الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَتْلِ بِهَا شُرُوطٌ مِنْهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إذَا وَجَبَتْ) أَيْ الْقَسَامَةُ بِأَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ عَاقِلًا بَالِغًا مُكَافِئًا لِلْمَقْتُولِ فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ غَيْرَ أَبٍ، وَاتِّفَاقِ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى الْقَتْلِ، وَأَنْ تَكُونَ وُلَاةُ الدَّمِ فِي الْعَمْدِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَأَنْ تَكُونَ الْأَوْلِيَاءُ رِجَالًا عُقَلَاءَ بَالِغِينَ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ لَوْثٌ يُقَوِّي دَعْوَاهُمْ وَهُوَ الشَّاهِدُ الْعَدْلُ عَلَى رُؤْيَةِ الْقَتْلِ أَوْ الْعَدْلُ يَرَى الْمَقْتُولَ يَتَخَبَّطُ فِي دَمِهِ وَالْمُتَّهَمُ بِحِذَائِهِ أَوْ قُرْبِهِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْقَتْلِ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ، أَوْ يَقُولُ الْمَقْتُولُ
ــ
[حاشية العدوي]
شَهَادَةُ الْآخَرِ لِاجْتِمَاعِ الْقَاتِلِ وَالْأَوْلِيَاءِ عَلَى تَكْذِيبِهَا.
[قَوْلُهُ: أَيْ إقْرَارٌ] مِنْ الْجَانِي الْمُكَلَّفِ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَالِ اخْتِيَارِهِ لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَإِقْرَارِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ عج: الْبَيِّنَةُ تَجْرِي فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ بِلَا قَيْدٍ وَالِاعْتِرَافُ مِنْ الْبَالِغِ الْحُرِّ وَكَذَا الْعَبْدِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ [قَوْلُهُ: الْأَيْمَانِ إلَخْ] أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا الْأَيْمَانُ وَإِلَّا فَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ أَقْسَمَ مَعْنَاهُ حَلَفَ حَلِفًا.
[أَحْكَام الْقَسَامَة]
[قَوْلُهُ: مِنْهَا مَا أَشَارَ إلَخْ] تَعْبِيرُهُ بِمِنْ يُفِيدُ أَنَّ بَقِيَّةَ الشُّرُوطِ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ لِكُلِّ الشُّرُوطِ وَهِيَ مَا أَفَادَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُسْقِطَ مِنْهَا، وَيَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ مِنْهَا وَهِيَ إلَخْ.
وَقَوْلُهُ: وَاتِّفَاقُ الْأَوْلِيَاءِ الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ أَنْ يَقُولَ: وَأَنْ تَتَّفِقَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى الْقَتْلِ وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ إلَخْ. [قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ إلَخْ] احْتِرَازًا عَنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا لِأَنَّ عَمْدَهُمَا وَخَطَأَهُمَا سَوَاءٌ فَلَا اخْتِصَاصَ لِلْقَسَامَةِ بِذَلِكَ إذْ شَرْطُ الْقِصَاصِ مُطْلَقًا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ نَعَمْ دِيَةُ مَنْ جَنَيَا عَلَيْهِ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا وَهُمَا كَوَاحِدٍ مِنْهَا، وَكَذَا قَوْلُهُ: مُكَافِئًا إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُكَافِئًا لَهُ كَأَنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا فَلَا يُقْتَلُ بِهِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَ حُرٌّ عَبْدًا وَكَذَا قَوْلُهُ: غَيْرُ أَبٍ شَرْطٌ فِي مُطْلَقِ الْقِصَاصِ أَيْ إذَا قَصَدَ الْأَبُ ضَرْبَ وَلَدِهِ فَمَاتَ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ، وَأَمَّا إذَا قَصَدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ فَيُقْتَلُ بِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَاتِّفَاقُ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى الْقَتْلِ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْقَسَامَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلدَّمِ إذَا كَانُوا رِجَالًا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَعْمَامٍ أَوْ إخْوَةٍ مَثَلًا فَعَفَا أَحَدُهُمْ فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ لِأَنَّ عَفْوَهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْجَمِيعِ، وَأَحْرَى لَوْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ كَمَا لَوْ عَفَا الِابْنُ مَعَ وُجُودِ الْعَمِّ لَا إنْ عَفَا الْعَمُّ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ.
[قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ وُلَاةُ الدَّمِ فِي الْعَمْدِ إلَخْ] أَيْ فَلَا يُقْتَلُ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ.
[قَوْلُهُ: فَصَاعِدًا] فَلَا حَدَّ لِلْأَكْثَرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقَلَّ مَحْدُودٌ وَأَمَّا الْأَكْثَرُ فَلَا، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: وَأَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ الْوَلِيِّ، وَأَنَّ الَّذِي يُشْتَرَطُ هُوَ تَعَدُّدُ الْحَالِفِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ إلَّا عَاصِبٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ فِي الْحَلِفِ مَعَهُ، وَيَسْتَحِقُّ الدَّمَ كَمَا إذَا قُتِلَتْ أُمُّهُ فَاسْتَعَانَ بِعَمِّهِ.
[قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ الْأَوْلِيَاءُ رِجَالًا] وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَحْلِفْنَ فِي الْعَمْدِ لِعَدَمِ شَهَادَتِهِنَّ فِيهِ، وَإِنْ انْفَرَدْنَ صَارَ الْمَقْتُولُ بِمَثَابَةِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ فَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِلَّا حُبِسَ. وَقَوْلُنَا: فِي الْعَمْدِ احْتِرَازٌ مِنْ الْخَطَأِ فَيَحْلِفُهَا مَنْ يَرِثُ وَلَوْ وَاحِدًا أَوْ امْرَأَةً وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْخَطَأِ إلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ الْأَيْمَانَ كُلَّهَا وَتَأْخُذُ حَظَّهَا مِنْ الدِّيَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. وَقَوْلُهُ: عُقَلَاءَ بَالِغِينَ تَكَلَّمَ عج عَلَى مُحْتَرَزِ بَالِغِينَ فَقَالَ: وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُنْظَرُ لِبُلُوغِهِ وَهَلْ يُطْلَبُ مِنْ الْعَاقِلَةِ حِينَئِذٍ الْحَلِفُ لِاحْتِمَالِ نُكُولِهَا فَتَغْرَمُ أَوْ لَا، وَجَعَلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُسْتَفَادَ مِنْ كَلَامٍ ذَكَرَهُ عِنْدَ قَوْلِ خَلِيلٍ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ، وَسَكَتَ عَنْ مُحْتَرَزِ عُقَلَاءَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ إنْ كَانَتْ تُرْجَى وَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الصَّبِيِّ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُرْجَ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي النِّسَاءِ.
[قَوْلُهُ: لَوْثٌ إلَخْ] اللَّوْثُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ قَرِينَةٌ تُقَوِّي جَانِبَ الْمُدَّعِي وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ اللَّوْثِ وَهُوَ الْقُوَّةُ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَهُوَ الشَّاهِدُ أَيْ وَهُوَ رُؤْيَةُ الشَّاهِدِ. وَقَوْلُهُ: عَلَى رُؤْيَةِ مُتَعَلِّقُ الشَّاهِدِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ رُؤْيَةٍ.
[قَوْلُهُ: يَتَخَبَّطُ فِي دَمِهِ] أَيْ يَضْطَرِبُ فِي دَمِهِ، وَقَوْلُهُ: بِحِذَائِهِ أَيْ مُقَابِلِهِ هَذَا مَدْلُولُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بِلَصْقِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَوْ قُرْبِهِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْقَتْلِ] أَيْ
فِي الْعَمْدِ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ.
وَكَيْفِيَّةُ الْقَسَامَةِ أَنَّهُ (يُقْسِمُ) أَيْ يَحْلِفُ (الْوُلَاةُ) وَيُشْتَرَطُ فِيهِمْ أَنْ يَكُونُوا عَصَبَةً لِلْمَقْتُولِ وَرِثُوهُ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانُوا خَمْسِينَ حَلَفُوا (خَمْسِينَ يَمِينًا) كُلُّ وَاحِدٍ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً مُتَوَالِيَةً بَتًّا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ أَوْ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ (وَ) بَعْدَ حَلِفِهِمْ (يَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ) لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» ". (وَلَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ) عَصَبَةٍ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ إلَّا الذُّكُورُ (وَ) إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ جَمَاعَةً فَ (لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ أَكْثَرُ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ) يُقْسِمُونَ عَلَيْهِ،
ــ
[حاشية العدوي]
كَتَلَطُّخِهِ بِدَمِهِ وَالْمُدْيَةُ بِيَدِهِ كَمَا أَفَادَهُ تت.
[قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ] أَيْ الْأَخِيرِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ الْعَدْلُ يَرَى الْمَقْتُولَ، أَيْ وَالْمَشْهُورُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْثٌ. وَقَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ الْمَقْتُولُ فِي الْعَمْدِ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَلِكَ عَلَى الْخَطَأِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَالشَّاهِدِ أَيْ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ اخْتِصَاصَ اللَّوْثِ بِمَا ذَكَرَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: الْوُلَاةُ] جَمْعُ وَلِيٍّ.
[وَقَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِيهِمْ أَنْ يَكُونُوا عَصَبَةً] أَيْ مِنْ النَّسَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ فَإِنَّ مَوَالِيَهُ الَّذِينَ أَعْتَقُوهُ يُقْسِمُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ، وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ عَصَبَةٌ لَا مِنْ النَّسَبِ وَلَا مِنْ الْمَوَالِي بَلْ وِرْثَهُ نِسَاءٌ فَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَاصِبٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَجِدْ مِنْ يَسْتَعِينُ بِهِ أَوْ وَجَدَهُ وَنَكَلَ الْمُعِينُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تُرَدُّ عَلَى الْجَانِي.
[قَوْلُهُ: وَرِثُوهُ أَمْ لَا] بِأَنْ كَانَ مَنْ يَحْجُبُهُمْ فَإِذَا تَرَكَ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ مَثَلًا وَأَرَادَ الْأَخَوَانِ أَنْ يَسْتَعِينَا بِالْعَمَّيْنِ فَلَهُمَا ذَلِكَ [قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانُوا خَمْسِينَ إلَخْ] فَإِنْ نَقَصَ عَدَدُ الْأَوْلِيَاءِ بِأَنْ كَانُوا اثْنَيْنِ مَثَلًا أَوْ طَاعَ اثْنَانِ مِنْ الْخَمْسِينَ فَإِنَّهُمَا يَحْلِفَانِهَا مُتَوَالِيَةً فِي الْعَمْدِ بِأَنْ يَحْلِفَ هَذَا يَمِينًا وَهَذَا يَمِينًا حَتَّى تَتِمَّ الْأَيْمَانُ، وَفِي الْخَطَإِ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ وَبَعْدَ فَرَاغِهِ يَحْلِفُ الْآخَرُ حِصَّتَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْعَمْدِ يَبْطُلُ الدَّمُ بِنُكُولِ وَاحِدٍ فَشَدَّدَ بِخِلَافِ الْخَطَأِ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْحَالِفِ بِنُكُولِ النَّاكِلِ.
[قَوْلُهُ: مُتَوَالِيَةً] الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ يَمِينًا.
[قَوْلُهُ: بِاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ] كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا يَزِيدُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ قَالَ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ فَقَطْ لَا يُقْبَلُ حَتَّى يَقُولَ: الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَفِي شُرَّاحِ خَلِيلٍ الْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ بِاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ: اللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ فِي اللِّعَانِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي أَوْ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، وَفِي الْقَسَامَةِ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ فَقَطْ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.
