الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسَائِلَ مَمْنُوعَةٍ فَقَالَ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِي الْأَنْهَارِ) جَمْعُ نَهْرٍ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا (وَ) لَا بَيْعُ مَا فِي (الْبِرَكِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ جَمْعُ بِرْكَةٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْضًا وَهِيَ الْغُدُرُ الْمَحْفُورَةُ الْمُقَطَّعَةُ (مِنْ الْحِيتَانِ) لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ شِرَاءِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ» أَيْ لِلْغَرَرِ، وَالْغَرَرُ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: عَدَمُ التَّسْلِيمِ وَكَوْنُهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ
(وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ (بَيْعُ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ) آدَمِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا لِلْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ نَاقِصٌ أَوْ تَامٌّ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَقَوْلُهُ: (وَلَا بَيْعُ مَا فِي) بُطُونِ (سَائِرِ الْحَيَوَانِ) أَيْ لَا يَجُوزُ تَكْرَارٌ (وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ (بَيْعُ نِتَاجِ) بِكَسْرِ النُّونِ (مَا تُنْتَجُ النَّاقَةُ) بِضَمِّ التَّاءِ الْأُولَى مِنْ الْفِعْلِ وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ» فَسَّرَهُ ابْنُ وَهْبٍ بِنِتَاجِ مَا تُنْتَجُ النَّاقَةُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ شِدَّةِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ جَنِينُ مَا يَلِدُ جَنِينُ هَذِهِ النَّاقَةِ.
ــ
[حاشية العدوي]
رَفْعُهَا وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ عَلَى جَعْلِهِ فَاعِلًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ، وَإِنْ بَدَا نَخْلَةٌ أَيْ صَلَاحُ نَخْلَةٍ وَلَا مَفْهُومَ لِنَخْلَةٍ بَلْ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ دَالِيَةٍ فِي الْكَرْمِ أَوْ زَيْتُونَةٍ فِي الزَّيْتُونِ [قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ بَاكُورَةً] أَيْ وَهِيَ الَّتِي تَسْبِقُ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ تَتَابُعُ الطِّيبِ
[مَسَائِل مُتَنَوِّعَة فِي الْبَيْع]
[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا] لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ عَيْنُهُ حَرْفُ حَلْقٍ كَشَهْرٍ [قَوْلُهُ: وَهِيَ الْغُدُرُ] سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِغَدْرِهَا أَهْلَهَا بِانْقِطَاعِهَا عِنْدَ شِدَّةِ حَاجَتِهِمْ لَهَا كَمَا ذَكَرَهُ تت [قَوْلُهُ: الْمَحْفُورَةُ] كَذَا فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ النُّسَخِ وَنُسْخَةِ تت، وَالتَّحْقِيقُ مِمَّا وَقَفْت عَلَيْهِ الْحَصُورَةُ بِالصَّادِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَحْفُورَ مَحَلُّهَا وَتَكُونُ الْبِرْكَةُ عَلَى كَلَامِهِ نَفْسَ الْمَاءِ الْمُجْتَمَعِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي انْقَطَعَ عَنْ السَّيْلِ مَثَلًا. وَفِي الْفَاكِهَانِيِّ سُمِّيَتْ الْبِرْكَةُ بِذَلِكَ لِإِقَامَةِ الْمَاءِ فِيهَا فَهِيَ اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ عَلَى كَلَامِهِ
[قَوْلُهُ: مِنْ الْحِيتَانِ] قَيَّدَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلٍّ مَحْصُورٍ كَبِرْكَةٍ صَغِيرَةٍ بِحَيْثُ يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ مَا فِيهَا وَيَقْدِرُ عَلَى تَنَاوُلِهِ وَإِلَّا جَازَ.
تَنْبِيهٌ:
لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ مَنْعُ الِاصْطِيَادِ مِنْهَا إلَّا فِي صُورَةٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ اصْطِيَادُ الْغَيْرِ يَضُرُّ بِصَاحِبِ الْأَرْضِ كَأَنْ تَكُونَ الْبِرْكَةُ فِي وَسَطِ زَرْعِ صَاحِبِ الْأَرْضِ. [قَوْلُهُ: أَيْ لِلْغَرَرِ] وَلِذَلِكَ كَانَ مِثْلُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ، وَالنَّحْلِ خَارِجًا عَنْ الْجَبْحِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَتَسَلُّمِهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّحْلُ فِي جَبْحِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَوْ بِدُونِ جَبْحِهِ وَيَدْخُلُ الجبح تَبَعًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ عَلَى الْجَبْحِ وَسَكَتَ عَنْ النَّحْلِ أَنَّهُ يَدْخُلُ النَّحْلُ وَلَا يَدْخُلُ الْعَسَلُ فِي الصُّورَتَيْنِ
[قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ حَيٌّ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ كَوْنَهُ حَيًّا فَلَعَلَّ الْأَوْلَى لَمْ يَعْلَمْ هَلْ يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا. وَقَوْلُهُ: نَاقِصٌ أَوْ تَامٌّ أَيْ نَاقِصُ الْخِلْقَةِ أَوْ تَامُّهَا لَا نَاقِصٌ عَنْ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَوْ تَامُّهَا؛ لِأَنَّ هَذَا يُعْلَمُ [قَوْلُهُ: تَكْرَارٌ] أَيْ إنْ كَانَ الْجَنِينُ عَامًّا، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا بِجَنِينِ الْأَمَةِ فَلَا تَكْرَارَ تت. [قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ نِتَاجِ مَا تُنْتَجُ النَّاقَةُ] هَذَا أَشَدُّ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ جَنِينُ الْجَنِينِ [قَوْلُهُ: عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ] أَيْ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَمْ تُسْمَعْ إلَّا مَبْنِيَّةً لِلْمَفْعُولِ مُرَادًا بِهَا الْفَاعِلَ نَحْوُ زَهَا عَلَيْنَا أَيْ تَكَبَّرَ.
[قَوْلُهُ: فَسَّرَهُ ابْنُ وَهْبٍ] وَفَسَّرَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ بَيْعُ الْجَزُورِ إلَى أَنْ تُنْتَجُ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتَجُ الَّذِي فِي بَطْنِهَا فَهُوَ الْبَيْعُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ. أَقُولُ: فَعَلَى تَفْسِيرِ ابْنِ وَهْبٍ يَكُونُ حَبَلٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ،، وَالْحَبَلَةُ اسْمٌ جَمْعُ حَابِلٍ كَظَالِمِ وَظَلَمَةٍ.
وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ جَمْعُ حَابِلَةٍ فَمَصْدُوقُ الْمُضَافِ جَنِينُ الْجَنِينِ الْوَاقِعُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، وَمَصْدُوقُ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْجَنِينُ الَّذِي فِي الْبَطْنِ حِينَ الْمَبِيعِ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ أَوْ يُجْعَلَ اسْمُ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ، وَالْحَبَلُ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ وَلَا يُقَالُ فِي غَيْرِهِنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ إلَّا حَمْلٌ إلَّا مَا فِي حَدِيثِ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَنِينُ مَا
(وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ (بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْإِبِلِ) لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ» . ج: إنْ كَانَ النَّزْوُ مَضْبُوطًا بِمَرَّاتٍ أَوْ زَمَانٍ جَازَ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ كَرَاهَتَهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَإِنَّ أَخْذَ الْأَجْرِ فِيهِ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُفْسَخْ وَلَمْ يُرَدَّ
(وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ بَيْعُ (الْآبِقِ) فِي حَالِ إبَاقِهِ لِلْغَرَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ حَاضِرًا وَبُيِّنَ لَهُ غَايَةُ إبَاقِهِ جَازَ (وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ بَيْعُ (الْبَعِيرِ الشَّارِدِ) لِلْغَرَرِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ
(وَنُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْكِلَابِ) أَشَارَ بِذَلِكَ لِمَا فِي مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ» (وَاخْتُلِفَ فِي) جَوَازِ (بَيْعِ مَا أُذِنَ فِي اتِّخَاذِهِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْكِلَابِ لِلْحِرَاسَةِ، وَالصَّيْدِ فِي جَوَازِهِ وَمَنْعِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ (وَأَمَّا مَنْ قَتَلَهُ) أَيْ الْمَأْذُونَ فِي
ــ
[حاشية العدوي]
يَلِدُ] أَيْ مَا يَلِدُهُ جَنِينٌ أَيْ جَنِينُ الَّذِي يَلِدُهُ جَنِينُ هَذِهِ النَّاقَةِ، وَانْظُرْ فَإِنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي أَنَّ الْمُبَاعَ ابْنُ ابْنِ مَا فِي بَطْنِهَا فَيُخَالِفُ قَوْلُهُ نِتَاجُ مَا تُنْتَجُ النَّاقَةُ، فَاَلَّذِي عَلَى طِبْقِ مَا تَقَدَّمَ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهُ جَنِينُ الْجَنِينِ، وَإِذَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْجَنِينِ فَكَيْفَ بِجَنِينِ الْجَنِينِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ جَنِينُ مَا تَلِدُ لِلْبَيَانِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَبَلَةَ اسْمٌ لِمَا فِي الْبَطْنِ وَحَبَلُهَا وَلَدُ ذَلِكَ الَّذِي فِي الْبَطْنِ
[قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْإِبِلِ] الْمُرَادُ الْفُحُولُ مُطْلَقًا بِأَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْفَحْلِ لِصَاحِبِ النَّاقَةِ أَبِيعُك مَا يَتَكَوَّنُ مِنْ مَاءِ فَحْلِ هَذَا فِي بَطْنِ نَاقَتِك أَوْ نَاقَتِي، وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ. [قَوْلُهُ: ضِرَابِ] بِكَسْرِ الضَّادِ وَهُوَ النَّزْوُ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ فَالدَّلِيلُ لَا يُطَابِقُ الْمُدَّعِيَ تَأَمَّلْ. [قَوْلُهُ: النَّزْوُ] مَصْدَرٌ بِفَتْحِ النُّونِ عَلَى وَزْنِ قَتَلَ.
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: نَزَا الْفَحْلُ نَزْوًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَنَزَوَانًا وَثَبَ اهـ.
[قَوْلُهُ: بِمَرَّاتٍ أَوْ زَمَانٍ جَازَ] أَيْ مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَوْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَعَطَفَ بِأَوْ لِإِفَادَةِ عَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْوَاضِحَةِ إنْ سَمَّى يَوْمًا أَوْ شَهْرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسَمِّيَ نَزَوَاتٍ، فَإِنْ حَصَلَ الْحَمْلُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَعَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا اُنْتُفِعَ [قَوْلُهُ: كَرَاهَتَهُ] ظَاهِرُ بَهْرَامَ أَيْ مُطْلَقًا كَانَ النَّزْوُ مَضْبُوطًا بِمَا ذَكَرَ أَوْ لَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّنْزِيهِ، وَمُفَادُ الْحَدِيثِ الْحُرْمَةُ. وَقَوْلُهُ: بَعْدُ لَمْ يَفْسَخْ وَلَمْ يَرُدَّ رُبَّمَا يُقَوِّي الْكَرَاهَةَ، وَعَطْفُ لَمْ يَرُدَّ تَفْسِيرٌ. وَقَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْ فَفِي مُسْلِمٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ» .
[قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآبِقِ] أَيْ فَبَيْعُهُ فَاسِدٌ وَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ وَيَفْسَخُ، وَإِنْ قَبَضَ، وَإِذَا عَرَفَ أَنَّهُ عِنْدَ رَجُلٍ جَازَ أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُوصَفُ لَهُ إذَا وُصِفَ لِلسَّيِّدِ حَالُهُ الْآنَ إنْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ أَنْ يَتَغَيَّرَ فِيهِ، وَكَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ صِفَتَهُ لَا إنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْقُرْبِ، وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ صِفَتَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْوَصْفِ وَأَنْ لَا يُشْتَرَطَ نَقْدُ الثَّمَنِ وَيُشْتَرَطُ فِي الَّذِي عَنْهُ الْآبِقُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْإِمَامِ، وَمِثْلُهُ مَنْ لَمْ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ.
قَالَ عج: وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْبَعِيرِ الشَّارِدِ.
[قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ لَهُ غَايَةَ إبَاقِهِ] الْغَايَةَ بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: غَايَةُ إبَاقِهِ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا، وَبِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ كَأَنْ يَقُولَ: إنَّ غَايَةَ إبَاقِهِ إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة مَثَلًا
[قَوْلُهُ: عَنْ بَيْعِ الْكِلَابِ] الْمَنْعُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِي اتِّخَاذِهِ، وَإِذَا وَقَعَ كَانَ بَاطِلًا. [قَوْلُهُ: وَمَهْرِ الْبَغِيِّ] بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ التَّحْتِيَّةِ فَعِيلٍ بِمَعْنَى فَاعِلٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ، وَالْمُؤَنَّثُ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ مَا تَأْخُذُهُ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا، وَسُمِّيَ مَهْرًا مَجَازًا لِكَوْنِهِ عَلَى صُورَتِهِ، وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ بِضَمِّ الْحَاءِ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى كِهَانَتِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ الْمُنَاوِيُّ: شُبِّهَ بِالشَّيْءِ الْحُلْوِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَأْخُذُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَاهِنِ، وَالْعَرَّافِ أَنَّ الْكَاهِنَ إنَّمَا يَتَعَاطَى الْخَبَرَ عَنْ الْكَوَائِنِ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ وَيَدَّعِي مَعْرِفَةَ الْأَسْرَارِ، وَالْعَرَّافُ هُوَ الَّذِي يَتَعَاطَى مَعْرِفَةَ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ وَمَكَانَ الضَّالِّ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْأُمُورِ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ بَيْعِ إلَخْ] قَالَ تت: وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ وَهُنَاكَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ بِالْكَرَاهَةِ، فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَعَقَدَ عَلَى الْكَلْبِ فَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُفْسَخُ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ. وَقِيلَ: وَإِنْ طَالَ وَقِيلَ يَمْضِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِجَوَازِهِ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِي، وَهَذَا فِيمَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ مِنْ الْكِلَابِ، وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ
اتِّخَاذِهِ (فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ فَلَا قِيمَةَ فِيهِ ك: لَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي جَوَازِ قَتْلِ الْكِلَابِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهَا لِمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ الْأَمْرِ بِقَتْلِهَا
(وَ) كَذَا لَا يَجُوزُ (بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ) لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ وَهُوَ مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ، وَالنَّهْيُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ مَالِكٍ مَخْصُوصٌ بِاللَّحْمِ مِنْ نَوْعِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ:(مِنْ جِنْسِهِ) مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ لَحْمَ بَقَرٍ بِغَنَمٍ مَثَلًا، وَقَيَّدَ فِي الْمُخْتَصَرِ الْمَنْعَ بِمَا إذَا لَمْ يُطْبَخْ اللَّحْمُ فَإِنْ طُبِخَ جَازَ.
وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَبَيْعِ لَحْمِ الْغَنَمِ بِالطَّيْرِ وَقَيَّدَ ق ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ نَقْدًا، أَمَّا إنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ
(وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ (بَيْعَتَانِ) وَفِي نُسْخَةٍ بَيْعَتَيْنِ وَهِيَ مُؤَوَّلَةٌ بِتَقْدِيرِ وَلَا بَيْعُ بَيْعَتَيْنِ (فِي بَيْعَةٍ) لِمَا صَحَّ مِنْ نَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ ذَلِكَ (وَ) صَوَّرُوا (ذَلِكَ) بِصُورَتَيْنِ
ــ
[حاشية العدوي]
اتِّخَاذُهُ مِنْهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَأَنَّهُ إنْ بِيعَ فُسِخَ الْبَيْعُ. [قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ] عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ الْبَيْعِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِإِبَاحَةِ الْبَيْعِ فَأَحْرَى أَنْ تَكُونَ فِيهِ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَغُرْمِ قِيمَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَحْمِ أَوْ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ حُرْمَةِ الْبَيْعِ، وَالضَّمَانِ [قَوْلُهُ: لِمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الطَّلَبَ فَلَا يُوَافِقُ قَوْلُهُ أَوَّلًا فِي جَوَازِ إلَخْ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْإِذْنِ، وَلِذَا ذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّهُ يُنْدَبُ قَتْلُهَا
[قَوْلُهُ: بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ] أَيْ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مَعْلُومَةٍ وَهُوَ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ. تت: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ فَالْمَعْلُومُ اللَّحْمُ، وَالْمَجْهُولُ الْحَيَوَانُ [قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ] مِنْ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ زَبُونٌ إذَا مُنِعَتْ مِنْ حِلَابِهَا، وَمِنْهُ الزَّبَانِيَةُ لِدَفْعِهِمْ الْكُفَّارَ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَدْفَعُ صَاحِبَهُ عَنْ مُرَادِهِ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ الْغَالِبُ، فَإِذَا عُلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ انْتَفَى هَذَا تَحْقِيقُ [قَوْلِهِ: عِنْدَ مَالِكٍ] أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ وَمُقَابِلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ تَخْصِيصُهُ بِالْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُرَادُ إلَّا لِلذَّبْحِ لِظُهُورِ الْقَصْدِ إلَى الْمُزَابَنَةِ [قَوْلُهُ: مَخْصُوصٌ بِاللَّحْمِ مَعَ نَوْعِهِ]، وَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ يُرَادُ لِلْقَنِيَّةِ [قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ] أَرَادَ بِهِ الْجِنْسَ اللُّغَوِيَّ الصَّادِقَ بِالنَّوْعِ وَبِالصِّنْفِ فَلَا يُنَافِي قَوْلُهُ مَخْصُوصٌ بِاللَّحْمِ مِنْ نَوْعِهِ [قَوْلَهُ: فَإِنْ طُبِخَ جَازَ]، وَلَوْ طُبِخَ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ لَكِنَّ شَرْطَ جَوَازِهِ التَّعْجِيلُ وَإِلَّا حَرُمَ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ يُرَادُ لِلْقَنِيَّةِ [قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ] يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ لَا يُرَادُ لِلْقَنِيَّةِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِلَحْمٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِأَجَلٍ كَمَا هُوَ نَصُّ ق إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ اخْتَصَرَ الْعِبَارَةَ. تَتْمِيمٌ:
