الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَاحِبِهِ، فَإِنْ قَامَ بَعْدَ ذَلِكَ وَدَعَا اسْتُجِيْبَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَقُمْ كَتَبَ اللهُ تَعَالَى لَهُ ثَوَابَ أُوْلَئِكَ مِنَ الْمَلائِكةِ" (1).
*
تنبِيْهٌ:
إذا أنعم الله على العبد بإيقاظه في ساعة من الليل فلينهض إلى الوضوء والصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: "فَحُلُّوْا عُقَدَ الشَّيْطَانِ وَلَوْ بِرَكْعَةٍ"(2)، فإن أبى إلا العود إلى النوم فلا أقل من أن يذكر الله تعالى ولو بتهليلة أو تسبيحة، {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} [البقرة: 265].
ولا بأس بالجهر بالذكر أو بالقرآن، وهو أفضل وأبلغ ليكون أشد في طرد الشيطان، ولا بتسميع يحذر فيه لكن من غير مبالغة في الجهر.
روى الإمام أحمد ورجاله ثقات عن علي رضي الله تعالى عنه قال: كان أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - يخافت بصوته إذا قرأ، وكان عمر - رضي الله تعالى عنه - يجهر بقراءته، وكان عمار - رضي الله تعالى عنه - إذا قرأ يأخذ من هذه السورة وهذه، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال لأبي بكر رضي الله تعالى عنه:"لِمَ تُخَافِتُ بِقِرَاءَتِكَ؟ "
قال: إني لأسمع من أناجي.
وقال لعمر رضي الله تعالى عنه: "لِمَ تَجْهَرُ بِقِرَاءَتِكَ؟ "
(1) ورواه ابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد"(16/ 385).
(2)
تقدم تخريجه.
قال: أفزع الشيطان، وأوقظ الوسنان.
وقال لعمار رضي الله تعالى عنه: "لِمَ تأْخُذُ مِنْ هَذِهِ السُّوْرَةِ وَهَذِهِ؟ "
قال: أتسمعني أخلط فيه ما ليس منه؟
قال: "لا".
قال: فكله طيب (1).
وروى أبو داود، والترمذي عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله تعالى عنه: "إنيْ مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَقَرَأُ وَأَنْتَ تَخْفِضُ مِنْ صَوْتك؟ "
فقال: إني أسمعت من ناجيت.
قالَ: "ارْفَعْ قَلَيلاً".
وقال لعمرَ رضي الله تعالى عنه: "إِنّيْ مَرَرتُ بِكَ وَأَنْتَ تَقرَأُ وَأَنْتَ تَرْفَعُ صَوْتَكَ؟ "
فقال: إني أوقِظُ الوَسنَانَ وَأَطْرد الشَّيطانَ.
قالَ: "اخْفِضْ قَلَيْلاً"(2).
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 109)، وكذا الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(787).
(2)
رواه أبو داود (1329)، والترمذي (447) واللفظ له، وقال: وأكثر الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت عن عبد الله بن رباح مرسلاً.
وروى أبو داود نحوه عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - إلا أنه لم يذكر قوله لأبي بكر: "اِرْفَعْ قَلِيْلاً"، ولا قوله لعمر:"اخْفِضْ قَليلاً".
زاد: "وَقَدْ سَمِعْتُكَ يَا بِلالُ تَقْرَأُ مِنْ هَذِهِ السُّوْرَةِ وَمِنْ هَذهِ السُّوْرَةِ؟ "
قال: كلام طيب يجمعه الله بعضه إلى بعض.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ قَدْ أَصَابَ"(1).
قلت: ولعلهما واقعتان، وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في حديث أبي قتادة لأبي بكر رضي الله تعالى عنهما:"ارْفَعْ قَلِيْلاً"، وقوله لعمر رضي الله تعالى عنه:"اِخْفِضْ قَلِيْلاً" مع شهادته لهما بأن فعل كل منهما صواب كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ ليخرجهما بذلك عن إرادتهما إلى إرادة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، كما نبه على ذلك السهروردي في "عوارفه" رحمه الله تعالى.
ويستحب لمن له ورد من قيام أو تلاوة أن لا يدعه كما روى الإمام أحمد، والشيخان، والنسائي، وابن ماجه عن ابن عمرو - رضي الله تعالى عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:"يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْروٍ! لا تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ؛ كَانَ يَقُوْمُ مِنَ اللَّيْلِ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ"(2)، فنهى عن التشبه
(1) رواه أبو داود (1330).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 170)، والبخاري (1101)، ومسلم (1159)، والنسائي (1763)، وابن ماجه (1331)، وعندهم:"يقوم الليل" بدل "يقوم من الليل".