المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الأيمان وما يتعلق بها] - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني - جـ ٢

[العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي الْجِهَادِ]

- ‌[الْأَمْوَالِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَدُوِّ]

- ‌بَابٌ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُور]

- ‌[الْأَيْمَانِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْكَفَّارَةُ) فِي الْيَمِينِ

- ‌[النُّذُور وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌ تَكَرُّرِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِ تَكَرُّرِهَا بِتَكَرُّرِ الْيَمِينِ

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاح]

- ‌ الصَّدَاقُ

- ‌[الْوِلَايَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَرَاتِبِ الْأَوْلِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّيِّبِ

- ‌ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ

- ‌ الْأَنْكِحَةَ الْفَاسِدَةَ

- ‌[حُكْمَ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ]

- ‌ مُوجِبَ النَّفَقَةِ

- ‌نِكَاحُ التَّفْوِيضِ

- ‌[اخْتِلَاف دِين الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ نِكَاحِهَا

- ‌ شُرُوطِ الْوَلِيِّ

- ‌[الطَّلَاقِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاقَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌ الرَّجْعَةِ

- ‌ الْخُلْعِ

- ‌[أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْإِيلَاءِ]

- ‌[بَابٌ فِي الظِّهَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌ صِفَةُ اللِّعَانِ

- ‌[أَحْكَامٍ اللِّعَان]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَنَفَقَةِ الْمُطَلَّقَة]

- ‌[حُكْم الْإِحْدَادُ]

- ‌[أَحْكَام الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[نَفَقَة الْمُطَلَّقَة]

- ‌[أَحْكَام الرَّضَاعَة]

- ‌[أَحْكَام الْحَضَانَةُ]

- ‌[بَاب النَّفَقَة]

- ‌ بَابٌ فِي الْبُيُوعِ

- ‌[الربا وَأَنْوَاعه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَسَائِلَ مَمْنُوعَةٍ فِي الْبَيْع]

- ‌[خِيَار النَّقِيصَة]

- ‌ خِيَارِ التَّرَوِّي

- ‌ حُكْمِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ

- ‌[تَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَتَأْخِيرِهِ بِزِيَادَةٍ]

- ‌ الزِّيَادَةِ فِي الْقَرْضِ عِنْدَ الْأَجَلِ

- ‌ تَعْجِيلِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ

- ‌[بَيْع الثمر قَبْل بدو صلاحه]

- ‌[مَسَائِل مُتَنَوِّعَة فِي الْبَيْع]

- ‌[السَّلَم وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ مَسَائِلِ بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌ بَيْعِ الْجُزَافِ

- ‌[سَوْم الْإِنْسَان عَلَيَّ سَوْم أخيه]

- ‌[مَا يَنْعَقِد بِهِ الْبَيْع]

- ‌[الْإِجَارَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْجَعَالَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْكِرَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الشَّرِكَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا مِنْ أَحْكَام]

- ‌[أَرْكَان الشَّرِكَة]

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[الْمُزَارَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْجَوَائِحِ

- ‌الْعَرَايَا

- ‌ بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[التَّدْبِير وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الْكِتَابَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَام الْعِتْق وَالْوَلَاء]

- ‌بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ

- ‌[بَاب الْهِبَة وَالصَّدَقَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[مَطْلَبُ فِي الرَّهْنِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَارِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَدِيعَة]

- ‌[أَحْكَام اللُّقَطَة]

- ‌[الْغَصْب وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْمُثْبِتِ لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْحُدُود] [

- ‌[أَحْكَام الْقَسَامَة]

- ‌قَتْلُ الْغِيلَةِ)

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[الدِّيَة فِي النَّفْس]

- ‌ دِيَةَ الْأَعْضَاءِ

- ‌[دِيَة الْجِرَاحَات]

- ‌[عَلَيَّ مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[مِنْ يَقْتُلُونَ وجوبا]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[حَدّ الزِّنَا]

- ‌حَدَّ الْقَذْفِ

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[حَدّ الشُّرْب]

- ‌[كَيْفِيَّة إقَامَة الْحَدّ]

- ‌[حَدّ السَّرِقَة]

- ‌[بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ]

- ‌[الأقضية وَأَحْكَامهَا]

- ‌[أَحْكَام الشَّهَادَات]

- ‌[مَسَائِل فِي الْوَكَالَة]

- ‌[أَحْكَام الصُّلْح]

- ‌ مَسَائِلَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ

- ‌[أَحْكَام الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[أَحْكَام الْوَصِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْحِيَازَةِ]

- ‌[بَاب الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالسَّبَبِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَرِثُ بِالنَّسَبِ

- ‌[مِنْ يحجب الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات الْأَشِقَّاء]

- ‌ حُكْمِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

- ‌ مِيرَاثِ الْجَدَّاتِ

- ‌[مِيرَاث الْجَدّ]

- ‌[مَسْأَلَة المعادة]

