الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ جِرَاحِ الْخَطَأِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى جِرَاحِ الْعَمْدِ فَقَالَ: (وَفِي الْجِرَاحِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ إلَّا فِي الْمَتَالِفِ مِثْلِ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْفَخِذِ وَالْأُنْثَيَيْنِ وَالصُّلْبِ وَنَحْوِهِ) كَعَظْمِ الصَّدْرِ (فَفِي كُلِّ ذَلِكَ الدِّيَةُ) مَعْنَاهُ فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ عَقْلُهُ الْمُقَدَّرُ فِيهِ، إمَّا الدِّيَةُ كَامِلَةً أَوْ ثُلُثُهَا أَوْ عُشْرُهَا أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ وَلَا يَعْنِي الدِّيَةَ كَامِلَةً فِي الْجَمِيعِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا بُدَّ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ مِنْ تَأْدِيبِ الْقَاضِي لِلْجَارِحِ اُقْتُصَّ مِنْهُ أَوْ لَمْ يُقْتَصَّ.
وَقَالَ ك: لَا قِصَاصَ عِنْدَنَا فِي الْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْقِصَاصِ فَلَا بُدَّ مِنْ وَجِيعِ الْأَدَبِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى فَتَأَمَّلْ. .
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ دِيَةِ النَّفْسِ وَأَجْزَائِهَا شَرَعَ يُبَيِّنُ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ فَقَالَ: (وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ قَتْلَ عَمْدٍ وَلَا اعْتِرَافَ بِهِ) ك: رُوِّينَاهُ هَكَذَا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَالصَّوَابُ تَنْوِينُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ دِيَةَ جِنَايَةِ خَطَأٍ إنْ ثَبَتَ بِاعْتِرَافِ الْجَانِي وَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَحْدَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ تَحْمِلْهَا لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَوَلِيِّ الْمَقْتُولِ (وَتَحْمِلُ مِنْ جِرَاحِ) وَيُرْوَى مِنْ جُرُوحِ (الْخَطَإِ مَا كَانَ قَدْرَ الثُّلُثِ فَأَكْثَرَ وَمَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَفِي مَالِ الْجَانِي) وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُرَادَ ثُلُثُ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ الْجَانِي، وَعَلَى قَوْلِ مُقَابِلِهِ الْمُرَادُ ثُلُثُ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دُونَ الْجَانِي.
وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ الْجَانِي امْرَأَةً فَجَنَتْ عَلَى رَجُلٍ فَقَطَعَتْ لَهُ أُصْبُعَيْنِ فَعَقْلُهُمَا عِشْرُونَ بَعِيرًا وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَأَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَعَلَى الثَّانِي لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَحَدُّ الْعَاقِلَةِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الدِّيَةَ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ يَنْتَسِبُونَ إلَى أَبٍ
ــ
[حاشية العدوي]
بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ.
[قَوْلُهُ: وَفِي الْجِرَاحِ] أَيْ إنْ كَانَتْ فِي الرَّأْسِ أَوْ فِي غَيْرِهِ مِنْ بَاقِي الْجَسَدِ [قَوْلُهُ: الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ] بِالْمِسَاحَةِ إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ فَيُقَاسُ الْجُرْحُ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا فَقَدْ تَكُونُ الْجِرَاحَةُ نِصْفَ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهِيَ جُلُّ عُضْوِ الْجَانِي أَوْ كُلُّهُ، وَلِذَلِكَ لَوْ عَظُمَ عُضْوُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى عُضْوِ الْجَانِي فَإِنَّهُ لَا يُكْمَلُ مِنْ غَيْرِهِ بَلْ يَسْقُطُ، وَمَفْهُومُ الْجِرَاحِ أَنَّ اللَّطْمَةَ وَالضَّرْبَةَ بِآلَةٍ لَا تَجْرَحُ وَلَمْ يَنْشَأْ عَنْهَا جُرْحٌ لَا قِصَاصَ فِيهَا، وَإِنَّمَا فِيهَا التَّأْدِيبُ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ نَتْفُ اللِّحْيَةِ أَوْ الشَّارِبِ أَوْ الْحَاجِبِ فَإِنَّ عَمْدَ هَذِهِ وَخَطَأَهَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ وَإِنَّمَا فِيهَا الْحُكُومَةُ إذَا لَمْ تَعُدْ لِهَيْئَتِهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا سِوَى الْأَدَبِ فِي الْعَمْدِ.
[قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْمَتَالِفِ] أَيْ الْجِرَاحَاتِ الْمَتَالِفِ أَيْ الَّتِي يَغْلِبُ فِيهَا الْمَوْتُ سَرِيعًا.
[قَوْلُهُ: وَالْفَخِذِ] أَيْ وَكَسْرِ الْفَخِذِ.
[قَوْلُهُ: وَالْأُنْثَيَيْنِ] أَيْ رَضُّ الْأُنْثَيَيْنِ بِخِلَافِ قَطْعِهِمَا فَإِنَّ فِي عَمْدِهِ الْقِصَاصُ.
[قَوْلُهُ: وَالصُّلْبِ] أَيْ الظَّهْرِ وَقَوْلُهُ: كَعَظْمِ الصَّدْرِ أَيْ أَوْ الْعُنُقِ.
[قَوْلُهُ: فَفِي كُلِّ ذَلِكَ الدِّيَةُ] أَيْ فَفِي عَمْدِ ذَلِكَ الدِّيَةُ.
[قَوْلُهُ: إمَّا الدِّيَةُ كَامِلَةً] أَيْ فِي الصُّلْبِ أَيْ إذَا تَعَطَّلَ عَنْ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ أَوْ الْقِيَامِ فَقَطْ. وَقَوْلُهُ: أَوْ ثُلُثُهَا أَيْ كَالْمَأْمُومَةِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ عُشْرُهَا أَيْ احْتِمَالًا فِي الْحُكُومَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ أَوْ أَنَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَيَكُونُ نَاظِرًا لِلْمُنَقِّلَةِ.
[قَوْلُهُ: اُقْتُصَّ مِنْهُ] أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُقْتَصَّ أَيْ كَهَذِهِ الْمَسَائِلِ.
[قَوْلُهُ: فِي الْجَائِفَةِ إلَخْ] لَا مَفْهُومَ لِلْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ. وَقَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْ أَيْ فَتَأَمَّلْ كَلَامَ الْفَاكِهَانِيِّ مَعَ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَتَجِدُهُ مُخَالِفًا لَهُ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ حَكَمَ بِالتَّأْدِيبِ مُطْلَقًا، وَمُفَادُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّأْدِيبَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْقِصَاصِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْقِصَاصِ فَلَا تَأْدِيبَ وَهُوَ ظَاهِرٌ
[عَلَيَّ مِنْ تجب الدِّيَة]
[قَوْلُهُ: وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ قَتْلَ عَمْدٍ] سَقَطَ فِيهِ الْقِصَاصُ بِعَفْوٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْقِطَاتِ وَإِنَّمَا تَكُونُ حَالَّةً فِي مَالِ الْجَانِي.
[قَوْلُهُ: وَلَا اعْتِرَافَ إلَخْ] ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الِاعْتِرَافُ مِنْ عَدْلٍ ثِقَةٍ لَا يُتَّهَمُ فِي إغْنَاءِ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَغْرَمُهَا الْجَانِي مِنْ مَالِهِ.
[قَوْلُهُ: بِغَيْرِ تَنْوِينٍ] أَيْ مَعَ فَتْحِ فَاءِ اعْتِرَافَ وَقَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ تَنْوِينُهُ أَيْ لِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِعَدَمِ التَّنْوِينِ.
