المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب في البيوع - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني - جـ ٢

[العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي الْجِهَادِ]

- ‌[الْأَمْوَالِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَدُوِّ]

- ‌بَابٌ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُور]

- ‌[الْأَيْمَانِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْكَفَّارَةُ) فِي الْيَمِينِ

- ‌[النُّذُور وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌ تَكَرُّرِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِ تَكَرُّرِهَا بِتَكَرُّرِ الْيَمِينِ

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاح]

- ‌ الصَّدَاقُ

- ‌[الْوِلَايَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَرَاتِبِ الْأَوْلِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّيِّبِ

- ‌ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ

- ‌ الْأَنْكِحَةَ الْفَاسِدَةَ

- ‌[حُكْمَ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ]

- ‌ مُوجِبَ النَّفَقَةِ

- ‌نِكَاحُ التَّفْوِيضِ

- ‌[اخْتِلَاف دِين الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ نِكَاحِهَا

- ‌ شُرُوطِ الْوَلِيِّ

- ‌[الطَّلَاقِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاقَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌ الرَّجْعَةِ

- ‌ الْخُلْعِ

- ‌[أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْإِيلَاءِ]

- ‌[بَابٌ فِي الظِّهَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌ صِفَةُ اللِّعَانِ

- ‌[أَحْكَامٍ اللِّعَان]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَنَفَقَةِ الْمُطَلَّقَة]

- ‌[حُكْم الْإِحْدَادُ]

- ‌[أَحْكَام الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[نَفَقَة الْمُطَلَّقَة]

- ‌[أَحْكَام الرَّضَاعَة]

- ‌[أَحْكَام الْحَضَانَةُ]

- ‌[بَاب النَّفَقَة]

- ‌ بَابٌ فِي الْبُيُوعِ

- ‌[الربا وَأَنْوَاعه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَسَائِلَ مَمْنُوعَةٍ فِي الْبَيْع]

- ‌[خِيَار النَّقِيصَة]

- ‌ خِيَارِ التَّرَوِّي

- ‌ حُكْمِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ

- ‌[تَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَتَأْخِيرِهِ بِزِيَادَةٍ]

- ‌ الزِّيَادَةِ فِي الْقَرْضِ عِنْدَ الْأَجَلِ

- ‌ تَعْجِيلِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ

- ‌[بَيْع الثمر قَبْل بدو صلاحه]

- ‌[مَسَائِل مُتَنَوِّعَة فِي الْبَيْع]

- ‌[السَّلَم وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ مَسَائِلِ بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌ بَيْعِ الْجُزَافِ

- ‌[سَوْم الْإِنْسَان عَلَيَّ سَوْم أخيه]

- ‌[مَا يَنْعَقِد بِهِ الْبَيْع]

- ‌[الْإِجَارَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْجَعَالَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْكِرَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الشَّرِكَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا مِنْ أَحْكَام]

- ‌[أَرْكَان الشَّرِكَة]

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[الْمُزَارَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْجَوَائِحِ

- ‌الْعَرَايَا

- ‌ بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[التَّدْبِير وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الْكِتَابَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَام الْعِتْق وَالْوَلَاء]

- ‌بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ

- ‌[بَاب الْهِبَة وَالصَّدَقَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[مَطْلَبُ فِي الرَّهْنِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَارِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَدِيعَة]

- ‌[أَحْكَام اللُّقَطَة]

- ‌[الْغَصْب وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْمُثْبِتِ لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْحُدُود] [

- ‌[أَحْكَام الْقَسَامَة]

- ‌قَتْلُ الْغِيلَةِ)

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[الدِّيَة فِي النَّفْس]

- ‌ دِيَةَ الْأَعْضَاءِ

- ‌[دِيَة الْجِرَاحَات]

- ‌[عَلَيَّ مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[مِنْ يَقْتُلُونَ وجوبا]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[حَدّ الزِّنَا]

- ‌حَدَّ الْقَذْفِ

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[حَدّ الشُّرْب]

- ‌[كَيْفِيَّة إقَامَة الْحَدّ]

- ‌[حَدّ السَّرِقَة]

- ‌[بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ]

