الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَضَى عَمَلُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ أَثَرًا آخَرَ مِنْ آثَارِ الْجِنَايَةِ بِقَوْلِهِ: (وَالدِّيَةُ) وَاحِدَةُ الدِّيَاتِ بِتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ وَهِيَ اصْطِلَاحًا مَالٌ يَجِبُ بِقَتْلِ آدَمِيٍّ حُرٍّ عِوَضًا عَنْ دَمِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فِي الْمُوَطَّأِ: «إنَّ فِي النَّفْسِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ» وَالْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ وَبَدَأَ بِبَيَانِ دِيَةِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي الْخَطَإِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْخَطَإِ الدِّيَةُ وَفِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ، وَقَدْ تَعْرِضُ فِيهِ الدِّيَةُ وَهِيَ مُخْتَلِفَةُ الْجِنْسِ بِحَسَبِ الْجَانِي فَ (عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ) وَهُمْ أَهْلُ الْبَادِيَةِ وَالْعَمُودِ (مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ) مُخَمَّسَةٌ كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ (وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ) كَأَهْلِ مِصْرَ وَالشَّامِ (أَلْفُ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ) كَأَهْلِ الْعِرَاقِ (اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) وَأُخِذَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الدِّيَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ
ــ
[حاشية العدوي]
نِيَابَةً عَنْ الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ خَلِيلٍ أَنَّ الضَّرْبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَبْسِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْقَاتِلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي تَأْدِيبِهِ تَكْلِيفُهُ.
تَنْبِيهٌ:
قَوْلُهُ: وَحُبِسَ عَامًا أَيْ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ فَيُغَرَّبُ.
[أَحْكَام الدِّيَة]
[الدِّيَة فِي النَّفْس]
[قَوْلُهُ: ثُمَّ شَرَعَ إلَخْ] أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْجِنَايَةَ اثْنَانِ دِيَةٌ وَقِصَاصٌ، وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْقِصَاصِ وَالْآنَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ الدِّيَةُ.
[قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ] وَاحِدَةُ الدِّيَاتِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدَى وَهُوَ الْهَلَاكُ، يُقَالُ: أَوْدَى فُلَانٌ إذَا هَلَكَ فَلَمَّا كَانَتْ تَلْزَمُ مِنْ الْهَلَاكِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ. [قَوْلُهُ: بِتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ] رَاجِعْ الْمُفْرَدَ وَالْجَمْعَ. [قَوْلُهُ: وَهِيَ اصْطِلَاحًا] أَيْ وَأَمَّا لُغَةً فَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ وَدَى الْقَاتِلُ الْقَتِيلَ يَدِيهِ دِيَةً إذَا أَعْطَى لَهُ الْمَالَ الَّذِي هُوَ بَدَلُ النَّفْسِ وَفَاؤُهَا مَحْذُوفَةٌ وَالْهَاءُ عِوَضٌ، وَالْأَصْلُ وَدَى مِثْلُ وَعَدَ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ الْمَالُ دِيَةً أَيْ فِي اللُّغَةِ وَالِاصْطِلَاحِ تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ.
[قَوْلُهُ: بِقَتْلِ آدَمِيٍّ] فَمَا وَجَبَ فِي قَطْعِ يَدٍ مَثَلًا لَا يُقَالُ فِيهِ دِيَةٌ أَيْ حَقِيقَةً هَذَا ظَاهِرُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَالُ لَهَا دِيَةٌ حَقِيقَةً إذْ قَدْ وَقَعَ التَّعْبِيرُ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ، وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ وَحَرِّرْ. وَقَوْلُهُ: آدَمِيٌّ خَرَجَ غَيْرُهُ فَمَا وَجَبَ فِي قَتْلِهِ يُقَالُ فِيهِ قِيمَةٌ. وَقَوْلُهُ: حُرٌّ خَرَجَ الرِّقُّ فَمَا وَجَبَ فِي قَتْلِهِ يُقَالُ فِيهِ قِيمَةٌ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ: عِوَضًا عَنْ دَمِهِ أَيْ ذَاتِهِ.
[قَوْلُهُ: وَقَوْلِهِ] مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ لِقَوْلِهِ إلَخْ.
