الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى
حُكْمِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ
فَقَالَ: (وَكُلُّ بَيْعٍ فَاسِدٍ) كَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ (فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ) عَبْدُ الْوَهَّابِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي (فَإِنْ قَبَضَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا (الْمُبْتَاعُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ) عَلَى الْمَشْهُورِ عَبْدُ الْوَهَّابِ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ عَلَى جِهَةِ أَمَانَتِهِ، وَإِنَّمَا قَبَضَهُ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ ك: قُلْت جَعْلُهُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فِيمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ نَاقِلٍ، وَفِي هَذِهِ جَعَلَهُ نَاقِلًا، وَهَذَا اضْطِرَابٌ فِي التَّعْلِيلِ فَتَأَمَّلْ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ إذَا مَكَّنَهُ الْبَائِعُ مِنْ قَبْضِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَحَيْثُ قُلْنَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي
ــ
[حاشية العدوي]
ثَانِيهِ مَعَ الْمُثَلَّثَةِ فَقَطْ أَيْ يَنْبُتُ بَدَلَ رَوَاضِعِهِ بَعْدَ سُقُوطِهَا اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ الثَّانِيَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الرَّاجِحُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَجُوزُ التَّفْرِقَةُ إلَّا بَعْدَ نَبَاتِ مَا سَقَطَ مِنْ الرَّوَاضِعِ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَبَاتُهَا فِي زَمَنٍ مُعْتَادٍ فَإِنْ نَبَتَتْ فِي غَيْرِ زَمَنِ اعْتِيَادِ نَبَاتِهَا أَيْ سَقَطَتْ الرَّوَاضِعُ مِنْ قَبْلِ زَمَنِ سُقُوطِهَا عَادَةً وَنَبَتَ بِهَا حِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ التَّفْرِقَةُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: فَإِذَا أَثْغَرَ أَيْ: مُعْتَادًا. وَقَوْلُهُ: لِاسْتِغْنَائِهِ إلَخْ هَكَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَفِي الْأُخْرَى جَازَتْ التَّفْرِقَةُ حَيْثُ اسْتَغْنَى عَنْ أُمِّهِ فِي أَكْلِهِ إلَخْ.
وَهِيَ تُفِيدُ قَيْدًا غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ: وَهُوَ أَنَّ مُجَرَّدَ إنْبَاتِهَا غَيْرُ كَافٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بُلُوغِهَا مَبْلَغًا يَأْكُلُ بِهِ تَأَمَّلْ. قَالَهُ عج: وَأَفَادَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا أَثْغَرَ أَيْ سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ وَنَبَتَتْ كُلُّهَا لَا بَعْضُهَا، وَلَوْ الْمُعْظَمُ، وَلَوْ لَمْ يَتَكَامَلْ نَبَاتُهَا جَازَتْ التَّفْرِقَةُ، وَالْمُرَادُ الْإِثْغَارُ الْمُعْتَادُ وَيُكْتَفَى بِبُلُوغِهِ زَمَنَهُ الْمُعْتَادَ وَهُوَ بَعْدَ السَّبْعِ، وَلَوْ لَمْ يُثْغِرْ بِالْفِعْلِ إلَخْ.
تَنْبِيهٌ:
لَوْ حَصَلَتْ التَّفْرِقَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ فَيُفْسَخُ إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ زَمَنُ الْحُرْمَةِ بِأَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى حَصَلَ الْإِثْغَارُ الْمُعْتَادُ، وَإِلَّا مَضَى وَيُضْرَبُ بَائِعُ التَّفْرِقَةِ وَمُبْتَاعُهَا كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَعْتَادَاهُ، وَمَحَلُّ الضَّرْبِ إنْ عَلِمَا حُرْمَتَهُ وَإِلَّا عُذِرَا بِالْجَهْلِ.
[حُكْمِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ]
[قَوْلُهُ: وَكُلُّ بَيْعٍ فَاسِدٍ] أَيْ لِعَقْدِهِ أَوْ ثَمَنِهِ أَوْ مَثْمُونِهِ أَوْ أَجَلِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِمَا يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ مِنْ فَقْدِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ كَالنَّسَاءِ، وَالتَّفَاضُلِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِمَّا فَسَدَ لِعَقْدِهِ [قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضَهُ] أَيْ الْمَبِيعُ أَيْ قَبْضًا مُسْتَمِرًّا بَعْدَ بَتِّ الْبَيْعِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا فَقَبَضَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْبَائِعِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَهَلَكَتْ، فَإِنَّ ضَمَانَهَا مِنْ بَائِعِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَبْضَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ بَعْدَ الْبَتِّ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ بَيْعِ الْخِيَارِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ إذَا وَقَعَ عَلَى خِيَارِ الضَّمَانِ فِيهِ مِنْ الْبَائِعِ.
تَنْبِيهٌ:
هَذَا الضَّمَانُ ضَمَانُ أَصَالَةٍ لَا ضَمَانُ رِهَانٍ، فَلَا يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ: أَيْ الْمَبِيعَ الْمَفْهُومَ مِنْ السِّيَاقِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ أَوْ الْمَفْهُومَ مِنْ بَيْعٍ.
[قَوْلُهُ: ك قُلْت جَعَلَهُ] أَيْ عَبْدُ الْوَهَّابِ [قَوْلُهُ: اضْطِرَابٌ فِي التَّعْلِيلِ] أَيْ فَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَبَضَهُ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ يَقْتَضِي أَنَّهُ انْتَقَلَ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ إنَّمَا قَبَضَهُ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ أَيْ بِحَسَبِ زَعْمِهِ أَيْ فَلَمَّا قَبَضَهُ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ بِحَسَبِ زَعْمِهِ وَتَعَدَّى وَأَخَذَهُ ضَمِنَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ لَهُ الْمِلْكُ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ. [قَوْلُهُ: وَحَيْثُ قُلْنَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي] أَيْ يَضْمَنُ الْمَبِيعَ فَاسِدًا أَشْعَرَ بِأَنَّهُ مِمَّا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ احْتِرَازًا مِنْ نَحْوِ الْمَيْتَةِ، وَالزِّبْلِ، وَالْكَلْبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَبَضَهُ وَأَدَّى ثَمَنَهُ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ.
تَنْبِيهٌ:
إذَا رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِسَبَبِ الْفَسَادِ يَفُوزُ الْمُشْتَرِي بِغَلَّتِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسَادِ وَبِوُجُوبِ
فَإِنَّهُ يَكُونُ (مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ) لَا مِنْ يَوْمِ عَقْدِهِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ يَوْمَ الْعَقْدِ مَا يَكُونُ صَحِيحًا (فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا بِأَنْ حَالَ) عَلَيْهِ (سُوقُهُ) أَيْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ نَقْصٍ فِيهِ (أَوْ تَغَيَّرَ فِي بَدَنِهِ) أَيْ فِي نَفْسِهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَإِنْ كَانَ مُقَوَّمًا (فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ مِثْلَهُ (يَوْمَ قَبْضِهِ) لَا يَوْمَ الْفَوَاتِ وَلَا يَوْمَ الْحُكْمِ (وَلَا يَرُدُّهُ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْمُقَوَّمِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا جَبْرًا، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ جَازَ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ لِئَلَّا يَكُونَ بَيْعًا ثَانِيًا بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ (وَإِنْ كَانَ) مِثْلِيًّا (مِمَّا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ) أَوْ يُعَدُّ (فَلْيَرُدَّ مِثْلَهُ وَلَا يُفِيتُ الرِّبَاع حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ) مَا ذَكَرَهُ أَنَّ تَغَيُّرَ السُّوقِ مُفِيتٌ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمُقَوَّمِ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ غَيْرُ مُفِيتٍ فِيهِ كَالْعَقَارِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ
ــ
[حاشية العدوي]
الْفَسْخِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا مَوْقُوفًا شِرَاءً فَاسِدًا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ وَقْفٌ فَيَجِبُ رَدُّهَا حَيْثُ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ غَيْرِ رَشِيدٍ، وَأَمَّا عَلَى مُعَيَّنٍ رَشِيدٍ وَبَاعَهُ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ فَإِنَّهُ يَفُوزُ الْمُشْتَرِي بِالْغَلَّةِ، وَلَوْ عَلِمَ بِأَنَّهُ وَقْفٌ وَكَمَا يَفُوزُ الْمُشْتَرِي بِالْغَلَّةِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِكُلْفَةِ الْحَيَوَانِ إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ قَدْرَ الْكُلْفَةِ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا لَوْ زَادَتْ الْكُلْفَةُ عَلَى الْغَلَّةِ أَوْ كَانَ لَا غَلَّةَ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالزَّائِدِ فِي الْأُولَى أَوْ بِكُلِّهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَقَدْ يَرْجِعُ بِالنَّفَقَةِ مَعَ كَوْنِ الْغَلَّةِ لَهُ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ فَاسِدًا مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَبِنَاءٍ وَصَبْغٍ فَيَرْجِعُ بِذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْغَلَّةِ لَهُ كَسُكْنَاهُ وَلُبْسِهِ
[قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَضْمَنُ يَوْمَ الْعَقْدِ مَا يَكُونُ صَحِيحًا] أَيْ مِمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَوَقَعَ بَتًّا فَيَنْتَقِلُ ضَمَانُهُ لِلْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ فَلَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُهُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ وَهُوَ بِكَيْلِ مَا يُكَالُ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَمًا يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ، وَكَذَا فِي مَسَائِلَ أُخَرَ فَلْتُرَاجَعْ فِي خَلِيلٍ. [قَوْلُهُ: بِأَنْ حَالَ عَلَيْهِ إلَخْ] إلَّا أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْعُرُوضِ، وَالْحَيَوَانِ دُونَ الْعَقَارِ، وَالْمِثْلِيِّ، فَإِنْ تَغَيَّرَ السُّوقُ لَا يُفِيتُهُمَا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الرَّغْبَةُ فِيهِمَا بِاخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ، وَسَيُنَبِّهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ
[قَوْلُهُ: أَيْ فِي نَفْسِهِ] أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَدَنِ الذَّاتُ فَيَصْدُقُ بِالْجَمَادِ لَا خُصُوصِ الْحَيَوَانِ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ بَدَنٍ [قَوْلُهُ: بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ] كَأَنْ تَتَغَيَّرَ الدَّابَّةُ بِسِمَنٍ أَوْ هُزَالٍ بِخِلَافِ سِمَنِ الْأَمَةِ، وَأَمَّا هُزَالُ الْأَمَةِ فَمُفِيتٌ [قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُقَوَّمًا] قَدْرُهُ لِمُقَابَلَةِ قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا [قَوْلُهُ: بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ إلَخْ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ. وَقَوْلُهُمْ لَزِمَهُ ذَلِكَ بَالِغًا مَا بَلَغَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، أَيْ مُتَرَقِّيًا إلَى أَعْلَى نِهَايَةٍ مِنْ قَوْلِهِمْ بَلَغْت الْمَنْزِلَ إذَا وَصَلْته اهـ.
، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مَجَازِ الْأَوَّلِ، وَالتَّقْدِيرُ وَاصِلَةً تِلْكَ الْقِيمَةُ إلَى قَدْرٍ يَئُولُ إلَى اتِّصَافِهِ بِأَنَّهَا وَصَلَتْهُ فَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، وَقَوْلُهُ. وَلَا يَوْمَ الْحُكْمِ أَيْ الْحُكْمِ بِالْقِيمَةِ [قَوْلُهُ: جَازَ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ] هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ، وَمُقَابِلُهُ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا إسْقَاطُ التَّنَازُعِ، وَبَعْدَ أَنْ عَلِمْت الْمَشْهُورَ فَيُقَيَّدُ عِنْدَ كَوْنِ الْمَبِيعِ جَارِيَةً أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُوَاضَعَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ دَيْنٌ عَلَى الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْبَائِعُ فِيهَا جَارِيَةً فِيهَا مُوَاضَعَةٌ فَهُوَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ. فَائِدَةٌ:
إذَا وَجَبَ رَدُّ الْقِيمَةِ فَإِنَّهُ يُقَاصِصُهُ بِهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَأُجْرَةُ الْمُقَوِّمِ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ جَمِيعًا. [قَوْلُهُ: مِمَّا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ أَوْ يُعَدُّ] احْتِرَازًا عَنْ الْمِثْلِيِّ الْمُشْتَرَى جُزَافًا فَإِنَّهُ يُحَرَّزُ وَيُقَوَّمُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَلَا يُرَدُّ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْمُقَوَّمَ فِي الْفَوَاتِ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ مَا لَمْ تُعْلَمْ مَكِيلَتُهُ بَعْدُ، فَيَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ أَشَارَ لَهُ الْحَطَّابُ [قَوْلُهُ: فَلْيُرَدَّ مِثْلُهُ] فَإِنْ تَعَذَّرَ الْمِثْلِيُّ فَالْقِيمَةُ كَثَمَرٍ فَاتَ إبَّانُهُ وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ التَّعَذُّرِ.
تَنْبِيهٌ:
مَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ، وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِي فَسَادِهِ، وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ فَيَمْضِي بِالثَّمَنِ.
[قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ غَيْرُ مُفِيتٍ فِيهِ] وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ مُفِيتٌ فِيهِ وَمِمَّا يُفِيتُهُ أَيْضًا طُولُ زَمَانِ الْحَيَوَانِ، وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ الطُّولِ فَفِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ شَهْرٌ، وَفِي كِتَابِ السَّلَمِ مِنْهَا لَيْسَ الشَّهْرَانِ وَلَا
الْمِثْلِيِّ، وَالْمُقَوَّمِ بِأَنَّ الْمِثْلِيَّ فِيهِ الْقَضَاءُ بِالْمِثْلِ، وَالْقِيمَةِ كَالْفَرْعِ لَا يَعْدِلُ إلَيْهَا مَعَ إمْكَانِ الْأَصْلِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْعَقَارِ، وَالْمُقَوَّمِ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي شِرَاءِ الْعَقَارِ أَنْ يَكُونَ لِلْقُنْيَةِ فَلَا يُطْلَبُ فِيهِ كَثْرَةُ الثَّمَنِ وَلَا قِلَّتُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ
(وَلَا يَجُوزُ سَلَفٌ يَجُرُّ مَنْفَعَةً) لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ حِنْطَةٌ رَدِيئَةٌ يُسَلِّفُهَا لِمَنْ يَأْخُذُ مِنْهُ عِوَضَهَا جَيِّدًا (وَ) كَذَا (لَا يَجُوزُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ) لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ» . وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ تَبِيعَ سِلْعَتَيْنِ بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ تَشْتَرِيَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِدِينَارٍ نَقْدًا، فَكَأَنَّ الْبَائِعَ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ سِلْعَةٌ وَدِينَارٌ نَقْدًا يَأْخُذُ عَنْهُمَا عِنْدَ الْأَجَلِ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا عِوَضٌ عَنْ السِّلْعَةِ وَهُوَ بَيْعٌ، وَالثَّانِي عِوَضٌ عَنْ الدِّينَارِ الْمَنْقُودِ وَهُوَ سَلَفٌ (وَكَذَلِكَ) لَا يَجُوزُ (مَا قَارَنَ السَّلَفَ مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَلِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مَنْعُ
