المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الشفعة - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني - جـ ٢

[العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي الْجِهَادِ]

- ‌[الْأَمْوَالِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَدُوِّ]

- ‌بَابٌ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُور]

- ‌[الْأَيْمَانِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْكَفَّارَةُ) فِي الْيَمِينِ

- ‌[النُّذُور وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌ تَكَرُّرِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِ تَكَرُّرِهَا بِتَكَرُّرِ الْيَمِينِ

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاح]

- ‌ الصَّدَاقُ

- ‌[الْوِلَايَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَرَاتِبِ الْأَوْلِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّيِّبِ

- ‌ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ

- ‌ الْأَنْكِحَةَ الْفَاسِدَةَ

- ‌[حُكْمَ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ]

- ‌ مُوجِبَ النَّفَقَةِ

- ‌نِكَاحُ التَّفْوِيضِ

- ‌[اخْتِلَاف دِين الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ نِكَاحِهَا

- ‌ شُرُوطِ الْوَلِيِّ

- ‌[الطَّلَاقِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاقَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌ الرَّجْعَةِ

- ‌ الْخُلْعِ

- ‌[أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْإِيلَاءِ]

- ‌[بَابٌ فِي الظِّهَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌ صِفَةُ اللِّعَانِ

- ‌[أَحْكَامٍ اللِّعَان]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَنَفَقَةِ الْمُطَلَّقَة]

- ‌[حُكْم الْإِحْدَادُ]

- ‌[أَحْكَام الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[نَفَقَة الْمُطَلَّقَة]

- ‌[أَحْكَام الرَّضَاعَة]

- ‌[أَحْكَام الْحَضَانَةُ]

- ‌[بَاب النَّفَقَة]

- ‌ بَابٌ فِي الْبُيُوعِ

- ‌[الربا وَأَنْوَاعه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَسَائِلَ مَمْنُوعَةٍ فِي الْبَيْع]

- ‌[خِيَار النَّقِيصَة]

- ‌ خِيَارِ التَّرَوِّي

- ‌ حُكْمِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ

- ‌[تَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَتَأْخِيرِهِ بِزِيَادَةٍ]

- ‌ الزِّيَادَةِ فِي الْقَرْضِ عِنْدَ الْأَجَلِ

- ‌ تَعْجِيلِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ

- ‌[بَيْع الثمر قَبْل بدو صلاحه]

- ‌[مَسَائِل مُتَنَوِّعَة فِي الْبَيْع]

- ‌[السَّلَم وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ مَسَائِلِ بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌ بَيْعِ الْجُزَافِ

- ‌[سَوْم الْإِنْسَان عَلَيَّ سَوْم أخيه]

- ‌[مَا يَنْعَقِد بِهِ الْبَيْع]

- ‌[الْإِجَارَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْجَعَالَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[الْكِرَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الشَّرِكَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا مِنْ أَحْكَام]

- ‌[أَرْكَان الشَّرِكَة]

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[الْمُزَارَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌الْجَوَائِحِ

- ‌الْعَرَايَا

- ‌ بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[التَّدْبِير وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[الْكِتَابَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَام الْعِتْق وَالْوَلَاء]

- ‌بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ

- ‌[بَاب الْهِبَة وَالصَّدَقَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[مَطْلَبُ فِي الرَّهْنِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَارِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَدِيعَة]

- ‌[أَحْكَام اللُّقَطَة]

- ‌[الْغَصْب وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ الْمُثْبِتِ لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْحُدُود] [

- ‌[أَحْكَام الْقَسَامَة]

- ‌قَتْلُ الْغِيلَةِ)

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[الدِّيَة فِي النَّفْس]

- ‌ دِيَةَ الْأَعْضَاءِ

- ‌[دِيَة الْجِرَاحَات]

- ‌[عَلَيَّ مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[مِنْ يَقْتُلُونَ وجوبا]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[حَدّ الزِّنَا]

- ‌حَدَّ الْقَذْفِ

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[حَدّ الشُّرْب]

- ‌[كَيْفِيَّة إقَامَة الْحَدّ]

- ‌[حَدّ السَّرِقَة]

- ‌[بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ]

- ‌[الأقضية وَأَحْكَامهَا]

- ‌[أَحْكَام الشَّهَادَات]

- ‌[مَسَائِل فِي الْوَكَالَة]

- ‌[أَحْكَام الصُّلْح]

- ‌ مَسَائِلَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ

- ‌[أَحْكَام الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[أَحْكَام الْوَصِيَّةِ]

- ‌[أَحْكَام الْحِيَازَةِ]

- ‌[بَاب الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابٌ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالسَّبَبِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌ مَنْ يَرِثُ بِالنَّسَبِ

- ‌[مِنْ يحجب الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات الْأَشِقَّاء]

- ‌ حُكْمِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

- ‌ مِيرَاثِ الْجَدَّاتِ

- ‌[مِيرَاث الْجَدّ]

- ‌[مَسْأَلَة المعادة]

- ‌[مَا يَرِثُهُ مَوْلَى النِّعْمَةِ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ]