[قَوْلُهُ: فِي الْمُوَطَّأِ] اعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ الْمُوَطَّأِ بِتَمَامِهِ وَحَذَفَ الْحَرْفَ الْمُؤَكِّدَ وَهُوَ إنَّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، وَلَفْظُهَا إنَّ فِي النَّفْسِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الْأَنْفِ إذَا أُوعِيَ جَدْعًا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْجَائِفَةِ مِثْلُهَا، وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ، وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ، وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ، وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ.
[قَوْلُهُ: وَالْإِجْمَاعُ] مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ لِقَوْلِهِ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْخَطَإِ الدِّيَةُ لَا مُحْتَرَزَ] لَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَفِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ فَلَهُ مُحْتَرَزٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَقَدْ تُفْرَضُ فِيهِ الدِّيَةُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ.
[قَوْلُهُ: فَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ] أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ مِنْ أَصْحَابِ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ.
[قَوْلُهُ: الْبَادِيَةِ] خِلَافُ الْحَاضِرَةِ. وَقَوْلُهُ: الْعَمُودِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْبَادِيَةِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَيُقَالُ لِأَصْحَابِ الْأَخْبِيَةِ أَهْلُ عَمُودٍ اهـ. أَيْ لِكَوْنِ الْخِبَاءِ يُقَامُ عَلَى الْعَمُودِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَهْلَ الْبَادِيَةِ هُمْ أَهْلُ الْعَمُودِ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ الْبَادِيَةِ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُمْ إلَّا الْخَيْلُ أَوْ الْبَقَرُ مَثَلًا فَلَا نَصَّ، وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُمْ يُكَلَّفُونَ مَا يَجِبُ عَلَى حَاضِرَتِهِمْ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ.
[قَوْلُهُ: مِنْ الْإِبِلِ] الْمَحَلُّ لِلضَّمِيرِ فَالْأَنْسَبُ مِنْهَا.
[قَوْلُهُ: مُخَمَّسَةٍ] سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
[قَوْلُهُ: كَأَهْلِ مِصْرَ وَالشَّامَ] دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ أَهْلُ الْمَغْرِبِ وَمَنْ لَحِقَ بِهِمْ.
[قَوْلُهُ: أَلْفُ دِينَارٍ] وَزْنُ الدِّينَارِ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ شَعِيرَةً مُتَوَسِّطَاتٍ.
[قَوْلُهُ: كَأَهْلِ الْعِرَاقِ] دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ فَارِسُ وَخُرَاسَانُ.
[قَوْلُهُ: اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ] وَزْنُ الدِّرْهَمِ خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ مُتَوَسِّطَاتِ الشَّعِيرِ وَصَرْفُ دِينَارِ الدِّيَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا كَدِينَارِ السَّرِقَةِ
كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا تَكُونُ مِنْ الْبَقَرِ وَلَا مِنْ الْغَنَمِ وَلَا مِنْ الْعُرُوضِ.
ثُمَّ ثَنَّى بِدِيَةِ الْعَمْدِ فَقَالَ: (وَدِيَةُ الْعَمْدِ إذَا قُبِلَتْ) تَكُونُ مُرَبِّعَةً مِنْ كُلِّ سِنٍّ مِنْ الْإِنَاثِ (خَمْسٌ) وَفِي رِوَايَةٍ خَمْسٌ (وَعِشْرُونَ حِقَّةً) وَهِيَ بِنْتُ أَرْبَعِ سِنِينَ (وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً) وَهِيَ بِنْتُ خَمْسِ سِنِينَ (وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ) وَهِيَ بِنْتُ ثَلَاثِ سِنِينَ (وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ) وَهِيَ بِنْتُ سَنَتَيْنِ. .
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: إذَا قُبِلَتْ أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ لَهُمْ الْخِيَارُ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَرِوَايَتُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَرَوَاهُ بِتَعَيُّنِ الْقَوَدِ لَيْسَ إلَّا، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إذَا قَالَ الْأَوْلِيَاءُ: نَأْخُذُ الدِّيَةَ وَامْتَنَعَ الْقَاتِلُ وَمَكَّنَ نَفْسَهُ مِنْ الْقِصَاصِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الدِّيَةِ، وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَأَيْضًا لَوْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ وَسَكَتُوا وَلَمْ يَذْكُرُوا شَيْئًا حِينَ الْعَفْوِ ثُمَّ طَلَبُوا الدِّيَةَ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لَهُمْ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَهُمْ الدِّيَةُ. .
