الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِذَلِكَ صُورَتُهُ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ السِّلَعِ وَيَبْقَى بَعْضُهَا وَيَكُونَ فِيهَا رَأْسُ الْمَالِ فَيَقُولُ لَهُ: نَقْتَسِمُ هَذَا الَّذِي نَضَّ فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَهْلَكُ السِّلْعَةُ الْبَاقِيَةُ، وَهَذَا آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى شِرْكَةِ الْمُضَارَبَةِ.
ــ
[حاشية العدوي]
خَمْسُونَ دِينَارًا إمَّا عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ صَدَقَاتِ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فَيَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُخَالِفُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي الْكِسْوَةِ شُرُوطَ الْإِنْفَاقِ كُلِّهَا وَيُزَادُ عَلَيْهَا الْبُعْدُ بِمَعْنَى طُولِ الزَّمَنِ بِحَيْثُ يُحْتَاجُ فِيهِ لِلْكِسْوَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ الْمَكَانُ الَّذِي هُوَ بِهِ [قَوْلُهُ: حَتَّى يَنِضَّ] بِكَسْرِ النُّونِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَضَّ يَنِضُّ إذَا صَارَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً.
قَالَ عج: وَكَسْرُ النُّونِ هُوَ مُقْتَضَى مَا فِي لَامِيَّةِ الْأَفْعَالِ، وَالصِّحَاحِ. [قَوْلُهُ: وَيَكُونُ فِيهَا رَأْسُ الْمَالِ] فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَأْسُ مَالٍ فَهُوَ أَوْلَى فِي الْمَنْعِ [قَوْلُهُ: فَيَقُولُ لَهُ نَقْتَسِمُ هَذَا الَّذِي نَضَّ] أَيْ، وَالسِّلَعُ بَاقِيَةٌ عَلَى الْقِرَاضِ قَالَ فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي عَقِبَ قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ قَدْ تَهْلِكُ السِّلْعَةُ أَوْ يَتَحَوَّلُ سُوقُهَا فَيُنْقَضُ رَأْسُ الْمَالِ مِنْهَا، وَيَجُوزُ أَيْ يَأْخُذُ السِّلْعَةَ فِي رَأْسِ الْمَالِ بِقِيمَتِهَا اهـ. زَادَ عج: وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَقْتَسِمَا السِّلَعَ كُلَّهَا بِقِيمَتِهَا اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ مَا نَضَّ إذَا قُدِّرَ رَأْسُ الْمَالِ، وَمَا بَقِيَ مِنْ السِّلَعِ رِبْحًا أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى الْقِرَاضِ أَوْ الْمُفَاصَلَةِ، أَوْ جَعَلَ مَا نَضَّ رِبْحًا، وَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ بَقِيَّةَ السِّلَعِ فِي رَأْسِ مَالِهِ وَيَنْفَصِلَانِ أَوْ يَقْتَسِمَانِ جَمِيعَ السِّلَعِ بِأَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْمَالِ جُمْلَةً مِنْهَا فِي رَأْسِ مَالِهِ وَيَجْعَلَا مَا بَقِيَ مِنْهَا رِبْحًا يَقْتَسِمَانِهِ وَيَنْفَصِلَا جَازَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ، وَمِثْلُ صُورَةِ الشَّارِحِ فِي الْمَنْعِ مَا إذَا جَعَلَا جُمْلَةً مِنْهَا فِي مُقَابَلَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَبَقِيَّةَ السِّلَعِ رِبْحًا يَقْتَسِمَانِهِ مَعَ الْبَقَاءِ عَلَى الْقِرَاضِ.
تَنْبِيهٌ:
لَوْ نَضَّ الْمَالُ وَتَمَّ عَمَلُ الْقِرَاضِ فَإِنْ كَانَ بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْرِيكُهُ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَلَهُ تَحْرِيكُهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْعَامِلِ أَيْ مَعَ يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا فِي تَلَفِهِ الْمَالَ وَخُسْرِهِ وَضَيَاعِهِ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ التُّجَّارُ، وَكَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ لِرَبِّهِ بِيَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى رَدِّهِ، وَإِذَا حَصَلَ فِي رَأْسِ الْمَالِ خُسْرٌ وَحَصَلَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ رِبْحٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ جَبْرُ الْخُسْرِ بِالرِّبْحِ، وَلَوْ شَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ خِلَافَ ذَلِكَ مَا دَامَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِ الْعَامِلِ لَا إنْ قَبَضَهُ رَبُّهُ بَعْدَ الْخُسْرِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ قِرَاضًا مُؤْتَنَفًا.
[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسَاقَاةِ] مُشْتَقَّةٌ مِنْ السَّقْيِ؛ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ عَمَلِهَا. [قَوْلُهُ: لِتَقَارُبِهِمَا] أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِي كُلِّ الْإِجَارَةِ بِجُزْءٍ مَجْهُولٍ.
