الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِوَدِيعَةٍ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَالرِّبْحُ لَهُ) لِأَنَّهُ ضَامِنٌ وَقَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ عَيْنًا) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ: فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ، وَمَنْ اتَّجَرَ بِوَدِيعَةٍ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا قَالَهُ ق: وَقَالَ أَيْضًا قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ عَيْنًا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ عَرْضًا إذْ لَا يَكُونُ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ الْغَاصِبِ، وَقَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ لَهُ مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ (وَإِنْ بَاعَ) الْمُودَعُ (الْوَدِيعَةَ وَهِيَ عَرْضٌ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي) أَخْذِ (الثَّمَنِ) الَّذِي بَاعَهَا بِهِ (أَوْ) فِي أَخْذِ (الْقِيمَةِ يَوْمَ التَّعَدِّي) هَذَا إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِهَا أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى اللُّقَطَةِ فَقَالَ: (وَمَنْ وَجَدَ لُقَطَةً) بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ مَا يُلْتَقَطُ (فَلْيُعَرِّفْهَا) وُجُوبًا لِأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام بِذَلِكَ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يُعْرَفُ فَيَسْتَأْجِرُ مِنْهَا (سَنَةً) عَقِبَ الِالْتِقَاطِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ لُقَطَةَ مَكَّةَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ لِلْعُمُومَاتِ الْوَارِدَةِ فِي اللُّقَطَةِ. وَقِيلَ: تُعَرَّفُ لُقَطَتُهَا أَبَدًا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:
ــ
[حاشية العدوي]
وَلَوْ أُعْتِقَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَبِيٍّ وَسَفِيهٍ وَلَوْ قَبِلَا بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا إلَّا أَنْ يَصُونَا بِهِمَا مَالَهُمَا فَيَضْمَنَانِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَمِمَّا يَصُونَا لَا إنْ تَلِفَ مَا يَصُونَاهُ وَاسْتَفَادَا غَيْرَهُ.
[قَوْلُهُ: قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ] الصَّوَابُ أَنَّ التِّجَارَةَ الْوَدِيعَةِ مَكْرُوهَةٌ كَانَتْ مِمَّا يَحْرُمُ تَسَلُّفُهَا أَوْ يُكْرَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّلَفِ وَالتَّجْرِ أَنَّ الْمُتَسَلِّفَ بِقَصْدِ تَمَلُّكِهَا وَأَنْ يَصْرِفَهَا فِيمَا يَصْرِفُ فِيهِ مَالَهُ، وَالْمُتَّجِرُ إنَّمَا قَصَدَ تَحْرِيكَهَا [قَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ لَهُ] أَيْ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: إذْ لَا يَكُونُ أَسْوَأَ إلَخْ] قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ تِجَارَةَ الْغَاصِبِ الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ عَرْضًا مَكْرُوهَةً، فَإِذَا كَانَ الْغَاصِبُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ فَأَوْلَى الْمُودَعُ أَيْ مِنْ حَيْثُ انْتِفَاءُ الْحُرْمَةِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَصِيُّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّجْرُ بِمَالِ الصَّبِيِّ لِنَفْسِهِ فَأَوْلَى الْغَاصِبُ فَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ إلَّا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا اتَّجَرَ بِالدَّنَانِيرِ مَثَلًا وَتَحَصَّلَ مِنْهَا رِبْحٌ فَهُوَ لَهُ، فَإِذَا كَانَ الْغَاصِبُ لَهُ الرِّبْحُ فَأَوْلَى الْمُودَعُ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: هَذَا إذَا فَاتَتْ إلَخْ] الْحَاصِلُ أَنَّهُ عِنْدَ الْفَوَاتِ يَجِبُ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ وَعِنْدَ الْقِيَامِ أَخْذُ الثَّمَنِ أَوْ رَدُّ الْبَيْعِ، وَكَذَا كُلُّ مُتَعَدٍّ بِالْبَيْعِ عَلَى سِلَعِ غَيْرِهِ وَلَوْ غَاصِبًا، وَمَحِلُّ تَخْيِيرِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ مَا لَمْ يَحْضُرْ عَقْدَ الْبَيْعِ أَوْ يَبْلُغْهُ الْبَيْعُ وَيَسْكُتُ مُدَّةً بِحَيْثُ يُعَدُّ رَاضِيًا وَإِلَّا لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَأَخْذُ مَا بِيعَتْ بِهِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا
[أَحْكَام اللُّقَطَة]
[قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى اللُّقَطَةِ] الِالْتِقَاطُ وُجُودُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: مَالٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمًا لَيْسَ حَيَوَانًا نَاطِقًا وَلَا نَعَمًا بَلْ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ رَقِيقًا صَغِيرًا وُجِدَتْ فِي الْعِمَارَةِ أَوْ الْخَرَابِ أَوْ سَاحِلِ الْبَحْرِ وَعَلَيْهَا عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ لَا نَحْوَ عَنْبَرٍ فَلَوْ وَجَدَهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ: مَالُ اللَّقِيطِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مُحْتَرَمٌ مَالُ الْحَرْبِيِّ فَلَيْسَ بِلُقَطَةٍ، بَلْ إمَّا فَيْءٌ أَوْ غَنِيمَةٌ وَخَرَجَ الْآبِقُ وَهُوَ الرَّقِيقُ الْكَبِيرُ فَلَا يُقَالُ لَهُ لُقَطَةٌ كَمَا خَرَجَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ فَإِنَّهُ يُسَمَّى ضَالَّةً، فَالْمُعَرَّضُ لِلضَّيَاعِ أَرْبَعَةٌ لُقَطَةٌ وَلَقِيطٌ وَآبِقٌ وَضَالَّةٌ فَاللُّقَطَةُ تَقَدَّمَ حَدُّهَا، وَأَمَّا اللَّقِيطُ فَهُوَ صَغِيرٌ آدَمِيٌّ لَمْ يُعْلَمْ أَبَوَاهُ وَلَا رِقُّهُ، أَمَّا لَوْ عُلِمَ رِقُّهُ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَهُوَ لُقَطَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ آبِقٌ وَحَدُّهُ رَقِيقٌ كَبِيرٌ مُحْتَرَمٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ وَالضَّالَّةُ نَعَمٌ مُحْتَرَمٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ.
[قَوْلُهُ: وَمَنْ وَجَدَ] أَيْ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ [قَوْلُهُ: بِضَمِّ اللَّامِ إلَخْ] وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ أُخَرُ لُقْطَةٌ بِسُكُونِ الْقَافِ وَلُقَاطَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَلَقَاطَةٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْقَافِ [قَوْلُهُ: فَلْيُعَرِّفْهَا وُجُوبًا] أَيْ عَلَى الْفَوْرِ فَلَوْ تَوَانَى حَتَّى ضَاعَتْ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا ضَمِنَهَا قَالَهُ تت.
وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ [قَوْلُهُ: لِأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام] أَيْ فَفِي الْمُوَطَّأِ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: اعْرِفْ عِقَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً» إلَخْ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ.
[قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ إلَخْ] حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يُعْرَفُ فَإِمَّا أَنْ يُعَرِّفَ أَوْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ عِنْدِهِ مَنْ يُعَرِّفُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِثْلُهُ لَا يُعَرِّفُ فَإِنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مِنْهَا وَإِذَا دَفَعَهَا لِمَنْ يَثِقُ بِهِ وَضَاعَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَلَيْسَتْ كَالْوَدِيعَةِ يَضْمَنُهَا بِدَفْعِهَا لِغَيْرِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ لَمْ يَأْمَنْهُ رَبُّهَا
«لَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ» أَوَّلَهُ الْقَرَافِيُّ: بِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا دُونَ تَعْرِيفٍ بَلْ لَا تُؤْخَذُ إلَّا لِصَاحِبِهَا أَيْ لِتُعْرَفَ لَهُ
وَالتَّعْرِيفُ يَكُونُ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مَرَّةً وَالتَّعْرِيفُ سَنَةً مُخْتَصٌّ بِالْكَثِيرِ، وَأَمَّا التَّافِهُ كَالْعَصَا وَالسَّوْطِ فَلَا يُعَرَّفُ وَمَا فَوْقَ التَّافِهِ وَدُونَ الْكَثِيرِ كَالدَّلْوِ يُعَرَّفُ سَنَةً عَلَى قَوْلٍ وَدُونَ السَّنَةِ عَلَى آخَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقَطُ مِمَّا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ كَاللَّحْمِ وَالْفَاكِهَةِ فَيَأْكُلُهُ وَلَا يُعَرِّفُهُ، وَالتَّعْرِيفُ يَكُونُ (بِمَوْضِعٍ يَرْجُو التَّعْرِيفَ بِهَا) وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي اُلْتُقِطَتْ فِيهِ وَأَبْوَابُ الْمَسَاجِدِ، وَإِذَا عَرَّفَهَا لَا يَذْكُرُ جِنْسَهَا بَلْ يَقُولُ: مَنْ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ (فَإِنْ تَمَّتْ سَنَةٌ وَلَمْ يَأْتِ لَهَا أَحَدٌ فَإِنْ شَاءَ حَبَسَهَا وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا) عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ رَبِّهَا، ظَاهِرُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ حَبْسِهَا
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ.
