المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب في بيان آداب الطعام والشراب] - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني - جـ ٢

[العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي الْجِهَادِ]

- ‌[الْأَمْوَالِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَدُوِّ]

- ‌بَابٌ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُور]

- ‌[الْأَيْمَانِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْكَفَّارَةُ) فِي الْيَمِينِ

- ‌[النُّذُور وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌ تَكَرُّرِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِ تَكَرُّرِهَا بِتَكَرُّرِ الْيَمِينِ

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاح]

- ‌ الصَّدَاقُ

- ‌[الْوِلَايَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَرَاتِبِ الْأَوْلِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّيِّبِ

- ‌ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ

- ‌ الْأَنْكِحَةَ الْفَاسِدَةَ

- ‌[حُكْمَ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ]

- ‌ مُوجِبَ النَّفَقَةِ

- ‌نِكَاحُ التَّفْوِيضِ

- ‌[اخْتِلَاف دِين الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ نِكَاحِهَا

- ‌ شُرُوطِ الْوَلِيِّ

- ‌[الطَّلَاقِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاقَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌ الرَّجْعَةِ

- ‌ الْخُلْعِ

- ‌[أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْإِيلَاءِ]

- ‌[بَابٌ فِي الظِّهَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌ صِفَةُ اللِّعَانِ

- ‌[أَحْكَامٍ اللِّعَان]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَنَفَقَةِ الْمُطَلَّقَة]

- ‌[حُكْم الْإِحْدَادُ]

- ‌[أَحْكَام الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[نَفَقَة الْمُطَلَّقَة]

- ‌[أَحْكَام الرَّضَاعَة]

- ‌[أَحْكَام الْحَضَانَةُ]

- ‌[بَاب النَّفَقَة]

- ‌ بَابٌ فِي الْبُيُوعِ

- ‌[الربا وَأَنْوَاعه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَسَائِلَ مَمْنُوعَةٍ فِي الْبَيْع]

- ‌[خِيَار النَّقِيصَة]

- ‌ خِيَارِ التَّرَوِّي

- ‌ حُكْمِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ

- ‌[تَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَتَأْخِيرِهِ بِزِيَادَةٍ]

- ‌ الزِّيَادَةِ فِي الْقَرْضِ عِنْدَ الْأَجَلِ

- ‌ تَعْجِيلِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ

- ‌[بَيْع الثمر قَبْل بدو صلاحه]

- ‌[مَسَائِل مُتَنَوِّعَة فِي الْبَيْع]

- ‌[السَّلَم وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ مَسَائِلِ بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌ بَيْعِ الْجُزَافِ

- ‌[سَوْم الْإِنْسَان عَلَيَّ سَوْم أخيه]

- ‌[مَا يَنْعَقِد بِهِ الْبَيْع]

- ‌[الْإِجَارَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْجَعَالَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْكِرَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الشَّرِكَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا مِنْ أَحْكَام]

- ‌[أَرْكَان الشَّرِكَة]

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[الْمُزَارَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْجَوَائِحِ

- ‌الْعَرَايَا

- ‌ بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[التَّدْبِير وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الْكِتَابَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَام الْعِتْق وَالْوَلَاء]

- ‌بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ

- ‌[بَاب الْهِبَة وَالصَّدَقَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[مَطْلَبُ فِي الرَّهْنِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَارِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَدِيعَة]

- ‌[أَحْكَام اللُّقَطَة]

- ‌[الْغَصْب وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْمُثْبِتِ لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْحُدُود] [

- ‌[أَحْكَام الْقَسَامَة]

- ‌قَتْلُ الْغِيلَةِ)

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[الدِّيَة فِي النَّفْس]

- ‌ دِيَةَ الْأَعْضَاءِ

- ‌[دِيَة الْجِرَاحَات]

- ‌[عَلَيَّ مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[مِنْ يَقْتُلُونَ وجوبا]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[حَدّ الزِّنَا]

- ‌حَدَّ الْقَذْفِ

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[حَدّ الشُّرْب]

- ‌[كَيْفِيَّة إقَامَة الْحَدّ]

- ‌[حَدّ السَّرِقَة]

- ‌[بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ]

- ‌[الأقضية وَأَحْكَامهَا]

- ‌[أَحْكَام الشَّهَادَات]

- ‌[مَسَائِل فِي الْوَكَالَة]

- ‌[أَحْكَام الصُّلْح]

- ‌ مَسَائِلَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ

- ‌[أَحْكَام الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[أَحْكَام الْوَصِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْحِيَازَةِ]

- ‌[بَاب الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالسَّبَبِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَرِثُ بِالنَّسَبِ

- ‌[مِنْ يحجب الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات الْأَشِقَّاء]

- ‌ حُكْمِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

- ‌ مِيرَاثِ الْجَدَّاتِ

- ‌[مِيرَاث الْجَدّ]

- ‌[مَسْأَلَة المعادة]

- ‌[مَا يَرِثُهُ مَوْلَى النِّعْمَةِ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ]

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمَسْأَلَةِ الْغَرَّاءِ

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَجُمَلٍ مِنْ السُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ الْفِطْرَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ آدَابِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ السَّلَامِ]

- ‌ بَابٌ فِي التَّعَالُجِ]

- ‌ بَابٌ فِي الرُّؤْيَا]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌ باب في بيان آداب الطعام والشراب]

[45 -‌

‌ بَابٌ فِي بَيَانِ آدَابِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ]

(بَابٌ)(فِي) بَيَانِ آدَابِ (الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ) أَيْ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْآدَابُ الْمَذْكُورَةُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: سَوَابِقُ، وَمُقَارِنَةٌ، وَلَوَاحِقُ. فَمِنْ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ:(وَإِذَا أَكَلْت أَوْ شَرِبْت) أَيْ إذَا أَرَدْتهمَا (فَوَاجِبٌ عَلَيْك) أَيُّهَا الْمُكَلَّفُ وُجُوبَ السُّنَنِ (أَنْ تَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ) جَهْرًا وَلَا تَزِيدَ: " الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ زِيَادَةَ ذَلِكَ وَمِنْ الثَّانِي قَوْلُهُ:(وَتَتَنَاوَلُ) أَيْ تَأْخُذُ مَا تَأْكُلُهُ أَوْ تَشْرَبُهُ (بِيَمِينِك) عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ، وَمِنْ الثَّالِثِ قَوْلُهُ:(فَإِذَا فَرَغْت) مِنْ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ (فَلْتَقُلْ) عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) سِرًّا، وَقَدْ وَرَدَ كُلُّ هَذَا عَنْهُ عليه الصلاة والسلام وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُ:(وَحَسَنٌ) أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي بَيَانِ آدَابِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ]

قَوْلُهُ: أَيْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ] أَيْ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الطَّعَامَ عَلَى الْأَكْلِ، وَالشَّرَابِ عَلَى الشُّرْبِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُتَعَلَّقِ بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمُتَعَلِّقِ. أَقُولُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ فَيَكُونَ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ أَيْ آدَابِ أَكْلِ الطَّعَامِ وَآدَابِ شُرْبِ الشَّرَابِ، عَلَى أَنَّ الشَّرَابَ قَدْ جَاءَ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الشُّرْبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرَابَ يَأْتِي بِمَعْنَى الْمَشْرُوبِ وَيَأْتِي بِمَعْنَى الشُّرْبِ مَصْدَرًا يُقَالُ: شَرِبَ شُرْبًا وَشَرَابًا بِمَعْنًى. [قَوْلُهُ: فَمِنْ الْأَوَّلِ] وَسَنُنَبِّهُ عَلَى الْبَاقِي مِنْ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِهِ كَمَا يَأْتِي.

[قَوْلُهُ: أَيُّهَا الْمُكَلَّفُ] لَا مَفْهُومَ لَهُ.

[قَوْلُهُ: وُجُوبَ السُّنَنِ] أَيْ سُنَّةِ عَيْنٍ، وَإِذَا نَسِيَهَا فِي أَوَّلِهِ أَتَى بِهَا حَيْثُ ذَكَرَهَا فَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَقَايَأُ مَا أَكَلَهُ خَارِجَ الْإِنَاءِ. [قَوْلُهُ: جَهْرًا] أَيْ يُنْدَبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا جَهْرًا لِيُنَبِّهَ الْغَافِلَ عَنْهَا وَيَتَعَلَّمَ الْجَاهِلُ.

[قَوْلُهُ: وَلَا تَزِيدُ الرَّحْمَنِ. . . إلَخْ] عَلَّلَهُ فِي التَّحْقِيقِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الْمَضْغَ عَذَابٌ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الرَّحْمَةِ كَالذَّبْحِ لَا يُقَالُ هَذَا لَا رُوحَ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] وَظَاهِرُ كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ هُنَا تَرْجِيحُهُ وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي الذَّبَائِحِ تَرْجِيحُ الزِّيَادَةِ فَقَدْ تَنَاقَضَ كَلَامُهُ وَظَاهِرُ عج تَرْجِيحُ كَلَامِهِ هُنَا.

[قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ زِيَادَةَ ذَلِكَ] هَذَا الْبَعْضُ أَبُو مَهْدِيٍّ شَيْخُ ابْنِ نَاجِي فَقَدْ اخْتَارَ أَرْجَحِيَّةَ الزِّيَادَةِ.

تَنْبِيهٌ:

وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى التَّسْمِيَةِ: «وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا» وَإِنْ كَانَ لَبَنًا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَزِدْنَا خَيْرًا مِنْهُ.

[قَوْلُهُ: أَيْ تَأْخُذُ. . . إلَخْ] أَيْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي أَكْلِهِ فَقِيلَ: حَقِيقَةٌ وَقِيلَ مَجَازٌ عَنْ الشَّمِّ وَفِيهِ شَيْءٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ: أَنَّهُ يَتَقَايَأُ مَا أَكَلَهُ. [قَوْلُهُ: جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي.

[قَوْلُهُ: سِرًّا] أَيْ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ سِرًّا لِئَلَّا يَحْصُلَ الْحَيَاءُ وَالْخَجَلُ لِمَنْ لَمْ يَشْبَعْ إذَا سَمِعَ حَمْدَ غَيْرِهِ، وَذَكَرَ

ص: 461

مُسْتَحَبٌّ (أَنْ تَلْعَقَ يَدَك) وَفِي رِوَايَةٍ أَصَابِعَك وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِلْأُولَى (قَبْلَ مَسْحِهَا) لِمَا فِي مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَيَلْعَقُ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا» .

(وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ تَجْعَلَ بَطْنَك ثُلُثًا لِلطَّعَامِ وَثُلُثًا لِلشَّرَابِ وَثُلُثًا لِلنَّفَسِ) كَذَا صَحَّ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام (وَ) مِنْ آدَابِ الْأَكْلِ (إذَا أَكَلْت مَعَ غَيْرِك) مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِك وَلَا بَنِيك طَعَامًا (أَكَلْت مِمَّا يَلِيك) لِأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام بِذَلِكَ (وَ) مِنْ آدَابِهِ أَيْضًا أَنَّك (لَا تَأْخُذُ لُقْمَةً حَتَّى تُفْرِغَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْأَقْفَهْسِيُّ أَنَّ مِنْ الْآدَابِ أَنْ يُعَقِّبَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ عج: وَبِهَذَا تَبَيَّنَ لَك أَنَّ قَوْلَهُمْ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عِنْدَ الْأَكْلِ مُرَادُهُمْ بِهِ فِي أَثْنَائِهِ وَابْتِدَائِهِ.

[قَوْلُهُ: وَحَسَنٌ] خَبَرٌ مُقَدَّمٌ. وَقَوْلُهُ: أَنْ تَلْعَقَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ أَيْ اللَّعْقُ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي. [قَوْلُهُ: وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِلْأُولَى] الْيَدُ كَمَا تُطْلَقُ عَلَى الْكَفِّ تُطْلَقُ عَلَى الْأَصَابِعِ، وَالْمُرَادُ هُنَا ثَلَاثُ أَصَابِعَ كَمَا يَأْتِي فِي الْحَدِيثِ ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ:«كَانَ يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ» ] بَيَّنَهَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، فَقَالَ: الْإِبْهَامُ وَاَلَّتِي تَلِيهَا وَالْوُسْطَى وَيَلْعَقُ يَدَهُ الْوُسْطَى ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا ثُمَّ الْإِبْهَامَ.

قَالَ عِيَاضٌ: وَهُوَ مِنْ آدَابِ الْأَكْلِ وَسُنَنِهِ، وَالْأَكْلُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ شَرَهٌ وَسُوءُ أَدَبٍ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ لِخِفَّةِ الطَّعَامِ وَعَدَمِ تَلْفِيفِهِ بِالثَّلَاثِ فَيَدْعَمَهُ بِالرَّابِعَةِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعَمُهُ بِالرَّابِعَةِ» ، بَلْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ بِخَمْسٍ، وَجُمِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ بِاخْتِلَافِ الْحَالِ.

قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ تَلْعَقَ يَدَك أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ بِجَمِيعِ أَصَابِعِهِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ التِّلْمِسَانِيِّ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَعْرُوفِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صِفَةِ اللَّعْقِ حَدٌّ ابْتِدَاءً وَلَا انْتِهَاءً كَمَا قَالَهُ ق يَبْدَأُ فِي لَعْقِ أَصَابِعِهِ مِنْ الْخِنْصَرِ ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ السَّبَّابَةِ ثُمَّ الْوُسْطَى.

[قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا] أَيْ بِمِنْدِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَغْسِلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي طَعَامِهِ غَمَرٌ نَحْوُ اللَّبَنِ وَالزَّيْتِ وَاللَّحْمِ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ اللَّعْقَ أَوَّلًا ثُمَّ الْمَسْحَ ثُمَّ الْغَسْلَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ.

قَالَ زَرُّوقٌ: وَحَكَى لِي بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الزَّنَاتِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ السُّنَّةُ.

[قَوْلُهُ: وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ تَجْعَلَ. . . إلَخْ] وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَكْثَرَ مِنْ الطَّعَامِ لَمْ يَبْقَ مَوْضِعٌ لِلنَّفَسِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ، وَكَذَلِكَ إذَا أَكْثَرَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُمَا مَعًا لَمْ يَبْقَ مَوْضِعٌ لِلنَّفَسِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ بِهِ. ق: وَقَالُوا: الشِّبَعُ مِنْ الْحَلَالِ يُقَسِّي الْقَلْبَ، وَيُقِلُّ الْحِفْظَ، وَيُفْسِدُ الْعَقْلَ، وَيُكَسِّلُ الْأَعْضَاءَ عَنْ الْعِبَادَةِ، وَيَكْسِرُ الشَّهْوَةَ وَيُقَوِّي جُنُودَ الشَّيْطَانِ وَيُفْسِدُ الْجِسْمَ. فَمَا بَالُك بِالْحَرَامِ وَصِفَةُ تَوَصُّلِهِ إلَى الثُّلُثِ أَنْ يَعْلَمَ مِقْدَارًا يُشْبِعُهُ فَيَقْتَصِرَ عَلَى ثُلُثِهِ، فَإِنْ كَانَ يُشْبِعُهُ ثَلَاثَةُ أَقْرَاصٍ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِاللُّقَمِ، فَإِذَا كَانَ يُشْبِعُهُ ثَلَاثُونَ اقْتَصَرَ عَلَى عَشَرَةٍ.

قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَخْدِمُ وَلَا يَدْرُسُ فِي الْعِلْمِ، وَأَمَّا الْخَدِيمُ فِي طَلَبِ مَعَاشِهِ فَيُبَاحُ لَهُ الشِّبَعُ وَكَذَلِكَ دَارِسُ الْعِلْمِ أَيْ الشِّبَعُ عَلَى قَدْرِ مَا يَسْتَقِيمُ بِهِ حَالُهُ.

قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوقٌ: الشِّبَعُ إلَى حَدِّ التُّخَمَةِ وَإِفْسَادِ الْمَعِدَةِ بِإِفْسَادِ الطَّعَامِ حَرَامٌ، وَبِمَا دُونَ ذَلِكَ مِمَّا يَذْهَبُ إلَى الثِّقَلِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ وَعَلَيْهِمَا اُخْتُلِفَ فِي الْجُشَأَةِ هَلْ يَقُولُ عِنْدَهَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَحْسَنُ فَيَحْمَدُ اللَّهَ اعْتِبَارًا بِالنِّعْمَةِ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِسُوءِ أَدَبِهِ فِي أَكْلِهِ وَمَا لَا يَحُسُّ مَعَهُ بِثِقَلٍ مِمَّا لَا يُخِلُّ بِقُوَاهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ، فَإِنْ قُلْت: مَا عَيْنُ الْحُكْمِ فِي الثُّلُثِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ؟ قُلْت: يُسْتَفَادُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ الْإِبَاحَةُ، فَعَدُّهُ مِنْ الْفِطْرَةِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الزِّيَادَةِ فَالزِّيَادَةُ مَكْرُوهَةٌ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ تت أَنَّ فِي الشِّبَعِ قَوْلَيْنِ بِالْإِبَاحَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَالتَّعْلِيلُ الْمُتَقَدِّمُ يُقَوِّي الثَّانِيَ بَلْ يُفِيدُ قُوَّةَ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الشِّبَعِ، وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ لَنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِعْلُ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَفِعْلُ الْعِبَادَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ مُسْتَحَبٌّ وَاَلَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْوَاجِبِ أَوْ اخْتِلَالٌ فِي الْبَدَنِ حَرَامٌ، وَاَلَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْمُسْتَحَبِّ مَكْرُوهٌ وَإِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مُبَاحٌ.

[قَوْلُهُ: إذَا أَكَلْت مَعَ غَيْرِك] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: شَرِيكًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ انْتَهَى لِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ نُسِبَ إلَى الشَّرَهِ وَدَنَاءَةِ الْأَخْلَاقِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْلِ وَحْدَهُ وَإِطْلَاقُ الشَّافِعِيَّةِ يُفِيدُ نَدْبَ الْأَكْلِ مِمَّا يَلِي الْآكِلَ وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِك وَلَا بَنِيكَ. . . إلَخْ] قَالَ ق: وَأَمَّا مَعَ أَهْلِهِ وَبَنِيهِ فَلْيَأْكُلْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَأَدَّبَ.

ص: 462

الْأُخْرَى) لِئَلَّا تُنْسَبَ إلَى الشَّرَهِ.

(وَ) مِنْ آدَابِ الشُّرْبِ أَنَّك (لَا تَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ عِنْدَ شُرْبِك) لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ ذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ:(وَلْتُبِنْ الْقَدَحَ عَنْ فِيك ثُمَّ تُعَاوِدُهُ إنْ شِئْت) لِجَوَازِ الشُّرْبِ مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ لِمَا فِي النَّسَائِيّ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «إذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَفَّسْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

ــ

[حاشية العدوي]

مَعَهُمْ، وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَتَأَدَّبُوا مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ انْتَهَى. وَأَرَادَ بِالْأَهْلِ زَوْجَتَهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ رَقِيقَهُ وَخَدَمَهُ أَوْلَى بِذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: طَعَامًا] أَيْ وَاحِدًا كَالثَّرِيدِ وَاللَّحْمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَصْنَافًا مُخْتَلِفَةً كَأَنْوَاعِ الْفَاكِهَةِ فِي طَبَقٍ مِمَّا تَخْتَلِفُ أَغْرَاضُ الْآكِلِينَ فِيهِ أَوْ كَانَ الطَّعَامُ مُشْتَمِلًا عَلَى مَرَقٍ وَغَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ غَيْرِهِ.

وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَقَوْلُنَا طَعَامًا احْتِرَازًا مِنْ التَّمْرِ فَإِنَّهُ سَيَنُصُّ عَلَى حُكْمِهِ انْتَهَى. أَيْ التَّمْرِ وَشَبَهِهِ أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ غَيْرِهِ، فَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَوْعًا وَاحِدًا وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا بَأْسَ فِي التَّمْرِ. . . إلَخْ. إنَّ ذَلِكَ فِي الْأَصْنَافِ. أَقُولُ: وَيُقَوِّي مَا قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ «أَنَّ عِكْرَاشًا أَكَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَرِيدًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ ثُمَّ أُتِيَ بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنْ الرُّطَبِ فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَجَالَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّبَقِ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَوْنٍ وَاحِدٍ» . [قَوْلُهُ: أَكَلْت مِمَّا يَلِيك] أَيْ نَدْبًا فَقَوْلُهُ: لِأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام أَيْ بِقَوْلِهِ: «كُلْ مِمَّا يَلِيك» أَيْ أَمْرَ نَدْبٍ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ شَارِحُ الْحَدِيثِ، وَذَلِكَ «لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَكَلْت يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ نَوَاحِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُلْ مِمَّا يَلِيك» قَالَ شَارِحُهُ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ نَصَّ أَئِمَّتُنَا عَلَى كَرَاهَةِ الْأَكْلِ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ انْتَهَى. وَمَذْهَبُنَا لَا يُخَالِفُهُ.

[قَوْلُهُ: أَنَّك لَا تَأْخُذُ لُقْمَةً] أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ فَأَخْذُ اللُّقْمَةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْأُخْرَى بِالْبَلْعِ مَنْدُوبٌ.

