الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو أننا قابلنا ما نرى من أحوال الناس الآن على ما نروي من آثار السلف لرأينا المباينة بائنة، والسيرة غير موافقة، والطريقة غير مطابقة، والمنافقة نافِقة، والصدق عزيز، والمصادقة غير صادقة، ليس لهم سكينة إلا التماوت، ولا وقار إلا التغافل والتهافت، وإني لقائل:[من الكامل المذيّل]
وَلَقَدْ أَرى أَنَّ السَّكِيْنَةَ لَمْ تَكُنْ
…
تُرأى عَلَى أَهْلِ الشَّبابِ وَلا الْمَشِيْبْ
وَأَراهُمْ ما وَقَّرُوا ذا حُرْمَةٍ
…
حَتَّى لَقدْ رَكِبُوا مِنَ الأَمْرِ الْمَعِيْبْ
لا يَبْرَحُوْنَ عَلى أُمُوْرٍ لَمْ تَكُنْ
…
تَعْنِيْهِمْ لَدُنِ الصَّباحِ إِلَى الْمَغِيْبْ
هَلْ آمَنُوا أَنَّ الإِلَهَ مُهَيْمِنٌ
…
أَمْ آمَنُوا أَنَّ الإِلَهَ هُوَ الرَّقيبْ
لَوْ أَنَّهم قَدْ آمَنُوا حَقًّا لَما
…
أَمْسَوْا عَلى أَعْمالِ ذي شَكٍّ مَرِيْبْ
مَنْ قالَ إِنَّ لِقاءَهُمْ لَمُصِيْبَةٌ
…
وَوُجُوْدَهُمْ فَقْدٌ فَذاك هُوَ الْمُصِيْبْ
إِنَّ الأَدِيْبَ إِذا تَظاهَر بَيْنَهُمْ
…
أَضْحَى وَأمْسَى وَهْوَ في ذُعْرِ الْغَرِيْبْ
إِنْ مَزَّقُوا عِرْضَ امْرِئٍ لَمْ يَسْتَطِعْ
…
تَخْلِيْصَ جِلْدِ الشَّاةِ مِنْ أَنْيابِ ذِيْبْ
إِنِّي عَجِبْتُ لِبَعْضِهِمْ في بُغْضِهِ
…
مَرْأً وَإِنْ يُبْصِرْهُ قالَ أَتَى الْحَبِيْبْ
يا وَحْشَة الْمَشْغُوْلِ في أيَّامِهِ
…
بِالنَّاسِ حَتَّى ذُو الصَّداقَةِ وَالْقَرِيْبْ
بِاللهِ أُنْسُ وَلِيِّهِ هُوَ حَسْبُهُ
…
في كُلِّ ما قَدْ نابَهُ نِعْمَ الْحَسِيْبْ
17 - ومنها: استبعاد اختصاص الله تعالى بعض عباده بفضيلة العلم والحكمة، أو نحو ذلك
.
والله تعالى يقول: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 269].
{يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 105].
{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [الجمعة: 4].
قال الله تعالى حكايته عن قوم نوح: {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ} [هود: 27].
وهذا غلط وقع فيه أكثر مكذبي الأمم، فنظروا إلى أن التساوي في البشرية يمنع الاختصاص، أو يرون أن الفضيلة تكون تابعة للنسب والحسب، أو لشرف الكسب، أو لكثرة العرض، أو للجاه، أو للعشيرة، أو لحسن الصورة، ولا يزول هذا الغلط إلا بمعرفة الله تعالى؛ فإنه الإله الحق والمالك المطلق، ومن وقع له شيء مما ذكر، وسكن إليه فما حَصَل على المعرفة.
ومما قلته: [من مخلّع البسيط]
اللهُ يَخْتَصُّ بِالنَّوالِ
…
مَنْ شاءَ لا عَنِ احْتِيالِ
كَمْ مِنْ حَسِيب بِلا نَصِيْبِ
…
وَذِي جَمالٍ بِغَيْرِ مالِ
ما الْفَضْلُ بِالْجِسْمِ وَالْهُيُولَى
…
لَكِنْ بِتَوْفِيْقِ ذِي الْجَلالِ
كَمْ مِنْ وَلِيٍّ يَمْشِي بِسُوْقٍ
…
وإنَّهُ واحِدُ الرِّجالِ
ما لِعَباءٍ وَلا قِباءٍ
…
في النَّقْصِ فِعْلٌ وَلا الْكَمالِ