الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونحن نعتبر حملته هذه نفسها خطا ففي الحديث «ولأن تغدو فتعلم بابا من العلم عمل به أو لم يعمل خير من أن تصلي ألف ركعة» إن دراسة كل أبواب الفقه جزء من عملية إبقاء الإسلام كله حيا.
فوائد: [حول قوله تعالى
…
لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ
.. ]
1 -
ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بالأشياء التي نهوا عن السؤال عنها الآيات والمعجزات غير أن مجموع ما ورد من أسباب نزول يدلّ على المعنى الذي اتجهنا إليه واخترناه، وهو اختيار عامّة المفسرين ولنذكر هنا ما ورد من أسباب نزول لهذه الآية:
- روى البخاري
…
عن أنس بن مالك قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط، وقال فيها:«لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا» قال:
فغطّى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين. فقال رجل: من أبي؟ قال:
«فلان» . فنزلت هذه الآية: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ.
- روى ابن جرير
…
عن قتادة في قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ الآية، قال: فحدثنا أن أنس بن مالك حدّثه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه حتى أحفوه بالمسألة، فخرج عليهم ذات يوم فصعد المنبر فقال:«لا تسألوني اليوم عن شئ إلا بيّنته لكم» فأشفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون بين يدي أمر قد حضر، فجعلت لا ألتفت يمينا ولا شمالا إلا وجدت كلّا لافّ رأسه في ثوبه يبكي، فأنشأ رجل كان يلاحي فيدعى إلى غير أبيه، فقال: يا نبيّ الله من أبي؟ قال: «أبوك حذافة» قال: ثم قام عمر، أو قال فأنشأ عمر فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا عائذا بالله-، أو قال: أعوذ بالله- من شر الفتن، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لم أر في الخير والشر كاليوم قط، صوّرت لي الجنة والنار حتى رأيتهما دون الحائط» .
- روى البخاري
…
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان قوم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء، فيقول الرجل: من أبي؟. ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟
فأنزل الله فيهم هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ
تَسُؤْكُمْ حتى فرغ من الآية كلها. تفرد به البخاري.
- روى الإمام أحمد
…
عن عليّ قال: لمّا نزلت هذه الآية وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قالوا: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فسكت، فقالوا: أفي كل عام؟ فسكت، قال: فقالوا: أفي كل عام؟ فقال: «لا، ولو قلت نعم لوجبت،» . فأنزل الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ الآية. وكذا رواه الترمذي وابن ماجه.
وممّا يعين على فهم معنى هذه الآية الأحاديث الثلاثة الآتية:
- روى البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعظم المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرّم فحرّم من أجل مسألته» .
- وفي صحيح مسلم عن رسول الله أنّه صلى الله عليه وسلم قال: «ذروني ما تركتكم، فإنّما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم» .
- وفي الحديث الصحيح أيضا: «إنّ الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحدّ حدودا فلا تعتدوها، وحرّم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان، فلا تسألوا عنها» . من النصوص المذكورة سابقا نستطيع أن نحصي عددا من الحالات التي نهي المسلمون أن يسألوا عنها:
- السؤال استهزاء، والسؤال عن غير ما هو ديني، والسؤال عن أمر ذي طابع خاص ويريد صاحبه أن يقحم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، والسؤال عمّا يسوء وليس من باب الديانات، والسؤال الذي يترتب عليه تضييق على المسلمين، أو يدلّ على غلو عند صاحبه، والسؤال عمّا سكت الله عنه، والسؤال الذي فيه طابع الجدل والمماحكة، وقد قررنا القاعدة من قبل وهي عدم ابتداء الرسول صلى الله عليه وسلم بالسؤال عن شئ جديد، وجواز الاستيضاح عن شئ نزل من الوحي، أو تقرّر من الدين بقصد الفهم والعمل.
2 -
قد يتساءل متسائل عن بداية وجود ما ذكر الله من أمر البحيرة وغيرها وفي النصوص التالية بيان: روى البخاري
…
أنّ عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا، ورأيت عمرا يجر قصبه، وهو أوّل من سيّب السوائب» . تفرّد به البخاري.
وروى ابن جرير عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأكثم بن الجون: «يا أكثم رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجرّ قصبه في النار، فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به، ولا به منك» ؟ فقال أكثم: تخشى أن يضرني شبهه يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا، إنك مؤمن وهو كافر، إنه أول من غيّر دين إبراهيم، وبحّر البحيرة، وسيّب السائبة، وحمى الحامي» .
وروى الإمام أحمد
…
عن عبد الله بن مسعود عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ أوّل من سيّب السوائب، وعبد الأصنام، أبو خزاعة عمرو بن عامر، وإنّي رأيته، يجرّ أمعاءه في النّار» تفرّد به أحمد.
فعمرو هذا هو ابن لحي بن قمعة، أحد رؤساء خزاعة الذين ولوا البيت بعد جرهم، وكان أول من غيّر دين إبراهيم الخليل، فأدخل الأصنام إلى الحجاز، ودعا الرّعاع من النّاس إلى عبادتها، والتقرّب بها. وشرع هذه الشرائع الجاهلية في الأنعام وغيرها، ومن هذه النصوص، ومن الآية الواردة في هذا الموضوع، نعرف أنّ تحريم الحلال في الشريعة الإسلامية كتحليل الحرام كلاهما كفر وضلال، وكلامنا في الحرام القطعي، أو في الحلال القطعي، ومن هنا نفهم خطأ الذين يسارعون إلى التحليل والتحريم من عند أنفسهم دون علم. فما أجرأ هؤلاء على النار، وإنّا لنرى في عصرنا ناسا يهجمون على الفتوى في أمور من عند أنفسهم لو عرضت على مالك أو أحمد أو الشافعي لبقي الشهور يفكر فيها وهم يفتون فيها دون تفكير أصلا.
3 -
روى ابن أبي حاتم
…
عن مالك بن نضلة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في خلقان من الثياب فقال لي: «هل لك من مال؟» قلت: نعم، قال:«من أي المال؟» قال: فقلت: من كلّ المال من الإبل والغنم والخيل والرقيق، قال: فإذا آتاك الله مالا فلير عليك». ثم قال: تنتج إبلك وافية آذانها؟ قال: قلت نعم، قال: وهل تنتج الإبل إلا كذلك؟ قال: «فلعلك تأخذ الموسى فتقطع آذان طائفة منها، وتقول: هذه بحيرة. وتشق آذان طائفة منها، وتقول: هذه حرم» . قلت: نعم، قال: «فلا