[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]
ثُمَّ عَقَّبَهَا بِالْكَلَامِ عَلَى الْمُسَاقَاةِ لِتَقَارُبِهِمَا فَقَالَ: (وَالْمُسَاقَاةُ) مِنْ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ الْوَاحِدِ وَهُوَ قَلِيلٌ نَحْوَ سَافَرَ وَعَافَاهُ اللَّهُ، وَمَعْنَاهَا اصْطِلَاحًا أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ كَرْمَهُ أَوْ حَائِطَ نَخْلِهِ مَثَلًا لِمَنْ يَكْفِيهِ الْقِيَامَ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ السَّقْيِ وَالْعَمَلِ عَلَى أَنَّ مَا أَطْعَمَ اللَّهُ مِنْ ثَمَرِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الثَّمَرَةِ وَحُكْمُهَا أَنَّهَا (جَائِزَةٌ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى شَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ» وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْمُخَابَرَةِ وَهِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَالْإِجَارَةِ بِهَا قَبْلَ طِيبِهَا وَقَبْلَ وُجُودِهَا، وَمِنْ الْإِجَارَةِ بِالْمَجْهُولِ
وَلَهَا شُرُوطٌ مِنْهَا الْعَاقِدَانِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ الْإِجَارَةِ، وَمِنْهَا أَنْ
ــ
[حاشية العدوي]
بَابُ الْمُسَاقَاةِ
[قَوْلُهُ: مِنْ الْمُفَاعَلَةِ] أَيْ مِنْ صِيَغِ الْمُفَاعَلَةِ.
وَقَوْلُهُ: الَّتِي تَكُونُ مِنْ الْوَاحِدِ، ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا بِحَسَبِ اصْطِلَاحِ اللُّغَةِ كَمَا هُوَ بِحَسَبِ اصْطِلَاحِ الشَّرْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الصِّحَاحِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ قَلِيلٌ] أَوْ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمُتَعَلَّقِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْمُسَاقَاةُ عَنْ الْمُتَعَلِّقِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَلَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ [قَوْلُهُ: وَعَافَاهُ اللَّهُ] أَيْ مِنْ الْمُعَافَاةِ وَهِيَ مِنْ اللَّهِ وَحْدَهُ [قَوْلُهُ: وَمَعْنَاهَا اصْطِلَاحًا إلَخْ] .
مُفَادُهُ أَنَّ كَوْنَهَا مِنْ صِيَغِ الْمُفَاعَلَةِ هُوَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَالْمُسَاقَاةُ أَنْ يُعْمِلَ رَجُلٌ رَجُلًا فِي نَخِيلٍ أَوْ كُرُومٍ لِيَقُومَ بِإِصْلَاحِهَا عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ سَهْمٌ مَعْلُومٌ مِمَّا يَفْعَلُهُ [قَوْلُهُ: كَرْمَهُ] وِزَانُ فَلْسٍ الْعِنَبُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ حَائِطُ كَرْمِهِ لِمُنَاسَبَةِ الْمَعْطُوفِ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ [قَوْلُهُ: بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ] أَيْ بِمَا يَحْتَاجُ الْكَرْمُ أَوْ الْحَائِطُ [قَوْلُهُ: وَالْعَمَلِ] عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ، وَنُكْتَةُ ذِكْرِ الْخَاصِّ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ الِاكْتِفَاءُ بِالْعَامِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مُعْظَمَ عَمَلِهَا السَّقْيُ أَيْ وَالْبَعْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُسْقَى إلَّا أَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الْمُؤَنِ يَقُومُ مَقَامَ السَّقْيِ [قَوْلُهُ: نِصْفَيْنِ] خَصَّهُ بِالذِّكْرِ وَإِنْ أَمْكَنَ دُخُولُهُ فِي قَوْلِهِ: أَوْ عَلَى جُزْءٍ إلَخْ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ فِي قِصَّةِ خَيْبَرَ [قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الثَّمَرَةِ] أَيْ كَثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ، وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ عَدَمُ شُمُولِ مُسَاقَاتِهِ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا لِلْعَامِلِ مَعَ أَنَّهَا مُسَاقَاةٌ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالْمُسَاقَاةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ ثَمَرَةٍ لِلْعَامِلِ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا أَنَّهَا جَائِزَةٌ] أَيْ فَالْحُكْمُ ثُبُوتُ الْجَوَازِ وَلَوْ أَبْقَى الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكَانَ الْمُفَادُ أَنَّ حُكْمَهَا الْجَوَازُ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْجَوَازَ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتُهُ.
[قَوْلُهُ: أَهْلَ خَيْبَرَ] مَدِينَةٌ كَبِيرَةٌ ذَاتُ حُصُونٍ وَمَزَارِعَ وَنَخْلٍ كَثِيرٍ عَلَى ثَمَانِيَةِ بُرُدٍ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى جِهَةِ الشَّامِ عَلَى شَطْرٍ أَيْ نِصْفٍ.