(وَدِيَةُ الْخَطَإِ مُخَمَّسَةٌ) عِشْرُونَ (مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا) مِنْ الْحِقَّةِ وَالْجَذَعَةِ وَبِنْتِ اللَّبُونِ وَبِنْتِ الْمَخَاضِ (وَ) يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ (عِشْرُونَ بَنُو لَبُونٍ ذُكُورًا) فَدِيَةُ الْعَمْدِ نَاقِصَةٌ عَنْ دِيَةِ الْخَطَإِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَنْوَاعِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعَدَدِ وَاحِدَةً لِإِسْقَاطِ ابْنِ اللَّبُونِ الذَّكَرِ وَزِيَادَةِ عِشْرِينَ عَلَى الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ فَهِيَ مُغَلَّظَةٌ وَدِيَةُ الْخَطَأِ مُخَفَّفَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا الذُّكُورَ، وَالذُّكُورُ أَخَفُّ مِنْ الْإِنَاثِ. .
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الدِّيَةِ الْمُرَبَّعَةِ وَالْمُخَمَّسَةِ انْتَقَلَ يُبَيِّنُ الدِّيَةَ الْمُثَلَّثَةَ فَقَالَ: (وَإِنَّمَا تُغَلَّظُ الدِّيَةُ فِي الْأَبِ يَرْمِي ابْنَهُ بِحَدِيدَةٍ) وَنَحْوِهَا غَيْرَ قَاصِدٍ بِذَلِكَ قَتْلَهُ (فَيَقْتُلُهُ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ، أَمَّا إذَا كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ قَتْلَهُ حَقِيقَةً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَمْ يُرِدْ بِإِنَّمَا الْحَصْرَ فَإِنَّ الْأُمَّ
ــ
[حاشية العدوي]
وَالنِّكَاحُ بِخِلَافِ دِينَارِ الْجِزْيَةِ وَالزَّكَاةِ فَصَرْفُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَأَمَّا دِينَارُ الصَّرْفِ فَلَا يَنْضَبِطُ.
[قَوْلُهُ: إنَّ الدِّيَةَ لَا تَكُونُ إلَخْ] أَيْ لَا يُجْبَرُونَ عَلَى غَيْرِهَا أَمَّا لَوْ تَرَاضَوْا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ غَيْرِهَا لَأَجْزَأَ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ فِي الذَّهَبِ وَعِبَارَةُ تت ظَاهِرُهَا أَنَّهُ وِفَاقٌ لِأَنَّهُ قَالَ: وَلَا يُؤْخَذُ فِيهَا عَرْضٌ وَلَا بَقَرٌ وَلَا غَنَمٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَالَ الْمُخَالِفُ: عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَانِ مِنْهَا وَعَلَى أَهْلِ الْغَنَمِ أَلْفُ شَاةٍ وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَةُ حُلَّةٍ اهـ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ: الْأَمْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فِي الدِّيَةِ إبِلٌ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْعَمُودِ ذَهَبٌ وَلَا وَرِقٌ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ وَرِقٌ وَلَا إبِلٌ أَيْ فَدَفْعُهَا مِنْ تِلْكَ الْأَنْوَاعِ وَاجِبٌ
[قَوْلُهُ: وَدِيَةُ الْعَمْدِ] أَيْ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الذَّكَرِ وَقَوْلُهُ: إذَا قُبِلَتْ بِأَنْ حَصَلَ عَفْوٌ عَلَيْهَا أَوْ تَعَذَّرَ الْقِصَاصُ لِفَقْدِ الْمُمَاثَلَةِ.
[قَوْلُهُ: مُرَبِّعَةٌ] أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ تَغْلِيظًا عَلَى الْقَاتِلِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ لَا تُغَلَّظُ بِالتَّرْبِيعِ إلَّا عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ وَهُوَ كَذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ] بِالتَّاءِ وَالْأَنْسَبُ رِوَايَةُ حَذْفِ التَّاءِ
[قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ] أَيْ قَالَ بِهِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ. وَهُوَ الرَّاجِحُ.
[قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ الْقَوَدُ لَيْسَ إلَّا] أَيْ لَا الْعَفْوُ بِالدِّيَةِ وَأَمَّا الْعَفْوُ مَجَّانًا فَلَهُمْ
[قَوْلُهُ: وَدِيَةُ الْخَطَإِ] أَيْ وَدِيَةُ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْخَطَأِ عَلَى الْقَاتِلِ الْبَادِي مُخَمَّسَةٌ رِفْقًا بِالْمُؤَدِّي لَهَا.
[قَوْلُهُ: ذُكُورًا] تَأْكِيدٌ لِأَنَّ ابْنَ لَا يُطْلَقُ: إلَّا عَلَى الذُّكُورِ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ] أَيْ فِي الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ
[قَوْلُهُ: بِحَدِيدَةٍ وَنَحْوِهَا] أَيْ كَالْحَجَرِ وَالْخَشَبَةِ أَوْ إلْقَائِهِ مِنْ الْحَائِطِ مَثَلًا.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ] قَضِيَّتُهُ أَنَّ مُوجِبَ قَتْلِ الْجَانِي قَصْدُ الْقَتْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ قَصْدُ الضَّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ.
[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ إلَخْ] أَيْ أَوْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ قَصَدَ قَتْلَهُ أَوْ فَعَلَ بِهِ شَيْئًا شَأْنُهُ الْقَتْلُ بِأَنْ ذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ
وَإِنْ عَلَتْ وَالْجَدَّ وَإِنْ عَلَا كَالْأَبِ فِي ذَلِكَ (وَ) اُخْتُلِفَ فِيمَنْ تَكُونُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ عَلَى أَقْوَالٍ أَحَدُهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا (تَكُونُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَاتِلِ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ الْآنَ أُخِذَ مِنْهُ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ يُسْرُهُ وَهِيَ (ثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً) بِكَسْرِ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ وَهِيَ الْحَوَامِلُ وَقَوْلُهُ: (فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا) تَكْرَارٌ زِيَادَةً فِي الْبَيَانِ (وَقِيلَ ذَلِكَ) أَيْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ فِي حَقِّ الْأَبِ (عَلَى عَاقِلَتِهِ) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يَعْنِي قَبِيلَتَهُ الَّتِي تَعْقِلُ عَنْهُ وَالْعَقْلُ الدِّيَةُ (وَقِيلَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ) إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، وَهُنَا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ.
(وَ) أَمَّا (دِيَةُ الْمَرْأَةِ) الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَ (عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فَدِيَتُهَا خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ مُخَمَّسَةٌ أَوْ مُرَبَّعَةٌ عَلَى حَسَبِ الْقَتْلِ فِي الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ، فَإِنْ كَانَتْ مُغَلَّظَةً تَكُونُ مُثَلَّثَةً سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَا بَعِيرٍ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ، وَمِنْ الذَّهَبِ
ــ
[حاشية العدوي]
جَوْفَهُ فَفِي هَذَا كُلِّهِ يُقْتَلُ بِهِ، وَأَمَّا إنْ قَتَلَهُ خَطَأً فَتَكُونُ دِيَتُهُ مُخَمَّسَةً كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَبِقَوْلِ أَشْهَبَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لِمَا رُوِيَ لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ لِأَنَّهُ كَانَ السَّبَبُ فِي إيجَادِهِ فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ سَبَبًا فِي إعْدَامِهِ.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْأُمَّ إلَخْ] يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْأَبِ الْأَصْلَ فَيَشْمَلُ الْأَجْدَادَ وَالْجَدَّاتِ، وَلَا يَخْتَصُّ مَا ذَكَرَهُ بِالْمُسْلِمِ بَلْ لَوْ فَعَلَهُ الْكَافِرُ بِابْنِهِ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا لَغُلِّظَتْ عَلَى الْأَبِ الدِّيَةُ، وَلَوْ كَانَ مَجُوسِيًّا.
