِهِ] كَانَ قِنًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبًا لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. [قَوْلُهُ: كَالرُّبْعِ إلَخْ] أَيْ أَنْ يَقُولَ رُبْعُك حُرٌّ. [قَوْلُهُ: كَيَدٍ] أَيْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ مُتَّصِلٍ بِالْعَبْدِ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَعْتَقَ نَحْوَ الشَّعْرِ وَالْكَلَامِ وَالرِّيقِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى طَلَاقِ الزَّوْجَةِ بِذَلِكَ وَعَدَمِهِ. [قَوْلُهُ: اسْتَتَمَّ] سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا. [قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا] وَأَمَّا إذَا كَانَ كَافِرًا وَأَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ لَا يَكْمُلُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ أَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ أَوْ أَسْلَمَ هُوَ فَهَلْ كَذَلِكَ أَوْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ الْبَاقِي بِالْحُكْمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحُرِّرَ. وَقَوْلُهُ: بَالِغًا أَيْ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَعِتْقُهُ مِنْ أَصْلِهِ بَاطِلٌ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ. [قَوْلُهُ: قُوِّمَ عَلَيْهِ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ تَقْوِيمَ حِصَّةِ الشَّرِيكِ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ بِالْفِعْلِ لِشَرِيكِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ بِالْعِتْقِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا أَوْ الْعَبْدُ فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَالشَّرِيكَانِ كَفَرَةً أَوْ الْمُعْتَقُ ذِمِّيًّا وَالْعَبْدُ كَذَلِكَ فَلَا تَقْوِيمَ، وَأَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ بِاخْتِيَارِهِ لَا إنْ وَرِثَ جُزْءًا مِنْ أَبِيهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ جُزْءُ الشَّرِيكِ وَلَوْ مَلِيًّا فَلَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ الْعِتْقَ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ الرَّقَبَةَ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ حُرًّا لِبَعْضٍ قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَمْلِيَاءَ وَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ ابْتِدَاءً وَتَبِعَهُ الثَّانِي بِإِعْتَاقِ حِصَّتِهِ وَأَبَى الثَّالِثُ مِنْ الْعِتْقِ فَإِنَّ حِصَّتَهُ تُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الثَّانِي بِتَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ الْمُبْتَدِئُ لِلْعِتْقِ مُعْسِرًا لَمْ تُقَوَّمْ حِصَّةُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي إلَّا بِرِضَاهُ.
وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَجُهِلَ الْأَوَّلُ قُوِّمَتْ حِصَّةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا إنْ أَيْسَرَا وَإِلَّا فَعَلَى الْمُوسِرِ مِنْهُمَا. الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ مُوسِرًا بِقِيمَةِ الشَّرِيكِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَمَا ذَكَرَهُ مَحَلَّهُ إلَخْ. السَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْقِيمَةُ الَّتِي اُشْتُرِطَ يُسْرُهُ بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا زَائِدَةً عَلَى مَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ. [قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهِ يَوْمَ يُقَامُ عَلَيْهِ] اعْلَمْ أَنَّ الْقِيمَةَ مُعْتَبَرَةٌ يَوْمَ الْحُكْمِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: يَوْمَ يُقَامُ عَلَيْهِ أَيْ إنْ وَقَعَ الْحُكْمُ فِيهِ. [قَوْلُهُ: وَعَتَقَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ] أَيْ لَا بِالسِّرَايَةِ. [قَوْلُهُ: قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ] الرَّاجِحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يُقَوَّمُ جَمِيعُهُ بِمَالِهِ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ لَا عِتْقَ فِيهِ لِأَنَّ فِي تَقْوِيمِ الْبَعْضِ ضَرَرًا عَلَى الشَّرِيكِ، وَيُعْتَبَرُ مَالُهُ يَوْمَ يُقَامُ عَلَيْهِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعِتْقُ، وَهَذَا إذَا عَتَقَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ النَّقْصَ الْحَاصِلَ بِالتَّقْوِيمِ لِحِصَّتِهِ مُفْرَدَةً وَإِلَّا قُوِّمَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ فَقَطْ عَلَى أَنَّ الْبَعْضَ حُرٌّ، وَكَذَلِكَ يُقَوَّمُ بِوَلَدِهِ الَّذِي حَدَثَ لَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ. [قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَالٌ] أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ [قَوْلُهُ: قُوِّمَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يُوجَدُ مَعَهُ] وَالْمُعْسِرُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ رَضِيَ شَرِيكُهُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ.
[قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ عَمْدًا] وَيَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ التَّمْثِيلَ الْقَرَائِنُ. [قَوْلُهُ: بِعَبْدِهِ الْقِنِّ أَوْ بِعَبْدِ عَبْدِهِ] فَالْمُرَادُ رَقِيقُهُ أَوْ رَقِيقُ رَقِيقِهِ الَّذِي يَنْتَزِعُ مَالَهُ، فَإِنْ مَثَّلَ بِرَقِيقِ مَنْ لَمْ يَنْتَزِعْ مَالَهُ كَعَبْدِ مُكَاتَبِهِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ أَرْشُ جِنَايَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُثْلَةٌ مُفْسِدَةٌ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ. [قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ] أَيْ أَوْ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِمَحْجُورِهِ.