[قَوْلُهُ: مِنْهَا] أَيْ مِنْ أَرْضِهَا بِوَاسِطَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ مِنْ ثَمَرٍ [قَوْلُهُ: الْمُخَابَرَةِ] مَأْخُوذَةٌ مِنْ خَبَرْتُ الْأَرْضَ شَقَقْتهَا لِلزِّرَاعَةِ أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ [قَوْلُهُ: وَهِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا] بَحْثٌ فِيهِ بِأَنَّ الْأَرْضَ غَيْرُ مُكْتَرَاةٍ فِي الْمُسَاقَاةِ إنَّمَا الْمُكْتَرَى الْعَامِلُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَتَأَتَّى فِي بَعْضِ صُوَرِهَا كَالْبَيَاضِ الْمُشْتَرَطِ عَلَى الْعَامِلِ زَرْعُهُ فَإِنَّ مِنْ شَرْطِهِ كَوْنُ الْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا [قَوْلُهُ: وَمِنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ] أَيْ بَاعَهَا بِمَنَافِعِ الْعَامِلِ [قَوْلُهُ: وَالْإِجَارَةِ بِهَا] أَيْ أَجْرُ الْعَامِلِ نَفْسِهِ بِهَا قَبْلَ طِيبِهَا بَلْ قَبْلَ وُجُودِهَا قَبْلَهُ [قَوْلُهُ: وَقَبْلَ وُجُودِهَا] أَيْ أَوْ قَبْلَ وُجُودِهَا
[قَوْلُهُ: مِنْهَا الْعَاقِدَانِ] فِيهِ تَسَامُحٌ إذْ
تَكُونَ بِلَفْظِ سَاقَيْت فَلَا تَنْعَقِدُ بِ عَامَلْتُكَ وَنَحْوِهِ، وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ فِي الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ الَّتِي تُجْنَى ثِمَارُهَا وَيَبْقَى أَصْلُهَا كَالنَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(فِي الْأُصُولِ) وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ قَبْلَ طِيبِ الثَّمَرَةِ وَقَبْلَ جَوَازِ بَيْعِهَا لِأَنَّهُ إذَا جَازَ بَيْعُهَا لَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ لِلْمُسَاقَاةِ، وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَأَقَلُّهُ إلَى الْجِذَاذِ وَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَيْهِ.
وَمِنْهَا أَنْ يُسَاقَى عَلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مَعْلُومٍ سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا كَالثُّلُثَيْنِ أَوْ قَلِيلًا كَالرُّبْعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (عَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْزَاءِ) وَاحْتَرَزْنَا بِالْمَشَاعِ مِنْ الْمُسَاقَاةِ عَلَى آصُعٍ أَوْ أَوْسُقٍ مَعْدُودَةٍ، وَبِالْمَعْلُومِ مِنْ الْمُسَاقَاةِ عَلَى جُزْءٍ مَجْهُولٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثُلُثًا أَوْ نِصْفًا أَوْ نَحْوَهُ (وَ) مِنْهَا أَنْ يَكُونَ (الْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَى الْمُسَاقَى) بِفَتْحِ الْقَافِ وَهُوَ الْعَامِلُ وَالْعَمَلُ الْقِيَامُ بِمَا تَفْتَقِرُ إلَيْهِ الثَّمَرَةُ مِنْ السَّقْيِ وَالْإِبَّارِ وَالتَّنْقِيَةِ وَالْجِذَاذِ وَإِقَامَةِ الْأَدَوَاتِ مِنْ الدِّلَاءِ وَالْمَسَاحِي وَالْأُجَرَاءِ
ــ
[حاشية العدوي]
لَيْسَ الْعَاقِدَانِ مِنْ الشُّرُوطِ بَلْ رُكْنَانِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ الشَّيْءِ [قَوْلُهُ: أَهْلِيَّةُ الْإِجَارَةِ] أَيْ صِحَّةً وَلُزُومًا [قَوْلُهُ: فَلَا تَنْعَقِدُ بِ عَامَلْتُكَ] أَيْ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَّا فَسَحْنُونٌ يَقُولُ بِانْعِقَادِهَا بِ عَامَلْتُكَ.
قَالَ جَمْعٌ مِنْ الشُّيُوخِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظِ السَّقْيِ كَقَوْلِهِ: سَاقَيْت أَوْ أَنَا مُسَاقِيك أَوْ أَعْطَيْتُك حَائِطِي مُسَاقَاةً، وَالرَّاجِحُ كَمَا قُلْنَا قَوْلُ سَحْنُونَ إنَّهُ يَنْعَقِدُ بِ عَامَلْتُكَ وَيَكْفِي فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ رَضِيت أَوْ قَبِلْت أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ كَمَا لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كِفَايَةِ الْمُعَاطَاةِ فِيهَا صِحَّتُهَا بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ [قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ فِي الْأُصُولِ إلَخْ] ظَاهِرُهُ عَدَمُ جَوَازِهَا فِي غَيْرِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَصِحُّ فِي الزَّرْعِ كَالْقَصَبِ وَالْبَصَلِ وَالْمَقَاثِئِ بِشُرُوطٍ، أَحَدُهَا: عَجْزُ رَبِّ الزَّرْعِ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ.
ثَانِيهَا: أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ بِتَرْكِ السَّقْيِ.
ثَالِثُهَا: أَنْ يَبْرُزَ مِنْ الْأَرْضِ.
رَابِعُهَا: أَنْ لَا يَبْدُوَ صَلَاحُهُ.
وَوَقَعَ خِلَافٌ فِي نَحْوِ الْقُطْنِ وَالْوَرْدِ مِمَّا تُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَيَبْقَى فِي الْأَرْضِ أَصْلُهُ فَبَعْضُهُمْ أَلْحَقَهُ بِالشَّجَرِ وَبَعْضُهُمْ بِالزَّرْعِ فَيَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ بِالشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الزَّرْعِ.
