الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرجال كما يدار الخمر، وغير ذلك؛ وكل هذه أخلاق شيطانية فاعلها متعرض بها للمقت والخذلان.
133 - ومنها: الزفن لهواً ولعباً، وهو الرقص
.
روى ابن أبي الدنيا في كتاب "الزهد" عن الحريري: أنَّ يحيى بن زكريا عليهما السلام سأل ربه أن يريه إبليس في صورته، فرآه وعلى رأسه خطاطيف، وفي حجزته أكوزة معلقة، وفي قدميه أجراس، فقال يحيى عليه السلام: ما هذا الذي على رأسك؟
قال: أختطف به قلوب العباد.
قال: فما هذا الذي في حجزتك؟
قال: فيها الشهوات.
قال: فما هذه الأجراس؟
قال: إذا طرب ابن آدم زفنت بها حوله.
قال: فمتى أقرب ما تكون من ابن آدم؟
قال: إذا شبع.
قال يحيى عليه السلام: لا جرم؛ إني لا شبعت من طعام حتى ألقى الله عز وجل.
134 - ومنها: اتخاذ آلات اللهو وسماعها
.
ولا يباح منها في مذهب الشافعي - رضي الله تعالى عنه - إلا الدف لعرس ونحوه، وطبل الجهاد والحجيج خالياً عن المزمار
العراقي والصنج، وسواء في الدف كان بجلاجل أم لا، [لا] يباح.
وقاس على ذلك الشيخ شمس الدين أبو حامد الصفدي، والشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون، والوالد طبول الصمادية.
وأما اليراع فصحح الرافعي إباحته، والنووي تبعاً للبغوي تحريمه، وعليه الفتوى (1).
وذكر الثعلبي في "العرائس": أن إبليس - لعنه الله تعالى - حسد داود عليه السلام على تلاوته وحسن لغوته، فأقبل على شياطينه وعفاريته فقال: ألا ترون ما دهاكم من داود؟
فقالوا: مرنا بما شئت.
فقال: إنه لا يصد عن تلاوة داود إلا ما يضاده في الحانة.
فهيأ لهم المزامير، والأعواد، والأوتار، والملاهي على ألحان داود عليه السلام، وأمر شياطينه أن يتفرقوا بها في بني إسرائيل، فلما سمع سفهاء بني إسرائيل لذلك مالوا إليها.
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "ذم الملاهي" عن مجاهد في قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} ؛ قال: بالمزامير {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء: 64]؛ قال: كل راكب ركب في معصية الله فهو في خيل إبليس، وكل رجل سبقت في معصية الله فهي
(1) انظر: "روضة الطالبين" للنووي (11/ 228)، و"فتح الوهاب" لزكريا الأنصاري (2/ 384 - 385).
من رجل إبليس (1).
وفيه عن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه: أنه كتب إلى مؤدب ولده: خذهم بالجفاء؛ فهو أمضى لإقدامهم، وترك الصبحة؛ فإن عادتها تكسب الغفلة، وقلة الضحك؛ فإن كثرته تميت القلب، وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي الذي بَدْؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن، وإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بها، ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشبَ الماء، وليفتتح كل غلام منه بحزبه من القرآن يتثبت في قراءته، فإذا فرغ منه تناول قوسه ونبله وخرج إلى الغرض حافياً قدر (2) سبعة أرشاق، ثم انصرف إلى القائلة؛ فإن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: قيلوا؛ فإن الشياطين لا تقيل (3).
قلت: هذا الأثر من لطائف الفوائد، وطرائف الفرائد.
وروى الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْجَرَسُ مَزَامِيْرُ الشَّيْطَانِ"(4).
وروى أبو داود عن عامر بن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهم: أن مولاة لهم ذهبت بابنة الزبير إلى عمر بن الخطاب - رضي الله
(1) رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي"(34).
(2)
في مصدري التخريج: "فرمى" بدل "قدر".
(3)
رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي"(22).
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 372)، ومسلم (2114)، وأبو داود (2556).