اعْلَمْ أَنَّ صُوَرَ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ وَبَيْعِ الْحَيَوَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مِنْ ضَرْبِ خَمْسٍ وَهِيَ لَحْمٌ وَحَيَوَانٌ يُرَادُ لِلْقَنِيَّةِ وَلَهُ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ، وَمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ كَطَيْرِ الْمَاءِ، وَالشَّارِفِ، وَمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ كَخَصِيِّ الْمَعْزِ أَوْ قُلْت كَخَصِيِّ الضَّأْنِ فِي مِثْلِهَا الْمُكَرَّرِ مِنْهَا عَشَرَةٌ، وَالْبَاقِي خَمْسَةَ عَشَرَ الْجَائِزُ مِنْهَا اثْنَتَانِ بَيْعُ اللَّحْمِ بِلَحْمٍ وَبَيْعُ حَيَوَانٍ يُرَادُ لِلْقَنِيَّةِ بِمِثْلِهِ، وَصُوَرُ بَيْعِ الْحَيَوَانِ مِثْلُ عَشْرٍ يَجُوزُ مِنْهَا وَاحِدَةٌ كَمَا عَلِمْت وَتَمْتَنِعُ تِسْعَةٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّحْمَ بِاللَّحْمِ مِنْ جِنْسِهِ جَائِزٌ عِنْدَ التَّمَاثُلِ وَالتَّنَاجُزِ، وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ يَكْفِي التَّنَاجُزُ كَمَا فِي بَيْعِ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَا تُرَادُ لِلْقَنِيَّةِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَطْعِمَةِ، وَلَوْ لَحْمًا نِيئًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَأَمَّا حَيَوَانٌ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَا لِلْقَنِيَّةِ فَيَجُوزُ، وَلَوْ لِأَجَلٍ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ نَقْدًا لِلْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أَحَدُهُمَا لَحْمًا، وَأَمَّا بِحَيَوَانٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَمَا يُرَادُ لِلْقَنِيَّةِ فَيَجُوزُ نَقْدًا لَا إلَى أَجَلٍ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَا يُرَادُ لِلْقَنِيَّةِ، وَالْحَيَوَانُ الَّذِي لَا يُرَادُ لِلْقَنِيَّةِ كَمَا لَا يُبَاعُ بِلَحْمٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَلَوْ نَقْدًا وَلَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِأَجَلٍ لَا يَجُوزُ دَفْعُهُ كِرَاءً لِأَرْضٍ وَلَا قَضَاءً عَلَى دَرَاهِمَ أُكْرِيَتْ الْأَرْضُ بِهَا
[قَوْلُهُ: بَيْعَتَانِ] أَيْ جَمَعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، أَيْ فِي عَقْدٍ وَتَسْمِيَةُ ذَلِكَ الْعَقْدِ بَيْعَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الثَّمَنِ [قَوْلُهُ: مَا صَحَّ فِي نَهْيِهِ] فَفِي الْمُوَطَّأِ، وَالتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
إحْدَاهُمَا: أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً وَاحِدَةً بِثَمَنَيْنِ مُخْتَلِفِينَ وَإِلَيْهَا أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: (أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً إمَّا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا أَوْ عَشَرَةٍ إلَى أَجَلٍ قَدْ لَزِمَتْهُ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ) ، وَلَوْ عُكِسَ لَجَازَ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَاقِلٍ لَا يَخْتَارُ إلَّا الْأَقَلَّ فِي الْمِقْدَارِ، وَالْأَبْعَدَ فِي الْأَجَلِ (وَ) الْأُخْرَى (أَنْ يَبِيعَهُ إحْدَى سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ) كَثَوْبٍ وَشَاةٍ بِدِينَارٍ عَلَى اللُّزُومِ فَشَرْطُ الْمَنْعِ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعًا كَوْنُ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا لِلْغَرَرِ إذْ لَا يَدْرِي الْبَائِعُ بِمَ بَاعَ، وَلَا الْمُشْتَرِي بِمَ اشْتَرَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى اللُّزُومِ جَازَ
(وَ) كَذَا (لَا يَجُوزُ بَيْعُ التَّمْرِ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَمِيمٍ سَاكِنَةٍ اسْمٌ لِلْيَابِسِ (بِالرُّطَبِ) بِضَمِّ الرَّاءِ لَا مُتَفَاضِلًا وَلَا مُتَمَاثِلًا لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا جَفَّ فَقَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: فَلَا إذًا» . مَالِكٌ: فَلَا يُبَاعُ إذًا، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مَعْنَاهُ فَلَا بَأْسَ إذًا (وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ (بَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْعِنَبِ لَا مُتَفَاضِلًا وَلَا مِثْلًا بِمِثْلٍ) ؛ لِأَنَّ التَّمَاثُلَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ؛ لِأَنَّ الرُّطَبَ إذَا يَبِسَ قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الْيَابِسِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ مِثْلَهُ، فَهَذَا غَرَرٌ، وَالْجَهْلُ بِالتَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ، وَالتَّفَاضُلُ فِيهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ (وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ (رَطْبٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ بَيْعُهُ (بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ:(مِنْ سَائِرِ الثِّمَارِ، وَالْفَوَاكِهِ) لَكَانَ أَوْلَى لِيُدْخِلَ فِيهِ الْحُبُوبَ، وَاحْتَرَزَ بِهِ مِمَّا لَوْ بِيعَ رَطْبٌ بِيَابِسٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ إذْ التَّفَاضُلُ بَيْنَ الْأَجْنَاسِ جَائِزٌ.
، وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالرَّطْبِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَلَوْ كَانَ جَدِيدًا بِقَدِيمٍ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمُلْكِ الْجَدِيدَ بِالْقَدِيمِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ (وَهُوَ) أَيْ بَيْعُ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ مِنْ جِنْسِهِ (مِمَّا) أَيْ مِنْ بَعْضِ الَّذِي (نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْمُزَابَنَةِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُزَابَنَةُ، إذْ الْمُزَابَنَةُ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنَّ الرَّطْبَ مَعْلُومٌ، وَالْيَابِسَ مَجْهُولٌ إذْ لَا يُدْرَى مِقْدَارُ مَا فِيهِ مِنْ الرَّطْبِ، وَالْمُزَابَنَةُ عِنْدَنَا لَا تَخْتَصُّ بِالرِّبَوِيِّ، وَإِنْ وَقَعَتْ مُفَسَّرَةً
ــ
[حاشية العدوي]
صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ» [قَوْلُهُ: بِثَمَنَيْنِ] أَيْ فَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْبَيْعَتَيْنِ الثَّمَنَيْنِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ، أَيْ لِأَنَّ الثَّمَنَ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْعِ [قَوْلُهُ: إحْدَى سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ] أَيْ بِغَيْرِ الْجَوْدَةِ، وَالرَّدَاءَةِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ لِلْجَهْلِ بِالْمُثَمَّنِ فِي صُورَةِ الشَّارِحِ الَّتِي هِيَ اتِّحَادُ الْمُثَمَّنِ أَوْ الثَّمَنِ إذَا اخْتَلَفَ.