[قَوْلُهُ: أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ] هَذَا فِيمَا إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى الْقَتْلِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ] فِيمَا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى الضَّرْبِ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالضَّرْبِ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ أَوْ يَأْتِيَ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ كَأَنْ يَقُولَ: لَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ أَوْ إنَّمَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ.
[قَوْلُهُ: أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ إلَخْ] أَيْ لِخَبَرِ الْمُوَطَّأِ وَمُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُد «عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقُوا فَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلًا» الْحَدِيثَ. وَفِيهِ. «فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ: أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: أَفَتَحْلِفُ لَكُمْ الْيَهُودُ قَالُوا: لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ، فَوَدَاهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِهِ» اهـ. أَيْ مِنْ إبِلِهِ.
[قَوْلُهُ: أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةٍ] لِأَنَّ أَيْمَانَ الْأَوْلِيَاءِ أُقِيمَتْ مَعَ اللَّوْثِ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ، وَكَمَا لَمْ يَكْتَفِ فِي الْبَيِّنَةِ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ فَكَذَلِكَ هُنَا لَا يَكْفِي فِي الْأَيْمَانِ وَاحِدٌ.
[قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ جَمَاعَةً إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا جَاءَتْ جَمَاعَةٌ لِإِنْسَانِ فَقَتَلُوهُ مُجْتَمِعِينَ عَمْدًا عُدْوَانًا وَمَاتَ مَكَانَهُ أَوْ رُفِعَ مَغْمُورًا أَوْ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ جِنَايَاتُ كُلِّ وَاحِدٍ أَوْ تَمَيَّزَتْ وَاسْتَوَتْ كَأَنْ اخْتَلَفَتْ وَكَانَ فِي بَعْضِهَا فَقَطْ مَا نَشَأَ عَنْهُ الْمَوْتُ وَلَمْ يُعْلَمْ فَإِنَّهُمْ كُلَّهُمْ يُقْتَلُونَ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ، أَيْ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ لَا إنْ احْتَاجَ لِقَسَامَةٍ فَلَا يُقْتَلُ إلَّا وَاحِدٌ تَعَيَّنَ لَهَا كَمَا إذَا تَأَخَّرَ مَوْتُهُ غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ وَغَيْرَ مَغْمُورٍ قُتِلَ وَاحِدٌ فَقَطْ بِقَسَامَةٍ وَهُوَ الَّذِي كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ مَا احْتَاجَ لِقَسَامَةٍ فَتَدَبَّرْ. وَكَذَا لَوْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتُ كُلٍّ وَلَمْ يَحْصُلْ تَمَالُؤٌ بَلْ قَصَدَ كُلُّ وَاحِدٍ الضَّرْبَ
وَقِيلَ: يُقْسِمُونَ عَلَى الْجَمِيعِ ثُمَّ يَخْتَارُونَ وَاحِدًا مِنْهُمْ يَقْتُلُونَهُ، وَنَسَبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَسَبَ ك الْأَوَّلَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَلْ بِالْقَسَامَةِ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَقَتَلَهُ الْكُلُّ أَوْ الْبَعْضُ وَالْمُحِقُّ مِنْهُمْ وَاحِدٌ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَيُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ بَقِيَ مِائَةً وَيُسْجَنُونَ سَنَةً.
وَلَمَّا كَانَ مِنْ شُرُوطِ الْقَسَامَةِ اللَّوْثُ وَهُوَ أَمْرٌ يَنْشَأُ عَنْهُ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي. نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِذِكْرِ صُوَرٍ ثَلَاثٍ آتِيًا بِأَدَاةِ الْحَصْرِ فَقَالَ: (وَإِنَّمَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ بِقَوْلِ الْمَيِّتِ) فِي مَرَضِهِ (دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ) لَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَوْثٌ فِي الْعَمْدِ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ وَالْقَوَدَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ قَبُولُ قَوْلِهِ مُطْلَقًا كَانَ بِهِ جُرْحٌ أَوْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: " لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ مَعَ الْقَوْلِ جُرْحٌ وَنَحْوُهُ وَبِهِ الْعَمَلُ وَشَهَرَهُ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ بِشَهَادَةِ) وَاحِدٍ (عَلَى) مُعَايَنَةِ (الْقَتْلِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ غَيْرَ الْعَدْلِ لَا يَكُونُ لَوْثًا؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ سَاقِطَةٌ شَرْعًا، فَإِذَا شَهِدَ الْعَدْلُ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ يُقْسِمُ الْوُلَاةُ مَعَ شَهَادَتِهِ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوَثٌ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمَوْتُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْمَوْتِ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْجُرْحِ ثُمَّ يَعِيشُ بَعْدَ ذَلِكَ) لَيْسَ الْجُرْحُ شَرْطًا بَلْ
ــ
[حاشية العدوي]
وَجَرَحَهُ كُلٌّ وَمَاتَ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيُّهَا مَاتَ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الْأَقْوَى فِعْلًا عَلَى غَيْرِهِ، وَيَتَعَيَّنُ وَحْدَهُ لِلْقَتْلِ بِقَسَامَةٍ وَيُقْتَصُّ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ جَرَحَهُ، وَيُعَاقَبُ مَنْ لَمْ يَجْرَحْ وَأَمَّا الْمُتَمَالَئُونَ عَلَى الْقَتْلِ أَوْ الضَّرْبِ بِأَنْ قَصَدُوا جَمِيعًا وَحَضَرُوا قَتْلَهُ بِحَيْثُ يَكُونُ الَّذِي لَمْ يَضْرِبْ لَوْ اُحْتِيجَ لَهُ لَضَرَبَ وَمَاتَ فَوْرًا فَيُقْتَصُّ مِنْهُمْ عِنْدَ الْمُكَافَأَةِ.
