الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا زَكَرِيَاءُ! هَلْ وَجَدْتَ لَهُ ألَمًا أَوْ وَجَعًا؟ "
قال: إنما وجدت ذلك الشجرة، جعل الله روحي فيها (1).
79 - ومنها: تثبيت أعداء المسلمين على قتالهم واستثارتهم لذلك
.
ثم من شأن اللعين خذلان أوليائه وعدم ثباته معهم، والجبن والفرار.
وقال تعالى: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 29].
قال القاضي ناصر الدين البيضاوي: يواليه حتى يؤديه إلى الهلاك، ثم يتركه ولا ينفعه (2).
قلت: وهكذا فعل الشيطان بقريش في وقعة بدر كما في الآية التي تقدمت.
وروى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: أمد الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم يعني: يوم بدر - بألف من الملائكة عليهم السلام فكان جبريل في
(1) رواه ابن عساكر "تاريخ دمشق"(19/ 55).
(2)
انظر: "تفسير البيضاوي"(4/ 215).
خمس مئة من الملائكة مجنبة، وميكائيل في خمس مئة من الملائكة مجنبة، وجاء إبليس في جند من الشياطين ومعه راية في صورة رجال من بني مدلج، والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان:{لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} [الأنفال: 48]، فلما اختلف القوم قال أبو جهل: اللهم أولانا بالحق فانصره، ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال:"يَا رَبِّ! إِنَّكَ إِن تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ فَلَنْ تُعْبَدَ فِيْ الأَرْضِ أَبَدًا".
فقال جبريل عليه السلام: خذ قبضة من تراب، فأخذ قبضة من التراب فرمى بها في وجوههم، فما من المشركين أحد إلا أصاب عينيه وفمه، فولوا مدبرين، فأقبل جبريل عليه السلام إلى إبليس لعنه الله، فلما رآه إبليس كانت يده في يد رجل من المشركين، فانتزع إبليس يده، ثم ولى مدبرًا وشيعتُه، فقال الرجل: يا سراقة! ألم تزعم أنك جار لنا؟ قال: {إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ} [الأنفال: 48](1).
وقال الكلبي رحمه الله تعالى: لما التقوا كان إبليس في صف المشركين على صورة سراقة آخذًا بيد الحارث بن هشام، فنكص على عقبيه، فقال له الحارث: أفرارًا من غير قتال؟ وجعل يمسكه، فدفع في صدره وانطلق، وانهزم الناس، فلما قدموا مكة قالوا: هزم الناس سراقة، فبلغ ذلك سراقة فقال: بلغني أنكم تقولون: إني هزمت الناس؛ فو الله ما شعرت بمسيركم حتى بلغتني هزيمتكم، فقالوا:
(1) رواه البيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 79).
ما أتيتنا يوم كذا؟ فحلف لهم، فلما أسلموا علموا أن ذلك كان الشيطان (1).
وقال حسان بن ثابت في ذلك رضي الله تعالى عنه: [من البسيط]
سِرْنا وَسارُوا إِلى بَدْرٍ لِحَيْنِهِمُ
…
لَوْ يَعْلَمُوْنَ يَقِيْنَ الأَمْرِ ما سارُوا
دَلَاّهُمُ بِغُرُورٍ ثُمَّ أَسْلَمَهُمْ
…
إِنَّ الْخَبِيْثَ لِمَنْ والاهُ غَرَّارُ
وَقالَ إِنِّي لَكُمْ جارٌ فَأَوْرَدَهُمْ
…
شَرَّ الْمَوارِدِ فِيْهِ الْخِزْيُ وَالْعارُ
ثُمَّ الْتَقَيْنا فَوَلَّوْا عَنْ سَراتِهِمُ
…
مِنْ مُنْجِدِيْنَ وَمِنْهُمْ فِرْقَةٌ غارُوا
وروى أبو نعيم في "دلائل النبوة" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: هتف هاتف من الجن على أبي قبيس بمكة فقال: [من الخفيف]
قَبَّحَ اللهُ رَأْيَ كَعْبِ بْنِ فِهْرٍ
…
ما أَرَقَّ الْعُقُولَ وَالأَحْلامِ
دِيْنُها أَنَّها يُعَنَّفُ فِيْها
…
دِيْنُ آبائِها الْحُماةِ الْكِرام
حالَفَ الْجِنَّ جِنَّ بُصْرى عَلَيْكُمْ
…
وَرِجالَ النَّخِيْل وَالآكام
يُوْشِكُ الْخَيْلُ أَنْ تَرْوها تَهادى
…
تَقْتُلُ الْقَوْمَ فِي الْبِلادِ الْحرام
هَلْ كَرِيْمٌ مِنْكُمُ لَهُ نَفْسُ حُـ
…
رٍّ ماجِدِ الْوالِدَيْنِ وَالأَقْوام
ضاوِيًا حَرْبَةً تَكُوْنُ نكَالاً
…
وَرَواحًا مِنْ كُرْبَةٍ وَاغْتِمام
(1) انظر: "تفسير الثعلبي"(4/ 365).