[قَوْلُهُ: إذْ لَا يَدْرِي الْبَائِعُ] هَذِهِ الْعِلَّةُ إنَّمَا هِيَ ظَاهِرَةٌ فِي الْأُولَى. [قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى اللُّزُومِ جَازَ] أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْخِيَارِ فِيمَا يُعَيِّنُهُ كَمَا يَجُوزُ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا بِالْجَوْدَةِ، وَالرَّدَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا يَدْخُلُ عَلَى الْأَجْوَدِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تَكُنْ السِّلْعَةُ الْمَبِيعَةُ أَحَدَ طَعَامَيْنِ وَإِلَّا امْتَنَعَ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا.
[قَوْلُهُ: قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ] هَذَا بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ إذْ الشَّأْنُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ إذَا يَبِسَ [قَوْلُهُ: وَلَا رَطْبٌ بِيَابِسٍ] فَلَا يُبَاعُ الْفُولُ الْحَارُّ بِالْيَابِسِ وَلَا الْقَمْحُ بِالْبَلِيلَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةُ مَعَ عَدَمِ انْتِقَالِ أَحَدِهِمَا، وَلِذَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَمَّسِ بِالْيَابِسِ، وَالْقَمْحِ بِالْهَرِيسَةِ يَدًا بِيَدٍ لِانْتِقَالِ الْمُدَمَّسِ، وَالْمَطْبُوخِ عَنْ أَصْلِهِ، كَمَا يَجُوزُ الْيَابِسُ بِالرَّطْبِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ عَنْ الْأَصْلِ [قَوْلُهُ: وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ] وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُعْتَبَرُ الْحَالُ فَتَجُوزُ الْمُمَاثَلَةُ أَوْ الْمَآلُ فَلَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْقُصَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ [قَوْلُهُ: بَيْعٌ مَعْلُومٌ] كَبَيْعِ وَسْقِ تَمْرٍ بِتَمْرِ نَخْلَةٍ عَلَى رَأْسِهَا، وَمِثَالُ بَيْعِ الْمَجْهُولِ بِالْمَجْهُولِ كَبَيْعِ تَمْرِ نَخْلَةٍ لَمْ يَجُدُّ بِتَمْرِ نَخْلَةٍ لَمْ يَجُدُّ أَيْضًا [قَوْلُهُ: وَالْيَابِسُ مَجْهُولٌ] الْعِبَارَةُ فِيهَا قَلْبٌ، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ فَالْيَابِسُ مَعْلُومٌ، وَالرَّطْبُ مَجْهُولٌ [قَوْلُهُ: وَالْمُزَابَنَةُ عِنْدَنَا لَا تَخْتَصُّ بِالرِّبَوِيِّ] .
حَاصِلُهُ أَنَّ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ مِنْ الطَّعَامِ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ وَاَلَّذِي لَيْسَ بِطَعَامٍ أَصْلًا كَالْحَدِيدِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَجْهُولٍ مِنْهُ بِمَعْلُومٍ وَلَا مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ الْفَضْلُ، وَأَمَّا الطَّعَامُ الرِّبَوِيُّ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مُطْلَقًا تَبَيَّنَ الْفَضْلُ أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ أَجْزَأَ مُطْلَقًا تَبَيَّنَ
فِي الْحَدِيثِ بِالرِّبَوِيِّ؛ لِأَنَّ ثَمَّ عُمُومَاتٍ يَدْخُلُ تَحْتَهَا غَيْرُ الرِّبَوِيِّ كَالنَّهْيِ عَنْ الْغَرَرِ
(وَلَا يُبَاعُ جُزَافٌ) مُثَلَّثُ الْجِيمِ (بِمَكِيلٍ مِنْ صِنْفِهِ) رِبَوِيًّا مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءٌ تَبَيَّنَ الْفَضْلُ أَمْ لَا كَصُبْرَةِ قَمْحٍ لَا يُعْلَمُ كَيْلُهَا بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ مِنْهُ لِلْمُزَابَنَةِ (وَ) كَذَا (لَا) يُبَاعُ (جُزَافٌ بِجُزَافٍ مِنْ صِنْفِهِ) كَذَلِكَ كَصُبْرَةِ قَمْحٍ لَا يُعْلَمُ كَيْلُهَا بِصُبْرَةِ قَمْحٍ لَا يُعْلَمُ كَيْلُهَا لِلْمُزَابَنَةِ أَيْضًا، وَاحْتَرَزَ بِصِنْفِهِ مِمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ مَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ الْفَضْلُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ الْأَجْنَاسُ، وَقَيَّدْنَا بِالرِّبَوِيِّ إلَى آخِرِهِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ الطَّعَامُ الْوَاحِدُ غَيْرَ رِبَوِيٍّ دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ:(إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْجُزَافِ بِالْمَكِيلِ، وَالْجُزَافِ بِالْجُزَافِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ (إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ)
(وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الشَّيْءِ الْغَائِبِ) عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ؛ أَحَدُهَا أَنْ يَقَعَ (عَلَى الصِّفَةِ) ج: ظَاهِرُ أَنَّهُ لَوْ بِيعَ دُونَ صِفَةٍ وَلَا تَقَدُّمِ رُؤْيَةٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِيَارِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَهُوَ نَصُّ مَا فِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.