- ‌[الأقضية وَأَحْكَامهَا]

- ‌[أَحْكَام الشَّهَادَات]

- ‌[مَسَائِل فِي الْوَكَالَة]

- ‌[أَحْكَام الصُّلْح]

- ‌ مَسَائِلَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ

- ‌[أَحْكَام الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[أَحْكَام الْوَصِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْحِيَازَةِ]

- ‌[بَاب الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالسَّبَبِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَرِثُ بِالنَّسَبِ

- ‌[مِنْ يحجب الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات الْأَشِقَّاء]

- ‌ حُكْمِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

- ‌ مِيرَاثِ الْجَدَّاتِ

- ‌[مِيرَاث الْجَدّ]

- ‌[مَسْأَلَة المعادة]

- ‌[مَا يَرِثُهُ مَوْلَى النِّعْمَةِ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ]

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمَسْأَلَةِ الْغَرَّاءِ

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَجُمَلٍ مِنْ السُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ الْفِطْرَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ آدَابِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ السَّلَامِ]

- ‌ بَابٌ فِي التَّعَالُجِ]

- ‌ بَابٌ فِي الرُّؤْيَا]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌ باب في البيوع

[36 -‌

‌ بَابٌ فِي الْبُيُوعِ

، وَمَا شَاكَلَ الْبُيُوعَ] (بَابٌ فِي الْبُيُوعِ، وَمَا شَاكَلَ الْبُيُوعَ) أَيْ شَابَهَهَا كَالْإِجَارَةِ، وَالشَّرِكَةِ وَجَمَعَ الْبَيْعَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ، هَذَا بَابُ بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْبُيُوعِ، وَمَا لَا يَجُوزُ وَحَدُّ الْبَيْعِ، نَقْلُ الْمِلْكِ بِعِوَضٍ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: أَوَّلُهَا الْعَاقِدُ وَهُوَ الْبَائِعُ، وَالْمُبْتَاعُ

وَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّمْيِيزُ فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ، وَفِي بَيْعِ السَّكْرَانِ تَرَدُّدٌ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ]

ِ، وَمَا شَاكَلَ الْبُيُوعَ

[قَوْلُهُ: كَالْإِجَارَةِ] الشَّبَهُ ظَاهِرٌ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا عَقْدٌ عَلَى شَيْءٍ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضِ الذَّاتِ فِي الْبَيْعِ الْمَنْفَعَةُ فِي الْإِجَارَةِ، وَقَوْلُهُ: وَالشِّرْكَةِ الشَّبَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بَاعَ بَعْضَ مَالِهِ بِبَعْضِ مَالِ الْآخَرِ. [قَوْلُهُ: وَجَمَعَ الْبَيْعَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ] كَبَيْعِ النَّقْدِ وَبَيْعِ الدَّيْنِ، وَالصَّحِيحِ، وَالْفَاسِدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَشَارَ لَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّأِ، وَيَتَنَوَّعُ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ الْأَعَمِّ إلَى صَرْفٍ وَمُرَاطَلَةٍ وَسَلَمٍ وَهِبَةِ ثَوَابٍ، وَيَتَنَوَّعُ بِاعْتِبَارَيْنِ آخَرَيْنِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَمِنْ حَيْثُ حُكْمُهُ، فَالْأَوَّلُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَالثَّانِي خَمْسَةٌ.

