الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَصَايَا) فَإِنْ لَمْ يُوصَ بِهِ فَلَا يُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ.
وَقَوْلُهُ: (وَمُدَبِّرُ الصِّحَّةِ مُبَدَّأٌ عَلَيْهِ) تَكْرَارٌ
(وَإِذَا ضَاقَ الثُّلُثُ) عَمَّا أَوْصَى بِهِ (تَحَاصَّ أَهْلُ الْوَصَايَا الَّتِي لَا تَبْدِئَةَ فِيهَا) كَمَا يُتَحَاصُّ فِي الْعَوْلِ فِي الْفَرَائِضِ مِثْلَ أَنْ يُوصِيَ لِرَجُلٍ بِنِصْفِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِرُبْعِهِ، فَإِنَّك تَأْخُذُ مَقَامَ النِّصْفِ وَمَقَامَ الرُّبْعِ وَتَنْظُرُ مَا بَيْنَهُمَا فَتَجِدُهُمَا مُتَدَاخِلَيْنِ فَتَكْتَفِي بِالْكَثِيرِ وَهُوَ الرُّبْعُ فَتَأْخُذُ نِصْفَهُ وَرُبْعَهُ فَتَجْمَعُهُمَا فَتَكُونُ ثَلَاثَةً فَتَعْلَمُ أَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ الرُّبْعِ سَهْمٌ وَلِلْآخَرِ سَهْمَانِ
(وَلِلرَّجُلِ) وَلَوْ سَفِيهًا وَكَذَا الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ (الرُّجُوعُ عَنْ وَصِيَّتِهِ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ أَوْ الرُّجُوعُ عَنْهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَلَوْ أَشْهَدَ فِي وَصِيَّتِهِ أَنْ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا وَفِيهِ خِلَافٌ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا بَتَّ عِتْقَهُ فِي الْمَرَضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْوَاجِبِ كَالزَّكَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَا وَجَبَ لَا رُجُوعَ فِيهِ.
ثُمَّ عَقَّبَ الْوَصِيَّةَ بِالتَّدْبِيرِ لِقُرْبِ حَقِيقَتِهِ مِنْهَا فَقَالَ: (وَالتَّدْبِيرُ أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي) وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ وَهِيَ إمَّا صَرِيحٌ كَمِثَالَيْ الْمُصَنِّفِ، وَإِمَّا كِنَايَةٌ
ــ
[حاشية العدوي]
أُخْرِجَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي مَعْرِفَةِ حُلُولِهَا أَمْ لَا. [قَوْلُهُ: مُدَبَّرُ الصِّحَّةِ مُبَدَّأٌ عَلَيْهِ] أَيْ عَلَى مَا فَرَّطَ فِيهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَأَوْصَى بِهِ. وَقَوْلُهُ: تَكْرَارُ أَيْ مَعَ قَوْلِهِ: وَعَلَى مَا فَرَّطَ فِيهِ مِنْ الزَّكَاةِ قَدَّرَ الشَّارِحُ فَقَالَ: وَالْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ مُبَدَّأٌ أَيْضًا عَلَى مَا فَرَّطَ فِيهِ إلَخْ.