وَظَاهِرُ مَا فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْهَا جَوَازُهُ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَالْأَبْهَرِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ لِجَهْلِهِ حِينَ الْعَقْدِ اهـ. ثَانِيهَا: أَنْ يَصِفَهُ غَيْرُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يُوثَقُ بِوَصْفِهِ إذْ قَدْ يَقْصِدُ الزِّيَادَةَ فِي الصِّفَةِ لِيُنْفِقَ سِلْعَتَهُ. ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مِمَّنْ يَعْرِفُ مَا وُصِفَ لَهُ. رَابِعُهَا: أَلَّا يَكُونَ الْمَبِيعُ بَعِيدًا جِدًّا. خَامِسُهَا: أَلَّا يَكُونَ قَرِيبًا تُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ. سَادِسُهَا: أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية العدوي]
الْفَضْلُ أَوْ لَا كَانَا رِبَوِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا طَعَامَيْنِ أَوْ لَا [قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَتْ مُفَسَّرَةً فِي الْحَدِيثِ إلَخْ] فِي الصَّحِيحِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُزَابَنَةِ،، وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ كَيْلًا وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْعِنَبِ كَيْلًا اهـ. تت [قَوْلُهُ: كَالنَّهْيِ عَنْ الْغَرَرِ] أَيْ وَمِنْ الْغَرَرِ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ
[قَوْلُهُ: كَذَلِكَ] أَيْ رِبَوِيٌّ مُطْلَقًا تَبَيَّنَ الْفَضْلُ أَوْ لَا [قَوْلُهُ: مِمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ] أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ، وَمِثْلُ الْجِنْسَيْنِ فِي الْجَوَازِ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ إذَا دَخَلَتْهُ الصَّنْعَةُ الْقَوِيَّةُ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَصْنُوعِ بِغَيْرِهِ مِمَّا لَمْ تَدْخُلْهُ صَنْعَةٌ أَوْ تَدْخُلُهُ صَنْعَةٌ يَسِيرَةٌ كَقِطْعَةِ نُحَاسٍ جُعِلَتْ صَحْنًا أَوْ إبْرِيقًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِمَا لَمْ يَدْخُلْهُ صَنْعَةٌ قَوِيَّةٌ، وَلَوْ جُهِلَ قَدْرُهُ [قَوْلُهُ: عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ الْأَجْنَاسُ] أَيْ رِبَوِيَّةً أَمْ لَا [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ] وَوَجْهُهُ عَدَمُ الْمُزَابَنَةِ [قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ إلَخْ] بِأَنْ لَا يَكُونَ مِمَّا يَقْتَاتُ وَيُدَّخَرُ وَلَا مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بَلْ كَانَ مِمَّا يَدْخُلُهُ رِبَا النَّسَاءِ فَقَطْ أَوْ لَا يَدْخُلهُ رِبًا أَصْلًا كَالنُّحَاسِ، وَالْحَدِيدِ، وَمَفْهُومُ ذَلِكَ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُحَرَّمَ التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ أَيْضًا لَمْ يَجُزْ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمُزَابَنَةِ، وَإِنْ انْتَفَتْ خَلَفَهَا عِلَّةُ الْفَضْلِ.
تَنْبِيهٌ:
لَيْسَ هَذَا الْفَضْلُ مُكَرَّرًا مَعَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ، وَهَذَا عَامٌّ فِي الرَّطْبِ، وَالْيَابِسِ بِالْيَابِسِ أَوْ الرَّطْبِ بِالرَّطْبِ، وَزَادَ هُنَا أَيْضًا الْجَوَازَ مَعَ تَبَيُّنِ الْفَضْلِ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ.
[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ مَا فِي السَّلَمِ الثَّالِثُ مِنْهَا جَوَازُهُ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَصِفَهُ غَيْرُ الْبَائِعِ إلَخْ] أَيْ إنْ حَصَلَ نَقْدُ الثَّمَنِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا فِيهِ وَإِلَّا جَازَ، وَلَوْ بِوَصْفِهِ عَلَى الرَّاجِحِ. [قَوْلُهُ: أَلَّا يَكُونَ الْمَبِيعُ بَعِيدًا] أَيْ كَخُرَاسَان مِنْ إفْرِيقِيَّةَ هَذَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي. [قَوْلُهُ: خَامِسُهَا أَلَّا يَكُونَ قَرِيبًا] ضَعِيفٌ قَالَ عج: مَا مُحَصِّلُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ.
وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ حَيْثُ كَانَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ إلَّا إذَا كَانَ فِي
(وَلَا يُنْقَدُ فِيهِ بِشَرْطٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَكُونَ تَارَةً بَيْعًا إنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْإِمْضَاءَ وَتَارَةً سَلَفًا إنْ اخْتَارَ الرَّدَّ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ النَّقْدَ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَائِزٌ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ مَسْأَلَتَيْنِ فَقَالَ:(إلَّا أَنْ يَقْرُبَ مَكَانُهُ) أَيْ مَكَانَ الْبَيْعِ الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ عَرَضًا أَوْ عَقَارًا كَالْيَوْمِ، وَالْيَوْمَيْنِ (أَوْ يَكُونَ) الْمَبِيعُ الْغَائِبُ بَعِيدًا بُعْدًا غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ وَهُوَ (مِمَّا يُؤْمَنُ تَغَيُّرُهُ) غَالِبًا (مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ شَجَرٍ فَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْفَرْعَيْنِ بِشَرْطٍ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: مِمَّا يُؤْمَنُ تَغَيُّرُهُ مِمَّا يُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ كَالْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهِ مَعَ الْعَبْدِ، وَقَيَّدْنَا الْبُعْدَ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ احْتِرَازًا مِنْ الْمُتَفَاحِشِ كَخُرَاسَانَ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ أَصْلًا
(، وَالْعُهْدَةُ) وَهِيَ تَعَلُّقُ ضَمَانِ الْمَبِيعِ بِالْبَائِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ مِمَّا يُصِيبُهُ فِي مُدَّةٍ خَاصَّةً (جَائِزَةٌ) يَقْضِي بِهَا (فِي
ــ
[حاشية العدوي]
رُؤْيَتِهِ عُسْرٌ أَوْ فَسَادٌ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْخِيَارِ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا امْتَنَعَ مَعَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ الْمَبِيعُ فَيَكُونُ ذَلِكَ ثَمَنًا وَأَلَّا يُسَلَّمَ فَيَكُونُ سَلَفًا. [قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ النَّقْدَ إلَخْ] هَذَا حَيْثُ بِيعَ عَلَى اللُّزُومِ وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ سَوَاءٌ بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ الْمُبَوَّبِ لَهُ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ مَنْ رَأَيْت مِنْ شُرَّاحِ خَلِيلٍ، أَوْ عَلَى خِيَارٍ بِالرُّؤْيَةِ وَأَخَذَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ الْعَصْرِ مِنْ الْعِلَّةِ قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْرَبَ مَكَانُهُ إلَخْ] .