فَالْأَوَّلُ بَيْعُ مُسَاوَمَةٍ وَبَيْعُ مُزَايَدَةٍ وَهُمَا جَائِزَانِ اتِّفَاقًا وَبَيْعُ مُرَابَحَةٍ وَهُوَ جَائِزٌ، وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ وَبَيْعُ اسْتِئْمَانٍ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى جَوَازِهِ. وَالثَّانِي خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: الْإِبَاحَةُ وَهِيَ الْأَصْلُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْوُجُوبُ كَمَنْ اُضْطُرَّ لِشِرَاءِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ، وَالنَّدْبُ كَمَنْ أَقْسَمَ عَلَى إنْسَانٍ أَنْ يَبِيعَ لَهُ سِلْعَةً لَا ضَرُورَةَ عَلَيْهِ فِي بَيْعِهَا؛ لِأَنَّ إبْرَارَ الْقَسَمِ مَنْدُوبٌ فِي مِثْلِ هَذَا، وَالْكَرَاهَةُ كَبَيْعِ الْهِرِّ أَوْ السَّبُعِ لَا لِأَخْذِ جِلْدِهِ، وَالتَّحْرِيمُ كَالْبَيْعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ [قَوْلُهُ: نَقْلُ الْمِلْكِ بِعِوَضٍ إلَخْ] هَذَا التَّعْرِيفُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَالْمُرَادُ بِالْمِلْكِ مِلْكُ الذَّاتِ وَقَدْ عَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، بِقَوْلِهِ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ فَيَخْرُجُ الْعَقْدُ عَلَى الْمَنَافِعِ، وَالنِّكَاحُ يُدْخِلُ هِبَةَ الثَّوَابِ، وَالصَّرْفِ، وَالْمُرَاطَلَةِ، وَالسَّلَمِ.

وَلِذَلِكَ قَالَ: وَالْغَالِبُ عُرْفًا أَخُصُّ مِنْهُ بِزِيَادَةِ ذُو مُكَايَسَةٍ أَحَدَ عِوَضَيْهِ غَيْرَ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ مُعَيِّنٌ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ فَتَخْرُجُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ الدَّاخِلَةُ فِي الْأَعَمِّ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِلثَّوَابِ لَا مُكَايَسَةَ فِيهَا أَيْ لَا مُغَالَبَةَ، وَالصَّرْفُ، وَالْمُرَاطَلَةُ، وَالْمُبَادَلَةُ الْعِوَضَانِ فِيهَا مِنْ الْعَيْنِ، وَالسَّلَمُ الْمُعَيَّنُ فِي الْعَيْنِ وَهِيَ رَأْسُ الْمَالِ وَأَمَّا غَيْرُ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ، فَإِنَّهُ فِي الذِّمَّةِ وَمَعْنَى كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ مُعَيَّنًا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ. وَتَعْبِيرُ ابْنِ عَرَفَةَ بِالْعَيْنِ فِي رَأْسِ الْمَالِ أَغْلَبِيٌّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا أَوْ عَرْضًا [قَوْلُهُ: بِوَجْهٍ جَائِزٍ] قَالَ بَعْضُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفَاسِدَ لَا يُقَالُ فِيهِ بَيْعٌ إلَّا عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ، وَإِلَّا فَمَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْبَيْعَ يُطْلَقُ عَلَى الْفَاسِدِ أَيْضًا وَذَكَرَ بَعْضٌ آخَرُ فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ أَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْصَدَ فِي تَعْرِيفِهَا إلَّا مَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ وَمَعْرِفَتُهُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِمَعْرِفَةِ الْفَاسِدِ أَوْ أَكْثَرِ الْفَاسِدِ

[قَوْلُهُ: التَّمْيِيزُ] هُوَ أَنَّهُ إذَا كُلِّمَ بِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ فَهِمَهُ وَأَحْسَنَ الْجَوَابَ عَنْهُ [قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لَصِبًا، أَوْ جُنُونٍ] أَيْ أَوْ إغْمَاءٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا [قَوْلُهُ: وَفِي بَيْعِ السَّكْرَانِ تَرَدُّدٌ] أَيْ طَرِيقَتَانِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ أَنَّ بَيْعَهُ وَشِرَاءَهُ لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا أَيْ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا، وَطَرِيقَةُ ابْنِ شَعْبَانَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهَذَا فِي السَّكْرَانِ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَمْيِيزٌ أَصْلًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ عِنْدَهُ نَوْعٌ مِنْ التَّمْيِيزِ فَلَا خِلَافَ فِي انْعِقَادِ بَيْعِهِ، وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ السَّكْرَانِ أَوْ لَمْ يَلْزَمْ كَإِقْرَارِهِ وَسَائِرِ عُقُودِهِ، بِخِلَافِ جِنَايَاتِهِ وَعِتْقِهِ وَطَلَاقِهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّا لَوْ فَتَحْنَا