[قَوْلُهُ: لِئَلَّا تُنْسَبَ إلَى الشَّرَهِ] أَيْ الْحِرْصِ عَلَى الْأَكْلِ، وَلِئَلَّا تَشْرَقَ فَيَحْصُلَ لَك الْخَجَلُ. وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ هَذَا عِنْدَ أَكْلِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي الْإِطْلَاقُ لِئَلَّا يَتَّخِذَهُ عَادَةً فَيَفْعَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ، وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَأْكُلَ كَمَا يَأْكُلُونَ مِنْ تَصْغِيرِ اللُّقْمَةِ وَالتَّرَسُّلِ فِي الْأَكْلِ وَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ عَادَتَهُ، وَأَنْ لَا يَفْعَلَ عِنْدَ الْأَكْلِ مَا يُسْتَقْذَرُ مِنْ نَحْوِ الْبُصَاقِ أَوْ رَدِّ بَعْضِ اللُّقْمَةِ فِي الْإِنَاءِ بَعْدَ وَضْعِهَا فِي الْفَمِ، أَوْ أَنَّهُ بَعْدَ وَضْعِ اللُّقْمَةِ فِي الْفَمِ يُلْقِي مَا بَقِيَ فِي آثَارِ أَصَابِعِهِ مِنْ الطَّعَامِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ قَبِيحٌ، وَمِنْ آدَابِهِ الْإِكْثَارُ مِنْ حِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ مِمَّا يُرِيحُ الْآكِلَ وَيُقَوِّي نَهْمَتَهُ وَيُنْبِئُ عَنْ سَمَاحَتِك، وَأَنْ لَا تَنْظُرَ إلَى غَيْرِك حَالَ أَكْلِهِ، وَأَنْ لَا تَقُومَ قَبْلَ قِيَامِهِ. وَالظَّاهِرُ إلَّا لِمُوجِبٍ يَقْتَضِي الْقِيَامَ يُعْرَفُ عِنْدَ وُقُوعِهِ، أَوْ يَكُونُ الْغَيْرُ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِي مِنْ قِيَامِك، وَأَنْ لَا تَقُولَ لِمَنْ يَأْكُلُ مَعَك فِي حَالِ أَكْلِهِ: كُلْ، فَإِنَّك تُخْجِلُهُ بِخِلَافِ لَوْ تَرَكَ الْأَكْلَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ عُمَرَ: يُكْرَهُ الْيَمِينُ عَلَى الطَّعَامِ وَإِنَّمَا جَاءَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «كُلْ كُلْ كُلْ» ثَلَاثًا، وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ فَإِذَا حَلَفَ فَقِيلَ يَبَرُّ بِثَلَاثِ لُقَمٍ، وَقِيلَ يَبَرُّ بِثَلَاثٍ إذَا كَانَ أَثْنَاءَ الْأَكْلِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي ابْتِدَائِهِ فَلَا يَبَرُّ بِهَا بَلْ لَا يَبَرُّ إلَّا بِالشِّبَعِ وَيُعْلَمُ بِإِقْرَارِهِ.

[قَوْلُهُ: وَمِنْ آدَابِ الشُّرْبِ أَنَّك لَا تَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ عِنْدَ شُرْبِك لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام] أَيْ نَهْيَ كَرَاهَةٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَلَى مَا قَالَ تت أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ» ، أَيْ وَأَمَرَ مُرِيدَ التَّنَفُّسِ بِإِبَانَةِ الْقَدَحِ عَنْ فِيهِ وَقْتَ تَنَفُّسِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ فَقِيلَ: مَخَافَةَ أَنْ تَبْقَى فَضْلَةٌ فَيَتَقَذَّرَهَا غَيْرُك. وَقِيلَ: مَخَافَةَ الْأَذِيَّةِ لِأَنَّ رِيقَ الْإِنْسَانِ سُمٌّ عَلَى غَيْرِ صَاحِبِهِ، فَإِنْ قُلْت: قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ لَا الْكَرَاهَةِ. قُلْت: ذَلِكَ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ إذْ لَوْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ لَمَا شُكَّ فِي الْحُرْمَةِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَلْتُبِنْ] بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ نَدْبًا إنْ شِئْت أَيْ التَّنَفُّسَ أَثْنَاءَ الشُّرْبِ أَيْ إنْ شِئْت التَّنَفُّسَ أَثْنَاءَ الشُّرْبِ فَيُنْدَبُ أَنْ تُبِينَ الْقَدَحَ وَلَا تَتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ، فَأُخِذَ الْجَوَازُ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ شِئْت أَيْ تُبْعِدُ الْقَدَحَ عِنْدَ إرَادَةِ التَّنَفُّسِ حَتَّى تَتَنَفَّسَ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُكْرَهُ لِمَا فِي النَّسَائِيّ. . . إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَكْرُوهِ

ص: 463

فَإِنَّهُ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ» . (وَلَا تَعُبَّ الْمَاءَ عَبًّا) وَهُوَ بَلْعُهُ بِصَوْتٍ كَصَوْتِ الْبَهِيمَةِ لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ ذَلِكَ (وَلْتَمُصَّهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مُضَارِعُ مَصِصَ بِالْكَسْرِ (مَصًّا) وَهُوَ بَلْعُ الْمَاءِ بِرِفْقٍ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ لِأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام بِذَلِكَ.

(وَ) مِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَيْضًا أَنْ (تَلُوكَ) أَيْ تَمْضُغَ (طَعَامَك وَتُنَعِّمَهُ مَضْغًا) أَيْ تُبَالِغَ فِي مَضْغِهِ أَيْ دَقِّهِ (قَبْلَ بَلْعِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ وَأَسْهَلُ عَلَى الْمَعِدَةِ، وَفِي تَرْكِ ذَلِكَ إذَايَةٌ فِي بَلْعِهِ، وَتَتَأَذَّى الْمَعِدَةُ مِنْهُ (وَ) مِنْ آدَابِهِ أَنَّك (تُنَظِّفُ فَاك بَعْدَ) الْفَرَاغِ مِنْ (طَعَامِك) بِالْمَضْمَضَةِ وَالسِّوَاكِ لِدَفْعِ مَا يُتَّقَى مِنْ تَغْيِيرِ طَعْمِ الْفَمِ (وَ) مِنْ الْآدَابِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَخِلَافِ الْأَوْلَى وَإِلَّا فَلَا يَدُلُّ لِلْكَرَاهَةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ سَحْنُونَ مُوَافَقَتُهُ فَقَدْ ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ ثُمَّ يَشْرَبُ ثُمَّ يُبِينُهُ، وَيَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ ثُمَّ يَشْرَبُ ثُمَّ يُبِينُهُ، وَيَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ ثُمَّ يَشْرَبُ ثُمَّ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ.

[قَوْلُهُ: فَلْيَتَنَفَّسْ] أَيْ خَارِجَ الْإِنَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ الْمُنَاوِيُّ: وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ النَّفَسُ الْأَوَّلُ فِي الشُّرْبِ خَفِيفًا وَالثَّانِي أَطْوَلَ وَالثَّالِثُ إلَى رِيِّهِ، وَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى أَصْلٍ.

وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ أَيْ التَّنَفُّسَ ثَلَاثًا خَارِجَ الْإِنَاءِ. وَقَوْلُهُ: أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ بِالْهَمْزَةِ فِيهِمَا أَفْعَلُ أَيْ أَقْوَى فِي عَدَمِ الثِّقَلِ عَلَى الْمَعِدَةِ، وَأَقْوَى فِي الِانْحِدَارِ عَنْهَا بِطِيبِ لَذَّةٍ وَنَفْعٍ فَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَمَا يَتَرَاءَى مِنْ قِرَاءَتِهِ بِالْأَلِفِ خَطَأٌ.

[قَوْلُهُ: وَلَا تَعُبَّ الْمَاءَ عَبًّا] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: عَبَّ الرَّجُلُ الْمَاءَ عَبًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ شَرِبَهُ مِنْ غَيْرِ تَنَفُّسٍ، وَعَبَّ الْحَمَامُ شَرِبَ مِنْ غَيْرِ مَصٍّ كَمَا تَشْرَبُ الدَّوَابُّ.

وَأَمَّا بَاقِي الطَّيْرِ فَإِنَّهُ تَحْسُوهُ جُرْعَةً بَعْدَ جُرْعَةٍ اهـ. فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَوْلُ شَارِحِنَا وَهُوَ بَلْعُهُ بِصَوْتٍ نَاظِرٌ لِجَعْلِهِ مِنْ عَبَّ الْحَمَامُ شَرِبَ مِنْ غَيْرِ مَصٍّ لَا مِنْ بَابِ عَبَّ الرَّجُلُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْحَدِيثِ كَمَا سَنُبَيِّنُ، وَإِنْ كَانَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَلْيَمُصَّهُ مَصًّا تَأْكِيدًا لِعِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا تَعُبَّ الْمَاءَ عَبًّا، وَلَوْ جُعِلَ مِنْ الْأَوَّلِ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُنَافِيًا لِقَوْلِهِ: إنْ شِئْت فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: لِأَمْرِهِ. . . إلَخْ] حَاصِلُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالْمَصِّ وَنَهَى عَنْ الْعَبِّ، أَيْ أَمْرَ نَدْبٍ وَنَهْيَ كَرَاهَةٍ فَوَقَعَ مِنْهُ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسْتَلْزِمُ الْآخَرَ كَمَا اقْتَضَاهُ حَلُّ الشَّارِحِ، فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم:«إذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمُصَّ الْمَاءَ مَصًّا وَلَا يَعُبَّ عَبًّا فَإِنَّ الْكُبَادَ مِنْ الْعَبِّ» اهـ. وَالْكُبَادُ كَغُرَابٍ وَجَعُ الْكَبِدِ.

قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ الْعَبِّ لِأَنَّ فِيهِ إذَايَةً لِلْجَسَدِ إذْ لَعَلَّهُ يَشْرَبُ بَعْضُ الْعُرُوقِ دُونَ بَعْضٍ أَوْ يَأْخُذُ بَعْضُهَا أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَبَعْضُهَا أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ، وَإِذَا مَصَّهُ أَخَذَ كُلُّ عِرْقٍ حَقَّهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَطَرَ الرَّقِيقَ الْمُدَمَّنَ أَنْفَعُ لِلْأَرْضِ مِنْ الْوَابِلِ لِأَنَّهُ إذَا نَزَلَ بِقُوَّةٍ ذَهَبَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهَا إلَّا يَسِيرٌ.