وَأَمَّا إذَا مَثَّلَ بِرَقِيقِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لَهُ أَرْشَ
وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ عُقُوبَةً (بَيِّنَةً) أَيْ تَشِينُهُ (مِنْ قَطْعِ جَارِحَةٍ) كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ قَطْعِ الْجَارِحَةِ كَفَقْءِ الْعَيْنِ (عَتَقَ عَلَيْهِ) مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَهَلْ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ عُقُوبَةٌ أَمْ لَا، فَقِيلَ: يُعَاقَبُ بِالضَّرْبِ وَالسِّجْنِ وَقِيلَ: لَا يُعَاقَبُ إلَّا بِالْعِتْقِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْعِتْقَ يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْمُثْلَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُعْتَقُ إلَّا بِالْحُكْمِ وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِالْعَاقِلِ وَالْبَالِغِ احْتِرَازًا مِنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ فَإِنَّ مُثْلَتَهُمَا لَغْوٌ وَبِالْمُسْلِمِ احْتِرَازًا مِنْ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِالرَّشِيدِ احْتِرَازًا مِنْ السَّفِيهِ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْهُ يَعْتِقُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِغَيْرِ مِدْيَانٍ احْتِرَازًا مِنْ الْمِدْيَانِ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَبِعَمْدًا احْتِرَازًا مِمَّا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ خَطَأً فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْخَطَأِ مَا إذَا ضَرَبَهُ تَأْدِيبًا أَوْ كَوَاهُ تَدَاوِيًا فَأَدَّى ذَلِكَ إلَى التَّمْثِيلِ بِهِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْقَصْدِ إلَى ذَلِكَ، فَلَوْ اخْتَلَفَ قَوْلُ السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ فَقَالَ السَّيِّدُ: خَطَأً وَقَالَ الْعَبْدُ: عَمْدًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ بِيَمِينِهِ، وَأَفَادَتْ الْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ عَبْدُهُ أَنَّ مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِ غَيْرِهِ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَتَأْكِيدُهُ الْمُثْلَةَ بِقَوْلِهِ بَيِّنَةٌ يَقْتَضِي أَنَّ حَلْقَ اللِّحْيَةِ لَا يَكُونُ مُثْلَةً مُطْلَقًا.
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ تَاجِرًا وَجِيهًا فَيَكُونُ مُثْلَةً
(وَ) مِنْهَا أَحَدُ (مَنْ مَلَكَ أَبَوَيْهِ) مَعًا أَوْ أَحَدَهُمَا (أَوْ) مَلَكَ (أَحَدًا مِنْ وَلَدِهِ) لِصُلْبِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
الْجِنَايَةِ إلَّا أَنْ تَبْطُلَ مَنَافِعُهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْأَبِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ. [قَوْلُهُ: مُثْلَةً] بِضَمِّ الْمِيمِ وَيُقَالُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَبِالضَّمِّ فِيهِمَا. [قَوْلُهُ: كَالْيَدِ] أَيْ أَوْ أُنْمُلَةٍ وَكَخِصَاءِ عَبْدٍ أَوْجَبَهُ. وَلَوْ قَصَدَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ لِتَعْذِيبِهِ بِذَلِكَ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ فَإِذَا لَمْ يَحْكُمْ بِعِتْقِهِ كَمَا بِمِصْرٍ فَلَا يُعْتَقُ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. [قَوْلُهُ: كَفَقْءِ الْعَيْنِ] أَيْ أَوْ وَسْمِ وَجْهِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِالنَّارِ أَوْ قَلْعِ ظُفْرِهِ أَوْ قَطْعِ بَعْضِ أُذُنٍ. [قَوْلُهُ: عَتَقَ عَلَيْهِ] وَهَلْ يَتْبَعُهُ مَالُهُ اقْتَصَرَ الْأَقْفَهْسِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَتْبَعُهُ لَمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يَتْبَعُهُ فِي الْعِتْقِ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُعَاقَبُ إلَخْ] كَلَامُ تت يُفِيدُ أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ مَثَّلَ بِزَوْجَتِهِ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ بَيْعِهَا وَتَزْوِيجِهَا قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ] هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ الذِّمِّيِّ] أَيْ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ. وَقَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، فَمَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي تت فِيمَا إذَا مَثَّلَ الذِّمِّيُّ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْمُمَثَّلِ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا رَشِيدًا حُرًّا وَيُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ أَوْ إسْلَامُ الْعَبْدِ فَلَا عِتْقَ عَلَى ذِمِّيٍّ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ. وَقَوْلُنَا: الذِّمِّيُّ احْتِرَازًا عَنْ الْمُعَاهَدِ فَإِنَّ مُثْلَتَهُ بِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ لَا تُوجِبُ عِتْقَهُ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ] عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَذَا زَوْجَةٌ وَمَرِيضٌ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ أَيْ فَإِذَا مَثَّلَتْ زَوْجَةٌ أَوْ مَرِيضٌ بِزَائِدِ الثُّلُثِ عَتَقَ عَلَى الْمَرِيضِ مَحْمَلَ الثُّلُثِ لَا أَزْيَدَ إلَّا إنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ، وَكَذَا عَتَقَ عَلَى الزَّوْجَةِ مَحْمَلَ الثُّلُثِ فَقَطْ لَا أَزْيَدَ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجِ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ إلَّا عَلَى رَدِّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَلَيْسَ كَابْتِدَاءِ عِتْقِهَا لَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ.