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمَسْأَلَةِ الْغَرَّاءِ

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَجُمَلٍ مِنْ السُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ الْفِطْرَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ آدَابِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ السَّلَامِ]

- ‌ بَابٌ فِي التَّعَالُجِ]

- ‌ بَابٌ فِي الرُّؤْيَا]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌باب في الشفعة

‌بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ

وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ. . . إلَخْ]

بَيَانُ (الشُّفْعَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ وَالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَاللُّقْطَةِ وَالْغَصْبِ) فَهَذِهِ تِسْعَةُ أَشْيَاءَ ذَكَرَهَا فِي الْبَابِ كَمَا ذَكَرَهَا فِي التَّرْجَمَةِ، وَزَادَ فِيهِ قَوْلَهُ: وَمَنْ اسْتَهْلَكَ عَرْضَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَضَبْطُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَبَيَانُ مَعَانِيهَا بِذِكْرِ كُلٍّ مَحَلَّهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَمَّا الشُّفْعَةُ فَبِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الشَّفْعِ ضِدُّ الْوَتْرِ لِأَنَّ الشَّفِيعَ بِضَمِّ الْحِصَّةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا إلَى حِصَّتِهِ فَتَصِيرُ حِصَّتُهُ حِصَّتَيْنِ، وَعَرَّفَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهَا أَخْذُ الشَّرِيكِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ جَبْرًا شِرَاءً فَأَخْذُ جِنْسٌ وَخَرَجَ بِإِضَافَتِهِ إلَى الشَّرِيكِ الْجَارُ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ عِنْدَنَا، وَبِحِصَّتِهِ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ كَامِلًا مِمَّا لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِيهِ، وَبِالْجَبْرِ مَا يَأْخُذُهُ بِالشِّرَاءِ الِاخْتِيَارِيِّ، وَبِالشِّرَاءِ مَا يَأْخُذُهُ بِاسْتِحْقَاقٍ وَهِيَ رُخْصَةٌ، وَالْأَصْلُ أَنْ لَا تَجُوزَ لِأَنَّ فِيهَا بَيْعَ الرَّجُلِ مُلْكَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَرْخَصَ فِيهَا

دَفْعًا لِضَرَرِ الشَّرِيكِ.

قَالَ جَابِرٌ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا يَنْقَسِمُ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأُخِذَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ حُكْمَانِ وُجُوبُ الشُّفْعَةِ لِلشَّرِيكِ دُونَ الْجَارِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ جَارٌ وَوُجُوبُهَا فِي الرِّبَاعِ دُونَ الْعُرُوضِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ:(وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِي الْمُشَاعِ) يَعْنِي

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ]

بَابُ الشُّفْعَةِ

[قَوْلُهُ: ذَكَرَهَا فِي الْبَابِ] أَيْ مَرْتَبَةً كَمَا ذَكَرَهَا فِي التَّرْجَمَةِ مَرْتَبَةً [قَوْلُهُ: وَزَادَ فِيهِ] أَيْ فِي الْبَابِ قُبَيْلَ بَابِ الْغَصْبِ لِلْمُنَاسَبَةِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْمُتَرْجَمِ لَهُ مَحْمُودَةٌ لِوُقُوعِهَا فِي آيَةِ {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} [طه: 17] وَفِي السُّنَّةِ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام حِينَ سُئِلَ عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» . [قَوْلُهُ: وَضَبْطُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ] أَيْ مَا يَحْتَاجُ لِضَبْطٍ [قَوْلُهُ: بِضَمِّ الشِّينِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ] وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَفَتْحُ الْعَيْنِ. [قَوْلُهُ: فَتَصِيرُ حِصَّتُهُ] أَيْ الْمَمْلُوكِ وَتَسْمِيَتُهُ حِصَّةً لِلْمُشَاكَلَةِ [قَوْلُهُ: أَخْذُ الشَّرِيكِ إلَخْ] عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: اسْتِحْقَاقُ شَرِيكٍ أَخْذَ مَبِيعِ شَرِيكِهِ بِثَمَنِهِ أَيْ طَلَبُ الشَّرِيكِ أَخْذَ مَبِيعِ شَرِيكِهِ بِثَمَنِهِ الَّذِي بَاعَ بِهِ سَوَاءٌ أَخَذَ أَوْ لَمْ يَأْخُذْ، فَالشُّفْعَةُ مَعْرُوضَةٌ لِلْأَخْذِ وَعَدَمِهِ، وَتَعْرِيفُ ابْنِ الْحَاجِبِ مُعْتَرَضٌ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْأَخْذِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ وَهُوَ الْأَخْذُ عَلَى سَبَبِهِ وَهُوَ الِاسْتِحْقَاقُ وَالْقَرِينَةُ عَلَى هَذَا اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ يُطْلِقُونَهَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَخْذِ كَقَوْلِهِمْ: أَسْقَطَ فُلَانٌ شُفْعَتَهُ أَوْ لَا شُفْعَةَ لَهُ، وَيُنَاقَشُ أَيْضًا بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِاقْتِضَائِهِ ثُبُوتَهَا فِي الْعَرُوضِ وَهِيَ لَا شُفْعَةَ فِيهَا. بَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ حِصَّتُهُ أَيْ بِحَسَبِ الْمَالِ وَإِلَّا فَهِيَ الْآنَ حِصَّةُ شَرِيكِهِ. [قَوْلُهُ: مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ] أَيْ مِنْ شَرِيكِهِ، وَقَوْلُهُ: مَا يَأْخُذُهُ بِاسْتِحْقَاقٍ أَيْ مِنْ شَرِيكِهِ.