[قَوْلُهُ: وَحَدُّ الْعَاقِلَةِ] حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْإِجْمَالِ أَنَّ
وَاحِدٍ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ أَيْ يَتَحَمَّلُونَ عَنْهُ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورِيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْيَسَارُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْغَنِيِّ بِقَدْرِهِ وَمِمَّنْ دُونَهُ بِقَدْرِهِ.
ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْعَمْدَ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ هَلْ تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الدِّيَةَ فِيهِ أَمْ لَا فَقَالَ: (وَأَمَّا الْمَأْمُومَةُ وَالْجَائِفَةُ عَمْدًا فَقَالَ) إمَامُنَا (مَالِكٌ) رحمه الله (ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَالَ أَيْضًا إنَّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدِيمًا فَتَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُقَادُ مِنْ عَمْدِهِمَا) وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ (وَكَذَلِكَ مَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ مِمَّا لَا يُقَادُ مِنْهُ) فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ (لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ) أَيْ لَا يُقَادُ مِنْهُ لِخَوْفِ تَلَفِ النَّفْسِ.
تَنْبِيهٌ: فِي كَلَامِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْجِرَاحِ مَا يَكُونُ عَقْلُهُ مُقَدَّرًا بِالثُّلُثِ إلَّا الْمَأْمُومَةَ وَالْجَائِفَةَ قَالَهُ ع، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ.
ــ
[حاشية العدوي]
الْعَاقِلَةَ عِدَّةُ أُمُورٍ: أَهْلُ الدِّيوَانِ وَلَوْ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى وَالْعَصَبَةُ وَالْمَوَالِي وَبَيْتُ الْمَالِ، فَأَهْلُ الدِّيوَانِ مُقَدَّمُونَ عَلَى الْعَصَبَةِ إنْ كَانَتْ لَهُمْ جَوَامِكُ تُصْرَفُ لَهُمْ، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاءٌ فَعَصَبَتُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ عَلَى تَرْتِيبِ النِّكَاحِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَصَبَةٌ فَالْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ وَهُمْ الْمُعْتِقُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَالْمَوَالِي الْأَسْفَلُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَبَيْتُ الْمَالِ وَهَلْ عَلَى الْجَانِي شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ حَيْثُ عَقَلَ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ لَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ أَوْ كَانَ وَلَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي.
قَالَ الشَّيْخُ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهَا تُقَسَّطُ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالرِّفْقِ مِنْ الْعَاقِلَةِ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَحَدُّ الْعَاقِلَةِ إلَخْ أَيْ عَلَى قَوْلٍ، وَقِيلَ حَدُّهَا الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ أَيْ زِيَادَةٌ لَهَا بَالٌ كَالْعِشْرِينِ فَفَوْقُ، أَيْ وَقَدْرُ أَقَلِّهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَهُمَا قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُخْتَصَرِ بِغَيْرِ تَرْجِيحٍ وَهُمَا لِسَحْنُونٍ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وَجَدَ أَقَلَّ مِنْ سَبْعِمِائَةٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمَّلَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَعَلَى الثَّانِي لَوْ وَجَدَ أَقَلَّ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى أَلْفٍ كَمَّلَ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ فَيَحْمِلُونَ مَا نَابَهُمْ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِمْ الْعَدَدَ الْمُعْتَبَرَ، وَالْجَانِي كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَحَمَلَ بَيْتُ الْمَالِ مَثَلًا مَا بَقِيَ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَلَى الْجَانِي كَمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ بَيْتُ مَالٍ وَلَا عَاقِلَةٌ.
وَلَا يَلْزَمُ مَنْ وَجَدَ مِنْ الْعَاقِلَةِ دُونَ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ حَمْلُ جَمِيعِ الدِّيَةِ وَلَوْ قَدَرُوا عَلَيْهَا وَهَذَا حَدٌّ لِلْعَاقِلَةِ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: يُنْسَبُونَ إلَى أَبٍ وَاحِدٍ ظَاهِرٌ فِي الْعَاقِلَةِ الَّذِينَ هُمْ الْعَصَبَةُ فَقَطْ، فَإِذَا كَمُلَ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ مِنْ إخْوَةِ الْجَانِي فَلْيَكُنْ الْأَبُ الْمَنْسُوبُ لَهُ أَبًا لِلْجَانِي، وَإِذَا كَمُلَ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ فَلْيَكُنْ الْأَبُ الْمَنْسُوبُونَ لَهُ جَدًّا لِلْجَانِي وَهَكَذَا.
[قَوْلُهُ: الْحُرِّيَّةُ] فَالْعَبْدُ لَا يَعْقِلُ وَلَا يُعْقَلُ عَنْهُ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ فِي رَقَبَتِهِ. وَقَوْلُهُ: وَالذُّكُورِيَّةُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِخُرُوجِهَا مِنْ قَوْلِنَا وَهِيَ الْعَصَبَةُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ ذِكْرَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوَالِي إذْ هِيَ شَامِلَةٌ لِلْإِنَاثِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَرْأَةِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ.
[قَوْلُهُ: وَالْبُلُوغُ] فَالصَّبِيُّ لَا يَعْقِلُ عَنْ غَيْرِهِ وَيَعْقِلُ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِلْإِتْلَافِ.
[قَوْلُهُ: وَالْعَقْلُ] فَالْمَجْنُونُ لَا يَعْقِلُ عَنْ غَيْرِهِ وَيَعْقِلُ عَنْ نَفْسِهِ.
[وَقَوْلُهُ: وَالْيَسَارُ] فَالْفَقِيرُ لَا يَعْقِلُ عَنْ غَيْرِهِ وَيَعْقِلُ عَنْ نَفْسِهِ فَيُتَّبَعُ إذَا كَانَ مُعْدِمًا. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالْمَرْأَةَ وَالْفَقِيرَ وَالْغَارِمَ يُعْقَلُ عَنْهُمْ وَلَا يَعْقِلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ وَيَعْقِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُبَاشِرُونَ لِلْإِتْلَافِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمَلَاءِ وَالْعُسْرِ وَالْبُلُوغِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقْتُ ضَرْبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَكَذَا يُعْتَبَرُ الْحُضُورُ لَا إنْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ اسْتَغْنَى فَقِيرٌ أَوْ تَحَرَّرَ عَبْدٌ أَوْ عَقَلَ مَجْنُونٌ بَعْدُ، وَكَذَا إذَا قَدِمَ غَائِبٌ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ عِنْدَ وَقْتِ ضَرْبِهَا فَلَا ضَرْبَ عَلَيْهِ أَوْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ عِنْدَ هُمْ فَصَارَ كَأَهْلِ إقْلِيمٍ آخَرَ إذْ لَا يُضَمُّ أَهْلُ إقْلِيمٍ لِأَهْلِ إقْلِيمٍ آخَرَ، وَأَمَّا غَائِبُ الْحَجِّ أَوْ الْغَزْوِ فَتُضْرَبُ عَلَيْهِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْجَانِي، وَأَمَّا الْجَانِي نَفْسُهُ فَتُضْرَبُ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا وَقْتَ الضَّرْبِ غَيْبَةً بَعِيدَةً، فَإِذَا ضُرِبَتْ عَلَيْهَا بِقَدْرِ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ ثُمَّ أَعْسَرَ أَحَدُهُمْ أَوْ مَاتَ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ وَتَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ
[قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ] وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُكَرَّرٍ مَعَ مَا قَبْلَهُ لِشُمُولِ هَذَا لِمِثْلِ الْفَخِذِ وَعَظْمِ الصَّدْرِ مِمَّا يَبْلُغُ
(وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) وَهُوَ هَدَرٌ لَا شَيْءَ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: 92] فَأَوْجَبَ الدِّيَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَ غَيْرَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِقَتْلِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ (وَتُعَاقِلُ) أَيْ تُسَاوِي (الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ) مِنْ أَهْلِ دِينِهَا (إلَى ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ) مِنْ أَهْلِ دِينِهَا يُرِيدُ وَلَا تَسْتَكْمِلُ الثُّلُثَ لِقَوْلِهِ: (فَإِذَا بَلَغَتْهَا) صَوَابُهُ بَلَغَتْهُ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ مُذَكَّرٌ لَكِنَّهُ أَنَّثَ بِاعْتِبَارِ اكْتِسَابِ التَّأْنِيثِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (رَجَعَتْ) أَيْ رُدَّتْ (إلَى عَقْلِهَا) أَيْ إلَى قِيَاسِ دِيَتِهَا، وَمِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَقْطَعَ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ فَفِيهَا ثَلَاثُونَ بَعِيرًا لِمُسَاوَاتِهَا لِلرَّجُلِ فِيمَا يَقْصُرُ عَنْ ثُلُثِ دِيَتِهِ، وَإِذَا قَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ فَفِيهَا عِشْرُونَ بَعِيرًا؛ لِأَنَّهَا لَوْ سَاوَتْهُ لَلَزِمَ أَنْ يَجِبَ لَهَا أَرْبَعُونَ وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ دِيَتِهِ فَلِذَلِكَ رَجَعَتْ إلَى نِصْفِ الْوَاجِبِ لِلرَّجُلِ وَهُوَ عِشْرُونَ، وَعَلَى هَذَا إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ.
