الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِدِيْنِكُمْ، وَلا يَكُوْنُ ذَلِكَ؛ كَمَا لا يُجْتَنَى مِنَ الْقَتَادِ إلَّا الشَّوْكُ، كَذَلِكَ لا يُجْتَنَى مِن قُرْبِهِم إلَّا الْخَطَايَا" (1).
وقلت في "أرجوزتي" التي نظمت فيها "ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين" للحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى: [من الرجز]
وَمَنْ يَقُلْ نَأْتِي إِلى الْعُمَّال
…
نُصِيْبُ دُنْياهُمْ بِالاعْتِزالِ
بِدِيْننا عَنْهُمْ فَهَذا لا يَكُوْنْ
…
غَيْرَ الْخَطايا مِنْهُمُ لا يَجْتَنُوْنْ
إِذْ لَيْسَ غَيْرَ الشِّرْكِ وَالْفَسادِ
…
يُقْطَفُ يا هَذا مِنَ الْقَتادِ
وَإِنَّما مَنْشَأ هَذا الْهاجِسِ
…
مِنْ هَوَسِ الشَّيْطانِ وَالْوَساوِسِ
78 - ومنها: دلالة أعداء المسلمين على عوراتهم، والسعي في أذيتهم؛ وكل ذلك من الكبائر
.
روى البيهقي في "الشعب" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت فأرة فأخذت تجرُّ الفتيلة، فذهبت الجارية تزجرها، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:"دَعِيهَا"، فجاءت بها فألقتها على الخمرة التي كان قاعدًا عليها، فأحرقت منها مثل موضع الدرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِذَا نِمْتُم فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُم؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ على هَذَا فَيُحْرِقَكُم"(2).
(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(64/ 314)، وكذا ابن ماجه (255).
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(6063)، وكذا أبو داود (5247).
وذكر الثعلبي، وغيره عن كعب رحمه الله تعالى: أن زكريا عليه السلام لما بلغه أن ابنه يحيى عليه السلام قتل ولَّى هاربًا حتى أتى بستانًا من بساتين بيت المقدس، وقد بعث الملك الذي قتل يحيى في طلب زكريا رجالاً من قومه، فمر زكريا بشجرة فنادته: يا نبي الله! هلم إليَّ، فلمَّا أتاها انفرجت له، فدخل زكريا في وسطها، فانطلق إبليس - لعنه الله - فأخذ بطرف ردائه فأخرجه من الشجرة، ثم استقبل إبليس الطلب، وقال لهم: إن زكريا عليه السلام دخل في هذه الشجرة، فلم يصدقوه، فأراهم طرف الرداء خارجًا من الشجرة، فذهبوا عنه مسرعين، ثم عادوا إليه بالمنشار، فركبوا المنشار على أصل الشجرة ونشروه في وسطها (1).
وروى ابن عساكر من طريق إسحاق بن بشر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به رأى زكريا في السماء فسلم عليه، فقال:"اأَبَا يَحْيَى! أَخْبِرْنِي عَنْ قَتْلِكَ كَيْفَ كَانَ، وَلِمَ قَتَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيْلَ؟ "
قال: يا محمد! إن يحيى كان خير أهل زمانه، وكان أجملهم وأصبحهم وجهًا، وكان كما قال الله تعالى:{وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: 39]، وكان لا يحتاج إلى النساء، فهويته امرأة ملك بني إسرائيل وكانت بغيًا، فأرسلت إليه، وعصمه الله، وامتنع وأبى عليها، وأجمعت على قتل يحيى عليه السلام، ولهم عيد يجتمعون في كل عام، وكانت سنة الملك أن يوعد ولا يخلف ولا يكذب، فخرج
(1) انظر: "تفسير الثعلبي"(6/ 75).
الملك إلى العيد فقامت امرأته فشيعته - وكان بها معجبًا ولم تفعله فيما مضى - فلما أن شيعته قال الملك: سليني فما تسأليني شيئًا إلا أعطيتك، قالت: أريد دم يحيى بن زكريا عليهما السلام.
قال لها: سليني غيره.
قالت: هو ذاك.
قال: هو لك، فبعثت جلاوزتها إلى يحيى وهو فى محرابه يصلي وأنا إلى جانبه، فذبح في طست، وحمل رأسه ودمه إليها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فَمَا بَلَغَ مَنْ صَبَرَكَ؟ " قال: ما انفتلت من صلاتي، فلما حمل رأسه إليها وضع بين يديها، فلما أمسوا خسف الله بالملك وأهل بيته وحشمه، فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل: غضب الله لزكريا، فتعالوا حتى نغضب لملكنا فنقتل زكرياء، فخرجوا في طلبي ليقتلوني فجاءني النذير، فهربت منهم وإبليس أمامهم يدلهم عليَّ، فلما أني تخوفت أن لا أعجزهم عرضت لي شجرة فنادتني: إليَّ، إليَّ، وانصدعت، فدخلت فيها، وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي، والتأمت الشجرة وبقي طرف ردائي خارجًا من الشجرة، وجاء بنو إسرائيل، فقال إبليس: أما رأيتموه دخل هذه الشجرة؟ هذا طرف ردائه، دخلها بسحره.
فقالوا: نحرق هذه الشجرة.
فقال إبليس: شقوه بالمنشار شقاً.
قال: فشققت مع الشجرة بالمنشار.