ــ
[حاشية العدوي]
الثَّلَاثَةُ بِفَوْتٍ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ التَّغَيُّرُ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ أَيْ لَيْسَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ خِلَافٌ حَقِيقِيٌّ، وَإِنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ فِي شَهَادَةٍ أَيْ شَهَادَةٍ وَحُضُورٍ، أَيْ أَنَّ مَالِكًا تَكَلَّمَ عَلَى حَيَوَانٍ بِحَسَبِ مَا عَايَنَهُ فَمَرَّةً رَأَى أَنَّ بَعْضَ الْحَيَوَانَاتِ يُفِيتُهُ الشَّهْرُ لِسُرْعَةِ تَغَيُّرِهِ لِصِغَرٍ وَنَحْوِهِ، وَمَرَّةً رَأَى أَنَّ بَعْضَ الْحَيَوَانَاتِ لَا يُفِيتُهُ الثَّلَاثَةُ لِعَدَمِ ذَلِكَ، وَكَذَا يُفِيتُهُ نَقْلُ الْعُرُوضِ كَالْحَيَوَانِ، وَالثِّيَابِ، وَالْمِثْلِيِّ كَقَمْحٍ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ إذَا كَانَ بِكُلْفَةٍ مِنْ كِرَاءٍ أَوْ خَوْفِ طَرِيقٍ أَوْ مَكْسٍ فَيَرُدُّ قِيمَةَ الْعَرْضِ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ فِي مَحَلِّهِمَا وَاحْتَرَزْنَا بِكُلْفَةٍ مِنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَنْتَقِلُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ نَقْلَهُ لَا يُفِيتُهُ إلَّا فِي خَوْفِ طَرِيقٍ، وَالْمُرَادُ شَأْنُهُ الْكُلْفَةُ، وَلَوْ نَقَلَهُ بِعَبِيدِهِ مَثَلًا، وَكَذَا يُفِيتُ وَطْءُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا رَفِيعَةً أَوْ وَخْشًا لِتَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِالْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ، وَكَذَا يُفِيتُهُ خُرُوجُهُ عَنْ يَدِ مُبْتَاعِهِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ صَحِيحٍ أَوْ حَبْسٍ، وَكَذَا رَهْنُهُ وَإِجَارَتُهُ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ شُرُوحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ.
[قَوْلُهُ: وَالْقِيمَةُ كَالْفَرْعِ] مُفَادُهُ أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ فَوَاتِهِ يَرُدُّ قِيمَتَهُ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِفَوَاتِهِ وَيَرُدُّ مِثْلَهُ حِينَئِذٍ كَمَا قِيلَ فِي ذَهَابِ دَابَّةٍ مِنْ أَنَّهُ فَوْتٌ وَيَرُدُّ مِثْلَهُ.
[قَوْلُهُ: يَجُرُّ مَنْفَعَةً] أَيْ لِغَيْرِ الْمُقْتَرِضِ بِأَنْ جَرَّ لِلْمُقْرِضِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ نَاحِيَتِهِ فَلَا يَقَعُ جَائِزًا إلَّا إذَا تَمَحَّضَ النَّفْعُ لِلْمُقْتَرِضِ. [قَوْلُهُ: مِثْلُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ] أَوْ يُقْرِضَ مَقْصُوصًا لِيَأْخُذَ جَيِّدًا، وَأَحْرَى الدُّخُولُ عَلَى أَكْثَرِ كَمِّيَّةٍ وَكَدَفْعِ ذَاتٍ يَشُقُّ حَمْلُهَا لِيَأْخُذَ بَدَلهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ، وَقَصْدُهُ إرَاحَتُهُ مِنْ حِمْلِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَامِلُ عَلَيْهِ كَثْرَةُ الْخَوْفِ فِي الطَّرِيقِ فَلَا مَنْعَ، وَحُكْمُ الْقَرْضِ الْمَمْنُوعِ أَنَّهُ يُرَدُّ إلَّا أَنْ يُفَوَّتَ بِمَا يُفَوَّتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ فَلَا يُرَدُّ، وَيَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ الْقِيمَةُ فِي الْمُقَوَّمِ، وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْمَجْهُولِ كَمِلْءِ غِرَارَةٍ بِمِثْلِهَا مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ مَا فِيهَا وَجَهْلِ الْأَجَلِ، وَمَا لَا يُبَاعُ كَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ [قَوْلُهُ: وَصُورَةُ ذَلِكَ] هَذَا مِثَالٌ لِلِاتِّهَامِ عَلَى الْبَيْعِ، وَالسَّلَفِ،، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ وَلَا يُمْنَعُ إلَّا الْبَيْعُ، وَالسَّلَفُ إذَا كَانَ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالثَّمَنِ، وَالْإِخْلَالُ إمَّا مِنْ حَيْثُ كَثْرَتُهُ إنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ نَقْصِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ، وَمَحَلُّ الْفَسَادِ عِنْدَ الشَّرْطِ مَا لَمْ يُسْقِطَاهُ، وَالْأَصَحُّ إنْ كَانَ الْإِسْقَاطُ قَبْلَ فَوَاتِ السِّلْعَةِ لَا إنْ كَانَ بَعْدَ فَوَاتِهَا، وَيَجِبُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ، وَالْقِيمَةِ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسَلِّفَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَلَّفَ الْبَائِعَ أَخَذَهَا بِالنَّقْصِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الْمُسَلِّفَ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَقَلُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي قَدْ غَابَ عَلَى السَّلَفِ بِحَيْثُ انْتَفَعَ بِهِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ، وَهَذَا فِي الْمُقَوَّمِ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَالْوَاجِبُ مِثْلُهُ مُطْلَقًا. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ] عِبَارَةُ تت أَحْسَنُ، وَنَصُّهُ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ مَا قَارَنَ السَّلَفَ مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ بِشَرْطِ السَّلَفِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْعِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ مَعَ السَّلَفِ كَالْبَيْعِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ
السَّلَفِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ خَشِيَ تَوَهُّمَ طَرْدِ ذَلِكَ رَفَعَهُ بِقَوْلِهِ: (وَالسَّلَفُ) بِمَعْنَى الْقَرْضِ وَهُوَ دَفْعُ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ لِلَّهِ تَعَالَى لِيَنْتَفِعَ بِهِ آخُذُهُ ثُمَّ يَرُدُّ لَهُ مِثْلَهُ أَوْ عَيْنَهُ (جَائِزٌ) أَيْ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ (فِي كُلِّ شَيْءٍ) مِنْ سَائِرِ الْمُمْتَلَكَاتِ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا (إلَّا فِي الْجَوَارِي) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إعَارَةِ الْفُرُوجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَرْضُ لِامْرَأَةٍ أَوْ لِذِي مَحْرَمٍ أَوْ كَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ لَا تُوطَأُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُدَوَّنَةَ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَقِبَ
ــ
[حاشية العدوي]
وَالْكِرَاءَ لَيْسَا مِنْ الْبَيْعِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَلَا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ، وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا بِذَلِكَ بَلْ النِّكَاحُ، وَالشِّرْكَةُ، وَالْقِرَاضُ، وَالْمُسَاقَاةُ، وَالصَّرْفُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ السَّلَفِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ كُلَّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ يَمْتَنِعُ جَمْعُهُ مَعَ السَّلَفِ، وَأَمَّا اجْتِمَاعُ السَّلَفِ مَعَ الصَّدَقَةِ أَوْ الْهِبَةِ إنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ أَوْ الْوَاهِبِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَلَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ جَمْعُ الْبَيْعِ مَعَ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فِي النَّظْمِ وَهُوَ قَوْلُهُ:
عُقُودٌ مَنَعْنَاهَا مَعَ الْبَيْعِ سِتَّةٌ
…
وَيَجْمَعُهَا فِي اللَّفْظِ جَصٌّ مُشَنَّقُ
فَجُعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شِرْكَةٌ
…
نِكَاحٌ قِرَاضٌ مَنْعُ هَذَا مُحَقَّقُ
، وَكَذَا لَا يَجُوزُ جَمْعُ وَاحِدٍ مِنْهَا مَعَ الْآخَرِ [قَوْلُهُ: خُشِيَ تَوَهُّمُ طَرْدِ ذَلِكَ] أَيْ اسْتِمْرَارُ الْمَنْعِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ. [قَوْلُهُ: وَالسَّلَفُ جَائِزٌ] وَيَمْلِكُ الْمُقْتَرِضُ الشَّيْءَ الْمُقْرَضَ بِالْقَوْلِ، وَلَا يَلْزَمُ رَدُّهُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ مُدَّةً ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَجْرَى عَلَى الْعَارِيَّةِ الْمُنْتَفِي فِيهَا شَرْطُ الْأَجَلِ، وَالْعَادَةِ، وَفِيهَا خِلَافٌ فَقِيلَ لَهُ رَدُّهُ، وَلَوْ بِالْقُرْبِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ أَنْ يُبْقِيَهُ لَهُ الْقَدْرَ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ أَعَارَهُ لِمِثْلِهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَيْسَ مِنْ الْعَمَلِ بِالْعَادَةِ إذْ قَدْ تَزِيدُ عَلَيْهِ الْعَادَةُ بِفَرْضِ وُجُودِهَا اهـ.