(وَالنَّفَرُ) عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْجَمَاعَةُ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا (يَقْتُلُونَ رَجُلًا فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ) جَمِيعًا سَوَاءٌ بَاشَرُوا الْقَتْلَ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ وَالْبَاقُونَ حَاضِرُونَ بِشُرُوطٍ إنْ ثَبَتَ قَتْلُهُمْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَأَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ عَمْدًا وَأَنْ يَكُونُوا مُجْتَمَعِينَ عَلَى قَتْلِهِ، وَأَنْ تَتَكَافَأَ الدِّمَاءُ وَأَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ. .
(وَالسَّكْرَانُ) بِمُحَرَّمٍ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ قَاصِدًا شُرْبَهُ (إنْ قَتَلَ قُتِلَ) ظَاهِرُهُ طَافِحًا كَانَ أَوْ نَشْوَانًا؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يُعْذَرُ مُطْلَقًا نَشْوَانًا أَوْ طَافِحًا قَالَهُ ق.
وَقَالَ ع: يُرِيدُ النَّشْوَانَ الَّذِي مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ عَقْلِهِ، وَأَمَّا الطَّافِحُ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ فَجِنَايَتُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ. حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا وَحَكَى الْخِلَافَ فِي النَّشْوَانِ انْتَهَى. .
(وَإِنْ قَتَلَ
ــ
[حاشية العدوي]
بِالْحُكُومَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ
[قَوْلُهُ: أَيْ تُسَاوِي] فَتَأْخُذُ فِي أَطْرَافِهَا مِثْلَ مَا يَأْخُذُ الرَّجُلُ، وَتَسْتَمِرُّ مُسَاوِيَةً إلَى أَنْ يَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ وَالْغَايَةُ خَارِجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ.
[قَوْلُهُ: أَيْ إلَى قِيَاسِ إلَخْ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَقْلِ الدِّيَةُ وَأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ وَأَرَادَ بِالْقِيَاسِ الِاعْتِبَارَ.
[قَوْلُهُ: وَإِذَا قَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ إلَخْ] أَيْ بَلْ إذَا قَطَعَ لَهَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أُنْمُلَةً فَيَرْجِعُ إلَى عَقْلِهَا، وَكَذَا إذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةً وَأُنْمُلَةً فَإِنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَ مَا يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ فَلَهَا فِي الْمُنَقِّلَةِ وَفِيمَا نَقَصَ مِنْ الْأَصَابِعِ عَنْ الثَّلَاثِ وَأُنْمُلَةٍ كَالرَّجُلِ، وَأَمَّا فِي قَطْعِ ثَلَاثٍ وَأُنْمُلَةٍ أَوْ الْجَائِفَةِ أَوْ الدَّامِغَةِ أَوْ الْآمَّةِ نِصْفُ مَا لِلرَّجُلِ.
[قَوْلُهُ: وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ] جَمَعَهُمْ بَعْضُهُمْ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: فَخُذْهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عُرْوَةُ قَاسِمٌ سَعِيدٌ أَبُو بَكْرٍ سُلَيْمَانُ خَارِجَةُ وَلَا يَخْفَى أَنْ مُفَادَ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُعَاقَلَةَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ مُجْمَعًا عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: لَا مُعَاقَلَةَ فِي شَيْءٍ
[قَوْلُهُ: عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ] يُخَالِفُ مَا عِنْدَ عَبْدِ الْحَقِّ، فَقَالَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى تِسْعَةٍ وَمَا فَوْقَ التِّسْعَةِ إلَى الْعَشَرَةِ رَهْطٌ، وَمَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ إلَى الْأَرْبَعِينَ عُصْبَةٌ وَمَا فَوْقَ الْأَرْبَعِينَ إلَى الْمِائَةِ أُمَّةٌ ذَكَرَهُ تت.
[قَوْلُهُ: يَقْتُلُونَ رَجُلًا] أَيْ أَوْ امْرَأَةً فَرَضَ الشَّارِحُ الْكَلَامَ فِي التَّمَالُؤِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ سَوَاءٌ بَاشَرُوا الْقَتْلَ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ.
[قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى قَتْلِهِ] أَيْ مُتَمَالِئِينَ عَلَى قَتْلِهِ.
[قَوْلُهُ: وَأَنْ تَتَكَافَأَ الدِّمَاءُ] أَوْ أَدْنَى مِنْ الْمَقْتُولِ إلَّا إنْ كَانُوا أَعْلَى مِنْهُ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ.
[قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ] لَا صِبْيَانًا وَنَحْوَهُمْ
[قَوْلُهُ: بِمُحَرَّمٍ] أَيْ بِمُحَرَّمٍ شُرْبُهُ كَخَمْرٍ وَلَبَنٍ حَامِضٍ شَأْنُهُ الْإِسْكَارُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا قُدِّرَ أَنَّهُ سَكِرَ بِغَيْرِ مُحَرَّمٍ كَأَنْ سَكِرَ بِدَوَاءٍ أَوْ لَبَنٍ لَيْسَ شَأْنُهُ الْإِسْكَارُ، فَكَالْمَجْنُونِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ عَنْ حَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لِإِسَاغَةِ غُصَّةٍ.
[قَوْلُهُ: قَاصِدًا] شُرْبَهُ احْتَرَزَ عَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ، أَيْ يَعْلَمُ أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ شُرْبَهُ لِكَوْنِهِ يَظُنُّهُ لَبَنًا.
[قَوْلُهُ: إنْ قَتَلَ قُتِلَ] أَيْ إنْ قَتَلَ مَعْصُومًا مُكَافِئًا لَهُ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ وَكَانَ بَالِغًا.
[قَوْلُهُ: أَوْ نَشْوَانًا] عَلَى زِنَةٍ سَكْرَانَ.