تَنْبِيهٌ:

وَمِثْلُ الْمَاءِ اللَّبَنُ وَالْعَسَلُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ كُلِّ مَائِعٍ وَهَذَا مِنْ الْآدَابِ الْمُقَارِنَةِ.

[قَوْلُهُ: وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَيْضًا] أَيْ الْمُقَارِنَةِ.

[قَوْلُهُ: أَنْ تَلُوكَ] مِنْ لَاكَ اللُّقْمَةَ مِنْ بَابِ قَالَ.

[قَوْلُهُ: أَيْ تَمْضُغَ] مِنْ بَابِ قَتَلَ وَنَفَعَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ

[قَوْلُهُ: وَتُنَعِّمَهُ] بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْعَيْنِ الْمَكْسُورَةِ.

[قَوْلُهُ: أَيْ تُبَالِغَ مِنْ مَضْغِهِ. . . إلَخْ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَضْغًا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَأَنَّهُ ضَمَّنَ تُنَعِّمَ مَعْنَى تُبَالِغَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ تُنَعِّمَهُ تَنْعِيمَ مَضْغٍ أَيْ تَنْعِيمًا مَنْسُوبًا لِلْمَضْغِ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ مِنْهُ. [قَوْلُهُ: أَبْلَغُ] أَيْ أَعْظَمُ فِي اللَّذَّةِ أَيْ فِي حَالِ الِابْتِلَاعِ. وَقَوْلُهُ: أَسْهَلُ أَيْ أَشَدُّ سُهُولَةً أَيْ بَعْدَ الِابْتِلَاعِ.

[قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ ذَلِكَ إذَايَةٌ فِي بَلْعِهِ] أَيْ فِي تَرْكِ التَّنْعِيمِ إذَايَةٌ فِي بَلْعِهِ نَاظِرٌ لِلْأَوَّلِ. وَقَوْلُهُ: وَتَتَأَذَّى الْمَعِدَةُ مِنْهُ نَاظِرٌ لِلثَّانِي إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يُنَافِي قَضِيَّةَ التَّفْضِيلِ فِي أَبْلَغُ وَأَسْهَلُ، نَعَمْ لَوْ قَالَ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ اللَّذَّةُ وَالسُّهُولَةُ عَلَى الْمَعِدَةِ لَوَافَقَ وَلَمْ يُخَالِفْ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَمِنْ الْآدَابِ] أَيْ اللَّاحِقَةِ.

[قَوْلُهُ: بِالْمَضْمَضَةِ وَالسِّوَاكِ] زَادَ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْمَضْمَضَةِ وَنَحْوِهِمَا، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَدَبَ يَحْصُلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لَكِنْ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ السِّوَاكَ يُحْتَاجُ مَعَهُ لِلْمَضْمَضَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْغَسْلَ مَطْلُوبٌ سَوَاءٌ أَرَادَ الصَّلَاةَ أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ أَفَادَهُ التَّحْقِيقُ. [قَوْلُهُ: لِدَفْعِ مَا يَتَّقِي. . . إلَخْ] هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي نَدْبَ

ص: 464

أَنَّك (إنْ غَسَلْت يَدَك) بَعْدَ الْمَسْحِ الْوَاقِعِ بَعْدَ اللَّعْقِ (مِنْ الْغَمَرِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ الْوَدَكُ (وَ) مِنْ (اللَّبَنِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (فَحَسَنٌ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ لَمْ يَغْسِلْهُ وَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ» .

وَأَمَّا مَا لَا دَسَمَ فِيهِ فَلَا يَغْسِلُ مِنْهُ (وَ) مِنْهَا أَنَّك (تُخَلِّلُ) أَيْ تُزِيلُ (مَا تَعَلَّقَ بِأَسْنَانِك) أَيْ تَدَاخَلَ بَيْنَهَا (مِنْ الطَّعَامِ) لِأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام بِذَلِكَ.

(وَنَهَى الرَّسُولُ عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِالشِّمَالِ) هَذَا النَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ يَمِينٌ (وَ) مِنْ آدَابِ الشُّرْبِ إذَا كُنْت بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ أَنَّك (تُنَاوِلُ إذَا شَرِبْت مَنْ عَلَى يَمِينِك) أَوَّلًا، ثُمَّ مَنْ عَلَى يَسَارِك لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ

ــ

[حاشية العدوي]

التَّنَظُّفِ، وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ لَا دَسَمَ لَهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ فَاهُ وَقَالَ: إنَّ فِيهِ دَسَمًا» يَقْتَضِي أَنَّ مَا لَا دَسَمَ فِيهِ لَا يُنْدَبُ تَنْظِيفُهُ.

[قَوْلُهُ: وَمِنْ الْآدَابِ] أَيْ اللَّاحِقَةِ.

[قَوْلُهُ: بِفَتْحٍ. . . إلَخْ] احْتِرَازٌ عَنْ مَضْمُومِ الْغَيْنِ سَاكِنِ الْمِيمِ فَهُوَ الرَّجُلُ الْجَاهِلُ، وَعَنْ مَكْسُورِ الْغَيْنِ فَهُوَ الْحِقْدُ، وَعَنْ مَفْتُوحِ الْغَيْنِ سَاكِنِ الْمِيمِ فَهُوَ السَّتْرُ، نَحْوُ غَمَرَ الْمَاءُ الْأَرْضَ غَمْرًا سَتَرَهَا. [قَوْلُهُ: الْوَدَكُ. . . إلَخْ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْوَدَكُ بِفَتْحَتَيْنِ دَسَمُ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ وَهُوَ مَا يَتَحَلَّبُ مِنْ ذَلِكَ اهـ. وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَعَطْفُ اللَّبَنِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُغَايِرٌ.

[قَوْلُهُ: وَأَصَابَهُ شَيْءٌ] أَيْ خَبَلٌ أَوْ مَسٌّ مِنْ الْجِنِّ أَوْ بَرَصٌ كَمَا وَرَدَ بَلْ وَخَيْرُ مَا فَسَّرْته بِالْوَارِدِ.

وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَغَيْرُهُ: فَأَصَابَهُ إيذَاءٌ مِنْ الْهَوَامِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْهَوَامَّ وَذَوَاتَ السَّمُومِ رُبَّمَا تَقْصِدُ رَائِحَةَ الطَّعَامِ فَتُؤْذِيهِ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ الْمَرْوِيَّ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا لَا دَسَمَ فِيهِ] أَيْ كَالْعَدَسِ وَالتَّمْرِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ غَسْلُ يَدِهِ مِنْهُ، فَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إذَا أَكَلَ مَا لَا دَسَمَ فِيهِ يَمْسَحُ كَفَّهُ بِبَاطِنِ قَدَمِهِ. [قَوْلُهُ: لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ. . . إلَخْ] لِمَا خَرَّجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مَرْفُوعًا: «نَقُّوا أَفْوَاهَكُمْ بِالْخِلَالِ فَإِنَّهَا مَجَالِسُ الْمَلَائِكَةِ» وَلَيْسَ شَيْءٌ أَضَرَّ عَلَى الْمَلَائِكَةِ مِنْ بَقَايَا الطَّعَامِ بَيْنَ الْأَسْنَانِ وَلَك أَنْ تَأْكُلَ مَا يَخْرُجُ مِنْ التَّخْلِيلِ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ نَجَسًا. ق: هَكَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ: نَجَاسَةُ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ لَيْسَتْ بِمُجَرَّدِ تَغَيُّرِهِ بَلْ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مِنْ مُخَالَطَتِهِ لِشَيْءٍ مِنْ دَمِ اللِّثَاتِ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ لَا يَجُوزُ بَلْعُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ تت وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ أَيْضًا: وَيَجُوزُ التَّخْلِيلُ بِمَا يَجُوزُ بِهِ السِّوَاكُ وَلَا يَكُونُ بِمَا لَا يَجُوزُ بِهِ السِّوَاكُ.

[قَوْلُهُ: وَنَهَى الرَّسُولُ عليه الصلاة والسلام عَنْ الْأَكْلِ. . . إلَخْ] فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ هَذَا وَتَتَنَاوَلُ بِيَمِينِك فَإِذَا أَمَرَهُ بِالْمُنَاوَلَةِ بِالْيَمِينِ فَقَدْ نَهَى عَنْ الْمُنَاوَلَةِ بِالشِّمَالِ، وَإِنَّمَا زَادَ هُنَا نَهَى الرَّسُولُ أَيْ لِيُفِيدَ أَنَّهُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ لَا خِلَافُ الْأَوْلَى. [قَوْلُهُ: فِي حَقِّ مَنْ لَهُ يَمِينٌ] فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَمِينٌ فَبِشِمَالِهِ.

[قَوْلُهُ: إذَا شَرِبْت. . . إلَخْ] مِثْلُهُ الطَّعَامُ وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا إذَا أَذِنَ مَنْ عَلَى الْيَمِينِ أَنْ يُعْطِيَ لِمَنْ عَلَى يَسَارِهِ جَازَ لِأَنَّهُ تَرَكَ حَقَّهُ، وَيُعْطِي السَّاقِي بَدْءًا لِلْفَاضِلِ ثُمَّ لِمَنْ عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ يَأْتِي عَلَى آخِرِهِمْ، وَإِنْ تَسَاوَوْا فِي الْفَضْلِ بَدَأَ بِيَمِينِ مَنْ عَلَى يَمِينِ السَّاقِي.

[قَوْلُهُ: مَنْ عَلَى يَمِينِك] وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا بَلْ وَلَوْ كَافِرًا، فَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ صَائِمًا كَانَ لِمَنْ كَانَ عَلَى يَمِينِهِ وَهَكَذَا وَلَيْسَ لِمَنْ عَلَى يَمِينِهِ أَنْ يُؤْثِرَ غَيْرَهُ. [قَوْلُهُ: أُتِيَ] بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَهُوَ فِي دَارِ أَنَسٍ. وَقَوْلُهُ: بِلَبَنٍ أَيْ حُلِبَ مِنْ شَاةٍ دَاجِنٍ. وَقَوْلُهُ: شِيبَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ خُلِطَ. وَقَوْلُهُ: بِمَاءٍ أَيْ مِنْ الْبِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ أَنَسٍ. وَقَوْلُهُ: عَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ لَمْ يُسَمَّ، وَزَعْمُ أَنَّهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ خَطَأٌ وَاضِحٌ كَمَا بَيَّنُوهُ. وَقَوْلُهُ: الْأَيْمَنَ ضُبِطَ بِالنَّصْبِ. عَلَى تَقْدِيرِ: أَعْطِ الْأَيْمَنَ وَبِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ: الْأَيْمَنُ أَحَقُّ.

قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَرُجِّحَ الرَّفْعُ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ:«الْأَيْمَنُونَ الْأَيْمَنُونَ» . قَالَ أَنَسٌ: فَهِيَ سُنَّةٌ أَيْ تَقْدِمَةُ الْأَيْمَنِ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي يَعْلَى بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم إذَا أَسْقَى قَالَ: ابْدَءُوا بِالْكُبَرَاءِ. أَوْ قَالَ: بِالْأَكَابِرِ» . فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ يَمِينِهِ أَحَدٌ بَلْ كَانُوا كُلُّهُمْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ: وَفِيهِ أَنَّ خَلْطَ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ لِلشُّرْبِ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَغِشٌّ، وَأَنَّ الْمَجْلِسَ عَنْ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ سَوَاءٌ إذْ لَوْ

ص: 465

بِمَاءٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ وَعَنْ يَسَارِهِ الصِّدِّيقُ فَشَرِبَ، ثُمَّ أَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ فَضْلَهُ، وَقَالَ: الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ» .

وَمِنْ الْآدَابِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَيُنْهَى) بِمَعْنَى وَنُهِيَ (عَنْ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْكِتَابِ) رَوَى حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْبِرَازُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِمَا يُتَّقَى مِنْ الْقَذَرِ، وَفِي الثَّالِثِ لِحُرْمَتِهِ (وَ) كَذَلِكَ نُهِيَ نَهْيَ تَحْرِيمٍ (عَنْ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ» . وَأَلْحَقَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ سَائِرَ الِاسْتِعْمَالَاتِ (وَلَا بَأْسَ بِالشُّرْبِ قَائِمًا) لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ قَائِمًا» ، وَفِي التِّرْمِذِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَشْرَبُ قَائِمًا وَقَاعِدًا» وَفَعَلَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَكَرِهَهُ قَوْمٌ لِأَحَادِيثَ وَرَدَتْ فِيهَا نَظَرٌ.

(وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ أَكَلَ الْكُرَّاثَ)

ــ

[حاشية العدوي]

كَانَ الْفَضْلُ لِلْيَمِينِ لَمَا آثَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الْأَعْرَابِيَّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ.

وَقِيلَ: كَانَ الْأَعْرَابِيُّ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ، فَلِذَا جَلَسَ عَلَى يَمِينِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَبَقَ أَبَا بَكْرٍ فَفِيهِ أَنَّ مَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان مِنْ مَجْلِسِ الْعِلْمِ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَأَنَّهُ لَا يُقَامُ أَحَدٌ مِنْ مَحَلِّهِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ أَفْضَلَ مِنْهُ، هَذَا مَا قَالَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّأِ. أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى يَمِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا الْأَعْرَابِيُّ فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم " فَالْأَيْمَنَ " أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ تَعَدُّدِ مَنْ عَلَى الْيَمِينِ.

[قَوْلُهُ: وَنُهِيَ عَنْ النَّفْخِ] أَيْ نَهْيَ كَرَاهَةٍ.

[قَوْلُهُ: فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ] ق: ظَاهِرُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ فِي الْأَوَانِي أَوْ فِي يَدِهِ.

وَقَالَ الزَّنَاتِيُّ: إنَّمَا ذَلِكَ إذَا كَانَ فِي الْأَوَانِي.

[قَوْلُهُ: وَالْكِتَابِ] الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الْكِتَابِ فِقْهًا أَوْ حَدِيثًا أَوْ كِتَابًا كَتَبَهُ لِغَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: رَوَى حَدِيثَ النَّهْيِ. . . إلَخْ] أَتَى بِهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِ (د) دَفْعًا لِاعْتِرَاضِ ابْنِ عُمَرَ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ النَّفْخِ فِي الثَّلَاثَةِ انْفَرَدَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ وَلَمْ يُوجَدْ لِغَيْرِهِ، لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ وك عَنْ الْبَزَّارِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ» وَقَدْ نَقَلَهُ السُّيُوطِيّ عَنْ أَحْمَدَ كَمَا نَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ وَالْفَاكِهَانِيُّ فَالِاعْتِرَاضُ بَاقٍ. [قَوْلُهُ: لِمَا يُتَّقَى مِنْ الْقَذَرِ] وَهُوَ رِيقُهُ أَيْ وَهُوَ إهَانَةٌ لِلطَّعَامِ، وَعَلَيْهِ فَيُكْرَهُ النَّفْخُ وَإِنْ أَكَلَ وَحْدَهُ بَارِدًا أَوْ حَارًّا، سَوَاءٌ مَا قَلَّ وَمَا جَلَّ أَوْ هُوَ يُؤْذِي غَيْرَهُ لِكَوْنِهِ سُمًّا، وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّ النَّهْيِ إذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَهُمَا قَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا عِبَارَتُهُ.

[قَوْلُهُ: وَفِي الثَّالِثِ لِحُرْمَتِهِ] أَيْ شَرَفِهِ. وَقِيلَ: خَوْفَ مَحْوِهِ أَوْ خَوْفَ التَّفَاؤُلِ بِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ إذَا كَانَ مُرْسَلًا لِلْغَيْرِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَصَدَ تَجْفِيفَهُ، وَالْمَطْلُوبُ التَّتْرِيبُ بَدَلَ النَّفْخِ «فَقَدْ كَتَبَ صلى الله عليه وسلم كِتَابَيْنِ وَتَرَّبَ أَحَدَهُمَا وَتَرَكَ الْآخَرَ» ، فَحَصَلَ الْمَقْصُودُ بِالْمُتَرَّبِ دُونَ غَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: عَنْ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ] بَلْ الْأَكْلِ وَسَائِرِ الِاسْتِعْمَالَاتِ، وَرُبَّمَا أَشْعَرَ مَنْعُ الشُّرْبِ بِمَنْعِ الِاقْتِنَاءِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِلشُّرْبِ فِيهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْجَوَازُ، وَيَجُوزُ الشُّرْبُ فِي أَوَانِي النُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْحَدِيدِ، وَفِي الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ كَالْيَوَاقِيتِ وَالْجَوَاهِرِ قَوْلَانِ بِالْمَنْعِ وَالْجَوَازِ وَمَنْ حَضَرَتْهُ صَلَاةٌ وَمَعَهُ آلَةُ اسْتِسْقَاءٍ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَهُمْ] أَيْ لِلْكُفَّارِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ.

وَقَوْلُهُ: فِي الدُّنْيَا أَيْ يَسْتَعْمِلُونَهَا مُخَالَفَةً لِلْمُسْلِمِينَ. وَقَوْلُهُ: وَلَكُمْ أَيْ مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ تَسْتَعْمِلُونَهَا فِي الْآخِرَةِ مُكَافَأَةً لَكُمْ عَلَى تَرْكِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُمْنَعُهَا أُولَئِكَ جَزَاءً لَهُمْ عَلَى مَعْصِيَتِهِمْ بِاسْتِعْمَالِهَا كَذَا قَرَّرَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَهَلْ حُرْمَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَعَيْنِهِمَا أَوْ لِلسَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ قَوْلَانِ، وَفُهِمَ مِنْ حُرْمَتِهِمَا حُرْمَةُ الِاسْتِئْجَارِ لِفِعْلِهِمَا وَأَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى صِيغَتِهِمَا وَعَدَمُ الْغُرْمِ عَلَى كَاسِرِ ذَلِكَ كَآلَاتِ الْمَلَاهِي. [قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِالشُّرْبِ] أَيْ وَكَذَا الْأَكْلُ إلَّا أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي جَوَازِهِ قَائِمًا.

[قَوْلُهُ: وَفَعَلَهُ] أَيْ الشُّرْبَ قَائِمًا.

[قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ] أَيْ جَمَاعَةٌ هُمْ الْفُقَهَاءُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَكْثَرَهُمْ لَا كُلَّهُمْ وَأَرَادَ لَا بِقَيْدِ الْمَذْهَبِ. [قَوْلُهُ: لِأَحَادِيثَ] فَمِنْ ذَلِكَ مَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدُكُمْ قَائِمًا فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ» . [قَوْلُهُ: فِيهَا نَظَرٌ] أَيْ بَحْثٌ أَيْ لَمْ تُسَلَّمْ صِحَّتُهَا. وَلَا حُسْنُهَا، فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي إسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ حَمْزَةَ الْعُمْرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ النَّهْيَ عَنْهُ عَلَى حَالِ

ص: 466

بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا (أَوْ الثُّومَ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَيُقَالُ بِالْفَاءِ عِوَضًا عَنْهَا (أَوْ الْبَصَلَ) بِفَتْحِ الصَّادِ (نِيئًا) بِكَسْرِ النُّونِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزِ وَيُرْوَى بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ غَيْرَ مَطْبُوخٍ (أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ) الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْجِنْسِ يَعْنِي كُلَّ مَسْجِدٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَلَى مَا قَالَ ج: أَنَّ دُخُولَهُ مَكْرُوهٌ لَا مُحَرَّمٌ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(وَ) مِنْ الْآدَابِ أَنَّهُ (يُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مُتَّكِئًا) لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ: «لَا آكُلُ مُتَّكِئًا» وَصِفَةُ الْإِتْكَاءِ أَنْ يَمِيلَ عَلَى مِرْفَقِهِ الْأَيْسَرِ، وَجَاءَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَضَعُ إحْدَى فَخِذَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَإِحْدَى سَاقَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ وَيَأْكُلُ وَيَقُولُ: أَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ وَآكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ» .

(وَ) مِنْ الْآدَابِ أَنَّهُ (يُكْرَهُ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ (الْأَكْلُ مِنْ رَأْسِ الثَّرِيدِ) لِمَا صَحَّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «أُتِيَ بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ فَقَالَ: كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا وَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَشْيِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ الثُّومَ أَوْ الْبَصَلَ] وَأُلْحِقَ بِهِمَا الْفُجْلُ وَمَنْ بِفَمِهِ بَخَرٌ أَوْ بِجَسَدِهِ جُرْحٌ مُنْتِنٌ. [قَوْلُهُ: نِيئًا] وَأَمَّا مَنْ أَكَلَ الْمَطْبُوخَ بِالْخَلِّ وَالْمُخَلَّلَ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ حُضُورِ الْمَسَاجِدِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا. [قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ] وَحَكَى قُطْرُبٌ تَخْفِيفَهَا. [قَوْلُهُ: يَعْنِي كُلَّ مَسْجِدٍ] أَيْ فَأَلْ لِلْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ وُجُودُهُ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهِ فَلَا يُنَافِي التَّعْبِيرَ بِكُلٍّ الَّتِي هِيَ صِيغَةُ الِاسْتِغْرَاقِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَسْجِدَ خُطْبَةٍ أَمْ لَا، وَكَذَا مُصَلَّى عِيدٍ وَجَنَائِزَ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ أَنَّهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَذَا حَلَقُ الذِّكْرِ وَالْعِلْمِ وَالْوَلَائِمِ وَنَحْوِهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.

