الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ممنون به.
وانظر كيف لما كانت السفينة وهذه الشجرة من أمر الله تعالى وألطافه كيف ظفر نوح ويونس منهما بعناية الله وإسعافه.
ولقد قلت: [من مجزوء الكامل]
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى نَسبْ
…
مِنْ دُوْنِ رَبِّكَ أَوْ نَشَبْ
ما دُونَ ذَلِكَ نافِعٌ
…
نَسَبٌ يَخُصُّكَ أَوْ حَسَبْ
إِنْ يَلْطُفِ اللهُ الْكَرِيْمُ
…
يُبَلِّغِ الْعَبْدَ الأَرَبْ
وَإِذا أَرادَ اللهُ أَمْراً
…
هَيَّاَ اللهُ السَّبَبْ
لا يَنْفَعُ التَّدْبِيْرُ مِنْ
…
دُوْنِ الإِلَهِ وَلا التَّعَبْ
هَلَاّ اسْتَرَحْتَ مِنَ اللُّغوبِ
…
وَحُدْتَ عَنْ سَنَنِ النَّصَبْ
دَأْبُ الْفَتَى في رَوْمِ ما
…
لَمْ يُقْضَ مِنْ سُوْءِ الأَدَبْ
*
تَتِمَّةٌ:
أخرج ابن أبي الدنيا في "العقوبات" عن الأعمش رحمه الله تعالى أنه قال: انظروا إلى أبناء الأنبياء عليهم السلام إلى ما صيرتهم المعاصي -وأراد مثل قابيل بن آدم، وكنعان بن نوح، وبني إسرائيل - وما أدت بهم المعاصي إلى الذلة، والمسكنة، والبواء بالغضب.
وروى الإِمام أحمد في "الزهد" عن عطاء بن السائب، عن وهب ابن منبه رحمه الله تعالى قال: أعطى الله عز وجل موسى نوراً فقال: يكون
في الأرض بغير نار، فقال موسى لأخيه هارون عليهما السلام: إن الله -جل ثناؤه- وهب لي نوراً، وإني أهبها -أي: هذه الهبة والعطية- لك.
قال: فقال هارون لابنيه: إن الله عز وجل وهب لعمِّكما نوراً، وإنه وهبها لي، وإني أهبها لكما.
وكان الغلامان يقربان القربان لبني إسرائيل، ويسرجان في بيت المقدس، فأبطأت نار السماء، فاستضاءا بنار الأرض، فجاءت النار من السماء فأحرقت الغلامين.
قال: فسمعت مالك بن دينار رحمه الله تعالى يقول: لما احترق الغلامان ابنا هارون شَعَّثَ موسى وهارون عليهما السلام رؤوسهما، وأقاما حزينين بين يدي الله تعالى، وبكيا على الغلامين صَبابة إليهما، فأوحى الله عز وجل إليهما: هكذا أفعل بمن عصاني من أهل طاعتي، فكيف بمن عصاني من أهل معصيتي؟ (1)
وروى ابنه في "زوائده" عن سالم بن أبي الجعد: أن ابْنَيْ هارون أمرا أن يُسْرِجا من زيت بيت المقدس فأسرجا من غيره، فثارت النار فأخذتهما، فجاء هارون يطفئ عنهما النار فلا تطفأ، فقال موسى: خل بين ربك عز وجل وبين ما أرادة فإنها مأمورة، فأوحى الله إلى موسى: هذا فعلي بمن خالفني من أوليائي، فكيف بمن خالفني من أعدائي؟
(1) رواه الإِمام أحمد في "الزهد"(ص: 84).
ومن هنا ينبغي للعلماء وأشراف الناس أن يتنبهوا لتأديب أولادهم ومن يليهم، ونهيهم عما يقع منهم من المخالفات؛ فإنهم أحق بذلك من غيرهم، وعتابهم في تركهم والإعراض عنهم أبلغ من عتاب غيرهم.
وروى الإِمام أحمد في "الزهد" عن بكر بن عبد الله المزني رحمه الله تعالى، عن لقمان قال: ضرب الوالد لولده كالسَّماد للزرع (1).
وعن يحيى بن أبي كثير رحمه الله تعالى: أن سليمان بن داود قال لابنه عليهم السلام: يا بني! إن أحببت أن تغيظ عدوك فلا ترفع العصا عن ابنك (2).
وفي "زوائد ابنه": فلا تبعد عن ابنك العصا.
وفي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: "عَلِّقُوا السَّوْطَ حَيْثُ يَرَاهُ أَهْلُ الْبَيْتِ". رواه أبو نعيم (3).
وهو عند عبد الرزاق، والطبراني في "الكبير" من رواية ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وزاد:"فَإِنَّهُ أَدَبٌ لَهُمْ"(4).
(1) رواه الإِمام أحمد في "الزهد"(ص: 96).
(2)
رواه الإِمام أحمد في "الزهد"(ص: 40).
(3)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 332).
(4)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(17963)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10671).
وروى الإِمام أحمد في "الزهد" عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى: أن رجلًا كان على مجامر بيت المقدس، فكان له ابنان، فبلغا، فجعلا يعبثان بالنساء.
قال: فأوحى الله عز وجل إلى نبيِّهم عليه السلام أن فلانًا اطلع على ابنيه يعبثان بالنساء فلم ينكر عليهمَا، فبعزتي حلفت لأميتنهم ثلاثة في يوم واحد، ولأسلطن على أهله من بعده الفقر (1).
وعن مالك بن دينار قال: كان حبر من أحبار بني إسرائيل يغشى منزله الرجال والنساء؛ يعظهم فيذكرهم بأيام الله، قال: فرأى بعض بنيه يومًا غمز النساء، فقال: مهلًا يا بني، مهلًا يا بني، فسقط من سريره، وانقطع نخاعه، وأسقطت امرأته، وقتل بنوه في الجيش، فأوحى الله إلى نبيهم أن أخبر فلانًا الحبر أني لا أُخرج مِنْ صُلبك صديقًا أبدًا ما كان غضبك لي إلا أن قلت: مهلاً يا بني، مهلاً يا بني (2).
وعنه قال: مكتوب في التوراة: من كان له جار يعمل بالمعاصي فلم ينهه فهو شريكه (3)؛ والله الموفق.
• • •
(1) رواه الإِمام أحمد في "الزهد"(ص: 102).
(2)
رواه الإِمام أحمد في "الزهد"(ص: 103).
(3)
رواه الإِمام أحمد في "الزهد"(ص: 104).