ص: 137

وَالتَّكْلِيفُ وَهُوَ شَرْطٌ فِي لُزُومِ الْبَيْعِ دُونَ الِانْعِقَادِ، وَالْإِسْلَامُ وَهُوَ شَرْطٌ فِي شِرَاءِ الْمُصْحَفِ، وَالْعَبْدُ الْمُسْلِمُ الثَّانِي الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا، مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا لِلْمُتَبَايِعَيْنِ غَيْرَ مَنْهِيٍّ

ــ

[حاشية العدوي]

هَذَا الْبَابَ مَعَ شِدَّةِ حِرْصِ النَّاسِ عَلَى أَخْذِ مَا بِيَدِهِ. وَكَثْرَةِ وُقُوعِ الْبَيْعِ مِنْهُ، لَأَدَّى إلَى أَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ طَلَاقِهِ وَقَتْلِهِ وَإِتْلَافِهِ وَعِتْقِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ، فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نُلْزِمْهُ ذَلِكَ لَتَسَاكَرَ النَّاسُ لِيُتْلِفُوا أَمْوَالَ غَيْرِهِمْ وَيَسْتَبِيحُوا دِمَاءَهُمْ.

وَالْمُرَادُ السُّكْرُ الْحَرَامُ وَإِلَّا فَكَالْمَجْنُونِ [قَوْلُهُ: وَالتَّكْلِيفُ] أَيْ الرُّشْدُ، وَالطَّوْعُ فَلَا يَلْزَمُ بَيْعُ الصَّبِيِّ وَلَا السَّفِيهِ وَلَا الْمُكْرَهِ إكْرَاهًا حَرَامًا، وَإِنْ لَزِمَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ رَشِيدًا فَمَنْ أُجْبِرَ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى سَبَبِهِ وَهُوَ طَلَبُ مَالٍ ظُلْمًا فَبَاعَ شَيْئًا لِوَفَائِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ، وَإِذَا قَدَرَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي عَلَى خَلَاصِ شَيْئِهِ الَّذِي بَاعَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ بِلَا غُرْمِ ثَمَنٍ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الظَّالِمِ أَوْ وَكِيلِهِ هَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الظَّالِمَ أَوْ وَكِيلَهُ قَبَضَهُ مِنْ الْمَظْلُومِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ جَهِلَ، هَلْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلظَّالِمِ أَوْ لِوَكِيلِهِ أَوْ لِرَبِّ الْمَتَاعِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ دَفَعَهُ لِلظَّالِمِ أَوْ بَقِيَ عِنْدَهُ أَوْ صَرَفَهُ فِي مَصَالِحِهِ أَمْ لَا، وَكَذَا إنْ عُلِمَ بَقَاؤُهُ عِنْدَهُ أَيْ الْمَظْلُومِ وَتَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَرَفَهُ فِي مَصْلَحَتِهِ أَوْ لَمْ يَتْلَفْ أَوْ أَتْلَفَهُ عَمْدًا لَرَجَعَ عَلَيْهِ بِهِ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِأَنَّ بَائِعَهُ مُكْرَهٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَذَا إذَا كَانَ شَيْءُ الْمُكْرَهِ وَهُوَ الَّذِي بَاعَهُ قَائِمًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا إنْ فَاتَ بِيَدِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي فَيَرُدُّ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَلَوْ أُجْبِرَ عَلَى الْبَيْعِ دُونَ الْمَالِ فَيُرَدُّ إلَيْهِ بِالثَّمَنِ، إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ وَهَلْ يُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى التَّلَفَ كَالْمُودِعِ أَوْ لَا خِلَافَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ.

