الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَقَدْ ضَاعَ وَلَا فَرَّطْت وَلَا ضَيَّعْت وَلَا تَعَدَّيْت وَلَا أَعْرِفُ مَوْضِعَهُ وَغَيْرُ الْمُتَّهَمِ لَا يَحْلِفُ إلَّا عَلَى عَدَمِ التَّفْرِيطِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِي إخْفَائِهِ (وَثَمَرَةُ النَّخْلِ الرَّهْنُ لِلرَّاهِنِ) وَهُوَ دَافِعُ الرَّهْنِ كَانَتْ الثِّمَارُ مَوْجُودَةً أَوْ مَعْدُومَةً حِينَ الرَّهْنِ مَأْبُورَةً أَوْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ (وَكَذَلِكَ غَلَّةُ الدُّورِ) لِلرَّاهِنِ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ فَيَكُونُ لَهُ
(وَالْوَلَدُ رَهْنٌ مَعَ الْأَمَةِ الرَّهْنِ تَلِدُهُ بَعْدَ الرَّهْنِ) وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ دُخُولِ الْوَلَدِ فِي الرَّهْنِ لَمْ يَجُزْ (وَلَا يَكُونُ مَالُ الْعَبْدِ رَهْنًا مَعَهُ إلَّا بِشَرْطٍ) كَانَ مَالُهُ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا لِأَنَّ رَهْنَ الْغَرَرِ جَائِزٌ (وَمَا هَلَكَ بِيَدِ أَمِينٍ) مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ (فَهُوَ مِنْ الرَّاهِنِ) دُونَ الْأَمِينِ لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْأَمِينِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْعَارِيَّةِ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَرَّفَهَا ابْنُ الْحَاجِبُ بِأَنَّهَا تَمْلِيكُ مَنَافِعِ الْعَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ
وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ، الْأَوَّلُ: الْمُعِيرُ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية العدوي]
يَظُنُّهُ وَإِنَّمَا حَلَفَ فِيهِمَا مَعَ ضَمَانَةِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ لِلِاتِّهَامِ عَلَى تَغْيِيبِهِ وَإِخْفَائِهِ رَغْبَةً فِيهِ، وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ وَلَمْ تَشْهَدْ مَعَ ذَلِكَ بِتَلَفِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَيَضْمَنُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَإِتْيَانِهِ بِبَعْضِهِ مُحَرَّقًا وَلَا يُعْلَمُ احْتِرَاقُ مَحِلِّهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ إذْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ غَيَّبَهُ كَشَهَادَتِهَا عَلَيْهِ بِتَلَفِهِ بِسَبَبِهِ أَوْ مُجْمَلًا فَيَضْمَنُهُ، وَلَا يَحْلِفُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْحَلِفِ نَفْيُ الضَّمَانِ.
[قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْمُتَّهَمِ] أَيْ الَّذِي هُوَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ الَّذِي لَا ضَمَانَ فِيهِ.
وَقَوْلُهُ: إلَّا عَدَمَ التَّفْرِيطِ أَيْ لِأَنَّهُ إذَا فَرَّطَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ.
وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِي إخْفَائِهِ أَيْ فَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الضَّيَاعَ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ ضَمَانُ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ قُبِضَ الدَّيْنُ أَوْ وُهِبَ إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ لِرَبِّهِ بَعْدَ بَرَاءَتِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى ضَاعَ فَضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ سَوَاءٍ.
قَالَ: أَتْرُكُهُ عِنْدَك أَوَّلًا أَوْ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ فَقَالَ: اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَضَاعَ لِأَنَّهُ صَارَ فِي الْحَالَتَيْنِ كَالْوَدِيعَةِ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: كَانَتْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً إلَخْ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ أَيْ مُطْلَقًا مَوْجُودَةً يَوْمَ الرَّهْنِ أَمْ لَا.
[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ غَلَّةُ الدُّورِ لِلرَّاهِنِ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَمِثْلُ ذَلِكَ أُجْرَةُ الْعَبْدِ.
