الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا ليس داخلا في قضية الولاء.
- إن الولاء الخاطئ هو إعطاء النصرة والطاعة للكافرين، وللقيادات الكافرة، وأن تكون العواطف معهم في صراعهم مع المسلمين. أما تصرفات القيادة الراشدة، وتعاقدات الجماعة الراشدة، مع غير المسلمين. على ضوء الإسلام وعلى حسب مصلحة المسلمين فهذا شئ آخر يخضع لمبدأ الفتوى البصيرة من أهلها.
نقل في محبة الله:
بمناسبة قوله تعالى يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ يقول صاحب الظلال:
«وحب الله لعبد من عبيده، أمر لا يقدر على إدراك قيمته إلا من يعرف الله- سبحانه- بصفاته كما وصف نفسه، وإلا من وجد إيقاع هذه الصفات في حسه ونفسه
وشعوره وكينونته كلها .. أجل لا يقدر حقيقة هذا العطاء إلا الذي يعرف حقيقة المعطي .. الذي يعرف من هو الله .. من هو صانع هذا الكون الهائل، وصانع الإنسان الذي يلخص الكون وهو جرم صغير! من هو في عظمته. ومن هو في قدرته.
ومن هو في تفرده. ومن هو في ملكوته .. من هو ومن هذا العبد الذي يتفضل الله عليه منه بالحب .. والعبد من صنع يديه- سبحانه- وهو الجليل العظيم، الحي الدائم، الأزلي الأبدي، الأول والآخر والظاهر والباطن.
وحب العبد لربه نعمة لهذا العبد لا يدركها كذلك إلا من ذاقها .. وإذا كان حب الله لعبد من عبيده أمرا هائلا عظيما، وفضلا غامرا جزيلا، فإن إنعام الله على العبد بهدايته لحبه وتعريفه هذا المذاق الجميل الفريد، الذي لا نظير له في مذاقات الحب كلها ولا شبيه .. هو إنعام هائل عظيم .. وفضل غامر جزيل.
وإذا كان حب الله لعبد من عبيده أمرا فوق التعبير أن يصفه، فإن حب العبد لربه أمر قلما استطاعت العبارة أن تصوره إلا في فلتات قليلة من كلام المحبين .. وهذا هو الباب الذي تفوّق فيه الواصلون من رجال التصوف الصادقين، وهم قليل من بين ذلك الحشد الذي يلبس مسوح التصوف ويعرف في سجلهم الطويل ....
وهذا الحب من الجليل للعبد من العبيد، والحب من العبد للمنعم المتفضل، يشيع في هذا الوجود ويسري في هذا الكون العريض، وينطبع في كل حي وفي كل شئ، فإذا
هو جو وظل يغمران هذا الوجود، ويغمران الوجود الإنساني كله ممثلا في ذلك العبد المحب المحبوب .. والتصور الإسلامي يربط بين المؤمن وربه بهذا الرباط العجيب الحبيب .. وليست مرة واحدة ولا فلتة عابرة .. إنما هو أصل وحقيقة وعنصر في هذا التصور أصيل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ..
إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ .. وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ .. وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ .. وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ..
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
…
وغيرها كثير
…
وعجبا لقوم يمرون على هذا كله، ليقولوا: إن التصور الإسلامي تصور جاف عنيف، يصور العلاقة بين الله والإنسان علاقة قهر وقسر، وعذاب وعقاب، وجفوة وانقطاع
…
لا كالتصور الذي يجعل المسيح ابن الله وأقنوم الإله. فيربط بين الله والناس، في هذا الازدواج!
إن نصاعة التصور الإسلامي، في الفصل بين حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية، لا تجفف ذلك الندى الحبيب، بين الله والعبيد، فهي علاقة الرحمة كما أنها علاقة العدل، وهي علاقة الود كما أنها علاقة التجريد، وهي علاقة الحب كما أنها علاقة التنزيه .. إنه التصور الكامل الشامل لكل حاجات الكينونة البشرية في علاقتها برب العالمين».
***