[قَوْلُهُ: وَقَبْلَ جَوَازِ إلَخْ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تَبْلُغَ حَدَّ الْإِثْمَارِ فِي عَامِهِ كَانَ فِيهِ حَمْلٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا وَأَنْ لَا يَخْلُفَ الْأَصْلُ كَالْبَقْلِ وَالْقَصَبِ وَلَا ثَمَرُهُ كَالْمَوْزِ، أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ مَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِثْمَارِ أَوْ مَا يَخْلُفُ تَبَعًا وَإِلَّا جَازَ، وَالتَّبَعِيَّةُ أَنْ يَكُونَ التَّابِعُ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ [قَوْلُهُ: وَإِنْ أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَيْهِ] أَيْ عَلَى الْجِذَاذِ وَإِذَا كَانَ يَتَكَرَّرُ فِي الْعَامِ فَيُحْمَلُ انْتِهَاؤُهَا عَلَى الْجِذَاذِ الْأَوَّلِ إنْ تَمَيَّزَتْ الْبُطُونُ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ثَانٍ، وَأَمَّا مَا يُطْعِمُ بُطُونًا وَلَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ إلَّا تَبَعًا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّوْقِيتُ لَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا إذَا أُقِّتَتْ لَا تُؤَقَّتُ إلَّا بِالْجِذَاذِ أَيْ أَوْ بِالشُّهُورِ الْعَجَمِيَّةِ لِأَنَّ كُلَّ ثَمَرَةٍ تُجَذُّ فِي وَقْتِهَا لَا بِالشُّهُورِ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّهَا تَدُورُ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّوْقِيتِ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَقَّتْ لَا يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْجِذَاذِ وَظَهَرَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ مُحْتَرَزَ أَقَلِّهِ الشَّهْرُ الْعَجَمِيُّ وَالْأَوْلَى حَذْفُ إلَى، وَيَكُونُ وَأَقَلُّهُ أَيْ الْأَجَلِ الْمَعْلُومِ الْجِذَاذُ [قَوْلُهُ: عَلَى آصُعٍ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْآصُعَ أَوْ الْأَوْسُقَ شَائِعَةٌ.
فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا سَاقَاهُ عَلَى رُبْعٍ مِنْ نَخَلَاتٍ مُعَيَّنَةٍ [قَوْلُهُ: عَلَى جُزْءٍ مَجْهُولٍ] أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: أُعْطِيك جُزْءًا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ عِنْدَ النَّاسِ، وَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ مُشْتَمِلًا عَلَى أَصْنَافِ أَوْ أَنْوَاعِ الثِّمَارِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي جَمِيعِهَا مُتَّفِقًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ شَائِعًا فِي جَمِيعِ الْحَائِطِ احْتَرَزَ عَمَّا شَاعَ فِي نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْحَائِطِ إمَّا بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِالْوَصْفِ فَتَدْخُلُ مُسَاقَاةُ الْحَائِطِ الْغَائِبِ إنْ وُصِفَ حَيْثُ كَانَ يَصِلُ إلَيْهِ قَبْلَ كَمَالِ طِيبِهِ [قَوْلُهُ: وَالْعَمَلُ الْقِيَامُ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْعَمَلَ نَفْسُ السَّقْيِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَفِي الْعِبَارَةِ تَسَمُّحٌ
[قَوْلُهُ: بِمَا تَفْتَقِرُ إلَيْهِ الثَّمَرَةُ] أَيْ عُرْفًا مِمَّا ذَكَرَ وَلَا يَلْزَمُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ [قَوْلُهُ: وَالتَّنْقِيَةِ] أَيْ تَنْقِيَةُ مَنَافِعِ الشَّجَرِ [قَوْلُهُ: الْأَدَوَاتِ] جَمْعُ أَدَاةٍ أَيْ الْآلَةِ [قَوْلُهُ: وَالْأُجَرَاءِ وَالدَّوَابِّ] مَعْطُوفَانِ عَلَى الدِّلَاءِ وَالْمَسَاحِي أَيْ عَلَيْهِ الْأُجَرَاءُ وَالدَّوَابُّ
وَالدَّوَابِّ وَنَفَقَتِهِمْ لِأَنَّ الْعِوَضَ إنَّمَا هُوَ الْعَمَلُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلَّهُ عَلَى الْعَامِلِ (وَ) مِنْهَا أَنَّ رَبَّ الْحَائِطِ (لَا يَشْتَرِطُ) بِمَعْنَى لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُسَاقَى (عَمَلًا) آخَرَ (غَيْرَ عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ) مِثْلَ أَنْ يُسَاقِيَهُ، وَيَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ لَهُ ثَوْبًا أَوْ يَطْحَنَ لَهُ إرْدَبًّا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالثَّمَرَةِ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ أُصُولٍ مَمْنُوعَةٍ جُوِّزَتْ لِلضَّرُورَةِ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ الْوُرُودِ
(وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ (عَمَلَ شَيْءٍ يُنْشِئُهُ) أَيْ يُحْدِثُهُ (فِي الْحَائِطِ إلَّا مَا) أَيْ شَيْئًا (لَا بَالَ) أَيْ لَا خَطَرَ (لَهُ) لِقِلَّتِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَيْهِ (مِنْ سَدِّ الْحَظِيرَةِ) بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُشَالَةِ (وَ) مِنْ (إصْلَاحِ الضَّفِيرَةِ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ غَيْرِ الْمُشَالَةِ، أَمَّا الْحَظِيرَةُ فَهِيَ الْحَائِطُ الْمُحِيطَةُ بِالْبُسْتَانِ (وَشَدِّ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ تَرْمِيمُ بِنَائِهَا وَالْعِيدَانَ الَّتِي تُجْعَلُ بِأَعْلَاهَا مِنْ شَوْكٍ وَجَرِيدٍ يَمْنَعُ التَّسَوُّرَ عَلَيْهَا.