[قَوْلُهُ: فَلَا يُعْذَرُ مُطْلَقًا] وَهُوَ الرَّاجِحُ وَكَلَامُ ابْنِ عُمَرَ ضَعِيفٌ
[قَوْلُهُ: انْتَظَرَ حَتَّى يُفِيقَ] فَإِذَا آيَسَ مِنْ إفَاقَتِهِ
مَجْنُونٌ) مُطْبِقٌ لَا يُفِيقُ مِنْ جُنُونِهِ (رَجُلًا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ كَمَا سَيَأْتِي، وَكَذَا إنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانًا وَقَتَلَ فِي حَالِ جُنُونِهِ، أَمَّا إذَا قَتَلَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ ثُمَّ جُنَّ اُنْتُظِرَ حَتَّى يُفِيقَ فَيُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ حَالَ إفَاقَتِهِ بِلَا إشْكَالٍ.
(وَعَمْدُ الصَّبِيِّ كَالْخَطَإِ) فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ مُمَيِّزًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَذَلِكَ) أَيْ مَا جَنَاهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ تَجِبُ دِيَتُهُ (عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ) مَا جَنَاهُ تَبْلُغُ دِيَتُهُ (ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ ثُلُثَ الدِّيَةِ (فَ) دِيَةُ مَا جَنَاهُ (فِي مَالِهِ) أَيْ مَالِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اُتُّبِعَ بِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ.
(وَتُقْتَلُ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ) اتِّفَاقًا (وَ) يُقْتَلُ (الرَّجُلُ بِهَا) عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] وَهِيَ نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178] الْآيَةَ (وَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ) أَيْ لِبَعْضِ جِنْسِ مَنْ ذَكَرَ (مِنْ بَعْضٍ فِي الْجِرَاحِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] .
(وَلَا يُقْتَلُ) مُسْلِمٌ (حُرٌّ بِعَبْدٍ) مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ كُلُّهُ قِنًّا أَوْ بَعْضُهُ، أَوْ كَانَ فِيهِ عَقْدٌ مِنْ عُقُودِ الْحُرِّيَّةِ كَالْمُكَاتَبِ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَبْدَهُ أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ قَتْلَ غِيلَةٍ فَيُقْتَلُ بِهِ (وَيُقْتَلُ بِهِ) أَيْ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ (الْعَبْدُ) ع: يُرِيدُ إذَا شَاءَ الْأَوْلِيَاءُ؛ لِأَنَّهُمْ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلُوهُ أَوْ يَسْتَحْيُوهُ، فَإِنْ اسْتَحْيُوهُ كَانَ السَّيِّدُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إسْلَامِ الْعَبْدِ أَوْ يُعْطِي دِيَةَ الْمَقْتُولِ (وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ) حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ (بِ) قَتْلِ (كَافِرٍ وَيُقْتَلُ بِهِ) أَيْ يُقْتَلُ بِالْمُسْلِمِ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ (الْكَافِرُ وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فِي جِرَاحٍ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِوُجُودِ التَّكَافُؤِ فِي الدِّمَاءِ فَإِنْ جَرَحَ الْعَبْدُ الْحُرَّ فَالْعَبْدُ فِيمَا جَنَى، وَإِنْ جَنَى الْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي عُضْوٍ فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى فَفِيهِ عَقْلُ ذَلِكَ مَنْسُوبًا مِنْ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى فَفِيهِ مَا
ــ
[حاشية العدوي]
فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ اُقْتُصَّ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمَ حَاكِمٍ يَرَى السُّقُوطَ، وَإِذَا شَكَّ هَلْ قَتَلَ حَالَ الْجُنُونِ أَوْ حَالَ الْإِفَاقَةِ فَجَزَمَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِسُقُوطِ الْقِصَاصِ، وَأَمَّا الدِّيَةُ فَلَازِمَةٌ قِيلَ لِعَاقِلَتِهِ وَقِيلَ لَهُ: وَلَا سَبِيلَ لِإِسْقَاطِهَا
[قَوْلُهُ: وَعَمْدُ الصَّبِيِّ] الْمُرَادُ كُلُّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَلَوْ أُنْثَى.
[قَوْلُهُ: مُمَيِّزًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ] وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الثَّانِي خِلَافًا فِي بَابِ الْغَصْبِ فَرَاجِعْهُ.
[قَوْلُهُ: ثُلُثَ الدِّيَةِ] أَيْ دِيَةَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ الْجَانِي.
[قَوْلُهُ: فَدِيَةُ مَا جَنَاهُ فِي مَالِهِ] أَيْ عَلَى الْحُلُولِ
[قَوْلُهُ: وَتُقْتَلُ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ] وَالرَّجُلُ بِهَا حَيْثُ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ أَوْ كَانَ الْقَاتِلُ رَقِيقًا وَالْمَقْتُولُ حُرًّا.
[قَوْلُهُ: عِنْدَ الْجُمْهُورِ] أَيْ وَمُقَابِلُهُ لَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ [قَوْلُهُ: أَيْ لِبَعْضِ جِنْسِ مَنْ ذُكِرَ] أَيْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَيُقْتَصُّ لِلْمَرْأَةِ مِنْ الرَّجُلِ وَعَكْسُهُ
[قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ حُرٌّ بِعَبْدٍ إلَخْ] احْتَرَزَ عَنْ الْحُرِّ غَيْرِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْحُرِّ قِيمَتُهُ وَفِي جَرْحِهِ مَا نَقَصَ قِيمَتَهُ، وَيَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ وَلَوْ مُبَعَّضًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا.
[قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ] أَيْ وَهُوَ الْمُبَعَّضُ.
[قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ إلَخْ] وَأَمَّا لَوْ وَقَعَتْ مِنْ رَقِيقٍ عَلَى رَقِيقٍ فَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ، وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ قِنًّا مَحْضًا وَالْقَاتِلُ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَفِي الْخَطَإِ جِنَايَتُهُ فِي رَقَبَتِهِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ.
[قَوْلُهُ: فَالْعَبْدُ فِيمَا جَنَى] أَيْ فِي جِنَايَتِهِ.
[قَوْلُهُ: فَفِيهِ عَقْلُ ذَلِكَ إلَخْ] فَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَفِي جَائِفَتِهِ وَآمَّتِهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ، وَفِي مُنَقِّلَتِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا فِيهِ، وَمَا عَدَا تِلْكَ الْجِرَاحَاتِ مِنْ يَدٍ وَعَيْنٍ وَرِجْلٍ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ سَلِيمًا فَعِبَارَةُ الشَّارِحِ لَا تُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهَا.
تَنْبِيهٌ:
لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مُكَافِئًا لِلْمَقْتُولِ حِينَ الْقَتْلِ ثُمَّ زَالَتْ الْمُسَاوَاةُ قَبْلَ الْقِصَاصِ فَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ، فَإِذَا قَتَلَ كَافِرٌ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ أَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ أُعْتِقَ الْقَاتِلُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمُسَاوَاةُ عِنْدَ الْقَتْلِ وَقَدْ وُجِدَتْ.
نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) قِصَاصَ (بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) فِي جُرْحٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي جُرْحِ الْعَبْدِ، فَإِنْ جَنَى الْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ فَعَلَيْهِ دِيَةُ ذَلِكَ الْعُضْوِ إنْ كَانَ مِمَّا لَهُ عَقْلٌ مُسَمًّى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَقْلٌ فَفِيهِ الْحُكُومَةُ، وَإِنَّ جَنَى الْكَافِرُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِ فِيمَا كَانَ فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى وَالْحُكُومَةُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى.