تَنْبِيهٌ:
إنَّمَا سَقَطَتْ عَلَى الْأَبِ بِالتَّثْلِيثِ وَلَمْ يُقْتَلْ بِفَرْعِهِ لِأَنَّهَا حَالَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَبِتَعَمُّدِ الْمَرْمَى يُنَاسِبُهُ التَّغْلِيظُ وَمَا عِنْدَهُ مِنْ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ يُنَاسِبُ إسْقَاطَ الْقَتْلِ كَالْخَطَأِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ] أَيْ غَيْرَ الْأَبِ مِنْ الْأُمِّ وَالْجَدِّ مِمَّنْ تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ.
[قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِهِ] أَيْ حَالَّةً غَيْرَ مُؤَجَّلَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ الْحَوَامِلُ] أَيْ الْأَرْبَعُونَ.
[قَوْلُهُ: زِيَادَةً فِي الْبَيَانِ] أَيْ فَأَرَادَ بِالتَّكْرَارِ أَنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْبَيَانِ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ فِي الْجَلَّابِ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ أَسْنَانُهَا اهـ.
[قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْأَبِ] أَيْ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ.
[قَوْلُهُ: يَعْنِي قَبِيلَتَهُ سَيَأْتِي بَيَانُهَا] أَيْ وَهُوَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ.
[قَوْلُهُ: الَّتِي تَعْقِلُ عَنْهُ] أَيْ تَغْرَمُ مَا لَزِمَهُ مِنْ الدِّيَةِ، أَيْ لِأَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُ بِتَمَامِهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ جَانِيًا لَكِنْ جَاءَ الشَّرْعُ بِكَوْنِهَا تُؤَدِّي عَنْهُ وَهُوَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَحَاصِلُ الْأَقْوَالِ فَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا فِي مَالِ الْأَبِ مُطْلَقًا حَالَّةً، وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ حَالَّةً مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ غَنِيًّا فَفِي مَالِهِ وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ حَالَّةً كَمَا ذَكَرَهُ عج.
تَنْبِيهٌ:
تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى تَغْلِيظِهَا بِالتَّثْلِيثِ عَلَى الْأَصْلِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْأَبُ مِنْ أَهْلِ النَّقْدِ، وَفِي تَغْلِيظِهَا خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا تُغَلَّظُ عَلَيْهِ أَيْضًا فَتُقَوَّمُ الْمُثَلَّثَةُ حَالَّةً وَالْمُخَمَّسَةُ عَلَى تَأْجِيلِهَا، وَيَأْخُذُ مَا زَادَتْهُ الْمُثَلَّثَةُ عَلَى الْمُخَمَّسَةِ وَيَنْسُبُ الْمُخَمَّسَةَ فَمَا بَلَغَ بِالنِّسْبَةِ يُزَادُ عَلَى الدِّيَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ، فَإِذَا قِيلَ الْمُخَمَّسَةُ عَلَى آجَالِهَا تُسَاوِي مِائَةً وَالْمُثَلَّثَةُ عَلَى حُلُولِهَا تُسَاوِي مِائَةً وَعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَى الدِّيَةِ الْمُخَمَّسَةِ مِثْلُ خُمُسِهَا فَتَكُونُ مِنْ الذَّهَبِ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ، وَمِنْ الْوَرِقِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ.
وَأَمَّا الْمُرَبَّعَةُ فَلَا تُغَلَّظُ إلَّا مِنْ الْإِبِلِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ دِيَةُ الْعَمْدِ مِنْ الْعَيْنِ فَلَا تُغَلَّظُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُ الْجَانِي الْأَلْفَ دِينَارٍ أَوْ الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ
[قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مُغَلَّظَةً] وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ بِنْتًا وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَرْمِي ابْنَهُ مِثْلُهُ بِنْتُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا هُنَا وَكَأَنَّهُ سَكَتَ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ اتِّكَالًا عَلَى قَوْلِهِ هُنَا وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ.
[قَوْلُهُ: تَكُونُ مُثَلَّثَةً سِتَّةَ عَشَرَ] خِلَافُ الصَّوَابِ وَالصَّوَابُ