[قَوْلُهُ: يُقْسِمُونَ عَلَيْهِ] أَيْ فَيَقُولُونَ لَمِنْ جَرْحِهِ أَوْ ضَرْبِهِ مَاتَ وَلَا يَقُولُونَ لَمِنْ جَرْحِهِمْ أَوْ ضَرْبِهِمْ، وَانْظُرْ إذَا قَالُوا ذَلِكَ هَلْ تُعَادُ الْأَيْمَانُ أَوْ لَا؟ وَإِذَا عَيَّنُوا وَاحِدًا وَأَقْسَمُوا عَلَيْهِ وَاعْتَرَفَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ الْقَاتِلُ بِمُفْرَدِهِ فَإِنَّ الْأَوْلِيَاءَ يَقْتُلُونَ وَاحِدًا مِنْهُمَا قَالَهُ عج.
[قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُقْسِمُونَ عَلَى الْجَمِيعِ] بِأَنْ يَقُولُوا لِمَنْ ضَرَبَهُمْ مَاتَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
[قَوْلُهُ: وَيُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ بَقِيَ مِائَةً وَيُسْجَنُونَ سَنَةً] جَارٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ
[قَوْلُهُ: بِقَوْلِ الْمَيِّتِ إلَخْ] أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا حُرًّا مُسْلِمًا عَاقِلًا وَقَوْلُهُ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ سَوَاءٌ كَانَ فُلَانٌ حُرًّا أَوْ عَبْدًا بَالِغًا أَوْ لَا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَدْلًا أَوْ لَا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا عَدُوًّا أَوْ لَا. وَلَدًا ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ شَقَّ جَوْفَهُ أَوْ ذَبَحَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: الْعَدَاوَةُ هُنَا تُؤَكِّدُ صِدْقَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْقَتْلِ بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى قَالَهُ عج.
[قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْثٌ فِي الْعَمْدِ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ وَالْقَوَدَ إلَخْ] أَيْ وَأَمَّا الْخَطَأُ فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالْمَشْهُورُ أَيْضًا أَنَّ الْوُلَاةَ يُقْسِمُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ طَرْدًا لِلْقَاعِدَةِ، وَقِيلَ: لَا قَسَامَةَ مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا دَعْوَى فِي مَالٍ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ.
تَنْبِيهٌ:
شَرْطُ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ أَيْضًا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى قَوْلِهِ عَدْلَانِ وَأَنْ يَتَمَادَى عَلَى إقْرَارِهِ حَتَّى يَمُوتَ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ إذَا بَيَّنَ قَتْلَهُ بِأَنَّهُ عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: قَتَلَنِي فُلَانٌ وَأَطْلَقَ فَلَمْ يَقُلْ لَا عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَإِنَّ أَوْلِيَاءَهُ يُبَيِّنُونَ ذَلِكَ وَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفُوا عَلَى الْعَمْدِ قُتِلُوا وَإِنْ حَلَفُوا عَلَى الْخَطَأِ أَخَذُوا الدِّيَةَ اُنْظُرْ شُرَّاحَ الْمُخْتَصَرِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ] سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَالْمَرْأَتَانِ كَالرَّجُلِ فِي هَذَا وَفِي سَائِرِ مَا قُلْنَا أَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ فِيهِ لَوْثٌ.
[قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْمَوْتِ] أَيْ لِأَنَّهُ قَبْلَ الثُّبُوتِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَيًّا وَلَا قَسَامَةَ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَتَمْكِينُ الْأَوْلِيَاءِ حِينَئِذٍ مِنْ الْقَسَامَةِ يَسْتَلْزِمُ قَتْلَ الْجَانِي وَيَسْتَلْزِمُ تَزْوِيجَ امْرَأَةِ الْمَقْتُولِ وَقَسْمَ مَالِهِ حِينَئِذٍ وَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ ثُبُوتَ الْمَوْتِ خَاصٌّ بِهَذَا اللَّوْثِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْمَوْتِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْقَسَامَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ رُؤْيَةُ الْعَدْلِ الْمَقْتُولَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ وَالشَّخْصَ الْمُتَّهَمَ بِقُرْبِهِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْقَتْلِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْجَرْحِ] أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجَرْحِ بِالْفَتْحِ لِأَنَّ الْمُرَادَ
وَالضَّرْبُ مِثْلُهُ سَوَاءٌ شَهِدَا بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ أَوْ الْخَطَأِ، فَيُقْسِمُ الْوُلَاةُ أَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ مَاتَ، أَمَّا إنْ مَاتَ بِفَوْرِهِ أَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ بِلَا قَسَامَةٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ:(وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ) لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الْمَقْصُودُ تَأْخِيرُ الْمَوْتِ بَعْدَ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ يَوْمًا فَصَاعِدًا، وَلَوْ أَكَلَ وَشَرِبَ.
(وَإِذَا نَكَلَ) بِفَتْحِ الْكَافِ بِمَعْنَى رَجَعَ (مُدَّعُو الدَّمِ) كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ عَنْ الْيَمِينِ فِي الْعَمْدِ وَكَانَتْ الْقَسَامَةُ وَجَبَتْ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ أَوْ بِشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ (حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ يَمِينًا) وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ مَعَهُمْ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْلِفُ مِنْ وُلَاتِهِ مَعَهُ غَيْرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ حَلَفَ الْخَمْسِينَ) يَمِينًا وَبَرِئَ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا سُجِنَ بِسَبَبِ أَمْرٍ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ السِّجْنِ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ، وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِالْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا نَكَلُوا فِي الْخَطَأِ قِيلَ تَبْطُلُ
ــ
[حاشية العدوي]
الْفِعْلُ بَلْ وَالضَّرْبُ أَيْ أَوْ شَهِدَا عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ، وَكَذَلِكَ يُعَدُّ لَوْثًا شَهَادَةُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجَرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ عَمْدًا لَا خَطَأً، فَلَا يَكْفِي شَهَادَةُ الْوَاحِدِ فِيهِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْخَطَأِ جَارٍ مُجْرَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالدِّيَةِ، وَالشَّاهِدُ عَلَى إقْرَارِهِ نَاقِلٌ وَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ النَّاقِلِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْقُلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ وَلَا بُدَّ مَعَ شَهَادَةِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَرْحِ أَوْ الضَّرْبِ مِنْ يَمِينٍ مُكَمِّلَةٍ لِلنِّصَابِ وَفِي صِفَتِهَا خِلَافٌ، فَقِيلَ: يَحْلِفُهَا قَبْلَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، وَقِيلَ: يَحْلِفُهَا مَعَ كُلِّ يَمِينٍ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ بِأَنْ يَقُولَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْجَرْحِ مَعَ كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ لَقَدْ جَرَحَهُ وَلَقَدْ مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ، فَإِنْ قُلْت. قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ إقْرَارَهُ بِكَوْنِهِ قَتَلَهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِأَنَّهُ جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ عَمْدًا يَكْفِي فِيهِ شَهَادَةُ وَاحِدٍ فَمَا الْفَرْقُ؟ قُلْنَا: إنَّ الْقَتْلَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَالْجُرْحُ يَثِبُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَسَامَةَ تَجِبُ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ.
