الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: ادفعها إلى المزين.
فدفعها الغلام إليه، فولى الشافعي وهو يقول:[من الطويل]
عَلَيَّ ثِيابٌ لَوْ تُباعُ جَمِيْعُها
…
بِفَلْسٍ لَكانَ الْفَلْسُ مِنْهُنَّ أكْثرا
وَفِيْهِنَّ نفسٌ لَوْ تُقاسُ بِمِثْلِها
…
نُفُوْسُ الْوَرى كانَتْ أَجَلَّ وَأَخْطرا
وَما ضَرَّ نصلَ السَّيْفِ إِخْلاقُ غِمْدهِ
…
إِذا كانَ عَضباً حَيْثُ أَنْفَذْتَهُ بَرا
فَإِنْ تَكُنِ والأيَّامُ أَزْرَتْ بِبزَّتِي
…
فَكَمْ مِنْ حُسامٍ في غِلافٍ مُكَسَّرا (1)
19 - ومنها: إنكار فضل ذوي الفضل
.
كما حكى الله تعالى عنهم أنهم قالوا لنوح وأتباعه: {وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ} [هود: 27].
وروى الخطيب في "تاريخ بغداد" عن أنس، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا يَعْرِفُ الْفَضْلَ لأَهْلِ الْفَضْلِ أَهْلُ الْفَضْلِ"(2).
20 - ومنها: الاستنكاف عن مجالسة الفقراء، وأداني الناس من حيث الحرفةُ وظاهرُ الهيئة لا في الدين، وإزعاجهم من المجالس
،
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/ 131).
(2)
رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(3/ 105)، وكذا الديلمي في المسند الفردوس" (8260) عن أنس رضي الله عنه.
ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(26/ 334) عن عائشة رضي الله عنها.
ورواه الإِمام أحمد في "فضائل الصحابة"(2/ 665) عن الحسن.
وطلب إزعاجهم.
قال نوح عليه السلام -وتقدم-: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [هود: 29، 30].
وهذا يدل على أنهم طلبوا منه أن يطرد المؤمنين، وينحيهم استنكافاً أن يجالسوهم.
وقد اتفق مثل ذلك لأغنياء قريش مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل قوله تعالى:{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52].
فالاستنكاف عن مجالسة الفقراء خلق الهالكين، كما أن التواضع معهم والجلوس إليهم من أخلاق النَّبيين.
وروى أبو نعيم بسند ضعيف، عن الحسن بن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"اتَّخِذُوْا عِنْدَ الْفُقَرَاءِ أَيَادِيَ؛ فَإِنَّ لَهُمْ دَوْلَة يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: سِيْرُوْا إِلَىْ الْفُقَرَاءِ، فَيُعْتَذَرُ إِلَيْهِم كَمَا يَعْتَذِرُ أَحَدُكُمْ إِلَىْ أَخِيْهِ فِيْ الدُّنْيَا"(1).
وبلغني عن أخي الشيخ شهاب الدين أحمد، وكان ممن أجمع
(1) ورواه الديلمي في "مسند الفردوس"(261). قال العراقي في "تخريج أحاديث الأحياء"(2/ 1087): رواه أبو نعيم في "الحلية" من حديث الحسين بن علي، بسند ضعيف.