[قَوْلُهُ: وَبِعَمْدٍ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ السَّيِّدَ حَيْثُ تَعَمَّدَ قَطْعَ شَيْءٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُثْلَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ تت، فَقَوْلُ خَلِيلٍ: وَبِالْحُكْمِ جَمِيعُهُ إنْ عَمَدَ لِشَيْنٍ اللَّامُ لِلصَّيْرُورَةِ أَيْ عَمَدَ لِمَا فِيهِ شَيْنٌ أَوْ لِمَا أَوْجَبَ الشَّيْنَ سَوَاءٌ قَصَدَ الشَّيْنَ أَمْ لَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ رحمه الله. [قَوْلُهُ: مَا إذَا ضَرَبَهُ تَأْدِيبًا أَوْ كَوَاهُ تَدَاوِيًا] وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ رَأْسَهُ فَنَزَلَ الْمَاءُ فِي عَيْنَيْهِ فَلَا يُعْتَقُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَ رَأْسِهِ لَا مَا حَدَثَ. [قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ بِيَمِينِهِ] وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ إذَا مَثَّلَ بِزَوْجَتِهِ وَاخْتَلَفَا فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِجَامِعِ الْإِذْنِ فِي الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ مَعْرُوفًا بِالْجَرَاءَةِ وَالْأَذَى فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا وَيُؤَدَّبُ الزَّوْجُ وَيُعْتَقُ الْعَبْدُ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْعَمْدِ وَاخْتَلَفَا فِي قَصْدِ الشَّيْنِ فَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ أَيْضًا. [قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ مُثْلَةً مُطْلَقًا] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
[قَوْلُهُ: وَمَنْ مَلَكَ] أَيْ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ أَوْ الْفَاسِدِ حَيْثُ فَاتَ لَا إنْ لَمْ يَفُتْ أَوْ كَانَ عَلَى خِيَارٍ وَلَمْ يَنْقُصْ أَيَّامَ الْخِيَارِ فَلَا عِتْقَ، وَمِثْلُ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ الْمِلْكُ بِالْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ
الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (أَوْ) مَلَكَ أَحَدًا مِنْ (وَلَدِ وَلَدِهِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَإِنْ سَفَلَ (أَوْ مَلَكَ) أَحَدًا (مِنْ وَلَدِ بَنَاتِهِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَإِنْ سَفَلَ (أَوْ) مَلَكَ (جَدَّهُ أَوْ جَدَّتَهُ) مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ (أَوْ) مَلَكَ (أَخًا لِأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا عَتَقَ عَلَيْهِ) كُلُّ مَنْ ذُكِرَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اشْتَرَاهُ أَوْ وَرِثَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلَا يَرُدُّ الْبَيْعَ وَلَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بَلْ يُبَاعُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ
(وَمَنْ أَعْتَقَ) أَمَةً (حَامِلًا) مِنْ تَزْوِيجٍ أَوْ زِنًا (كَانَ جَنِينُهَا حُرًّا مَعَهَا) لِأَنَّ كُلَّ وَلَدٍ حَدَثَ مِنْ غَيْرِ مِلْكِ يَمِينٍ مِنْ تَزْوِيجٍ أَوْ زِنًا فَإِنَّهُ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْعُبُودِيَّةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ وَكُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا
(وَلَا يُعْتَقُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ) كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ (مَنْ فِيهِ مَعْنًى مِنْ عِتْقٍ بِتَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا) لِنُقْصَانِ الرَّقَبَةِ بِمَا تَشَبَّثَتْ بِهِ مِنْ عَقْدِ الْحُرِّيَّةِ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) يُعْتَقُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ (أَعْمَى وَلَا أَقْطَعُ الْيَدِ وَشَبَهُهُ) أَيْ شَبَهُ الْأَقْطَعِ لِنُقْصَانِ الرَّقَبَةِ بِالْعَيْبِ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) يُعْتَقُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ (مَنْ هُوَ عَلَى غَيْرِ) دِينِ (الْإِسْلَامِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
ــ
[حاشية العدوي]
إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ بِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ أَوْ قِبَلَ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْطَى بِالْفَتْحِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ عَتَقَ لِعِلْمِ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ فَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَإِنْ عَتَقَ لِقَبُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِيهِ وَحَيْثُ لَا قَبُولَ فَلَا يُبَاعُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَأَمَّا مَا مَلَكَهُ بِالْإِرْثِ أَوْ الشِّرَاءِ، فَمَحَلُّ عِتْقِهِ حَيْثُ لَا دَيْنَ وَإِلَّا بِيعَ فِيهِ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْعِتْقِ حَيْثُ كَانَ الْمَالِكُ وَالْمَمْلُوكُ مُسْلِمَيْنِ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَيَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ رَشِيدًا. [قَوْلُهُ: أَبَوَيْهِ] أَيْ نَسَبًا احْتِرَازًا عَنْ مِلْكِ أَبَوَيْ الرَّضَاعِ أَوْ أَوْلَادِ الرَّضَاعِ فَلَا عِتْقَ. [قَوْلُهُ: ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى] تَعْمِيمٌ فِي وَلَدِ وَلَدِهِ. وَقَوْلُهُ: قَبْلَهُ الذَّكَرُ تَخْصِيصٌ وَتَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَلَدِهِ وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ وَلَدِ بَنَاتِهِ. [قَوْلُهُ: كُلُّ مَنْ ذَكَرَ] أَيْ فَالْأَفْرَادُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْفَاعِلَ كُلُّ فَرْدٍ مِمَّنْ ذَكَرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِمُلَاحَظَةِ الْكُلِّيَّةِ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ كَذَا نَقَلَ بَهْرَامُ.
[قَوْلُهُ: كَانَ جَنِينُهَا حُرًّا مَعَهَا] وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى فِي بَيْعٍ وَلَا عِتْقٍ وَلَا رَهْنٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ فِي الرَّهْنِ.
