الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَصَحِّ وَاحِدَةُ الْأَنَامِلِ وَهِيَ الْعُقَدُ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ غَيْرِ الْإِبْهَامِ (ثَلَاثٌ وَثُلُثٌ) ؛ لِأَنَّ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ ثَلَاثَةَ أَنَامِلَ (وَفِي) قَطْعِ (كُلِّ أُنْمُلَةٍ مِنْ الْإِبْهَامَيْنِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ إبْهَامِ الرِّجْلِ أَوْ الْيَدِ. .
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى دِيَةِ الْأَعْضَاءِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْجِرَاحَاتِ فَقَالَ: (وَفِي الْمُنَقِّلَةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ (عُشْرٌ وَنِصْفُ عُشْرٍ) وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْإِبِلِ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَلْفٌ وَثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِيهَا سَوَاءٌ إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَتَالِفِ (وَالْمُوضِحَةُ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (مَا أَوْضَحَ) أَيْ أَظْهَرَ (الْعَظْمَ) وَأَزَالَ السَّاتِرَ الَّذِي يَحْجُبُهُ وَهُوَ الْجِلْدُ وَمَا تَحْتَهُ مِنْ اللَّحْمِ وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ لَيْسَ إلَّا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهَا مُوضِحَةً أَنْ تُوضِحَ مَالَهُ قَدْرٌ وَبَالٌ، بَلْ لَوْ أَوْضَحَتْ مِنْهُ مِقْدَارَ إبْرَةٍ كَفَى فِي تَسْمِيَتِهَا مُوضِحَةً (وَالْمُنَقِّلَةُ مَا طَارَ فَرَاشُهَا) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا (مِنْ الْعَظْمِ وَلَمْ تَصِلْ إلَى الدِّمَاغِ) مِنْ بَيَانِيَّةٌ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: الْمُنَقِّلَةُ هِيَ الَّتِي يَنْقُلُ مِنْهَا الطَّبِيبُ الْعِظَامَ الصِّغَارَ لِتَلْتَئِمَ الْجِرَاحُ، فَتِلْكَ الْعِظَامُ هِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: الْفَرَاشُ (وَمَا وَصَلَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الدِّمَاغِ وَلَوْ بِقَدْرِ إبْرَةٍ وَيَبْقَى عَلَى الدِّمَاغِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ مَتَى انْكَشَفَتْ عَنْهُ مَاتَ. (فَهِيَ الْمَأْمُومَةُ) وَلَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ ثُمَّ بَيَّنَ حُكْمَهَا بِقَوْلِهِ: (فَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ) فَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بَعِيرًا وَثُلُثُ بَعِيرٍ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ ثَلَاثُمِائَةٍ
ــ
[حاشية العدوي]
لَهُ مُمَاثِلٌ.
[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ إلَخْ] أَيْ وَالْهَمْزَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ ضَمُّ الْمِيمِ هَذَا كُلُّهُ فِي حَالِ الْخَطَأِ، أَمَّا فِي حَالَةِ الْعَمْدِ فَالْوَاجِبُ الْقِصَاصُ.
[قَوْلُهُ: غَيْرَ الْإِبْهَامِ] حَالٌ مِنْ الْأُنْمُلَةِ أَيْ حَالَ كَوْنِ تِلْكَ الْأُنْمُلَةِ غَيْرَ أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ.
[قَوْلُهُ: وَفِي قَطْعِ كُلِّ أُنْمُلَةٍ إلَخْ] أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا أُنْمُلَتَانِ
[دِيَة الْجِرَاحَات]
[قَوْلُهُ: وَفِي الْمُنَقِّلَةِ] وَهِيَ وَالْهَاشِمَةُ سَوَاءٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ أَوْ لَا.
[قَوْلُهُ: عُشْرٌ وَنِصْفُ عُشْرٍ] أَيْ إنْ كَانَتْ بِالرَّأْسِ أَوْ بِاللَّحْيِ إلَّا عَلَى النَّابِتِ عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ الْعُلْيَا وَهُوَ كُرْسِيُّ الْخَدِّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الرَّأْسِ وَلَا فِي اللَّحْي الْأَعْلَى فَفِيهَا حُكُومَةٌ.
[قَوْلُهُ: وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْإِبِلِ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عُشْرٌ وَنِصْفُ عُشْرٌ، فَمِنْ الْإِبِلِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَمِنْ الذَّهَبِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَهَكَذَا.
وَأَمَّا عِبَارَتُهُ فَتُوهِمُ أَنَّهَا لَيْسَ مِنْ النَّقْدَيْنِ عُشْرٌ وَنِصْفُ عُشْرٍ.