[قَوْلُهُ: فَتَعْلَمُ أَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ] أَيْ فَيُقَسَّمُ ثُلُثُ مَالِ الْمَيِّتِ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَهَذَا إنْ لَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ الْوَصَايَا، وَأَمَّا إنْ أَجَازَهَا فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ اثْنَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ وَاحِدًا وَيَفْضُلُ وَاحِدٌ يَأْخُذُهُ الْوَارِثُ. وَذَكَرَ تت مِثَالَ التَّبَايُنِ فَنَذْكُرُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مَزِيدِ الْفَائِدَةِ فَقَالَ: قَوْلُهُ وَإِذَا ضَاقَ الثُّلُثُ إلَخْ كَأَنْ يُوصِيَ لِشَخْصٍ بِنِصْفِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ، فَإِنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ اقْتَسَمَا الْمَالَ عَلَى النِّصْفِ وَالثُّلُثِ إلَّا أَنَّ مَقَامَ النِّصْفِ مِنْ اثْنَيْنِ وَالثُّلُثِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ يَحْصُلُ سِتَّةٌ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ وَيَفْضُلُ وَاحِدٌ لِلْوَارِثِ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهَا اقْتَسَمَا الثُّلُثَ عَلَى النِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ وَمَقَامُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ يَقْتَسِمَانِ الثُّلُثَ عَلَى خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: وَلِلرَّجُلِ الرُّجُوعُ] بِقَوْلٍ كَرَجَعْتُ عَنْهَا أَوْ أَبْطَلْتهَا أَوْ لَا تُعْطُوهُ مَا أَوْصَيْت بِهِ أَوْ فِعْلٍ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَحَصْدِ الزَّرْعِ وَنَسْجِ الْغَزْلِ وَصَوْغِ فِضَّةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهَا عِدَةٌ وَالْوَعْدُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ فَقَطْ.
وَقَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهًا الْأَوْلَى الْمُبَالَغَةُ عَلَى الرَّشِيدِ.
[قَوْلُهُ: مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ] أَيْ أَنَّهُ إنْ أَوْصَى بِعِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ كَمَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ.
[قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ إلَخْ] وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ وَبَهْرَامَ.
[قَوْلُهُ: وَفِيهِ خِلَافٌ] وَاَلَّذِي بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ، وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ الْعَمَلَ بِالشَّرْطِ [قَوْلُهُ: فِيمَا بَتَّلَ عِتْقَهُ] وَكَذَا مَا بَتَّلَهُ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ حَبْسٍ فَإِنَّهُ لَازِمٌ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ أَقُولُ: وَكَوْنُ هَذَا ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ وَاضِحٍ إذْ مَا بَتَّلَ عِتْقَهُ لَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِهِ.
[قَوْلُهُ: كَالزَّكَاةِ] أَيْ وَكَالدُّيُونِ الَّتِي لَا شَاهِدَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا عَلِمْت بِاعْتِرَافِهِ وَإِيصَائِهِ بِإِخْرَاجِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا لِاعْتِرَافِهِ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا وَجَبَ] أَيْ وَأَوْصَى بِهِ لَا رُجُوعَ فِيهِ أَيْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ.
[التَّدْبِير وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]
[قَوْلُهُ: ثُمَّ عَقَّبَ الْوَصِيَّةَ بِالتَّدْبِيرِ] حُكْمُ التَّدْبِيرِ الِاسْتِحْبَابُ وَالتَّدْبِيرُ عَقْدٌ يُوجِبُ عِتْقَ مَمْلُوكٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِكِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ، فَقَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتِهِ يَخْرُجُ بِهِ الْمُلْتَزِمُ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ الْمُبَتَّلِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ لَهُ إذَا لَمْ يَمُتْ. وَقَوْلُهُ: بِعَقْدٍ لَازِمٍ مُتَعَلِّقٌ بِ يُوجِبُ أَخْرَجَ بِهِ الْوَصِيَّةَ. [قَوْلُهُ: لِقُرْبِ حَقِيقَتِهِ] أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ يَتَعَلَّقُ بِتَنْفِيذِ قُرْبَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ. [قَوْلُهُ: أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي] قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: مَأْخُوذٌ مِنْ إدْبَارِ الْحَيَاةِ وَدُبُرُ كُلِّ شَيْءٍ مَا وَرَاءَهُ بِسُكُونِ الْبَاءِ
كَقَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إنْ أَرَادَ بِهِ التَّدْبِيرَ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ فَهِيَ وَصِيَّةٌ.
الثَّانِي: الْمُدَبِّرُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ وَالرُّشْدُ.
