الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَرَعَ يُبَيِّنُ
الْأَنْكِحَةَ الْفَاسِدَةَ
فَقَالَ: (وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الشِّغَارِ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: صَرِيحُ الشِّغَارِ وَوَجْهُ الشِّغَارِ وَمُرَكَّبٌ مِنْهُمَا، وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ:(وَهُوَ الْبُضْعُ بِالْبُضْعِ) أَيْ الْفَرْجُ بِالْفَرْجِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَالصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الشِّغَارِ» ، وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ لِرَجُلٍ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ التَّفْسِيرَ مِنْ كَلَامِ نَافِعٍ رَاوِي الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم. وَالثَّانِي: أَنْ يُسَمِّيَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقًا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ زَوِّجْنِي ابْنَتَك بِخَمْسِينَ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي بِخَمْسِينَ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يُسَمِّيَ لِوَاحِدَةٍ دُونَ أُخْرَى مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: زَوِّجْنِي ابْنَتَك بِخَمْسِينَ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي بِغَيْرِ شَيْءٍ. وَحُكْمُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَلِلْمَدْخُولِ بِهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. وَحُكْمُ الثَّانِي: أَنْ يُفْسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْأَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى عَلَى الْمَشْهُورِ. وَحُكْمُ الثَّالِثِ: أَنَّهُمَا يُفْسَخَانِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ نِكَاحُ الْمُسَمَّى لَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ أَوْ الْأَكْثَرُ تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا، وَلَيْسَ لَهَا إلَّا صَدَاقُ الْمِثْلِ.
(وَلَا) يَجُوزُ (نِكَاحٌ بِغَيْرِ صَدَاقٍ) إذَا شَرَطَا إسْقَاطَهُ فَإِنْ وَقَعَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُفْسَخُ
ــ
[حاشية العدوي]
إلَخْ] الْأَوَّلُ: رُكُونُ وَلِيِّهَا أَوْ مَنْ يَقُومُ عَلَيْهَا مِنْ أُمٍّ أَوْ غَيْرِهَا كَرُكُونِهَا إنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا الرَّدُّ عِنْدَ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهَا.
الثَّانِي: إذَا خَطَبَ عَلَى خِطْبَةِ غَيْرِ الْفَاسِقِ بَعْدَ الرُّكُونِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لِسُهُولَةِ الْفَسْخِ حِينَئِذٍ وَالْفَسْخُ بِطَلَاقٍ، سَوَاءٌ قَامَ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ أَوْ تَرَكَهُ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ فِي فَسْخِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ مَفَاسِدَ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ تَعَالَى، وَيَتَحَلَّلَ صَاحِبُهُ مِمَّا فَعَلَ، وَإِذَا اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ، وَيَنْبَغِي التَّعْزِيرُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ حَصَلَ الْفَسْخُ؛ لِإِقْدَامِهِ عَلَى الْأَمْرِ الْمُحَرَّمِ، وَفِي الْجَلَّابِ فَإِنْ خَطَبَ عَلَى خِطْبَتِهِ، وَعَقَدَ عَلَى ذَلِكَ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَلَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ الْمَهْرُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا. الثَّالِثُ قَالَ فِي الْجَلَّابِ لَا بَأْسَ أَنْ يَخْطُبَ الْمَرْأَةَ جَمَاعَةٌ مُجْتَمِعُونَ وَمُفْتَرِقُونَ مَا لَمْ تُوَافِقْ وَاحِدًا وَتَسْكُنْ إلَيْهِ، فَحَرُمَ عَلَى غَيْرِ الْأَوَّلِ أَنْ يَخْطُبَهَا حَتَّى يَعْدِلَ الْأَوَّلُ عَنْهَا. اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ.