وَأَمَّا فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي ذَلِكَ. عج: وَهَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَالِكِ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ بِأَنْ وُهِبَتْ الْأُمُّ لِشَخْصٍ وَاسْتَثْنَى الْوَاهِبُ وَلَدَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا وَأَعْتَقَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَقِيلَ: يَدْخُلُ جَنِينُهَا فِي الْعِتْقِ وَيَصِيرُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ عِتْقِهَا، وَقِيلَ: إنَّمَا يَخْرُجُ حُرًّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَعَلَى مُعْتِقِ الْأُمِّ قِيمَتُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْعِتْقِ وَهُوَ إمَّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَإِمَّا يَوْمَ حَصَلَ الْعِتْقُ، وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ بِعِتْقِهَا وَبَعْدَ انْفِصَالِهِ يَأْخُذُهُ مَالِكُهُ وَعَلَى عَدَمِ عِتْقِهِ أَصْلًا أَوْ بَعْدَ وَضْعِهِ تَصِيرُ حُرَّةً حَامِلَةً بِعَبْدٍ.
وَأَمَّا عَكْسُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ عِتْقُ الْجَنِينِ فَقَطْ فَإِنَّ أُمَّهُ لَا تَتْبَعُهُ وَالْفَرْقُ كَوْنُ الْوَلَدِ كَجُزْءٍ مِنْ أُمِّهِ فَإِنْ عَتَقَ الْكُلَّ تَبِعَهُ جُزْؤُهُ وَإِنَّمَا يَصِحُّ عِتْقُ الْوَلَدِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ دُونَهَا حَيْثُ لَا دَيْنَ عَلَى سَيِّدِ أُمِّهِ يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا وَإِلَّا رَقَّ. حَيْثُ قَامَتْ الْغُرَمَاءُ قَبْلَ وَضْعِهِ مُطْلَقًا أَيْ وَلَوْ بَعْدَ وَضْعِهِ حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى عِتْقِهِ وَإِلَّا مَضَى عِتْقُهُ وَتُبَاعُ أُمُّهُ دُونَهُ بَعْدَ وَضْعِهَا.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَقُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ] أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْوَاجِبَةِ فَيُجْزِئُ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ] دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةُ فِطْرِ رَمَضَانَ. [قَوْلُهُ: مَنْ فِيهِ إلَخْ] مَنْ نَائِبُ فَاعِلِ يُعْتَقُ وَمَنْ عَتَقَ بَيَانٌ لِمَعْنَى وَقَوْلُهُ: بِتَدْبِيرٍ الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ عِتْقٌ حَاصِلٌ بِسَبَبِ تَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ، فَإِنْ قُلْت إنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا بِالْفِعْلِ قُلْت: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا بِالْفِعْلِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْحَاصِلِ بِالْفِعْلِ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمَا] كَأُمِّ وَلَدٍ أَوْ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ أَوْ مُبَعَّضٍ كَانَ عِنْدَ الْمُكَفِّرِ أَوْ اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ. [قَوْلُهُ: وَشَبَهُهُ] أَيْ كَالْأَشَلِّ وَكُلِّ عَيْبٍ غَيْرِ خَفِيفٍ، وَأَمَّا ذَاتُ الْعَيْبِ الْخَفِيفِ فَيُجْزِئُ عِتْقُهَا كَالْأَعْوَرِ وَذَوِي مَرَضٍ خَفِيفٍ أَوْ عَرَجٍ خَفِيفٍ أَوْ ذَاهِبِ بَعْضِ أُذُنٍ أَوْ أَنْفٍ لَا جَمِيعِ كُلٍّ وَإِذَا أَعْتَقَ غَيْرُ الْمُجْزِئِ فَعِتْقُهُ لَازِمٌ وَلَا يَرْجِعُ
{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] فَقَيَّدَهَا بِالْإِيمَانِ وَهَذِهِ الْآيَةُ مُقَيِّدَةٌ لِلْآيَةِ الْأُخْرَى الْمُطْلَقَةِ
(وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ الصَّبِيِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ (وَلَا) عِتْقُ (الْمُوَلَّى عَلَيْهِ) وَهُوَ السَّفِيهُ الَّذِي يَضَعُ الْمَالَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ج: اُخْتُلِفَ إذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَمْضِي
(وَ) مِنْ خَوَاصِّ الْعِتْقِ (الْوَلَاءُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودًا (لِمَنْ أَعْتَقَ) فَسَبَبُهُ زَوَالُ الْمِلْكِ بِالْحُرِّيَّةِ. ابْنُ شَاسٍ: فَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ بِالْحُرِّيَّةِ عَنْ رَقِيقٍ فَهُوَ مَوْلَاهُ سَوَاءٌ نَجَّزَ أَوْ عَلَّقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ اسْتَوْلَدَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ بِعِوَضٍ أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَافِرًا وَالْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ يَكُونُ السَّيِّدُ عَبْدًا أُعْتِقَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَالسَّيِّدُ الْكَافِرُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَى عَتِيقَةِ الْمُسْلِمِ بَلْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ لَا يَعُودُ إلَيْهِ بِإِسْلَامِهِ وَالْعَبْدُ إذَا أَعْتَقَ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ الْوَلَاءُ أَبَدًا وَإِنْ عَتَقَ وَإِذَا أَعْتَقَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ السَّيِّدُ حَتَّى أُعْتِقَ الْعَبْدُ
ــ
[حاشية العدوي]
رَقِيقًا.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ الصَّبِيِّ] أَيْ وَلَا يَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ كَالْمَجْنُونِ. [قَوْلُهُ: وَلَا عِتْقُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ] أَيْ لِفَقْدِ الرُّشْدِ.
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُوَلًّى عَلَيْهِ فَيَصِحُّ عِتْقُهُ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِمَا الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ إذَا رَشَدَ بَعْدَهُ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ السَّفِيهُ الَّذِي يَضَعُ الْمَالَ إلَخْ] وَلَوْ فِي شَهَوَاتٍ وَلَذَّاتٍ مُبَاحَةٍ. [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَمْضِي] لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَقَلِيلُ الْخِدْمَةِ كَمَا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ وَيَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ.