وَاحْتَرَزْنَا بِالْإِكْرَاهِ الْحَرَامِ مِنْ الْجَبْرِ الشَّرْعِيِّ، كَجَبْرِ الْقَاضِي الْمِدْيَانَ عَلَى الْبَيْعِ لِوَفَاءِ الْغُرَمَاءِ أَوْ الْمُنْفِقَ لِلنَّفَقَةِ، وَالْخَرَاجُ الْحَقُّ فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ جَائِزٌ لَازِمٌ جَائِزٌ شِرَاؤُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا فَيُلْجَأُ إلَى بَيْعِ مَا يَتْرُكُ لِلْمُفْلِسِ فَكَالْإِكْرَاهِ الظُّلْمُ. تَنْبِيهٌ:

لَا فَرْقَ فِي بَيْعِ الْمَظْلُومِ مَتَاعَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَهُ قَرِيبُهُ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ أَمَّا لَوْ بَاعَ قَرِيبُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ مَالَ أَنْفُسِهِمَا لِيُخَلِّصَهُ، وَلَوْ مِنْ الْعَذَابِ، فَلَيْسَ بِبَيْعِ مَضْغُوطٍ إلَّا الْوَالِدَيْنِ إذَا عُذِّبَ وَلَدُهُمَا فَبَاعَا أَوْ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِمَا فَإِنَّهُ إكْرَاهٌ [قَوْلُهُ: وَالْإِسْلَامُ وَهُوَ شَرْطٌ فِي شِرَاءِ الْمُصْحَفِ إلَخْ] أَيْ فِي الْجَوَازِ وَدَوَامِ الْمِلْكِ مَعَ الصِّحَّةِ يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ أَنْ يَبِيعَ لِلْكَافِرِ مُسْلِمًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ مُصْحَفًا أَوْ جُزْأَهُ مَعَ الصِّحَّةِ، وَلَكِنْ يُجْبَرُ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ عَلَى إخْرَاجِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ مِلْكِهِ، إمَّا بِبَيْعٍ أَوْ بِعِتْقٍ نَاجِزٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا بَانَ عَنْهُ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ إنْ رَضِيَ بِحُكْمِنَا [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا] أَيْ طَهَارَةً أَصْلِيَّةً لَا كَزِبْلٍ وَزَيْتٍ تَنَجَّسَ وَأَمَّا مَا كَانَ طَاهِرًا طَهَارَةً أَصْلِيَّةً وَعَرَضَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ يُمْكِنُ إزَالَتُهَا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ، لَكِنْ يَجِبُ تَبَنِّيهِ عِنْدَ الْبَيْعِ كَانَ الْغُسْلُ يُفْسِدُهُ أَوْ يُنْقِصُهُ أَوْ لَا كَانَ الْمُشْتَرِي يُصَلِّي أَمْ لَا [قَوْلُهُ: مُنْتَفَعًا بِهِ] ، وَلَوْ يَسِيرًا كَالتُّرَابِ أَوْ مُتَرَقِّبًا كَالْمِهَارِ الصِّغَارِ.

وَالْمُرَادُ الِانْتِفَاعُ الشَّرْعِيُّ فَيُخْرِجُ آلَاتِ اللَّهْوِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، كَمَا لَا يُبَاعُ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ إذَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ وَأَمَّا مُبَاحُ الْأَكْلِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَوْ أَشْرَفَ لِإِمْكَانِ ذَكَاتِهِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُشْرِفْ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَوْ مُحَرَّمًا، وَمَا أُخِذَ فِي السِّيَاقِ فَيَحْرُمُ بَيْعُهُ، وَلَوْ مَأْكُولًا [قَوْلُهُ: مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ] فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَآبِقٍ فَبَيْعُهُ فِي إبَاقِهِ فَاسِدٌ وَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ وَيُفْسَخُ، وَإِنْ قُبِضَ، وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ الْمُهْمَلَةُ، وَكَذَا الْمَغْصُوبُ إذَا بِيعَ لِغَيْرِ غَاصِبِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ مُمْتَنِعًا مِنْ دَفْعِهِ، وَلَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ مُقِرًّا أَوْ غَيْرَ مُقِرٍّ أَوْ كَانَ غَاصِبُهُ مُنْكِرًا أَوْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءُ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ، وَالْمَشْهُورُ مَنْعُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِغَاصِبِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْغَاصِبَ عَزَمَ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ [قَوْلُهُ: مَعْلُومًا لِلْمُتَبَايِعَيْنِ] أَيْ وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَجَهْلُ أَحَدِهِمَا كَجَهْلِهِمَا هَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْخِيَارِ فَيَجُوزُ، وَلَوْ مَعَ جَهْلِ الْمُشْتَرِي، وَالْجَهْلُ إنْ

ص: 138