(وَ) أَمَّا الضَّفِيرَةُ فَ (هِيَ مُجْتَمَعُ الْمَاءِ) ثُمَّ يُفَرَّغُ كَالصِّهْرِيجِ، وَأَمَّا بِنَاؤُهَا مِنْ أَصْلِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْشِئَ بِنَاءَهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَبْقَى بَعْدَ الثَّمَرَةِ (وَالتَّذْكِيرُ) أَيْ التَّلْقِيحُ (عَلَى الْعَامِلِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ عَلَيْهِ شِرَاءَ مَا يُلَقِّحُ بِهِ وَتَعْلِيقَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي قَوْلِ: (وَتَنْقِيَةُ مَنَاقِعِ الشَّجَرِ) جَمْعُ مَنْقَعٍ بِفَتْحِ الْقَافِ مَوْضِعٌ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ (وَإِصْلَاحُ مَسْقَطِ الْمَاءِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا مَوْضِعُ السُّقُوطِ (مِنْ الْغَرْبِ) وَهُوَ الدَّلْوُ
ــ
[حاشية العدوي]
إنْ لَمْ يَكُونَا فِي الْحَائِطِ [قَوْلُهُ: وَنَفَقَتِهِمْ] أَيْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّوَابِّ وَالْأُجَرَاءِ الَّذِينَ أُمِرَ بِالْإِتْيَانِ بِهِمْ، بَلْ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى مَا كَانَ فِي الْحَائِطِ مِنْ دَوَابَّ وَأُجَرَاءَ لِرَبِّ الْحَائِطِ، وَيُلْغَزُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيُقَالُ: رَجُلٌ لَهُ رَقِيقٌ وَدَوَابُّ لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ شَرِكَةٌ وَنَفَقَتُهُمْ وَكِسْوَتُهُمْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ نَعَمْ لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ إلَّا أُجْرَةُ مَا اسْتَأْجَرَهُ هُوَ، وَأَمَّا مَا كَانَ فِي الْحَائِطِ عِنْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ فَأُجْرَتُهُ عَلَى رَبِّهِ.
وَكَذَا لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ أَنْ يُخْلِفَ مَا مَاتَ أَوْ مَرِضَ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ الَّتِي فِي الْحَائِطِ يَوْمَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ، وَخَلَفُ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ [قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِوَضَ] أَيْ عِوَضَ الثَّمَرَةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْعَامِلُ [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى لَا يَجُوزُ لَهُ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْمَعْنَى وَمِنْ شُرُوطِ الْمُسَاقَاةِ عَدَمُ جَوَازِ اشْتِرَاطِ عَمَلٍ آخَرَ إلَخْ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِجَعْلِهِ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يُحْذَفَ قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ فَتَدَبَّرْ
[قَوْلُهُ: عَمَلًا آخَرَ غَيْرَ عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ] أَيْ مِمَّا كَانَ خَارِجًا عَنْ الْحَائِطِ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَالٌ أَمْ لَا [قَوْلُهُ: أَنْ يَبِيعَ لَهُ ثَوْبًا] أَيْ يَكُونُ سِمْسَارًا فِي بَيْعِهِ [قَوْلُهُ: مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ أُصُولٍ مَمْنُوعَةٍ] كُلُّ وَاحِدٍ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ الْأَوَّلُ: الْإِجَارَةُ بِالْمَجْهُولِ.
الثَّانِي: كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا.
الثَّالِثُ: بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بَلْ قَبْلَ وُجُودِهَا.
الرَّابِعُ: الْغَرَرُ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَدْرِي أَتَسْلَمُ الثَّمَرَةُ أَمْ لَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ سَلَامَتِهَا لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ مِقْدَارُهَا [قَوْلُهُ: أَيْ يُحْدِثُهُ] أَيْ كَحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ إنْشَاءِ عَيْنٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَهُ بَالٌ [قَوْلُهُ: لَا خَطَرَ لَهُ] أَيْ لَا قَدْرَ لَهُ [قَوْلُهُ: الْمُشَالَةِ] أَيْ الْمُرْتَفِعَةِ [قَوْلُهُ: وَسَدِّ إلَخْ] ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ عَلَيْهِمَا، وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الْمَعْنَى يَخْتَلِفُ فَالْمَعْنَى عَلَى السِّينِ الْمُهْمَلَةِ سَدُّ الْفُرْجَةِ الْكَائِنَةِ فِي ذَاتِ الْحُفَيْرَةِ، وَعَلَى الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ إصْلَاحُ الْحُفَيْرَةِ بِالْأَحْبُلِ وَنَحْوَهَا مِمَّا يَمْسِكُ الْحَظِيرَةَ مِنْ الْحَظْرِ وَهُوَ الْمَنْعُ [قَوْلُهُ: تَرْمِيمُ بِنَائِهَا] أَيْ سَدُّ الْخَلَلِ الَّذِي فِي الْحَائِطِ، وَأَمَّا أَصْلُ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: وَالْعِيدَانِ] عَطْفٌ عَلَى تَرْمِيمٍ، أَيْ وَجَعْلُ الْعِيدَانِ وَقَوْلُهُ: يَمْنَعُ أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الشَّوْكِ وَالْجَرِيدِ.
وَقَوْلُهُ: التَّسَوُّرَ أَيْ الِاسْتِعْلَاءَ عَلَيْهَا [قَوْلُهُ: مُجْتَمَعُ الْمَاءِ] أَيْ مَوْضِعُ اجْتِمَاعِ الْمَاءِ [قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ أَنَّ عَلَيْهِ إلَخْ] لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى نَفْسِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ التَّعْلِيقُ [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي قَوْلٍ] وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ [قَوْلُهُ: مَوْضِعٌ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ] الْمَاءُ فَاعِلُ يَسْتَنْقِعُ أَيْ مَوْضِعٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ.