(وَالسَّائِقُ) الَّذِي يَضْرِبُ الدَّابَّةَ مِنْ خَلْفِهَا (وَالْقَائِدُ) الَّذِي يَجُرُّهَا مِنْ أَمَامِهَا (وَالرَّاكِبُ) الَّذِي عَلَى ظَهْرِهَا (ضَامِنُونَ لِمَا وَطِئَتْهُ) أَيْ صَدَمَتْهُ (الدَّابَّةُ) بِرِجْلِهَا؛ لِأَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى ضَبْطِهَا وَإِمْسَاكِهَا، يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَإِنْ اجْتَمَعُوا وَأَصَابَتْ شَيْئًا فَالضَّمَانُ عَلَى السَّائِقِ وَالْقَائِدِ دُونَ الرَّاكِبِ إلَّا أَنَّ كَوْنَ فِعْلِهَا ذَلِكَ مِنْ سَبَبِهِ فَيَضْمَنُ خَاصَّةً إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ عَوْنٌ مِنْ الْقَائِدِ وَالسَّائِقِ (وَمَا كَانَ مِنْهَا) أَيْ الدَّابَّةِ مِنْ الْإِتْلَافِ (مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ) أَيْ الْقَائِدِ وَالسَّائِقِ وَالرَّاكِبِ (أَوْ وَهِيَ وَاقِفَةٌ لِغَيْرِ شَيْءٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ (فُعِلَ بِهَا) مِنْ ضَرْبٍ أَوْ نَخْسٍ وَنَحْوِهِ (فَذَلِكَ) الْفِعْلُ مِنْهَا (هَدَرٌ) لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«فِعْلُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ» الْعَجْمَاءُ بِالْمَدِّ كُلُّ حَيَوَانٍ سَوَاءٌ الْآدَمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْجُبَارُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ الْهَدَرُ الَّذِي لَا دِيَةَ فِيهِ.
(وَمَا مَاتَ فِي بِئْرٍ أَوْ مَعْدِنٍ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ فَهُوَ هَدَرٌ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا انْهَارَ الْمَعْدِنُ أَوْ الْبِئْرُ عَلَى مَنْ يَعْمَلُ فِيهِ فَهَلَكَ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ مُسْتَأْجِرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ فِيهِ لِمُكَلَّفٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ.
(وَتُنَجَّمُ) أَيْ تُقَسَّطُ (الدِّيَةُ) الْكَامِلَةُ الْمَأْخُوذَةُ فِي الْخَطَإِ
ــ
[حاشية العدوي]
[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَا قِصَاصَ إلَخْ] حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجَانِيَ إنْ سَاوَى الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ اُقْتُصَّ لَهُ مِنْهُ فِي الْجُرْحِ وَالنَّفْسِ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ فِيهِمَا لَمْ يُقْتَصَّ لَهُ لَا فِي جُرْحٍ وَلَا نَفْسٍ، وَإِنْ كَانَ أَدْنَى مِنْهُ فِيهِمَا اُقْتُصَّ لَهُ مِنْهُ فِي النَّفْسِ دُونَ الْجُرْحِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا الْحُرِّيَّةُ فَقَطْ وَالْآخَرَ الْإِسْلَامُ فَقَطْ فَمَنْ فِيهِ الْإِسْلَامُ أَعْلَى مِمَّنْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فَأَجْرُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَأَفْهَمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْكُفَّارَ يُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَالْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ
[قَوْلُهُ: لِمَا وَطِئَتْهُ] وَمِثْلُ مَا وَطِئَتْ مَا لَوْ طَارَتْ حَصَاةٌ مِنْ تَحْتِ حَافِرِهَا فَكَسَرَتْ آنِيَةً مَثَلًا فَضَمَانُهَا مِنْ قَائِدِهَا مَثَلًا، وَمَفْهُومُ وَطِئَتْ الدَّابَّةُ أَنَّ مَا أَتْلَفَهُ وَلَدُ الدَّابَّةِ الْمَسُوقَةِ أَوْ الْمَرْكُوبَةِ أَوْ الْمَقُودَةِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: يُرِيدُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ] أَيْ يُرِيدُ إذَا انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
[قَوْلُهُ: دُونَ الرَّاكِبِ] لِأَنَّهُ كَالْمَتَاعِ لَا يُقَدِّمُهَا وَلَا يُؤَخِّرُهَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ.
[قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ عَوْنٌ] أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْهُ عَوْنٌ فَعَلَى الْكُلِّ.
[قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ] أَيْ بِأَنْ أَتْلَفَتْهُ بِذَنَبِهَا أَوْ كَدَمَتْهُ بِفَمِهَا وَلَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً بِذَلِكَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ سَائِقُهَا أَوْ قَائِدُهَا أَوْ رَاكِبُهَا مِنْ مَنْعِهَا.
[قَوْلُهُ: أَوْ وَهِيَ وَاقِفَةٌ] أَيْ فِي مَحَلِّهَا الْمُعَدِّ لَهَا أَوْ الْمَأْذُونِ فِيهِ شَرْعًا كَبَابِ السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ وَلَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً بِالْعَدَاءِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ وُقُوفُهَا فِيهِ فَيَضْمَنُ.
قَالَ خَلِيلٌ: أَوْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقٍ، وَكَذَا يَضْمَنُ إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالْعَدَاءِ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهَا الْآنَ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى فِيهَا حَيْثُ اشْتَهَرَتْ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ. وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ فُعِلَ بِهَا، وَأَمَّا مَا أَتْلَفَتْ مِنْ أَجْلِ شَيْءٍ فُعِلَ بِهَا فَضَمَانُهُ عَلَى الْفَاعِلِ كَمَا لَوْ ضَرَبَهَا شَخْصٌ فَضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ بِقَرْنِهَا آخَرَ فَقَتَلَتْهُ، وَمِثْلُ تَسَبُّبِهِ لَوْ رَآهَا أَصَابَتْ شَيْئًا بِفَمِهَا فَتَمَكَّنَ مِنْ تَخْلِيصِهِ قَبْلَ إتْلَافِهِ وَلَمْ يَصْرِفْهَا لِأَنَّ حِفْظَ مَالِ الْغَيْرِ وَاجِبٌ، وَأَمَّا لَوْ ظَهَرَ تَلَفُ شَيْءٍ مِنْ الدَّابَّةِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مِمَّا يُوجِبُ الضَّمَانَ أَوْ لَا وَيَظْهَرُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسَبُّبِ
[قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ إلَخْ] احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا لَوْ كَانَا اثْنَيْنِ فَمَاتَا فَإِنَّ نِصْفَ دِيَةِ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ، وَهَكَذَا لَوْ كَثُرُوا لِتَسَبُّبِ كُلٍّ فِي قَتْلِهِ وَقَتْلِ مَنْ مَعَهُ فَمَا نَابَهُ سَاقِطٌ لِقَتْلِهِ نَفْسَهُ وَتُؤْخَذُ عَاقِلَتُهُ بِمَا تَسَبَّبَ فِي غَيْرِهِ تت.
[قَوْلُهُ: وَتُنَجَّمُ الدِّيَةُ] أَيْ وَأَمَّا قِيمَةُ الرَّقِيقِ فَهِيَ حَالَّةٌ عَلَى الْجَانِي. وَقَوْلُهُ: فِي الْخَطَإِ إلَخْ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ
عَنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) أَثْلَاثًا مُتَسَاوِيَةً؛ لِأَنَّهَا مُسَاوَاةٌ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَتُخَفَّفُ عَلَيْهِمْ، وَتُحْسَبُ السَّنَةُ مِنْ يَوْمِ التَّنْجِيمِ فَيُعْطِي الثُّلُثَ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْكَامِلَةِ تُنَجَّمُ عَلَى الشُّهُورِ فَالثُّلُثُ فِي سَنَةٍ وَنِصْفُهَا فِي سَنَتَيْنِ. ق قَوْلُهُ:(وَثُلُثُهَا فِي سَنَةٍ) لَيْسَ بِتَكْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ أَوَّلًا فِي الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ، وَتَكَلَّمَ ثَانِيًا فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ عَلَى انْفِرَادِهِ كَدِيَةِ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ. ع قَوْلُهُ:(وَنِصْفُهَا فِي سَنَتَيْنِ) عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تُنَجَّمُ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَجْعَلَ النِّصْفَ فِي سَنَةِ وَنِصْفٍ.