[قَوْلُهُ: إلَّا لِمُنْشِدٍ] أَيْ مَنْ يُرِيدُ تَعْرِيفَهَا
[قَوْلُهُ: أَوَّلَهُ الْقَرَافِيُّ] سَبَبُ تَنْبِيهِ الشَّارِعِ عَلَى خُصُوصِ لُقَطَةِ مَكَّةَ مَعَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمُ عَامٌّ حَتَّى فِي غَيْرِهَا أَنَّ لُقَطَةَ مَكَّةَ تُوجَدُ كَثِيرًا فِي الْحَرَمِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ مِنْ كُلِّ قُطْرٍ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الَّذِي قُطْرُهُ بَعِيدٌ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ مَرَّةً أُخْرَى فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكْثُرُ أَخْذُهَا بُنَيَّةِ التَّمَلُّكِ فَنَبَّهَ عليه الصلاة والسلام عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَخْذُهَا بِهَذَا الْقَصْدِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا كَذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: وَالتَّعْرِيفُ يَكُونُ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ] هَذَا إذَا تَقَادَمَ الزَّمَانُ وَإِلَّا فَالتَّعْرِيفُ إثْرَ الِالْتِقَاطِ فِي كُلِّ يَوْمٍ.
[قَوْلُهُ: وَأَمَّا التَّافِهُ إلَخْ] أَيْ الَّذِي لَا تَلْتَفِتُ إلَيْهِ النُّفُوسُ وَهُوَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ شَارِحُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ عج.
[قَوْلُهُ: وَدُونَ السَّنَةِ عَلَى آخَرَ] وَهُوَ الرَّاجِحُ، فَالرَّاجِحُ أَنَّ مَا فَوْقَ التَّافِهِ وَدُونَ الْكَثِيرِ كَالدَّلْوِ وَالدُّرَيْهِمَاتِ وَالدَّنَانِيرِ يُعَرَّفُ أَيَّامًا هِيَ مَظِنَّةُ طَلَبِهِ وَلَا يُعَرَّفُ سَنَةً وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَاسْتَظْهَرَهُ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِهِ [قَوْلُهُ: فَيَأْكُلُهُ وَلَا يُعَرِّفُهُ أَصْلًا] وَلَا اسْتِينَاءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ.
وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ: يَنْبَغِي الِاسْتِينَاءُ بِأَكْلِهِ يَسِيرًا لِاحْتِمَالِ إتْيَانِ صَاحِبِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَكَلَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، كَانَ فِي الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ بِيعَ وَلَا يَأْكُلُهُ وَوَقَفَ ثَمَنَهُ كَمَا فِي عج.
[قَوْلُهُ: يَرْجُو التَّعْرِيفَ] أَيْ ثَمَرَةَ التَّعْرِيفِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي اُلْتُقِطَتْ فِيهِ وَتُعَرَّفُ بِالْبَلَدَيْنِ إنْ وُجِدَتْ بَيْنَهُمَا.
[قَوْلُهُ: وَأَبْوَابُ الْمَسَاجِدِ] لِأَنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَكُونُ فِي نَفْسِ الْمَسْجِدِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَإِذَا وُجِدَتْ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى أَهْلِ الشِّرْكِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ دَفْعُهَا لِعَالِمِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنْ عَرَّفَهَا بِنَفْسِهِ لَمْ يَأْثَمْ.
[قَوْلُهُ: لَا يَذْكُرُ جِنْسَهَا] وَأَوْلَى النَّوْعُ وَلَا مَا يُؤَدِّي لِمَعْرِفَتِهَا.
تَنْبِيهٌ: تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى التَّعْرِيفِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الِالْتِقَاطِ وَحَاصِلُهُ إنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ الِالْتِقَاطُ مُطْلَقًا، وَإِنْ شَكَّ فِيهَا كُرِهَ كَذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ فَيَجِبُ إنْ خَافَ الْخَائِنَ وَإِلَّا كُرِهَ، وَفَائِدَةُ الْوُجُوبِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا أَوْ رَدَّهَا بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ وَضَاعَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا، وَفَائِدَةُ الْحُرْمَةِ أَنَّهُ إنْ أَخَذَهَا يَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ.
وَأَمَّا فِي الْمَكْرُوهِ فَلَا يَضْمَنُهَا بِتَرْكِهَا وَإِنَّمَا يَضْمَنُهَا إذَا أَخَذَهَا وَرَدَّهَا لِمَوْضِعِهَا بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَضَاعَتْ.
وَلَوْ ضَاعَتْ عِنْدَ الْمُلْتَقِطِ زَمَنَ تَعْرِيفِهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا تَعَدَّى أَوْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا كَمَا إذَا أَخَذَهَا لِيَتَمَلَّكَهَا فَإِنَّهُ يُخَاطَبُ بِضَمَانِهَا بِمُجَرَّدِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا لِشَبَهِهِ بِالْغَاصِبِ، فَلَوْ تَنَازَعَ مَعَ رَبِّهَا بَعْدَ ضَيَاعِهَا أَوْ تَلَفِهَا بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَهَا لِيُعَرِّفَهَا وَادَّعَى رَبُّهَا أَنَّهُ أَخَذَهَا بِقَصْدِ تَمَلُّكِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُلْتَقِطِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ.