[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْقَرْضِ] يُوهِمُ أَنَّ فِي السَّلَفِ إجْمَالًا بَيَّنَ الْمُرَادَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ: بِمَعْنًى وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ السَّلَمُ. [قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ، وَعَبَّرَ بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ، وَالطَّاعَةُ امْتِثَالُ الْأَمْرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمَأْمُورُ، وَالْعِبَادَةُ امْتِثَالُ الْأَمْرِ مَعَ مَعْرِفَةِ الْآمِرِ وَمَعَ النِّيَّةِ. وَقَوْلُهُ: لِلَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِالْقُرْبَةِ بِمَعْنَى التَّقَرُّبِ وَقَوْلُهُ: لِيَنْتَفِعَ بِهِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ دَفْعُ الْمَالِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِلَّهِ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ دَفْعُ الْمَالِ وَقَوْلُهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ تَعْلِيلٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ [قَوْلُهُ: لِيَنْتَفِعَ] أَيْ لِقَصْدِ أَنْ يَنْتَفِعَ انْتَفَعَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا فَانْطَبَقَ عَلَى مَا بَعْدَهُ، وَأَرَادَ تَعْرِيفَ الْقَرْضِ الْجَائِزِ شَرْعًا فَلِذَلِكَ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَيْنُهُ فَيَجُوزُ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَ الَّذِي اقْتَرَضَهُ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَيْنَ الَّذِي اقْتَرَضَهُ، وَهَذَا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بِنَقْصٍ فَوَاضِحٌ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ، وَلَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَاسْتَظْهَرُوا وُجُوبَ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ [قَوْلُهُ: أَيْ مَنْدُوبٌ] لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، أَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْجَائِزِ الْمَأْذُونُ فِيهِ شَرْعًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَنْدُوبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إيصَالِ النَّفْعِ لِلْمُقْتَرِضِ وَتَفْرِيجِ كُرْبَتِهِ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يَقْتَضِي وُجُوبَهُ أَوْ حُرْمَتَهُ أَوْ كَرَاهَتَهُ وَتَعَسُّرَ إبَاحَتِهِ [قَوْلُهُ: الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ، وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ فَيَدْخُلُ جِلْدُ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغُ وَلَحْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَمِلْءُ الظَّرْفِ الْمَجْهُولِ [قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْجَوَارِي] فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَتُرَدُّ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَالْقِيمَةُ وَلَا تُرَدُّ كَاسْتِيلَادِهَا وَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ وَلَدِهَا وَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَكَذَا الْقِيمَةُ لَازِمَةٌ لِلْمُقْتَرِضِ بِفَوَاتِهَا بِوَطْءٍ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا كَغَيْبَتِهِ عَلَيْهَا وَلَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى رَدِّهَا إلَّا فِيمَا إذَا فَاتَتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى رَدِّهَا وَلَيْسَ فِيهِ تَتْمِيمٌ لِلْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ ذَاتَهَا عِوَضٌ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إعَارَةِ الْفُرُوجِ] أَيْ لِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرُدَّ نَفْسَ الذَّاتِ الْمُقْتَرَضَةِ وَرُبَّمَا يَكُونُ رَدُّهَا بَعْدَ التَّلَذُّذِ [قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ لَا تُوطَأُ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَهَذَا عِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَا يَجِبُ