[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ] أَيْ لِقَوْلِهِ وَلَا يَنْبَغِي. [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ] أَيْ مِنْ مَالِكٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ ارْتِضَاؤُهُ إلَّا أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ رَجَّحَ الْحُرْمَةَ، وَحَمَلَ ابْنُ عُمَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِتَجَوُّزٍ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«إنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» . وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ السُّوقِ وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ نَقْصُ مُرُوءَةٍ.

[قَوْلُهُ: يُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مُتَّكِئًا] أَيْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَهِيَ مَتَى أُطْلِقَتْ إنَّمَا تَنْصَرِفُ لِلتَّنْزِيهِ. [قَوْلُهُ: لَا آكُلُ] إمَّا إخْبَارٌ بِعَدَمِ الْأَكْلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ الْمُرَادُ لَا يَجُوزُ لِي أَنْ آكُلَ مُتَّكِئًا. [قَوْلُهُ: أَنْ يَمِيلَ عَلَى مَرْفِقِهِ الْأَيْسَرِ] أَيْ بِأَنْ يَبْسُطَ الْفَخِذَ الْيُسْرَى وَيَرْكَنَ فِيهَا الْمَرْفِقَ الْيُسْرَى، وَيَعْتَمِدَ عَلَيْهَا، وَالْفَخِذُ الْيُمْنَى قَائِمَةٌ وَفِي الِاتِّكَاءِ قَوْلَانِ آخَرَانِ، أَحَدُهُمَا: التَّرَبُّعُ وَهُوَ لِلْخَطَّابِيِّ، ثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ مُسْتَنِدًا مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ لِشِقٍّ، وَالِاتِّكَاءُ بِالْأَوْجُهِ الثَّلَاثِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَكَذَا يُنْهَى عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ كَابًّا رَأْسَهُ عَلَى الطَّعَامِ. [قَوْلُهُ: وَجَاءَ أَنَّهُ عَلَيْهِ. . . إلَخْ] أَيْ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَفْعَلَ كَفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ جُلُوسَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا كَانَ كَجُلُوسِ الْمُسْتَوْفِزِ.

وَقَالَ: «إنَّمَا أَنَا عَبْدٌ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ» وَرُوِيَ أَنَّهُ «أُهْدِيَ لَهُ شَاةٌ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ يَأْكُلُ، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ؟ قَالَ: إنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا» فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقَعُ مِنْهُ كُلٌّ مِنْهُمَا. وَلِبَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ مَا نَصُّهُ: أَحْسَنُ الْجِلْسَاتِ لِلْأَكْلِ الْإِقْعَاءُ عَلَى الْوَرِكَيْنِ وَنَصْبُ الرُّكْبَتَيْنِ يَعْنِي الَّذِي هُوَ الْمُسْتَوْفِزُ، ثُمَّ الْجُثِيُّ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَظُهُورُ الْقَدَمَيْنِ ثُمَّ نَصْبُ رِجْلِهِ الْيُمْنَى، وَالْقُعُودُ عَلَى الْيُسْرَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.

وَلِصَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَالْجُلُوسُ عَلَى الطَّعَامِ عَلَى ثَلَاثِ هَيْئَاتٍ. الْأُولَى: أَنْ يُقِيمَ رُكْبَتَهُ الْيُمْنَى وَيَضَعَ الْيُسْرَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْلِسَ عَلَيْهَا. الثَّانِيَةُ: أَنْ يُقِيمَهُمَا مَعًا. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَجْلِسَ كَجُلُوسِهِ لِلصَّلَاةِ انْتَهَى.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الثَّالِثَةُ فِي كَلَامِهِ وَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَ كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَقَوْلِ شَارِحِ خَلِيلٍ فِي صِفَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا هُوَ بَيِّنٌ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ كُلًّا حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ الْآخَرُ.

[قَوْلُهُ: كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ لَيْسَتْ كَالْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: أَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ] أَيْ لِأَنَّ صِفَةَ الْعَبْدِ الرِّقُّ وَالْخُضُوعُ وَالِانْكِسَارُ لِرُؤْيَتِهِ أَنَّ السِّيَادَةَ لِغَيْرِهِ لَا لَهُ.

[قَوْلُهُ: وَآكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ] أَيْ مِنْ الْأَكْلِ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ لَا بِأُصْبُعَيْنِ الَّذِي هُوَ أَكْلُ الْمُتَكَبِّرِينَ، فَفِي الْإِحْيَاءِ الْأَكْلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ الْأَكْلُ بِأُصْبُعٍ مِنْ الْمَقْتِ وَبِأُصْبُعَيْنِ مِنْ الْكِبْرِ وَبِثَلَاثٍ مِنْ السُّنَّةِ وَبِأَرْبَعٍ وَخَمْسٍ مِنْ الشَّرَهِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «الْأَكْلُ بِأُصْبُعٍ أَكْلُ

ص: 467

تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ عَلَى وَسَطِهَا» . وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد: «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّفْحَةِ وَلَكِنْ يَأْكُلُ مِنْ أَسْفَلِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا» . فَبَانَ بِهَذَا أَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْخِ الْكَرَاهَةَ بِالثَّرِيدِ لَا مَفْهُومَ لَهُ (وَنَهَى عَنْ الْقِرَانِ) أَيْ الِازْدِوَاجُ (فِي التَّمْرِ) أَشَارَ بِهِ إلَى مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْرَنَ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ» ، وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ شُعْبَةَ لَا أَرَى هَذِهِ الْكَلِمَةَ أَيْ الِاسْتِئْذَانَ إلَّا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ (وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ) النَّهْيَ عَنْ الْقِرَانِ فِي التَّمْرِ إنَّمَا هُوَ (مَعَ الْأَصْحَابِ الشُّرَكَاءِ فِيهِ) ع: هَذَا تَفْسِيرٌ لِعُمُومِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَقَالَ ق: وَالنَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ إنْ عَلَّلْنَا بِسُوءِ الْأَدَبِ، وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالِاسْتِبْدَادِ وَكَانَ الْقَوْمُ شُرَكَاءَ بِشِرَاءٍ أَوْ مُطْعِمِينَ كَانَ النَّهْيُ نَهْيَ تَحْرِيمٍ. وَقَوْلُهُ: فِي التَّمْرِ يُرِيدُ وَكَذَلِكَ سَائِرُ

ــ

[حاشية العدوي]

الشَّيْطَانِ وَبِأُصْبُعَيْنِ أَكْلُ الْجَبَابِرَة وَبِالثَّلَاثِ أَكْلُ الْأَنْبِيَاءِ» . [قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ. . . إلَخْ] الْبَرَكَةُ الزِّيَادَةُ وَالنَّمَاءُ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ: تِلْكَ الْبَرَكَةُ أَجْزَاءٌ مِنْ نَوْعِ الطَّعَامِ تَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ نُزُولِ الرَّحَمَاتِ. فَتَقُومُ بِالْأَعْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَوْ تَجُوزُ بِاللَّفْظِ عَنْ حُصُولِهَا فِيهِ وَالسِّرُّ فِيهِ الْإِشَارَةُ إلَى تَحْقِيقِ هَذَا الزَّائِدِ وَكَأَنَّهُ أَمْرٌ مُتَعَيَّنٌ أَوْ أَنَّ مَنْ يُمْنِي عَنْ أَيْ أَنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ عَنْ أَعْلَاهَا وَتَحِلُّ فِي جَوَانِبِهَا، فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ فَقَالَ: كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ عَنْ وَسَطِهَا وَتَحِلُّ فِي جَوَانِبِهَا» .

وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْأَعْلَى مَا دَامَ بَاقِيًا تَنْزِلُ الْبَرَكَةُ فَإِذَا أُزِيلَ ذَلِكَ الْأَعْلَى يَنْقَطِعُ نُزُولُ الْبَرَكَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّهُ هُنَاكَ شَيْءٌ حِسِّيٌّ يَقُومُ بِالْأَعْلَى، وَمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهَا أَجْزَاءٌ حِسِّيَّةٌ هُوَ الظَّاهِرُ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ سُرْعَةِ إيجَادِ الشِّبَعِ فِي الْأَكْلِ مَا دَامَ الْأَعْلَى بَاقِيًا فَلَا يَحْتَاجُ الْآكِلُ فِي شِبَعِهِ إلَى كَثْرَةِ مَا يُدْخِلُهُ جَوْفَهُ مِنْ الطَّعَامِ.

[قَوْلُهُ: فَبَانَ بِهَذَا] أَيْ بِقَوْلِهِ: فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الثَّرِيدَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ ثَرَدْت الْخُبْزَ ثَرْدًا مِنْ بَابِ قَتَلَ عِبَارَةٌ عَمَّا يُفَتُّ مِنْ الْخُبْزِ ثُمَّ يُبَلُّ بِالْمَرَقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَحْمٌ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ وَشَرْحُ الشَّمَائِلِ بَلْ حَتَّى الرَّغِيفِ كَمَا قَالَهُ ق. لَا يَبْتَدِئُ أَكْلَهُ مِنْ وَسَطِهِ وَيَقْسِمُهُ بِالْيَدِ أَجْزَاءً يَجْعَلُ فِي كُلِّ جُزْءٍ حَاشِيَةً إنْ أَمْكَنَهُ وَيُكْثِرُ أَجْزَاءَهُ إنْ كَانَ أَكَلَهُ جَمَاعَةٌ وَلَا يَقْسِمُهُ بِالْخِنْجَرِ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْأَعَاجِمِ، وَالسُّنَّةُ فِي اللَّحْمِ أَنْ يُؤْكَلَ بَعْدَ الطَّعَامِ وَالسُّنَّةُ فِي أَكْلِهِ النَّهْشُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الْإِدَامِ.

قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ إدَامِكُمْ اللَّحْمُ» وَقَالَ: «سَيِّدُ إدَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ» . انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: أَيْ الِازْدِوَاجِ] أَيْ بِأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ بَلْ الْأَدَبُ أَكْلُ كُلِّ تَمْرَةٍ وَحْدَهَا. [قَوْلُهُ: أَنْ يَقْرُنَ] مِنْ بَابِ قَتَلَ وَمِنْ بَابِ ضَرَبَ، أَيْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - نَهَى الشَّخْصَ عَنْ الْقِرَانِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ. . . إلَخْ. [قَوْلُهُ: حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ] أَيْ الْجِنْسَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْآكِلُ مَعَهُ وَاحِدًا فَقَطْ، وَالْمُرَادُ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ وَيَأْذَنُوا أَيْ أَوْ يَأْذَنُوا ابْتِدَاءً.