[قَوْلُهُ: بَيْعُ الرَّجُلِ] أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي مِنْ شَرِيكِهِ. [قَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَعَتْ إلَخْ] زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُدْرَجٌ مِنْ كَلَامِ جَابِرٍ.

قَالَ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ كَلَامٌ تَامٌّ وَالثَّانِي كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ، وَلَوْ كَانَ الثَّانِي مَرْفُوعًا لَقَالَ إذَا وَقَعَتْ اهـ.

وَالْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ فَهُوَ مِنْهُ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِدْرَاجُ بِدَلِيلٍ أَفَادَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ جَارٌ] أَيْ إنَّمَا قُلْنَا: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْجَارَ لَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّهُ حَكَمَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَهُوَ بَعْدَ

ص: 250

الْأَرْضَ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ. ك: قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْحِكْمَةُ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ إزَالَةُ الضَّرَرِ عَنْ الشَّرِيكِ، وَخُصَّتْ بِالْعَقَارِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَالْأَمْتِعَةِ وَسَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ.

وَيُشْتَرَطُ فِيمَا فِيهِ الشُّفْعَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ احْتِرَازًا عَمَّا لَا يَقْبَلُهَا أَوْ يَقْبَلُهَا بِفَسَادٍ وَضَرَرٍ كَالْحَمَّامِ. (وَلَا شُفْعَةَ فِيمَا قَدْ قُسِمَ) ع: لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «إذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» .

وَقَالَ ق: لِأَنَّ الشُّفْعَةَ شُرِعَتْ إمَّا لِضَرَرِ الْقِسْمَةِ أَوْ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْمَقْسُومِ فَلِذَلِكَ لَمْ تَجِبْ فِيهِ شُفْعَةٌ

(وَ) كَذَا (لَا) شُفْعَةَ (لِجَارٍ) هَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ، لَكِنَّ الشَّرِيكَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَارِ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَجَوَابُهُ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ

(وَ) كَذَا (لَا) شُفْعَةَ (فِي طَرِيقٍ) خَاصٍّ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ إلَى الدَّارِ أَوْ إلَى الْجِنَانِ، وَأَمَّا الطَّرِيقُ الْعَامُّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ق: هَذَا إذَا كَانَ الْأَصْلُ مَقْسُومًا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَلَا) فِي (عَرْصَةِ دَارٍ قَدْ قُسِمَتْ بُيُوتُهَا) وَأَمَّا إذَا كَانَ الْأَصْلُ غَيْرَ مَقْسُومٍ وَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَصْلِ وَالطَّرِيقِ فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ فِي الْأَصْلِ وَالطَّرِيقِ بِاتِّفَاقٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَلَا فِي عَرْصَةِ دَارٍ إلَخْ هَذَا إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَرْصَةِ وَنَصِيبَهُ مِنْ الْبُيُوتِ فَلَا شُفْعَةَ فِي الْعَرْصَةِ وَحْدَهَا لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِأَصْلٍ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَسُمِّيَتْ الْعَرْصَةُ عَرْصَةً لِأَنَّ الصِّبْيَانَ يَتَعَرَّصُونَ فِيهَا. ع: وَالْعَرْصَةُ سَاحَةُ الدَّارِ

(وَ) كَذَا (لَا) شُفْعَةَ (فِي فَحْلِ) أَيْ ذَكَرِ (نَخْلٍ أَوْ فِي بِئْرٍ إذَا قُسِمَتْ النَّخْلُ وَالْأَرْضُ) ق: يُرِيدُ إذَا بَاعَهُ مَعَ أَصْلِهِ لِلضَّرَرِ الَّذِي يَلْحَقُ الْمُشْتَرِيَ فِيمَا اشْتَرَى بِغَيْرِ فَحْلٍ وَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

الْقِسْمَةِ جَارٌ فَالْجَارُ لَا شُفْعَةَ لَهُ. [قَوْلُهُ: يَعْنِي الْأَرْضَ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ] الظَّاهِرُ أَنَّ تَفْسِيرَ الْمُشَاعِ بِالْأَرْضِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا اصْطِلَاحٌ وَإِلَّا فَالْمُشَاعُ هُوَ الْجُزْءُ الْغَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَيَصْدُقُ بِجُزْءٍ فِي ثَوْبٍ مَثَلًا. [قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي الْحَيَوَانِ] أَيْ إلَّا تَبَعًا كَأَنْ يَكُونَ فِي حَائِطِهِ [قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ] أَيْ كَالْحُبُوبِ.

[قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِيمَا فِيهِ الشُّفْعَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الشُّفْعَةَ ثَابِتَةٌ فِي الْعَقَارِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوَّلًا [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا عَمَّا لَا يَقْبَلُهَا إلَخْ] أَيْ لَا يَقْبَلُهَا أَصْلًا لَا بِفَسَادٍ وَلَا بِصَلَاحٍ، وَانْظُرْ أَيَّ شَيْءٍ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ لَا بِصَلَاحٍ وَلَا بِفَسَادٍ فَإِنْ قُلْت: يُرَادُ بِهِ النَّخْلَةُ مَثَلًا قُلْت: هِيَ دَخَلَتْ فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ بِفَسَادٍ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ] بِالتَّشْدِيدِ أَيْ ثَبَتَ مَصَارِفُهَا بِأَنْ عُيِّنَ لِكُلِّ مَقْسِمٍ مَصْرِفُهُ قَالَ الشَّيْخُ خِضْرٌ الشَّافِعِيُّ. [قَوْلُهُ: وَإِمَّا لِضَرَرِ الْقِسْمَةِ أَوْ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ] أَيْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ الشُّفْعَةِ هَلْ هُوَ ضُرُّ الشَّرِكَةِ أَوْ ضَرَرُ الْقِسْمَةِ إذَا طَلَبَهَا الْبَعْضُ وَأَبَى غَيْرُهُ، فَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ أَثْبَتَهَا فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَغَيْرَهُ كَالْحَمَّامِ، وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي: مَنَعَهَا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ

[قَوْلُهُ: وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ] أَيْ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ [قَوْلُهُ: وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ جَوَابُهُ إلَخْ] مِنْ جُمْلَةِ مَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى إثْبَاتِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ قَوْلَهُ عليه الصلاة والسلام: «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ» . وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: «جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ جَارِهِ» وَالْجَوَابُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ أَحَقُّ بِمَعُونَتِهِ وَالْعَرْضِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ لِأَنَّ الصَّقَبَ الْقَرِيبُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَمَحْمُولٌ عَلَى الْعِوَضِ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: لَا شُفْعَةَ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ] سَوَاءٌ بَاعَ حِصَّتَهُ فِي الطَّرِيقِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ مَا نَابَهُ فِي الدَّارِ وَلَوْ أَمْكَنَ قَسْمُ الطَّرِيقِ. [قَوْلُهُ: هَذَا إذَا كَانَ الْأَصْلُ مَقْسُومًا إلَخْ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَدْ قُسِمَتْ بُيُوتُهَا مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا كَانَ الْأَصْلُ غَيْرَ إلَخْ] مِنْ تَتِمَّةِ حَلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا فِي طَرِيقٍ. [قَوْلُهُ: إلَى أَنْ قَالَ] أَيْ الْأَقْفَهْسِيُّ. [قَوْلُهُ: هَذَا إذَا بَاعَ إلَخْ] مِنْ كَلَامِ ق. [قَوْلُهُ: إذَا بَاعَ إلَخْ] أَيْ أَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَرْصَةِ وَحْدَهَا وَلَوْ كَانَ يُمْكِنُ قَسْمُهُ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ أَيْ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلدَّارِ الَّتِي انْقَسَمَتْ [قَوْلُهُ: لِأَنَّ الصِّبْيَانَ يَتَعَرَّصُونَ فِيهَا] أَيْ يَلْعَبُونَ وَيَمْرَحُونَ فِيهَا وَتُجْمَعُ الْعَرْصَةُ عَلَى عَرَصَاتٍ.

[قَوْلُهُ: إذَا قُسِمَتْ] الظَّاهِرُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَفًّا وَنَشْرًا

ص: 251

بِئْرٍ، وَيَحْتَمِلُ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ خَاصَّةً فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ. وَقَوْلُهُ:(وَلَا شُفْعَةَ إلَّا فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِي الْمُشَاعِ

وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ، أَحَدُهَا: التَّرْكُ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ: أَسْقَطْت شُفْعَتِي وَالْمُعْتَبَرُ فِي إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَمًّا قَبْلَهُ فَكَالْعَدِمِ عَلَى الْمَنْصُوصِ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ.

ثَانِيهَا: مَا يَدُلُّ عَلَى التَّرْكِ كَرُؤْيَتِهِ لِلْمُشْتَرِي يَهْدِمُ وَيَبْنِي وَيَغْرِسُ وَهُوَ سَاكِتٌ.