حَاصِلُهُ أَنَّ الْغَائِبَ الْمَبِيعَ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ تَطَوُّعًا مُطْلَقًا عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ، وَأَمَّا بِشَرْطٍ فَيَجُوزُ فِي الْعَقَارِ مُطْلَقًا قَرُبَ أَوْ بَعُدَ أَيْ غَيْرُ بَعِيدٍ جِدًّا وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَرْعِ الدَّارِ فِي وَصْفِهَا دُونَ وَصْفِ غَيْرِهَا مِنْ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ، وَفِي غَيْرِهِ إنْ قَرُبَ مَكَانُهُ وَهُوَ يَوْمَانِ ذَهَابًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَيُشْتَرَطُ أَلَّا يُبَاعَ بِوَصْفِ الْبَائِعِ، وَأَمَّا مَا بِيعَ بِوَصْفِ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا، وَكَذَا مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ أَصْلًا] أَيْ بَيْعُ الْبَتِّ، وَأَمَّا بَيْعُ الْخِيَارِ فَجَائِزٌ وَقَوْلُهُ أَصْلًا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ أَوْ لَمْ تُوجَدْ.
تَنْبِيهٌ:
لَمْ يَذْكُرْ ضَمَانَ الْغَائِبِ، وَحَاصِلُهُ إنْ كَانَ عَقَارًا وَأَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ سَالِمًا يَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا قَرُبَ مَكَانُهُ أَوْ بَعُدَ حَيْثُ بِيعَ جُزَافًا، وَأَمَّا مَا بِيعَ مُذَارَعَةً فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ.
قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ: وَلِي وَقْفَةٌ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ جُزَافًا مَعَ غَيْبَتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِنَاءً عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْوَصْفِ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ وَغَيْرِ الْعَقَارِ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَكَذَا الْعَقَارُ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ سَلَامَتَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ وَإِلَّا عَمِلَ بِالشَّرْطِ، وَتَحْصِيلُ الْغَائِبِ وَإِحْضَارُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْبَائِعِ، وَشَرْطُهُ إيَّاهُ عَلَى بَائِعِهِ مَعَ ضَمَانِهِ مِنْهُ يُفْسِدُ بَيْعَهُ، وَإِنْ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ مُبْتَاعِهِ فَجَائِزٌ وَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ تَعَلُّقُ إلَخْ] هَذَا مَعْنَاهُ الِاصْطِلَاحِيُّ كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيُّ وَأَمَّا اللُّغَوِيُّ فَأَشَارَ لَهُ اللَّقَانِيُّ بِقَوْلِهِ: الْعُهْدَةُ لُغَةً مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَهْدِ وَهُوَ الْإِلْزَامُ، وَالِالْتِزَامُ اهـ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَلُّقُ إلَخْ كَوْنُ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ أَفَادَهُ اللَّقَانِيُّ. [قَوْلُهُ: فِي مُدَّةٍ خَاصَّةٍ إلَخْ] حَتَّى الْمَوْتِ مَا عَدَا ذَهَابَ الْمَالِ فَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَاشْتَرَطَ مَالَهُ لِلْعَبْدِ ثُمَّ ذَهَبَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ فِي مَالِهِ، وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي الْعُهْدَةِ وَبَقِيَ مَالُهُ انْتَقَضَ بَيْعُهُ وَلَيْسَ لِمُبْتَاعِهِ حَبْسُ مَالِهِ بِثَمَنِهِ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ مَالُهُ جُلَّ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ كَانَ غَيْرَ مَنْظُورٍ إلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي الْمَالَ لِنَفْسِهِ فَلَهُ رَدُّهُ بِذَهَابِ مَالِهِ. [قَوْلُهُ: جَائِزَةٌ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَوَازَ يَرْجِعُ لِاشْتِرَاطِهَا أَوْ حَمْلِ السُّلْطَانِ عَلَيْهَا، أَوْ اعْتِبَارِهَا عِنْدَ جَرْيِ الْعَادَةِ بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَيَقْبَلَهُ الْبَائِعُ. [قَوْلُهُ: وَيَقْضِي بِهَا] لَمَّا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ الْجَوَازِ الْقَضَاءُ أَتَى بِهِ، وَهَذَا بِحَسَبِ الْمَعْنَى، وَالْفِقْهِ وَإِلَّا فَالْمَجْرُورُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ بِكَوْنٍ عَامٍّ أَيْ ثَابِتَةً وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازُ أَوْ مِنْ
الرَّقِيقِ) خَاصَّةً دُونَ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ لَهُ قُدْرَةً عَلَى كِتْمَانِ مَا بِهِ مِنْ الْعُيُوبِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُمُ عَيْبَهُ كَرَاهِيَةً فِي الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَا يَقْضِي بِهَا إلَّا (إنْ اُشْتُرِطَتْ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً بِالْبَلَدِ) أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَقْضِي بِهَا وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ: صُغْرَى فِي الزَّمَانِ كُبْرَى فِي الضَّمَانِ، وَكُبْرَى فِي الزَّمَانِ صُغْرَى فِي الضَّمَانِ (فَ) الْأُولَى (عُهْدَةُ الثَّلَاثِ) أَيْ، ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا، مِنْ اسْتِقْبَالِ أَوَّلِ النَّهَارِ، فَإِذَا اشْتَرَى نَهَارًا أَلْغَى ذَلِكَ الْيَوْمَ وَاسْتَقْبَلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا هَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بَتًّا، أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْخِيَارِ فَمِنْ يَوْمِ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَهَذِهِ (الضَّمَانُ فِيهَا مِنْ الْبَائِعِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَإِنْ وَجَدَ دَاءً فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ رَدَّهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَإِنْ وَجَدَ دَاءً بَعْدَ الثَّلَاثَةِ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَبِهِ هَذَا الدَّاءُ وَكَذَلِكَ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ عَلَيْهِ وَغَلَّتُهُ لَهُ» .