[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ] أَيْ إدْخَالَهُ فِي الرَّهْنِ.
[قَوْلُهُ: مَعَ الْأَمَةِ الرَّهْنُ] سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ أَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الرَّهْنِ، وَمِثْلُ الْأَمَةِ سَائِرُ الْحَيَوَانِ الْمَرْهُونِ، وَمِثْلُ الْوَلَدِ فِي الدُّخُولِ فِي الرَّهْنِيَّةِ الصُّوفُ التَّامُّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّوفِ وَالثَّمَرَةِ أَنَّ الصُّوفَ التَّامَّ سِلْعَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَالسُّكُوتُ عَنْهُ وَقْتَ الرَّهْنِيَّةِ دَلِيلٌ عَلَى إدْخَالِهِ فِي الرَّهْنِيَّةِ.
[قَوْلُهُ: تَلِدُهُ بَعْدَ الرَّهْنِ] وَأَمَّا مَا انْفَصَلَ قَبْلَ الرَّهْنِيَّةِ فَلَا يَدْخُلُ.
[قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ دُخُولِ الْوَلَدِ فِي الرَّهْنِ لَمْ يَجُزْ] أَيْ وَيَكُونُ الرَّهْنُ بَاطِلًا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.
[قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطٍ] أَيْ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهِ فِي الرَّهْنِ، وَمِثْلُ مَالِ الْعَبْدِ بَيْضُ الطَّيْرِ لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ إلَّا بِشَرْطٍ.
[أَحْكَام الْعَارِيَّةِ]
[قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا حُكِيَ فِي تَخْفِيفِهَا وَهِيَ اسْمُ مَصْدَرٍ، وَالْمَصْدَرُ إعَارَةٌ وَالْمُرَادُ هُنَا الشَّيْءُ الْمُعَارُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّعَاوُرِ الَّذِي هُوَ التَّدَاوُلُ.
[قَوْلُهُ: تَمْلِيكُ مَنَافِعِ الْعَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ] تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهَا إلَّا مَصْدَرًا وَالْعُرْفُ إنَّمَا اسْتَعْمَلَهَا اسْمًا، وَاعْتَرَضَ بِكَوْنِهِ أَيْضًا غَيْرَ مَانِعٍ لِدُخُولِ أَشْيَاءَ وَلِذَلِكَ عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ لَا بِعِوَضٍ فَيَخْرُجُ تَمْلِيكُ الذَّوَاتِ وَتَمْلِيكُ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ فِيهَا تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الِانْتِفَاعِ.
وَقَوْلُهُ: مُؤَقَّتَةٌ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِتَدْخُلَ الْمُعْتَادَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِإِخْرَاجِ الْحَبْسِ. فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ التَّأْبِيدُ أَوْ لِأَنَّ الْحَبْسَ فِيهِ مِلْكُ الِانْتِفَاعِ لَا الْمَنْفَعَةُ فَتَأَمَّلْ.
وَقَوْلُهُ: لَا بِعِوَضٍ خَرَجَ بِهِ الْإِجَارَةُ وَأَمَّا تَعْرِيفُهَا بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ: وَالْعَارِيَّةُ أَيْ مَالٌ ذُو مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ مُلِّكَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ.
[قَوْلُهُ: مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ إلَخْ] أَيْ فَإِعَارَةُ الْفُضُولِيِّ مِلْكَ الْغَيْرِ بَاطِلَةٌ كَهِبَتِهِ وَوَقْفِهِ وَسَائِرِ مَا أَخْرَجَهُ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ لَا عَلَى عِوَضٍ كَبَيْعِهِ فَصَحِيحٌ يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى رِضَا مَالِكِهِ [قَوْلُهُ: بِإِجَارَةٍ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ بِإِجَارَةٍ.
وَقَوْلُهُ: أَوْ عَارِيَّةٍ لِأَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ إنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ لَهُ وَلَوْ بِلِسَانِ الْحَالِ.