الثَّالِثُ: الْمُدَبَّرُ بِفَتْحِهَا وَهُوَ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا
(ثُمَّ) إذَا دَبَّرَ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ عَبْدَهُ (لَا يَجُوزُ لَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ (بَيْعُهُ) فَإِنْ بِيعَ فُسِخَ بَيْعُهُ وَصَارَ مُدَبَّرًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ عِتْقٌ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي مَضَى وَكَانَ وَلَاؤُهُ لَهُ.
ج: قَوْلُهُ: ثُمَّ إلَخْ يُرِيدُ إلَّا فِي دَيْنٍ سَابِقٍ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْبَيْعِ بَلْ وَكَذَلِكَ هِبَتُهُ وَالصَّدَقَةُ بِهِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ الَّذِي دَبَّرَ عَبْدَهُ (خِدْمَتُهُ) بِمَعْنَى اسْتِخْدَامِهِ لِأَنَّهُ سَيِّدُهُ إلَى أَنْ
ــ
[حاشية العدوي]
وَضَمِّهَا، وَالْجَارِحَةُ بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ الضَّمَّ فِي غَيْرِهَا.
وَقَالَ ك: قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: التَّدْبِيرُ عِتْقُ الْعَبْدِ عَنْ دُبُرِ صَاحِبِهِ اهـ. فَقَوْلُهُ: أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي مَعْنَاهُ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ إدْبَارٍ كَائِنٍ مِنِّي أَيْ بَعْدَ إدْبَارٍ كَائِنٍ مِنِّي، أَيْ أَوْ دَبَّرْتُكَ أَوْ أَنْتَ عَتِيقٌ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي مِنْ كُلِّ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ عَلَى مَوْتِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ بَلْ عَلَى وَجْهِ التَّحَتُّمِ وَاللُّزُومِ بِخِلَافِ تَقْيِيدِهِ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ كَقَوْلِهِ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ، فَهُوَ وَصِيَّةٌ لَا تَدْبِيرٌ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بَعْدَ الصِّيغَةِ الصَّرِيحَةِ مَا لَمْ أُغَيِّرْ ذَلِكَ أَوْ أَرْجِعْ فَإِنَّهُ يَنْقَلِبُ وَصِيَّةً. [قَوْلُهُ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي] أَيْ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أَمُوتُ. [قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ وَالرُّشْدُ] فَخَرَجَ بِالتَّكْلِيفِ الْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ وَلَوْ مُمَيِّزًا فَلَا يَلْزَمُ، وَيَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ كَوَصِيَّتِهِ فَإِنْ قِيلَ: فَائِدَةُ الصِّحَّةِ التَّوَقُّفُ عَلَى رِضَا الْوَلِيِّ وَرَدُّهُ مَعَ أَنَّهُ هُنَا لَيْسَ لَهُ الْإِمْضَاءُ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا لِمَالِهِ فَمَا فَائِدَةُ صِحَّتِهِ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ فَائِدَتَهُ فِي أَنَّهُ إذَا بَلَغَ يَكُونُ لَهُ رَدُّهُ وَإِمْضَاؤُهُ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: تَكْلِيفُ السَّكْرَانِ وَلَوْ طَافِحًا بِحَرَامٍ لَا بِحَلَالٍ فَلَا يَلْزَمُ الطَّافِحَ، وَخَرَجَ بِالرُّشْدِ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ وَكَذَا السَّفِيهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَلَوْ اتَّسَعَ مَالُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَكَذَا الْمُهْمِلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ
وَأَمَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَيَلْزَمُهُ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَهُ وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ ذَاتِ الزَّوْجِ كَالرَّجُلِ، وَأَمَّا ذَاتُ الزَّوْجِ إذَا دَبَّرَتْ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا فَإِنَّهُ كَذَلِكَ يَمْضِي وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهَا فِيمَا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْ غَيْرَ الَّذِي دَبَّرَتْهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي الرِّقِّ إلَى الْمَوْتِ.