[قَوْلُهُ: مَا أَوْضَحَ] أَيْ جِرَاحَةٌ أَوْضَحَتْ وَالنِّسْبَةُ مَجَازٌ وَالْحَقِيقَةُ الْجَانِي.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ إلَخْ] أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ كَأَنْ كَانَتْ فِي الظَّهْرِ فَفِيهَا الْحُكُومَةُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهَا مُوضِحَةً اصْطِلَاحًا بَلْ لُغَةً.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُوضِحَةَ لُغَةً مَا أَوْضَحَتْ الْعَظْمَ مُطْلَقًا، وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَهِيَ مَا أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي الْمُوضِحَةِ الْخَطَأِ، وَأَمَّا عَمْدُهَا فَفِيهِ الْقِصَاصُ، وَأَمَّا الْجَائِفَةُ وَالْآمَّةُ وَالْمُنَقِّلَةُ فَعَمْدُهَا وَخَطَؤُهَا سَوَاءٌ. وَقَوْلُهُ: مَا طَارَ أَيْ جِرَاحَةً.
[قَوْلُهُ: مِنْ بَيَانِيَّةٌ] أَيْ الْفَرَاشَ الَّذِي هُوَ الْعَظْمُ، وَالتَّقْدِيرُ وَالْمُنَقِّلَةُ جِرَاحَةٌ طَارَ عَظْمُهَا وَنِسْبَةُ الْعَظْمِ لَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَطِيرُ بِهَا فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَلَمْ تَصِلْ] فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى مَا أَيْ وَلَمْ تَصِلْ تِلْكَ الْجِرَاحَةُ إلَى الدِّمَاغِ.
[قَوْلُهُ: هِيَ الَّتِي] إلَخْ أَيْ هِيَ الْجِرَاحَةُ الَّتِي تَنْقُلُ إلَخْ. فَحِينَئِذٍ فَالْمُنَقِّلَةُ هِيَ الْجِرَاحُ الْقَائِمَةُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّتِي هِيَ أَثَرُ فِعْلِ الْجَانِي لَا أَنَّهَا فِعْلُ الْجَانِي لِأَنَّهُ قَائِمٌ بِهِ.
[قَوْلُهُ: يَنْقُلُ مِنْهَا الطَّبِيبُ الْعِظَامَ الصِّغَارَ إلَخْ] أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّقْلَ كَمَا يَكُونُ مِنْ الطَّبِيبِ يَكُونُ مِنْ الضَّرْبَةِ نَفْسِهَا.
[قَوْلُهُ: وَيَبْقَى عَلَى الدِّمَاغِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ مَتَى انْكَشَفَتْ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ الدَّامِغَةَ فِيهَا أَيْضًا ثُلُثُ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهِيَ الَّتِي خَرَقَتْ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ، وَلَا تُنَافِي كَلَامَ الشَّارِحِ لِإِمْكَانِ الْخَرْقِ مَعَ الِالْتِئَامِ فَالْمَوْتُ إنَّمَا يَنْشَأُ عَنْ الْكَشْفِ لَا عَنْ مُجَرَّدِ الْخَرْقِ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ.
[قَوْلُهُ: فَهِيَ الْمَأْمُومَةُ] أَيْ الْجِرَاحَةُ الَّتِي وَصَلَتْ إلَى الدِّمَاغِ
وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَثُلُثُ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ (وَكَذَلِكَ الْجَائِفَةُ) وَهِيَ مَا أَفَضْت إلَى الْجَوْفِ وَلَا تَكُونُ إلَّا فِي الظَّهْرِ أَوْ الْبَطْنِ الْحُكْمُ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ.
(وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ) أَيْ أَقَلَّ مِنْ (الْمُوضِحَةِ) مِنْ الْجِرَاحِ إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ (إلَّا الِاجْتِهَادُ) أَيْ الْحُكُومَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ نَصٌّ مِنْ الشَّارِعِ هَذَا فِي الْخَطَإِ، وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ (وَكَذَلِكَ) لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْجَائِفَةِ فِي الْخَطَإِ (فِي) جُرْحِ (الْجَسَدِ) إلَّا الِاجْتِهَادُ وَفِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ.
(وَلَا يُعْقَلُ جُرْحٌ) أَيْ لَا تُؤْخَذُ دِيَتُهُ (إلَّا بَعْدَ) تَبَيُّنِ (الْبُرْءِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ هَلْ الْوَاجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً أَمْ لَا، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ قَالَهُ ق وَقَالَ د: عِيَاضٌ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ إذَا حَصَلَ الْبُرْءُ قَبْلَ السَّنَةِ عَقَلَ الْجُرْحَ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: السَّنَةُ شَرْطٌ فَلَا يُعْقَلُ قَبْلَهَا وَلَوْ بَرِئَ (وَمَا بَرِئَ) مِنْهَا (عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ) أَيْ عَيْبٍ (مِمَّا دُونَ الْمُوضِحَةِ) وَكَذَلِكَ مَا دُونَ الْجَائِفَةِ مِمَّا لَا عَقْلَ فِيهِ يُسَمَّى (فَ) إنَّهُ (لَا شَيْءَ فِيهِ) عَلَى الْجَانِي مِنْ عَقْلٍ وَأَدَبٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ مَا بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَهَذَا الْمَفْهُومُ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ إلَّا الِاجْتِهَادُ كَمَا قَيَّدْنَا بِهِ.