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَمَنْقَعُ الْمَاءِ بِالْفَتْحِ مُجْتَمَعُهُ وَالْمَاءُ مُسْتَنْقَعٌ فَاعِلٌ [قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا] فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي لَامِيَّةِ ابْنِ مَالِكٍ، وَاَلَّذِي فِيهَا الْكَسْرُ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ تت فَإِنْ قُلْت: اسْمُ الْمَكَانِ مِنْ الَّذِي مُضَارِعُهُ بِالضَّمِّ أَوْ بِالْفَتْحِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَلَا
الْكَبِيرُ (وَتَنْقِيَةُ الْعَيْنِ) وَهُوَ كَنْسُهَا مِمَّا يَقَعُ فِيهَا مِنْ تُرَابٍ أَوْ وَرَقٍ (وَشَبَهِ ذَلِكَ) مِنْ عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ أَيْ مِثْلِ الْجِذَاذِ وَالْجَرِينِ ق قَوْلُهُ: (جَائِزٌ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا وَشَبَهُهُ جَائِزٌ بَعْدَ (أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ) وَفِي كَلَامِهِ مُشَاحَّةٌ وَهِيَ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَالْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَى الْمُسَاقَى الشَّامِلِ لِلتَّذْكِيرِ وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: بَعْدَ أَنَّ التَّذْكِيرَ وَمَا بَعْدَهُ جَائِزٌ يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِالشَّرْطِ فَتَأَمَّلْ
وَمِنْهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى إخْرَاجِ مَا فِي الْحَائِطِ مِنْ الدَّوَابِّ) وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَنْبَغِي لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يُسَاقِيَهُ عَلَى أَنْ يَنْزِعَ شَيْئًا مِمَّا فِي الْحَائِطِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ.
بَهْرَامُ: قَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي عَلَى التَّحْرِيمِ لَا عَلَى الْكَرَاهَةِ (وَمَا مَاتَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الدَّوَابِّ الَّتِي فِي الْحَائِطِ (فَعَلَى رَبِّهِ خَلَفُهُ) وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعَامِلُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ كَانَ عَلَى عَمَلٍ فِي ذِمَّةِ صَاحِبِ الْحَائِطِ، وَلَوْ شُرِطَ خَلَفُهُمْ عَلَى الْعَامِلِ لَمْ يَجُزْ (وَ) أَمَّا (نَفَقَةُ الدَّوَابِّ) أَيْ عَلَفُهُمْ (وَ) نَفَقَةُ (الْأُجَرَاءِ) جَمْعُ أَجِيرٍ أَيْ إطْعَامُهُمْ وَكِسْوَتُهُمْ فَ (عَلَى الْعَامِلِ) عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْعَمَلَ وَجَمِيعَ الْمُؤَنِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ الَّتِي تَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِهَا الثَّمَرَةُ لِأَنَّ الْعِوَضَ عَلَى ذَلِكَ يَقَعُ. وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ خَلَفُ مَا رَثَّ مِنْ الدِّلَاءِ وَالْأَحْبُلِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا حَتَّى تَهْلِكَ أَعْيَانُهَا وَأَمَدُ انْتِهَائِهَا مَعْلُومٌ بِخِلَافِ
ــ
[حاشية العدوي]
يَصِحُّ مَا يُفِيدُهُ تت. قُلْت: مَا ذَكَرْته هُوَ الْقِيَاسُ. وَهَذَا مِمَّا خَرَجَ عَنْ الْقِيَاسِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي لَامِيَّةِ الْأَفْعَالِ.
قَالَ شَارِحُهَا: وَمِمَّا جَاءَ بِالْكَسْرِ فَقَطْ شُذُوذًا اسْمُ الْمَكَانِ مِنْ لَحَنَ وَسَقَطَ وَشَرَقَ قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: مَوْضِعُ السُّقُوطِ] أَيْ فَقَوْلُهُ: مِنْ الْغَرْبِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ بِاعْتِبَارِ تَضَمُّنِهِ الْمَصْدَرَ، وَفِي الْحَقِيقَةِ التَّعَلُّقُ بِالْمَصْدَرِ [قَوْلُهُ: أَيْ مِثْلِ الْجِذَاذِ] أَيْ: وَرَمِّ نَحْوِ قُفَّةٍ وَتَهْيِئَةِ قَنَاةِ الْمَاءِ [قَوْلُهُ: الْجَرِينِ] هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُجَفَّفُ فِيهِ الثِّمَارُ وَجَمْعُهُ جُرُنٌ كَبَرِيدٍ وَبُرُدٍ أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ، فَحِينَئِذٍ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَالْوَضْعُ فِي الْجَرِينِ [قَوْلُهُ: تَقْدِيرُهُ هَذَا] أَيْ مَا قَبْلَ قَوْلِهِ: وَشَبَهُ ذَلِكَ قُلْت لَا دَاعِيَ إلَى ذَلِكَ إذْ لَوْ جَعَلَهُ خَبَرًا عَنْ الْأَوَّلِ وَحَذَفَ إخْبَارَ مَا بَعْدَهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ الْعَكْسِ لَكَانَ أَوْضَحَ أَوْ الْخَبَرِ عَنْ الْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ تَأْوِيلِهِ بِالْمَذْكُورِ [قَوْلُهُ: أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ] فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ فَاعِلِ جَائِزٍ [قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِهِ مُشَاحَّةٌ] أُجِيبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْجَوَازِ مَعَ الِاشْتِرَاطِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ أَصَالَةً لِأَنَّ بَعْضَ الْمَسَائِلِ تَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِ شَيْءٍ مِنْهَا فَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الشَّرْطِ لَهُ مَعَ مَا ذُكِرَ، ثُمَّ إنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ تَنْقِيَةَ الْعَيْنِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ لَا عَلَى الْعَامِلِ [قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ بَعْدَ أَنَّ التَّذْكِيرَ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ سَابِقًا عَلَى الْعَامِلِ لَيْسَ مِنْ الْمُصَنِّفِ.
وَقَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ الْمُصَنِّفِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَالتَّذْكِيرُ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ جَائِزٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ
[قَوْلُهُ: مِنْ الرَّقِيقِ إلَخْ] فَإِنْ وَقَعَ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي صُلْبِ عَقْدِهَا فَسَدَتْ فَإِنْ حَصَلَ عَمَلٌ وَجَبَ بِهِ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ، وَأَمَّا التَّبَرُّعُ بِتِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ فَلَا بَأْسَ بِهِ [قَوْلُهُ: وَمَا مَاتَ] أَيْ أَوْ مَرِضَ أَوْ أَبَقَ [قَوْلُهُ: أَيْ الدَّوَابِّ الَّتِي فِي الْحَائِطِ] أَيْ وَقَعَ الْعَقْدُ وَهِيَ فِي الْحَائِطِ [قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَقْدَ كَانَ عَلَى عَمَلٍ إلَخْ] أَيْ مِنْ حَيْثُ تِلْكَ الدَّوَابُّ الَّتِي وَقَعَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ وَهِيَ فِي الْحَائِطِ [قَوْلُهُ: فَعَلَى الْعَامِلِ] اُنْظُرْ إذَا كَانَتْ إجَارَةُ الْأُجَرَاءِ الَّذِينَ فِي الْحَائِطِ قَبْلُ بِالنَّفَقَةِ هَلْ تَكُونُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَوْ عَلَى الْعَامِلِ لِأَنَّهَا نَفَقَةٌ اهـ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقِيلَ إنَّ نَفَقَةَ الرَّقِيقِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، وَأَمَّا أُجْرَةُ مَنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ فَعَلَى رَبِّهِ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً، وَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ إلَّا أُجْرَةُ مَا اسْتَأْجَرَهُ هُوَ [قَوْلُهُ: الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ] أَيْ بِالْعَامِلِ هَذَا ظَاهِرُهُ، وَالْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ النَّفَقَةِ إنَّمَا عُلِمَ تَعَلُّقُهَا بِهِ مِنْ الْأَخْبَارِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: الَّتِي تَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِهَا الثَّمَرَةُ] أَيْ أَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ إذَا انْقَطَعَتْ انْقَطَعَتْ الثَّمَرَةُ أَيْ لَمْ تَتِمَّ قَدْ يُقَالُ: هَذَا مَوْجُودٌ فِي الْأُجَرَاءِ الَّتِي فِي الْحَائِطِ قَبْلُ فَإِنَّ الثَّمَرَةَ تَنْقَطِعُ أَيْ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ الْأُجَرَاءِ الْمَذْكُورِينَ مَعَ أَنَّهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ.
[قَوْلُهُ: حَتَّى تَهْلِكَ أَعْيَانُهَا] أَيْ فَهُوَ دَاخِلٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِأَحْبُلٍ وَنَحْوِهَا فَتَكُونُ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَبْدِ
الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ
(وَعَلَيْهِ) أَيْضًا (زَرِيعَةُ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَهُوَ بَذْرُ (الْبَيَاضِ الْيَسِيرِ) أَيْ الْأَرْضِ الْخَالِيَةِ عَنْ الشَّجَرِ وَالْيَسِيرُ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُلْغِي) أَيْ يَتْرُكَ (ذَلِكَ) الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ (لِلْعَامِلِ وَهُوَ) أَيْ الْإِلْغَاءُ (أَحَلُّ) لَهُ وَكَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا بَأْسَ هُنَا لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِيَسْلَمَ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ يُتْرَكُ لِلْعَامِلِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَصْلِ (وَإِنْ كَانَ الْبَيَاضُ كَثِيرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْخُلَ فِي مُسَاقَاةِ النَّخْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرَ الثُّلُثِ مِنْ الْجَمِيعِ فَأَقَلَّ) ق: اُنْظُرْ كَيْفَ بَيَّنَ أَنَّ الْيَسِيرَ يَدْخُلُ فِي مُسَاقَاةِ النَّخْلِ وَأَنَّ الْكَثِيرَ لَا يَدْخُلُ، وَسَكَتَ عَنْ الْإِلْغَاءِ هَلْ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ قَدْرَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ، وَيُعْرَفُ الْيَسِيرُ مِنْ الْكَثِيرِ بِأَنْ يُقَوَّمَ كِرَاءُ الْأَرْضِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَيُقَوَّمَ الثَّمَرُ عَلَى انْفِرَادِهِ،
ــ
[حاشية العدوي]
وَالدَّابَّةِ] أَيْ فَمُدَّةُ حَيَاتِهِمَا مَجْهُولَةٌ فَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ عَمَلُهُمَا بِذِمَّةِ رَبِّ الْحَائِطِ لَفَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ
[قَوْلُهُ: وَكَسْرِ الرَّاءِ] أَيْ الْمُخَفَّفَةِ وَالتَّشْدِيدُ مِنْ لَحْنِ الْعَوَامّ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إدْخَالُ الْبَيَاضِ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا عَلَى حِدَةٍ أَوْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ النَّخْلِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ الْمَجْعُولُ لِلْعَامِلِ فِيهِ مُوَافِقًا لِجُزْءِ الْحَائِطِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ عَلَى الْعَامِلِ وَأَنْ يَكُونَ كِرَاءُ الْبَيَاضِ مُنْفَرِدًا ثُلُثَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ فَسَدَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ وَيُرَدُّ الْعَامِلُ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ فِي الْحَائِطِ وَإِلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ فِي الْبَيَاضِ، وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ الشَّرْطَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ كَوْنَ الْبَذْرِ عَلَى الْعَامِلِ وَكِرَاءَ الْبَيَاضِ يَسِيرًا أَيْ قَدْرًا إلَخْ.