حَجْرٌ فَلَا تَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا سَفِيهٍ وَلَا عَبْدٍ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.
الثَّانِي: الْمُسْتَعِيرُ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ بِالْمُسْتَعَارِ فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ.
الثَّالِثُ: الْمُسْتَعَارُ وَشَرْطُهُ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَيْنًا لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْمُسْتَعِيرُ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي تَبَرَّعَ الْمُعِيرُ بِهَا عَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ قَرْضًا لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ إلَّا لِاسْتِهْلَاكِ أَعْيَانِهَا، وَالْآخَرُ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً فَلَا تُعَارُ الْأَمَةُ لِلِاسْتِمْتَاعِ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إعَارَةِ الْفُرُوجِ.
الرَّابِعُ: مَا بِهِ تَكُونُ الْإِعَارَةُ نَحْوُ أَعَرْتُك وَخُذْ هَذَا عَارِيَّةً أَوْ أَعِرْنِي فَيَقُولُ: نَعَمْ أَوْ يُومِئُ بِرَأْسِهِ.
وَحُكْمُهَا النَّدْبُ وَتَتَأَكَّدُ فِي الْقَرَابَةِ وَالْجِيرَانِ وَالْأَصْحَابِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى:{وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] وَمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ وَالدَّيْنُ يُقْضَى وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ» الْمِنْحَةُ الشَّاةُ الْمُسْتَعَارَةُ لِيُنْتَفَعَ بِلَبَنِهَا ج: وَمُؤَدَّاةٌ مَضْمُونَةٌ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَارَ مِنْ صَفْوَانَ دِرْعَهُ فَقَالَ: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ: لَا بَلْ عَارِيَّةً مَضْمُونَةً» .
وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: (وَالْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ) ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (يَضْمَنُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ) إلَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
[قَوْلُهُ: وَلَا عَبْدٌ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ] أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ بِالْأَعْوَاضِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْعَارِيَّةِ إلَّا مَا كَانَ اسْتِئْلَافًا لِلتِّجَارَةِ، وَعَارِيَّةُ الزَّوْجَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ صَحِيحَةٌ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ فَبَاطِلَةٌ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي يُنْظَرُ لِكَوْنِهِ قَدْرَ الثُّلُثِ فَأَكْثَرَ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ الْمُعَارَةِ لَا قِيمَةُ ذِي الْمَنْفَعَةِ.
[قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ الْمُسْلِمِ] أَيْ إعَارَةُ الْغُلَامِ الْمُسْلِمِ لِخِدْمَةِ الذِّمِّيِّ وَلَا يَرِدُ أَنَّ هِبَةَ ذَاتِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ مَمْنُوعَةٌ ابْتِدَاءً وَمَاضِيَةٌ بَعْدَ الْوُقُوعِ لِأَنَّهُ لَمَّا أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ لَمْ يَسْتَقِرَّ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ بِخِلَافِ هِبَةِ مَنْفَعَتِهِ أَوْ إعَارَتِهِ فَيَغْلِبُ فِيهِ قَصْدُ الْإِذْلَالِ، وَقِيلَ: بِالصِّحَّةِ وَتُبَاعُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ.
[قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ الْأَطْعِمَةِ] فَإِذَا أَعَارَهُ إرْدَبًّا مِنْ الْقَمْحِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَعَرْتُك هَذَا الْإِرْدَبَّ مَثَلًا فَتِلْكَ إعَارَةٌ بَاطِلَةٌ، فَلَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ دَفْعُ ذَلِكَ الْإِرْدَبِّ لِلْمُسْتَعِيرِ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ إلَخْ] عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: فَلَا تَصِحُّ إعَارَةٌ، وَلِقَوْلِهِ: وَإِنَّمَا تَكُونُ قَرْضًا أَيْ وَحَيْثُ إنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا قَرْضًا فَيَضْمَنُهَا الْآخِذُ لَهَا وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْهَلَاكِ وَلَوْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ، وَمُفَادُ هَذَا الْحَصْرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِعَارَتُهَا لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ.