[قَوْلُهُ: أَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ] تَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ يُفِيدُ الْحَصْرَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَأْتُوا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولُوا: إنَّمَا مَاتَ مِنْ جَرْحِهِ أَوْ ضَرْبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
[قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ مَاتَ بِفَوْرِهِ أَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ إلَخْ] وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ وَلَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ الْمَوْتُ لِضَعْفِ أَمْرِ الْإِقْرَارِ بِخِلَافِ الْمُعَايَنَةِ.
[قَوْلُهُ: يَوْمًا فَصَاعِدًا] هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلُهُ مَاتَ بِفَوْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْظُرُ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْيَوْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَحَرِّرْ.
[قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكَلَ وَشَرِبَ] الصَّوَابُ وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ.
[قَوْلُهُ: وَإِذَا نَكَلَ] بِفَتْحِ الْكَافِ فِي الْمَاضِي وَضَمِّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُمْ] أَيْ وَكَانُوا مُسَاوِينَ لِمَنْ لَمْ يَنْكُلْ، وَأَوْلَى لَوْ كَانُوا أَعْلَى مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ كَمَا لَوْ نَكَلَ الِابْنُ مَعَ وُجُودِ الْعَمِّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ النَّاكِلُ أَبْعَدَ كَالْعَمِّ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ فَلَا عِبْرَةَ بِنُكُولِهِ.
[قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الْقَسَامَةُ وَجَبَتْ إلَخْ] هَذَا الْقَيْدُ مُضِرٌّ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ بِمَا ذَكَرَ أَوْ بِغَيْرِهِ.
[قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ إلَخْ] مُلَخَّصُهُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاحِدٌ فَقَطْ، فَجَعْلُ عَصَبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي يَسْتَعِينُ بِهِمْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ تَغْلِيبٌ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ مَعَهُمْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ مَا يَشْمَلُ عَصَبَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: غَيْرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْلِفُ. وَقَوْلُهُ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ، وَقَوْلُهُ: وَحْدَهُ حَالٌ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ فَاعِلِ حَلَفَ بَعْدَهُ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ. وَذَكَرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ مَا يُفِيدُ ضَعْفَ كَلَامِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ وَاعْتِمَادَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَلَوْ أَرَادَ النَّاكِلُ مِنْ الْمُدَّعِينَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْحَلِفِ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ أَبَدًا] هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَاقْتَصَرَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ عَلَى قَوْلِهِ، وَمَنْ نَكَلَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ الْقَتْلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ أَزْيَدَ مِنْ سَنَةٍ ضُرِبَ مِائَةً
الْقَسَامَةُ، وَقِيلَ تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَيَحْلِفُونَ كُلُّهُمْ، وَالْقَاتِلُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ فَمَنْ حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَمَنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ
ع: قَوْلُهُ: حَلَفَ إلَخْ هَذَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ وَاحِدٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (وَلَوْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى جَمَاعَةٍ) ق: يُرِيدُ وَقَدْ نَكَلَ مُدَّعُو الدَّمِ (حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ (خَمْسِينَ يَمِينًا) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا، وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا حَلَفَ مِنْهُمْ خَمْسُونَ عَلَى الصَّحِيحِ.
(وَيَحْلِفُ مِنْ الْوُلَاةِ فِي طَلَبِ الدَّمِ خَمْسُونَ رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا) ق: هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ اثْنَانِ مَعَ وُجُودِ أَكْثَرَ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ اثْنَانِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْقُطُ عَنْ الْبَاقِينَ. ج: وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ فَإِنَّهُ يَجْتَزِئُ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ (وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ) مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا (قُسِمَتْ عَلَيْهِمْ الْأَيْمَانُ) فَالِاثْنَانِ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا (وَلَا تَحْلِفُ امْرَأَةٌ فِي الْعَمْدِ) كَانَ مَعَهَا ذَكَرٌ
ــ
[حاشية العدوي]
وَأُطْلِقَ.
[قَوْلُهُ: قِيلَ تَبْطُلُ الْقَسَامَةُ] ضَعِيفٌ.
[قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُونَ كُلُّهُمْ] فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَوْ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافِ رَجُلٍ وَالْقَاتِلُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ.
[قَوْلُهُ: وَمَنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ] وَيَكُونُ لِمَنْ نَكَلَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ أَوْ حَلَفَ بَعْضَ الْأَيْمَانِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّاكِلِ، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي شَيْءٍ مِمَّا رُدَّ بِنُكُولِ الْعَاقِلَةِ، هَذَا إذَا كَانَتْ عَاقِلَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ حَلَفَ الْجَانِي خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَبْرَأُ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الدِّيَةَ كُلَّهَا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ وَلَا بَيْتُ مَالٍ أَوْ كَانَ وَلَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ جَمِيعَ الدِّيَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَيْتُ مَالٍ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ حِصَّتَهُ الَّتِي تَخُصُّهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ عَاقِلَةٌ.
