الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في النَّاسِ ناسٍ وَذُو ذَكاءٍ
…
بَرَزَ في الْفَضْلِ وَالْمَعالِي
وَحاسِدُ النَّاسِ لا تَراهُ
…
يَرْجِعُ إِلَاّ بِسُوْءِ حالِ
يُنازِعُ الله ما قَضاهُ
…
فَهْوَ حَرِيٌّ مِنْهُ بِالنَّكالِ
في قَوْمِ نُوْحٍ أَيّ اعْتِبارٍ
…
لَمَّا تَمادَوْا عَلى الضَّلالِ
لَمْ يُبْقِ طُوفانهمْ صَغِيرًا
…
وَلا كَبِيْرًا عَلى التَّوالِي
لَوْلا حَذِرْنا عِقابَ مَوْلًى
…
ما شاءَ يَفْعَلْ وَلا يُبالِي
18 - ومنها: النظر إلى ظاهر الهيئة، واعتبار أن خسة الحرفة أو رثاثة الهيئة مانع من الاختصاص بالفضيلة
.
وهو نظر قاصر وغلط ظاهر.
قال الله تعالى حكايته عنهم: {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود: 27].
نظروا إلى خساسة الصناعة ودناءة الحرفة، ولم يعلموا أن الصناعات لا أثر لها في الديانات.
قال القرطبي: وفي الحديث: أنهم -يعني: أتباع نوح- كانوا حاكة وحجامين (1).
العاقل لا ينظر إلى دناءة الحرفة، وإنما ينظر إلى زكاة النفس
(1) انظر: "تفسير القرطبي"(9/ 23).
وتخلقها بمكارم الأخلاق.
قال ذو النون المصري رحمه الله تعالى: رأيت فتى وعليه أطمار رثة، فقذَرَتْه نفسي، وشهد قلبي له بالولاية، فبقيت بين قلبي ونفسي أتفكر، فاطلع الفتى على ما في سري، فنظر إليَّ وقال: يا ذا النون!
لا تُبْصِرْني لِكَيْ تَرى خَلْقِي
…
فَأَنا الدُّرُّ داخِلَ الصَّدَفِ (1)
وقال القناد رحمه الله تعالى: رأيت الحسين بن منصور رحمه الله تعالى في حالة رثة، فقلت له: كيف حالك؟ فأنشأ يقول متمثلاً: [من الوافر]
لأَنْ أَمْسَيْتُ فِيْ ثَوْبَيْ عَدِيْمِ
…
لَقْدَ بَلِيا عَلى خُلُقٍ كَرِيْمِ
فَلا يَحْزُنْكَ إِنْ أَبْصَرْتَ حالًا
…
مُعَبِرَةً عَنِ الْحالِ الْقَدِيْمِ
فَلِي نَفْسٌ سَتَتْلَفُ أَوْ سَتَرْقَى
…
لَعَمْرُكَ بِي إِلى أَمْرٍ عَظِيْمِ (2)
وروى أبو نعيم، وغيره عن أبي الحسن علي بن أحمد البصري قال: حدثني بعض شيوخنا قال: لما أشخص الشافعي رضي الله تعالى عنه إلى "سُرَّ مَن رأى" دخلها وعليه أطمار رثة، وطال شعره، فتقدم إلى مزيِّن فاستقذره لما نظر إلى زيه، فقال له: امض إلى غيري، فاشتد على الشافعي أمره، فالتفت إلى غلام كان معه فقال: إيش معك من النفقة؟
قال: عشرة دنانير.
(1) انظر: "التعرف لمذهب أهل التصوف" للكلاباذي (ص: 152).
(2)
رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(8/ 117).