[قَوْلُهُ: فَلَا تُعَارُ الْأَمَةُ لِلِاسْتِمْتَاعِ] أَيْ أَوْ الزَّوْجَةُ لِذَلِكَ، وَكَذَا لَا تُعَارُ الْأَمَةُ لِخِدْمَةِ بَالِغٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ أَوْ لِمَنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ فَرْعُ الْمِلْكِ وَمِلْكُهَا لَا يَسْتَقِرُّ لِمَنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أُعِيرَتْ الْأَمَةُ أَوْ الْعَبْدُ لِمَنْ يُعْتَقَانِ عَلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ الْعَارِيَّةُ وَيَمْلِكَانِ خِدْمَتَهُمَا تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَا يَمْلِكُهَا السَّيِّدُ وَلَا الْمُسْتَعِيرُ، وَأَمَّا عَارِيَّةُ الْمَرْأَةِ لِامْرَأَةٍ مِثْلِهَا أَوْ لِصَبِيٍّ أَوْ لِمَحْرَمِهَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ.
[قَوْلُهُ: نَحْوُ أَعَرْتُك] أَيْ وَيَقْبَلُ الْآخَرُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ كَمَا تَكُونُ بِالْقَوْلِ تَكُونُ بِالْفِعْلِ الَّذِي تُفْهَمُ مِنْهُ، ثُمَّ إنْ قُيِّدَتْ بِزَمَنٍ فَلَا إشْكَالَ فِي لُزُومِهَا لَهُ وَإِلَّا فَاللَّازِمُ مَا تُعَارُ لِمِثْلِهِ.
[قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا] أَيْ الْأَصْلُ النَّدْبُ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا الْوُجُوبُ كَمَنْ مَعَهُ شَيْءٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَطَلَبَهُ مَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ الْهَلَاكُ بِتَرْكِهِ كَكِسَاءٍ فِي زَمَنِ شِدَّةِ بَرْدٍ، وَالْحُرْمَةُ إذَا كَانَتْ تُعِينُ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَالْكَرَاهَةُ إذَا كَانَتْ تُعِينُ عَلَى فِعْلِ مَكْرُوهٍ، وَالْإِبَاحَةُ إذَا أَعَارَهَا غَنِيًّا.
[قَوْلُهُ: وَتَتَأَكَّدُ فِي الْقَرَابَةِ وَالْجِيرَانِ] أَيْ وَتَتَأَكَّدُ فِيمَا قَلَّ أَيْضًا كَالْفَأْسِ وَالْقِدْرِ وَالدَّلْوِ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ، أَيْ تَتَأَكَّدُ مِنْ حَيْثُ حُكْمُهَا وَهُوَ النَّدْبُ وَلَوْ قَالَ وَيَتَأَكَّدُ أَيْ النَّدْبُ لَكَانَ أَوْضَحَ.
[قَوْلُهُ: مَضْمُونَةٌ] وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَرْدُودَةٌ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ.
[قَوْلُهُ: مَرْدُودَةٌ] أَيْ يَجِبُ رَدُّهَا لِأَرْبَابِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الِاسْتِعَارَةِ، وَقَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ يُقْضَى أَيْ يَجِبُ قَضَاؤُهُ.
وَقَوْلُهُ: «وَالزَّعِيمُ أَيْ الْكَفِيلُ أَيْ الضَّامِنُ غَارِمٌ» .
وَقَوْلُهُ: مَضْمُونَةٌ أَيْ يَضْمَنُهَا الْمُسْتَعِيرُ إذَا ادَّعَى تَلَفَهَا مَثَلًا وَكَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ مَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ.
[قَوْلُهُ: اسْتَعَارَ مِنْ صَفْوَانَ] أَيْ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ.
[قَوْلُهُ: دِرْعُهُ] قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: دِرْعُ الْحَدِيدِ مُؤَنَّثَةٌ، وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَةَ أَنَّ الدِّرْعَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ.
[قَوْلُهُ: يَضْمَنُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ] لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ لَا تَنْقُصُ