[قَوْلُهُ: سَنَةً] أَيْ أَوْ أَيَّامًا فِيمَا يُعَرَّفُ أَيَّامًا.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ حَبَسَهَا] أَيْ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ مَحِلُّ التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ بِيَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا حَبْسُهَا لِرَبِّهَا أَوْ بَيْعُهَا وَحَبْسُ ثَمَنِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ لِرَبِّهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَدُّقُ وَلَا تَمَلُّكُهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ
وَالتَّصَدُّقِ بِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ التَّمْلِيكَ لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: نُصُوصُ الْمَذْهَبِ عَلَى مَرْجُوحِيَّةِ التَّمْلِيكِ، وَرُبَّمَا وَقَعَ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّمْلِيكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَفِي التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا
(وَ) إذَا تَصَدَّقَ بِهَا (ضَمِنَهَا لِرَبِّهَا إنْ جَاءَ) وَإِنْ وَجَدَهَا قَائِمَةً أَخَذَهَا.
ق: أَجْمَلَ الْمُصَنَّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ هَلْ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ صَاحِبِهَا، وَهَلْ وَجَدَهَا قَائِمَةً أَوْ فَائِتَةً، وَهَلْ وَجَدَهَا فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ أَوْ الْمِسْكِينِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ. اُنْظُرْ بَقِيَّتَهُ فِي الْأَصْلِ (وَإِنْ انْتَفَعَ) الْمُلْتَقِطُ (بِهَا) أَيْ بِاللُّقَطَةِ (ضَمِنَهَا وَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا بِغَيْرِ تَحْرِيكٍ) أَيْ تَعَدٍّ (لَمْ يَضْمَنْهَا) لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ عِنْدَهُ، مَفْهُومُهُ لَوْ تَعَدَّى عَلَيْهَا ضَمِنَهَا
(وَإِذَا عَرَفَ طَالِبُهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (الْعِفَاصَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالْفَاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْوِعَاءُ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ النَّفَقَةُ جِلْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَ) عَرَفَ (الْوِكَاءَ) بِالْمَدِّ وَهُوَ الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْوِعَاءُ (أَخَذَهَا) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْسَى الْآخَرَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
مَشَقَّةُ تَخْلِيصِ مَا فِي ذِمَّةِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
[قَوْلُهُ: مَرْجُوحِيَّةِ التَّمْلِيكِ] يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَ الْأَوْلَى قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ الْكَرَاهَةُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.
وَقَوْلُهُ: وَرُبَّمَا وَقَعَ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ رُبَّمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ مِنْ التَّمْلِيكِ.
وَقَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ، فَظَهَرَ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ: الْكَرَاهَةُ وَالْمَنْعُ وَالْإِبَاحَةُ، الَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ وَمِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ شَأْنُكَ بِهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ.
[قَوْلُهُ: وَإِذَا تَصَدَّقَ بِهَا] أَيْ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ رَبِّهَا ضَمِنَهَا لِرَبِّهَا إنْ جَاءَ أَيْ وَفَاتَتْ عَلَى مَا نُفَصِّلُ، فَنَقُولُ: حَاصِلُهُ أَنَّ رَبَّ اللُّقَطَةِ لَوْ جَاءَ وَوَجَدَهَا بِيَدِ الْمِسْكِينِ أَوْ مُبْتَاعٍ مِنْهُ فَلَهُ أَخْذُهَا وَلَهُ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ الْقِيمَةَ يَوْمَ التَّصَدُّقِ بِهَا هَذَا إذَا تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ دَخَلَهَا نَقْصٌ أَمْ لَا أَوْ عَنْ رَبِّهَا وَدَخَلَهَا نَقْصٌ مُفْسِدٌ لِأَنَّهُ بِتَصَدُّقِهِ بِهَا ضَمِنَهَا، وَأَمَّا عَنْ رَبِّهَا وَلَمْ يَدْخُلْهَا نَقْصٌ مُفْسِدٌ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُهَا، وَإِذَا أَخَذَ مِنْ الْمُلْتَقِطِ الْقِيمَةَ فَلِلْمُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمِسْكِينِ بِعَيْنِ اللُّقَطَةِ أَوْ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمِسْكِينِ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا لَوْ وَجَدَهَا فَأَتَتْ بِيَدِ الْمِسْكِينِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ بِمَا غَرِمَهُ مِنْ قِيمَتِهَا لِرَبِّهَا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَإِنْ وَجَدَهَا قَائِمَةً أَيْ بِيَدِ الْمِسْكِينِ أَوْ بِيَدِ مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ أَخَذَهَا أَيْ يَتَعَيَّنُ أَخْذُهَا أَوْ لَهُ أَخْذُهَا، وَلَهُ أَخْذُ قِيمَتِهَا عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ.