[الْأَنْكِحَةَ الْفَاسِدَةَ]
[قَوْلُهُ: نِكَاحُ الشِّغَارِ] ، وَهَلْ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الرَّفْعِ تَقُولُ شَغَرَ الْكَلْبُ إذَا رَفَعَ رِجْلَهُ لِلْبَوْلِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ بُلُوغِهِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْجِمَاعِ أَوْ مِنْ الْخُلُوِّ، وَهُوَ رَفْعُ الصَّدَاقِ بَيْنَهُمَا، شَغَرَتْ الْبَلَدُ خَلَتْ مِنْ النَّاسِ، وَلِذَا اُسْتُعْمِلَ فِي النِّكَاحِ بِدُونِ مَهْرٍ كَمَا قَالَهُ فِي تت. [قَوْلُهُ: يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ] ، وَقَالَ سَحْنُونٌ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ مَغْلُوبٍ عَلَى فَسْخِهِ فَالْفِسْقُ فِيهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ.
[قَوْلُهُ: لَا بَعْدَهُ]، وَقِيلَ بِالْفَسْخِ بَعْدَهُ [قَوْلُهُ: وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْأَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ] ، وَقِيلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقُ الْمِثْلِ [قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهَا صَدَاقٌ إلَخْ] وَالرَّاجِحُ مِنْ الْخِلَافِ أَنَّ لَهَا الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى، وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُجْبَرَةً كَالْبِكْرِ وَالْأَمَةِ أَوْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ كَالْأُخْتِ وَكَمَا يَجْرِي بَيْنَ الْأَحْرَارِ يَجْرِي بَيْنَ الْعَبِيدِ، كَزَوِّجْ أَمَتَك مِنْ عَبْدِي عَلَى أَنْ أُزَوِّجَ أَمَتِي مِنْ عَبْدِك وَمَحِلُّ فَسَادِ نِكَاحِ الشِّغَارِ إذَا تَوَقَّفَ نِكَاحُ أَحَدِهِمَا عَلَى نِكَاحِ الْآخَرِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ وَسَمَّيَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَوْ دَخَلَا عَلَى التَّفْوِيضِ فَلَا فَسَادَ، وَحُكْمُهُ تَسْمِيَةُ الْوَسَطِ وَجْهًا؛ لِأَنَّهُ شِغَارٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، فَحَيْثُ إنَّهُ سَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقًا لَيْسَ بِشِغَارٍ لِعَدَمِ خُلُوِّ الْعَقْدِ عَنْ الصَّدَاقِ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرْطُ تَزَوُّجِ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَهُوَ شِغَارٌ وَتَسْمِيَةُ الْأَوَّلِ وَاضِحَةٌ وَالْأَخِيرُ كَذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: إذَا شَرَطَا إسْقَاطَهُ] وَفِي مَعْنَى إسْقَاطِهِ إرْسَالُهَا لَهُ مَالًا عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ لَهَا صَدَاقًا فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ.
قَالَهُ تت. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ شَرَطَا إسْقَاطَهُ أَنَّهُمَا لَوْ سَكَتَا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ دَخَلَا عَلَى التَّفْوِيضِ بِاللَّفْظِ أَوْ عَلَى تَحْكِيمِ الْغَيْرِ فِي بَيَانِ قَدْرِهِ فَلَا فَسَادَ، وَهُوَ كَذَلِكَ. [قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُفْسَخُ] أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَسَادَهُ مِنْ جِهَةِ صَدَاقِهِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ، الْمِثْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا قَالَ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ
قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَيْسَ لَهَا شَيْءٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بِطَلَاقٍ قَوْلَانِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَيَسْقُطُ الْحَدُّ؛ لِوُجُودِ الْخِلَافِ.
(وَ) كَذَلِكَ (لَا) يَجُوزُ (نِكَاحُ الْمُتْعَةِ) إجْمَاعًا (وَهُوَ النِّكَاحُ إلَى أَجَلٍ) خَاصَّةً بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَبِغَيْرِ شُهُودٍ وَبِغَيْرِ صَدَاقٍ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هُوَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ وَشُهُودٍ وَوَلِيٍّ، وَإِنَّمَا فَسَدَ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ، وَيُفْسَخُ أَبَدًا بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَيُعَاقَبُ فِيهِ الزَّوْجَانِ، وَلَا يَبْلُغُ بِهِمَا الْحَدُّ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ كَامِلَةٌ وَلَا صَدَاقَ لَهَا، إنْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَسَمَّى لَهَا صَدَاقًا فَلَهَا مَا سَمَّى، لِأَنَّ فَسَادَهُ فِي عَقْدِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ.
(وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ (النِّكَاحُ) بِمَعْنَى الْعَقْدِ عَلَى الْمَرْأَةِ حَالَ كَوْنِهَا (فِي الْعِدَّةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235]«وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: لِلْفُرَيْعَةِ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» وَالْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَمَنْ عَقَدَ عَلَى مُعْتَدَّةٍ فَسَخَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا عُوقِبَا، وَالشُّهُودُ إنْ عَلِمُوا وَلَهَا الْمُسَمَّى.
ــ
[حاشية العدوي]
يُفْسَخُ قَبْلُ وَبَعْدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَسَادَهُ مِنْ جِهَةِ عَقْدِهِ، الثَّانِي لِابْنِ شَعْبَانَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ كَنِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَا بَعْدَهُ، وَيَكُونُ لَهَا صَدَاقُ، الْمِثْلِ، وَقَوْلُهُ وَفِي فَسْخِهِ بِطَلَاقٍ قَوْلَانِ. وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا كَمَا قُرِّرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَقَوْلُهُ لِوُجُودِ الْخِلَافِ أَيْ؛ لِأَنَّ ابْنَ شَعْبَانَ كَمَا قُلْنَا لَا يَفْسَخُهُ مُطْلَقًا، لَا قَبْلُ، وَلَا بَعْدُ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ النِّكَاحُ إلَى أَجَلٍ] ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ وَالْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا قَرُبَ الْأَجَلُ أَوْ بَعُدَ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُهُ عُمُرُ أَحَدِهِمَا [قَوْلُهُ: أَجَلٍ] تَصْرِيحًا وَمَا أَشْبَهَهُ كَأَنَّ أَعْلَمَ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ عِنْدَ الْعَقْدِ بِأَنَّهُ يُفَارِقُهَا بَعْدَ سَفَرِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعْلِمْهَا، وَإِنَّمَا قَصَدَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَفْسُدُ، وَإِنْ فَهِمَتْ مِنْهُ ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِ صَدَاقٍ] كَذَا نَقَلَ الْفَاكِهَانِيُّ، وَأَمَّا الْأَقْفَهْسِيُّ فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مَا كَانَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ تَسْمِيَةُ الصَّدَاقِ فَقَطْ [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ] هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ [قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ أَبَدًا بِغَيْرِ طَلَاقٍ] هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ، وَعَلَيْهِ فَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحَ مُتْعَةٍ، وَلَمْ يَتَلَذَّذْ بِهَا جَازَ لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ نِكَاحُهَا.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَبْلُغُ بِهِمَا الْحَدَّ] ، وَلَوْ عَالِمَيْنِ بِحُرْمَةِ النِّكَاحِ وَعَدَمُ الْحَدِّ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِهِ بِأَنَّهُ النِّكَاحُ لِأَجَلٍ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ وَتَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ، وَهُوَ تَفْسِيرُ ابْنِ رُشْدٍ وَفَسَادُهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ خَاصَّةً، وَأَمَّا عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ فَالْحَدُّ فِيهِ ثَابِتٌ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَسَمَّى إلَخْ] الرَّاجِحُ أَنَّ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ سَمَّى لَهَا أَوْ لَمْ يُسَمِّ كَمَا فِي عج.
[قَوْلُهُ: كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا] فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ رَجْعِيٍّ لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الْعَاقِدِ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ، وَلِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ رَجْعَتُهَا قَبْلَ فَسْخِ نِكَاحِ الثَّانِي وَبَعْدَهُ فَتَدَبَّرْ، وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ، وَأَمَّا التَّأْبِيدُ وَعَدَمُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ.
