الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والربائث جمع ربيثة - بالراء، فالموحدة، فالتحتانية، فالمثلثة -: الأمر الذي يثبط به عن الشيء.
128 - ومنها: كراهية شهر الصوم، وترك الصيام فيه لغير عذرة وكلاهما حرام
.
روى الإمام أحمد، والشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِيْنُ"(1).
واعلم أن من كره رمضان لمشقة جوع وامتناع عن شهوة - ولاسيما إن كانت حراماً - فهو أشبه الناس بالشياطين المغلولة في رمضان، ومن حسَّن ذلك له ورضيه منه فهو شريكه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا رَضِيَ هَدْيَ الرَّجُلِ وَعَمَلِهِ فَهُوَ مِثْلُهُ". رواه الطبراني من حديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه (2).
ومن ذلك ما وقع للصلاح الصفدي في "شرح لامية المعجم" - عفا الله عنه - من استحسان قول [ابن] بسام: [من البسيط]
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 281)، والبخاري (1800)، ومسلم (1079).
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(17/ 334). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 90): فيه عبد الوهاب بن الضحاك، وهو متروك.
قَدْ قَرَّبَ اللهُ مِنَّا كُلَّ ما شَسَعا
…
كَأَنِّنَي بِهِلالِ الْفِطْرِ قَدْ طَلَعا
فَخُذْ لِلَهْوِكَ فِي شَوَّالَ أُهْبَتَهُ
…
فَإِنَّ شَهْرَكَ فِي الْواواتِ قَد وَقَعا
قلت: والله لقد أساء، وجرَّأ الفسقة هو وأمثاله على أمور.
وما أحسنه لو قال: [من البسيط]
قَرَّبَ اللهُ مِنَّا كُلَّ ما شَسَعا
…
كَأَنَّنَي بِهِلالِ الصَّوْمِ قَدْ طَلَعا
فَخُذْ لِجِدِّكِ فِي تَقْواكَ أُهْبَتَهُ
…
فَإِنَّ شَعْبانَ فِي الْواواتِ قَدْ وَقَعا
وأقبح من مقالته المذكورة قول الآخر: [من الوافر]
إِذا الْعِشْرُونَ مِنْ شَعْبانَ وافَتْ
…
فَواصِلْ شُرْبَ لَيْلِكَ بِالنَّهارِ
وَلا تَشْرَبْ بِأَقْداحٍ صِغارٍ
…
فَإِنَّ الْوَقْتَ ضاقَ عَنِ الصِّغارِ (1)
وهذا وأمثاله - وإن فهم منه بعض أهل الإشارات معاني لطيفة (2)، واستثاروا منه حالات شريفة - فإنه بالنسبة إلى عامة الناس من وحي الشيطان.
وقد خاض جماعة من الشعراء وأهل الإنشاء من ذلك في أودية مَسْبعة، وأشفوا بسبب مزاحمة البلغاء على المهالك من غير منفعة.
ولعل هذا وأمثاله من المحسِّنات اللفظية غايةَ مقصود أهل الزمان
(1) البيتان لأحمد بن علي الموصلي. انظر: "خريدة القصر وجريدة العصر" للعماد الأصبهاني (9/ 248).
(2)
انظر: "الطبقات الكبرى" للشعراني (1/ 13).