[قَوْلُهُ: لَا أَرَى هَذِهِ الْكَلِمَةَ] أَيْ الِاسْتِئْذَانَ لَعَلَّ الْبَاعِثَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ كَوْنُ غَيْرِ ابْنِ عُمَرَ مِمَّنْ أُخِذَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَذْكُرْهَا، وَأَرَادَ بِالْكَلِمَةِ الْجُمْلَةَ وَقَوْلُهُ أَيْ الِاسْتِئْذَانَ أَيْ دَالَّةٌ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ] ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا النَّهْيَ عَامٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمُقَابِلُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ. . . إلَخْ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ شَهَّرَ غَيْرَ الْقَوِيِّ وَضَعَّفَ مَا كَانَ غَايَةً فِي الْقُوَّةِ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ احْتَاجَ الشَّارِحُ إلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ: هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْعُمُومِ الْأَوَّلِ بِمَعْنَى أَنَّ الْعُمُومَ الْأَوَّلَ لَا يُؤْخَذُ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ يُخَصُّ إذَا كَانَ مَعَ الْأَصْحَابِ الشُّرَكَاءُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهُ تَفْسِيرًا غَيْرُ ظَاهِرٍ مِنْ الْمُصَنِّفِ، وَالْحَاصِلُ لَهُ عَلَى ارْتِكَابِهِ إنَّمَا هُوَ لِجَرَيَانِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَشْهُورِ

[قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ] أَيْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ النَّهْيُ لِلْأَدَبِ أَوْ لِئَلَّا يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ النَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ وَعَلَى الثَّانِي لِلْحُرْمَةِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالِاسْتِبْدَادِ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الِاسْتِبْدَادَ لَيْسَ هُوَ الْعِلَّةَ فِي النَّهْيِ بَلْ الْعِلَّةُ فِي النَّهْيِ مَا قُلْنَا.

[قَوْلُهُ: وَكَانَ الْقَوْمُ] أَيْ الْآكِلُونَ.

[قَوْلُهُ: بِشِرَاءٍ] لَا مَفْهُومَ لِلشِّرَاءِ بَلْ مِثْلُهُ غَيْرُهُ. وَقَوْلُهُ: أَوْ مُطْعَمِينَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مَعْطُوفٌ

ص: 468

الْأَطْعِمَةِ وَالْفَوَاكِهِ (وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ) أَيْ بِقِرَانِ التَّمْرِ وَنَحْوِهِ إذَا أَكَلْته (مَعَ أَهْلِك) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تَسْتَبِدَّ بِشَيْءٍ دُونَهُمْ (أَوْ) أَكَلْته (مَعَ قَوْمٍ تَكُونُ أَنْتَ أَطْعَمْتهمْ) وَهَذَا عَلَى التَّعْلِيلِ بِالِاسْتِبْدَادِ، وَأَمَّا عَلَى التَّعْلِيلِ بِسُوءِ الْأَدَبِ فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ هُنَا، وَهَذَا أَيْضًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ أَكَلُوهُ وَإِنَّمَا مَلَكُوا مِنْهُ مَا أَكَلُوا خَاصَّةً (وَلَا بَأْسَ فِي التَّمْرِ وَشِبْهِهِ) كَالزَّبِيبِ (أَنْ تَجُولَ) أَيْ تُرْسِلَ (بِيَدِك فِي الْإِنَاءِ) الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمَأْكُولُ يَمِينًا وَشِمَالًا (لِتَأْكُلَ مَا) أَيْ الَّذِي (تُرِيدُ مِنْهُ) وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ.

(وَلَيْسَ غَسْلُ الْيَدِ قَبْلَ) أَكْلِ (الطَّعَامِ مِنْ السُّنَّةِ) بَلْ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مَالِكٌ: وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الْغَسْلُ قَبْلَ الطَّعَامِ يَنْفِي الْفَقْرَ وَبَعْدَهُ. يَنْفِي اللَّمَمَ» (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَا) أَيْ الْيَدِ (أَذًى) أَيْ نَجَسٌ فَيَجِبُ غَسْلُهَا إكْرَامًا لِلطَّعَامِ. وَفِي قَوْلِهِ: (وَلْيَغْسِلْ يَدَهُ وَفَاهُ بَعْدَ الطَّعَامِ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى قَوْلِهِ بِشِرَاءٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَكَانَ الْقَوْمُ شُرَكَاءَ إمَّا بِالشِّرَاءِ أَيْ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ أَوْ بِسَبَبِ كَوْنِ الْغَيْرِ أَطْعَمَهُمْ، وَهَذَا إذَا اسْتَوَوْا فِي الشَّرِكَةِ، وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَتْ الْأَنْصِبَاءُ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ قَدْرَ حِصَّتِهِ مَا لَمْ يُفْهَمْ مِنْ صَاحِبِ الزَّائِدِ إرَادَةُ الْمُسَاوَاةِ وَإِلَّا عَمِلَ عَلَيْهَا.

وَقَوْلُنَا: أَوْ بِسَبَبٍ. . . إلَخْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّعَامَ الْمُقَدَّمَ لِلضُّيُوفِ يَمْلِكُونَهُ بِمُجَرَّدِ التَّقْدِيمِ أَوْ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ وَمُقَابِلُهُمَا لَا يَمْلِكُونَهُ إلَّا بِالْأَكْلِ، وَعَلَى كُلِّ الْأَقْوَالِ لَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْ الضُّيُوفِ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدًا شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْأَكْلِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ بِنَاءً عَلَى مِلْكِهِ بِالدُّخُولِ أَوْ التَّقْدِيمِ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ سَائِرٌ. . . إلَخْ] أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِلتَّمْرِ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ، وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ الْحَدِيثَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَصَّ التَّمْرَ لِأَنَّهُ غَالِبُ اسْتِعْمَالِهِمْ.

[قَوْلُهُ: مَعَ أَهْلِك] أَيْ زَوْجَتِكَ وَأَوْلَادِك اللَّازِمِ لَك نَفَقَتُهُمْ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَك وَلَا يَلْزَمُك التَّأَدُّبُ مَعَهُمْ وَإِنْ لَزِمَهُمْ لَك.

[قَوْلُهُ: وَهَذَا أَيْضًا. . . إلَخْ] وَأَمَّا عَلَى تَمَلُّكِهِمْ بِالتَّقْدِيمِ أَوْ بِالدُّخُولِ فَمَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُمْ.

[قَوْلُهُ: الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمَأْكُولُ] أَيْ بَيْنَك وَبَيْنَ غَيْرِك لِتَأْكُلَ مِنْهُ مَا الَّذِي تُرِيدُ.

قَالَ تت: لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ بِالِانْتِهَاءِ وَغَيْرِهِ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْأَطْعِمَةُ الْمُخْتَلِفَةُ كَعَدْسٍ وَلَحْمٍ وَأُرْزٍ فَتَأْكُلُ مِمَّا تُرِيدُهُ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَإِذَا أَكَلْت مَعَ غَيْرِك أَكَلْت مِمَّا يَلِيك. [قَوْلُهُ: وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ] بَيَّنَهُ فِي التَّحْقِيقِ بِقَوْلِهِ: وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ «عِكْرَاشًا أَكَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ» إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ.

[قَوْلُهُ: قَبْلَ أَكْلٍ. . . إلَخْ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَبْلِيَّةَ لَيْسَتْ مُضَافَةً لِلطَّعَامِ لِوُجُودِ الطَّعَامِ بَلْ لِأَكْلِهِ.

[قَوْلُهُ: بَلْ مَكْرُوهٌ] أَيْ إذَا كَانَتَا نَظِيفَتَيْنِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ حَدِيثُ سُلَيْمَانَ رضي الله عنه وَقَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ.

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْعَمَلُ] أَيْ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَيْ وَمَذْهَبُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَذَلِكَ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ عَلَى خِلَافِ حَدِيثِ الْمُصْطَفَى الصَّحِيحِ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُوجِبٍ، وَذَلِكَ لِكَوْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَعَلَ خِلَافَ مُقْتَضَاهُ الدَّالِ عَلَى نَسْخِهِ [قَوْلُهُ: قَبْلَ الطَّعَامِ] بِفَتْحِ الطَّاءِ هُوَ لُغَةً كَالْمَطْعَمِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُسَاغُ، وَعُرْفًا اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُؤْكَلُ كَالشَّرَابِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُشْرَبُ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَعِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ الطَّعَامُ الْبُرُّ خَاصَّةً، وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ مَا قُصِدَ لِلطُّعْمِ اقْتِيَاتًا أَوْ تَأَدُّمًا أَوْ تَفَكُّهًا، وَأَمَّا مَا قُصِدَ لِتَدَاوٍ فَسَمَّوْهُ تَارَةً طَعَامًا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يُطْعَمُ أَيْ يُؤْكَلُ، وَتَارَةً غَيْرَ طَعَامٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ.

قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ: وَأَرَادَ بِالْقَبْلِيَّةِ عِنْدَ إرَادَتِهِ بِحَيْثُ يُنْسَبُ لَهُ عُرْفًا [قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ] أَيْ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَكْلِ.

[قَوْلُهُ: يَنْفِي اللَّمَمَ] طَرَفٌ مِنْ جُنُونٍ يَلُمُّ الْإِنْسَانَ مِنْ بَابِ تَعِبَ.

[قَوْلُهُ: أَيْ نَجِسٌ. . . إلَخْ] الْأَوْلَى قَذِرٌ وَلَوْ طَاهِرًا فَإِنَّهُ يُطْلَبُ غَسْلُهُ وُجُوبًا إنْ كَانَ نَجِسًا وَنَدْبًا إنْ كَانَ طَاهِرًا، وَقَدْ يَجِبُ إذَا كَانَ عَدَمُ الْغَسْلِ يُؤْذِي غَيْرَهُ كَمَنْ يَمْتَخِطُ بِيَمِينِهِ، وَأَرَادَ الْأَكْلَ بِهَا رُطَبًا أَوْ يَابِسًا حَارًّا أَوْ بَارِدًا لِامْتِهَانِ الطَّعَامِ عِنْدَ تَنَاوُلِهِ بِالْيَدِ الْقَذِرَةِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ.

