الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنَّ لَنا أَنْ نَرى اشْتِغالاً
…
بِاللهِ عما سِواهُ أَنْفَعْ
الْحَمْدُ لِلَّهِ إِنَّ عَبْداً
…
أَوَى حِماهُ هُوَ الْمُمَنَعْ
ومن لطائف الآثار: ما رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "قصر الأمل"، وابن حبان في كتاب "الثقات"، وأبو نعيم من طريقه عن أبي عبيدة الباجي قال: دخلنا على الحسن رحمه الله تعالى في مرضه الذي مات فيه، فقال: مرحباً بكم وأهلاً، وحياكم الله بالسَّلام، وأدخلنا وإياكم دار المقام، هذه علانية حسنة، إن صبرتم وصدقتم، وأيقنتم فلا يكن حظكم من هذا الخير أن تسمعوه بهذه الأذن وتخرجوه من هذه الأذن؛ فإنه من رأى محمداً صلى الله عليه وسلم فقد رآه غادياً ورائحاً، لم يضع لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، ولكن رفع له علم فشمر إليه، الوَحَاءَ الوَحَاءَ، النَّجَاءَ النَّجَاءَ علامَ تعرجون، أنتم ورب الكعبة كأنكم والأمر معاً، رحم الله عبداً جعل العيش عيشاً واحداً، وأكل كسرة، ولبس خَلِقاً، ولزق بالأرض، واجتهد في العبادة، وبكى على الخطيئة، وهرب من العقوبة، وابتغى الرحمة حتى يأتي أجله وهو على ذلك (1).
14 - ومن أخلاق عاد: انتظار المحبوب والثواب اعتماداً على حسن الظن بالنفس، ونسيان العقوبة على سوء العمل
.
ألا ترى حال عاد حين قالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24].
(1) تقدم تخريجه.
وأنشد الدينوري في المجالسة لبعضهم: [من الوافر]
رَأَيْتُ سَحابَةً وَظَنَنْتُ غَيْثاً
…
وَأَغْفَلْتُ الَّذِي صَنَعْتَ بِعادِ (1)
وروى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في "الأم" عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ما هبت ريح إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه، وقال:"اللهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِياحًا وَلا تَجْعَلْهَا رِيْحًا".
قال ابن عباس رضي الله عنه: في كتاب الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} [القمر: 19].
و{أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41].
وقال تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر: 22].
{أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} [الروم: 46](2).
وروى أبو داود، والنسائي، وابن ماجه عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئاً في أفق السماء ترك العمل -وإن كان في صلاة - ثم يقول: "اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَعُوْذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا".
فإن مُطِرَ قال: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ صَيِّبًا هَنِيًّا"(3).
(1) انظر: "المجالسة وجواهر العلم" للدينوري (ص: 462).
(2)
رواه الإمام الشافعي في "الأم"(1/ 253).
(3)
رواه أبو داود (5099)، والنسائي في "السنن الكبرى"(10777)، وابن ماجه (3889). وروى البخاري (985) نحوه.
وفي "صحيح مسلم" عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيْهَا، وَأَعُوْذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيْهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ"(1).
وروى أبو داود، وابن ماجه بإسناد حسن، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الرِّيْحُ مِن رَوْحِ اللهِ تَعَالَى، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوْهَا فَلا تَسُبُّوْهَا، وَاسْأَلوْا اللهَ خَيْرَهَا، وَاسْتَعِيْذُوْا بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا"(2).
وروى ابن السني بإسناد صحيح، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا اشْتَدَّتِ الرِّيْحُ فَقُوْلُوا: اللَّهُمَّ لَقْحًا لا عَقِيْمًا"(3).
واللقح: الحاملة للماءِ؛ كاللقحة من الإبل.
والعقيم: التي لا ماء فيها كالعقيم من الحيوانات، وهي التي لا تلد.
وسب الريح مكروه؛ لأنها مرسلة بإرسال الله تعالى؛ تكون رحمة، وتكون عذاباً.
(1) رواه مسلم (899).
(2)
رواه أبو داود (5097)، وابن ماجه (3727). وحسن النووي إسناده في "الأذكار" (ص: 142).
(3)
رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص: 259)، وكذا ابن حبان في "صحيحه" (1008). وصحح النووي إسناده في "الأذكار" (ص: 143).