- ‌[مَا يَرِثُهُ مَوْلَى النِّعْمَةِ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ]

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمَسْأَلَةِ الْغَرَّاءِ

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَجُمَلٍ مِنْ السُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ الْفِطْرَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ آدَابِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ السَّلَامِ]

- ‌ بَابٌ فِي التَّعَالُجِ]

- ‌ بَابٌ فِي الرُّؤْيَا]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[الأيمان وما يتعلق بها]

‌بَابٌ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُور]

(بَابٌ) فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ مِنْ (الْأَيْمَانِ) جَمْعُ يَمِينٍ، وَمَا لَا يَجُوزُ، وَمَا يَلْزَمُ مِنْهَا، وَمَا لَا يَلْزَمُ (وَ) فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ مِنْ (النُّذُورِ) ، وَمَا لَا يَجُوزُ، وَمَا يَلْزَمُ مِنْهَا، وَمَا لَا يَلْزَمُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَالْيَمِينُ بِمَعْنَى الْقَسَمِ وَالْحَلِفِ مُؤَنَّثَةٌ بِلَا خِلَافٍ، وَهِيَ لُغَةً: مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي هِيَ الْجَارِحَةُ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا حَلَفُوا وَضَعَ أَحَدُهُمْ يَمِينَهُ فِي يَمِينِ صَاحِبِهِ فَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا، لِذَلِكَ وَاصْطِلَاحًا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ.

(وَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ) أَيِّ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ الذَّاتِيَّةِ، كَالْوَحْدَانِيَّةِ وَالْقِدَمِ وَالْوُجُودِ أَوْ الْمَعْنَوِيَّةِ كَالْحَيَاةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ. (أَوْ لِيَصْمُتْ) أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُور]

[الْأَيْمَانِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

ِ. [قَوْلُهُ: مِنْ الْأَيْمَانِ] أَيْ مِنْ مُتَعَلِّقِ الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ بِهِ مُتَعَلَّقُ الْيَمِينِ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَوْ الشَّرْعِيِّ [قَوْلُهُ: وَمَا يَلْزَمُ إلَخْ] عَطْفٌ لَازِمٌ عَلَى مَلْزُومٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْجَوَازِ اللُّزُومُ، وَمِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمُ اللُّزُومِ. [قَوْلُهُ: وَمَا لَا يَلْزَمُ إلَخْ] لَيْسَ نَظِيرُ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النُّذُورِ لَا يَجُوزُ جَوَازًا مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَلْزَمُ كَمَا سَيَأْتِي. [قَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ] أَيْ الْجَائِزِ وَغَيْرُ الْجَائِزِ وَاللَّازِمُ، وَغَيْرُهُ فِي الْبَابَيْنِ كَالْكَفَّارَةِ [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْقَسَمِ وَالْحَلِفِ] أَيْ حَالَ كَوْنِهَا بِمَعْنَى الْقَسَمِ وَالْحَلِفِ مُؤَنَّثَةً، وَلَا مَفْهُومَ لَهُ، فَالْيَمِينُ فِي الْحَلِفِ وَالْعُضْوِ مُؤَنَّثَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ تت وَقَالَ تت: وَالْيَمِينُ وَالْحَلِفُ وَالْإِيلَاءُ وَالْقَسَمُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ، وَالْحَلِفُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ.

[قَوْلُهُ: مَأْخُوذَةٌ] أَيْ مَدْلُولُ لَفْظِهِ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ الْيَمِينِ الَّتِي هِيَ الْجَارِحَةُ، أَيْ فَالْيَمِينُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْجَارِحَةِ ثُمَّ نُقِلَ إلَى الْحَلِفِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ لِلْيَمِينِ الْحَلِفُ، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَارِحَةَ لَيْسَتْ مَعْنًى لُغَوِيًّا، وَمُفَادُ الْمِصْبَاحِ أَنَّ الْيَمِينَ حَقِيقَةٌ فِي الْجَارِحَةِ مَجَازٌ فِي غَيْرِهَا، فَقَالَ الْيَمِينُ الْجَارِحَةُ وَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَحَالَفُوا ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِينَهُ عَلَى يَمِينِ صَاحِبِهِ فَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا مَجَازًا. انْتَهَى. وَرَأَيْتُ التَّعْبِيرَ بِالضَّرْبِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ. [قَوْلُهُ: فَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا] أَيْ فَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْمَنْقُولِ عَنْهُ وَالْمَنْقُولِ إلَيْهِ الْمُجَاوَرَةُ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ اللُّزُومِ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَسُمِّيَ الْعُضْوُ يَمِينًا لِوُفُورِ قُوَّتِهِ عَلَى الْيَسَارِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} [الحاقة: 45] أَيْ الْقُوَّةِ. انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا إلَخْ] ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ لِتَعْرِيفِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعَرَّفَهُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ، أَيْ مَا لَمْ يَجِبْ وُقُوعُهُ بِأَنْ أَمْكَنَ عَادَةً كَلَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ أَوْ عَقْلًا كَلَأَشْرَبَنَّ الْبَحْرَ غَدًا أَوْ الْآنَ، وَلَا يُقَالُ هَذِهِ غَمُوسٌ وَهِيَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْغَمُوسُ لَا تَكُونُ فِي مُسْتَقْبَلٍ، وَكَذَا اللَّغْوُ بَلْ يُكَفِّرُ كُلٌّ إنْ تَعَلَّقَ بِالْمُسْتَقْبَلِ كَذَا فِي الزَّرْقَانِيِّ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ كَانَ حَالِفًا] أَيْ مُرِيدًا الْحَلِفَ. [قَوْلُهُ: أَيْ بِاسْمِ اللَّهِ] أَيْ لَا بِالنَّبِيِّ وَلَا بِغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مُعَظَّمٌ شَرْعًا أَوْ لَا. [قَوْلُهُ: أَوْ صِفَتِهِ الذَّاتِيَّةِ كَالْوَحْدَانِيَّةِ] فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْوَحْدَانِيَّةَ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا لَيْسَتْ مِنْ الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ الْمَعْنَوِيَّةِ إلَخْ. لِأَنَّ الْحَيَاةَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا مِنْ صِفَاتِ الْمَعَانِي لَا الْمَعْنَوِيَّةِ، وَمِنْ أَفْرَادِ الصِّفَةِ الذَّاتِيَّةِ الْقُرْآنُ وَالْمُصْحَفُ أَوْ كَلِمَةٌ أَوْ آيَةٌ مِنْهُ، وَنَوَى الْمَعْنَى الْقَدِيمَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَوْ نَوَى شَيْئًا وَنَسِيَهُ لَا إنْ أَرَادَ

ص: 19

يَسْكُتْ فَالْحَلِفُ بِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ الذَّاتِيَّةِ أَوْ الْمَعْنَوِيَّةِ لَا يَكُونُ يَمِينًا شَرْعًا، لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«أَلَا إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» فَأَمَرَ بِالصَّمْتِ عَمَّا عَدَا الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، فَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِتَحْرِيمِ الْيَمِينِ بِغَيْرِ اللَّهِ.

قَالَهُ ابْنُ عَبْدُ السَّلَامِ وَشَهَرَ ك كَرَاهَةَ الْحَلِفِ بِحَقٍّ بِغَيْرِ اللَّهِ مِمَّا لَا يُعَظِّمُ أَهْلُ الْكُفْرِ كَالْمَسْجِدِ وَالرَّسُولِ وَمَكَّةَ.

(وَيُؤَدَّبُ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ) إذَا كَانَ بَالِغًا عَالِمًا مُعْتَادًا

ــ

[حاشية العدوي]

اللَّفْظَ الْحَادِثَ فَلَا، وَكَذَا مِنْهَا عِزَّةُ اللَّهِ حَيْثُ أَرَادَ بِهَا قُوَّتَهُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا فِيمَا يَظْهَرُ لَا إنْ أَرَادَ بِالْمَعْنَى الْمَخْلُوقَ فَلَا.

تَنْبِيهٌ: اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ بِاسْمِ اللَّهِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْبَيَانِ أَيْ هُوَ اسْمُ اللَّهِ، كَأَنْ تَقُولَ بِاَللَّهِ أَوْ اللَّهِ بِحَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ، وَهَا لِلَّهِ بِحَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ، وَإِقَامَةِ هَا التَّنْبِيهِ مَقَامَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ بِكُلِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْخَالِقُ وَالرَّازِقُ وَالْعَزِيزُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُجْعَلُ الْخَالِقُ وَالرَّزَّاقُ دَاخِلًا فِي صِفَتِهِ بِضَرْبٍ مِنْ التَّسَمُّحِ، وَالْأَوْلَى تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِالذَّاتِيَّةِ؛ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ الصِّفَةَ النَّفْسِيَّةَ، كَالْوُجُودِ بِخِلَافِ الِاسْمِ الدَّالِّ عَلَيْهَا كَالْمَوْجُودِ، أَيْ فَلَا يَدْخُلُ فِي الصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ فِي الْأَسْمَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ أَرَادَ بِهِ الْمَوْجُودَ حَقِيقَةً، وَيَشْمَلُ الصِّفَاتِ الْجَامِعَةِ كَالْجَلَالِ وَالْعَظَمَةِ وَيَشْمَلُ الْوَحْدَانِيَّةَ، وَالْقِدَمَ مِنْ صِفَاتِ السَّلْبِ، وَانْظُرْ هَلْ يَشْمَلُ بَقِيَّةَ صِفَاتِ السَّلْبِ أَمْ لَا. كَمَا قَالَ عج قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَقِيَّةَ صِفَاتِ السَّلْبِ كَذَلِكَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْمَعْنَوِيَّةِ تَصْرِيحٌ بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ بِهَا، وَإِنْ كَانَ فِي التَّمْثِيلِ شَيْءٌ كَمَا قَرَّرْنَا، وَبَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ نَظَرَ فِيهَا قُلْت وَالظَّاهِرُ الِانْعِقَادُ بِهَا وَلَا تَدْخُلُ صِفَاتُ الْأَفْعَالِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ لِيَصْمُتْ] أَيْ لَا يَحْلِفْ لَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الصَّمْتُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ بِاَللَّهِ، وَالتَّخْيِيرُ فِي حَقِّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَيَحْلِفُ لِيَبْرَأَ أَوْ يَتْرُكُ وَيَغْرَمُ. [قَوْلُهُ: فَالْحَلِفُ بِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ الذَّاتِيَّةِ] دَخَلَ فِي الْغَيْرِ صِفَاتُ الْأَفْعَالِ وَعِبَارَتُهُ، وَإِنْ شَمِلَتْ الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةَ إلَّا أَنَّهَا تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ. [قَوْلُهُ: أَلَا إلَخْ] أَدَاةُ اسْتِفْتَاحٍ يُفْتَتَحُ بِهَا الْكَلَامُ. [قَوْلُهُ: يَنْهَاكُمْ] أَيْ نَهْيَ تَحْرِيمٍ [قَوْلُهُ: فَأَمَرَ بِالصَّمْتِ إلَخْ] أَيْ فَاللَّامُ لَامُ الْأَمْرِ [قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهُ إلَخْ] الْأَحْسَنُ وَظَاهِرُهُ بِالْوَاوِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ إلَخْ. فَإِنْ قُلْت هَلَّا أَخَذَ التَّحْرِيمَ مِنْ قَوْلِهِ يَنْهَاكُمْ قُلْت إنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ لِقُصُورِهِ عَلَى الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ فَلَا يَشْمَلُ الْحَلِفَ بِغَيْرِهِمْ مِمَّا لَمْ يَكُنْ اسْمًا لِلَّهِ، وَلَا صِفَةً لَهُ، وَالْتَفَتَ الْقُرْطُبِيُّ إلَى النَّهْيِ فَقَالَ: إنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمَ غَيْرِ اللَّهِ بِمِثْلِ مَا يُعَظَّمُ بِهِ اللَّهُ، وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ، وَهَذَا جَارٍ فِي كُلِّ مَحْلُوفٍ بِهِ غَيْرِهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْآبَاءَ؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ الَّذِي أَثَارَ الْحَدِيثَ حِينَ سَمِعَ عُمَرَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ. اهـ.

الْمُرَادُ مِنْهُ [قَوْلُهُ: وَشَهَرَ ك] ضَعِيفٌ إذْ الرَّاجِحُ الْحُرْمَةُ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ، إذَا كَانَ الْحَالِفُ صَادِقًا، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَيَحْرُمُ قَطْعًا، بَلْ رُبَّمَا كَانَ بِالنَّبِيِّ كُفْرًا لِأَنَّهُ اسْتِهْزَاءٌ بِهِ كَذَا فِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ.

[قَوْلُهُ: بِحَقٍّ] الْأَوْلَى حَذْفُ بِحَقٍّ وَيَقُولُ كَرَاهَةُ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا قَالَ وَالْمَسْجِدِ أَوْ وَحَقِّ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ [قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يُعَظَّمُ إلَخْ] أَيْ، وَأَمَّا الْحَلِفُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَحَرَامٌ، وَإِنْ اعْتَقَدَ تَعْظِيمَ هَذِهِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ حَلِفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَنَحْوِهِمَا مِمَّا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَتَّى الْأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ، كَالْمَسِيحِ وَالْعُزَيْرِ وَقَصَدَ بِالْقَسَمِ بِهَا تَعْظِيمَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مَعْبُودَاتٍ فَهُوَ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْظِيمَهَا فَحَرَامٌ اتِّفَاقًا فِي الْأَصْنَامِ، وَعَلَى خِلَافٍ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَكُلِّ مُعَظَّمٍ شَرْعًا.

ص: 20

لِلْحَلِفِ بِذَلِكَ وَيَكُونُ ذَلِكَ جُرْحَةً فِي شَهَادَتِهِ وَالْأَدَبُ بِذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْيَمِينَ بِذَلِكَ حَرَامٌ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ فَلَا يُؤَدَّبُ؛ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ جَائِزٌ شَرْعًا، وَالْجَائِزُ لَا يُؤَدَّبُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ حَنِثَ أَوْ لَمْ يَحْنَثْ، وَالْأَدَبُ عِنْدَ مَالِكٍ غَيْرُ مَحْدُودٍ بَلْ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ، وَقَيَّدْنَا بِالْبَالِغِ احْتِرَازًا مِنْ الصَّبِيِّ، وَبِالْعَالِمِ احْتِرَازًا مِنْ الْجَاهِلِ، وَبِالْمُعْتَادِ احْتِرَازًا مِمَّنْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةٌ، فَإِنَّهُ لَا أَدَبَ عَلَيْهِمْ فِي الْحَلِفِ بِذَلِكَ (وَ) مَعَ تَأْدِيبِ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ (يَلْزَمُهُ) مَا حَلَفَ بِهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ إذَا أَيْقَنَ بِالْحِنْثِ (وَلَا) تَنْفَعُ (ثُنْيَا) أَيْ اسْتِثْنَاءٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى. مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْحَالِفُ بَعْدَ تَلَفُّظِهِ بِالْمَحْلُوفِ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ.

(وَ) كَذَلِكَ (لَا) تَنْفَعُ (كَفَّارَةٌ) كَمَا لَا تَنْفَعُ ثُنْيَا، وَمَعْنَى عَدَمِ نَفْعِهِمَا أَنَّهُمَا لَا يُفِيدَانِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْمَانِ (إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ عز وجل أَيْ بِهَذَا الِاسْمِ الْعَظِيمِ (أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ) غَيْرِ هَذَا الِاسْمِ كَالْعَزِيزِ وَالْبَارِي (وَصِفَاتِهِ) أَيْ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ الثَّمَانِيَةِ: الْعِلْمِ، وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالْكَلَامِ وَالْبَصَرِ وَالسَّمْعِ وَالْحَيَاةِ وَالْبَقَاءِ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالذَّاتِيَّةِ احْتِرَازًا مِنْ الْفِعْلِيَّةِ كَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُحْلَفُ بِهَا أَصْلًا.

ــ

[حاشية العدوي]

تَنْبِيهٌ: قَالَ التَّادَلِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ مُبَاحَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ أَقَلُّ مَرَاتِبِ الْإِبَاحَةِ ك. قُلْت بَلْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَرْجُوحٌ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ قُلْت وَالْأَوَّلُ، هُوَ مَذْهَبُ الْأَكْثَرِ الصَّحِيحُ.

قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُبَاحٌ مَا لَمْ يَعْرِضْ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ، كَالْيَمِينِ عَلَى إنْقَاذِ مُسْلِمٍ مِنْ يَدِ ظَالِمٍ فَإِنَّهَا تَجِبُ، أَوْ عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ أَوْ تُكْرَهُ.

[قَوْلُهُ: مُعْتَادًا] وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا يَجْرِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحَلِفِ بِغَيْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ أَوْ صِفَاتِهِ، كَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ فَيُؤَدَّبُ مَنْ اعْتَادَ الْحَلِفَ بِهِ، عَلَى الْقَوْلِ بِحُرْمَتِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَزَوِّجًا وَعِنْدَهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَهُوَ وَاضِحٌ.

قَالَ الشَّاذِلِيُّ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَعْتَادُوا، وَهَذَا الْحُكْمُ عَامٌّ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِتْقِ، وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَخَصَّهُ ابْنُ عُمَرَ بِالرِّجَالِ فَقَطْ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ النِّسَاءُ فِي الطَّلَاقِ كَذَلِكَ، لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ؛ وَلِأَنَّهَا شُبِّهَتْ بِالرِّجَالِ عج. [قَوْلُهُ: وَالْأَدَبُ بِذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْيَمِينَ بِذَلِكَ حَرَامٌ إلَخْ] حَاصِلُ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ، أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لِكَوْنِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ أَوْ التَّعْلِيقِ بِهِمَا مِنْ أَفْرَادِ غَيْرِ الْحَلْفِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ، وَالْخِلَافُ فِيهِ قَدْ تَقَدَّمَ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ الَّذِي هُوَ اعْتِمَادُ ك. [قَوْلُهُ: بَلْ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ] قَالَ تت: وَالْأَدَبُ عِنْدَ مَالِكٍ غَيْرُ مَحْدُودٍ. مَرْجِعُهُ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ شَتْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ. انْتَهَى.

وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ بَلْ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ فَقَدْ يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ وَلَا يَبْلُغُ انْتَهَى. وَتَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ عِنْدَ مَالِكٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ غَيْرِهِ مَحْدُودٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالْأَدَبُ الضَّرْبُ ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ فَمَا دُونَ، وَلَا يُضْرَبُ أَحَدٌ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ. [قَوْلُهُ: فَلْتَةً] أَيْ مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا فِي تت قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: إذَا أَيْقَنَ بِالْحِنْثِ] مَفْهُومُهُ لَوْ شَكَّ فِي الْحِنْثِ أَوْ تَوَهَّمَهُ أَوْ ظَنَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِيهِ شَيْءٌ. فَإِنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَلَّمَهُ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بِالْعِتْقِ أَنْ لَا يَفْعَلَ وَشَكَّ فِي الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَمَفْهُومُ مَا حَلَفَ بِهِ أَنَّهُ إذَا شَكَّ هَلْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ شَكَّ هَلْ حَلَفَ وَحَنِثَ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ وَلَمْ يَحْنَثْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ أَعْتَقَ أَمْ لَا فَإِنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ.

وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ طَلَّقَ فَهُوَ كَمَنْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ وَظَنُّ الْعِتْقِ أَوْلَى. [قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ] أَيْ وَالنَّذْرُ الْمُبْهَمُ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا سَائِرُ مَا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَحَلِفِهِ بِالْكَفَّارَةِ، وَيُمْكِنُ دُخُولُ هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا مِنْ صِفَاتِهِ. [قَوْلُهُ: وَالْبَقَاءُ] فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ صِفَةُ سَلْبٍ عَلَى الصَّحِيحِ لَا صِفَةُ مَعْنًى. [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ الْفِعْلِيَّةِ] أَيْ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي أَنَّ السَّلْبِيَّةَ وَالْمَعْنَوِيَّةَ كَالْمَعَانِي [قَوْلُهُ: كَالرَّزْقِ] بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ بِالرِّزْقِ، وَالْإِحْيَاءُ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ بِالْحَيَاةِ، وَالْإِمَاتَةُ تَعَلُّقُ

ص: 21

تَنْبِيهَانِ. الْأَوَّلُ: إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ، مَجَازٌ. الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الثُّنْيَا لَا تَنْفَعُ فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَصْلِ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْمَشِيئَةِ لَا يَنْفَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْمَانِ، إلَّا فِي الْيَمِينِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ.

(وَمَنْ اسْتَثْنَى فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا (إذَا قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ قَصَدَ حَلَّ الْيَمِينِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، مِثْلُ أَنْ يُعَوِّدَ لِسَانَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ تَكَلَّمَ بِهِ تَبَرُّكًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: 23] {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 24] فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ فِي حَلِّ الْيَمِينِ (وَ) ثَانِيهَا إذَا (قَالَ) أَيْ تَلَفَّظَ بِ (إنْ شَاءَ اللَّهُ) فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ وَحْدَهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي النُّطْقِ الْجَهْرُ، بَلْ لَوْ كَانَ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ كَفَى (وَ) ثَالِثُهَا إنْ (وَصَلَهَا) أَيْ إنْ شَاءَ اللَّهُ (بِيَمِينِهِ قَبْلَ أَنْ يَصْمُتَ) أَيْ يَسْكُتَ مَا لَمْ يَضْطَرَّ لِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ فَإِنْ اضْطَرَّ لَمْ يَضُرَّ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِثْنَاءَ أَوْ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ أَوْ لَمْ يَصِلْهُ بِيَمِينِهِ (لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ) الِاسْتِثْنَاءُ.

(وَالْأَيْمَانُ بِ) اسْمِ (اللَّهِ أَرْبَعَةٌ) وَفِي نُسْخَةٍ أَرْبَعٌ (فَيَمِينَانِ تُكَفَّرَانِ وَهُوَ) أَيْ مَا يُكَفَّرُ يَمِينَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً عَلَى بِرٍّ وَحَقِيقَتُهَا أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ بِأَثَرِ حَلِفِهِ مُوَافِقًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ مِثْلَ (أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ إنْ فَعَلْت كَذَا) أَوْ لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْقُدْرَةِ بِالْمَوْتِ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُحْلَفُ بِهَا أَصْلًا] أَيْ لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهَا وَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ [قَوْلُهُ: إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ مَجَازٌ] قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الِاسْتِثْنَاءُ مَأْخُوذٌ مِنْ الثَّنْيِ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ رَجَعَ إلَى كَلَامِهِ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَأَخْرَجَ بَعْضَهُ كَمَا يَرْجِعُ نِصْفُ الثَّوْبِ عَلَى نِصْفِهِ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْإِخْرَاجِ بِإِلَّا، وَأَخَوَاتِهَا، ثُمَّ أَطْلَقَ عَلَى قَوْلِنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ وَمَشْرُوطٌ، وَالشَّرْطُ لَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ، وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ مُخْرِجٌ مِنْ الْمَشْرُوطِ أَحْوَالَ عَدَمِ الْمَشْرُوطِ، فَالشَّرْطُ مُخْرِجٌ لِبَعْضِ الْأَحْوَالِ وَالِاسْتِثْنَاءُ لِبَعْضِ الْأَشْخَاصِ كَذَا فِي التَّحْقِيقِ.

[قَوْلُهُ: تَفْصِيلٌ إلَخْ] التَّفْصِيلُ إنْ أَعَادَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْمُعَلِّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمُعَلِّقِ فَقَطْ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ، فَفِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ لَا يَنْفَعُ، وَأَمَّا إنْ أَعَادَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ، وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ مَثَلًا فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونَ إنْ رَدَّهُ لِلْفِعْلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ وَلَوْ رَدَّهُ لِلْفِعْلِ، وَأَنَّهُ مَتَى دَخَلَ الدَّارَ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

[قَوْلُهُ: إذَا قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ] لَا فَرْقَ فِي الْقَصْدِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْحَلِفِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ، فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ كَمَا شَهَرَهُ تت [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِثْلَ أَنْ يُعَوَّدَ إلَخْ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا نَطَقَ بِهِ سَهْوًا. [قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ كَانَ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ] هَذَا فِي غَيْرِ الْمُسْتَحْلِفِ، فَمَا كَانَ مِنْ الْأَيْمَانِ وَثِيقَةً فِي حَقٍّ أَوْ شَرْطًا فِي نِكَاحٍ أَوْ عَقْدَ بَيْعٍ أَوْ مَا يَسْتَحْلِفُهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ، لَا يُجْزِئُهُ حَرَكَةُ اللِّسَانِ حَتَّى يُظْهِرَهُ وَيُسْمَعَ مِنْهُ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ.

[قَوْلُهُ: إنْ وَصَلَهَا بِيَمِينِهِ] ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُوصِلْهَا بِيَمِينِهِ بَلْ أَوْصَلَهَا بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ إنْ دَخَلْت إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُفِيدُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ اتِّصَالُهُ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَلَّقَ الِاسْتِثْنَاءُ بِهِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَلَّقَ بِالْمُقْسِمِ مِنْهُ أَيْ بِعَدَدِهِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ، فَهَلْ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِهِ بِالْمُقْسَمِ بِهِ أَوْ يَكْتَفِي بِاتِّصَالِهِ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ خِلَافٌ، وَلَا يَكُونُ هَذَا إلَّا بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِيَمِينِهِ خُصُوصَ الْمُقْسَمِ بِهِ بَلْ أَرَادَ بِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَعَلِّقُ يَمِينِهِ تَجَوَّزَ فِي إطْلَاقِ اسْمِهِ عَلَيْهِ. [قَوْلُهُ: لِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ] أَيْ أَوْ عُطَاسٍ أَوْ تَثَاؤُبٍ.

قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ وَتَكَرَّرَتْ قَالَ تت: وَمِثْلُهَا الْجُشَاءُ وَالْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ وَالْإِكْرَاهُ، كَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ. انْتَهَى مِنْ حَاشِيَةِ عج.

قَوْلُهُ: مُوَافِقًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ] أَيْ الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْيَمِينِ. [قَوْلُهُ: إنْ لَمْ

ص: 22

عَلَيْهِ، وَالْأُخْرَى أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً عَلَى حِنْثٍ.

وَحَقِيقَتُهَا أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ بِأَثَرِ حَلِفِهِ مُخَالِفًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا (أَوْ يَحْلِفَ لِيَفْعَلُنَّ كَذَا) ثُمَّ لَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْحِنْثِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَجِّلْ، أَمَّا إنْ أَجَلَّ فَإِنَّهُ عَلَى بِرٍّ إلَى الْأَجَلِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا قَبْلَ شَهْرٍ فَإِنَّهُ عَلَى بِرٍّ إلَى الْأَجَلِ، وَإِنْ وَلِيَ صِيغَةَ الْحِنْثِ حَرْفُ شَرْطٍ كَقَوْلِك: وَاَللَّهِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ لَا أُقِيمُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ، وَفِي صِيغَةِ الْبِرِّ حَرْفُ نَفْيٍ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ جَزَاءٌ نَحْوُ: وَاَللَّهِ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا مَعْنَاهُ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا؛ لِأَنَّ كَلَّمَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ مَاضِيًا فَمَعْنَاهُ الِاسْتِقْبَالُ إذْ الْكَفَّارَةُ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّ جَزَاءٍ فَهِيَ مَعَ الْجَزَاءِ شَرْطٌ، كَقَوْلِك وَاَللَّهِ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا لَأُعْطِيَنَّك مِائَةً.

(وَيَمِينَانِ لَا تُكَفَّرَانِ إحْدَاهُمَا لَغْوُ الْيَمِينِ وَهُوَ) أَيْ لَغْوُ الْيَمِينِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي تَفْسِيرِهِ (أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ) بِمَعْنَى يَتَيَقَّنُهُ (كَذَلِكَ فِي يَقِينِهِ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ خِلَافُهُ) وَقَوْلُهُ (فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) تَكْرَارٌ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَا إثْمَ)، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إثْمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: 89] تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا لَغْوَ إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَوْ نَذْرٍ وَلَا مَخْرَجَ لَهُ، (وَالْأُخْرَى) الْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَفَسَّرَهَا بِأَنَّهَا (الْحَلِفُ مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ) مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَقِيَ فُلَانًا بِالْأَمْسِ وَهُوَ لَمْ يَلْقَهُ (أَوْ شَاكًّا) قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَقِيَهُ وَهُوَ شَاكٌّ هَلْ لَقِيَهُ أَمْ لَا، وَمِثْلُ الشَّكِّ الظَّنُّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ (فَهُوَ) أَيْ الْحَالِفُ مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ أَوْ شَاكًّا فَهُوَ (آثِمٌ) ، وَإِنْ وَافَقَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ.

(وَلَا يُكَفِّرُ ذَلِكَ) الْحَلِفُ مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ أَوْ شَاكًّا (الْكَفَّارَةُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى

ــ

[حاشية العدوي]

أَفْعَلْ كَذَا قَبْلَ شَهْرٍ] بِأَنْ جَعَلَ الشَّهْرَ ظَرْفًا لِلْفِعْلِ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ بَعْدَ شَهْرٍ بِأَنْ جَعَلَ وُقُوعَ الْفِعْلِ بَعْدَهُ، وَتَتَّفِقُ الصُّورَتَانِ عَلَى جَوَازِ وَطْءِ الْمَحْلُوفِ بِهَا فِي حَلِفِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ فِي الْأَجَلِ الَّذِي جَعَلَهُ ظَرْفًا، أَوْ جَعَلَ حُصُولَ الْفِعْلِ بَعْدَهُ، وَيَخْتَلِفَانِ فِي أَنَّهُ إنْ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى يَبَرُّ بِهِ، وَإِذَا مَضَى وَلَمْ يَفْعَلْهُ حَنِثَ وَلَا يَبَرُّ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي قَبْلَ وُجُودِ زَمَنِهِ الْمُعَلَّقِ فِعْلُهُ عَلَى وُجُودِهِ، وَإِذَا مَضَى مُنِعَ مِنْ وَطْءِ الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا أَوْ عِتْقِهَا.

[قَوْلُهُ: وَفِي صِيغَةِ الْبِرِّ حَرْفُ نَفْيٍ إلَخْ] ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ حَرْفَ نَفْيٍ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ وَتَكُونُ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ حَرْفَ نَفْيٍ أَيْضًا، وَاَللَّهِ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ وَجَوَابُ الشَّرْطِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ، وَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا مَحْذُوفٌ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ مَالِكٍ:

وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ

وَقَسَمٍ جَوَابَ مَا أَخَّرْتَ

إلَخْ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ جَوَابَ الشَّرْطِ [قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ثَمَّ جَزَاءٌ إلَخْ] وَالْحَاصِلُ أَنَّ إنْ نَافِيَةٌ فِي صِيغَتَيْ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ إنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا جَوَابٌ وَمَعْنَاهَا فِي الْحِنْثِ حِينَئِذٍ لَأَفْعَلَنَّ؛ لِأَنَّهَا نَافِيَةٌ، وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَإِنْ ذُكِرَ لَهَا جَوَابٌ فَشَرْطِيَّةٌ فِيهِمَا.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ فِي تَفْسِيرِهِ] وَمُقَابَلَةُ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ تَفْسِيرِ الشَّافِعِيِّ وَالْقَاضِي إسْمَاعِيلِ وَالْأَبْهَرِيِّ، بِأَنَّهُ مَا سَبَقَ إلَيْهِ اللِّسَانُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ كَقَوْلِ الرَّجُلِ كَلًّا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مِنْ كَلًّا [قَوْلُهُ: بِمَعْنًى يَتَيَقَّنُهُ] هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: أَنَّ قَوْلَهُ يَظُنُّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الظَّنِّ لَغْوٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مِنْ أَقْسَامِ الْغَمُوسِ أَفَادَهُ الْحَطَّابُ وَالْمُرَادُ بِالتَّيَقُّنِ الِاعْتِقَادُ لَا الْجَزْمُ الْمُطَابِقُ لِدَلِيلِ لِقَوْلِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ. [قَوْلُهُ: فِي يَقِينِهِ] أَيْ مَوْضِعِ يَقِينِهِ أَوْ أَرَادَ بِهِ الْمَوْضِعَ نَفْسَهُ مَجَازًا، وَالْمَعْنَى يَعْتَقِدُهُ فِي عَقْلِهِ مُمَاثِلًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَالْمُشَارُ لَهُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَمِثْلُ الِاعْتِقَادِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ لَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ قَوِيٍّ فَغَمُوسٌ وَأَوْلَى بِالشَّكِّ.

[قَوْلُهُ: أَوْ نَذْرٍ لَا مَخْرَجَ لَهُ] أَيْ النَّذْرِ الْمُبْهَمِ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ نَذْرٌ، وَلَا يُفِيدُ اللَّغْوُ فِي نَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَذْرٍ غَيْرِ مُبْهَمٍ [قَوْلُهُ: الْيَمِينُ الْغَمُوسُ] ؛ لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي النَّارِ، وَقِيلَ فِي الْإِثْمِ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا حَاصِلٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. [قَوْلُهُ: الظَّنُّ] أَيْ غَيْرُ الْقَوِيِّ أَيْ ظَنَّ أَنَّهُ لَقِيَهُ [قَوْلُهُ: وَإِنْ وَافَقَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ] خَبَرُ قَوْلِهِ ظَاهِرٌ أَيْ فَهُوَ أَعَمُّ مُطْلَقًا وَافَقَ أَمْ لَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَمَحِلُّ الْإِثْمِ مَا لَمْ يَقُلْ فِي ظَنِّيِّ

ص: 23