[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودًا] مِنْ الْوَلَايَةِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَعَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا حُكْمَ الْعُصُوبَةِ عِنْدَ عَدَمِهَا. [قَوْلُهُ: لِمَنْ أَعْتَقَ ذَكَرًا] أَوْ أُنْثَى حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْوَلَاءَ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْوَلَاءَ بِالْجَرِّ، وَعِتْقُ الْغَيْرِ يَشْمَلُ النَّاجِزَ وَلِأَجَلِ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ كَأَنْ يَقُولَ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ عَنْ فُلَانٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ مَيِّتًا فَالْوَلَاءُ لِوَرَثَتِهِ كَانَ الْعِتْقُ تَطَوُّعًا أَوْ وَاجِبًا كَعِتْقِهِ فِي كَفَّارَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ مَنْذُورٍ أَوْ بِسَبَبِ حَلِفٍ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ قَاطَعَهُ فَأَدَّى وَخَرَجَ حُرًّا أَوْ أُعْتِقَ عَلَيْهِ لِقَرَابَةٍ أَوْ مُثْلَةٍ مَثَلًا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ مُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ بِالتَّبِعَاتِ فَإِنَّ وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقَهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ مَاتَ وَجُهِلَتْ أَرْبَابُ التَّبِعَاتِ، فَإِنْ كَانَ حَيًّا وَكَانَ غُرَمَاؤُهُ مُعَيَّنِينَ حَجَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَازَ غُرَمَاؤُهُ عِتْقَهُ جَازَ وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُمْ وَإِلَّا رَدَّ وَقَسَمَ مَالَهُ بَيْنَهُمْ. [قَوْلُهُ: فَالسَّيِّدُ الْكَافِرُ لَا وَلَاءَ لَهُ] حَاصِلُ الْفِقْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا فَأَعْتَقَهُ أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِلْمُعْتَقِ الْكَافِرِ.
وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَنْهُ.
وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَإِنَّ وَلَاءَهُ يَنْتَقِلُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ عَصَبَتِهِ لِسَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ، فَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَعُودُ إلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِعَوْدِ الْوَلَاءِ هُنَا إنَّمَا هُوَ الْمِيرَاثُ فَقَطْ وَإِلَّا فَالْوَلَاءُ ثَابِتٌ لَا يَنْتَقِلُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ، فَكَمَا لَا تَزُولُ عَنْهُ الْأُبُوَّةُ إنْ أَسْلَمَ وَلَدُهُ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ، وَكَذَا إنْ أَسْلَمَا مَعًا أَوْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ قَبْلَ إسْلَامِ الْعَبْدِ فَيَرِثُهُ أَيْضًا بِالْأَوْلَى.
وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ مُسْلِمٌ كَافِرًا فَيَكُونُ الْمِيرَاثُ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِ أَقَارِبُ كُفَّارٌ فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُمْ، وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يُسْلِمْ الْعَبْدُ فَيَعُودُ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ. [قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ إذَا أَعْتَقَ إلَخْ] حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّقِيقَ الْقِنَّ أَوْ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَإِنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَيْهِ كَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ إذَا لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ وَلَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ وَهَذَا إذَا أَعْتَقَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَجَازَ.
وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى أَعْتَقَهُ أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِي الْعَبْدِ الْأَسْفَلِ يَكُونُ لِلْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ لَا لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى، هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ أَمَّا لَوْ اسْتَثْنَى السَّيِّدُ مَالَهُ لَكَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ إنْ رَضِيَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ الْعِتْقُ وَيَكُونُ الْعَبْدُ الْأَسْفَلُ رِقًّا لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ السَّيِّدِ الْأَعْلَى. وَقَوْلُنَا: إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ الَّذِي حَمَلْنَا عَلَيْهِ كَلَامَ الشَّارِحِ إلَخْ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا كَانَ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ كَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ إذَا مَرِضَ السَّيِّدُ مَرَضًا مَخُوفًا وَكَمُعْتَقٍ لِأَجْلِ قُرْبٍ وَكَمُكَاتَبٍ لَمْ يَرُدَّهُ السَّيِّدُ وَمُعْتَقٍ بَعْضُهُ فَالْوَلَاءُ لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا عَلِمَ السَّيِّدُ
الْمُعْتَقُ فَالْوَلَاءُ لَهُ دُونَ السَّيِّدِ انْتَهَى. وَالْأَصْلُ فِيمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . ع: وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ مِلْكًا لِلْمُعْتِقِ وَأَنْ يَعْتِقَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ حُرًّا وَأَنْ يَكُونَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي الدَّيْنِ
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) أَيْ الْوَلَاءِ (وَلَا هِبَتُهُ) لِمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» .
(وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ رَجُلٍ) مَثَلًا (فَالْوَلَاءُ لِلرَّجُلِ) الْمُعْتَقِ عَنْهُ إذَا كَانَ حُرًّا أَمَّا إذَا كَانَ رَقِيقًا فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا عَتَقَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ
(وَ) إذَا أَسْلَمَ كَافِرٌ عَلَى يَدِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ (لَا يَكُونُ الْوَلَاءُ) عَلَيْهِ (لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ وَ) إنَّمَا (هُوَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . وَقِيلَ وَلَاؤُهُ لَهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَلَهُ وَلَاؤُهُ» . ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ وَجَبَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَاصٌّ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ عَامٌّ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ فِي نُصْرَتِهِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ وَتَوَلِّي دَفْنِهِ إذَا مَاتَ
(وَوَلَاءُ مَا أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ لَهَا وَ) كَذَلِكَ لَهَا (وَلَاءُ مَنْ يُجَرُّ) وَلَاؤُهُ لَهَا (مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَبْدٍ أَعْتَقَتْهُ) ع: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مُشْكِلَاتِ الرِّسَالَةِ لَفْظًا وَمَعْنًى، فَأَمَّا لَفْظًا فَإِنَّهُ أَوْقَعَ مَا عَلَى مَنْ يَعْقِلُ وَأَدْخَلَ تَاءَ التَّأْنِيثِ عَلَى أَعْتَقَتْ. الثَّانِي: فَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا تَقَعُ عَلَى
ــ
[حاشية العدوي]
الْأَعْلَى بِعِتْقِهِ أَمْ لَا أَجَازَهُ أَمْ لَا إذْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ، وَإِنْ صَحَّ السَّيِّدُ مِنْ مَرَضِهِ فِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ يَوْمَ أَعْتَقَ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى سَاعَةِ وُقُوعِ الْعِتْقِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ إذَا عَجَزَ بَعْدَ عِتْقِهِ فَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ مِلْكًا لِلْمُعْتِقِ] وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَهُ بَلْ كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ وَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ كَوْنُ الْوَلَاءِ لَهُ أَوَّلًا إلَّا أَنْ يُفْرَضَ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يَعْتِقَ فَالْوَكِيلُ مُعْتِقٌ ظَاهِرًا. [قَوْلُهُ: وَأَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ نَفْسِهِ] وَأَمَّا إنْ أَعْتَقَهُ عَنْ غَيْرِهِ فَالْوَلَاءُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ. وَقَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ حُرًّا إلَخْ تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.
[قَوْلُهُ: الْوَلَاءُ لَحْمَةٌ إلَخْ] قَالَ الْأَبِيُّ: هَذَا مِنْهُ عليه الصلاة والسلام تَعْرِيفٌ لِحَقِيقَةِ الْوَلَاءِ فِي الشَّرْعِ وَلَا يُحَدُّ بِتَعْرِيفٍ أَتَمَّ مِنْهُ، وَاللُّحْمَةُ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: بِالضَّمِّ، وَقِيلَ: بِالْفَتْحِ وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ: لُحْمَةُ الثَّوْبِ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ، وَلُحْمَةُ الْبَازِي وَهُوَ مَا يَطْعَمُ مِمَّا يَصِيدُهُ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ، وَاللَّحْمَةُ بِمَعْنَى الْقَرَابَةِ تُضَمُّ قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ بَيْنَ الْمُعْتَقِ نِسْبَةٌ تُشْبِهُ النَّسَبَ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ رِقٌّ فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ فِي نَفْسِهِ وَالْمُعْتِقُ صَيَّرَهُ مَوْجُودًا كَمَا أَنَّ الْوَلَدَ كَانَ مَعْدُومًا وَالْأَبُ تَسَبَّبَ فِي وُجُودِهِ. [قَوْلُهُ: لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ] أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ.
[قَوْلُهُ: إذَا كَانَ حُرًّا] أَيْ مُسْلِمًا، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا يَكُونُ وَلَاءُ الَّذِي أَعْتَقَ مُسْلِمًا عَنْهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ وَقَالَهُ اللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسَوَاءٌ فِي قَوْلِهِمْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
[قَوْلُهُ: إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ أَيْ وَهَذَا لَمْ] يُعْتِقْهُ إنَّمَا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ فَقَطْ، وَأَتَى فِي الْحَدِيثِ بِإِنَّمَا وَمَنْ لِرَدِّ قَوْلِ الَّذِينَ بَاعُوا بَرِيرَةَ لِعَائِشَةَ اجْعَلِي لَنَا الْوَلَاءَ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ وَلَاؤُهُ لَهُ] أَيْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ. [قَوْلُهُ: وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ عَامٌّ] أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومُ فَيُخَصَّصُ بِمَنْطُوقِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ:«إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْتِقْ لَا وَلَاءَ لَهُ مُطْلَقًا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ أَوْ لَا فَيُخَصَّصُ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ.
[قَوْلُهُ: وَلَاءُ مَنْ يُجَرُّ وَلَاؤُهُ لَهَا] بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَقَوْلُهُ: وَلَاؤُهُ نَائِبُ فَاعِلِ يُجَرُّ. وَقَوْلُهُ: مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَبْدٍ بَيَانٌ لِمَنْ فَإِذَا أَعْتَقَتْ ذَكَرًا كَانَ لَهَا الْوَلَاءُ عَلَى أَوْلَادِهِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَسَيَأْتِي تَتْمِيمُهُ. [قَوْلُهُ: وَأَدْخَلَ تَاءَ
مَنْ يَعْقِلُ بِقِلَّةٍ وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا كَانَتْ هِيَ الْمُعْتِقَةُ أَوَّلًا أَضَافَ لَهَا ذَلِكَ إقَامَةً لِلْمُتَسَبِّبِ مَقَامَ الْمُبَاشِرِ، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ مَا يَلِدُ مَا أَعْتَقَتْهُ فَوَلَاؤُهُ لَهَا وَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَصْلِ
(وَلَا تَرِثُ) الْمَرْأَةُ مِنْ الْوَلَاءِ (مَا أَعْتَقَ غَيْرُهَا مِنْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ) نَحْوُهُ قَوْلُهُ فِي الْفَرَائِضِ: لَا تَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ جَرَّهُ مَنْ أَعْتَقْنَ لِأَنَّ الْوَلَاءَ إنَّمَا يُورَثُ بِالتَّعْصِيبِ وَالنِّسَاءُ لَا حَظَّ لَهُنَّ فِيهِ
(وَمِيرَاثُ السَّائِبَةِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) عَلَى الْمَشْهُورِ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ مُسَيَّبٌ أَوْ أَنْتِ سَائِبَةٌ، وَيُرِيدُ بِذَلِكَ الْعِتْقَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِهِ ابْتِدَاءً وَفِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورُهُ الْكَرَاهَةُ لِاسْتِعْمَالِ الْجَاهِلِيَّةِ هَذَا اللَّفْظَ فِي الْأَنْعَامِ
(وَالْوَلَاءُ لِلْأَقْعَدِ) أَيْ الْأَقْرَبِ (مِنْ عُصْبَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ) ع: كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: مِنْ عُصْبَةِ الْمُعْتَقِ وَتَفْسِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَاتَ الْمُعْتِقُ وَتَرَكَ
ــ
[حاشية العدوي]
التَّأْنِيثِ عَلَى أَعْتَقَتْ الثَّانِي] أَيْ فَإِدْخَالُ التَّاءِ عَلَى أَعْتَقَتْ الثَّانِي يَقْتَضِي أَنَّهَا بَاشَرَتْ عِتْقَ ذَلِكَ الْوَلَدِ أَوْ الْعَبْدِ مَعَ أَنَّهَا مَا بَاشَرَتْ إلَّا عِتْقَ وَالِدِهِ أَوْ مُعْتَقِهِ. [قَوْلُهُ: إقَامَةً لِلْمُتَسَبِّبِ] بِكَسْرِ الْبَاءِ مَقَامَ الْمُبَاشِرِ. [قَوْلُهُ: وَفِي تَفْصِيلٍ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَصْلِ] أَرَادَ بِالْأَصْلِ شَرْحَهُ الْكَبِيرَ وَلَا نَعْرِفُ وُجُودَهُ فِي بَلَدِنَا حَتَّى نَذْكُرَ التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنَّ تت ذَكَرَهُ فَقَالَ مَا نَصُّهُ: وَفِيهِ تَفْصِيلٌ إنْ أُعْتِقَتْ أَمَةٌ وَكَانَتْ حَامِلًا ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ فَوَلَاءُ الْأَمَةِ وَوَلَاءُ الْجَنِينِ لَهَا، وَمَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ كَافِرٍ أَوْ مَنْفِيًّا لَاعَنَ فِيهِ أَبُوهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ أَوْ مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ لِعَانٍ فَوَلَاؤُهُ لَهَا مَا لَمْ يُسْلِمْ الْكَافِرُ أَوْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ أَوْ يَسْتَلْحِقْ الْمُلَاعِنُ وَلَدَهُ فَإِنَّ وَلَاءَهُ يَرْجِعُ لِأَبِيهِ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ لِمَوَالِيهِ بَعْدَهُ، فَإِنْ انْقَرَضَ مَوَالِيهِ فَقِيلَ: يَرْجِعُ الْوَلَاءُ إلَى الْأُمِّ، وَقِيلَ: لِبَيْتِ الْمَالِ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِلْأَبِ أَوْ لِمُوَالِي الْأَبِ، فَإِنْ تَنَازَعَ مَوَالِي الْأَبِ مَعَ مَوَالِي الْأُمِّ فَقَالُوا: حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَالَتْ الْمُعْتَقَةُ: حَمَلْت بِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ نُظِرَ، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَهُوَ لِمَوَالِي الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لِمَوْلَاةِ الْأَمَةِ، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَهُوَ لِمَوْلَى الْأَبِ هَذَا فِيمَا بَاشَرَتْ الْوِلَادَةَ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى.
وَأَمَّا وَلَدُ وَلَدِهَا فَوَلَاءُ وَلَدِ الذُّكُورِ لِلْمُعْتَقَةِ سَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَوَلَدُ الْإِنَاثِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْأَوَّلِ إنْ كَانُوا مِنْ حُرٍّ فَلِمُوَالِي الْأَبِ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ كَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ زِنًا أَوْ لِعَانٍ فَوَلَاؤُهُ لَهَا مَا لَمْ يُسْلِمْ الْكَافِرُ أَوْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ أَوْ يَسْتَلْحِقْ الْمُلَاعِنُ وَلَدَهُ فَيَرْجِعُ وَلَاؤُهُ لَهُ أَوْ لِمُوَالِي الْأَبِ اهـ. كَلَامُ تت فَتَأَمَّلْهُ تَأَمُّلًا جَيِّدًا.
[قَوْلُهُ: مَا أَعْتَقَ غَيْرَهَا] أَيْ فَإِذَا أَعْتَقَ الْأَبُ رَقَبَةً وَخَلَّفَ ابْنًا وَبِنْتًا فَوَلَاءُ تِلْكَ الرَّقَبَةِ لِلِابْنِ دُونَ الْبِنْتِ لِأَنَّهَا لَمْ تُبَاشِرْ عِتْقَهَا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا. [قَوْلُهُ: نَحْوَهُ قَوْلُهُ فِي الْفَرَائِضِ لَا تَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ جَرَّهُ مَنْ أَعْتَقْنَ] أَيْ بِوِلَادَةٍ أَوْ عِتْقٍ كَمَا سَنَذْكُرُهُ. وَقَوْلُهُ: بِالتَّعْصِيبِ أَيْ بِسَبَبِهِ أَيْ بِسَبَبِ كَوْنِ الْوَارِثِ مِنْ عَصَبَةِ الْمُورِثِ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لِمُعْتِقِهِ. قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِهَا هُنَا احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَسْيِيبِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ. [قَوْلُهُ: وَيُرِيدُ بِذَلِكَ الْعِتْقَ] رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ، وَمَا أَنْتَ حُرٌّ مُسَيَّبٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعِتْقَ. [قَوْلُهُ: وَفِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورُهُ الْكَرَاهَةُ] وَقِيلَ: بِالْمَنْعِ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِينَ إذَا قَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ الْمُسَيَّبُ مُسْلِمًا وَسَيِّدُهُ كَافِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا يَرْجِعُ وَلَاؤُهُ لِمَنْ سَيَّبَهُ إنْ أَسْلَمَ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ: إنَّ الْمُعْتَقَ لَا يَدْخُلُ فِي الصُّوَرِ الَّتِي يَكُونُ الْوَلَاءُ فِيهَا لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالُوا: فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى بَنِي أَبِيهِ. [قَوْلُهُ: لِاسْتِعْمَالِ الْجَاهِلِيَّةِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يُنْتِجُ الْحُرْمَةَ لَا الْكَرَاهَةَ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِعْمَالَ حَرَامٌ قَطْعِيًّا.