وَانْظُرْ لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ وَوَطِئَهَا هَلْ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ زَانٍ حِينَئِذٍ لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ الْغَيْرِ أَمْ لَا، وَلِلشُّيُوخِ فِي بَابِ الزِّنَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهَا زَوْجَةُ الْغَيْرِ. اهـ[قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ] أَيْ الْمَكْتُوبُ مِنْ الْعِدَّةِ غَايَتُهُ وَسُمِّيَتْ كِتَابًا؛ لِأَنَّهَا فَرْضٌ مِنْ اللَّهِ [قَوْلُهُ: لِلْفُرَيْعَةِ] قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ فِي حَرْفِ الْفَاءِ الْفُرَيْعَةُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا: الْفَارِعَةُ أَنْصَارِيَّةٌ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حِينَ قُتِلَ زَوْجُهَا.
[قَوْلُهُ: فَمَنْ عَقَدَ عَلَى مُعْتَدَّةٍ] أَيْ مِنْ غَيْرِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ تَزَوَّجَ بِهَا صَاحِبُ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ دُونَ الثَّلَاثِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بَائِنَةً بِالثَّلَاثِ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ حُدَّ مَعَ فَسْخِ نِكَاحِهِ، وَلَكِنْ لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ، كَالْمَنْكُوحَةِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ مِنْ غَيْرِهِ [قَوْلُهُ: فُسِخَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ] ، وَلَوْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ
وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ وَلَا يَتَوَارَثَانِ قَبْلَ الْفَسْخِ؛ لِفَسَادِ الْعَقْدِ، وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا، سَوَاءٌ وُطِئَتْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وَمُقَدِّمَاتُ الْوَطْءِ كَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ فِي الْعِدَّةِ كَالْوَطْءِ فِيهَا وَتُخَالِفُهُ إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَلَا تَحْرُمُ بِهَا كَمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ إنْ شَاءَ.
(وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى (مَا جَرَّ إلَى غَرَرٍ فِي عَقْدٍ) كَالنِّكَاحِ عَلَى الْخِيَارِ (أَوْ) جَرَّ إلَى غَرَرٍ فِي (صَدَاقٍ) كَالنِّكَاحِ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ.
(وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ النِّكَاحُ (بِمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهَا، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ بَعْضِ مَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْأَنْكِحَةِ شَرَعَ يُبَيِّنُ حُكْمَ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ فَقَالَ: (وَمَا فَسَدَ مِنْ النِّكَاحِ لِصَدَاقِهِ) كَالنِّكَاحِ بِمَا لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ شَرْعًا، كَالْخَمْرِ أَوْ يَجُوزُ لَكِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْآبِقِ (فُسِخَ قَبْلَ
ــ
[حاشية العدوي]
الرَّجْعِيِّ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَلَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجَيْنِ، وَكَذَا الْفَسْخُ الْوَاقِعُ فِي اسْتِبْرَاءٍ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى فَسْخِهِ، وَيَجِبُ لَهَا الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ [قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفَسْخِ] أَيْ إذَا حَصَلَ مَوْتٌ قَبْلَ الْفَسْخِ [قَوْلُهُ: وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا] أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ، وَكَمَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ تَحْرُمُ عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ.
تَنْبِيهٌ: مِثْلُ الْمُعْتَدَّةِ فِي حُرْمَةِ خِطْبَتِهَا وَنِكَاحِهَا الْمَحْبُوسَةُ لِلِاسْتِبْرَاءِ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ غَلَطٍ، وَلَوْ مِنْ مُرِيدِ النِّكَاحِ، إلَّا تَأْبِيدَ التَّحْرِيمِ فَمَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ غَيْرِهِ.
