الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
114 - ومن أخلاقه لعنه الله: بغض العلماء والصالحين
.
روى الترمذي، وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فَقِيْهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ"(1).
ونحوه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (2).
وقد جاء بيان وجه شدة الفقيه على الشيطان فيما رواه الأصبهاني في "الترغيب" عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ سَبْعُوْنَ دَرَجَةَ، بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ حَضْرُ الْفَرَسِ - أَيْ: عَدْوُهُ - سَبْعِيْنَ عَامًا، وذلك لأن الشيطان يضع البدعَة للناس فيبصرها العالم فينهى عنها، والعابد مقبل على عبادته لا يتوجه لها ولا يعرفها"(3).
وروى الديلمي عن واثلة بن الأسقع رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ شَيْءِ أَقْطَعُ لِظَهْرِ إِبْلِيْسَ مِنْ عَالِمِ يَخْرُجُ فِيْ قَبِيْلَةِ"(4).
(1) رواه الترمذي (2681) وقال: غريب، وكذا ابن ماجه (222). وضعف العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء"(1/ 14).
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(6166)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(1712). وفيه يزيد بن عياض، وهو كذاب.
(3)
ورواه الديلمي في "مسند الفردوس"(4345). قال المنذري في "الترغيب والترهيب"(1/ 57): رواه الأصبهاني، وعجز الحديث يشبه المدرج.
(4)
رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(6150).
وروى ابن أبي الدنيا في "المكائد" عن علي بن عاصم، عن بعض البصريين قال: كان عالم وعابد متواخيين في الله تعالى، فقالت الشياطين: إنا لا نقدر على أن نفرق بينهما، فقال إبليس: أنا لهما، فجلس بطريق إذ أقبل العابد حتى إذا دنا من إبليس قام إليه في مثال شيخ كبير بين عينيه أثر السجود فقال للعابد: إنه قد جمال في صدري شيء أحببت أن أسألك عنه.
قال له العابد: سل؛ فإن يكن عندي علم أخبرتك.
فقال له إبليس: هل يستطيع الله عز وجل أن يجعل السماوات والأرض والجبال والشجر والماء في بيضة من غير أن يزيد في البيضة شيئاً، ومن غير أن ينقص من هذا شيئاً؟
فقال له العابد: من غير أن ينقص من هذا شيئاً، ومن غير أن يزيد في هذا شيئاً؟ ! - كالمتعجب -، ووقف العابد.
فقال له إبليس: امض، ثم التفت إلى أصحابه فقال: أما هذا فقد أهلكته، جعلته شاكاً في الله.
ثم جلس على طريق العالم فإذا هو مقبل حتى دَنا من إبليس قام إليه، فقال له: يا عبد الله! قد جمال في صدري شيء أحببت أن أسألك عنه.
قال له العالم: سل؛ فإن يكن عندي علم أخبرتك.
فقال له إبليس ما قاله للعابد، فقال له العالم: نعم.
قال: فرد عليه إبليس كالمنكر من غير أن يزيد في هذا شيئاً.
فقال العالم: نعم - بالانتهار - أما سمعت قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82].
فقال إبليس لأصحابه: من هذا أُتِيْتم (1).
قلت: وبلغني في مثل هذه الحكاية أنه جاء في وقت القائلة إلى بيت العابد، فسأله فشككه في وقته، وجاء إلى العالم فطرق عليه الباب، فقال العالم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، مَنِ الطارق في هذا الوقت؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الشَّيَاطِيْنَ لا تَقِيْلُ"، ففر الشيطان حين سمع ذكر الله تعالى، فلم يثبت، وقال: قد علم أني شيطان.
وينسب للإمام محمد بن الحسن صاحب الإمام أبي حنيفة - رضي الله تعالى عَنهما - مضمناً للحديث المتقدم: [من الطويل]
تَعَلَّمْ فَإِنَّ الْعِلْمَ زَيْنٌ لأَهْلِه
…
وَفَضْلٌ وَعُنْوان لأَهْلِ الْمَحامِد
وَكُنْ مُسْتَفِيْداً كُلَّ يَوْمٍ زِيادَةً
…
مِنَ الْعِلْمِ وَاسْبَحْ فِي بِحارِ الْفَوائِدِ
تَفَقَّهْ فَإِنَّ الْفِقْهَ أَفْضلُ قائِدٍ
…
إِلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَأَعْدَلُ قاصِد
(1) رواه ابن أبي الدنيا في "مكائد الشيطان"(ص: 50).