[قَوْلُهُ: وَهَلْ وَجَدَهَا فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ] قَدْ عَلِمْت مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ عَنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ كَمَا هُوَ مُفَادُ قَوْلِهِ: وَإِذَا تَصَدَّقَ أَيْ خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ فَتَأَمَّلْ تَفْهَمْ، وَأَمَّا لَوْ وَجَدَهَا بِيَدِهِ الْمُلْتَقِطِ فَتَارَةً يَجِدُهَا بِحَالِهَا وَتَارَةً يَجِدُهَا تَغَيَّرَتْ بِنَقْصٍ وَتَارَةً يَجِدُهَا فَاتَتْ.
وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا نَوَى تَمَلُّكَهَا بَعْدَ السَّنَةِ ثُمَّ وَجَدَهَا نَاقِصَةً بِغَيْرِ سَمَاوِيٍّ أَيْ بِاسْتِعْمَالِ الْمُلْتَقِطِ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ نَوَى التَّمَلُّكَ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا كَمَا إذَا كَانَتْ بَاقِيَةً بِحَالِهَا، فَإِنْ نَوَى التَّمَلُّكَ قَبْلَ السَّنَةِ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ، وَأَمَّا لَوْ نَقَصَتْ قَبْلَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ وَقَبْلَ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَ السَّنَةِ وَقَبْلَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا فَقَطْ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَقَصَتْ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ انْتَفَعَ الْمُلْتَقِطُ بِهَا] أَيْ فِي غَيْرِ رُكُوبِهَا لِمَوْضِعِهِ وَتَلِفَتْ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ تَلَفٌ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ كِرَاؤُهَا لِمَالِكِهَا إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَكْرِي الدَّوَابَّ.
وَقَوْلُنَا: أَيْ فِي غَيْرِ رُكُوبِهَا لِمَوْضِعِهِ وَأَمَّا رُكُوبُهَا مِنْ مَوْضِعِ الِالْتِقَاطِ إلَى مَنْزِلِهِ فَيَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ أَوْ يَتَعَسَّرْ قَوْدُهَا عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ تُدْرِكْ.
[قَوْلُهُ: أَيْ تَعَدٍّ] أَيْ وَأَمَّا لَوْ تَعَدَّى فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ انْتَفَعَ وَفَسَّرَ التَّحْرِيكَ بِالتَّعَدِّي إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ تَحْرِيكٍ إذْ قَدْ يَكُونُ التَّحْرِيكُ مَأْذُونًا فِيهِ لِلْعَلَفِ.
[قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَجْزَأَهُ] أَيْ أَنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِنَّهَا تُدْفَعُ لَهُ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ مُدَّةً بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَلَا تُدْفَعُ لَهُ عَاجِلًا.
فَقَوْلُ الشَّارِحِ: لِأَنَّهُ قَدْ يَنْسَى الْآخَرَ أَيْ وَقَدْ لَا يَنْسَاهُ وَيُكْتَفَى بِذِكْرٍ وَاحِدٍ فَيُعْطَى حُكْمَهُ مِنْ كَوْنِهَا تُدْفَعُ لَهُ بَعْدَ
الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ عَدَدِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَصْبَغَ، وَاعْتَبَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُفْتَقَرُ إلَى يَمِينٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.
وَغَلَّةُ اللُّقَطَةِ فِي مُدَّةِ التَّعْرِيفِ لِلْمُلْتَقِطِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: إنِّي وَجَدْت شَاةً فَقَالَتْ لَهَا: عَرِّفِي وَاعْلِفِي وَاحْلِبِي وَاشْرَبِي
(وَلَا يَأْخُذُ الرَّجُلُ ضَالَّةَ الْإِبِلِ مِنْ الصَّحْرَاءِ) ع: هَذَا إذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً مِنْ السِّبَاعِ وَاللُّصُوصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا كَانَتْ حَيْثُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ، وَقِيلَ: لَا يَأْخُذُهَا مُطْلَقًا انْتَهَى.