كَمَا إذَا كَانَ الْبَيَاضُ يُسَاوِي مِائَةً وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْهَا بَعْدَ إسْقَاطِ مَا أُنْفِقَ عَلَيْهَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ [قَوْلُهُ: الْبَيَاضُ إلَخْ] سُمِّيَ الْبَيَاضُ بَيَاضًا لِإِشْرَاقِ أَرْضِهِ بِضَوْءِ الشَّمْسِ نَهَارًا وَنُورِ الْكَوَاكِبِ لَيْلًا، وَسُمِّيَ مَا اسْتَتَرَ بِالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ سَوَادًا لِحَجْبِهَا لَهُ عَنْ الْإِشْرَاقِ [قَوْلُهُ: لَهُ] مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَصْلِهِ مَجْرُورٌ بِلَا مُقَدَّرَةٍ أَيْ أُحِلَّ لَهُ أَيْ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَوْ الْعَامِلِ مِنْ اشْتِرَاطِ إدْخَالِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ [قَوْلُهُ: بِمَا هُوَ خَيْرٌ] أَيْ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ [قَوْلُهُ: بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ] عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ يُتْرَكُ لِلْعَامِلِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ رَبُّ الْحَائِطِ أَوْ الْعَامِلُ أَوْ هُمَا مَعًا أَوْ يَسْكُتَا عَنْهُ، أَمَّا إنْ اشْتَرَطَهُ رَبُّ الْحَائِطِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَطَهُ الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ فَجَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَطَاهُ فَيَجُوزُ بِشُرُوطٍ، الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ عَلَى الْعَامِلِ نَصَّ عَلَيْهِ ع وَق.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَذْرُ الْبَيَاضِ عَلَى الْعَامِلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِهِ فَسَدَ الْعَمَلُ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يُرْوَ عَنْهُ أَنَّهُ دَفَعَ شَيْئًا لِأَهْلِ خَيْبَرَ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ الْمُشْتَرَطُ فِيهِ مُوَافِقًا لِجُزْءِ الْمُسَاقَاةِ، وَأَمَّا إذَا سَكَتَا عَنْهُ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: يُلْغَى لِلْعَامِلِ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ وَتَأَمَّلْهُ.
تَنْبِيهٌ: هَذَا الْإِلْغَاءُ لِلْعَامِلِ مَشْرُوطٌ بِالسُّكُوتِ أَوْ اشْتِرَاطِ الْعَامِلِ عِنْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْبَيَاضُ كَثِيرًا] بِحَيْثُ يَكُونُ كِرَاؤُهُ مُنْفَرِدًا فَوْقَ ثُلُثِ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ [قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْخُلَ فِي مُسَاقَاةِ النَّخْلِ] أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْغَى لِلْعَامِلِ بَلْ يَبْقَى لِرَبِّهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ أَيْضًا [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ] أَيْ الْبَيَاضُ لَا بِقَيْدِهِ السَّابِقِ [قَوْلُهُ: كَيْفَ بَيَّنَ] أَيْ لِمَ بَيَّنَ، أَيْ اُنْظُرْ جَوَابَ هَذَا السُّؤَالِ وَهُوَ أَنَّهُ لِمَ بَيَّنَ أَنَّ الْيَسِيرَ يَدْخُلُ فِي مُسَاقَاةِ النَّخْلِ وَالْكَثِيرُ لَا يَدْخُلُ، وَسَكَتَ عَنْ جَوَابِ السُّؤَالِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْإِلْغَاءِ وَهُوَ هَلْ يَجُوزُ إلَخْ.
فَقَوْلُهُ: هَلْ يَجُوزُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ الْإِلْغَاءِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُلْغَى ذَلِكَ إلَخْ مُفِيدٌ لِهَذَا الْجَوَابِ وَهُوَ أَنَّ جَوَازَ الْإِلْغَاءِ إذَا كَانَ يَسِيرًا فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يَجُوزُ وَهَذَا يَكْفِي فِي الْبَيَانِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ قَدْرَ الثُّلُثِ إلَخْ] وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمُلَخَّصُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ يَجُوزُ إدْخَالُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيَخْتَصُّ بِهِ الْعَامِلُ إنْ سَكَتَا عَنْهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ، وَيَفْسُدُ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ بِاشْتِرَاطِ رَبِّهِ لَهُ إنْ كَانَ يَنَالُهُ سَقْيُ الْعَامِلِ كَمَا يَفْسُدُ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ بِإِدْخَالِ