ثَالِثُهَا: تَرْكُ الْقِيَامِ بِشُفْعَتِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَقْدِ وَحُضُورِهِ بِالْبَلَدِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّيْخِ: (وَلَا شُفْعَةَ لِلْحَاضِرِ) يَعْنِي فِي الْبَلَدِ دُونَ الْعَقْدِ (بَعْدَ السَّنَةِ) أَمَّا إذَا حَضَرَ الْعَقْدَ وَسَكَتَ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

مُرَتَّبًا. فَقَوْلُهُ: النَّخْلُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَحْلٍ. وَقَوْلُهُ: الْأَرْضُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مَعَ بِئْرٍ وَبَقِيَ مَا إذَا كَانَتْ الْبِئْرُ لِنَخْلٍ ذَكَرَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ. [قَوْلُهُ: إذَا بَاعَهُ] الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْفَحْلِ وَالْبِئْرِ. وَقَوْلُهُ: مَعَ أَصْلِهِ أَيْ الْأَرْضِ، وَإِنَاثِ النَّخْلِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ إنَاثَ النَّخْلِ أَصْلُ الْفَحْلِ وَالْأَرْضَ أَصْلُ الْبِئْرِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ.

[قَوْلُهُ: فِيمَا اشْتَرَى بِغَيْرِ فَحْلٍ] فِيمَا إذَا قَسَمَ النَّخْلَ الْإِنَاثَ وَبَقِيَ الْفَحْلُ وَبَاعَ حِصَّتَهُ إنَاثَ النَّخْلِ وَنَصِيبُهُ مِنْ الْفَحْلِ فَلَوْ جُوِّزَتْ الشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ لَصَارَ مَعَ الشَّرِيكِ الْفَحْلُ كُلُّهُ وَبَقِيَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ فَحْلٍ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الَّذِي فِيهِ الشَّرِكَةُ الَّذِي هُوَ الْفَحْلُ فَقَطْ. وَقَوْلُهُ: وَلَا بِئْرٍ فِيمَا إذَا قُسِمَتْ الْأَرْضُ بَقِيَتْ الْبِئْرُ بِلَا قِسْمَةٍ. [قَوْلُهُ: إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ خَاصَّةً] أَيْ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ مُتَعَلَّقِ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ خَاصَّةً، وَمُتَعَلَّقُ الْأَرْضِ الْبِئْرُ وَمُتَعَلَّقُ النَّخْلِ الْفَحْلُ. وَقَوْلُهُ: فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ أَيْ فِي مُتَعَلَّقِ مَا ذَكَرَ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الشُّفْعَةِ فِي الْبِئْرِ إذَا قُسِمَتْ الْأَرْضُ ظَاهِرُهُ اتَّحَدَتْ الْبِئْرُ أَوْ تَعَدَّدَتْ وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْقَسْمَ يَمْنَعُ الشُّفْعَةَ.

وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: الشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ وَاخْتُلِفَ هَلْ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ وَعَلَيْهِ الْبَاجِيُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْوِفَاقِ فَحَمَلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ عَدَمِ الشُّفْعَةِ عَلَى الْبِئْرِ الْمُتَّحِدَةِ وَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَى الْآبَارِ الْمُتَعَدِّدَةِ أَوْ تُحْمَلُ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى بِئْرٍ لَا فِنَاءَ لَهَا، وَالْعُتْبِيَّةُ عَلَى بِئْرٍ لَهَا فِنَاءٌ. [قَوْلُهُ: وَلَا شُفْعَةَ إلَّا فِي الْأَرْضِ إلَخْ] مُرَادُهُ وَلَا شُفْعَةَ بِغَيْرِ التَّبَعِيَّةِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهَا تَكُونُ فِي الْحَيَوَانِ فِي كَحَائِطٍ لِأَنَّهَا فِيهِ إنَّمَا تَكُونُ تَبَعًا، وَقَوْلُهُ: وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا إلَخْ يُصَدَّقُ بِمَا إذَا كَانَا بِأَرْضٍ مُحْبَسَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. [قَوْلُهُ: مِنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ] أَيْ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الثِّمَارِ وَالْمَقَاثِئِ وَالْقُطْنِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْقَرْعِ وَكُلِّ مَا تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ إلَّا أَنْ تَيْبَسَ الثَّمَرَةُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَيَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَا بَيْنَ أَنْ تُبَاعَ مَعَ أَصْلِهَا أَوْ مُنْفَرِدَةً عَنْهُ، وَلَا شُفْعَةَ فِي الْبُقُولِ وَالزَّرْعِ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الزَّرْعِ حِصَّتَهُ مِنْهُ بَعْدَ يُبْسِهِ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ سَوَاءٌ بَاعَهَا مُنْفَرِدَةً أَوْ مَعَ الْأَرْضِ، وَتَكُونُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ دُونَ مَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ.

[قَوْلُهُ: أَمَّا قَبْلَهُ فَكَالْعَدِمِ] وَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ الصَّرِيحِ كَإِنْ اشْتَرَيْت أَنْتَ فَقَدْ أَسْقَطْت أَنَا شُفْعَتِي وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِعَبْدٍ: إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَيَلْزَمُ مَعَ أَنَّهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي هَذَيْنِ الْحَقَّ لِلَّهِ بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ، وَأَيْضًا الشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَلِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ لِلْفُرُوجِ. [قَوْلُهُ: كَرُؤْيَتِهِ لِلْمُشْتَرِي يَهْدِمُ وَيَبْنِي إلَخْ] الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ يَهْدِمُ أَوْ يَبْنِي، وَكَذَا الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَيَغْرِسُ أَيْ يَهْدِمُ مَا لَا يُهْدَمُ أَوْ يَبْنِي مَا لَا يُبْنَى، وَأَمَّا لَوْ هَدَمَ مَا يُهْدَمُ أَوْ بَنَى مَا يُبْنَى فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ قَالَهُ بَعْضٌ.