ص: 469

الْغَمَرِ) تَكْرَارٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَدِ مَعَ قَوْلِهِ: وَإِنْ غَسَلْت يَدَك مِنْ الْغَمَرِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ فَحَسَنٌ وَقَوْلِهِ وَلْيَغْسِلْ فَإِنَّ الْأَمْرَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ (وَلْيُمَضْمِضْ فَاهُ مِنْ اللَّبَنِ) عِيَاضٌ: هُوَ سُنَّةٌ لِلْقَائِمِ لِلصَّلَاةِ مُسْتَحَبٌّ لِغَيْرِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام شَرِبَ لَبَنًا، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ فَاهُ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ لَهُ دَسَمًا» . (وَكُرِهَ غَسْلُ الْيَدِ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ) كَدَقِيقِ الْحِنْطَةِ (أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ) دَقِيقِ (الْقَطَانِيِّ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَقِيلَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ (وَكَذَلِكَ) كُرِهَ غَسْلُ الْيَدِ (بِالنُّخَالَةِ) وَهِيَ مَا يُتَخَلَّصُ بِالْغِرْبَالِ مِنْ قُشُورِ الْحِنْطَةِ (وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي غَسْلِ الْيَدِ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَهَذَا آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى مَا تَرْجَمَ لَهُ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّم عَلَى مَسَائِل تَبَرُّع بِهَا فَقَالَ: (وَلْتَجِبْ) قِيلَ وُجُوبًا وَقِيلَ اسْتِحْبَابًا (إذَا دُعِيت إلَى وَلِيمَةِ الْعُرْسِ) أَيْ النِّكَاحِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ أَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِهَا (إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لَهْوٌ مَشْهُورٌ) أَيْ مَمْنُوعٌ مِثْلُ آلَاتِ الطَّرَبِ الْمَمْنُوعَةِ (وَلَا مُنْكَرٌ بَيِّنٌ) أَيْ مَمْنُوعٌ مِثْلُ اجْتِمَاعِ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَفَرْشِ

ــ

[حاشية العدوي]

بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ مِنْ السُّنَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ وَاجِبًا.

[قَوْلُهُ: وَلْيُمَضْمِضْ فَاهُ] ظَاهِرُهُ مُطْلَقُ اللَّبَنِ.

وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: الْحَلِيبُ لِأَنَّ لَهُ دَسَمًا وَيُقَوِّيهِ الْحَدِيثُ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ.

[قَوْلُهُ: عِيَاضٌ هُوَ سُنَّةٌ لِلْقَائِمِ لِلصَّلَاةِ] ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا أَرَادَ الصَّلَاةَ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ النَّدْبُ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ.

[قَوْلُهُ: دَسَمًا] الدَّسَمُ الْوَدَكُ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْوَدَكِ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَجْعَلْ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ: وَتُنَظِّفُ فَاك بَعْدَ طَعَامِك فَإِنَّ الطَّعَامَ يَشْمَلُ اللَّبَنَ وَغَيْرَهُ، وَقَدْ فَسَّرَ تَنْظِيفَهُ فِيمَا مَرَّ بِالْمَضْمَضَةِ وَالسِّوَاكِ.

[قَوْلُهُ: وَكُرِهَ غَسْلُ الْيَدِ. . . إلَخْ] غَسْلُ الْيَدِ بِالطَّعَامِ أَنْ يُجَفِّفَ يَدَهُ بِالطَّعَامِ أَوْ يَجْعَلَ الطَّعَامَ فِي الْمَاءِ وَيُدَلِّكَ يَدَهُ بِذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ دَقِيقِ الْقَطَانِيِّ] مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّهُ مِنْهُ، وَأَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّ دَقِيقَهَا لَا يُؤْكَلُ إلَّا فِي الْمَسْغَبَةِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ خِفَّتُهَا.

[قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا يُتَخَلَّصُ] أَيْ وَأَرَادَ نُخَالَةَ الْقَمْحِ لِأَنَّ فِيهَا شَبَهًا مِنْ الطَّعَامِ، وَقَدْ تُؤْكَلُ فِي سَنِيِّ الْمَجَاعَةِ، وَأَمَّا نُخَالَةُ الشَّعِيرِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي الْغَسْلِ بِهَا.

[قَوْلُهُ: بِالْجَوَازِ] وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْجُلْبَانِ وَالْفُولِ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ وَيَتَدَلَّكَ بِهِ فِي الْحَمَّامِ، وَبِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَثِيرًا مَا كَانُوا يَمْسَحُونَ أَيْدِيَهُمْ مِنْ الطَّعَامِ بِأَقْدَامِهِمْ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْأَقْذَارِ وَالْأَوْسَاخِ.

وَقَوْلُهُ: وَالْكَرَاهَةُ أَيْ لِإِهَانَةِ الطَّعَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَمَنِ الرَّخَاءِ وَزَمَنِ الْغَلَاءِ.

[قَوْلُهُ: وَلْتُجِبْ] بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ.

[قَوْلُهُ: قِيلَ وُجُوبًا] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. [قَوْلُهُ: إذَا دُعِيتَ] يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ وُجُوبَ الْإِجَابَةِ مَشْرُوطٌ بِالدَّعْوَةِ وَبِتَعَيُّنِ الْمَدْعُوِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَتَعَيُّنُهُ يَحْصُلُ بِقَوْلِ صَاحِبِ الْعُرْسِ تَحْضُرُ عِنْدَنَا وَقْتَ كَذَا، وَبِقَوْلِهِ لِشَخْصٍ اُدْعُ لِي فُلَانًا بِعَيْنِهِ أَوْ أَرْسِلْ لَهُ وَرَقَةً فِيهَا اسْمُهُ، أَوْ قَالَ لِشَخْصٍ اُدْعُ لِي أَهْلَ الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَهُمْ مَحْصُورُونَ لَا إنْ قَالَ: اُدْعُ لِي مَنْ لَقِيت.

وَحُكْمُ الْوَلِيمَةِ النَّدْبُ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَبْحٌ وَنُدِبَ كَوْنُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ.

[قَوْلُهُ: أَيْ النِّكَاحُ] تَفْسِيرٌ لِلْعُرْسِ.

قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ: وَلِيمَةُ الْعُرْسِ شَرْطٌ فَلَا يَتَأَكَّدُ الْأَمْرُ فِي غَيْرِهَا بَلْ يُكْرَهُ إجَابَةُ وَلِيمَةِ غَيْرِ الْعُرْسِ.

قَالَ اللَّخْمِيُّ: كَرِهَ مَالِكٌ لِأَهْلِ الْفَضْلِ إتْيَانَ طَعَامِ غَيْرِ الْعُرْسِ، وَأَرَى إنْ كَانَ الدَّاعِي صَدِيقًا أَوْ جَارًا أَوْ قَرِيبًا كَانَ طَعَامُهُ كَالْعُرْسِ وَبَحَثَ عج بِأَنْ يَقْتَضِيَ الْوُجُوبَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ نَفْيُ كَرَاهَةِ الْحُضُورِ هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى عَدَمِ إجَابَةِ نَحْوِ الْقَرِيبِ عَدَاوَةٌ وَمُقَاطَعَةٌ وَإِلَّا وَجَبَتْ.

وَقَالَ ق: لَا يُقَالُ لِغَيْرِ الْعُرْسِ وَلِيمَةٌ.

[قَوْلُهُ: لِمَا فِي. . . إلَخْ] أَيْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةِ الْعُرْسِ فَلْيَأْتِهَا» . وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، وَقَدْ وَرَدَ:«مَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ»

[قَوْلُهُ: أَيْ مَمْنُوعٌ] تَفْسِيرٌ لِلَّهْوِ الْمَشْهُورِ لَا أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَشْهُورٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسَّرَ مَشْهُورٌ بِظَاهِرٍ بِحَيْثُ يُخَالِطُهُ الْمَدْعُوُّ وَهُوَ مِمَّا يَحْرُمُ حُضُورُهُ.

[قَوْلُهُ: أَيْ مَمْنُوعٌ]

ص: 470

الْحَرِيرِ (وَ) إنْ حَضَرْت وَكُنْت غَيْرَ صَائِمٍ فَ (أَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ) وَإِذَا كُنْت صَائِمًا فَلَا تَأْكُلْ وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ (وَقَدْ أَرْخَصَ مَالِكٌ) رحمه الله (فِي التَّخَلُّفِ) عَنْ الْإِجَابَةِ لِوَلِيمَةِ الْعُرْسِ (لِكَثْرَةِ زِحَامِ النَّاسِ فِيهَا) ؛ لِأَنَّ فِي حُضُورِهَا حِينَئِذٍ مَشَقَّةً لَا سِيَّمَا عَلَى أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ.

ــ

[حاشية العدوي]

تَفْسِيرٌ لِلْمُنْكَرِ الْبَيِّنِ لَا أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْبَيِّنِ أَوْ مَعْنَاهُ ظَاهِرٌ بِحَيْثُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.

[قَوْلُهُ: وَفَرْشُ الْحَرِيرِ] كَانَ الْجُلُوسُ يَحْصُلُ مِنْك أَوْ مِنْ غَيْرِك بِحَضْرَتِك، وَمِثْلُ ذَلِكَ الِاتِّكَاءُ عَلَى وَسَائِدَ مِنْهُ وَلَوْ وُضِعَ حَائِلٌ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ صُورَةً مُحَرَّمَةً، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُنْكَرٌ بَلْ كَانَ لَعِبٌ مُبَاحٌ مِنْ ضَرْبِ غِرْبَالٍ وَغِنَاءٍ خَفِيفٍ فَلَا يُبَاحُ التَّخَلُّفُ لِأَجْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَدْعُوُّ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ.

[قَوْلُهُ: وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ] أَيْ إنْ شِئْت أَكَلْت وَإِنْ شِئْت لَمْ تَأْكُلْ، نَعَمْ يُنْدَبُ الْأَكْلُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِأَكْلِ اللُّقْمَةِ قَدْرَ الْخِيَارَةِ كَمَا فَهِمَ ذَلِكَ بَعْضُ الْقَاصِرِينَ نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُخْتَصَرِ

[قَوْلُهُ: فَلَا تَأْكُلْ] أَيْ يَحْرُمُ الْأَكْلُ [قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ] وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إنْ أَفْطَرَ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَمْدِ الْحَرَامِ.

تَنْبِيهٌ:

لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ حُضُورُ وَلِيمَةٍ إلَّا بِإِذْنٍ، [قَوْله: لِكَثْرَةِ زِحَامٍ] وَكَذَا يُبَاحُ التَّخَلُّفُ إذَا حَضَرَ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ الْمَدْعُوُّ أَوْ خَصَّ الْفَاعِلُ بِهَا الْأَغْنِيَاءَ أَوْ كَانَ بِحَيْثُ إذَا جَلَسَ جَمَاعَةٌ لِلْأَكْلِ تَقِفُ جَمَاعَةٌ عَلَى رُءُوسِهِمْ يَنْظُرُونَ لَهُمْ أَوْ كَانَ الْبَابُ مَغْلُوقًا بِحَيْثُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَلْقُ لِخَوْفٍ مِنْ طُفَيْلِيٍّ أَوْ كَانَتْ الْوَلِيمَةُ لِكَافِرٍ.

ص: 471