[قَوْلُهُ: هَذَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى وَاحِدٍ]
الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: هَذَا إذَا ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ كَانَ الْمُدَّعِي رَجُلًا أَوْ أَكْثَرَ، بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِذَا نَكَلَ مُدَّعُو الدَّمِ فَإِنَّهُ فَرْضُهُ فِي الْجَمَاعَةِ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَاحِدًا وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعِينُهُ، أَوْ نَكَلَ الْمُعِينُ فَإِنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ.
[قَوْلُهُ: يُرِيدُ وَقَدْ نَكَلَ مُدَّعُو الدَّمِ] أَيْ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ وَهُوَ مُشَارِكٌ لِغَيْرِ النَّاكِلِ فِي الدَّرَجَةِ.
وَقَالَ عج: ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ لَوْثٌ وَنَكَلَ مُدَّعُو الدَّمِ أَوْ بَعْضُهُمْ، وَيَشْمَلُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ دَعْوَى مِنْ الْوَلِيِّ اهـ.
[قَوْلُهُ: حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ يَمِينًا إلَخْ] وَمَنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ أَزْيَدَ مِنْ سَنَةٍ ضُرِبَ مِائَةً وَأُطْلِقَ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَالَ فِي الْجَلَّابِ: إذَا نَكَلَ الْمُدَّعُونَ لِلدَّمِ عَنْ الْقَسَامَةِ وَرُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَنَكَلُوا حُبِسُوا حَتَّى يَحْلِفُوا، فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُمْ تُرِكُوا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ اهـ.
أَيْ فَالطُّولُ هُوَ حَبْسُ السَّنَةِ وَهَذَا فِيمَا فِيهِ الْقَسَامَةُ، وَأَمَّا مَا لَا قَسَامَةَ فِيهِ كَالْعَبْدِ يَدَّعِي عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَا ضَرْبَ وَلَا سِجْنَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ نَكَلَ ضُرِبَ وَسُجِنَ وَغَرِمَ الْقِيمَةَ بَعْدَ يَمِينِ السَّيِّدِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ وَلَمْ يَثْبُتْ لَوْثٌ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لِلْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ.
[قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ إلَخْ] أَشَارَ لِهَذَا الْخِلَافِ الْفَاكِهَانِيُّ بِقَوْلِهِ: وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ هَلْ يَحْلِفُونَ كُلُّهُمْ أَوْ إنَّمَا يَحْلِفُ مِنْهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ. لَكِنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُ مَا قَالَهُ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ وَلَوْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ.
[قَوْلُهُ: يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ اثْنَانِ] أَيْ حَيْثُ أَطَاعَا بِالْخَمْسِينَ يَمِينًا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْبَاقِي امْتِنَاعٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ] أَتَى بِهَذَا كَأَنَّهُ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ خَمْسُونَ رَجُلًا وَفِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ الْوُلَاةِ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ، وَهَذَا عَلَى تَسْلِيمِ مَا لِلْمُصَنِّفِ لَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ عَدَدُ الْأَوْلِيَاءِ عَدَدَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ أَوْ كَانُوا أَكْثَرَ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ، وَلَا يَكْفِي حَلِفُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكْفِي حَلِفُ اثْنَيْنِ أَطَاعَا مِنْ أَكْثَرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ أَيْ يَجُوزُ لَا أَنَّهُ يَجِبُ.
[قَوْلُهُ: كَانَ مَعَهَا ذَكَرٌ أَمْ لَا] فَإِنْ انْفَرَدَتْ النِّسْوَةُ يَصِيرُ الْمَقْتُولُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَتُرَدُّ
أَمْ لَا؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الدَّمِ فِي الْقَسَامَةِ شَرْطُهُ الذُّكُورِيَّةُ.
(وَتَحْلِفُ الْوَرَثَةُ فِي الْخَطَإِ بِقَدْرِ مَا يَرِثُونَ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) فَالِاثْنَانِ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا، وَالثَّلَاثَةُ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةَ عَشَرَ يَمِينًا وَثُلُثَانِ، وَيَجْبُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْكَسْرَ الَّذِي صَارَ إلَى حِصَّتِهِ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا (وَإِنْ انْكَسَرَتْ يَمِينٌ عَلَيْهِمْ حَلَفَهَا أَكْثَرُهُمْ نَصِيبًا مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْيَمِينِ الْمُنْكَسِرَةِ، فَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَبِنْتًا فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلذَّكَرِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَلِلْبِنْتِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَا الْيَمِينِ الْمُنْكَسِرَةِ، فَقَدْ حَصَلَ لِلْبِنْتِ مِنْ الْيَمِينِ الْمُنْكَسِرَةِ أَكْثَرُ مِنْ الِابْنِ فَتَحْلِفُ الْبِنْتُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى تَوَزُّعِ الْأَيْمَانِ فِي الْخَطَإِ مَسْأَلَةٌ (وَ) هِيَ (إذَا حَضَرَ بَعْضُ وَرَثَةِ دِيَةِ الْخَطَإِ) وَغَابَ الْبَعْضُ (لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِمَنْ حَضَرَ (بُدٌّ) أَيْ حَتْمٌ لَازِمٌ (أَنْ يَحْلِفَ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ) الْخَمْسِينَ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ مِنْ الدِّيَةِ شَيْئًا (ثُمَّ يَحْلِفُ مَنْ يَأْتِي) أَيْ يَجِيءُ مِمَّنْ كَانَ غَائِبًا (بَعْدَهُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ) وَلَا يُجْتَزَى بِيَمِينِ مَنْ حَضَرَ قَبْلَهُ. ك: لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ أَخْذِ هَذَا الْمَالِ حُصُولُ الْأَيْمَانِ، فَإِنْ حَلَفَ الْحَاضِرُ اسْتَحَقَّ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَالْآتِي بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْوَرَثَةِ يَحْلِفُ مَا يَنْوِيهِ مِنْ الْأَيْمَانِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ لِتَقَدُّمِ أَيْمَانِ الْحَاضِرِ كُلَّ الْأَيْمَانِ انْتَهَى. .
