الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعث الله نوحا فما أهلك أمته إلا الزنادقة، ثم نبي فنبي؛ وإنه لا يهلك هذه الأمة إلا الزنادقة (1).
وروى ابن المنذر عن [زيد بن] رفيع فقيه أهل الجزيرة قال: بعث الله تعالى نوحاً، وشرع له الدين، فكان الناس في شريعة نوح عليه السلام ما كانوا، فما أطغاها إلا الزندقة، ثم بعث الله عز وجل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وشرع له الدين، فكان الناس في شريعة من بعد إبراهيم ما كانوا، فما أطغاها إلا الزندقة، ثم بعث الله عز وجل عيسى عليه السلام، وشرع له الدين، فكان الناس في شريعة عيسى ما كانوا، فما أطغاها إلا الزندقة (2).
4 - ومنها: التكذيب باليوم الآخر، وإنكار البعث والنشور
.
كما يشير إليه قول نوح عليه السلام: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا} [نوح: 17، 18].
وقال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: 59]؛ يعني: يوم القيامة، وقيل: يوم الإغراق.
{قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأعراف: 60]؛ سموا ما جاء به من التوحيد والإنذار بيوم القيامة ضلالاً مبينًا.
(1) رواه البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 235).
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (7/ 340).
وهذا دليل على أنهم كانوا يكذبون بذلك، بل كل رسول أرسله الله تعالى أرسله بالإيمان بالله واليوم الآخِر وكذَّبه قومُه إلا من آمن منهم، وهم قليل كمَا قال الله تعالى:{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ} ؛ أي: قبل كفار هذه الأمة {قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} [ق: 12 - 14].
وقد حكي قبل ذلك عنهم أنهم قالوا: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا} ؛ أي: نرجع بعد الموت والفناء كما يدل عليه قوله: {ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} [ق: 3].
فمن كذب باليوم الآخر فقد تشبه بهؤلاء كلهم.
وفي الحديث: "قَالَ اللهُ تَعَالَى: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ فَأَمَّا تَكْذِيْبُهُ إِيَّايَ فَزَعَمَ أَنيِّ لا أَقْدِرُ أَنْ أُعِيْدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لِي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِيَ أَنْ أتَّخِذَ صَاحِبةً وَلا وَلَدًا". رواه البخاري من حديث ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما (1).
وأخرجه هو والإمام أحمد، والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه نحوه، وقال فيه:"وَأَمَّا تَكْذِيْبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَيْسَ يُعِيْدُنِي كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادتِهِ"(2).
(1) رواه البخاري (4212).
(2)
رواه البخاري (4690)، والإمام أحمد في "المسند"(2/ 317)،
والنسائي (2078).