الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا ما قيل له (1).
75 - ومنها: حضور مجالس أهل الجور من القضاة والولاة
.
روى مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله! إنا كنا بشرٍ فجاء الله بخير فنحن فيه، فهل وراء ذلك الخير شر؟
قال: "نَعَمْ".
قلت: كيف؟
قال: "يَكُوْنُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لا يَهْتَدُونَ بِهُدايَ، وَلا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُوْمُ فِيْهِم رِجَالٌ قُلُوْبُهُم قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِيْ جُثمانِ إِنْسٍ".
قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟
قال: "تَسْمَعُ وَتُطِيع لِلأَمِيْرِ؛ وَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ"(2).
وهذا الحديث نص في أن أتباع الولاة الظلمة متشبهون بالشياطين، توافقت قلوبهم وقلوبهم.
والولاة الآن والقضاة لا يكادون ينفكون عن الظلم، وجلساؤهم موافقون لهم، ومن خالفهم أو أنكر عليهم فهو مطرود عنهم.
ولقد قلت: [من الخفيف]
(1) هو جعفر بن محمد، كما رواه عنه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/ 356).
(2)
رواه مسلم (1847).
جُلَساءُ الْقُضاةِ وَالْحُكَّامِ
…
بِنِفاقٍ فِي النَّقْضِ وَالإِبْرامِ
هُمْ شَياطِيْنُ فِي الْقُلُوْبِ وَإِنْ كا
…
نُوا أُناسًا فِي الشَّكْلِ وَالأَجْسامِ
فَتَجَنَّبْ عَنْ عِشْرَةِ الْقَوْمِ إلَّا
…
لاضْطِرارٍ فِي عِشْرَةِ الأَقْوامِ
وَأَطِعْ ما اسْتَطَعْتَ وَاصْبِرْ لِظُلْمٍ
…
فِي زَمانٍ مُسْتَحْكِمِ الإِظْلامِ
إِنَّما الصَّبْرُ لَوْ تَعَرَّفْتَ خَيْرٌ
…
مِنْ نُزُولِ الْبَلاءِ وَالآثامِ
وروى الترمذي وقال: حسن، وابن ماجه، والبيهقي، وصححه ابن حبان، عن ابن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم -قال: "إِنَّ اللهَ تَعالَى مَعَ الْقاضِي ما لَمْ يَجُرْ، فَإِذا جارَ تَخَلَّى اللهُ عَنْهُ، وَلَزِمَهُ الشَّيْطَانُ".
وفي رواية: "فَإِذَا جَارَ تَبَرَّأَ اللهُ مِنْهُ، وَأَلْزَمَهُ الشَّيْطَانَ"(1).
فجليس القاضي الجائر على جوره راضيًا به شيطان، فكيف بمن يعاونه على جوره ويفتح له أبواب الظلم، ويحسِّن له أكل أموال الناس [بالباطل]، واستدلاء أموالهم إليه.
وأقول: إن من كان الآن على ضد ذلك في معاشرة القضاة والولاة لأشبه الناس بالملائكة.
وقد سبقت إشارة إلى ذلك في التشبه بالملائكة عليهم السلام.
(1) رواه الترمذي (1330) وحسنه، وابن ماجه (2312)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 88)، وابن حبان في "صحيحه"(5062).