وَقَالَ آخَرُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْهَدْمُ وَالْبِنَاءُ لِلْإِصْلَاحِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا. [قَوْلُهُ: بَعْدَ السَّنَةِ] وَلَوْ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِهَا قَالَهُ أَشْهَبُ. [قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا حَضَرَ الْعَقْدَ وَسَكَتَ] أَيْ وَكَتَبَ خَطَّهُ فِي الْوَثِيقَةِ أَيْ وَثِيقَةِ الشِّرَاءِ فَقَدْ أَخَلَّ بِذَلِكَ الْقَيْدِ، فَإِذَا حَضَرَ وَلَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ لَا يَسْقُطُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ.

وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْحُكْمِ بِأَنْ قَالَ: أَنَا جَهِلْت وُجُوبَ الشُّفْعَةِ لِي هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ. فَقَالَتْ: وَإِذَا عَلِمَ بِالِاشْتِرَاءِ فَلَمْ يَطْلُبْ شُفْعَتَهُ سَنَةً فَلَا يَقْطَعُ ذَلِكَ شُفْعَتَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الِاشْتِرَاءِ فَلَمْ يَجْعَلْ لِكَتْبِ

ص: 252

شَهْرَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ (وَ) أَمَّا (الْغَائِبُ) غَيْبَةً بَعِيدَةً فَإِنَّهُ (عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ) إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَبْلَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ لَهُ عَلِمَ بِالْبَيْعِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَلَيْسَ لِلْبُعْدِ وَالْقُرْبِ حَدٌّ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ أَحْوَالَ النَّاسِ تَخْتَلِفُ إذْ لَيْسَ الرَّجُلُ كَالْمَرْأَةِ وَلَيْسَ الضَّعِيفُ كَالْقَوِيِّ وَلَا الطَّرِيقُ الْمَأْمُونَةُ كَالْمَخُوفَةِ، وَقَيَّدْنَا بِمَا إذَا كَانَتْ إلَخْ لِأَنَّهُ إذَا سَافَرَ بَعْدَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَئُوبُ مِنْ سَفَرِهِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْحَدِّ الْمُؤَقَّتِ فِي الشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَرْجِعُ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَإِنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ عَاقَهُ عَائِقٌ وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ هُنَالِكَ

(وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي) ك: إنْ اسْتَحَقَّهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِ الشَّفِيعِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْفَعَ فِيهَا شَيْئًا، وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ

ــ

[حاشية العدوي]

الشَّهَادَةِ فِي عَقْدِ الشِّرَاءِ تَأْثِيرًا، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحِينَئِذٍ فَمَا قَارَبَ السَّنَةَ مِمَّا زَادَ عَلَيْهَا لَهُ حُكْمُهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ.

قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَرْبَابِ الْوَثَائِقِ: وَذَلِكَ الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ، وَحُكِيَ فِي الطِّرَازِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ.

وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَكَلَامُ ابْنِ الْهِنْدِيِّ هُوَ الرَّاجِحُ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْغَائِبُ غَيْبَةً بَعِيدَةً] احْتَرَزَ عَنْ الْقَرِيبَةِ الَّتِي لَا كُلْفَةَ عَلَيْهِ فِيهَا فَكَالْحَاضِرِ هَكَذَا قَالَ أَشْهَبُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ خَلِيلٍ آخِرَ بَابِ الْقَضَاءِ وَالْقَرِيبُ كَالْحَاضِرِ، وَلِمَا كَتَبَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ بِطُرَّةِ بَهْرَامَ، وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً فِيمَا ذَكَرَ، وَغِيبَةُ الشَّخْصِ الْمُشْتَرِي كَغِيبَةِ الشَّفِيعِ وَغَيْبَتُهُمَا عَنْ مَحَلِّ الشِّقْصِ غَيْبَةٌ بَعِيدَةٌ وَهُمَا بِمَكَانٍ كَحُضُورِهِمَا وَلَا نَظَرَ لِغَيْبَةِ الشِّقْصِ فِي هَذِهِ.

[قَوْلُهُ: عَلِمَ بِالْبَيْعِ] أَيْ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بَيْعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ حَتَّى غَابَ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ، فَإِذَا رَجَعَ بَعْدَ غِيبَتِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْحَاضِرِ الْعَالِمِ بِالْبَيْعِ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَمَا قَارَبَهَا مِنْ يَوْمِ قُدُومِهِ، فَإِذَا تَنَازَعَ الشَّفِيعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْغَيْبَةِ الطَّوِيلَةِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَهُ: أَنْتَ عَلِمْت بِالْبَيْعِ وَغِبْت غَيْبَةً بَعِيدَةً فَلَا شُفْعَةَ لَك، وَقَالَ الشَّفِيعُ: مَا عَلِمْت بِالْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَأْخُذُ شُفْعَتَهُ وَلَهُ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ الْعِلْمِ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَادَّعَى جَهْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يُعْذَرُ وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَجْهَلُونَ أَمْرَ الشُّفْعَةِ كَالْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ.