وَقَالَ ج: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَلْتَقِطُهَا إذَا وَجَدَهَا فِي الصَّحْرَاءِ وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّ وُجُودَ رَبِّهَا فِي غَيْرِ الصَّحْرَاءِ أَسْهَلُ فَلْيَلْتَقِطْهَا لِيَحْفَظَهَا لَهُ حَتَّى يَجِدَهُ عَنْ قَرِيبٍ بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَهَا فِي الصَّحْرَاءِ فَلَا يَتَأَتَّى لَهُ مَعْرِفَةُ رَبِّهَا إذَا نَقَلَهَا إلَى الْعِمَارَةِ (وَلَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ (أَخْذُ الشَّاةِ وَأَكْلُهَا إنْ كَانَتْ بِفَيْفَاءَ) وَهِيَ الصَّحْرَاءُ الَّتِي (لَا عِمَارَةَ فِيهَا) وَكَانَ يَعْسُرُ حَمْلُهَا إلَى الْعِمَارَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ.
ــ
[حاشية العدوي]
الِاسْتِينَاءِ، فَإِنْ أَثْبَتَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ أَخَذَهَا، وَأَمَّا إذَا وَصَفَ اثْنَيْنِ فَلَا يَسْتَأْنِي بِهَا وَتُدْفَعُ لَهُ عَاجِلًا، وَأَمَّا لَوْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَغَلِطَ فِي الْوِكَاءِ أَوْ عَكْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي وَلَا تُدْفَعُ لَهُ [قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تُشْتَرَطُ] أَيْ أَنَّ مَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَجَهِلَ عَدَدَهَا فَلَا يَضُرُّ وَتُدْفَعُ لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، بَلْ لَوْ عَرَّفَ أَحَدَهُمَا وَجَهِلَ الْعَدَدَ فَإِنَّهَا تُعْطَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا إذَا أَخْبَرَ بِالزِّيَادَةِ لَا يَضُرُّ وَفِي غَلَطِهِ بِالنَّقْصِ قَوْلَانِ. وَفِي غَلَطِهِ فِي صِفَةِ الدَّنَانِيرِ لَا شَيْءَ لَهُ بِلَا خِلَافٍ بِأَنْ قَالَ مُحَمَّدِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ يَزِيدِيَّةٌ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَصْبَغَ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى يَمِينٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ] أَيْ أَنَّ مَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا بِلَا يَمِينٍ، وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى إذَا عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَالْعَدَدَ فَإِنَّهَا تُدْفَعُ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَأَوْلَى إذَا قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَوْلُ أَشْهَبَ: لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ الْعُرْفُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَإِنْ قُلْنَا: كَالشَّاهِدَيْنِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ، وَإِنْ قُلْنَا كَالشَّاهِدِ فَيُحْتَاجُ مَعَهُ لِيَمِينٍ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ عَرَّفَ إنْسَانٌ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَرَّفَ الْآخَرُ عَدَدَهَا وَوَزْنَهَا فَإِنَّهَا تُعْطَى لِمَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ بَعْدَ يَمِينِهِ، وَيُقْضَى لِمَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْعَدَدَ عَلَى مَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ بِيَمِينٍ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ عَرَّفَ أَوْصَافًا يَقْوَى بِهَا الظَّنُّ عَلَى مَنْ عَرَّفَ أَوْصَافًا يَحْصُلُ بِهَا ظَنٌّ دُونَهُ بِيَمِينٍ، وَكَذَا يُقْضَى لِمَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَحْدَهُ بِيَمِينٍ عَلَى مَنْ عَرَّفَ الْعَدَدَ وَالْوَزْنَ وَلَوْ وَصَفَهَا ثَانٍ مِثْلَ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَمْ يَنْفَصِلْ بِهَا حَلَفَا وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَصَلَ بِهَا انْفِصَالًا بَيِّنًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ وُصُولُ الْعِلْمِ لِلثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ.
[قَوْلُهُ: وَغَلَّةُ اللُّقَطَةِ إلَخْ] أَيْ مِنْ لَبَنٍ وَجُبْنٍ وَسَمْنٍ وَزُبْدٍ، وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَلَوْ زَادَتْ الْغَلَّةُ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ، وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّ لَهُ قَدْرَ قِيَامِهِ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ لُقَطَةٌ بِخِلَافِ صُوفِهَا كَانَ تَامًّا أَوْ لَا وَنَسْلُهَا وَمَا زَادَ مِنْ كِرَائِهَا عَلَى عَلَفِهَا فَهُوَ لِرَبِّهَا، فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَلَا غَلَّةَ لَهَا فَإِنَّ صَاحِبَهَا يُخَيَّرُ فِي أَخْذِهَا وَدَفْعِ نَفَقَتِهَا وَلَهُ تَسْلِيمُهَا لِلْمُلْتَقِطِ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهَا لِأَنَّ رَبَّهَا لَا يَلْزَمُهُ الزَّائِدُ عَلَى قِيمَتِهَا وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى صَاحِبِهَا دَيْنٌ لَقُدِّمَ الْمُلْتَقِطُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى ذِي الدَّيْنِ كَالْمُرْتَهِنِ.