(وَالِدِيَّةُ) سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ (مَوْرُوثَةٌ) أَيْ تُورَثُ (عَلَى) حُكْمِ (الْفَرَائِضِ) الْمُقَدَّرَةِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَّا الْقَاتِلَ نَصِيبَهُ الْمُقَدَّرَ لَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَفِي جَنِينِ الْحُرَّةِ) الْمُسْلِمَةِ أَوْ الْكِتَابِيَّةِ مِنْ مُسْلِمٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ وَلَوْ مِنْ زِنًا وَهُوَ مَا تَكُونُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ مِنْ مُضْغَةٍ أَوْ عَلَقَةٍ فَمَا فَوْقُ أَوْ دَمٍ مُنْعَقِدٍ إذَا أَلْقَتْهُ مَيِّتًا وَهِيَ حَيَّةٌ مِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
الْعَمْدِ فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْهَا بَلْ هِيَ حَالَّةٌ عَلَيْهِ، وَفِي حُكْمِ الْخَطَأِ الْعَمْدُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ كَالْمَأْمُومَةِ الْجَائِفَةِ وَكَسْرِ الْفَخِذِ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْعَاقِلَةِ] وَالْقَاتِلُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ.
[قَوْلُهُ: فِي ثَلَاثِ سِنِينَ] وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ لَا يَوْمِ الْقَتْلِ وَلَا يَوْمِ الْخِصَامِ وَلَا يَوْمِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ] أَيْ إعَانَةٌ.
[قَوْلُهُ: تُنَجَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ لَا تُنَجَّمُ.
[قَوْلُهُ: وَنِصْفُهَا فِي سَنَتَيْنِ] سَيَأْتِي أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تُنَجَّمُ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَمَا قِيلَ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ شُذُوذٌ.
[قَوْلُهُ: وَثُلُثُهَا فِي سَنَةٍ] أَيْ فِي آخِرِ سَنَةٍ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَالثُّلُثَانِ فِي سَنَتَيْنِ.
[قَوْلُهُ: وَنِصْفُهَا إلَخْ] كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ أَوْ رِجْلَ شَخْصٍ خَطَأً.
[قَوْلُهُ: وَنِصْفُهَا فِي سَنَتَيْنِ] أَيْ أَنَّ النِّصْفَ يُنَجَّمُ فِي سَنَتَيْنِ كُلَّ سَنَةٍ رُبْعٌ، وَأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعِ ثَلَاثُ سِنِينَ كُلَّ سَنَةٍ رُبْعٌ وَهُوَ مُعْتَمَدٌ عج فَيَكُونُ مَشْهُورًا مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ.
[قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ] أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
[قَوْلُهُ: فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُجْعَلَ] أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ ثُلُثًا فِي سَنَةٍ وَسُدُسًا فِي نِصْفِ سَنَةٍ.
[قَوْلُهُ: عَنْ عَمْدٍ إلَخْ] أَيْ عَنْ قَتْلٍ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ.
[قَوْلُهُ: أَيْ تُورَثُ] فَسَّرَهُ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ لِأَنَّ الْإِرْثَ يَتَجَدَّدُ وَيَحْدُثُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ، ثُمَّ نَقُولُ: إنَّ فِي الْمَقَامِ مُنَاقَشَةً لِأَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى الْمَالِ الَّذِي كَانَ مَمْلُوكًا لِلْمُورَثِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَالدِّيَةُ إنَّمَا اسْتَحَقَّهَا الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاته بِدَلِيلِ أَنَّ دَيْنَهُ يُقْضَى مِنْهَا وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ مِنْهَا كَمَا فِي عج.
[قَوْلُهُ: عَلَى حُكْمِ الْفَرَائِضِ] جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ وَهُوَ النَّصِيبُ الْمُقَدَّرُ كَالنِّصْفِ وَنَحْوِهِ، وَحُكْمُهُ إعْطَاؤُهُ لِرَبِّهِ فَالْمَعْنَى أَنَّ الدِّيَةَ تُورَثُ إرْثًا جَارِيًا عَلَى هَذَا الْحُكْمِ أَيْ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِهِ فَيُعْطِي نِصْفَهَا لِمَنْ يُعْطَى النِّصْفُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ كَالْبِنْتِ وَهَكَذَا فَتَدَبَّرْ
[قَوْلُهُ: أَوْ الْكِتَابِيَّةِ] وَمِثْلُهَا الْمَجُوسِيَّة [قَوْلُهُ: مِنْ مُسْلِمٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ] رَاجِعٌ لِكِتَابِيَّةٍ، وَمَعْنَاهُ إنَّمَا يَجِبُ فِي جَنِينِ الْكِتَابِيَّةِ مَا ذَكَرَ إذَا كَانَ جَنِينُهَا مِنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَأَوْلَى الْحُرُّ الْمُسْلِمُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا فَكَالْحُرَّةِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي نَصْرَانِيَّةٍ يَتَزَوَّجُهَا مَجُوسِيٌّ وَبِالْعَكْسِ هَلْ لِجَنِينِهَا حُكْمُ أَبِيهِ أَوْ حُكْمُ أُمِّهِ وَصُحِّحَ الْأَوَّلُ.
[قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ زِنًا] رَاجِعٌ لِلْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ إلَّا أَنَّك إذَا اعْتَبَرْت عُشْرَ وَاجِبِ الْأُمِّ تَجِدُ الْحُكْمَ عَامًّا فِي الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَالْمُسْلِمَةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ، أَيْ عُشْرُ الْوَاجِبِ مِنْ دِيَةٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ مِنْ قِيمَةٍ إنْ كَانَتْ أَمَةً كَانَ مِنْ زَوْجٍ حُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ زِنًا هَذَا فِي غَيْرِ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا هِيَ فَكَجَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَفِيهِ عُشْرُ دِيَتِهَا كَمَا أَنَّ النَّصْرَانِيَّةَ مَثَلًا تَحْمِلُ مِنْ الزَّوْجِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَالْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ سَيِّدُ الْأَمَةِ رَقِيقًا فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أَمَةٍ وَمِثْلُ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ مَا إذَا كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا كَالْغَارَّةِ لِلْحُرِّ وَكَأَمَةِ الْجَدِّ وَمِثْلُ السَّيِّدِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ السَّيِّدُ الْحُرُّ الْكَافِرُ فَمُلَخَّصُهُ أَنْ تَقُولَ: وَالْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ كَالْحُرَّةِ مِنْ أَهْلِ دِينِ سَيِّدِهَا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا.
[قَوْلُهُ: أَوْ دَمٍ مُنْعَقِدٍ] وَهُوَ الَّذِي إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لَا يَذُوبُ، وَلَا
ضَرْبٍ وَنَحْوِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ ضَرْبِهَا نَفْسَهَا (غُرَّةٌ عَبْدٌ) بِالتَّنْوِينِ وَعَدَمِهِ (أَوْ وَلِيدَةٌ) عَلَى الْجَانِي عَلَى الْمَشْهُورِ، وَيُسْتَحَبُّ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ الْبِيضِ إلَّا أَنْ يَقِلُّوا فَمِنْ وَسَطِ السُّودَانِ (تُقَوَّمُ بِخَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ سِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ) ق: وَذَلِكَ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ أَبِيهِ أَوْ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُعْطَى فِي الْغُرَّةِ إلَّا الذَّهَبُ دُونَ الْإِبِلِ قَالَهُ ق.