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّدْبِيرِ الْإِسْلَامُ لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَدْبِيرُ الْكَافِرِ لِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ وَيُؤَجَّرُ لَهُ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْكَافِرِ قَرِيبٌ مُسْلِمٌ فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ السَّيِّدُ فَيَرْجِعُ لَهُ الْوَلَاءُ، وَأَمَّا تَدْبِيرُ الْكَافِرِ عَبْدَهُ الْكَافِرَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ فَإِذَا دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ تَقَاوَيَاهُ فَإِنْ صَارَ لِلْمُدَبَّرِ صَارَ كُلُّهُ مُدَبَّرًا وَإِلَّا صَارَ كُلُّهُ رَقِيقًا. [قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ] أَيْ خَالِطَةُ رِقٍّ بِمَعْنَى مُخْتَلِطَةٍ أَيْ حَالَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِحُرِّيَّةٍ وَتِلْكَ الْحَالَةُ هِيَ الرِّقِّيَّةُ أَوْ حَالَةٌ مَخْلُوطَةٌ بِحُرِّيَّةٍ وَهِيَ الرِّقِّيَّةُ فَظَهَرَ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْبَيَانِ وَأَنَّ فَاعِلَةً إمَّا بَاقِيَةٌ عَلَى أَصْلِهَا أَوْ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، فَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ يَجُوزُ تَدْبِيرُهُمَا وَثَمَرَتُهُ ظَاهِرَةٌ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ عَلَى تَقْدِيرِ الْمَوْتِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَلَا يَظْهَرُ لَهُ ثَمَرَةٌ فِي أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنْ قُلْت: لَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ الْقِنَّ قُلْت: هُوَ مَفْهُومٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ] لَا يُقَالُ يُشْكِلُ عَلَى حُرْمَةِ الْبَيْعِ جَوَازُ الْمُقَاوَاةِ إذَا دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ، وَفِيهَا بَيْعُ الْمُدَبَّرِ لِأَنَّ جَوَازَ الْمُقَاوَاةِ مُسْتَثْنًى مِنْ حُرْمَةِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ مَعَ احْتِمَالِ صَيْرُورَتِهِ مُدَبَّرَ الْجَمِيعِ [قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي مَضَى] أَيْ إذَا نَجَزَ عِتْقَهُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَكُونُ مَاضِيًا مَعَ الْعِتْقِ، وَكَانَ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ أَمَّا لَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِ مُدَبِّرِهِ فَلَا يَمْضِي لِأَنَّ الْوَلَاءَ انْعَقَدَ لِمُدَبِّرِهِ، أَمَّا بِحَمْلِ الثُّلُثِ لِجَمِيعِهِ فَيُعْتَقُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضِهِ فَيُعْتَقُ بَعْضُهُ. [قَوْلُهُ: إلَّا فِي دَيْنٍ سَابِقٍ] أَيْ عَلَى التَّدْبِيرِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي الدَّيْنِ، أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ فِي حَالِ حَيَاةِ السَّيِّدِ، وَأَمَّا الدَّيْنُ الْمُتَأَخِّرُ عَنْ التَّدْبِيرِ فَلَا يُبَاعُ فِيهِ الْمُدَبَّرُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَيُبَاعُ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ عج:
وَيُبْطِلُ التَّدْبِيرَ دَيْنٌ سَبَقَا
…
إنْ سَيِّدٌ حَيًّا وَإِلَّا مُطْلَقَا
وَإِنَّمَا بَطَلَ التَّدْبِيرُ بِالدَّيْنِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ مَوْتِ السَّيِّدِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يُعْتَقُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى
يَمُوتَ فَحِينَئِذٍ يُعْتَقُ (وَلَهُ) أَيْضًا (انْتِزَاعُ مَالِهِ مَا لَمْ يَمْرَضْ) السَّيِّدُ مَرَضًا مَخُوفًا لِقُوَّةِ الرِّقِّ فِيهِ، أَمَّا إنْ كَانَ مَخُوفًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُنْتَزَعُ لِغَيْرِهِ (وَلَهُ) أَيْضًا (وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً) لِأَنَّهَا عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ فَإِنْ حَمَلَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ
(وَلَا يَطَأُ) الْأَمَةَ (الْمُعْتَقَةَ إلَى أَجَلٍ) مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهَا: اُخْدُمِينِي سَنَةً وَأَنْتِ حُرَّةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِيءُ الْأَجَلُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَتَخْرُجُ حُرَّةً، فَإِذَا وَطِئَهَا قَدْ تَحْمِلُ فَلَا تَخْرُجُ حُرَّةً إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ نِكَاحَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ فَإِنْ وَطِئَهَا فَقَدْ فَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ فَيُؤَدَّبُ عَلَى هَذَا وَلَا يُحَدُّ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ وَتَسْقُطُ خِدْمَتُهَا بِذَلِكَ فَيُعَجَّلُ عِتْقُهَا حِينَئِذٍ (وَ) كَمَا أَنَّهُ لَا يَطَأُ الْأَمَةَ الْمُعْتَقَةَ إلَى أَجَلٍ (لَا يَبِيعُهَا) وَلَا يَهَبُهَا وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا لِأَنَّ فِيهَا عَقْدًا مِنْ عُقُودِ الْحُرِّيَّةِ (وَلَهُ) أَيْضًا (أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا فِي بَيْتِهِ) لِأَنَّهُ لِذَلِكَ أَعْتَقَهَا (وَ) لَهُ أَيْضًا أَنْ (يَنْزِعَ مَالَهَا) الَّذِي أَفَادَتْهُ بِهِبَتِهِ مِثْلًا وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِ (بِمَا) إذَا (لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ) وَلَا حَدَّ فِي الْقُرْبِ إلَّا مَا يُقَالُ قَرِيبٌ
(وَإِذَا مَاتَ) الرَّجُلُ الْمُدَبِّرُ (فَ) الْعَبْدُ (الْمُدَبَّرُ) فِي الصِّحَّةِ يَخْرُجُ (مِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ مِنْ ثُلُثِ مَالِ السَّيِّدِ مُطْلَقًا أَعْنِي مِنْ مَالٍ عُلِمَ بِهِ وَمَالٍ
ــ
[حاشية العدوي]
اسْتِخْدَامِهِ] الْأَوْلَى: تَبْقِيَةُ الْعِبَارَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ إلَى أَنْ يَمُوتَ [قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ كَانَ مَخُوفًا إلَخْ] هَذَا فِيمَا اسْتَفَادَهُ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ صَدَاقٍ إنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ أُنْثَى، وَأَمَّا مَا اسْتَفَادَهُ الْمُدَبَّرُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ أَوْ خَرَاجِهِ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهُ وَلَوْ مَرِضَ لِأَنَّهُ مِنْ أَمْوَالِهِ، وَمِثْلُهُ مَا اسْتَفَادَهُ مِنْ نَحْوِ هِبَةٍ إذَا شَرَطَ انْتِزَاعَ مَالِهِ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ.
تَنْبِيهٌ: مِثْلُ الْمُدَبَّرِ فِي عَدَمِ جَوَازِ انْتِزَاعِ مَالِهِ أُمُّ الْوَلَدِ فَلَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا إذَا مَرِضَ انْتِزَاعُ مَالِهَا وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ، وَقَدْ قَرُبَ الْأَجَلُ وَالْمُكَاتَبُ مُطْلَقًا وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ وَالْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا صَارَ مَدِينًا ذَكَرَ مَعْنَاهُ تت وَبَعْضُهُ بِاللَّفْظِ.