[قَوْلُهُ: هَذَا إذَا كَانَتْ] مُحَصَّلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا فِي الشَّارِحِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُطْلَقٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا وَلَا يُرَاعِي خَوْفَ هَلَاكِهَا مِنْ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ سِبَاعٍ، وَمَا إذَا خَافَ الْخَائِنَ فَإِنَّهُ يَلْتَقِطُهَا وُجُوبًا، فَإِنْ الْتَقَطَهَا فِي حَالَةِ كَوْنِهِ لَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ فَإِنَّهُ يُعَرِّفُهَا سَنَةً ثُمَّ يَتْرُكُهَا بِمَحِلِّهَا.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ وَاضِحٌ] خِلَافًا لِمَنْ قَالَ التَّقْيِيدُ بِالصَّحْرَاءِ بِالنَّظَرِ لِلْغَائِبِ، وَلَا يَلْحَقُ بِضَالَّةِ الْإِبِلِ الْخَيْلُ وَالْحَمِيرُ بَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي اللُّقَطَةِ.
[قَوْلُهُ: فَلَا يَتَأَتَّى إلَخْ] تَعْلِيلٌ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُ.
[قَوْلُهُ: وَكَانَ يَعْسُرُ حَمْلُهَا] لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ لَوْ تَيَسَّرَ حَمْلُهَا لَلْعُمْرَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَكَلَهَا فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ الْعُمْرَانِ لَكِنْ إنْ
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا تَبَرَّعَ بِهِ فِي الْبَابِ فَقَالَ: (وَمَنْ اسْتَهْلَكَ عَرْضًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، إذْ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ. وَظَاهِرُهُ طَائِعًا كَانَ أَوْ مُكْرَهًا، عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ مَا اسْتَهْلَكَهُ الْحُرُّ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ سَوَاءٌ اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَالْعَبْدُ يَضْمَنُ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ كَالْحُرِّ وَمَا لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَيْهِ فِي رَقَبَتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ، وَسَوَاءٌ بَاشَرَ الِاسْتِهْلَاكَ أَوْ تَسَبَّبَ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ ق. (وَكُلُّ مَا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ) أَوْ يُعَدُّ مِمَّا لَا تَخْتَلِفُ آحَادُهُ كَالْبَيْضِ (فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ) فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ فِيهِ هَذَا إذَا عُرِفَتْ مَكِيلَتُهُ أَوْ وَزْنُهُ، أَمَّا إذَا اُسْتُهْلِكَ جُزَافًا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ قِيمَةَ الصُّبْرَةِ بَعْدَ وَصْفِهَا يَوْمَ اسْتَهْلَكَهَا، وَهُنَا تَنْبِيهَاتٌ حَسَنَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ مِنْهَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ طَعَامًا فِي زَمَنِ الشِّدَّةِ وَطَالَبَهُ بِهِ فِي زَمَنِ الرَّخَاءِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا مِثْلَهُ دُونَ قِيمَتِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَمِنْهَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: تَعَدَّى أَنَّ مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي فِعْلِ شَيْءٍ وَأَفْسَدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَالْبَيْطَارِ فِي حَالِ عِلَاجِهِ، وَالطَّبِيبِ فِي حَالِ
ــ
[حاشية العدوي]
حَمَلَهَا مُذَكَّاةً أَوْ طَعَامًا وَوَجَدَهُ بِفَيْفَاءَ إلَى الْعُمْرَانِ وَوَجَدَهُ رَبُّهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَيَدْفَعُ لَهُ أُجْرَةَ حَمْلِهِ، فَإِنْ أَتَى بِهِ حَيَّةً إلَى الْعُمْرَانِ فَعَلَيْهِ تَعْرِيفُهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ كَاللُّقَطَةِ كَمَا إذَا وَجَدَهَا بِقُرْبِ الْعِمَارَةِ أَوْ اخْتَلَطَتْ بِغَنَمِهِ فِي الْمَرْعَى، وَسَكَتَ عَنْ الْبَقَرِ وَحُكْمُهُ إذَا كَانَتْ بِفَيْفَاءَ وَخَافَ عَلَيْهَا السِّبَاعَ أَوْ الْجُوعَ أَوْ الْعَطَشَ أَوْ النَّاسَ فَلَهُ أَكْلُهَا عِنْدَ تَعَسُّرِ حَمْلِهَا، وَأَمَّا لَوْ تَيَسَّرَ سَوْقُهَا لِلْحَاضِرَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهَا فَإِنْ كَانَتْ بِمَحِلِّ أَمْنٍ فِي الْفَيْفَاءِ تُرِكَتْ بِهَا فَإِنْ أَخَذَهَا وَجَبَ تَعْرِيفُهَا، وَأَمَّا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالشَّاةُ الْمَوْجُودَةُ لَلْعُمْرَانِ فَيَجِبُ الْتِقَاطُهَا عِنْدَ خَوْفِ الْخَائِنِ كَالْخَيْلِ وَنَحْوِهَا.