(وَ) الثَّانِيَةُ (عُهْدَةُ السَّنَةِ) وَهِيَ جَائِزَةٌ مَعْمُولٌ بِهَا عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَسْتَقْبِلُ بِهَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ بَعْدَ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، وَالضَّمَانُ فِيهَا عَلَى الْبَائِعِ (مِنْ) ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ (الْجُنُونُ) الَّذِي يَكُونُ بِمَسِّ جَانٍّ لَا مَا يَكُونُ
ــ
[حاشية العدوي]
حَيْثُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَائِزَةً ابْتِدَاءً. [قَوْلُهُ: دُونَ الْحَيَوَانِ] مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ خَاصَّةً إلَّا أَنَّهُ قَصَدَ الْإِيضَاحَ. [قَوْلُهُ: مِنْ الْعُيُوبِ] أَلْ لِلْجِنْسِ. [قَوْلُهُ: كَرَاهِيَةً فِي الْمُشْتَرِي] أَيْ فَيُخْفِيهِ يُرِيدُ ضَرَرَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْبَائِعِ ظَاهِرٌ. [قَوْلُهُ: إنْ اُشْتُرِطَتْ] أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَلَوْ لَمْ يَحْمِلْ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا، وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ أَوْ عَلَى الْعُهْدَةِ إذَا لَمْ يَجْرِ بِهَا عَادَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا ذَكَرَ إنَّمَا هُوَ ضَمَانُ الدَّرَكِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا أَمْ لَا. [قَوْلُهُ: أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا] أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِذَلِكَ، وَإِنْ صَارَ عَادَةً بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ إذَا حَمَلَ النَّاسَ عَلَيْهَا صَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مُعْتَادَةً بِتَكَرُّرِهَا. [قَوْلُهُ: أَيْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ] فَإِنْ قُلْت: كَانَ الْوَاجِبُ ثَلَاثَ لَيَالٍ لِأَجْلِ تَذْكِيرِ الْعَدَدِ قُلْت: الْمَعْدُودُ إذَا حُذِفَ يَجُوزُ تَذْكِيرُ الْعَدَدِ وَتَأْنِيثُهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَعْدُودُ مُذَكَّرًا. [قَوْلُهُ: أَلْغَى ذَلِكَ الْيَوْمَ] أَيْ فَيُلْغَى الْيَوْمُ الْمَسْبُوقُ بِالْفَجْرِ.
[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْخِيَارِ] لَا يَخْفَى أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي أَيَّامِ الْمُوَاضَعَةِ فَالزَّمَانُ يُحْسَبُ لَهُمَا فَإِذَا انْقَضَتْ أَيَّامُ الْعُهْدَةِ قَبْلَ رُؤْيَةِ الدَّمِ انْتَظَرَتْهُ [قَوْلُهُ: ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ] أَيْ بِلَيَالِيِهَا [قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَدَ دَاءً فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ] لَعَلَّ الْعُدُولَ عَنْ قَوْلِهِ فِيهَا الْإِشَارَةُ إلَى مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا، فَالْمُسْتَفَادُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا ذَكَرَ كَوْنُهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا، وَالْمُرَادُ أَيُّ حَادِثٍ، وَلَوْ مَوْتًا أَوْ غَرَقًا أَوْ حَرْقًا أَوْ سُقُوطًا مِنْ عَالٍ أَوْ قَتْلَ نَفْسِهِ. [قَوْلُهُ: كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ] أَيْ فَتَشْهَدُ إمَّا مُعْتَمِدَةً عَلَى رُؤْيَةٍ أَوْ إخْبَارٍ عَنْ رُؤْيَةٍ أَوْ عَادَةٍ قَاطِعَةٍ أَوْ لِحَادِثَةٍ بِحُدُوثِ زَمَنِهَا [قَوْلُهُ: أَنَّهُ اشْتَرَاهُ] أَيْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَبِهِ هَذَا الدَّاءُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّ هَذَا الدَّاءَ حَدَثَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ وَهُوَ بَعْدَ الشِّرَاءِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ دَاءٌ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَلَا يَدْرِي هَلْ حَدَثَ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ تَقْطَعَ عَادَةٌ، وَأَوْلَى شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ عَنْ رُؤْيَةٍ أَوْ إخْبَارٍ عَنْ رُؤْيَةٍ أَوْ تُظَنُّ عَادَةٌ بِحُدُوثِهِ زَمَنَهَا فَمِنْ الْبَائِعِ دُونَ يَمِينِ الْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى وَبِهَا فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ قَطَعْت بِأَنَّ بَعْدَهَا فَمِنْ الْمُشْتَرِي بِدُونِ يَمِينٍ عَلَى الْبَائِعِ كَأَنْ ظَنَّتْ أَوْ شَكَّتْ مَعَ يَمِينِ الْبَائِعِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي عُهْدَةِ السُّنَّةِ. وَقَوْلُهُ: وَبِهِ هَذَا الدَّاءُ آخِرَ الْحَدِيثِ. [قَوْلُهُ: وَكِسْوَتُهُ] أَيْ مَا يَقِيهِ مِنْ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ هُوَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ فَقَطْ. [قَوْلُهُ: وَغَلَّتُهُ لَهُ] وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا جَنَى إنْسَانٌ عَلَى الْمَبِيعِ زَمَنَ الْعُهْدَةِ فَإِنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ، وَكَذَا مَا وَهَبَ لِلْعَبْدِ فِي أَيَّامِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَ الرَّقِيقِ فَإِنَّ مَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ فِي أَيَّامِهَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي. [قَوْلُهُ: جَائِزَةٌ] لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ جَائِزَةٌ يَقْضِي بِهَا؛ لِأَنَّهُ جَارٍ عَلَى الْعُهْدَةِ مُطْلَقًا. [قَوْلُهُ: عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ] أَيْ دَلِيلُنَا عَلَى الْعُهْدَةِ الْمَذْكُورَةِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَذَا عُهْدَةُ الثَّلَاثِ أَفَادَهُ التَّوْضِيحُ. [قَوْلُهُ: يُسْتَقْبَلُ بِهَا إلَخْ] بَلْ وَتَكُونُ بَعْدَ الْمُوَاضَعَةِ أَيْضًا. [قَوْلُهُ: بِمَسِّ جَانٍّ] أَيْ أَوْ بِطَبْعٍ [قَوْلُهُ: لَا مَا يَكُونُ مِنْ ضَرْبَةٍ] أَيْ أَوْ طَرْبَةِ أَوْ