تَتِمَّةٌ: الْمَرْأَةُ الْمَحْبُوسَةُ إمَّا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ فَهَذِهِ سِتَّةٌ تُضْرَبُ فِي مِثْلِهَا بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ صُورَةً فَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ فِي سِتَّةَ عَشَرَ، وَهِيَ مَا إذَا طَرَأَ نِكَاحٌ أَوْ شُبْهَتُهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ السِّتَّةِ فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ، وَأَمَّا لَوْ طَرَأَ وَطْءٌ مُسْتَنِدٌ لِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ عَلَى نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضَمُّ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ، وَأَمَّا إذَا طَرَأَ زِنًا أَوْ غَصْبٌ عَلَى السِّتَّةِ فَلَا تَأْبِيدَ فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ أَوْ مِلْكٌ أَوْ شُبْهَةُ مِلْكٍ عَلَى مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ، فَكَذَلِكَ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ تُضَافُ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ فَالْجُمْلَةُ عِشْرُونَ فَإِذَا أُضِيفَتْ إلَى السِّتَّةَ عَشَرَ تَجِدُهَا سِتَّةً وَثَلَاثِينَ، وَإِذَا نَظَرْت لِصُوَرِ الْمُقَدِّمَاتِ تَزِيدُ. [قَوْلُهُ: كَمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا] أَصْلًا أَيْ، وَلَا حَصَلَ مِنْهُ مُقَدِّمَاتٌ لَا قَبْلُ، وَلَا بَعْدُ، وَإِنَّمَا حَصَلَ مُجَرَّدُ عَقْدٍ وَفَسْخٍ فَلَا تَأْبِيدَ، وَيَجْرِي هُنَا سِتَّةُ صُوَرٍ، وَهِيَ عَقْدٌ طَرَأَ عَلَى نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ.
[قَوْلُهُ: إلَى غَرَرٍ فِي عَقْدٍ] ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ يُمْضِي الْعَقْدَ أَوْ لَا [قَوْلُهُ: كَالنِّكَاحِ عَلَى الْخِيَارِ] أَيْ خِيَارِ التَّرَوِّي لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا مُؤَجَّلًا يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُطْلَقًا، وَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وُجُوبًا، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْمُسَمَّى إذَا سَمَّى شَيْئًا وَكَانَ حَلَالًا، وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ إلَّا خِيَارَ الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَالَ الشَّيْخُ وَلِي فِيهِ بَحْثٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْخِيَارِ: إنَّ اشْتِرَاطَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي حَالِ عَقْدِ الْبَيْعِ يُفْسِدُهُ مَعَ أَنَّهُ يُشَدَّدُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ مَا يُغْتَفَرُ فِي مِثْلِهِ فِي الْبَيْعِ تَأَمَّلْهُ، وَأَدْخَلْت الْكَافُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَالنِّكَاحِ عَلَى الْخِيَارِ النِّكَاحُ عَلَى اشْتِرَاطٍ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ إلَى أَجَلِ كَذَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَنَا، بَلْ الْكَافُ مُدْخَلَةُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ كَنِكَاحِ الشِّغَارِ عَلَى قَوْلٍ أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ.
تَنْبِيهٌ: إذَا مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي نِكَاحِ الْخِيَارِ قَبْلَ الْفَسْخِ لَا إرْثَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ. [قَوْلُهُ: كَالنِّكَاحِ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ] ، وَأَدْخَلْت الْكَافَ النِّكَاحَ عَلَى جَنِينٍ أَوْ يَتَزَوَّجُ امْرَأَتَيْنِ، وَيَجْعَلُ لَهُمَا صَدَاقًا وَاحِدًا، إذْ لَا يَدْرِي مَا يَنُوبُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَثَمَرَةٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْقَطْعِ جَازَ أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا بِمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ] أَيْ فِي حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ فَهُوَ عَطْفٌ مُغَايِرٌ؛ لِأَنَّ ذَاتَ الْآبِقِ تُبَاعُ لَوْ كَانَ غَيْرَ آبِقٍ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ بِمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِنْ حَلَّ تَمَلُّكُهُ كَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ أَوْ تَضَمَّنَ إثْبَاتُهُ رَفْعَهُ، كَدَفْعِ الْعَبْدِ فِي صَدَاقِ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَتَمْلِكُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ [قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ] أَيْ مِنْ الَّذِي جَرَّ إلَى غَرَرٍ فِي الصَّدَاقِ وَبِمَا