[قَوْلُهُ: عَرْضًا] الْمُرَادُ بِهِ شَيْئًا غَيْرَ الْمِثْلِيِّ.
[قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَى الْبَاجِيُّ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ لَهُ قَوْلًا بِأَنَّ جَمِيعَ الْمُتْلَفَاتِ مِثْلِيَّةٌ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ.
[قَوْلُهُ: طَائِعًا كَانَ أَوْ مُكْرَهًا] لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ [قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا اسْتَهْلَكَهُ الْحُرُّ] أَيْ الرَّشِيدُ [قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ يَضْمَنُ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ] أَيْ الْبَالِغُ أَيْ وَكَذَا الْمَأْذُونُ، وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْمُؤْمَنَ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لَهُ فِي ذِمَّتِهِمَا يُتْبَعَانِ إنْ عَتَقَا [قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَيْهِ] أَيْ وَهُوَ غَيْرُ مَأْذُونٍ [قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ] تَعْمِيمٌ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ وَمِثْلُهُ الْبَالِغُ السَّفِيهُ مَحِلُّ ضَمَانِهِمَا إذَا لَمْ يُؤْمَنَا عَلَى مَا أَتْلَفَاهُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَصُونَا بِهِ مَا لَهُمَا فَيَضْمَنَانِ فِي الْمَصُونِ فَقَطْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْأَقَلَّ مِنْهُ وَمِمَّا صُونَ بِهِ مَالُهُ وَلَا فَرْقَ فِي الصَّبِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا أَمْ لَا إلَّا ابْنَ شَهْرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْعَجْمَاءِ فِي فِعْلِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَلَا يُتْبَعُ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ أَيْ فَإِذَا أَفَادَ مَالًا لَمْ يَضْمَنْ فِيهِ بَعْدُ، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَأْمِينُهُ وَالْمَنْقُولُ فِيمَا يُتْلِفُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَالَ فِي مَالِهِ وَالدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُمَا هَدَرٌ.
وَالثَّالِثُ: الْمَالُ هَدَرٌ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ تَسَبَّبَ] كَمَا إذَا ضَرَبَ دَابَّةً فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا بِسَبَبِهِ.
[قَوْلُهُ: مِمَّا لَا تَخْتَلِفُ آحَادُهُ] أَيْ وَأَمَّا مَا اخْتَلَفَتْ آحَادُهُ كَالْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ فَفِيهِ الْقِيمَةُ.
[قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ] هَذَا إنْ وُجِدَ لَهُ مِثْلٌ، أَمَّا إنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مِثْلٌ وَعُرِفَ لَهُ مِثْلٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَصْبِرُ إلَى أَوَانِهِ وَيَأْخُذُ مِثْلَهُ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ.
[قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ فِيهِ] أَيْ فَإِذَا أَتْلَفَ لَهُ مِثْلِيًّا ثُمَّ وَجَدَهُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ مِثْلَ مِثْلِيِّهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بَلْ يَصِيرُ إلَى بَلَدِ الْمُتْلَفِ فَيُوَفِّيهِ الْمِثْلَ فِيهَا، بَلْ لَوْ غَصَبَ مِنْهُ مِثْلِيًّا ثُمَّ وَجَدَهُ مَعَهُ بِعَيْنِهِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ يَصْبِرُ إلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ مِثْلَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ
[قَوْلُهُ: إذَا عُرِفَتْ مَكِيلَتُهُ] أَيْ أَوْ عَدَدُهُ
[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا اُسْتُهْلِكَ جُزَافًا] وَهُوَ مَا جُهِلَ كَيْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ أَوْ عَدَدُهُ
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ قِيمَةَ الصُّبْرَةِ] أَيْ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ مِثْلِهِ لِأَنَّ الْجُزَافَ كَالْمُقَوَّمِ الْوَاجِبِ عَلَى مُتْلِفِهِ قِيمَتُهُ بَعْدَ تَحَرِّيهِ حَيْثُ كَانَ مُتْلِفُهُ غَيْرَ مَالِكِهِ، وَأَمَّا الْمَالِكُ يَبِيعُ صُبْرَةً عَلَى الْكَيْلِ ثُمَّ يُتْلِفُهَا قَبْلَ كَيْلِهَا فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِثْلُهَا لِيُوفِيَهُ لِلْمُشْتَرِي.
[قَوْلُهُ: إنَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ فِي فِعْلِ شَيْءٍ وَأَفْسَدَهُ] حَيْثُ كَانَ الْمَالِكُ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ بِأَنْ كَانَ رَشِيدًا وَإِلَّا ضَمِنَ
[قَوْلُهُ: