الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَسْتَحِقُّهُ بِالدُّخُولِ وَلَا بِالْمَوْتِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا تَوَارَثَا وَلَا صَدَاقَ إلَّا بِفَرْضٍ، وَأَثْبَتَهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَوْتِ (فَإِنْ فَرَضَ) الزَّوْجُ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمَنْكُوحَةِ عَلَى التَّفْوِيضِ (صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا) مَا فَرَضَ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ (وَإِنْ كَانَ) مَا فَرَضَ لَهَا (أَقَلَّ) مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا مِثْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا خَمْسِينَ دِينَارًا، وَصَدَاقُ مِثْلِهَا مِائَةٌ (فَهِيَ مُخَيَّرَةٌ) فِي الرِّضَا بِهِ وَرَدِّهِ (فَإِنْ) رَضِيَتْ بِهِ وَكَانَتْ ثَيِّبًا رَشِيدَةً لَزِمَهَا ذَلِكَ، مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ رُبُعِ دِينَارٍ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ بِأَنْ (كَرِهَتْهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ.
وَأَمَّا ذَاتُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُمَا الرِّضَا بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ مَشْهُورُهَا الصِّحَّةُ مِنْ الْأَبِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَمِنْ الْوَصِيِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تُخَيَّرُ فِيهَا صُورَتَيْنِ فَقَالَ:(إلَّا أَنْ يُرْضِيَهَا) بِزِيَادَةِ شَيْءٍ عَلَى مَا سَمَّاهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ صَدَاقَ الْمِثْلِ (أَوْ يَفْرِضَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا) بَعْدَ أَنْ فَرَضَ لَهَا دُونَهُ (فَيَلْزَمُهَا) مَا أَرْضَاهَا بِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَصَدَاقٌ لِلْمِثْلِ الَّذِي فَرَضَهُ ثَانِيًا فِي الثَّانِيَةِ.
(وَإِذَا ارْتَدَّ) أَيْ قَطَعَ (أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ) الْإِسْلَامَ وَدَخَلَ فِي دِينٍ غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ مِنْ ذَلِكَ (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) بَيْنَهُمَا سَاعَةَ ارْتِدَادِهِ (بِطَلَاقٍ) بَائِنٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إذْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا (وَقَدْ قِيلَ)
ــ
[حاشية العدوي]
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ، أَنَّ الصَّحِيحَ مُنْعَقِدٌ فَيَجِبُ الْعِوَضُ فِيهِ يَوْمَ الْعَقْدِ. وَالْفَاسِدُ مُنْحَلٌّ فَالْعِوَضُ فِيهِ بِالْقَبْضِ الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ] أَيْ الْعَقْدُ [قَوْلُهُ: مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ] أَيْ الْعَقْدِ فَفِي الْعِبَارَةِ إظْهَارٌ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ، وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالنِّكَاحِ [قَوْلُهُ: وَأَثْبَتَهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَوْتِ] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: لَزِمَهَا مَا فَرَضَ لَهَا] أَيْ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَاهِبِ لِلثَّوَابِ، وَهُوَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الثَّوَابِ إنْ كَانَ قَدَّرَ الْقِيمَةَ، وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ أَنْ يَفْرِضَ الْمِثْلَ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ الْفَرْضُ أَصْلًا.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ] مُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي [قَوْلُهُ: وَكَانَتْ ثَيِّبًا رَشِيدَةً]، وَأَمَّا غَيْرُ الرَّشِيدَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا الرِّضَا بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ [قَوْلُهُ: بِأَنْ كَرِهَتْهُ] أَيْ كَرِهَتْ الرَّشِيدَةُ الْأَقَلَّ أَوْ كَانَتْ الْمَنْكُوحَةُ تَفْوِيضًا غَيْرَ رَشِيدَةٍ، وَامْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ فَرْضِ الْمِثْلِ، وَقَوْلُهُ فَرَّقَ أَيْ إنْ شَاءَتْ الرَّشِيدَةُ أَوْ وَلِيُّ أَمْرِهَا. وَالْمُرَادُ بِالرَّشِيدَةِ أَيْ جِهَةُ أَبِيهَا أَوْ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، بِأَنْ صَارَتْ مُحْسِنَةَ التَّصَرُّفِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِتَرْشِيدِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ لَا [قَوْلُهُ: فَاخْتُلِفَ] حَاصِلُ الْأَقْوَالِ.
الْأَوَّلُ صِحَّةُ الرِّضَا مِنْهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَعَدَمُهَا مِنْهُمَا، وَصِحَّتُهُ فِي الْأَبِ بِدُونِهِ مُطْلَقًا أَيْ فِي مَحْجُورَتِهِ مُجْبَرَةً أَوْ لَا وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ أَنَّ مَحْجُورَتَهُ لِسَفَهٍ غَيْرُ مُجْبَرَةٍ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا مَعَهُ، وَمِنْ الْوَصِيِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ أَيْ فِي السَّفِيهِ الْمُتَوَلِّي عَلَيْهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا كَرَجَاءِ حُسْنِ عِشْرَةِ الزَّوْجِ لَهَا وَدَوَامِهَا لَا بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَلَوْ مُجْبَرَةً، وَأَمَّا الَّتِي لَا أَبَ لَهَا، وَلَا وَصِيَّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ يُعْتَبَرُ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرْضِيَهَا] أَيْ الرَّشِيدَةَ أَوْ وَلِيَّ غَيْرِهَا [قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهَا] ، وَلَا خِيَارَ لَهَا وَمِثْلُهَا وَلِيُّ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ، فَإِنْ فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا بِحَمْلِ مَا سَبَقَ عَلَى فَرْضِهِ لَهَا ابْتِدَاءً، وَهَذَا فِي حُكْمِ الْفَرْضِ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ مِنْ الدُّونِ.
[اخْتِلَاف دِين الزَّوْجَيْنِ]
[قَوْلُهُ: قَطَعَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ] الْإِسْلَامَ أَيْ بِكَلِمَةٍ مُكَفِّرَةٍ أَوْ بِإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ فِي قَذِرٍ [قَوْلُهُ: الْإِسْلَامَ] مَفْعُولُ قَطَعَ لَا أَنَّهُ مَفْعُولُ ارْتَدَّ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ، وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ الْفِعْلِ لَازِمًا، وَيُفَسَّرُ بِمَعْنَى فَعَلَ مُتَعَدٍّ هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِتَفْسِيرِهِ، وَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَا هُوَ مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ، مِنْ أَنَّ مَعْنَى ارْتَدَّ الشَّخْصُ أَيْ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ إلَى الْكُفْرِ لَمَا احْتَجْنَا لِمَا ذُكِرَ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: وَالْعَافِيَةَ] بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ [قَوْلُهُ: انْفَسَخَ النِّكَاحُ] ، وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ الْمُسْلِمُ لِدِينِ زَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْيَهُودِيَّةِ وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُرْتَدُّ مِنْهَا، بِرِدَّتِهِ فَسْخَ النِّكَاحِ، وَإِلَّا فَلَا فَسْخَ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ فَالزَّوْجِيَّةُ بَاقِيَةٌ، وَلَا تَحْتَاجُ لِعَقْدٍ، وَلَا رَجْعِيَّةٍ لِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ، وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَلَا يَرِثُ الْآخَرُ وَتُعْتَبَرُ رِدَّةُ غَيْرِ الْبَالِغِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا وَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ وَاسْتِتَابَتِهِ، وَيَنْبَنِي عَلَى أَنَّ رِدَّتَهُ مُعْتَبَرَةٌ أَنَّهُ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَالرِّدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ الْأَمْرُ فِيهَا ظَاهِرٌ، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ غَرِمَ لَهَا النِّصْفَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجَةِ فَلَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ
الْفَسْخُ (بِغَيْرِ طَلَاقٍ)، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَوُجِّهَ بِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَى فَسْخِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ ثَابِتٌ فَلَا يَنْحَلُّ إلَّا بِطَلَاقٍ.
(وَإِذَا أَسْلَمَ) الزَّوْجَانِ (الْكَافِرَانِ) سَوَاءٌ كَانَا كِتَابِيَّيْنِ أَوْ غَيْرَهُمَا، أَسْلَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ بِوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ أَوْ لَا (ثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا) مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَانِعٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَوْ رَضَاعٌ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (فَذَلِكَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَصَوَّرُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِصُوَرٍ مِنْهَا أَنْ يُسْلِمَ الزَّوْجُ وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّنْ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَمْ تُسْلِمْ (فَإِنْ أَسْلَمَتْ هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ كِتَابِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا قَبْلَ زَوْجِهَا الَّذِي بَنَى بِهَا (كَانَ أَحَقَّ بِهَا إنْ) كَانَ حَاضِرًا (وَأَسْلَمَ) ، وَهِيَ (فِي الْعِدَّةُ) وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِطَلَاقِ الْكَافِرِ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِيمَا بَيْنَ الْإِسْلَامِيِّينَ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى، وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِأَنَّهُ بَنَى بِهَا احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ مَكَانَهَا وَبِحَاضِرٍ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ غَائِبًا، ثُمَّ قَدِمَ، وَادَّعَى أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا الثَّانِي.
ــ
[حاشية العدوي]
الْفِرَاقَ مِنْ قِبَلِهَا.
وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ رِدَّةَ زَوْجَتِهِ، وَخَالَفَتْهُ بَانَتْ عَنْهُ؛ لِإِقْرَارِهِ بِرِدَّتِهَا، وَأَفْهَمَ الزَّوْجَيْنِ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَحْرُمُ عَلَى سَيِّدِهَا بِارْتِدَادِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَوْصُوفِ وَصِفَتِهِ أَيْ بِطَلَاقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ بَائِنٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ بَعْدَ الِارْتِدَادِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَثَمَرَةُ الْقَوْلَيْنِ ظَاهِرَةٌ [قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ الْفَسْخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إذَا ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَعْدَ التَّسْمِيَةِ هَلْ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ أَوْ لَا، وَإِذَا أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى تَطْلِيقَتَيْنِ أَوْ عَلَى ثَلَاثٍ. اهـ. [قَوْلُهُ: مَغْلُوبَانِ عَلَى فَسْخِهِ] أَيْ مَقْهُورَانِ عَلَى فَسْخِهِ [قَوْلُهُ: {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]] أَيْ لَا يَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ عِصْمَةٌ، وَلَا عَلَاقَةُ زَوْجِيَّةٍ وَالْكَوَافِرُ جَمْعُ كَافِرَةٍ.
[قَوْلُهُ: وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ] أَيْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِحَضْرَتِنَا أَوْ جَاءَا إلَيْنَا مُسْلِمَيْنِ، وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ [قَوْلُهُ: ثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا] ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُصَحِّحُ أَنْكِحَتَهُمْ الْفَاسِدَةَ [قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَانِعٌ إلَخْ] أَمَّا إذَا كَانَ ثَمَّ مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِدَامَةِ فُسِخَ النِّكَاحُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَوْ رَضَاعٌ أَوْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ وَوَقَعَ إسْلَامُهُمَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا.
[قَوْلُهُ: فَذَلِكَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ] أَيْ الْإِسْلَامُ فَسَخَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَمِعَ عِيسَى بِطَلَاقٍ [قَوْلُهُ: وَلَوْ تُسْلِمْ] أَيْ لَمْ تُسْلِمْ بِالْقُرْبِ أَيْ فِي كَالشَّهْرِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبْعُدْ الزَّمَانُ بَيْنَ إسْلَامَيْهِمَا بَلْ كَانَ قَرِيبًا كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ فَيُقَرُّ عَلَيْهَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا، وَهَلْ يَتَقَرَّرُ النِّكَاحُ فِي الشَّهْرِ أَنْ غَفَلَ عَنْهَا وَلَمْ تُوقَفْ حِينَ أَسْلَمَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَغْفُلْ فَيَعْرِضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ حِينَ إسْلَامِهِ فَإِنْ أَبَتْهُ، وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا أَوْ يُقَرَّرُ النِّكَاحُ فِي الشَّهْرِ مُطْلَقًا غَفَلَ عَنْ إيقَافِهَا، أَمْ لَا تَأْوِيلَانِ وَمِثْلُ الْإِسْلَامِ التَّهَوُّدُ وَالتَّنَصُّرُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْهَا أَيْ وَمِنْهَا أَنْ تُسْلِمَ الزَّوْجَةُ أَوَّلًا، وَيَبْقَى الزَّوْجُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا [قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ] ، وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهَا فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ كَالرَّجْعَةِ، وَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا] فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ السُّكْنَى لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ [قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْقِدْ إلَخْ] فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ كَانَ بَيِّنَةٌ فَيُصَدَّقُ، وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا الثَّانِي، وَالصَّوَابُ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الثَّانِي غَيْرُ عَالِمٍ بِإِسْلَامِ زَوْجِهَا فِي عِدَّتِهَا، وَإِلَّا فَاتَتْ، وَمِثْلُ الدُّخُولِ التَّلَذُّذُ، وَإِنَّمَا كَانَ الصَّوَابُ مَا قُلْنَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يُفَوِّتُهَا عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا إذَا ثَبَتَ بَعْدَ حُضُورِهِ فِي غَيْبَتِهِ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ إسْلَامِهَا، فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا إنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا مَعَ حُضُورِهِ بِالْبَلَدِ، وَمَا فِي حُكْمِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِتَزَوُّجِهَا بِالثَّانِي، فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ زَوْجٍ وَلِعَدَمِ عُذْرِ الثَّانِي فِي عَدَمِ إعْلَامِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا عَقْدَهَا عَلَى غَيْرِهِ فَيَفُوتُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ [قَوْلُهُ: عَلَى
تَنْبِيهٌ: إطْلَاقُ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ عَلَى الِاسْتِظْهَارِ عِدَّةً مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مَحْصُورَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ حَيْضَةٌ أَوْ ثَلَاثُ حِيَضٍ قَوْلَانِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ هُوَ) أَيْ الزَّوْجُ قَبْلَهَا (وَكَانَتْ كِتَابِيَّةً ثَبَتَ عَلَيْهَا) أَيْ أَقَرَّ عَلَى نِكَاحِهَا مَا لَمْ يَكُنْ، ثَمَّ مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِدَامَةِ كَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ كَانَ الْإِسْلَامُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (فَإِنْ) لَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةً بَلْ (كَانَتْ مَجُوسِيَّةً) فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تُسْلِمَ مَكَانَهَا أَوْ لَا (فَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ مَكَانَهَا كَانَا زَوْجَيْنِ) مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِدَامَةِ. (وَإِنْ) لَمْ تُسْلِمْ بَعْدَهُ مَكَانَهَا بَلْ (تَأَخَّرَ ذَلِكَ) أَيْ إسْلَامُهَا عَنْ إسْلَامِهِ (فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ) وَمَا قَالَهُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ خِلَافُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ، وَهُوَ إنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا وَلَمْ يَبْعُدْ مَا بَيْنَ إسْلَامِهِمَا ثَبَتَ نِكَاحُهُمَا، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ بَعْدَ إسْلَامِهِ أَوْ أَسْلَمَتْ عَلَى بُعْدٍ فُسِخَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قُلْت كَمْ الْبُعْدُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ قَلِيلٌ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَأَرَى الشَّهْرَيْنِ بُعْدًا.
(وَإِذَا أَسْلَمَ مُشْرِكٌ وَعِنْدَهُ) مِنْ النِّسْوَةِ (أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ فَلْيَخْتَرْ) نِسْوَةً مِنْهُنَّ (أَرْبَعًا) مِمَّنْ يَجُوزُ نِكَاحُهُنَّ فِي الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ كُنَّ أَوَائِلَ أَوْ أَوَاخِرَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ عَقَدَ عَلَيْهِنَّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي عُقُودٍ مُخْتَلِفَةٍ أَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ أَسْلَمَ هُوَ وَكُنَّ كِتَابِيَّاتٍ وَالِاخْتِيَارُ يَكُونُ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، مِنْ لَوَازِمِ النِّكَاحِ (وَ) بَعْدَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا (يُفَارِقُ بَاقِيَهُنَّ) بِغَيْرِ طَلَاقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْأَصْلُ فِيمَا ذَكَرَ حَدِيثُ
ــ
[حاشية العدوي]
الِاسْتِظْهَارِ] أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ [قَوْلُهُ: مَجَازٌ] أَيْ مَجَازُ الْمُشَابَهَةِ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ [قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ إلَخْ] سَبَبُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْحِيَضِ الثَّلَاثِ هَلْ هِيَ كُلُّهَا اسْتِبْرَاءٌ أَوْ بَعْضُهَا اسْتِبْرَاءٌ وَبَعْضُهَا عِبَادَةٌ فَمَنْ قَالَ اسْتِبْرَاءٌ كُلُّهَا.
قَالَ تَسْتَبْرِئُ بِثَلَاثٍ وَمَنْ قَالَ: إنَّ الزَّائِدَ عَلَى حَيْضَةٍ فِي الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ عِبَادَةٌ.
قَالَ تَسْتَبْرِئُ بِحَيْضَةٍ؛ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ غَيْرُ مُتَعَبِّدَةٍ وَالْقَوْلَانِ قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالثَّلَاثِ.
[قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ] أَيْ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ التَّأَخُّرِ وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُهُ الْآخَرُ، وَهُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَهَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ إلَى آخِرِ مَا هُنَا، وَهِيَ أَوْضَحُ وَالرَّاجِحُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ [قَوْلُهُ: قَالَ لَا أَدْرِي] أَيْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أَدْرِي الشَّهْرُ إلَخْ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّائِلَ لَهُ سَحْنُونٌ، وَقَوْلُهُ: وَأَرَى الشَّهْرَيْنِ بُعْدًا خِلَافُ الصَّوَابِ وَالصَّوَابُ قَرِيبًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ نُصُوصُهُمْ، بَلْ وَفِي الْبَعْضِ التَّصْرِيحُ بِهِ أَيْ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ التَّهْذِيبِ شَهْرَيْنِ بَدَلَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى الَّتِي هِيَ الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ قَلِيلٌ (أَقُولُ) : وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنْ يُفَسَّرَ النَّحْوُ بِالشَّهْرِ فَتَدَبَّرْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[قَوْلُهُ: وَإِذَا أَسْلَمَ مُشْرِكٌ] الْمُرَادُ كَافِرٌ [قَوْلُهُ: فَلْيَخْتَرْ] بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ بَالِغًا أَوْ وَلِيُّهُ إنْ كَانَ صَبِيًّا، وَلَوْ أَحْرَمَ أَوْ مَرِضَ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَقَبْلَ اخْتِيَارِهِ، وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ النِّسَاءُ إمَاءً حَيْثُ أَسْلَمْنَ مَعَهُ، وَلَوْ فُقِدَتْ شُرُوطُ تَزَوُّجِ الْأَمَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ [قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كُنَّ أَوَائِلَ أَوْ أَوَاخِرَ] الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ فِي عُقُودٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ [قَوْلُهُ: أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ] أَيْ الِاخْتِيَارُ، وَقَوْلُهُ مِنْ لَوَازِمِ النِّكَاحِ أَيْ كَطَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ إيلَاءٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ لِعَانٍ مِنْ الرَّجُلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مِنْهَا فَسْخٌ، وَلَهُ الِاخْتِيَارُ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُخْتَارَةِ وَفَائِدَتُهُ إرْثُهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَمُسْلِمَةً [قَوْلُهُ: بِغَيْرِ طَلَاقٍ] أَيْ أَنَّ مُفَارَقَةَ الْبَاقِي لَيْسَتْ طَلَاقًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: إنَّهَا طَلَاقٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَسْخَ الْبَاقِي الْمَشْهُورِ أَنَّهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: إنَّهُ طَلَاقٌ، وَعَلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ: أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ وَاخْتَارَ أَرْبَعًا وَفَارَقَ الْبَاقِيَ فَلَا مَهْرَ لَهُنَّ وَعِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خُمْسُ