ق: (وَيَحْلِفُونَ فِي الْقَسَامَةِ) وَغَيْرِهَا مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ (قِيَامًا) رَدْعًا لَهُمْ وَزَجْرًا لَعَلَّ الْمُبْطِلَ يَرْجِعُ لِلْحَقِّ، وَإِذَا امْتَنَعُوا مِنْ الْحَلِفِ قِيَامًا فَفِي عَدِّهِ نُكُولًا قَوْلَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ
ــ
[حاشية العدوي]
الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لِلْمَقْتُولِ إلَّا عَاصِبٌ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الْمَقْتُولِ كَمَا إذَا قُتِلَتْ أُمُّهُ فَإِنَّ لَهُ الِاسْتِعَانَةَ بِعَمِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَعِنْ أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ تُرَدُّ عَلَى الْجَانِي، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ وَلَا يُطْلَقُ وَلَوْ طَالَ حَبْسُهُ
[قَوْلُهُ: فِي الْخَطَإِ] أَيْ فِي إثْبَاتِ الْقَتْلِ الْخَطَأِ.
[قَوْلُهُ: مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ] بَلْ وَإِنْ انْفَرَدَ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهَا كُلِّهَا، وَلَا تَأْخُذُ الْمَرْأَةُ إلَّا فَرْضَهَا وَمِثْلُهَا الْأَخُ لِلْأُمِّ، وَيَسْقُطُ مَا عَلَى الْجَانِي مِمَّا زَادَ عَلَى نَصِيبِ الْحَالِفِ لِتَعَذُّرِ الْحَلِفِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَكِنْ تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِمَنْزِلَةِ نُكُولِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ نَكَلَتْ غَرِمَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ.
[قَوْلُهُ: حَلَفَهَا] أَيْ الْمُنْكَسِرَةَ أَكْثَرُهُمْ نَصِيبًا مِنْهَا
[قَوْلُهُ: وَيَتَفَرَّعُ عَلَى تَوْزِيعِ] مَصَبِّ التَّفْرِيعِ قَوْلُهُ: ثُمَّ يَحْلِفُ مَنْ يَأْتِي.
[قَوْلُهُ: وَغَابَ الْبَعْضُ] أَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا.
[قَوْلُهُ: بُدٌّ] بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الْمُهْمَلَةِ.
[قَوْلُهُ: حَتْمٌ لَازِمٌ] فِي تَقْدِيرِ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ، وَالْمُتَعَيِّنُ قَوْلُ تت أَيْ مَهْرَبٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيُوهِمُ أَنَّ تَقْدِيرَهُ لَمْ يَكُنْ حَتْمٌ لَازِمٌ أَنْ يَحْلِفَ الْخَمْسِينَ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ لَهَا إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِمَجْمُوعِ النَّفْيِ وَمَدْخُولِهِ.
[قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَخْ] أَيْ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْقَتْلِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ حَلِفِ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ يَحْلِفُ مَنْ يَأْتِي إلَخْ] وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَجَعَ الْحَالِفُ أَوَّلًا عَنْ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ الَّتِي حَلَفَهَا وَرَدَّ مَا أَخَذَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ حِصَّتَهُ فَقَطْ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَيَأْخُذُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدِّيَةِ، فَلَوْ مَاتَ الْغَائِبُ أَوْ مَنْ كَانَ صَبِيًّا وَوَرِثَهُ الَّذِي حَلَفَ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ، فَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ حِصَّةَ الْمَيِّتِ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ لِحَلِفِهِ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ أَوَّلًا.
[قَوْلُهُ: بَعْدَهُ] أَيْ بَعْدَ حَلِفِ الْحَاضِرِ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ.
[قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ إلَخْ] عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: يَحْلِفُ مَا يَنُوبُهُ أَيْ وَلَا يَحْلِفُ الْكُلَّ لِتَقَدُّمِ أَيْمَانِ الْحَاضِرِ، وَالْأَوْلَى لِتَقَدُّمِ حَلِفِ الْحَاضِرِ كُلَّ الْأَيْمَانِ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ قِيَامًا أَيْ قِيَامًا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونَ يَحْلِفُونَ قُعُودًا.
[قَوْلُهُ: قِيَامًا] أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِمْ قِيَامًا.
[قَوْلُهُ: فَفِي عَدِّهِ نُكُولًا قَوْلَانِ] قَالَ ق: فَإِنْ قُلْنَا نُكُولًا بَطَلَ حَقُّهُمْ، وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَ بِنُكُولٍ يَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ وَيَحْلِفُونَ جُلُوسًا اهـ. ك: وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاجِبٌ شَرْطٌ وَعَلَى الثَّانِي وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي التَّقْرِيرِ وَكَذَا وَجَدْته
بِالزَّمَانِ، وَإِنَّمَا يُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ بِالْمَكَانِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(وَيُجْلَبُ) الْحَالِفُ (إلَى مَكَّةَ) الْمُشَرَّفَةَ (وَ) إلَى الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ (وَ) إلَى (بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَهْلُ أَعْمَالِهَا) أَيْ طَاعَتِهَا (لِلْقَسَامَةِ) وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَسَافَةَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ أَرْدَعُ لِلْكَاذِبِ لِشَرَفِهَا (وَلَا يُجْلَبُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ إلَى غَيْرِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ (إلَّا مِنْ الْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ) حَدَّهَا بَعْضُهُمْ بِثَلَاثَةٍ وَبَعْضُهُمْ بِعَشَرَةٍ.