[قَوْلُهُ: مِنْ عَصَبَةِ الْمَيِّتِ] الْأَوْلَى الْمُبَاشِرُ لِلْعِتْقِ.
وَقَوْلُهُ: كَانَ حَقُّهُ إلَخْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَرُدُّهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ يُفَسِّرُهَا قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَكَ أَيْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَيِّتِ الْأَوَّلِ
ابْنَيْنِ فَوَرِثَا وَلَاءَ مَوْلًى لِأَبِيهِمَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ ابْنَيْنِ رَجَعَ الْوَلَاءُ إلَى أَخِيهِ دُونَ بَنِيهِ) ك: هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَتِيقِ عُصْبَةٌ فَإِنَّهُمْ أَحَقُّ مِنْ الْمَوَالِي بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ (وَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ) مِنْ الِابْنَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (وَتَرَكَ وَلَدًا وَ) بَعْدَ ذَلِكَ (مَاتَ أَخُوهُ وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (تَرَكَ وَلَدَيْنِ فَالْوَلَاءُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا) لِتَسَاوِيهِمْ فِي الْقُرْبِ مِنْ الْمَيِّتِ الْمُعْتِقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمُعْتَقُ أَيْ وَالْمَيِّتُ الثَّانِي ابْنُهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: كَانَ حَقُّهُ أَيْ أَنَّ الْأَوْضَحَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ الْأَحْسَنُ لَوْ قَالَ مِنْ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ. [قَوْلُهُ: فَوَرِثَا وَلَاءً إلَخْ] أَطْلَقَ الْإِرْثَ هُنَا عَلَى الْوَلَاءِ وَهُوَ لَا يُورَثُ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ وَإِلَّا فَالْوَلَاءُ لَا يُورَثُ وَإِنَّمَا يُورَثُ بِهِ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ. [قَوْلُهُ: ك هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ] لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَحَالَهُ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ. [قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ إلَخْ] الْحَاصِلُ أَنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِمِيرَاثِ الْوَلَاءِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرَابَةِ الْمُعْتِقُ ثُمَّ أَوْلَادُهُ الذُّكُورُ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ نَزَلُوا وَالْأَعْلَى يَحْجُبُ الْأَسْفَلَ، فَإِنْ عُدِمَ بَنُو الْمُعْتَقِ فَأَبُوهُ فَإِنْ عُدِمَ أَبُوهُ فَإِخْوَتُهُ الْأَشِقَّاءُ ثُمَّ الَّذِينَ لِلْأَبِ ثُمَّ بَنُو الْأَشِقَّاءِ ثُمَّ بَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثُمَّ بَنُوهُمْ، وَإِنْ نَزَلُوا، فَإِنْ عُدِمَتْ الْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ فَجَدُّ الْمُعْتِقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ فَالْأَعْمَامُ وَهُمْ الْإِخْوَةُ، أَيْ أَنَّ بَعْدَ الْجَدِّ الْعَمَّ وَابْنَهُ ثُمَّ بَعْدَهُمَا أَبُو الْجَدِّ وَهَكَذَا ثُمَّ بَعْدَ انْقِرَاضِ أَقَارِبِ الْمُعْتِقِ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُعْتِقُهُ انْتَقَلَ الْحُكْمُ لِعَصَبَتِهِ وَهَكَذَا.
وَأَمَّا عَصَبَةُ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْوَلَاءِ كَمَا إذَا أَعْتَقَتْ امْرَأَةٌ عَبْدًا وَلَهَا ابْنٌ مِنْ زَوْجٍ لَا يَقْرَبُ لَهَا فَإِذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَنْتَقِلُ لِوَلَدِهَا، فَإِذَا مَاتَ هَذَا الْوَلَدُ فَإِنَّ أَبَاهُ لَا يَرِثُ الْعَتِيقَ بِالْوَلَاءِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَالْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِينَ. [قَوْلُهُ: فَالْوَلَاءُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا] لِاسْتِوَائِهِمْ فِي التَّعَدُّدِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ إنَاثٌ مِنْ جَانِبٍ أَوْ جَانِبَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ شَيْءٌ مِنْ الْوَلَاءِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ اثْنَيْنِ وَالْآخَرُ عَنْ ثَلَاثَةٍ كَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ.
خَاتِمَةٌ: الْوَلَاءُ كَالنَّسَبِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ وَلَوْ عَلَى السَّمَاعِ الْفَاشِي مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ، وَشَهَادَةُ وَاحِدٍ وَلَوْ عَلَى الْبَتِّ لَا يَثْبُتُ بِهَا الْوَلَاءُ وَلِمُقِيمِهِ الْحَلِفُ عَلَى صِحَّةِ مَا شَهِدَ بِهِ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ مَوْتِ الْعَتِيقِ إلَّا الْمَالُ وَهُوَ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلَكِنْ لَا يُدْفَعُ لَهُ الْمَالُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ لِاحْتِمَالِ دَعْوَى شَخْصٍ آخَرَ يُقِيمُ شَاهِدَيْنِ.