وَقَالَ ع: اُخْتُلِفَ إذَا أَتَى بِالْوَلِيدَةِ أَوْ بِالْعَبْدِ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَتَى بِخَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ سِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهَا أَمْ لَا انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وُجُوبُ الْقَبُولِ (وَتُورَثُ) الْغُرَّةُ
ــ
[حاشية العدوي]
يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ اكْتَفَى بِقَوْلِهِ أَوْ دَمٍ مُنْعَقِدٍ عَمَّا قَبْلَهُ لَكَفَى لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُضْغَةَ مِنْ مَاصَدَقَاتٍ فَمَا فَوْقُ.
[قَوْلُهُ: إذَا أَلْقَتْهُ مَيِّتًا] وَأَمَّا لَوْ نَزَلَ مُسْتَهِلًّا كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً بِشُرُوطِ الْقَسَامَةِ، وَلَوْ مَاتَ عَاجِلًا سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْهَا فِي حَالِ حَيَاتِهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا فَلَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الْقَسَامَةِ وَأَرَادُوا أَنْ يَأْخُذُوا الْغُرَّةَ فَإِنَّهُمْ لَا يُجَابُونَ لِذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهَذَا فِي الْخَطَإِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ ضَرْبَ ظَهْرِهَا أَوْ بَطْنِهَا فَنَزَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ اُقْتُصَّ مِنْهُ بِقَسَامَةٍ بِخِلَافِ تَعَمُّدِ الْجَنِينِ بِضَرْبٍ كَرَأْسِهَا فَفِيهِ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ حَيَّةٌ] وَأَمَّا لَوْ انْفَصَلَ عَنْهَا غَيْرَ مُسْتَهِلٍّ بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ بَعْضُهُ فِي حَيَاتِهَا وَبَعْضُهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَإِنَّهُ يَنْدَرِجُ فِيهَا.
[قَوْلُهُ: مِنْ ضَرْبٍ وَنَحْوِهِ] أَيْ أَوْ تَخْوِيفٍ أَوْ شَمِّ شَيْءٍ بِشَرْطِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا مِنْ التَّخْوِيفِ أَوْ الشَّمِّ لَزِمَتْ الْفِرَاشَ إلَى أَنْ أَسْقَطَتْ، وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ عَلَى السَّقْطِ أَيْضًا، وَيَجِبُ عَلَى الْجِيرَانِ أَنْ يَدْفَعُوا لَهَا مِنْ ذِي الرَّائِحَةِ إنْ طَلَبَتْ مِنْهُمْ أَوْ عَلِمُوا أَنَّهَا حَامِلٌ، وَإِنْ عُدِمَ أَكْلُهَا أَوْ شُرْبُهَا مِنْ ذِي الرَّائِحَةِ يَضُرُّهَا فَإِنْ لَمْ يَدْفَعُوا لَهَا فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ، وَكَذَلِكَ رَائِحَةُ السَّرَابِ لَكِنَّ الضَّمَانَ عَلَى السَّرَابَاتِيَّةِ كَمَا فِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ.
[قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ ضَرْبِهَا نَفْسَهَا] أَيْ فَيَلْزَمُهَا الْغُرَّةُ.
[قَوْلُهُ: بِالتَّنْوِينِ إلَخْ] قَالَ تت: وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي عَلَيْهَا الْجُمْهُورُ تَنْوِينُ غُرَّةٍ دُونَ إضَافَةٍ وَعَبْدٌ بَدَلٌ مِنْهُ.
[قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ] أَيْ وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيدَةٌ] مَعْطُوفٌ عَلَى عَبْدٌ. وَقَوْلُهُ: وَلِيدَةٌ أَيْ أُنْثَى وَعَبَّرَ بِالْوَلِيدَةِ لِصِغَرِهَا.
وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ: الْوَلِيدَةُ الْأَمَةُ الصَّغِيرَةُ فَلَوْ لَمْ يُسَاوِ الْعُشْرُ إلَّا اثْنَيْنِ يُؤْخَذُ ذَلِكَ فَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ وَبِالْوَلِيدَةِ الْجِنْسُ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ أَنَّهَا عَلَى الْجَانِي عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ، وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَى أَبُو زَيْدٍ أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُهَا.
[قَوْلُهُ: فَمِنْ وَسَطِ السُّودَانِ إلَخْ] كَذَا فِي الْمَجْمُوعَةِ أَيْ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ أَوْ الْخِيَارِ وَهُوَ أَظْهَرُ.
[قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُعْطَى فِي الْغُرَّةِ إلَّا الذَّهَبُ] أَيْ أَوْ الْفِضَّةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ إلَّا ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ، وَلَا يُؤْخَذُ فِيهَا إبِلٌ وَلَا بَقَرٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَوْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يُؤْخَذُ خَمْسُ فَرَائِضَ أَيْ بِنْتُ مَخَاضٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَابْنُ لَبُونٍ، فَظَهَرَ أَنَّهُ إنَّمَا خَصَّ الْإِبِلَ بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا مِثْلَهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْمُقَابِلِ.
[قَوْلُهُ: هَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقِيمَةِ] أَيْ بِحَيْثُ تُقَوَّمُ بِخَمْسِينَ دِينَارًا قُلْت: هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ مَشَى الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: وَفِي الْجَنِينِ وَإِنْ عَلَقَةً عُشْرُ أُمِّهِ وَلَوْ أَمَةً نَقْدًا أَوْ غُرَّةً عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً تُسَاوِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّقْدِ الْعَيْنُ الْحَالَّةُ.
[قَوْلُهُ: هَلْ يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهَا أَمْ لَا] لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهَا [قَوْلُهُ: قُلْت الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وُجُوبُ الْقَبُولِ] بَلْ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ، فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ: يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ مِثْلَ عُشْرِ الْأُمِّ مِنْ الْعَيْنِ حَالًّا، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْغُرَّةَ وَهَذَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ.
وَأَمَّا جَنِينُ الْأَمَةِ فَيَتَعَيَّنُ النَّقْدُ وَتَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي حَيْثُ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَلَمْ تَبْلُغْ الْغُرَّةُ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي تَعَدُّدِ الْجَنِينِ، فَإِنَّ الْجَنِينَ إذَا تَعَدَّدَ يَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ وَهُوَ الْغُرَّةُ إنْ نَزَلَ مَيِّتًا وَالدِّيَةُ مَعَ الْقَسَامَةِ إنْ نَزَلَ مُسْتَهِلًّا، وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي مَجُوسِيٍّ ضَرَبَ بَطْنَ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا غَيْرَ مُسْتَهَلٍّ لِأَنَّ الْغُرَّةَ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ.
[قَوْلُهُ: وَتُورَثُ] وَيَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِهَا إرْثًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الضَّارِبُ أَبًا يَلْزَمُهُ الْغُرَّةُ وَلَا يَرِثُ كَأَنْ شَرِبَتْ الْأُمُّ
(عَلَى) حُكْمِ الْفَرَائِضِ الْمَذْكُورَةِ فِي (كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى) فِي مِيرَاثِ الْمَيِّتِ.