(وَلَا قَسَامَةَ فِي جُرْحٍ) ك: رُوِّينَاهُ بِالضَّمِّ وَهُوَ الِاسْمُ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا جَرَحَ شَخْصٌ شَخْصًا وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَا يُقْسِمُ وَيَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ أَوْ الدِّيَةَ إنْ كَانَ خَطَأً، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ الْقَسَامَةُ فِي الْجُرُوحِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا حَكَمَ بِالْقَسَامَةِ فِي النَّفْسِ (وَ) كَذَا (لَا) قَسَامَةَ (فِي) قَتْلِ (عَبْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنْ الْحُرِّ وَإِنَّمَا فِيهِ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ، وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُسْجَنُ عَامًا (وَ) كَذَا (لَا) قَسَامَةَ (بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ) مَعْنَاهُ إذَا قَتَلَ الْمُسْلِمُ الذِّمِّيَّ لَا قَسَامَةَ فِيهِ، وَإِذَا ثَبَتَ قَتْلُهُ لَهُ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَخَذَ وَلِيُّهُ دِيَتَهُ وَيُضْرَبُ
ــ
[حاشية العدوي]
تَقْيِيدًا.
[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ بِالزَّمَانِ] قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: يُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَخْ فَفِيهِ تَرْجِيحٌ لِعَدَمِ التَّغْلِيظِ بِالزَّمَانِ.
[قَوْلُهُ: أَهْلُ أَعْمَالِهَا] نَائِبُ فَاعِلِ يُجْلَبُ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ الْحَالِفُ فَهُوَ بَيَانٌ لِلْمَوْصُوفِ بِنَائِبِ الْفَاعِلِ، أَيْ أَهْلُ طَاعَةِ هَذِهِ الْأَمَاكِنِ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ لَهَا الزَّكَاةَ وَالْكَفَّارَةَ.
[قَوْلُهُ: لِلْقَسَامَةِ] يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُجْلَبُ أَحَدٌ إلَى تِلْكَ الْأَمَاكِنِ فِي حَلِفٍ غَيْرِ الْقَسَامَةِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا.
[قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ] أَيْ مَوْضِعُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْقَسَامَةُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَانْظُرْ هَلْ ذَهَابًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ يُجْلَبُ أَوْ ذَهَابًا وَإِيَابًا كَذَا نَظَرَ بَعْضُهُمْ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ عَشَرَةَ أَمْيَالٍ أَيْ لَا أَيَّامٍ. كَمَا قَالَ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ أَعْمَالُهَا عَلَى أَكْثَرِ مِنْ عَشَرَةٍ.
[قَوْلُهُ: أَيْ إلَى غَيْرِ إلَخْ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي بِمَعْنَى إلَى، أَيْ إلَى غَيْرِهَا مِنْ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْمُعَظَّمَةِ عِنْدَ الْحَالِفِ.
[قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ الْأَمْيَالِ] أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَلْبُ مِنْ الْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ تِلْكَ الْأَمَاكِنِ وَغَيْرِهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَعْمَلُ الْمُصَلِّي إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَإِيلْيَا» .
[قَوْلُهُ: حَدَّهَا بَعْضُهُمْ] أَفْصَحَ عَنْ هَذَا تت بِقَوْلِهِ: قِيلَ ثَلَاثَةٌ وَقِيلَ عَشَرَةٌ، وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ بَعْضٍ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الثَّلَاثَةُ أَيْ وَمَا قَارَبَهَا.
[قَوْلُهُ: رُوِّينَاهُ بِالضَّمِّ وَهُوَ الِاسْمُ إلَخْ] وَلَمْ يُتِمَّ كَلَامَ الْفَاكِهَانِيِّ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِهِ، وَيُجْمَعُ الِاسْمُ عَلَى جُرُوحٍ ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْفَتْحُ مِنْ رِوَايَتِهِ كَالضَّمِّ فَيَكُونَ قَوْلُهُ: وَبِالْفَتْحِ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ بِالضَّمِّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ رِوَايَتِهِ فَيَكُونَ مُسْتَأْنَفًا. وَاقْتِصَارُ تت عَلَى الضَّمِّ يُؤَيِّدُهُ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ] أَيْ فَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ شَاهِدَانِ فَالدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ وَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ إلَّا وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ وَيُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ إلَّا عِنْدَ الْمُكَافَأَةِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي بَرِئَ الْجَارِحُ إنْ حَلَفَ وَإِلَّا حُبِسَ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ وَغَرِمَ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ تَجَرَّدَتْ الدَّعْوَى عَنْ الشَّاهِدِ فَقِيلَ: يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ.
[قَوْلُهُ: لَا قَسَامَةَ فِي عَبْدٍ] أَيْ وُجِدَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ وَهُوَ يَقُولُ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَى قَوْلِهِ عَدْلَانِ لِأَنَّهُ مَالٌ.
[قَوْلُهُ: إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ] أَيْ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ بِشَاهِدَيْنِ غَرِمَ قِيمَتَهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ، وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ أَوْ امْرَأَتَانِ حَلَفَ سَيِّدُهُ يَمِينًا وَأَخَذَ قِيمَتَهُ أَيْضًا.
[قَوْلُهُ: مَعْنَاهُ إذَا قَتَلَ إلَخْ] إنَّمَا قَالَ: مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ إذْ ظَاهِرُهَا أَنَّ الْقَاتِلَ وَالْمَقْتُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَافِرٌ.
وَحَاصِلُ مُرَادِهِ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا وُجِدَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ وَهُوَ يَقُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ الْمُسْلِمِ وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ عَدْلَانِ فَإِنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ إذَا قَتَلَ إذَا تَحَقَّقَ قَتْلُهُ بَلْ مَعْنَاهُ كَمَا قُلْنَا.
[قَوْلُهُ: وَإِذَا ثَبَتَ قَتْلُهُ إلَخْ] أَيْ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُسْلِمَ قَتَلَهُ بِشَاهِدَيْنِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ دِيَتَهُ فِي الْعَمْدِ مِنْ مَالِهِ