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا يَكُونُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ مُسْقِطًا لِشُفْعَةِ مَنْ حَضَرَ الْعَقْدَ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ عَاقِلًا بَالِغًا رَشِيدًا عَالِمًا بِالْبَيْعِ وَلَا عُذْرَ لَهُ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ عَلَى شُفْعَتِهِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ الْعِلْمُ أَوْ يَزُولَ الْعُذْرُ فَيَنْزِلَ مَنْزِلَةَ مَنْ كَانَ حَاضِرَ الْعَقْدِ فَتَسْقُطَ شُفْعَتُهُ بَعْدَ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا.

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْبُعْدِ وَالْقُرْبِ حَدٌّ عَلَى الصَّحِيحِ] مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ تِسْعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ بَعِيدٌ اتِّفَاقًا وَثَلَاثَةً فَمَا دُونَهَا قَرِيبٌ اتِّفَاقًا، وَاخْتَلَفُوا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إلَى ثَمَانِيَةٍ هَلْ هُوَ مِنْ حَيِّزِ الْبَعِيدِ أَوْ الْقَرِيبِ.

[قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَئُوبُ] أَيْ لَا يَرْجِعُ.

[قَوْلُهُ: وَإِمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَرْجِعُ] أَيْ يَظُنُّ قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا فَعِيقَ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَغِبْ، إلَّا لِظَنِّهِ الرُّجُوعَ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى شُفْعَتِهِ، وَمَحَلُّ حَلِفِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْعَلَامَةُ خَلِيلٌ أَنَّ بُعْدَ الزَّمَانِ فِي غَيْبَته، وَأَمَّا إنْ جَاءَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمُسْقِطَةِ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ لَمْ يَحْلِفْ وَالْقُرْبُ وَالْبُعْدُ بِالْعُرْفِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ كَذَا فِي بَعْضِ شُرَّاحِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْعَائِقِ بِمُجَرَّدِهِ بَلْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْقَرِينَةِ.

[قَوْلُهُ: وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي] أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ بِشِرَاءِ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ قَالَهُ عج، فَإِذَا تَكَرَّرَ فِي الشِّقْصِ الْبَيْعُ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ وَعُهْدَتُهُ وَهِيَ ضَمَانُ الشِّقْصِ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ، فَإِنْ اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ كَمَا إذَا كَانَ عِشْرِينَ مَثَلًا وَالْأَخِيرُ عَشْرَةً فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لِلْأَخِيرِ عَشْرَةً وَيَدْفَعُ الْعَشَرَةَ الْأُخْرَى لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَكْثَرَ

ص: 253

عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا أَعْطَاهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ (وَيُوقَفُ الشَّفِيعُ فَإِمَّا أَخَذَ أَوْ تَرَكَ) يَعْنِي أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقُومَ عَلَى الشَّفِيعِ وَيُلْزِمَهُ بِالتَّرْكِ أَوْ الْأَخْذِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ إنْ كَانَ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِشَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ، فَإِنْ امْتَثَلَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا رَفَعَهُ لِلْحَاكِمِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِذَا طَلَبَ التَّأْخِيرَ لِيَخْتَارَ أَوْ لِيَأْتِيَ بِالثَّمَنِ أُخِّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ

(وَلَا تُوهَبُ الشُّفْعَةُ وَلَا تُبَاعُ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَهَبَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الشُّفْعَةِ لِغَيْرِ الْمُبْتَاعِ وَلَا يَبِيعَ مِنْهُ شَيْئًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: قَدْ وَهَبْتُك شُفْعَتِي الَّتِي وَجَبَتْ لِي عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ اشْتَرَاهَا مِنِّي بِكَذَا لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا جُعِلَتْ لِلشَّرِيكِ لِأَجْلِ إزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ مَنْ لَا يَعْرِفُ شَرِكَتَهُ وَلَا مُعَامَلَتَهُ، وَفِي جَوَازِ بَيْعِ الشُّفْعَةِ وَهِبَتِهَا لِلْمُبْتَاعِ قَوْلَانِ:

وَإِذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِشُرَكَاءَ فِي دَارٍ مَثَلًا (وَ) اخْتَلَفَتْ أَنْصِبَاؤُهُمْ فِيهَا فَإِنَّهَا (تُقْسَمُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِقَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ) مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ لِأَحَدٍ النِّصْفُ وَلِآخَرَ الثُّلُثُ وَلِآخَرَ السُّدُسُ فَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ نَصِيبَهُ فَإِنَّ صَاحِبَ الثُّلُثِ يَأْخُذُ ثُلُثَ الشِّقْصِ،

ــ

[حاشية العدوي]

وَقَدْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لِلْأَخِيرِ عَشْرَةً وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ.

فَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ اسْتَحَقَّهَا أَيْ اسْتَحَقَّ السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ أَحَدٌ أَيْ أَوْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَأْخُذُ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدُّدِهِ أَوْ عَلِمَ فِي غَيْبَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا عَالِمًا بِتَعَدُّدِهِ فَإِنَّمَا لَهُ الْأَخْذُ بِالْأَخِيرِ لِأَنَّ سُكُوتَهُ مَعَ عِلْمِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رَضِيَ بِشَرِكَةِ غَيْرِ الْأَخِيرِ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَانِ: الْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَ عَامِلُ الْقِرَاضِ بِمَالِ الْقِرَاضِ شِقْصًا هُوَ شَفِيعُهُ.

وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَالِ الْقِرَاضِ شِقْصًا وَرَبُّ الْمَالِ هُوَ شَفِيعُهُ فَإِنَّ عُهْدَةَ الشَّفِيعِ فِي هَاتَيْنِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهِمَا لَضَاعَ الثَّمَنُ عَلَى دَافِعِهِ.

[قَوْلُهُ: وَيُوقَفُ الشَّفِيعُ] أَيْ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَلُزُومِهِ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ لُزُومِهِ، وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُوقِفُهُ أَوَّلًا بِنَفْسِهِ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُطَالِبُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ. وَظَاهِرُهُ ابْتِدَاءً وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يُؤَيِّدُهُ. وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِعَدَمِ تَصَرُّفِهِ فِي الْحِصَّةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْكُ لِيُعْلِمَ الشَّفِيعَ وَإِنَّمَا يَنْدُبُ فَقَطْ.

[قَوْلُهُ: فَأَمَّا أَخْذٌ أَوْ تَرْكٌ] فَإِنْ اخْتَارَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَوَجَدَ الْمُشْتَرِيَ وَهَبَ الشِّقْصَ أَوْ حَبَسَهُ، فَإِنَّ لَهُ نَقْضَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَبْسِ وَلَوْ كَانَ مَسْجِدًا، وَانْظُرْ هَلْ يَفْعَلُ بِالْإِنْقَاضِ كَيْفَ شَاءَ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا أَوْ لَا وَمِنْ الْهِبَةِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ حَيْثُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ لَهُ شَفِيعًا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِلشِّقْصِ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا وَوَهَبَهُ لِلْغَيْرِ فَكَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى هِبَةِ الثَّمَنِ.

[قَوْلُهُ: بِالثَّمَنِ إلَخْ] أَيْ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا وَيَأْخُذُهُ بِرَهْنِهِ وَضَامِنِهِ وَأُجْرَةِ دَلَّالٍ وَعَقْدِ شِرَاءٍ وَفِي الْمَكْسِ تَرَدُّدٌ [قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ] وَيَأْخُذُهُ أَيْضًا بِقِيمَةِ الشِّقْصِ فِي كَخُلْعٍ وَصُلْحِ عَمْدٍ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ يُوقَفُ لِلْأَخْذِ وَالتَّرْكِ بِلَا إمْهَالٍ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قِيَاسًا عَلَى الْمُرْتَدِّ أَيْ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ السَّنَةِ وَالشَّهْرَيْنِ فَهُوَ عِنْدَ عَدَمِ قِيَامِ الْمُشْتَرِي، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَإِذَا طَلَبَ التَّأْخِيرَ لِيَخْتَارَ إلَخْ مُرُورٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الَّذِي قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ فَإِذَنْ فَفِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَبِيعُ مِنْهُ] أَيْ لَهُ [قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ بَيْعِ الشُّفْعَةِ وَهِبَتِهَا لِلْمُبْتَاعِ قَوْلَانِ] الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الشُّفْعَةِ الْأَخْذُ وَعَدَمُهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ لَدَفْعِ الضَّرَرِ، وَإِذَا بِيعَتْ كَانَ مِنْ أَكْلِ الْأَمْوَالِ بِالْبَاطِلِ، وَالْمُرَادُ بِالْهِبَةِ فِي كَلَامِهِ هِبَةُ الثَّوَابِ حَتَّى يَظْهَرَ التَّعْلِيلُ كَذَا قَرَّرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ

[قَوْلُهُ: مِثَالُ ذَلِكَ] هَذَا إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَنْصِبَاءُ وَبِيعَ لِأَجْنَبِيٍّ.

وَأَمَّا لَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ الْأَنْصِبَاءُ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ عَلَى الرُّءُوسِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ مِمَّا لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَطَاحُونٍ وَمَعْصَرَةٍ عَلَى الْقَوْلِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ عَلَى الرُّءُوسِ اتِّفَاقًا وَقَوْلُنَا: لِغَيْرِ الشُّرَكَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الشُّرَكَاءِ لَتَرَكَ لَهُ حِصَّتَهُ الَّتِي كَانَ يَأْخُذُهَا، لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ لِأَحَدِهِمْ الرُّبُعُ وَلِآخَرَ الثُّمُنُ وَلِآخَرَ الثُّمُنُ أَيْضًا وَلِآخَرَ

ص: 254