ــ
[حاشية العدوي]
فَهِيَ الْمَأْمُومَةُ.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا أَفْضَتْ إلَى الْجَوْفِ] أَيْ وَلَوْ قَدْرَ إبْرَةٍ، فَإِنْ نَفَذَتْ الْجَائِفَةُ لِلْجَانِبِ الْآخَرِ تَعَدَّدَتْ وَكَذَلِكَ يَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ إذَا ضَرَبَهُ فِي جَنْبِهِ فَنَفَذَتْ إلَى الْجَنْبِ الْآخَرِ
[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ إلَخْ] أَيْ مِنْ الْجِرَاحَاتِ السِّتِّ. الْأُولَى: الدَّامِيَةُ، وَهِيَ الَّتِي تُضْعِفُ الْجِلْدَ فَيَرْشَحُ مِنْهُ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ شَقِّ جِلْدٍ. الثَّانِيَةُ: الْحَارِصَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ الْجِلْدَ. الثَّالِثَةُ: السِّمْحَاقُ، وَهِيَ الَّتِي تَكْشِطُ الْجِلْدَ. الرَّابِعَةُ: الْبَاضِعَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ اللَّحْمَ. الْخَامِسَةُ: الْمُتَلَاحِمَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِيهِ بِتَعَدُّدٍ. السَّادِسَةُ: الْمِلْطَاةُ، الَّتِي قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ. فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِلْدِ، وَالثَّلَاثَةُ الَّتِي بَعْدَهَا بِاللَّحْمِ. وَقَوْلُهُ: إلَّا الِاجْتِهَادُ وَكَيْفِيَّةُ الِاجْتِهَادِ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَبْدًا سَالِمًا مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ مِنْ حُسْنٍ أَوْ قُبْحٍ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا، ثُمَّ يُقَوَّمُ ثَانِيًا مَعِيبًا بِتِسْعَةٍ، فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ بِالْعُشْرِ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ عُشْرُ الدِّيَةِ فِي هَذَا الْمِثَالِ.
[قَوْلُهُ: وَفِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ] وَكَذَلِكَ فِي مُنَقِّلَةِ الْجَسَدِ الْقِصَاصُ، وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ جِرَاحِ الْجَسَدِ مَا لَمْ يَعْظُمْ الْخَطَرُ كَعِظَامِ الصَّدْرِ وَالْعُنُقِ وَالصُّلْبِ وَالْفَخِذِ وَشَبَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ الْوَاجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً أَوْ لَا] أَيْ وَهَلْ يَبْرَأُ عَلَى شَيْنٍ أَوْ لَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ مُقَدَّرًا مِنْ الشَّارِعِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَالْمُوضِحَةِ أَوْ لَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ خَطَأً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَكَسْرِ عِظَامِ الصَّدْرِ وَالْفَخِذِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ] أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّفْسِ فَتُسْتَحَقُّ تِلْكَ النَّفْسُ بِقَسَامَةٍ، وَكَذَلِكَ يُؤَخَّرُ لِأَجْلِ زَوَالِ حَرٍّ مُفْرِطٍ أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطٍ خَوْفَ الْهَلَاكِ عَلَى الْجَانِي فَيُؤَدِّي إلَى أَخْذِ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا، وَأَمَّا إذَا جَنَى جِنَايَةً عَلَى نَفْسٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِمَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا. وَاخْتِيرَ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِحَرٍّ وَلَا لِبَرْدٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ مَاتَ هُوَ أَحَدُ حُدُودِهِ.
[قَوْلُهُ: ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ إلَخْ] وَهُوَ الرَّاجِحُ.
[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ مَا دُونَ إلَخْ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ أَيْ مِنْ سُوءِ الْمُوضِحَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يُقَدِّرْ فِيهِ الشَّارِعُ شَيْئًا فَيَدْخُلُ فِيهِ سَابِقُ الْمُوضِحَةِ مِنْ الْجِرَاحَاتِ السِّتِّ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا شَيْئًا مَعْلُومًا، وَأَمَّا مَا قَدَّرَ الشَّارِعُ فِيهِ شَيْئًا فَالْوَاجِبُ الْمُقَدَّرُ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ أَمْ لَا إلَّا الْمُوضِحَةَ فَإِنَّهَا إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ يَجِبُ دَفْعُ دِيَتِهَا وَحُكُومَةٌ.
[قَوْلُهُ: مِنْ عَقْلٍ وَأَدَبٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ] أَرَادَ بِأُجْرَةِ الطَّبِيبِ مَا يَشْمَلُ ثَمَنَ الدَّوَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّحْقِيقُ.
[قَوْلُهُ: فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ] ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَيْ مِنْ عَقْلٍ وَأَدَبٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ مَعَ أَنَّهُ لَا أَدَبَ فِي الْخَطَإِ وَلَوْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأُجْرَةِ فَالظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ مُطْلَقًا بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ أَوْ لَا إنَّمَا فِي الشَّيْنِ الْحُكُومَةُ فَقَطْ، وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ عَلَى الْحُكُومَةِ فَقَالَ: وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ.
[قَوْلُهُ: مُفَسِّرٌ إلَخْ] أَيْ فَنَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ إلَّا الِاجْتِهَادُ إذَا