(وَلَا يَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ مِنْ مَالٍ وَلَا دِيَةٍ) وَلَا يَحْجُبُ أَحَدًا إذْ كُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ بِحَالٍ لَا يَحْجُبُ وَارِثًا (وَقَاتِلُ الْخَطَإِ يَرِثُ مِنْ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ) وَحَيْثُ يَرِثُ يَحْجُبُ وَحَيْثُ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ، وَصُورَتُهُ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةَ إخْوَةٍ وَأُمًّا وَقَتَلَ أَحَدُهُمْ الْآخَرَ فَإِنَّ الْأُمَّ تَرِثُ مِنْ الدِّيَةِ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَالِكَ إلَّا أَخًا وَاحِدًا مَعَ الْقَاتِلِ، فَالْقَاتِلُ لَا يَرِثُ مِنْ الدِّيَةِ وَتَرِثُ مِنْ الْمَالِ السُّدُسَ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ يَرِثُ مِنْ الْمَالِ فَيَحْجُبُهَا الْأَخَوَاتُ عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ.
(وَفِي جَنِينِ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا) الْحُرِّ إذَا أَلْقَتْهُ مَيِّتًا مِثْلُ (مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ) مِنْ زَوْجِهَا الْحُرِّ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، وَإِطْلَاقُهُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ أَمَةً خِلَافُ الِاصْطِلَاحِ فَإِنَّ الْأَمَةَ لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى الَّتِي لِلْخِدْمَةِ (وَإِنْ كَانَ) الْجَنِينُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ السَّيِّدِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ زَوْجٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مِنْ زِنًا (فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَتِهَا) أَيْ قِيمَةِ الْأَمَةِ إذَا أَلْقَتْهُ مَيِّتًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، ظَاهِرُ كَلَامِهِ زَادَ عَلَى الْغُرَّةِ أَوْ نَقَصَ، وَأَمَّا إذَا أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ أَنَّ فِيهِ الْقِيمَةَ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.
(وَمَنْ قَتَلَ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ (عَبْدًا) قِنًّا كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ مِنْ عَبِيدِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ كَالْمُكَاتَبِ (فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) فِي مَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ غِيلَةً أَوْ حِرَابَةً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَتُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ) مُسْلِمًا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا (فِي الْحِرَابَةِ وَالْغِيلَةِ) الْغِيلَةُ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا بِأَنَّهَا قَتْلُ إنْسَانٍ لِأَخْذِ مَالِهِ، وَالْحِرَابَةُ كُلُّ فِعْلٍ يُقْصَدُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ عَلَى وَجْهٍ تَتَعَذَّرُ الِاسْتِغَاثَةُ مَعَهُ عَادَةً مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَقَالَ ق: كُلُّ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ وَأَخَاف السَّبِيلَ فَهُوَ مُحَارِبٌ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا. وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ وَلِيَ الْقَتْلَ بَعْضُهُمْ) تَأْكِيدٌ.
(وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ فِي الْخَطَإِ وَاجِبَةٌ) وُجُوبَ الْفَرَائِضِ
ــ
[حاشية العدوي]
لِإِسْقَاطِهَا مَا فِي بَطْنِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْغُرَّةُ وَلَا تَرِثُ مِنْهَا
[قَوْلُهُ: وَلَا يَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ] أَيْ الْعُدْوَانِ احْتِرَازًا عَنْ الْعَمْدِ غَيْرِ الْعُدْوَانِ فَلَا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ. قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ فِي الْبَاغِيَةِ. وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ وَوِرْثُهُ.
[قَوْلُهُ: دُونَ الدِّيَةِ] أَيْ لِأَنَّهَا مِنْ سَبَبِهِ.
[قَوْلُهُ: وَصُورَتُهُ إلَخْ] فَرْضُ الشَّارِحِ فِي الْخَطَإِ وَيُقَاسُ عَلَيْهَا الْعَمْدُ
[قَوْلُهُ: وَفِي جَنِينِ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ] لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ الْمَدَارُ أَنْ يَكُونَ الْجَنِينُ تَخَلَّقَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَيَشْمَلُ وَلَدَ الْأَمَةِ الْغَارَّةِ وَأَمَةَ الْجَدِّ، فَإِنَّ فِي جَنِينِ مَنْ ذَكَرَ مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ أَيْ مِنْ أَهْلِ دِينِ سَيِّدِهَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا.
[قَوْلُهُ: غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ] أَيْ أَوْ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ جَنِينِ الْبَهِيمَةِ إذَا تَسَبَّبَ إنْسَانٌ فِي قَتْلِهِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ تُقَوَّمَ أُمُّهُ حَامِلًا بِهِ وَعَلَى حَالِهَا بَعْدَ انْفِصَالِهِ، وَيُنْظَرُ مَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهَا بَعْدَ نُزُولِهِ عَنْ قِيمَتِهَا حَامِلًا بِهِ فَمَا نَقَصَ يَغْرَمُهُ الْجَانِي هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُمِّ، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا لَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ نَزَلَ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَعَ غُرْمِ نَقْصِ الْأُمِّ لِأَنَّ نَحْوَ الْبَقَرَةِ يَنْقُصُ قِيمَتُهَا بَعْدَ فَقْدِ وَلَدِهَا عَنْ قِيمَتِهَا مَعَ حَيَاتِهِ
[قَوْلُهُ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ] الْأَحْرَارِ إذْ لَوْ قَتَلَهُ رَقِيقٌ فَالْقِصَاصُ.
[قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ] وَلَوْ زَادَتْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُبَعَّضًا يَغْرَمُهَا الْقَاتِلُ حَالَّةً فِي مَالِهِ قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا
[قَوْلُهُ: الْجَمَاعَةُ] أَيْ الْمُكَلَّفُونَ.
[قَوْلُهُ: فِي الْحِرَابَةِ] أَيْ بِسَبَبِ قَتْلِهِ فِي حَالِ الْحِرَابَةِ.
[قَوْلُهُ: وَالْحِرَابَةُ كُلُّ إلَخْ] هَذَا يَشْمَلُ قَطْعَ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ السُّلُوكِ أَوْ أَخْذِ الْمَالِ الْمَعْصُومِ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ وَالْقَتْلُ خُفْيَةً الَّذِي هُوَ الْغِيلَةُ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالْغِيلَةُ وَهِيَ الْقَتْلُ لِأَخْذِ الْمَالِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.
[قَوْلُهُ: مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ] أَيْ صَدَرَ الْفِعْلُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا فِي مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ.
[قَوْلُهُ: وَأَخَافَ السَّبِيلَ إلَخْ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ أَخَافَ النَّاسَ فِي الطَّرِيقِ أَوْ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِخَافَةَ حَقُّهَا أَنْ تُوقَعَ عَلَى الْمَارِّ فِي الطَّرِيقِ فَأَوْقَعَهَا عَلَى نَفْسِ الطَّرِيقِ عَلَى طَرِيقِ التَّجَوُّزِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَشْمَلُ قَتْلَ الْغِيلَةِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ وَلِيَ الْقَتْلَ بَعْضُهُمْ] أَيْ هَذَا إذَا وَلِيَهُ كُلُّهُمْ بَلْ وَإِنْ وَلِيَهُ بَعْضُهُمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ تَمَالُؤٌ قَبْلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْحِرَابَةِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ إلَّا إذَا تَمَالَئُوا عَلَى قَتْلِهِ ابْتِدَاءً، أَوْ بَاشَرَ جَمِيعُهُمْ الْقَتْلَ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحِرَابَةَ أَشَدُّ يُقْتَلُ فِيهَا بِالنَّصْرَانِيِّ أَوْ الْعَبْدِ وَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ فِيهَا عَنْ