[قَوْلُهُ: وَطْؤُهَا] أَيْ النَّسَمَةِ [قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ] أَيْ عَلَى أَصْلٍ هُوَ الْإِبَاحَةُ [قَوْلُهُ: فَإِنْ حَمَلَتْ] أَيْ وَإِذَا لَمْ تَحْمِلْ تُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ وَكَمَا لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ لَهُ كِتَابَتُهُ وَرَهْنُهُ عَلَى أَنْ يُبَاعَ لِلْغُرَمَاءِ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فِي الدَّيْنِ السَّابِقِ عَلَى التَّدْبِيرِ لَا الْمُتَأَخِّرِ فَلَا، وَأَمَّا عَلَى أَنْ يُبَاعَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا.
[قَوْلُهُ: فَإِذَا وَطِئَهَا قَدْ تَحْمِلُ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ: تَخْرُجُ حُرَّةً بِالْأَقْوَى وَهُوَ مُضِيُّ الْأَجَلِ. [قَوْلُهُ: يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ] أَيْ لِاحْتِمَالِ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَتَخْرُجُ حُرَّةً. [قَوْلُهُ: فَيُؤَدَّبُ إلَخْ] وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَدَبِ فَهَلْ يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ فِي وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ أَمْ لَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ [قَوْلُهُ: فَيُعَجِّلُ عِتْقَهَا] اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فَإِذَا وَطِئَهَا قَدْ تَحْمِلُ فَلَا تَخْرُجُ حُرَّةً إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ بَيْنَهُمَا تَنَافِيًا، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْقَوْلِ بِالتَّعْجِيلِ وَهُوَ مَا هُنَا، وَالْقَوْلِ بِعَدَمِهِ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ أَوَّلًا بَيَّنَهُ تت بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ: لَا يُعَجِّلُ لِبَقَاءِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا لَهُ إنْ جُرِحَتْ وَقِيمَتِهَا إنْ قُتِلَتْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا سَوَاءٌ عَجَّلَ عِتْقَهَا أَوْ بَقِيَتْ إلَى أَجَلِهَا قَالَهُ تت. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِذَلِكَ أَعْتَقَهَا] الظَّاهِرُ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِذَلِكَ لَامُ الْعَاقِبَةِ وَعِبَارَةُ بَعْضٍ لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ [قَوْلُهُ: الَّذِي أَفَادَتْهُ بِهِبَةٍ مَثَلًا] وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ خَرَاجِهَا وَكَسْبِهَا وَأَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا فَلَهُ انْتِزَاعُهُ وَإِنْ قَرُبَ الْأَجَلُ [قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ فِي الْقُرْبِ إلَخْ] هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا تت، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْقُرْبَ كَالشَّهْرِ وَظَاهِرُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ تَرْجِيحُهُ، وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ عَلَى قَوْلٍ أَوْ شَهْرٍ عَلَى آخَرَ، وَأُقْحِمَ الْكَلَامُ عَلَى أَحْكَامِ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ فِي خِلَالِ أَحْكَامِ الْمُدَبَّرِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُنَاسَبَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ.
[قَوْلُهُ: يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ] بِأَنْ كَانَ مَالُ السَّيِّدِ كَثِيرًا وَلَا دَيْنَ يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ وَإِلَّا رَجَعَ رَقِيقًا، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُتَأَخِّرًا عَنْ التَّدْبِيرِ وَشَرْطُ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ أَلَّا يَقْتُلَ سَيِّدَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا، فَإِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا أَيْ لَا فِي بَاغِيَةٍ فَإِنَّ تَدْبِيرَهُ يَبْطُلُ إنْ اسْتَحْيَاهُ الْوَرَثَةُ، أَمَّا لَوْ قَتَلَ سَيِّدَهُ خَطَأً فَإِنَّ تَدْبِيرَهُ لَا يَبْطُلُ وَيُعْتَقُ فِي مَالِ السَّيِّدِ الَّذِي تَرَكَهُ وَلَمْ يُعْتَقْ فِي الدِّيَةِ وَهِيَ دَيْنٌ عَلَيْهِ لَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْهَا شَيْءٌ